خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
اختلفت آراء الدارسين حول تقسيم المراحل الت مر بها البحث ف العقيدة الإسلامية فمنهم من قسمها إل مراحل تاريخية تبدأ ثم العصر الأموى فالعباس وما بعده ، ومنهم من نظر إل التطور الذي حدث ف الأفار والمناهج وهناك خلاف بين هؤلاء وأولئك ف تحديد تواريخ بعينها فاصلة بين مرحلة وأخرى . الصعب وضع تواريخ فاصلة ف تطور الأفار ونموها وميلادها ، ولن مما لا خلاف فيه أن الأبحاث حول العقيدة الإسلامية بدأت خلال النصف الثان من القرن الأول للهجرة ، وواكبت ما جد عل الأمة من عوامل وتحولات وفترات صحوة وانحدار ، تسهيلا عل الدارس أن نقسم هذه المراحل إل مرحلة النشأة ، وطور تون المذاهب وظهور الفرق ، وطور الجمود والانغلاق، واكبت الدعوة إل صحوة الأمة ف شت المجالات طور النشأة : امتدت هذه الفترة خلال قرن كامل ابتدأ من منتصف القرن الأول، وشمل النصف الأول من القرن الثان للهجرة ، وخلال هذه الفترة برزت بعض المشلات العقائدية الت أدت إل تفرق المسلمين واحتدام الحوار والجدل بينهم ، مشلة مرتب البيرة والحم عليه ، والت ظهرت نتيجة لموقف الخوارج المتطرف وحمهم عل أصحاب الذنوب بالفر ، عرفوا بالمرجئة، الذين ذهبوا إل أن ارتاب البائر من المعاص لا تضر مع الإيمان ، وسع المعتزلة فيما بعد إل اتخاذ موقف وسط يجعل مرتب البيرة ف منزلة بين المنزلتين: (منزلة الفر والإيمان). الفرق جميعا، ً ما لم يجدد أصلا معلوماً كونه من الدين بالضرورة ، أو تناله الشفاعة، ولن دون خلود ف النار ، مسألة القضاء والقدر وأفعال الإنسان، وغيره من القدرية، الذين قالوا بنف العلم الإله القديم، والتقدير الإله السابق خشية القول بالجبر ، بينما نزعت طوائف إل الجبر وتأكيد القدر الإله وربما تطرف بعض هؤلاء فقال : إن الإنسان كالريشة ف مهب الريح لا فعل له ولا قدرة ، واتخذ آخرون ذلك مسوغاً لارتابهم المعاص وفعل الموبقات . فقد ورد أن رجلا قال لابن عمر (ت: ۷۳ هـ) ، ظهر ف زماننا رجال يزنون ويشربون الخمر ويقتلون النفس الت حرم اله ثم يحتجون علينا ويقولون كان ذلك ف علم اله فغضب ابن عمر وقال : سبحان اله كان ذلك ف علم اله ، وغيلان الدمشق، وكان ينر عليهم من كان بق من وأنس (ت: ۹۳ ه)، ولا يصلوا عليهم إذا ماتوا. كما أثيرت أيضاً مسألتا خلق القرآن والصفات الإلهية اللتان آثارهما الجعد بن درهم (قتل: يقول ابن تيمية : أول من حفظت عنه مقالة التعطيل ف الإسلام هو الجعد بن درهم ، ورغم أن قضية الإمامة كانت مدار مباحث الإيمان والفر ، فإنها لم تصبح قضية عقدية إلا ف وقت لاحق عل يد الشيعة ومن خالفهم الرأي الخامس ، فف طور النشأة وضعت بذور مذهب المعتزلة وأصول الحركة اللامية فمبدأ شيوع اللام ‐ كما يقول طاش كبرى وولادته سنة ٨٠ه، فيصير زمن طلبه العلم وقدرته عل الاجتهاد ف حدود المائة تقريباً ، وكان واصل بن عطاء أول من أظهر الاعتزال وأشاعه . العصر الذهب لتدوين العلوم ، حيث الفت الرسائل ف العقيدة لا سيما من قبل المتلمين المعتزلة ، وانتشر مذهب المعتزلة وراج منهجهم وساد بين المذاهب اللامية. وأصبح المعتزل يعرف بقوله بالأصول الخمسة ‐ كما يقول الخياط المعتزل) ت: ۵۲۹۰) : فلسنا ندفع أن يون بشر كثير يوافقونا ف العدل ويقولون بالتشبيه ، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، ف الإنسان هذه الخصال فهو معتزل. وقاموا بدور هام ف الدفاع عن العقيدة الإسلامية توضيحاً وإثباتا، ً وكان لهم الفضل ف نقض المذاهب والأديان، المسائل وغلوهم فيها. وقد تونت أصول المعتزلة الخمسة من خلال ردودهم عل مقولات خصومهم من أصحاب تلك المذاهب وعل الثنوية، واثبتوا اله زاعمين أن الأول هو (اله) الأب) ، والثان هو المسيح أو الابن) والثالث هو (روح القدس)، وشجعوا القول بقدمه، التشبيه والتجسيم، تأثرت بالديانة اليهودية، ضد هؤلاء جميعا قرر المعتزلة أصلهم الأول ف التوحيد مؤكدين تنزيه اله المطلق ف ذاته وصفاته وأفعاله . ضد الجبرية الذين نسبوا أفعالهم جميعها بما فيها من معاص وأنام إل اله تعال ، النبوات عموماً ، وجادلوا اليهود والنصارى حول نبوة محمد . وهذا ساد مذهب المعتزلة وأصبحت له السيادة لأكثر من قرن، وإبراهيم النظام (ت: (۲۳۱هـ)، وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت : ٢٥٥هـ)، وأبو عل الجبائ) ت: ۳۰۳هـ)، وابنه أبو هاشم (ت: ۳۲۱هـ) (۱) ، ولعل ذلك يعود إل أسباب من أهمها : ‐ اتخاذهم القوة وسيلة لفرض آرائهم الدينية ووجهات نظرهم الفرية . لجوؤهم إل اضطهاد مخالفيهم ف المعتقد والفر (۲) . ذهاب مناصيرهم من الخلفاء كالمأمون، وقد أثار المعتزلة بمنهجهم العقلان ، وأفارهم الغالية العديد من علماء أهل السنة الذين تصدوا للرد عليهم مبينين العقيدة الصحيحة مفندين انحرافاتهم ، ومن التب الت ألفت للرد عل المعتزلة : وكتاب الحيدة، العبد العزيز الم ت : ٢٤٠هـ) وهو عبارة عن مناظرة جرت بينه وبين بشر المريس) ۲۱۸ (أو (۲۲۸هـ) ف مجلس الخليفة المامون (ت: ۸۳۳/۲۱۸م) ، لأب عبد اله بن اسماعيل البخاري (ت: ٢٥٦هـ) ، الاختلاف ف اللفظ والرد عل الجهمية والمشبهة، والرد عل بشر المريس لعثمان بن سعيد الدارم) ت: ٢٦۰) أو (۲۸۰ هـ ) ، وخلق أفعال العباد (للبخاري) . ورغم انحسار فر المعتزلة وأقول نجمهم ، بتابه شرح الأصول الخمسة وبموسوعته المغن ف أبواب التوحيد والعدل . وفرقة الإباضية . ولذا فمن الخطأ الجسيم سواء من ناحية التاريخ الدين أو التاريخ الأدب ، العقائد الأشعرية ، وعند الشيعة مؤلفات اعتقادية كثيرة يرجعون إليها وينسجون عل منوالها ، وتفنده ، المتأخرة، الذي كان من المعتزلة وبلغ درجة عالية ف الاعتزال، واتخذ منهجاً وسطاً ف القضايا الت أثاروها، كما قالت المعتزلة، وف مسألة كلام اله فرق وقال بقدمه ، حادثة من حيث أنها مقرؤة متوبة ، وقديمة من حيث دلالتها عل اللام القديم. بالسب، وقرر أن افعال الإنسان مخلوقة ومبدعة اله ومتسبة للإنسان وواقعة عند قدرته ، وهذه القدرة الحادثة المصاحبة للفعل لا أثر لها ف إيجاد الفعل ، لأن اله هو المتفرد بالخلق والتأثير ف العالم . و بعد الأشعري تونت مدرسة تحمل هذه الأفار انتسبت إليه وسميت بالأشاعرة (1) . ثم تلت مرحلة أخرى ف تاريخ المدرسة، بدأت بابن فورك الأصفهان) ت : ٤٠٦ هـ) وانتهت بالشهرستان) ت : (٥٤٨هـ) وف هذه الفترة ظهر الجوين) ٤٧٨-٤١٩هـ) والغزال ، وأسرفوا ف التأويل، عن الساحة، والأيوبيين ف مصر، للمذهب ومناصرتهم له (1) . الماتريدية، الت تعتبر ف أصولها امتداداً لمدرسة الأحناف. شهدت هذه الفترة نضج علم العقيدة، كما يقول النجار، هو أهم أطوار علم العقيدة سواء ف ثراء مادته ومنهجه ، عنها (۳) . ورغم الشهرة الت نالتها المدرسة الأشعرية، والمانة الت احتلتها ف العالم الاسلام ، فقد واجهت المدرسة مقاومة من قبل أهل الحديث والحنابلة بصفة خاصة، الذين حاربوا علم اللام، ما كتبه أبو إسماعيل الأنصاري الهروي (ت: ٤٨١هـ) ف كتابه الشهير "تم اللام وأهله . مرحلة اختلاط ابحاث العقيدة بالفلسفة : ف هذه الفترة الت امتدت من القرن السادس إل القرن التاسع الهجري ، وف البحوث الطبيعية، وسع علماء العقيدة (المتلمون من خلال تبن الفر الفلسف ومنهجهم إل دعم مواقفهم اللامية (العقائدية) ببعض أفار الفلاسفة ، والرد عل ما تضمنته الفلسفة من آراء مخالفة للعقيدة الإسلامية ، والآمدي، اللذين توزعت ف كتبهما موضوعات اللام (العقيدة)، متأثرة بتلك النظريات الفلسفية، فبدأت بأبواب فيما يعرف وتمثلت هذه الطريقة بصورة واضحة لدى "الإيج "، الذي أوقف عل تلك المقدمات ف المعرفة وما يتصل بها، ما يقرب من نصف كتابه "المواقف"، حيث خصص المواقف الأربعة الأول لمواضيع فلسفية، مع التعرض لآراء الفلاسفة فيهما . وقد أدى هذا إل غلبة أسلوب الفلسفة التقريري الشرح عل أسلوب اللام الجدل الدفاع، فجمد بذلك علم اللام وعقمت مباحثه. وقد أشار ابن خلدون إل بعض مظاهر هذه المرحلة من مراحل تطور دراسات العقيدة فقال: "ولقد اختلطت الطريقتان طريقة اللام وطريقة الفلسفة عند هؤلاء المتأخرين (من المتلمين)، من كتبهم، ومن جاء بعده من علماء العجم ف جميع تأليفهم، ضدها ، تحفل بهم الخاصة، وذهب الزمان بما كان ينتظر العالم الإسلام من سعيهم، ووقف عن التقدم. الإسلام، ومن أبرز علماء والمتاخرين. وعضد الدين الإيج) ت: ٧٠٦هـ) وكتابه المواقف ف علم اللام ، وشرحه للسيد الشريف الجرجان) ت: ٨١٦هـ ) . الدين ابن الهمام (ت: (۵۸٦١)، " وقد تميزت وترتيب مسائلها، وقد عاصر هؤلاء أعلام من مناصري المذهب السلف كابن قدامة المقدس) ت٦٢٠: هـ)، وقد قاوم هؤلاء جميعاً وتبعهم فيه الشيعة، وتأثر به متأخر و الاشاعرة ، واشتدت مقاومتهم لهؤلاء الأخيرين الذين الذي ظهر بالشام، وناهض مناهج الفلاسفة والمتلمين ، ووجه سهام نقده إل الرافضة والفلاسفة وغلاة الصوفية ، ودعا إل العودة بدراسة العقيدة، وفقاً لمنهج السلف وأخذها من التاب والسنة، واستنباط أدلتها من النصوص الشرعية والمعارف الفطرية والحقائق العلمية ، رافضاً بذلك منهج الفلاسفة والمعتزلة، وتقديمها عل حقائق القرآن وأدلته اليقينية ، لاستعانتهم مع الأدلة القرآنية بأدلة عقلية ضعيفة (١). طور الجمود والتقليد : بعد غلبة دخلت دراسات العقيدة فيما أطلق عليه بعض الدارسين مرحلة الجمود والتقوقع، واكتف علماء العقيدة بما ألفه أسلافهم، دون إضافة تذكر لا ف الموضوع ولا ف المنهج ، بينما ظلت المواضيع ه بذاتها فلم تظهر قضايا جديدة وتوقف العلم عن النمو وظهر من رجال هذه الفترة أصحاب الحواش والشروح من أمثال ميرزا خان ، والسيالوت ، وساد اللام الأشعري فيصورته المتأخرة أنحاء العالم الإسلام، لا سيما مصر وأفريقيا والعالم العرب ، بينما سادت الماتريدية ف تركيا وشبه القارة الهندية. وغلب ف التأليف المتون الت صيغت فيها المعتقدات ف صور مركزة تيسيرا لحفظها، كما هو الحال ف جوهرة التوحيد للشيخ إبراهيم اللقان) ت ١٠٤١هـ) والت يقول فيها : فل من كلف شرعاً وجبا اله والجائز والممتنعا جوهرة التوحيد قد هذبتها عليه أن يعرف ما قد وجبا ومثل ذا لرسله فاستمعا ه الوجوب ثم الاستحالة فافهم منحت لذة الإفهام وانتشرت ف بعض تلك المؤلفات الأساطير والخرافات والحشو والاهتمام بالقشور دون اللباب ، ويف أن نشير إل ما أورده الشيخ إبراهيم الباجوري ( ۱۱۹۸‐۱۲۸۸هـ ، ١٧٨٤ ‐ ١٨٦٠م) ف شرحه ف وصف بعضهم للعرش إذ يقول : " جسم نوران علوي عظيم من نور، هو قبة فوق العالم، ذات أعمدة أربعة، وثمانية ف الآخرة لزيادة الجلال والعظمة ، ورؤوسهم عند العرش ف السماء السابعة، وأقدامهم ف T الأرض السفل ، وما نسب إل آخرين عن رقيب وعتيد ومايتبان من أعمال : " يتب الرقيب والعتيد أعمال الإنسان وأقواله من خير وشر ومباح . يوم الإثنين والخميس من كل أسبوع فتلتقمه حيتان البحر فتموت منه لنتنه فيخرج منه دود الزرع ال غير ذلك من الآراء الت لا ولا سند لها من الشرع ولافائدة من نشرها عل العامة أو الخاصة بل تعس إل حد كبير ، حالة التردي العلم والفري الت آلت اليها الأمة ف هذه الفترة من الزمان. وخلال هذه الفترة الحالة ظهر ف الجزيرة العربية الشيخ محمد فركز عل قضية التوحيد ونواقضه وأنواع الشرك والنفاق والفر والابتداع ف وبشر بالعودة بالمسلمين إل ما كان عليه السلف الصالح من تمسك بأهداب الدين وتحيم القرآن والسنة ف جميع شئونهم ، وذلك من خلال تصفية العقيدة وتنقيتها من الشوائب والشبهات . وقد أحدثت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بل امتدت آثاره لتشمل أنحاء مختلفة من العالم الإسلام ، ، فظهرت العديد من الدعوات والحركات الإصلاحية حملت لواء السع إل تصحيح الاعتقاد ، والحركة السنوسية ف شمال أفريقيا والحركة المهدية ف السودان ، وغيرها من حركات الإصلاح ف الهند ونيجريا ووسط آسيا وشرقها . واقع الدراسات العقدية المعاصرة : إن الدراسات المعاصرة ف مجال العقيدة تقوم عل نوع من التنافس بين المذاهب اللامية، ممثلة ف مذهب الأشاعرة والماتريدية ولها أتباع هنا وهناك ، وتاد مناهج الجامعات الدينية والمعاهد العليا والأبحاث والمؤلفات ف العقيدة، أن تون موزعة بين هذين التيارين . فف الدوائر الت يسود فيها المذهب اللام الأشعري والماتريدي ، نجد قضايا اللام القديمة ومسائله التقليدية التاريخية تتردد ف المناهج الدراسية والأبحاث العلمية ‐ وتتضمن المناهج الأدلة عل وجود اله تعال ف إطارها الجدل الفلسف ، الحدوث أو الجواهر والأعراض ، كما تعالج قضية الأسماء والصفات ف إطارها المذهب، ويدافع الأشاعرة حت يومنا هذا عن نظرية السب الأشعري رغم ما تتضمنه من صعوبات وتعقيدات ، كما يدافع الماتريدية عن صفة كما نجد تأكيداً عل التقارب بين الماتريدية والأشاعرة . أما الأبحاث العلمية والمؤلفات الأكاديمية، فبالإضافة إل تناول قضايا العقيدة وأسسها، وابراز ودراسة المعتزلة وأعلامهم، كحركة مؤثرة أو مناوئه لأهل السنة ( الماتريدية أما ف الدوائر الت يسود فيها المنهج السلف ، فنجد وأسلاف المدرسة كابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، إذ تدرس أنواع التوحيد ونواقضه، وأنواع الشرك والنفاق والفر والابتداع ف العقائد والعبادات . كما تركز المناهج عل قضية الأسماء والصفات ، ولا سيما ابن تيمية وابن القيم، ف تقرير تلك وخارج إطار هذين المنهجين ‐ هناك دعوة تنادى بأن دراسة العقيدة ف هذا العصر، فدعا بعض الدارسين إل صياغة جديدة لعلم اللام، كشرط أساس لأي نهضة فرية للأمة، ف نفوس المسلمين ولعل جذور هذه الدعوة تعود إل حركة الإصلاح الت قادها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وامتدت آثارها إل وأثرت ف حركة الأحياء الحديثة الت قادها جمال الدين الأفغان) ١٣١٥/١٢٥٤هـ)، والشيخ محمد عبده (ت: ١٩٠٥م) ومن تتلمذ عليهما كالشيخ محمد رشيد رضا (ت: ١٩٣٥م)، وما انبثق من تلك الحركة منجماعات إسلامية تدعو ‐ عل اختلاف فيما بينها ‐ إل إحياء الإسلام، وتطهير المجتمعات الإسلامية من الشيخ محمد عبده،
اختلفت آراء الدارسين حول تقسيم المراحل الت مر بها البحث ف العقيدة الإسلامية فمنهم من قسمها إل مراحل تاريخية تبدأ
بعصر الخلفاء الراشدين ، ثم العصر الأموى فالعباس وما بعده ، ومنهم من نظر إل التطور الذي حدث ف الأفار والمناهج
وقسمها إل طور النشأة، وهناك خلاف بين هؤلاء وأولئك ف تحديد تواريخ بعينها فاصلة بين مرحلة وأخرى . ولا شك أنه من
الصعب وضع تواريخ فاصلة ف تطور الأفار ونموها وميلادها ، ولن مما لا خلاف فيه أن الأبحاث حول العقيدة الإسلامية بدأت
خلال النصف الثان من القرن الأول للهجرة ، وواكبت ما جد عل الأمة من عوامل وتحولات وفترات صحوة وانحدار ، ويمن
تسهيلا عل الدارس أن نقسم هذه المراحل إل مرحلة النشأة ، وطور تون المذاهب وظهور الفرق ، وطور الجمود والانغلاق، الت
واكبت الدعوة إل صحوة الأمة ف شت المجالات طور النشأة : امتدت هذه الفترة خلال قرن كامل ابتدأ من منتصف القرن
الأول، وشمل النصف الأول من القرن الثان للهجرة ، وخلال هذه الفترة برزت بعض المشلات العقائدية الت أدت إل تفرق
المسلمين واحتدام الحوار والجدل بينهم ، ومن المشلات الت أثيرت ، خلال هذه الفترة، مشلة مرتب البيرة والحم عليه ،
والت ظهرت نتيجة لموقف الخوارج المتطرف وحمهم عل أصحاب الذنوب بالفر ، وما تبعه من رد فعل متطرف أيضاً ممن
عرفوا بالمرجئة، الذين ذهبوا إل أن ارتاب البائر من المعاص لا تضر مع الإيمان ، وسع المعتزلة فيما بعد إل اتخاذ موقف
وسط يجعل مرتب البيرة ف منزلة بين المنزلتين: (منزلة الفر والإيمان). وقد تصدى علماء السلف من الصحابة والتابعين لهذه
الفرق جميعا،ً جامعين بين كل من آيات الوعد والوعيد معاً ، مؤكدين أن المسلم لايخرج عن الملة بذنب ولو كان كبيرا،ً ما لم
يجدد أصلا معلوماً كونه من الدين بالضرورة ، وأمره إل اله: إما أن يعفو عنه، أو تناله الشفاعة، أو يحق عليه العذاب ، ولن
دون خلود ف النار ، مسألة القضاء والقدر وأفعال الإنسان، معبد الجهن وتولاها من بعده غيلان الدمشق، وغيره من القدرية،
الذين قالوا بنف العلم الإله القديم، والتقدير الإله السابق خشية القول بالجبر ، بينما نزعت طوائف إل الجبر وتأكيد القدر الإله
، وربما تطرف بعض هؤلاء فقال : إن الإنسان كالريشة ف مهب الريح لا فعل له ولا قدرة ، واتخذ آخرون ذلك مسوغاً لارتابهم
المعاص وفعل الموبقات . فقد ورد أن رجلا قال لابن عمر (ت: ۷۳ هـ) ، ظهر ف زماننا رجال يزنون ويشربون الخمر ويقتلون
النفس الت حرم اله ثم يحتجون علينا ويقولون كان ذلك ف علم اله فغضب ابن عمر وقال : سبحان اله كان ذلك ف علم اله ،
من بق من علماء الصحابة والتابعين، كمعبد الجهن، وغيلان الدمشق، وجعد بن درهم ، وكان ينر عليهم من كان بق من
الصحابة كعبد اله بن عمر (ت: ۷۳هـ)، وجابر (ت: ٥٥٠)، وأنس (ت: ۹۳ ه)، وعقبة بن عامر (ت: ٥٨ هـ)، ولا يعودوهم إن
مرضوا، ولا يصلوا عليهم إذا ماتوا. كما أثيرت أيضاً مسألتا خلق القرآن والصفات الإلهية اللتان آثارهما الجعد بن درهم (قتل:
۱۲۰ه) وتولاهما من بعده الجهم بن صفوان قتل : ۱۲۸ هـ ) الذي عطل الأسماء و الصفات وقال بخلق القرآن . يقول ابن تيمية :
أول من حفظت عنه مقالة التعطيل ف الإسلام هو الجعد بن درهم ، وأخذها عنه الجهم بن صفوان وأظهرها فنسبت إليه . ورغم أن
قضية الإمامة كانت مدار مباحث الإيمان والفر ، فإنها لم تصبح قضية عقدية إلا ف وقت لاحق عل يد الشيعة ومن خالفهم الرأي
ظهور المدارس اللامية والمذاهب العقائدية : ف الفترة الت امتدت من النصف الثان للقرن الثان للهجرة حت نهاية القرن
الخامس ، فف طور النشأة وضعت بذور مذهب المعتزلة وأصول الحركة اللامية فمبدأ شيوع اللام ‐ كما يقول طاش كبرى
زاده كان عل أيدي المعتزلة والقدرية ف حدود المائة من الهجرة ‐ لأن ظهور الاعتزال كان من جهة واصل بن عطاء، وكانت
وفاته ف ١٣١هـ، وولادته سنة ٨٠ه، فيصير زمن طلبه العلم وقدرته عل الاجتهاد ف حدود المائة تقريباً ، وكان واصل بن عطاء
أول من أظهر الاعتزال وأشاعه . ولن مذهب المعتزلة لم يتمل بأصوله الخمسة إلا ف النصف الثان من القرن الثان للهجرة
العصر الذهب لتدوين العلوم ، حيث الفت الرسائل ف العقيدة لا سيما من قبل المتلمين المعتزلة ، وانتشر مذهب المعتزلة وراج
منهجهم وساد بين المذاهب اللامية. وأصبح المعتزل يعرف بقوله بالأصول الخمسة ‐ كما يقول الخياط المعتزل) ت: ۵۲۹۰) :
فلسنا ندفع أن يون بشر كثير يوافقونا ف العدل ويقولون بالتشبيه ، وليس يستحق أحد منهم اسم الاعتزال حت يجمع القول
بالأصول الخمسة : التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنه عن المنر ، فإذا كملت
ف الإنسان هذه الخصال فهو معتزل. رداً عل مخالفيهم من أصحاب الفرق كالمرجئة ومتلم الشيعة ، وقاموا بدور هام ف
الدفاع عن العقيدة الإسلامية توضيحاً وإثباتا،ً وكان لهم الفضل ف نقض المذاهب والأديان، وذلك برغم شططهم ف بعض
المسائل وغلوهم فيها. وقد تونت أصول المعتزلة الخمسة من خلال ردودهم عل مقولات خصومهم من أصحاب تلك المذاهب
والديانات : فاصل التوحيد عندهم تون نتيجة لردهم عل الوثنية ، وعل الثنوية، الذين حاربوا التوحيد الإسلام، واثبتوا اله
تعال ثلاثة أقانيم ه : الذات واللام والحياة ، زاعمين أن الأول هو (اله) الأب) ، والثان هو المسيح أو الابن) والثالث هو (روح القدس)، وشجعوا القول بقدمه، وقصدوا بذلك الانتهاء بالعقيدة الاسلامية إل إثبات قديمين أو إلهين ذات اله، كما واجه المعتزلة
التشبيه والتجسيم، الذي انتشر بين طوائف، تأثرت بالديانة اليهودية، وماثلت بين اله تعال ومخلوقاته، ضد هؤلاء جميعا قرر
المعتزلة أصلهم الأول ف التوحيد مؤكدين تنزيه اله المطلق ف ذاته وصفاته وأفعاله . كما كونوا أصلهم الثان) العدل)، ضد
الجبرية الذين نسبوا أفعالهم جميعها بما فيها من معاص وأنام إل اله تعال ، كما جادل المعتزلة السمنية والبراهمة حول قضية
النبوات عموماً ، وجادلوا اليهود والنصارى حول نبوة محمد . وهذا ساد مذهب المعتزلة وأصبحت له السيادة لأكثر من قرن،
وظهر من أعلامه أبو الهذيل العلاف (ت: (۲۳۵ه، وإبراهيم النظام (ت: (۲۳۱هـ)، وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت : ٢٥٥هـ)،
وأبو عل الجبائ) ت: ۳۰۳هـ)، وابنه أبو هاشم (ت: ۳۲۱هـ) (۱) ، ثم أخذ بعد ذلك ف التراجع والانحسار. ولعل ذلك يعود إل
أسباب من أهمها : ‐ اتخاذهم القوة وسيلة لفرض آرائهم الدينية ووجهات نظرهم الفرية . لجوؤهم إل اضطهاد مخالفيهم ف
المعتقد والفر (۲) . ذهاب مناصيرهم من الخلفاء كالمأمون، وقد أثار المعتزلة بمنهجهم العقلان ، وأفارهم الغالية العديد من
علماء أهل السنة الذين تصدوا للرد عليهم مبينين العقيدة الصحيحة مفندين انحرافاتهم ، ومن التب الت ألفت للرد عل المعتزلة :
الرد عل الزنادقة والجهمية لأحمد بن حنبل ت: ٢٤١هـ) ، وكتاب الحيدة، العبد العزيز الم ت : ٢٤٠هـ) وهو عبارة عن مناظرة
جرت بينه وبين بشر المريس) ۲۱۸ (أو (۲۲۸هـ) ف مجلس الخليفة المامون (ت: ۸۳۳/۲۱۸م) ، الرد عل الجهمية، لأب عبد اله
بن اسماعيل البخاري (ت: ٢٥٦هـ) ، الاختلاف ف اللفظ والرد عل الجهمية والمشبهة، الرد عل الجهمية ، والرد عل بشر
المريس لعثمان بن سعيد الدارم) ت: ٢٦۰) أو (۲۸۰ هـ ) ، ومن بين التب أيضاً : كتاب الإيمان لأب عبيد القاسم بن سلام
(ت: ٢٤٠هـ) ، وخلق أفعال العباد (للبخاري) . ورغم انحسار فر المعتزلة وأقول نجمهم ، بتابه شرح الأصول الخمسة
وبموسوعته المغن ف أبواب التوحيد والعدل . . كما أن تعاليم المدرسة وإل حد ما منهجها عاشت ف بعض الفرق اللامية مثل
الشيعة الإثن عشرية، والزيدية ، وفرقة الإباضية . وقد استقر الاعتزال ف مؤلفات الشيعة حت يومنا هذا ، ولذا فمن الخطأ الجسيم
سواء من ناحية التاريخ الدين أو التاريخ الأدب ، أن نزعم بأنه لم يبق للاعتزال أثر قائم محسوس بعد الفوز الحاسم الذي نالته
العقائد الأشعرية ، وعند الشيعة مؤلفات اعتقادية كثيرة يرجعون إليها وينسجون عل منوالها ، وه حجة قائمة تدحض هذا الزعم
وتفنده ، ويمن أن نعتبر كتب العقائد الشيعية كأنها من مؤلفات المعتزلة (1) بل إن المدرسة الأشعرية نفسها تأثرت ف مراحلها
المتأخرة، الذي كان من المعتزلة وبلغ درجة عالية ف الاعتزال، ولن ترك المعتزلة بعد أن تبين له خلل منهجهم، واتخذ منهجاً
وسطاً ف القضايا الت أثاروها، فأثبت الصفات الإلهية القديمة القائمة بالذات، كما قالت المعتزلة، وف مسألة كلام اله فرق
الأشعري بين اللام النفس القائم بذات اله تعال، وقال بقدمه ، والعبارات والألفاظ الدالة عل اللام والمنزلة عل الأنبياء، وه
ف نظره ، حادثة من حيث أنها مقرؤة متوبة ، وقديمة من حيث دلالتها عل اللام القديم. وف أفعال الإنسان نادي الأشعري
بالسب، وقرر أن افعال الإنسان مخلوقة ومبدعة اله ومتسبة للإنسان وواقعة عند قدرته ، وهذه القدرة الحادثة المصاحبة للفعل
لا أثر لها ف إيجاد الفعل ، لأن اله هو المتفرد بالخلق والتأثير ف العالم . و بعد الأشعري تونت مدرسة تحمل هذه الأفار انتسبت
إليه وسميت بالأشاعرة (1) . وقد مرت المدرسة الأشعرية بمراحل يمثل الأشعري والإمام الباقلان) ت: ٤٠٣هـ) أولاها، ثم تلت
مرحلة أخرى ف تاريخ المدرسة، بدأت بابن فورك الأصفهان) ت : ٤٠٦ هـ) وانتهت بالشهرستان) ت : (٥٤٨هـ) وف هذه الفترة
ظهر الجوين) ٤٧٨-٤١٩هـ) والغزال ،) ٥٠٥-٤٤٥هـ) وتبن الاشاعرة منهج المعتزلة ، وأسرفوا ف التأويل، بعد ضعفهم وغيابهم
عن الساحة، كما لعبت بعض الظروف السياسية دوراً ف التمين للمذهب من أهمها : رعاية السلاجقة ف الشرق، والمرابطين ف
المغرب، والأيوبيين ف مصر، للمذهب ومناصرتهم له (1) . كما ظهرت ف هذه الفترة أيضاً مدرسة كلامية أخرى ه : المدرسة
الماتريدية، الت تعتبر ف أصولها امتداداً لمدرسة الأحناف. وتاد الخلافات بين المدرستين تنحصر ف مسائل معدودة ، (۲) وقد
شهدت هذه الفترة نضج علم العقيدة، واكتمال هيله الأساس ف مسائله ومناهجه بالمناظرة والبحث والتأليف . كما يقول النجار،
هو أهم أطوار علم العقيدة سواء ف ثراء مادته ومنهجه ، أو ف نجاحه ف الدور الذي قام به دفاعاً عن العقيدة بإثباتها ورد المطاعن
عنها (۳) . ورغم الشهرة الت نالتها المدرسة الأشعرية، والمانة الت احتلتها ف العالم الاسلام ، فقد واجهت المدرسة مقاومة
من قبل أهل الحديث والحنابلة بصفة خاصة، الذين حاربوا علم اللام، ويلخص جملة موقفهم من الحركة اللامية، ما كتبه أبو
إسماعيل الأنصاري الهروي (ت: ٤٨١هـ) ف كتابه الشهير "تم اللام وأهله . مرحلة اختلاط ابحاث العقيدة بالفلسفة : ف هذه
الفترة الت امتدت من القرن السادس إل القرن التاسع الهجري ، اختلطت أبحاث العقيدة بإنتاج الفلاسفة المسلمين ف الإلهيات،
وف البحوث الطبيعية، وسع علماء العقيدة (المتلمون من خلال تبن الفر الفلسف ومنهجهم إل دعم مواقفهم اللامية (العقائدية) ببعض أفار الفلاسفة ، والرد عل ما تضمنته الفلسفة من آراء مخالفة للعقيدة الإسلامية ، وبلغ مداه عل يد الرازي
والآمدي، اللذين توزعت ف كتبهما موضوعات اللام (العقيدة)، متأثرة بتلك النظريات الفلسفية، فبدأت بأبواب فيما يعرف
بالأمور العامة أو القواعد المنهجية التقليدية ف النظر والمعارف ، ومباحث منطقية وميتافيزيقية وطبيعية. وتمثلت هذه الطريقة
بصورة واضحة لدى "الإيج "، الذي أوقف عل تلك المقدمات ف المعرفة وما يتصل بها، ما يقرب من نصف كتابه "المواقف"،
حيث خصص المواقف الأربعة الأول لمواضيع فلسفية، مع التعرض لآراء الفلاسفة فيهما . وقد أدى هذا إل غلبة أسلوب الفلسفة
التقريري الشرح عل أسلوب اللام الجدل الدفاع، فجمد بذلك علم اللام وعقمت مباحثه. وقد أشار ابن خلدون إل بعض
مظاهر هذه المرحلة من مراحل تطور دراسات العقيدة فقال: "ولقد اختلطت الطريقتان طريقة اللام وطريقة الفلسفة عند هؤلاء
المتأخرين (من المتلمين)، والتبست مسائل اللام بمسائل الفلسفة بحيث لا يتميز أحد الفنين من الآخر، ولا يحصل عليه طالبه
من كتبهم، ومن جاء بعده من علماء العجم ف جميع تأليفهم، ولد نزاعات فرية بين المسلمين ما بين متعص للفلسفة، ومتعصب
ضدها ، وقد انعس ذلك الصراع عل أبحاث العقيدة مما أدى إل سقوط منزلة علماء العقيدة ( المتلمين) ، فنبذتهم العامة ، ولم
تحفل بهم الخاصة، وذهب الزمان بما كان ينتظر العالم الإسلام من سعيهم، ولم يعد اللام علما يدافع عن العقيدة ، بل فقد
حيويته وتفاعله مع واقع الحياة الإسلامية، ووقف عن التقدم. (۲) وف هذه الفترة سيطر الأشاعرة عل أكثر مناطق العالم
الإسلام، وظهر متلموهم الذين لا زال لهم أثر ف كثير من المعاهد الإسلامية والجامعات حت يومنا هذا . ومن أبرز علماء
الأشاعرة ف هذه المرحلة : فخر الدين الرازي (ت: ٦٠٦هـ) ومن أهم كتبه اللامية معالم أصول الدين ومحصل أفار المتقدمين
والمتاخرين. وعضد الدين الإيج) ت: ٧٠٦هـ) وكتابه المواقف ف علم اللام ، وشرحه للسيد الشريف الجرجان) ت: ٨١٦هـ ) .
كما كان من أبرز علماء الماتريدية سعد الدين التفتازان) ت: ۷۹۳ هـ) وكتابه "المقاصد" وشرحه عل العقائد النسفية ، وكمال
الدين ابن الهمام (ت: (۵۸٦١)، وكتابه المسايرة ف العقائد المنجية ف الآخرة " و "غاية المرام من عبارات الإمام" . " وقد تميزت
جهود هؤلاء العلماء ف تنظيم قضايا العقيدة، وترتيب مسائلها، مع إضافات محدودة ف الاستدلال ورد الشبه . وقد عاصر هؤلاء
أعلام من مناصري المذهب السلف كابن قدامة المقدس) ت٦٢٠: هـ)، وابن تيمية الدمشق) ت: ۷۲۸ هـ)، وقد قاوم هؤلاء جميعاً
المنهج العقل الذي ابتداء المعتزلة، وتبعهم فيه الشيعة، وتأثر به متأخر و الاشاعرة ، واشتدت مقاومتهم لهؤلاء الأخيرين الذين
توغلوا ف مطالعة كتب الفلسفة وخلطوا دراسة العقائد بفلسفة اليونان وتصوراتهم. ولعل من أشهر هؤلاء، شيخ الإسلام أحمد بن
عبد الحليم بن تيمية، الذي ظهر بالشام، وناهض مناهج الفلاسفة والمتلمين ، ورد عل المعتزلة والأشاعرة والجهمية ، ووجه
سهام نقده إل الرافضة والفلاسفة وغلاة الصوفية ، ودعا إل العودة بدراسة العقيدة، وفقاً لمنهج السلف وأخذها من التاب
والسنة، واستنباط أدلتها من النصوص الشرعية والمعارف الفطرية والحقائق العلمية ، رافضاً بذلك منهج الفلاسفة والمعتزلة،
وتقديمها عل حقائق القرآن وأدلته اليقينية ، لاستعانتهم مع الأدلة القرآنية بأدلة عقلية ضعيفة (١). طور الجمود والتقليد : بعد غلبة
المنهج الجدل الفلسف ومصطلحات الفلسفة عل دراسات العقيدة وأبحاثها، دخلت دراسات العقيدة فيما أطلق عليه بعض
الدارسين مرحلة الجمود والتقوقع، واكتف علماء العقيدة بما ألفه أسلافهم، دون إضافة تذكر لا ف الموضوع ولا ف المنهج ،
وساد التلاعب بالشروح والتهميش والتحشية ، بينما ظلت المواضيع ه بذاتها فلم تظهر قضايا جديدة وتوقف العلم عن النمو
وأصبح مجرد الفاظ ومصطلحات تردد . وظهر من رجال هذه الفترة أصحاب الحواش والشروح من أمثال ميرزا خان ،
والسيالوت ، ويرجع إليها ف بعض الجامعات الدينية ، وساد اللام الأشعري فيصورته المتأخرة أنحاء العالم الإسلام، لا سيما
مصر وأفريقيا والعالم العرب ، بينما سادت الماتريدية ف تركيا وشبه القارة الهندية. وغلب ف التأليف المتون الت صيغت فيها
المعتقدات ف صور مركزة تيسيرا لحفظها، كما هو الحال ف جوهرة التوحيد للشيخ إبراهيم اللقان) ت ١٠٤١هـ) والت يقول فيها
: فل من كلف شرعاً وجبا اله والجائز والممتنعا جوهرة التوحيد قد هذبتها عليه أن يعرف ما قد وجبا ومثل ذا لرسله فاستمعا
ومثل الخريدة البهية للشيخ أحمد الدردير (ت) ۱۷۷۷/۱۱۹۰هـ) والت ورد فيها: أقسام حم العقل لا محالة ثم الجواز ثالث الأقسام
ه الوجوب ثم الاستحالة فافهم منحت لذة الإفهام وانتشرت ف بعض تلك المؤلفات الأساطير والخرافات والحشو والاهتمام
بالقشور دون اللباب ، ويف أن نشير إل ما أورده الشيخ إبراهيم الباجوري ( ۱۱۹۸‐۱۲۸۸هـ ، ١٧٨٤ ‐ ١٨٦٠م) ف شرحه
لجوهرة التوحيد ( تحفة المريد عل جوهرة التوحيد ) ، ف وصف بعضهم للعرش إذ يقول : " جسم نوران علوي عظيم من نور،
وقيل من ياقوتة حمراء. هو قبة فوق العالم، ذات أعمدة أربعة، تحمله أربعة من الملائة ف الدنيا، وثمانية ف الآخرة لزيادة الجلال
والعظمة ، ورؤوسهم عند العرش ف السماء السابعة، وأقدامهم ف T الأرض السفل ، وما نسب إل آخرين عن رقيب وعتيد ومايتبان من أعمال : " يتب الرقيب والعتيد أعمال الإنسان وأقواله من خير وشر ومباح . وأما المباح فيلق به ف عرض البحر ف
يوم الإثنين والخميس من كل أسبوع فتلتقمه حيتان البحر فتموت منه لنتنه فيخرج منه دود الزرع ال غير ذلك من الآراء الت لا
أساس لها من الصحة ، ولا سند لها من الشرع ولافائدة من نشرها عل العامة أو الخاصة بل تعس إل حد كبير ، حالة التردي
العلم والفري الت آلت اليها الأمة ف هذه الفترة من الزمان. وخلال هذه الفترة الحالة ظهر ف الجزيرة العربية الشيخ محمد
بن عبد الوهاب ) ١٢٠٦/١١١٥هـ ‐ ١٧٩٢/١٧٠٢م). فركز عل قضية التوحيد ونواقضه وأنواع الشرك والنفاق والفر والابتداع ف
العقائد ، وبشر بالعودة بالمسلمين إل ما كان عليه السلف الصالح من تمسك بأهداب الدين وتحيم القرآن والسنة ف جميع
شئونهم ، وذلك من خلال تصفية العقيدة وتنقيتها من الشوائب والشبهات . وقد أحدثت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
الإصلاحية تحولا لم يقف عند حدود الجزيرة العربية ، بل امتدت آثاره لتشمل أنحاء مختلفة من العالم الإسلام ، ، فظهرت العديد
من الدعوات والحركات الإصلاحية حملت لواء السع إل تصحيح الاعتقاد ، والحركة السنوسية ف شمال أفريقيا والحركة
المهدية ف السودان ، وغيرها من حركات الإصلاح ف الهند ونيجريا ووسط آسيا وشرقها . واقع الدراسات العقدية المعاصرة :
إن الدراسات المعاصرة ف مجال العقيدة تقوم عل نوع من التنافس بين المذاهب اللامية، ممثلة ف مذهب الأشاعرة والماتريدية
ويسودان معظم أنحاء العالم الإسلام، وبين المدرسة السلفية الت تتخذ من المملة العربية السعودية قاعدة ومنطلقاً ، ولها أتباع
هنا وهناك ، وتاد مناهج الجامعات الدينية والمعاهد العليا والأبحاث والمؤلفات ف العقيدة، أن تون موزعة بين هذين التيارين .
فف الدوائر الت يسود فيها المذهب اللام الأشعري والماتريدي ، نجد قضايا اللام القديمة ومسائله التقليدية التاريخية تتردد ف
المناهج الدراسية والأبحاث العلمية ‐ وتتضمن المناهج الأدلة عل وجود اله تعال ف إطارها الجدل الفلسف ، ممثلا ف دليل
الحدوث أو الجواهر والأعراض ، وأبطال الدور والتسلسل، كما تعالج قضية الأسماء والصفات ف إطارها المذهب، ويدافع
الأشاعرة حت يومنا هذا عن نظرية السب الأشعري رغم ما تتضمنه من صعوبات وتعقيدات ، كما يدافع الماتريدية عن صفة
التوين ويحتل جدال الأشاعرة والماتريدية مع المعتزلة مساحة واسعة ، كما نجد تأكيداً عل التقارب بين الماتريدية والأشاعرة .
أما الأبحاث العلمية والمؤلفات الأكاديمية، فتاد تدور أيضاً ف هذا الإطار . فبالإضافة إل تناول قضايا العقيدة وأسسها، وابراز
جهودهم ف تقرير قضايا العقيدة أو الدفاع عنها ، ودراسة المعتزلة وأعلامهم، كحركة مؤثرة أو مناوئه لأهل السنة ( الماتريدية
والأشاعرة) ودراسة الفرق الأخرى كجماعات مبتدعة خالفت الطريق القويم . أما ف الدوائر الت يسود فيها المنهج السلف ، فنجد
اهتماماً بتقديم قضايا العقيدة من خلال الإطار الذي وضعها فيه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأسلاف المدرسة كابن تيمية
وتلميذه ابن القيم ، وتحتل قضية التوحيد المان الرئيس ف المناهج الدراسية، إذ تدرس أنواع التوحيد ونواقضه، وأنواع الشرك
والنفاق والفر والابتداع ف العقائد والعبادات . كما تركز المناهج عل قضية الأسماء والصفات ، كما تدور معظم الدراسات
والبحوث حول هذه القضايا والدفاع عنها ضد المتلمين وإبراز دور أعلام المدرسة، ولا سيما ابن تيمية وابن القيم، ف تقرير تلك
القضايا والدفاع عنها ضد المبتدعة من متلمين وفلاسفة وصوفية وباطنية. وخارج إطار هذين المنهجين ‐ هناك دعوة تنادى بأن
دراسة العقيدة ف هذا العصر، ينبغ أن تتجاوز هذه القوالب المذهبية المدرسية. فدعا بعض الدارسين إل صياغة جديدة لعلم
اللام، بينما يذهب آخرون إل ضرورة تجاوز الإطار اللام والفلسف ، كشرط أساس لأي نهضة فرية للأمة، وتؤسس اليقين
ف نفوس المسلمين ولعل جذور هذه الدعوة تعود إل حركة الإصلاح الت قادها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وامتدت آثارها إل
أنحاء مختلفة من العالم الإسلام، وأثرت ف حركة الأحياء الحديثة الت قادها جمال الدين الأفغان) ١٣١٥/١٢٥٤هـ)، والشيخ
محمد عبده (ت: ١٩٠٥م) ومن تتلمذ عليهما كالشيخ محمد رشيد رضا (ت: ١٩٣٥م)، وما انبثق من تلك الحركة منجماعات
إسلامية تدعو ‐ عل اختلاف فيما بينها ‐ إل إحياء الإسلام، وإصلاح أحوال المسلمين، وتطهير المجتمعات الإسلامية من
التخلف والجمود . . وف مجال أبحاث العقيدة صدرت العديد من الدراسات تدعم هذا الاتجاه وتدعو إليه ، الشيخ محمد عبده، كما
بدا ف كتابه: " رسالة التوحيد". ومحمد إقبال (ت: ۱۹۳۸م) وكتابه ف ذلك: " تجديد الفر الدين ف الإسلام "
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
خليج العقبة هو الفرع الشرقي للبحر الأحمر المحصور شرق شبه جزيرة سيناء وغرب شبه الجزيرة العربية، وبالإ...
المراجحة: تقديم خدمات مراجحة للمحافظ للمساعدة في تحقيق توازن بين المخاطر والعائدات المتوقعة. بناءً ...
@Moamen Azmy - مؤمن عزمي:موقع هيلخصلك اي مادة لينك تحويل الفيديو لنص https://notegpt.io/youtube-tra...
انا احبك جداً تناول البحث أهمية الإضاءة الطبيعية كأحد المفاهيم الجوهرية في التصميم المعماري، لما لها...
توفير منزل آمن ونظيف ويدعم الطفل عاطفيًا. التأكد من حصول الأطفال على الرعاية الطبية والتعليمية والن...
Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...
في التاسع من مايو/أيار عام 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام التجاري لأول أقر...
أهم نقاط الـ Breaker Block 🔹 ما هو الـ Breaker Block؟ • هو Order Block حقيقي يكون مع الاتجاه الرئي...
دوري كمدرب و مسؤولة عن المجندات ، لا اكتفي باعطاء الأوامر، بل اعدني قدوة في الانضباط والالتزام .فالم...
سادساً: التنسيق مع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وفريق إدارة شؤون البيئة لنقل أشجار المشلع ب...
I tried to call the hospital , it was too early in the morning because I knew I will be late for ...
أكد موقع " construction business news " في أحد تقاريره عزم الشركات اليابانية والصينية على استهداف ال...