لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

المدارس الاجتماعية 2
يعتبر سبنسر آخر من تحدث من أعلام الفكر الاجتماعي عن النظم الاجتماعية ، ونعنى بذلك النظم التي حاولت جهد طاقتها أن تدبج بعض الظواهر الاجتماعية في رة عامة العالم. ومنذ عهد سبنسر ، شاهدنا ظهر عدد من المدارس لها طابع مشترك . وهذا الطابع المشترك بين كل شرة وأخرى بن على وجهات المراة الاجتماعية التي أطلق عليها أخيراً ، اجتماعية الدوائي . و نظريات الدوافع التي أطان عليها سوروكان Sorokin اسم و نظريات من طرف واحد ، فهي تحدد موقفها من وجهة نظر واحدة ميكانيكية، وهذه التغيرات واضحة بينة ومتعددة ، ومن الصعب تله يا و الوقرة على أساليبها ، ولكي نصل إلى تفهم أسباب هذه التغيرات وما يحيط بها من تعقيدات ، يجب علينا تحليل حقائق المجتمع وتفسيرها . وقد اهتم واضعو هذه النظريات اهتماما كبيرا بدراسة تشعب الدوافع التي تؤدى إلى التغييرات الاجتماعية وتهيئتها . وتنصب المناقشة في هذا الموضوع على أهمية الأعمال الخاصة لهذه المجتمعات وحدودها ، وعلى معاييرها إذا جاز القول . والنقط المشتركة بين هذه النظريات بعضها وبعض هي :
1) أن تبحث هذه النظريات عن دافع هام . ۲ ) أنها بوجه عام ، توافق بكل صعوبة على أن دور كل من هذه الدوافع خاضع بنفسه لبعض التغييرات والتقلبات . والدافع القطعي اليوم يمكن أن يؤدى دوراً ثانوياً في الغد تبعاً لبعض الظروف أو العوامل ، وهذا لا يمنع قطعاً من أن يسترد دوره القطعي بعد اختفاء طال أو قصر نتيجة لظروف جديدة . ويمثل هذه المدرسة حق التمثيل جابرييل تارد Gabriel Tarde ( ١٨٤٣ - ١٩٠٤ ) وهو يعلن تفوق الدراسة النفسية على الدراسة البيلوجية . وتفسر التطورات العقلية الفردية المتكررة أهمية الظواهر الاجتماعية . والأخرى المحاكاة أو التقليد . فالحقيقة الأولى ظاهرة فردية ، وإنشاء الطرائق الفنية ، وكذلك التنظيمات الجديدة ، ويمكن تعريف المجتمع بأنه مجموعة من الأفراد يقلد بعضهم البعض الآخر ، ويقول جابرييل تارد : إن هناك صورتين رئيسيتين للتقليد هما : . والأخرى بين أفراد الجيل الواحد نفسه وهى : تقليد العادة ، وعلى أية حال فإن التقليد بوجه عام وبصورتيه السابقتين ينتقل عادة من الأعلى إلى الأسفل ، وتعنى بذلكأننا نقلد تلقائيا الأشخاص أو المجتمعات التي لها في نظرنا كيان مرموق وسلطة قوية . ويلاحظ جابرييل تارد أن للتقليد طريقتين : الطريقة الأولى تنحصر في تقليد ( النموذج ، ، أما الأخرى ففي تبنى « النموذج . وغالبا ما تصطدم هذه الأمواج بعضها ببعض . والنفسية الاجتماعية - من وجهة نظر جابرييل تارد نفسية وجدانية . وينبغى عليها والحال هذه أن تبحث عن تعاريف للحالات المختلفة التي عن طريقها يؤثر كل مجتمع في الآخر ، وهذه الظاهرة بالضرورة ظاهرة نفسية ، وتحتوى على أطوار ومواقف وتطورات مميزة مثل المعارضة والنفوذ والإلهام والبرهنة والسلطة . والنقد الذي وجه إلى جابرييل تارد أنه أطلق العنان إلى أقصى حد لفكرة التقليد ، والحقيقة أنها لم تكن واضحة تمام الوضوح ، وأنه طبقها على جميع الظواهر المتشابهة . واحتلت دراسة الظواهر النفسية المقام الأول عند علماء اجتماعيين Westermark ووسترمارك Waxuveiller آخرين أمثال فا كسفيلر وتعزى المكانة الأولى لتفسير الظواهر الاجتماعية من وجهة نظرهما إلى الغرائز والميول أو الاستعدادات . للنفسية الاجتماعية ، يبدأ بسيكولوجية السلوك وهي طريقة مأخوذة عن المفكرين الإنجليز ، ومن ثم يحاول أن يلاحظ بدقة ، ردود الفعل النوعية بقصد أشياء محدودة . بل إنه نوع من جوهر سيكولوجي متميز عن السيكولوجية الفردية . وقد قامت هذه الدراسات أولا على التظاهرات المريضة للجمهور : العنف وحمامات الدم والسلب ، ويتمخض عن ذلك نتائج كلها تشاؤم تجاه الجماهير التي تبدو وكأنها جماهير عشوائية أو جماهير عنيفة أو جماهير إجرامية . وهذا يعتبر حكما جزئياً من هذه الوجهة ، . ويمكن أن يدرج من بين المدارس النفسية ، مثل المدارس الألمانية الهربارت Herbart ، ونضيف إلى هذه المدارس المحاولة التي أجريت في هذا الميدان من جانب جوستاف ليبون Gustave Lebon وفويه Fouilled وكيسر لنج . Madriaga ومادرياها Elie Faureوایلى فور Keyserlingفقد حددت عددا معينا من الملاحظات النفسية ، وبصفة عامة لا شعورية ونموذجية . وتأتى هذه الملاحظات في أغلب الأحيان من مواقف اجتماعية
وهي توضح الانعكاسات في حياة الإنسان الداخلية ، والمصادمات التي تنشأ عن المضايقت الاجتماعية والأحداث التي تظهر في صورة احتجاجات علنية أو مظاهرات . وتعبر الانعكاسات في حياة الإنسان الداخلية عن مدى المنافسة بين جيل وجيل آخر . وامتداد التعويض مظهران أساسيان من مظاهر فوارق الطبقات الاجتماعية التي نعني بها التسلسل الطبقى الذى يبدأ من طبقة النبلاء إلى طبقة الاداريين إلى طبقة الشعب إلى طبقة المهندسين . ويفسر الشعور بالذنب عددا من الاتجاهات ومن ردود الفعل . وقد يتجه هذا الشعور من فرد من الأفراد إلى صورة التخريب والدمار في ذاته لكل شيء . وقد يتحول هذا الاتجاه في فرد آخر إلى منافسات ، وإلى أحقاد وبغضاء وإلى خوف وإلى اضطهادات . وقد نلاحظ الأهمية الضخمة لهذه النماذج في الحياة الاجتماعية وفي نضج المذاهب الدينية والسياسية ، ويوضح الشعور بالذنب مدى عمق المبادى، الأخلاقية المتأصلة فينا وهى متمثلة دائما في فكرة الإثم والخطأ والعزاء والاستشهاد والتكفير والتوبة والعقاب . وتقوم كل هذه الأمور بدورهام في الحياة السياسية والاجتماعية، ويمكن القول بأن طابع كل بنيان اجتماعي هو إثارة بعض مركبات النقص . وتعبر مركبات النقص هذه عن القلق والاضطرابات والمتناقضات ، وتعتبر الحوادث التاريخية مثل الحروب والثورات والأزمات إلخ عن طريق الآلام التي تسبها خالقة المركبات النقص في المجتمع التي توحي بعد ذلك بردود الفعل والاتجاهات المميزة لأى جيل . يمكن أن يتجمع تحت هذا العنوان مدارس كثيرة متنوعة . ومن هذه المدارس تنطلق عدة وجهات نظر مختلفة لا لشيء إلا لكي تصل إلى نتائج خالية من كل وجهة نظر غائية ، ومن كل اعتقاد في أية نتيجة حاسمة تؤدى إلى تطور الإنسانية . وتثبت وجهات نظر هذه المدارس عن طريق العلوم الطبيعية والبيولوجية ما عرف عن ابن خلدون وهوبز Hobbes من قدرية متشائمة مستسلمة ، وما عرف عن هوبز من تشيعه في الفلسفة المذهب المادية وفي الأخلاق المذهب النفعية ، ولتغلغل الأخلاقية في كل مذهب . وقد بدأ الاقتصاديون الأوائل بأن كانوا علماء بيولوجيين مثل کسنای Quesnay ، أو فلاسفة مثل آدم سميث. أما ماركس وبارتو Pareto فقد بدأ بدراسة الاقتصاد أولا ثم انتقلا إلى دراسة الاجتماع ثم أدمجا
ويعتبر بارتو Pareto ، Cournot أحد مؤسسى الاقتصاد الرياضي ، فقد حاول أن ينقل إلى علم الاجتماع طرائق التحليل الرياضي . ويمكن القول بأنه حتى عهد بارتو ، كان عند جميع علماء الاجتماع موقف تصوفى تقريبا يكاد يكون غير ملموس . وهدف مشترك نحو مستقبل الإنسانية . ومنذ عصر الحضارة ، وجميع المفكرين يعتقدون تطوراً حتمياً ، فالبعض منهم ركز دراسته وأفكاره على الأضواء المتزايدة التي تشعها الحضارة على الإنسانية ، والبعض الآخر ركز على دراسة نظريات التقدم . والواقع أن علم الاجتماع الكلاسيكي كان لا يهتم بتاتا بالطريقة القصصية التي درج عليها المؤرخون . فكان هؤلاء يغتبطون ويسرون من سرد الحوادث الكثيرة المثيرة ذات الطابع التراجيدي والمسرحي . والحقائق التاريخية التي تفيد علاء الاجتماع في دراستهم للمجتمع الإنساني هي التغيرات التي حدثت تجاه تشكيل الأنظمة الاجتماعية، وتجاه طريقة الحياة والمعارف والمعتقدات والأنظمة السياسية . ولا يكفى من هذه الدراسة اكتشاف المعنى العام للتطور الاجتماعي ، بل يجب بجانب ذلك البحث في التاريخ عن أدلة و. ، فكل نظرية من هذه النظريات تحاول أن تغلب شأن و دافعها ، ثم تبادر بعمل قائمة من الحقائق ، بل يحاول أن يثبت أن كل مجتمع عبارة عن جهاز من الموازنات بين قوى مختلفة . وقد يكتب البقاء لأى مجتمع طالما أن العلاقات بين هذه القوى تؤكد تماسكه المتواصل . وقد حاول بارتو من جانبه تحليل هذه القوى ، فذكر أن بعض هذه القوى اقتصادية ، ولهذا فهى تخرج عن إطار علم الاجتماع ، ولكي يبحث عن أهم القوى الأخرى ، فإنه يحاول جاعدا أن يكشف عن عدد معين من البقايا الثابتة للقوى تبدأ التنوع ظاهراتها ، تنوع هذا المقدار نتيجة لظهور صور جديدة من التوازن على غير انتظار . وبذلك لاهل السكون بما سيكون عليه التطور الاداعى . وقد أكثر بارتو من التأملات المنشارة التي جلبها عليه تفكيره المتناقض ليزيد من أهمية اختلاف وجهات نظره تجاه المجتمع مع المذاهب الكلاسيكية . وأما بالنسبة لهؤلاء الذين يعتقدون التقدم الأخلاقي ، فهو يحاول أن يبين عن طريق جمع بعض الحقائق المتناقضة ، أن الخرافات مازالت جزءاً من معتقدات الإنسان ، وبالرغم من الطابع « الميكانيكي ، ظواهر تدرج الطبقات ، أعنى التنقل المتواصل للأفراد الذين هم أحسن موهبة من الطبقات السفلى نحو الطبقات العليا ؛ وهذا التنقل قائم على و الإخصاب ، والطريقة التي تنتج عنها دورة و النخبة الممتازة ، والتي تعتبر إحدى الخصائص التي تميز نماذج المجتمعات . فإنها تحدث تغييرات جذرية في البنيان الاجتماعي ، يرى أصحاب هذه المذاهب أن الاختلافات في الحضارة وفي القوى لبعض المجتمعات تتوقف على المواهب الفطرية لكل جنس . ويترتب على هذه المواهب أن كل جنس معد سلفاً ليحتل مكانته التي لا بد أن يصل إليها بالضرورة الحتمية . ونلمس الإيمان بهذه النظرية والاعتماد فيها في كل المجتمعات القديمة تقريباً . فمثلا في مجتمع القبيلة يعتقد جميع أفرادها أنهم مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بروابط الدم . وهم يعتبرون أنفسهم من سلالة جد حاكم أو بطلأو سلالة لإله ، توتيميك Totemique ( وهذا الحيوان هو الذى كانت تعتبره بعض القبائل البدائية أنه جد أو إله لها ) . وكانت مثل هذه القبائل تحتقر القبائل الأخرى وتنظر إليها على أنها قبائل دنسة غير طاهرة ، ولكن بمجرد أن اتسع أفق العالم ، وانتقل من مجتمع ضيق الحدود ومن قبيلة تنتسب إلى جد حاكم أو بطل عظيم ، اصطدم أصحاب هذه النظريات بالتمايز بين اللغة والدين والحضارة والجنس في مجتمع واحد أو في شعب واحد . ولقد حدث هذا الأمر في التمايز فى الجنس بين اليونانيين والبربر . فقد ظلوا على ولائهم على هذه الأسطورة واستمروا يطلقون على أنفسهم أنهم من أبناء الهون ، أو من سلالة د مائة العائلة . وفي أثناء القرن التاسع عشر كانت الظروف التاريخية مهيأة لتوحى بمذهب تسلسل الأجناس وحتى ذلك الوقت كان العالم مقسماً إلى كثير من الحضارات الكبيرة ذات وسائل الإنتاج المتقاربة ، وكانت كل منها تفاخر الأخرى بعلو شأنها فى الميدان الديني والأخلاقي والثقافي . الصين واليابان والعالم المسيحى والعالم الإسلامي كان ينظر كل منهم إلى الآخر على أنه عالم من البربر ومن الزنادقة . ولقد شاهد القرن التاسع عشر الحضارة الأوربية تخطو خطوات سريعة نحو التقدم ، فقد أطلق على الأمبراطورية التركية اسم و الرجل المريض ، وكانت الهند في القرن التاسع عشر مستعمرة ، والصين دولة هرمة واليابان مملكة هزيلة . وقد تبلورت هذه الظاهرة وانعكست آثارها في شكل مذاهب ، فقد نشأ عن ذلك نظرية جويينو Gobineau التي تتحدث عن عدم المساواة بين الأجناس البشرية . فالعامل الأساسي عند جويينو لتقدم المجتمع أو تخلفه هو العامل العنصرى ، فعندما يتخلف أو يتدهور يرجع ذلك إلى أن تكوينه العنصرى تغير نتيجة اندماج عنصرين معاً في شعب واحد . وهو يؤكد أن هناك أجناساً ، وأن معظم الأجناس غير قادرة أبداً على أن تتطور وتتقدم نحو سلم الحضارة الإنسانية ، وحجته في ذلك أن بعض الشعوب التي كانت تعيش في بيئة طبيعية مواتية ظلت على حالتها البدائية . وهو يعلن أن الأجناس الثلاثة ( الأبيض والأصفر والأسود ) لكل منها أصل يختلف عن الآخر . وهو لا يؤيد هذا الاختلاط ، لأنه من وجهة نظره وخاصة من الجنس الأبيض يهدد الطابع الأخلاقى والفردى للجنس البشرى بالانهيار والتخلف . وكانت نظريات جو بينو نقطة بدء المبالغات شديدة حتى انتقلت من مرتبة كونها نظرية إلى مذهب سياسي مما أدى إلى انتشار الاضطرابات والثورات الدموية فى العالم . وقد تكهن فاشر دى لابوج Vacher de Lapouge تلميذ جوينو في عام ۱۹۰۰ بأنه بعد بضع عشر سنوات ، وقد لاحظ بعض المفكرين أن تلك علامة محققة تدل على تمايز الأجناس . وهم يعتقدون أن استطالة الجمجمة تدل على ما لصاحبها من مكانة كبيرة ، واستمر هذا الاعتقاد سارياً إلى أن اكتشف وجوده عند الجنس الأسود . وكانت هذه النظريات جميعها تعلق أهمية كبيرة على العامل الوراثي نتيجة لتأثرها بمذهب دارون Darwin وكان لابوج Lapouge تلميذ جويينو يلقى المسئولية على المبادئ الأخلاقية التي تفسح الطريق في المجتمع الحديث أمام بقاء الضعفاء . وقد يتمخض عن الاختيار الاجتماعي الناقص انحدار المجتمع وانحطاطه . وعلى العكس فإن أتو آمون Otto Ammon الذي ينطلق من وجهة النظر هذه نفسها على منوال بيرسون Pearson ينتهى إلى نظرية متفائلة للتدرج الاجتماعي . فهو يقول إن جميع الأنظمة منذ الطفولة والمدرسة تقوم بوظيفتها كأنها حواجز لتقف سداً منيعاً أمام غير القادرين ، ولتفسح الطريق أمام ذوى الاستعدادات ليتعلموا وتقوم بتوزيع أعضاء المجتمع على حسب الكيف . سوروكان Sorokin أوضح هذه النقطة نفسها في مؤلفه التحرك الاجتماعي Social Mobility ، الأمر كذلك فيجب على المؤسسات أن تقوم بهذا الدور ، فإن نظام الطوائف الذي هو بمثابة المذهب الاجتماعي القائم على الاعتقاد في الوراثة أضحى عاملا لا أهمية له . وتبعاً لوجهات نظر هذه القضايا فإن الإنسانية ستظل محبوسة في سلسلة من القدريات التي ينتج عنها اختيار إجبارى ، إما استمرار وجود عدم المساواة والفوارق عن طريق الخوف والرعب من اندماج الأجناس بعضها في بعض ، وزيادة خطورتها على المجتمع الإنساني، وإما قبول اندماج الأجناس والانغماس في تدهور وانحطاط في المجتمع بشكل لا يمكن علاجه في يوم من الأيام . وأخيرا فإن المفكر الاجتماعى جالتون Galton انتهى إلى نتائج مختلفة في مجموعها برغم فروقها الدقيقة جداً، وذلك بعد عمل ملاحظات استنفدت منه كل صبر واحتمال ؛ فهو يرى أن الاستعدادات الفطرية موزعة بين أعضاء مجتمع واحد أو جماعة واحدة على حسب قوانين نظرية الاحتمالات وقد ذكر بعض المفكرين الاجتماعيين أن هناك تشابها كبير أبين صراع القوى في العالم الحيواني وبين صراع القوى في المجتمعات الحديثة ، ينكر هذا التشابه ويستبعده لوجود فوارق واضحة بين هذا وذاك . فكلما أصبحت المجتمعات الإنسانية أكثر اتساعا ، فإن عوامل التنظيم . أعنى عوامل المساعدة والتعاون تغدو أكثر أهمية . فكثيرا ما يلابسها تعقدات وتناقضات . وخاصة في البلاد التي يتزوج فيها الرجل عدة نساء ، وكذلك فى الجنس الذى يمارس خطف النساء والذي ينتج عنه حينئذ امتزاج الأجناس بعضها في بعض بصورة شديدة . وأحيانا يحدث العكس في البلاد الأخرى ذات الحضارة، فإن الجنس المهزوم الذي ينتكس إلى طبقة أسفل يأخذ مكانة الجنس المنتصر شيئا فشيئا عندما يقل تكاثر الطبقة الموجهة خصوصا في المجتمعات التي لا يسمح فيها بالزواج إلا من أمرأة واحدة . المدارس الأنتروبولوجية والأنثرولوجية
كان توسيديد Thueydide و فيكو Vico من أوائل المفكرين الاجتماعيين الذين علقوا أهمية كبيرة على العلوم الاجتماعية في دراسة المجتمعات البدائية . اهتم المفكرون الاجتماعيون بدراسة قصص الرحلات ودراسة أخلاق الشعوب القديمة . رد الفعل المضاد في القرن الثامن عشر، وكان هذا انتصاراًالأسطورة و المتوحش الطيب ، بدأت دراسات موضوعية للمجتمعات البدائية . فقد اكتشف شيئا فشيئا كيفية تنظيمها ، وجهاز القبائل ، وفروعه و اختلاف مفاهيم القرابة الإنسانية . وقد وضح لدى مفكرى القرن التاسع عشر التشابه بين التنظيمات البدائية ، وبين تنظيمات أصول الإنسانية . ذكر أن بعض التنظيمات البدائية تحولت شيئا فشيئا حتى أصبحت تنظيمات الشعوب أكثر مدنية . فقد كان فرضه على عكس ذلك حيث يقول : « إن نظام الفكرة البدائية يختلف عن نظام الفكر عند رجال هذا العصر ، ولا يكمن هذا الاختلاف في معتقداتهم وتفسيراتهم للعالم المتغير فحسب ، بل وفي طريقة التدليل على الأشياء كذلك . وأصل المطابقة التي تغلب على طابع تفكير هذا العصر تعارض طريقة المشاركة عند البدائيين؛ فقد يكون الإنسان هو ذاته أو شيئا آخر . وتمتد الذاتية الإنسانية في كل توابعها ويمكن المرء أن يؤثر عليها عندما يمتلك طيفها أو بعض أجزاء من جسمها . وهذا يؤدى بنا إلى قوانين السحر ، بل هو « تكنيكية كاذبة ، فقد تتفق تقريباً طرائقه مع قائمة السفسطة ، كما يحددها المنطق الكلاسيكي ، وأهم بنود هذه القائمة هي « قانون الاتصال ، و « قانون التشابه ، . وقد أشار لويس فيبر Louis Weber إلى كيفية أن السحر كان يمثل أقصر الطرق ، وتفهم الأمور يتكون على الأخص عن طريق التشابه مع العلاقات الاجتماعية ، وإمكانيات تحضير الأرواح عن طريق التخاطب والرسم والكتابة . وبخاصة بين سكان الريف . تجديد علم الاجتماع المثالي
يتميز هذا التجديد بطابعه الحيوى أو . فيقول فوييه 6 Foui : إن آمالنا تحتوى على أفكار وآراء و محركة قاهرة . idées-forces ستؤثر إن آجلا أو عاجلا على الحقيقة وستساعد على تغيير العالم . وكان يعلن أنه يتحتم على التنظيم المهنى أن يحل محل الدولة التقليدية ، ولكى يحدث هذا ينبغى على البروليتاريا أن تتصف بالفضيلة وبالاستعداد للكفاح . وقد شاءت سخرية الزمن أن يكون موسيليني هو تلميذه وأن يقوم بما قام به باسم الشعارات التي أطلقها سوريل . ولم يفت برجسون Bergson أن يتوج أعماله الفلسفية برسالة عن دراسة المجتمعات ، فهو يعتقد أن المجتمعات في أية لحظة متحركة بوساطة مثل أعلى مسيطر عليها . ولكن عن طريق الحركة الدائمة في جميع الاتجاهات . وعندما يستنفد جهاز أو نظام محتواه المنطق ، أو عندما يحقق نفسه في المنظمات إلى درجة تخرجه عن طابعه الأصلى أو مثله الأعلى الذي رسم له ، وأن يثير مقاومات عنيفة ، ما يلبث أفراد هذا النظام أن يتخلصوا منه ، ويختاروا لأنفسهم مثالا أعلى مضاداً ، ويفسر هذا القانون حركات التاريخ الواحدة تلو الأخرى ، وظهور أنظمة من المعتقدات والمجتمعات التي تزيح كل منهما الأخرى من أمامها بالتوالى . ولكن برجسون يعتقد اعتقاداً راسخاً في التطور وأنه خالق ومبدع . فكل الظواهر سواء أكانت نفسية أم اجتماعية أم تاريخية غير قابلة للرجوع إلى الوراء وهي كذلك - للأسباب نفسها - غير ممكن التكهن بها . وهو لا يعتقد إطلاقاً في القدرية ، « إن مستقبل الإنسانية سيظل غير محدود المعالم لأنه يعتمد عليها .


النص الأصلي

المدارس الاجتماعية 2
يعتبر سبنسر آخر من تحدث من أعلام الفكر الاجتماعي عن النظم الاجتماعية ، ونعنى بذلك النظم التي حاولت جهد طاقتها أن تدبج بعض الظواهر الاجتماعية في رة عامة العالم. ومنذ عهد سبنسر ، شاهدنا ظهر عدد من المدارس لها طابع مشترك . وهذا الطابع المشترك بين كل شرة وأخرى بن على وجهات المراة الاجتماعية التي أطلق عليها أخيراً ، اجتماعية الدوائي . و نظريات الدوافع التي أطان عليها سوروكان Sorokin اسم و نظريات من طرف واحد ، تشترك جميعها في رأى واحد ، فهي تحدد موقفها من وجهة نظر واحدة ميكانيكية، وهذه التغيرات واضحة بينة ومتعددة ، ولكن أسبابها متشابكة معقدة ، ومن الصعب تله يا و الوقرة على أساليبها ، ولكي نصل إلى تفهم أسباب هذه التغيرات وما يحيط بها من تعقيدات ، يجب علينا تحليل حقائق المجتمع وتفسيرها . وقد اهتم واضعو هذه النظريات اهتماما كبيرا بدراسة تشعب الدوافع التي تؤدى إلى التغييرات الاجتماعية وتهيئتها . وتنصب المناقشة في هذا الموضوع على أهمية الأعمال الخاصة لهذه المجتمعات وحدودها ، وعلى معاييرها إذا جاز القول . والنقط المشتركة بين هذه النظريات بعضها وبعض هي :



  1. أن تبحث هذه النظريات عن دافع هام . ۲ ) أنها بوجه عام ، توافق بكل صعوبة على أن دور كل من هذه الدوافع خاضع بنفسه لبعض التغييرات والتقلبات . والدافع القطعي اليوم يمكن أن يؤدى دوراً ثانوياً في الغد تبعاً لبعض الظروف أو العوامل ، وهذا لا يمنع قطعاً من أن يسترد دوره القطعي بعد اختفاء طال أو قصر نتيجة لظروف جديدة . المدرسة النفسية
    ويمثل هذه المدرسة حق التمثيل جابرييل تارد Gabriel Tarde ( ١٨٤٣ - ١٩٠٤ ) وهو يعلن تفوق الدراسة النفسية على الدراسة البيلوجية . وتفسر التطورات العقلية الفردية المتكررة أهمية الظواهر الاجتماعية . والأخرى المحاكاة أو التقليد . فالحقيقة الأولى ظاهرة فردية ، ومن خصائصها الخلق ، وإنشاء الطرائق الفنية ، وكذلك التنظيمات الجديدة ، ويمكن تعريف المجتمع بأنه مجموعة من الأفراد يقلد بعضهم البعض الآخر ، ويقول جابرييل تارد : إن هناك صورتين رئيسيتين للتقليد هما : . تقليد التقاليد ، والأخرى بين أفراد الجيل الواحد نفسه وهى : تقليد العادة ، وعلى أية حال فإن التقليد بوجه عام وبصورتيه السابقتين ينتقل عادة من الأعلى إلى الأسفل ، وتعنى بذلكأننا نقلد تلقائيا الأشخاص أو المجتمعات التي لها في نظرنا كيان مرموق وسلطة قوية . ويلاحظ جابرييل تارد أن للتقليد طريقتين : الطريقة الأولى تنحصر في تقليد ( النموذج ، ، أما الأخرى ففي تبنى « النموذج . وغالبا ما تصطدم هذه الأمواج بعضها ببعض . وينتج عن ذلك ، والنفسية الاجتماعية - من وجهة نظر جابرييل تارد نفسية وجدانية . وينبغى عليها والحال هذه أن تبحث عن تعاريف للحالات المختلفة التي عن طريقها يؤثر كل مجتمع في الآخر ، ويحمل كل منهما طابع الآخر . وهذه الظاهرة بالضرورة ظاهرة نفسية ، وتحتوى على أطوار ومواقف وتطورات مميزة مثل المعارضة والنفوذ والإلهام والبرهنة والسلطة . والنقد الذي وجه إلى جابرييل تارد أنه أطلق العنان إلى أقصى حد لفكرة التقليد ، والحقيقة أنها لم تكن واضحة تمام الوضوح ، وأنه طبقها على جميع الظواهر المتشابهة . واحتلت دراسة الظواهر النفسية المقام الأول عند علماء اجتماعيين Westermark ووسترمارك Waxuveiller آخرين أمثال فا كسفيلر وتعزى المكانة الأولى لتفسير الظواهر الاجتماعية من وجهة نظرهما إلى الغرائز والميول أو الاستعدادات . للنفسية الاجتماعية ، يبدأ بسيكولوجية السلوك وهي طريقة مأخوذة عن المفكرين الإنجليز ، ومن ثم يحاول أن يلاحظ بدقة ، محاكاة ، ردود الفعل النوعية بقصد أشياء محدودة . بل إنه نوع من جوهر سيكولوجي متميز عن السيكولوجية الفردية . وقد قامت هذه الدراسات أولا على التظاهرات المريضة للجمهور : العنف وحمامات الدم والسلب ، والنهب ، والعصيان إلخ . ويتمخض عن ذلك نتائج كلها تشاؤم تجاه الجماهير التي تبدو وكأنها جماهير عشوائية أو جماهير عنيفة أو جماهير إجرامية . وهذا يعتبر حكما جزئياً من هذه الوجهة ، . ويمكن أن يدرج من بين المدارس النفسية ، مثل المدارس الألمانية الهربارت Herbart ، ولازاروس
    Steinthal وستنتهال ، Lazarus
    ونضيف إلى هذه المدارس المحاولة التي أجريت في هذا الميدان من جانب جوستاف ليبون Gustave Lebon وفويه Fouilled وكيسر لنج . إلخ . Madriaga ومادرياها Elie Faureوایلى فور Keyserlingفقد حددت عددا معينا من الملاحظات النفسية ، وبصفة عامة لا شعورية ونموذجية . وتأتى هذه الملاحظات في أغلب الأحيان من مواقف اجتماعية
    وهي توضح الانعكاسات في حياة الإنسان الداخلية ، والمصادمات التي تنشأ عن المضايقت الاجتماعية والأحداث التي تظهر في صورة احتجاجات علنية أو مظاهرات . وتعبر الانعكاسات في حياة الإنسان الداخلية عن مدى المنافسة بين جيل وجيل آخر . فمركب النقص ، وامتداد التعويض مظهران أساسيان من مظاهر فوارق الطبقات الاجتماعية التي نعني بها التسلسل الطبقى الذى يبدأ من طبقة النبلاء إلى طبقة الاداريين إلى طبقة الشعب إلى طبقة المهندسين . ويفسر الشعور بالذنب عددا من الاتجاهات ومن ردود الفعل . وقد يتجه هذا الشعور من فرد من الأفراد إلى صورة التخريب والدمار في ذاته لكل شيء . وقد يتحول هذا الاتجاه في فرد آخر إلى منافسات ، وإلى أحقاد وبغضاء وإلى خوف وإلى اضطهادات . وقد نلاحظ الأهمية الضخمة لهذه النماذج في الحياة الاجتماعية وفي نضج المذاهب الدينية والسياسية ، ويوضح الشعور بالذنب مدى عمق المبادى، الأخلاقية المتأصلة فينا وهى متمثلة دائما في فكرة الإثم والخطأ والعزاء والاستشهاد والتكفير والتوبة والعقاب . وتقوم كل هذه الأمور بدورهام في الحياة السياسية والاجتماعية، ويمكن القول بأن طابع كل بنيان اجتماعي هو إثارة بعض مركبات النقص . وتعبر مركبات النقص هذه عن القلق والاضطرابات والمتناقضات ، وتعتبر الحوادث التاريخية مثل الحروب والثورات والأزمات إلخ عن طريق الآلام التي تسبها خالقة المركبات النقص في المجتمع التي توحي بعد ذلك بردود الفعل والاتجاهات المميزة لأى جيل . المدارس الميكانيكية والبيولوجية
    يمكن أن يتجمع تحت هذا العنوان مدارس كثيرة متنوعة . ومن هذه المدارس تنطلق عدة وجهات نظر مختلفة لا لشيء إلا لكي تصل إلى نتائج خالية من كل وجهة نظر غائية ، ومن كل اعتقاد في أية نتيجة حاسمة تؤدى إلى تطور الإنسانية . وتثبت وجهات نظر هذه المدارس عن طريق العلوم الطبيعية والبيولوجية ما عرف عن ابن خلدون وهوبز Hobbes من قدرية متشائمة مستسلمة ، وما عرف عن هوبز من تشيعه في الفلسفة المذهب المادية وفي الأخلاق المذهب النفعية ، وفي السياسة المذهب الاستبدادية . ولتغلغل الأخلاقية في كل مذهب . وقد بدأ الاقتصاديون الأوائل بأن كانوا علماء بيولوجيين مثل کسنای Quesnay ، أو فلاسفة مثل آدم سميث. أما ماركس وبارتو Pareto فقد بدأ بدراسة الاقتصاد أولا ثم انتقلا إلى دراسة الاجتماع ثم أدمجا
    ويعتبر بارتو Pareto ، مثله في ذلك مثل ، فالراس ، Walrasوكورنو ، Cournot أحد مؤسسى الاقتصاد الرياضي ، فقد حاول أن ينقل إلى علم الاجتماع طرائق التحليل الرياضي . ويمكن القول بأنه حتى عهد بارتو ، كان عند جميع علماء الاجتماع موقف تصوفى تقريبا يكاد يكون غير ملموس . ويهدف هؤلاء جميعاً إلى اتجاه أساسي ، وهدف مشترك نحو مستقبل الإنسانية . ومنذ عصر الحضارة ، وجميع المفكرين يعتقدون تطوراً حتمياً ، فالبعض منهم ركز دراسته وأفكاره على الأضواء المتزايدة التي تشعها الحضارة على الإنسانية ، والبعض الآخر ركز على دراسة نظريات التقدم . والواقع أن علم الاجتماع الكلاسيكي كان لا يهتم بتاتا بالطريقة القصصية التي درج عليها المؤرخون . فكان هؤلاء يغتبطون ويسرون من سرد الحوادث الكثيرة المثيرة ذات الطابع التراجيدي والمسرحي . والحقائق التاريخية التي تفيد علاء الاجتماع في دراستهم للمجتمع الإنساني هي التغيرات التي حدثت تجاه تشكيل الأنظمة الاجتماعية، وتجاه طريقة الحياة والمعارف والمعتقدات والأنظمة السياسية . ولا يكفى من هذه الدراسة اكتشاف المعنى العام للتطور الاجتماعي ، بل يجب بجانب ذلك البحث في التاريخ عن أدلة و. اهين تؤيد هذا التطور ، وهذا التغير . وهناك اتجاه في نظرية ، الدوافع ، ، فكل نظرية من هذه النظريات تحاول أن تغلب شأن و دافعها ، ثم تبادر بعمل قائمة من الحقائق ، ولكن بارتو لم يتبع هذا الاتجاه ، بل يحاول أن يثبت أن كل مجتمع عبارة عن جهاز من الموازنات بين قوى مختلفة . وقد يكتب البقاء لأى مجتمع طالما أن العلاقات بين هذه القوى تؤكد تماسكه المتواصل . وقد حاول بارتو من جانبه تحليل هذه القوى ، فذكر أن بعض هذه القوى اقتصادية ، ولهذا فهى تخرج عن إطار علم الاجتماع ، ولكي يبحث عن أهم القوى الأخرى ، فإنه يحاول جاعدا أن يكشف عن عدد معين من البقايا الثابتة للقوى تبدأ التنوع ظاهراتها ، وأكن . تنوع هذا المقدار نتيجة لظهور صور جديدة من التوازن على غير انتظار . وبذلك لاهل السكون بما سيكون عليه التطور الاداعى . وقد أكثر بارتو من التأملات المنشارة التي جلبها عليه تفكيره المتناقض ليزيد من أهمية اختلاف وجهات نظره تجاه المجتمع مع المذاهب الكلاسيكية . وأما بالنسبة لهؤلاء الذين يعتقدون التقدم الأخلاقي ، فهو يحاول أن يبين عن طريق جمع بعض الحقائق المتناقضة ، أن الخرافات مازالت جزءاً من معتقدات الإنسان ، حتى لو كانت غير مطابقة للعقل . وبالرغم من الطابع « الميكانيكي ، ظواهر تدرج الطبقات ، وعدم المساواة الاجتماعية . أعنى التنقل المتواصل للأفراد الذين هم أحسن موهبة من الطبقات السفلى نحو الطبقات العليا ؛ وهذا التنقل قائم على و الإخصاب ، المتميز . والطريقة التي تنتج عنها دورة و النخبة الممتازة ، والتي تعتبر إحدى الخصائص التي تميز نماذج المجتمعات . وقد حلل م. جيني M. أما البعض الآخر منها ، فإنها تحدث تغييرات جذرية في البنيان الاجتماعي ، يرى أصحاب هذه المذاهب أن الاختلافات في الحضارة وفي القوى لبعض المجتمعات تتوقف على المواهب الفطرية لكل جنس . ويترتب على هذه المواهب أن كل جنس معد سلفاً ليحتل مكانته التي لا بد أن يصل إليها بالضرورة الحتمية . ونلمس الإيمان بهذه النظرية والاعتماد فيها في كل المجتمعات القديمة تقريباً . فمثلا في مجتمع القبيلة يعتقد جميع أفرادها أنهم مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بروابط الدم . وهم يعتبرون أنفسهم من سلالة جد حاكم أو بطلأو سلالة لإله ، أو سلالة الحيوان ، توتيميك Totemique ( وهذا الحيوان هو الذى كانت تعتبره بعض القبائل البدائية أنه جد أو إله لها ) . وكانت مثل هذه القبائل تحتقر القبائل الأخرى وتنظر إليها على أنها قبائل دنسة غير طاهرة ، ووضيعة . ولكن بمجرد أن اتسع أفق العالم ، وانتقل من مجتمع ضيق الحدود ومن قبيلة تنتسب إلى جد حاكم أو بطل عظيم ، اصطدم أصحاب هذه النظريات بالتمايز بين اللغة والدين والحضارة والجنس في مجتمع واحد أو في شعب واحد . ولقد حدث هذا الأمر في التمايز فى الجنس بين اليونانيين والبربر . أما الصينيون ، فقد ظلوا على ولائهم على هذه الأسطورة واستمروا يطلقون على أنفسهم أنهم من أبناء الهون ، أو من سلالة د مائة العائلة . وفي أثناء القرن التاسع عشر كانت الظروف التاريخية مهيأة لتوحى بمذهب تسلسل الأجناس وحتى ذلك الوقت كان العالم مقسماً إلى كثير من الحضارات الكبيرة ذات وسائل الإنتاج المتقاربة ، وكانت كل منها تفاخر الأخرى بعلو شأنها فى الميدان الديني والأخلاقي والثقافي . فمثلا ، الصين واليابان والعالم المسيحى والعالم الإسلامي كان ينظر كل منهم إلى الآخر على أنه عالم من البربر ومن الزنادقة . ولقد شاهد القرن التاسع عشر الحضارة الأوربية تخطو خطوات سريعة نحو التقدم ، فقد أطلق على الأمبراطورية التركية اسم و الرجل المريض ، وكانت الهند في القرن التاسع عشر مستعمرة ، والصين دولة هرمة واليابان مملكة هزيلة . وقد تبلورت هذه الظاهرة وانعكست آثارها في شكل مذاهب ، فقد نشأ عن ذلك نظرية جويينو Gobineau التي تتحدث عن عدم المساواة بين الأجناس البشرية . فالعامل الأساسي عند جويينو لتقدم المجتمع أو تخلفه هو العامل العنصرى ، فعندما يتخلف أو يتدهور يرجع ذلك إلى أن تكوينه العنصرى تغير نتيجة اندماج عنصرين معاً في شعب واحد . وهو يؤكد أن هناك أجناساً ، رفيعة ، وأجناساً ، وضيعة . وأن معظم الأجناس غير قادرة أبداً على أن تتطور وتتقدم نحو سلم الحضارة الإنسانية ، وحجته في ذلك أن بعض الشعوب التي كانت تعيش في بيئة طبيعية مواتية ظلت على حالتها البدائية . وهو يعلن أن الأجناس الثلاثة ( الأبيض والأصفر والأسود ) لكل منها أصل يختلف عن الآخر . ومن هذا الاختلاف ، وهو لا يؤيد هذا الاختلاط ، لأنه من وجهة نظره وخاصة من الجنس الأبيض يهدد الطابع الأخلاقى والفردى للجنس البشرى بالانهيار والتخلف . وكانت نظريات جو بينو نقطة بدء المبالغات شديدة حتى انتقلت من مرتبة كونها نظرية إلى مذهب سياسي مما أدى إلى انتشار الاضطرابات والثورات الدموية فى العالم . وقد تكهن فاشر دى لابوج Vacher de Lapouge تلميذ جوينو في عام ۱۹۰۰ بأنه بعد بضع عشر سنوات ، وقد لاحظ بعض المفكرين أن تلك علامة محققة تدل على تمايز الأجناس . وهم يعتقدون أن استطالة الجمجمة تدل على ما لصاحبها من مكانة كبيرة ، واستمر هذا الاعتقاد سارياً إلى أن اكتشف وجوده عند الجنس الأسود . وكانت هذه النظريات جميعها تعلق أهمية كبيرة على العامل الوراثي نتيجة لتأثرها بمذهب دارون Darwin وكان لابوج Lapouge تلميذ جويينو يلقى المسئولية على المبادئ الأخلاقية التي تفسح الطريق في المجتمع الحديث أمام بقاء الضعفاء . وبعث الوضعاء . وقد يتمخض عن الاختيار الاجتماعي الناقص انحدار المجتمع وانحطاطه . وعلى العكس فإن أتو آمون Otto Ammon الذي ينطلق من وجهة النظر هذه نفسها على منوال بيرسون Pearson ينتهى إلى نظرية متفائلة للتدرج الاجتماعي . فهو يقول إن جميع الأنظمة منذ الطفولة والمدرسة تقوم بوظيفتها كأنها حواجز لتقف سداً منيعاً أمام غير القادرين ، ولتفسح الطريق أمام ذوى الاستعدادات ليتعلموا وتقوم بتوزيع أعضاء المجتمع على حسب الكيف . ولكن المفكر الانجليزي م . سوروكان Sorokin أوضح هذه النقطة نفسها في مؤلفه التحرك الاجتماعي Social Mobility ، وأكد أنه إذا كان
    الأمر كذلك فيجب على المؤسسات أن تقوم بهذا الدور ، ومن أجل هذا ، فإن نظام الطوائف الذي هو بمثابة المذهب الاجتماعي القائم على الاعتقاد في الوراثة أضحى عاملا لا أهمية له . وتبعاً لوجهات نظر هذه القضايا فإن الإنسانية ستظل محبوسة في سلسلة من القدريات التي ينتج عنها اختيار إجبارى ، إما استمرار وجود عدم المساواة والفوارق عن طريق الخوف والرعب من اندماج الأجناس بعضها في بعض ، وزيادة خطورتها على المجتمع الإنساني، وإما قبول اندماج الأجناس والانغماس في تدهور وانحطاط في المجتمع بشكل لا يمكن علاجه في يوم من الأيام . وأخيرا فإن المفكر الاجتماعى جالتون Galton انتهى إلى نتائج مختلفة في مجموعها برغم فروقها الدقيقة جداً، وذلك بعد عمل ملاحظات استنفدت منه كل صبر واحتمال ؛ فهو يرى أن الاستعدادات الفطرية موزعة بين أعضاء مجتمع واحد أو جماعة واحدة على حسب قوانين نظرية الاحتمالات وقد ذكر بعض المفكرين الاجتماعيين أن هناك تشابها كبير أبين صراع القوى في العالم الحيواني وبين صراع القوى في المجتمعات الحديثة ، ينكر هذا التشابه ويستبعده لوجود فوارق واضحة بين هذا وذاك . فكلما أصبحت المجتمعات الإنسانية أكثر اتساعا ، وأكثر
    تفكيرا ، فإن عوامل التنظيم . أعنى عوامل المساعدة والتعاون تغدو أكثر أهمية . فكثيرا ما يلابسها تعقدات وتناقضات . وخاصة في البلاد التي يتزوج فيها الرجل عدة نساء ، أو المرأة عدة رجال ، وكذلك فى الجنس الذى يمارس خطف النساء والذي ينتج عنه حينئذ امتزاج الأجناس بعضها في بعض بصورة شديدة . وأحيانا يحدث العكس في البلاد الأخرى ذات الحضارة، فإن الجنس المهزوم الذي ينتكس إلى طبقة أسفل يأخذ مكانة الجنس المنتصر شيئا فشيئا عندما يقل تكاثر الطبقة الموجهة خصوصا في المجتمعات التي لا يسمح فيها بالزواج إلا من أمرأة واحدة . المدارس الأنتروبولوجية والأنثرولوجية
    كان توسيديد Thueydide و فيكو Vico من أوائل المفكرين الاجتماعيين الذين علقوا أهمية كبيرة على العلوم الاجتماعية في دراسة المجتمعات البدائية . ففي القرنين السابع عشر والثامن عشر ، اهتم المفكرون الاجتماعيون بدراسة قصص الرحلات ودراسة أخلاق الشعوب القديمة . ثم أني بعد ذلك ، رد الفعل المضاد في القرن الثامن عشر، وكان هذا انتصاراًالأسطورة و المتوحش الطيب ، بدأت دراسات موضوعية للمجتمعات البدائية . فقد اكتشف شيئا فشيئا كيفية تنظيمها ، وجهاز القبائل ، وفروعه و اختلاف مفاهيم القرابة الإنسانية . وقد وضح لدى مفكرى القرن التاسع عشر التشابه بين التنظيمات البدائية ، وبين تنظيمات أصول الإنسانية . وقد أشار. ذكر أن بعض التنظيمات البدائية تحولت شيئا فشيئا حتى أصبحت تنظيمات الشعوب أكثر مدنية . أما من جهة نظر ، ل . ليفي برهل Levy-Bruhl . فقد كان فرضه على عكس ذلك حيث يقول : « إن نظام الفكرة البدائية يختلف عن نظام الفكر عند رجال هذا العصر ، ولا يكمن هذا الاختلاف في معتقداتهم وتفسيراتهم للعالم المتغير فحسب ، بل وفي طريقة التدليل على الأشياء كذلك . وأصل المطابقة التي تغلب على طابع تفكير هذا العصر تعارض طريقة المشاركة عند البدائيين؛ فقد يكون الإنسان هو ذاته أو شيئا آخر . وتمتد الذاتية الإنسانية في كل توابعها ويمكن المرء أن يؤثر عليها عندما يمتلك طيفها أو بعض أجزاء من جسمها . وهذا يؤدى بنا إلى قوانين السحر ، فيتمثل السحر كأنه انحراف
    بل هو « تكنيكية كاذبة ، ، وعلم كاذب ، فقد تتفق تقريباً طرائقه مع قائمة السفسطة ، كما يحددها المنطق الكلاسيكي ، وأهم بنود هذه القائمة هي « قانون الاتصال ، و « قانون التشابه ، . وقد أشار لويس فيبر Louis Weber إلى كيفية أن السحر كان يمثل أقصر الطرق ، وتفهم الأمور يتكون على الأخص عن طريق التشابه مع العلاقات الاجتماعية ، وإمكانيات تحضير الأرواح عن طريق التخاطب والرسم والكتابة . وبخاصة بين سكان الريف . تجديد علم الاجتماع المثالي
    يتميز هذا التجديد بطابعه الحيوى أو . الديناميكي ، فيقول فوييه 6 Foui : إن آمالنا تحتوى على أفكار وآراء و محركة قاهرة . idées-forces ستؤثر إن آجلا أو عاجلا على الحقيقة وستساعد على تغيير العالم . وكان يعلن أنه يتحتم على التنظيم المهنى أن يحل محل الدولة التقليدية ، ولكى يحدث هذا ينبغى على البروليتاريا أن تتصف بالفضيلة وبالاستعداد للكفاح . وقد شاءت سخرية الزمن أن يكون موسيليني هو تلميذه وأن يقوم بما قام به باسم الشعارات التي أطلقها سوريل . ولم يفت برجسون Bergson أن يتوج أعماله الفلسفية برسالة عن دراسة المجتمعات ، فهو يعتقد أن المجتمعات في أية لحظة متحركة بوساطة مثل أعلى مسيطر عليها . ولكن هذا المثل الأعلى يتغير ، ولكن عن طريق الحركة الدائمة في جميع الاتجاهات . وعندما يستنفد جهاز أو نظام محتواه المنطق ، أو عندما يحقق نفسه في المنظمات إلى درجة تخرجه عن طابعه الأصلى أو مثله الأعلى الذي رسم له ، وأن يثير مقاومات عنيفة ، ما يلبث أفراد هذا النظام أن يتخلصوا منه ، ويختاروا لأنفسهم مثالا أعلى مضاداً ، وهذا ما يطلق عليه . قانون الهذيان المزدوج ، ويفسر هذا القانون حركات التاريخ الواحدة تلو الأخرى ، وظهور أنظمة من المعتقدات والمجتمعات التي تزيح كل منهما الأخرى من أمامها بالتوالى . ولكن برجسون يعتقد اعتقاداً راسخاً في التطور وأنه خالق ومبدع . فكل الظواهر سواء أكانت نفسية أم اجتماعية أم تاريخية غير قابلة للرجوع إلى الوراء وهي كذلك - للأسباب نفسها - غير ممكن التكهن بها . وهو لا يعتقد إطلاقاً في القدرية ، فهو يقول . « إن مستقبل الإنسانية سيظل غير محدود المعالم لأنه يعتمد عليها . ..


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

منهاج التربية ا...

منهاج التربية الإسلامية بالسلك الابتدائي -1تعريف التربية الإسلامية التربية الإسلامية مادة دراسية تر...

ـ ظهور الانثروب...

ـ ظهور الانثروبولوجيا الاجتماعية : أـ ظهور الأناسة في فر نسا رأت الأناسة*[1] النور في القرن الثام...

فالافلاس هو نظا...

فالافلاس هو نظام يعطي الحق للدائنين في وضع يدهم على جميع أموال المدين وادارتها بواسطة وكيل عنهم يتول...

1- La technique...

1- La technique : C’est l’ensemble de procédés et de méthodes employés pour obtenir un résultat, ou ...

nclusion In sum...

nclusion In summary, the research on the role of Reverse Logistics Optimization in managing effectiv...

تمهيد: هذا البح...

تمهيد: هذا البحث سيسلط الضوء على المسار الذي يسلكه المتدربون داخل التكوين المهني بمركز محمد السادس ل...

The largest por...

The largest portion, 45.5%, is for those earning less than 350. The next largest portion, 22.7%, is ...

في أعماله مثل "...

في أعماله مثل "الأورجانون" و"الخطابة"، حلل أرسطو أساليب السفسطائيين وأظهر كيف أن حججهم تعتمد غالباً ...

أ- العلم لغة ٌ،...

أ- العلم لغة ٌ، ويراد به لوم َ ْعُ ـم، وم ٌ ِ ْلًم َ ـا، فهو عال ِ م ع َ ْعَلُ َم ي ِ َ نقيض اجلهل، ...

مفاهيم حول الاف...

مفاهيم حول الافلاس والتسوية الفضائية فالافلاس هو نظام يعطي الحق للدائنين في وضع يدهم على جميع أموال ...

نظرية المعرفية:...

نظرية المعرفية: وكرد فعل لهذه النظرية ظهرت النظرية المعرفية على يد تشومسكي Chomskey وبياجي Piaget ال...

Green energy ha...

Green energy harnesses natural resources like sunlight, wind, and water to generate power sustainabl...