لخّصلي

بعد وفاة ملكشاه، تولى محمد بن محمود السلطنة، فتخلص من أتابك خاص بك. حاول المقتفي، خليفة بغداد، الاستقلال عن السلاجقة. تنازع على العرش بعد وفاة محمد أبنائه وعمه، فقتلوا ملكشاه وسليمانشاه. حكم أرسلان بن طغرل، لكن الأتابك إيلدكز كان المتصرف الفعلي. خلف جهان پهلوان طغرل، الذي حارب قزل أرسلان والناصر لدين الله. اغتيل طغرل، ثم تولى تكش السلطنة بعد قتل طغرل على يد قتلوغ. ساهم في انهيار السلاجقة تفرق أبنائهم، نفوذ الأتابكيات، وتدخل النساء في الحكم.

الأتابك خاص بك ، وأجلس مكانه على عرش السلطنة ( محمد ) ابن السلطان محمود . فما أن استقرت له الأمور حتى أحس بوجوب التخلص من خاص بك باعتباره قوة كبيرة في الدولة يخشى خطرها . وأفلح في التخلص من هذا الأتابك رغم ما أسداه اليه من جميل بعزل ملكشاه وتنصيبه مكانه .. فأغرى من قتله في عام ٥٤٨ هـ = ١١٦٣ م . وإزاء عدم الوفاء الذي أبداه السلطان تجاه ظهيره فقد ثقة الأمراء وكادوا يعزلونه . أما ( المقتفي ( الخليفة العبا. فقد حذف اسمه من الخطبة في بغداد ، وخطب لأمير سلجوقي اسمه سليم 74 ابن محمد . كما حاول هذا الخليفة الاستقلال عن السلاجقة .. وكان قد قطع في ذلك شوطاً كبيراً بعد وفاة مسعود .

ولم يكتف بذلك بل أوفد سليمانشاه لقتال محمد . وتمكن محمد من هزيمة سلیمانشاه واضطره للفرار إلى خراسان ، وتقدم ( محمد ) إلى بغداد وحاصرها ، غير أنه لم يستمر طويلاً .. فقد صمد له المقتفي ومن ورائه أهل بغداد ، كما أن فتنة قامت في همدان بتدبير من الأمراء وعلى رأسهم ايلدكز اقتضته العودة السريعة لإخمادها. وقد تمكن فعلاً من انهاء الفتنة واقتلاع جذورها واسترضاء مثيريها .

)1( ٥٥٤ هـ = ١١٥٩ م وتوفي السلطان محمد في عام (۱) ، فتنازع على العرش أخوه ملكشاه وعمه سليمانشاه وارسلان بن طغرل بن محمد ( الذي تزوج الأتابك ايلدكز من أمه بعد وفاة أبيه ) . وتدخل الأمراء لحسم الأمور ، فقتلوا ملكشاه في عام ٥٥٥ هـ = ١١٦٠ م بدس السم له . وفعلوا نفس الشيء بالنسبة لسليمانشاه ، فقتلوه بالسم في عام ٥٥٦ هـ = ١١٦١ م تعبيراً عن

استيائهم منه نتيجة انغماسه في الملذات وإهماله شئون الدولة .

وبعد أن تم التخلص من ملكشاه وسليمانشاه خطب الأمراء في نفس العام لأرسلان بن طغرل الثاني ، وضربت السكة بإسمه . لكن الأتابك ابلدكز حاكم أران وزوج أم السلطان كان المتصرف الحقيقي في شئون الحكم . أما الخليفة العباسي فلم يوافق على سلطنة أرسلان ولم يأذن بالخطبة له في بغداد .
بطرده حين حاول الهجوم على آذربيجان .

ومات جهان پهلوان في عام ٥٨٢ هـ = ١١٨٦ م ، ودب النزاع بين طغرل وعمه قزل ارسلان والي آذر بيحان الذي حاول أن يحل محل أخيه الراحل في السيطرة على السلطان وتوجيهه وفق هواه . وانضم الخليفة العباسي الناصر لدين الله إلى قزل وأرسل كل منهما جيشاً في عام ٥٨٣ هـ = ١١٨٧ م إلى همدان ليقضيا على السلطان . غير أن الحظ كان حليفه فقد وصل جيش الخليفة قبل جيش قزل ، فسهل على طغرل هزيمته ورده على أعقابه إلى بغداد مدحورا .

وعاود الخليفة الكرة في العام التالي ، ووصل جيشه وجيش قزل إلى همدان في وقت واحد ، ففر طغرل إلى آذربيجان مهزوماً ، وطارده قزل حتى تمكن من القبض عليه فسجنه في قلعة بآذربيجان (۱)

وأراد أن يعين سنجر بن سليمانشاه السلجوقي على عرش سلاجقة العراق ، لكن الخليفة العباسي أرسل إليه خطاباً أفهمه فيه أنه أحق بالملك منه ، فأعلن نفسه سلطاناً على سلاجقة العراق في عام ٥٨٧ هـ = ۱۱۹۱ م . إلا أنه لم ينعم بمنصبه طويلاً فقد اغتيل بعد أسبوع من جلوسه على العرش . وكان قد تزوج أرملة أخيه جهان پهلوان ، فقيل إنها التي تآمرت عليه وشاركت في اغتياله لانصرافه عنها . ويرى البعض أن ابنه قتلوغ اينانج كان بدوره طرفاً في المؤامرة ، ويرى غيرهم أن الاسماعيلية هم قاتلوه لتصديه لهم .

ويرد في بعض المصادر أن أمراء العراق هم الذين قاموا باغتياله منافسة منهم له ، وكراهية منهم لأن يلي هو السلطنة بدلاً منهم . ويرد في غيرها أنه انحاز للحنفية ضد الشافعية وقتل الكثير من شيوخها ، فرصدوا له من يقتله .

وغادر طغرل سجنه وجلس على العرش في عام ٥٨٨ هـ = ١١٩٢ م . وكان الاضطراب يسود آذربيجان لكثرة الحروب بين واليها نصرة الدين أبي

بكر بن جهان پهلوان وبين أخيه قتلغ . كما كان الاضطراب يسود همدان عاصمة طغرل ، بينما يتطلع تكش والي خوارزم إلى إسقاط الدولة السلجوقية وضم أراضيها إليه .

وقطع طغرل شوطاً كبيراً في إخضاع منافسيه . وكان قد تزوج من الخاتون زوجة عمه قزل وعمه جهان مهلوان من قبله . ونظراً لما يعرفه عن طباعها من ميل إلى الغدر .. وخوفاً من أن تفعل به ما فعلته بعمه « قزل ، قام بقتلها ، و عرض نفسه الحقد ابنها ) قتلوغ ( وانتقامه . خاصة وأنها كانت
تشجع ابنها هذا على الاستيلاء على العرش، وتسعى جاهدة في سبيل تحقيق هذا الهدف .

وتنفيذاً لخطة الانتقام ، اتصل قتلوغ بتكش طالباً معونته ، فأمده هذا بجيش هز ما به طغرل بعد معركة قاسية . ووقع السلطان في يد قتلوغ فبادر إلى قتله ، وأرسل رأسه إلى بغداد (۱) . ولم يلبث تكش أن جلس على عرش السلاجقة .

وهكذا تضافرت عدة عوامل لتساهم في تحطيم قوة السلاجقة وإزالة تماسكهم وهدم صرح ملكهم . من هذه العوامل تفرق كلمة الأبناء والأحفاد الذي غذاه وجود العديد من الأتابكيات ، وحاشية فاسدة لا هم لها سوى الإيقاع بين السلاجقة لاحتلال أرقى المناصب والاستيلاء على الإقطاعات الواسعة .

ومن هذه العوامل أيضاً الدور الفعال الذي لعبته الأمهات والنساء عامة في إذكاء نار المنافسة بين رجال البيت الحاكم وإثارة الخصومات بينهم ، والتدخل في شئون الحكم بصورة سافرة .