لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

الأسباب الثقافية للمرض بل سنحاول التطرق إلى بعضها مما أتيح لنا التعرف عليه في محاولة للكشف عن الدور الفعال الذي تؤديه الأسباب الثقافية في الصحة والمرض. أيضا طريقة تغيير التنظيم، أي أنها تجريد للسلوك المكتسب الجماعة من الناس يتقاسمون تقليدا مشتركا ينقلونه إلى أطفالهم وشبابهم (۲) ولكل مجتمع ثقافة خاصة به تميزه عن غيره وتمكننا من التفرقة بين المجتمعات التقليدية أو الغربية على السواء، كالتفرقة بين انجلترا وفرنسا أو غيرهما، توجد أيضا ثقافات فرعية تنبثق من الثقافة الكلية تعكس اختلافات في بعض المظاهر عن النمط الكلى وليس الكل فمثلا مصطلح ( الطبقة العليا - العليا ) في الولايات المتحدة المقصود به صفوة وقمة المجتمع ولهم خصائص معينة منها الإقامة في مناطق معينة، لهم أسلوبهم في التحدث، وسنعرض لبعض العوامل الثقافية ودورها في 1 - الحضارة والمدنية ومرت الحضارة بتطورات هائلة لابد أنها أثرت على حدوث المرض بين أجدادنا وأسلافنا، وأنقرض أو قل كثير من المخاطر. الصحة والمرض. أ- الطعام: هناك عدة عوامل أدت إلى الحرمان من الحد الأدنى للطعام الذي يعوض عن الطاقة التي بذلها الإنسان في العمل - وبالتالى تقل مقاومة الإنسان للمرض، وتعتبر المجاعة أرضا خصبة لنشأة كثير من الأمراض منها الأوديما ( مياه تحت الجلي - استفساء الجلد ) Oedemas وإضعاف مقاومة بعض الشعوب - التي حدثت فيها هذه المجاعات - للمرض، وأدت المجاعات الحديثة كالمجاعة الروسية في سنة ۱۹۲۱ إلى هجرة الشعوب للبحث عن الطعام، ومن أمثلة تلك الهجرات هجرة القبائل الجرمانية إلى إيطاليا في القرن الخامس، في روسيا تحدث المجاعة كل عشر سنوات، وفى الهند قتلت المجاعة في عام ۱۷۷۰ ثلث سكان بنجال Bengal ، والجفاف الذي  حدث أيضا في الثمانينات في القرن العشرين وما ترتب عليه من حدوث مجاعات في بلدان كثيرة في إفريقيا ومثال ذلك اضطرار سكان أثيوبيا () إلى الهجرة إلى حدود السودان سيرا في الأقدام بعد أن استحالت الحياة على أرض جدباء لا يتوفر بها الحد الأدنى من الطعام والماء، واهتز العالم لهذه المجاعة وبادر بتقديم المعونات. وتعتمد الصومال أيضا على الأمطار ومن ثم فإن النقص في كمية المطر أو ندرته تهدد الحياة البشرية والحيوانية والنباتية بالصومال بالقحط والمجاعة (۱) وعندما تتكرر فترات الجفاف كما حدث الآن (۱۹۸۵) تضطرهم إلى التنقل والترحال، وتمثل الحروب أحد مظاهر المدنية والحضارة وتعد أيضا أحد عوامل حرمان الشعوب وإنتشار سؤ التغذية فقد كانت باريس تموت جوعا في سنة ۱۹۷۱ بسب الحرب إلى إندلعت والاستخدام الخاطئ لبعض مظاهر الحياة الحضرية. بالإضافة إلى طبيعة الحياة المعاصرة التي تعد أحد العوامل المهيأة لظهور كثير من الأمراض (1) وتتسم مظاهر الحياة الحديثة على العموم بالتوتر العصبي واضطراب الأعصاب ومشاعر القلق والانفعال. فالحياة في مجتمع متحضر وعلى سبيل المثال في فرنسا تؤدى إلى نوع من الإجهاد الذي يقلل قدرة الجسم على المقاومة ويؤدى إلى زيادة قابليته واستعداده لأمراض معينة لأن الأجسام لم تعد تحتمل أو تقاوم لأنها مجهدة ومتعبة. ب أسلوب وطريقة الحياة قد يؤدى اتباع الناس لأسلوب خاطئ في الحياة إلى زيادة انتشار وانطلاق الجراثيم والميكروبات المسبب الجانب الثاني: المدينة. الجانب الثالث: تندثر بعض الأمراض وتنقرض باختفاء خصائص معينة خاصة بأسلوب معيشة أو طريقة حياة، فطريقة الحياة تؤثر على شكل الأمراض وتوزيعها (1) فالمناطق المزدحمة والمملوءة بالسكان والتي ليس بها مرافق عامة كافية وانتشار القاذورات في الشوارع والبرك يؤدى إلى تكاثر الذباب والناموس الذي ينقل كثيرا من الأمراض. هناك أيضا علاقة إيجابية بين طريقة الحياة والصحة تأخذ أشكالا ثلاثة: الشكل الأول:

  1. هيرتسليش كلودين؛ الصحة والمرض: تحليل نفسي اجتماعي؛ ص 19-24. الشكل الثاني: الوقاية منه أو إيقافه. الشكل الثالث: ٢٥١ إنقاص معدل الوفيات بين الصغار (۱) ومع ذلك لم يصل الطب إلى الفاعلية المطلقة في علاج بعض الأمراض أحوال مرضية مكن تفسيرها وإرجاعها إلى طريقة الحياة وليس إلى السلالة، يدل على ذلك أن نسبة الوفيات الناتجة عن مرض السكر بين السلالات البيضاء عالية ويرجع ذلك إلى أنهم يتمتعون بطعام جيد مع عدم ممارستهم للرياضة أكثر مما بين السود، أى أن المرض يتعلق بالأسباب الطبيعية ( الغذاء والرياضة وليس للسلالة. ونجد وباء الطاعون يهاجم الآسيويين أكثر من الأوربيين الذين يعيشون في الشرق الأقصى وغالبا ما يصاب اليهود الأوربيين بالتهاب المفاصل لاشتغالهم بوظائف، طويلة (1). يرجع ذلك إلى عادات خاصة في الحياة ففي الصين ينتشر مرض سرطان الظهر عند منفصل الفخذ Hips نتيجة احتكاك ذلك الجزء من الجسم مع السرير المبنى من الطوب (۲) وهذا يكشف الدور الذي تلعبه طريقة الحياة في ظهور بعض الأمراض. ج الملابس تعد الملابس أحد مظاهر الحضارة والمدنية وترتبط بطريقة الحياة وأسلوبها أيضا في كل مجتمع طبقا لظروفه الطقسية، وفي المناطق المعتدلة ترتدى الملابس لحفظ أجزاء معينة من الجسم. وعن طريق الملابس يمكن التمييز بين سلالات وأجناس معينة وبين شعوب وبعضها. فالزي العربي يختلف عن الزى الأجنبي وهكذا. تأثير الملابس على الصحة: هناك بعض العادات يتمسك بها الناس مثل قلائد الزينة (الأساور والحلى يؤدى بعضها على حساسية في أجزاء الجسم التي تلامسها لدى بعض الناس. فهو يضغط على عضلات البطن والجزء السفلى للصدر مما يعوق التنفس بشكل خطير ويتسبب في تغيير شكل الكبد، وبالمثل يضغط رباط الجورب على الساق أعلى الركبة أو أسفلها على الأوردة ويساهم في إصابة بعض النساء اللاتي لديهن استعداد للإصابة بمرض الدوالي. ولكن إذا استخدمت الملابس بطريقة سليمة فهى تحمى الجسم من الظروف والعوامل الجوية (1) والكعب العالى له أثر خطير لأنه يجعل وزن الجسم بأكمله لا يرتكز على القدم بل على جزء صغير منه. وإذا كان مزدحما تعتبر عاملا منشطا للأمراض ونقل العدوى. السابع عشر (۱). أي أن طرق الحياة الحديثة وأساليبها التي يتبعها البشر واستخدام الوسائل الحضرية الحديثة له أثر فعال إما في الوقاية من المرض إذا استخدمت بطريقة صحيحة وأما أنها أدت إلى ظهور أمراض معينة أو ساعدت على ظهور أمراض أخرى. أمراض الحياة العصرية وهناك بعض الأمراض يمكن اعتبارها من أمراض الحياة العصرية أو أمراض الحضارة الحديثة لأنها أكثر حدوثا وتكرارا عن ذي قبل هي بالذات
  2. السرطان يضمه كلودين إلى أمراض الحياة العصرية التي تتسم بالتوتر العصبي والانفعال الفيزيقي الذي يسود المدن ويرجعه إلى استنشاق الهواء الملوث (1) ويؤكد كثيرون أن السرطان أحد أمراض البيئة الصناعية أو التلوث البيئي (٢). ۲) الأمراض العقلية: الاضطراب العقلي Mental Disorder‏ ترتبط بالحياة المعاصرة غير المستقرة، والأفكار التي لم يتم التعبير عنها تظهر في صورة أمراض سيكوسوماتية، وهذه الحالات النفسية المثقلة بالتوترات لها أثر هام في ظهور الكبد، بالإضافة إلى الأمراض العقلية فإذا أصيب الشخص بخوف بالإضافة إلى التوتر والانفعال العميق، تظهر حينئذ علامات الإصفرار على وجهة الذي بعد علامة بداية مرض الكبد. كما ينشأ مرض الاكتئاب في رأى ميكانيك عن ضغوط الحياة المعاصرة (۳). تجلب الحياة الحديثة كثيرا من القلق والتوتر العصبي وخاصة تلك التي ترتبط بالمهنة كما سنرى فيما بعد. وهذا من شأنه أن يؤثر على مرض القلب. ٤) مرض (إيدز) Aids‏ ويسبب هذا المرض فيروس يصيب جهاز المناعة ولم يتوصل العلماء إلى هذا الفيروس فما زال مجهولا وتعقبه مجموعة من الأعراض المتزامنة يقسمها العلماء إلى فئتين الفئة الأولى: أورام سرطانية كسرطان الجهاز الليمفاوي وأورام السركوما. الفئة الثانية: وهناك أربع مجموعات تعد أكثر تعرضا للإصابة
  3. أصحاب الشذوذ الجنسي من الرجال ( ٧٥% من الإصابات). ۳) الشخص النعور ذو النزعة الوراثية إلى النزف ( يقال عرق ناعور أو جرح ناعور أي الشخص الذي لا يسكن دمه ولا يجف ، بمعنى آخر الشخص المصاب بنزف مستمر (۱). ٤) أبناء جزر هاييتي ( اللواطيين). هذه الأمراض موضع حديث البشر في العصر الحاضر وهي أكثر الأمراض التي يخشاها جميع الناس. ٢ - العادات الغذائية: هناك فرق بين الغذاء والطعام، فالغذاء مفهوم علمی أو مادة عضوية تغذى الكائن الذي يستهلكها وتبقيه في صحة جيدة، ومن الصعب تغييرها أو تعديلها وتكمن خطورتها إذا كانت غير صحيحة، ولا ترجع مظاهر سوء التغذية إلى الحرمان الاقتصادي بقدر ما ترجع إلى العادات الغذائية الخاطئة وإلى الإصرار على تناول عناصر معدومة القيمة الغذائية. فالوجبة غير الكاملة لا تقود إلى المرض فورا ولكنها تمهد الطريق لنمو الأمراض. فقلة الغذاء وسوء اختيار المواد الغذائية أو خلوها من الفيتامينات يسبب إنهاك الأجسام ويضعف من قوتها ويقلل من مناعتها. هناك أيضا أنواع من الأطعمة تحتوى على مواد مضادة لنمو الميكروبات. وبالنسب المتوافقة المتزنة. على أن يكون الجسم قادرا على استخدامها لتفي بالغرض المطلوب منها (1) أما مصطلح سوء التغذية فكان يطلق على الأعراض الناجمة عن نقص كمية الغذاء أو نقص بعض العناصر الغذائية، فلا يصاب بسوء التغذية إلا الفقير، وسوء التغذية بمعناه الواسع ( عدم مطابقة الغذاء لشروط التغذية الكاملة كما وكيفا أو من حيث النوع والمقدار) (۲) وتعنى لدى بعض العلماء ( الوجبات الضعيفة التي تتكون من خبز القمح والبلح وينقصها العديد من الفيتامينات الضرورية) (1) وتعنى عند فيشين ) نقص العناصر الأساسية للوجبة المتوازنة التي تشتمل على نسب معينة من البروتين، الكربوهيدرات والفيتامينات والمعادن الأساسية ) (٢) ويؤثر سوء التغذية مباشرة على السلوك البشرى فيعوق النمو العقلي، وفي بعض الحالات تمثل الأنماط الثقافية استجابات لسوء التكيف البيولوجي. وكشف فولك Foulk's في دراسة حديثة عن العلاقة بين نقص الكالسيوم وبين سلوك الإسكيمو فوجد أن متوسط الكالسيوم في الدم بين الإسكيمو الذين يقطنون شمال ألاسكا منخفض بطريقة ظاهرة، فالحالة الفسيولوجية والنمط الثقافي والانفعالية ينجم عنها هستيريا المناطق الشمالية، وهذا التغير في الأوضاع العقلية تغيرا مؤقتا ويتميز بأنه ذو أصل ثقافي موروث وهو ما يعرف بالشامان فهناك علاقة بين البيئة والسلوك والثقافة. ويؤثر على كل من السلوك والحالة النفسية، والنسق الثقافي بدوره يتشكل ويشكل السلوك النفسي (1). وهناك دراسات أخري كشفت عن العلاقة بين الطاقات الصحية والعقلية لطلاب الجامعات الإنجليزية كأكسفورد وكامبردج وبين وسائل تغذيتهم (٢) ويؤكد البعض الآخر أن سوء التغذية الحاد يتسبب في إضطراب العقل وضعف الفكر عن الأطفال (۳) واكتشف والاس Wallace أن الأطعمة المفتقرة إلى الكالسيوم وخاصة فيتامين (دال) بالإضافة إلى القيود التي تفرض ارتداء ملابس كاملة تغطى الجسم بأكمله مسئولة عن زيادة إنتشار كساح الأطفال Rickets ولين العظام Osteoporosis (4) وتمنع كذلك العادات الثقافية والاجتماعية نساء البدو الذين يقطنون صحراء Negev من التعرض لأشعة الشمس، وتدفعهم لقضاء معظم وقتهن داخل المنازل أو في الخباء (الخيام) وحتى في حالة خروجهن يغطين كل أجسامهن بملابس داكنة مما يؤدى إلى إصابة معظمهن بلين العظام النقص ويرجع انتشارها فى رأى سيجرست إلى سببين السبب الأول اجتماعي يتمثل في الهروب من متاعب الحياة والثاني اقتصادي أي الفقر، ونجدها تنتشر أيضا بين الطبقات المتعلمة تعليما عاليا كرغبة لاستعادة النشاط، والتعويض عن الحياة ذات الوتيرة اليومية والإجهاد اليومى. وفي أماكن أخرى من العالم، فسوء التغذية لا يرجع إلى الحرمان الاقتصادي فحسب بل يرجع أيضا إلى الجهل وعدم معرفة العناصر الضرورية أو الإصرار على إتباع عادات سيئة كالإدمان والكحوليات مما له آثار بيولوجية وفسيولوجية على التطور النفسي والعصبي بدون شك (۱). يؤدى الإفراط الزائد في الأغذية إلى ارتفاع الضغط والأزمات القلبية وزيادة نسبة الكوليسترول، وبالتالي يؤدى إلى تصلب شرايين القلب والرأس معا. وأتضح أن مرض (Minemate ) زيادة نسبة المعادن في اليابان يرجع لتلوث مياه البحر بالزنبق مما يحدث أضرارا جسيمة بالجهاز العصبي لهؤلاء الذين يأكلون السمك الملوث (۲). أمراض الطبقة: وتختلف الأمراض التي تنشأ عن سوء التغذية عند الفقير عن الأمراض التي تصيب الأغنياء، فالطبقات الفقيرة أكثر الناس تعرضا لأمراض سوء التغذية من حيث الكم أو العدد، فالأمراض التي تصيب الفقراء ليست من النوع المستعصي ويمكن علاجها بتحسين الغذاء لأن المرء يتنبه لأعراضها بسرعة، أما الأغنياء، فالإفراط في تناول الأطعمة البروتينية والدهنية قد لا تظهر أضراره إلا بعد فترة طويلة وبعد عدد من السنوات، ثم تظهر أعراضه فجأة في صورة أمراض متأصلة في خلايا الجسم وأنسجته مثل النقرس وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وأمراض القلب والكبد والكلى والحموضة واضطراب الهضم والبول السكرى والبدانة. وفي نفس الوقت لا يحصلون على مقدار كاف من اللحوم أو البيض، فقلة الطعام وعدم جودته تؤدى إلى الهزال والضعف ولين العظام والكساح والأنيميا والبلاجرا وضعف المناعة وضعف الطاقة الجنسية والنزلات الشعبية والدرن (۱) والشعوب التي تعتمد على نوع واحد في غذائها تنتشر فيها وسوء تغذية الأنسجة أو الخلايا في الجسم عامة يسبب نقص مادة معينة في الغذاء هي سبب معظم الأمراض التي لا يكون الميكروب سببا لها، حدوث تقرحات في الجهاز الهضمى ( الأثنى عشر)، ولا تتوقف أهمية التغذية على مقاومة الأمراض فقط بل أنها تعتبر عاملا أساسيا لتقدم الشعوب وقدرتها على الإنتاج


النص الأصلي

الأسباب الثقافية للمرض


لما كانت الأسباب الثقافية عديدة ومتنوعة فلا يمكن التعرض لها على وجه الحصر، بل سنحاول التطرق إلى بعضها مما أتيح لنا التعرف عليه في محاولة للكشف عن الدور الفعال الذي تؤديه الأسباب الثقافية في الصحة والمرض.


ويعرف ولتر Walter الثقافة بأنها ( طرق للتعامل والتفكير يتعلمها ويتلقنها الفرد من أعضاء الجماعة وتزوده بمجموعة من الحلول لمواجهة المشاكل اليومية) (1) وهي تشمل لدى مارجريت ريد التقليد والفنون والعلوم والدين والفلسفات والتكنولوجيا، والممارسات السياسية والعادات اليومية، أيضا طريقة تغيير التنظيم، أي أنها تجريد للسلوك المكتسب الجماعة من الناس يتقاسمون تقليدا مشتركا ينقلونه إلى أطفالهم وشبابهم (۲) ولكل مجتمع ثقافة خاصة به تميزه عن غيره وتمكننا من التفرقة بين المجتمعات التقليدية أو الغربية على السواء، بل نستطيع أيضا أن نميز بينالمجتمعات الغربية نفسها عن طريق ثقافاتها، كالتفرقة بين انجلترا وفرنسا أو غيرهما، فكل شخص ينتمى إلى مجتمع بعينه له لغة مميزة بلكنة خاصة، ومجموعة تقاليد تاريخية و طرق للملبس إلخ. توجد أيضا ثقافات فرعية تنبثق من الثقافة الكلية تعكس اختلافات في بعض المظاهر عن النمط الكلى وليس الكل فمثلا مصطلح ( الطبقة العليا - العليا ) في الولايات المتحدة المقصود به صفوة وقمة المجتمع ولهم خصائص معينة منها الإقامة في مناطق معينة، أيضا كونهم أعضاء في نواد معنية، ومع أنهم جزء من الثقافة الأمريكية لكنهم يمثلون ثقافة فرعية داخل هذا الإطار، لهم أسلوبهم في التحدث، وربما اختلف إلى حد ما عن بقية أعضاء المجتمع، وقيمهم تؤكد على تقليد - أكثر حداثة مما هو مألوف وأكثر تحضر (۱).


وسنعرض لبعض العوامل الثقافية ودورها في


حدوث الأمراض أهمها:


1 - الحضارة والمدنية


) تشمل الطعام - أسلوب الحياة والملابس كأمثلة )
مر الإنسان بعدة مراحل حتى وصل المرحلة الحضارة، وتعد الحضارة حديثة جدا في عهدها في العالم باستثناء بعض الحضارات القديمة العريقة منها الحضارة المصرية، ومرت الحضارة بتطورات هائلة لابد أنها أثرت على حدوث المرض بين أجدادنا وأسلافنا، وأنقرض أو قل كثير من المخاطر. ومن المؤكد أن استمرار الحياة يتطلب الطعام والملبس والمنازل التي تأثرت بالحضارة والمدنية عبر الزمان، والتي بدورها تؤدى دورا هاما في كل من


الصحة والمرض.


أ- الطعام:


هناك عدة عوامل أدت إلى الحرمان من الحد الأدنى للطعام الذي يعوض عن الطاقة التي بذلها الإنسان في العمل - وبالتالى تقل مقاومة الإنسان للمرض، وهذه العوامل دلت على إخفاق الحضارة والمدنية في بعض جوانبها من هذه العوامل المجاعات التي حدثت في القرون الوسطى نتيجة ندرة المحاصيل، ثم ارتفاع أسعار الإنتاج الزراعي، وأعقبها البطالة وزيادة الفقر، وهكذا قادت المجاعات إلى الإضطراب الاجتماعي (۱) ( فانتشرت السرقات وارتفعت نسبة البغاء والإجرام وتفكك العائلات وتشريد الأطفال، التمييز الطبقي بين الفقراء والأغنياء. وتعتبر المجاعة أرضا خصبة لنشأة كثير من الأمراض منها الأوديما ( مياه تحت الجلي - استفساء الجلد ) Oedemas وإضعاف مقاومة بعض الشعوب - التي حدثت فيها هذه المجاعات - للمرض، مما جعلها فريسة لكل أنواع العدوى، وأدت المجاعات في القرون الوسطى إلى انتشار الأوبئة وأهمها التيفود والدوسنتاريا والكوليرا. ومن أمثلة تلك المجاعات ما حدث في الهند والصين وفرنسا وروسيا وإنجلترا. وأدت المجاعات الحديثة كالمجاعة الروسية في سنة ۱۹۲۱ إلى هجرة الشعوب للبحث عن الطعام، ومن أمثلة تلك الهجرات هجرة القبائل الجرمانية إلى إيطاليا في القرن الخامس، وهجرة عرب اليمن بعد إنهيار سد مارب، وهجرة آلاف الإيرلنديين للولايات المتحدة عندما فشل محصول البطاطس ١٨٤٦ - ١٨٤٧ ومجاعة (1) إنجلترا سنة ١٥٨٦ . في روسيا تحدث المجاعة كل عشر سنوات، وفى الهند قتلت المجاعة في عام ۱۷۷۰ ثلث سكان بنجال Bengal ، والجفاف الذي  حدث أيضا في الثمانينات في القرن العشرين وما ترتب عليه من حدوث مجاعات في بلدان كثيرة في إفريقيا ومثال ذلك اضطرار سكان أثيوبيا () إلى الهجرة إلى حدود السودان سيرا في الأقدام بعد أن استحالت الحياة على أرض جدباء لا يتوفر بها الحد الأدنى من الطعام والماء، واهتز العالم لهذه المجاعة وبادر بتقديم المعونات. وتعتمد الصومال أيضا على الأمطار ومن ثم فإن النقص في كمية المطر أو ندرته تهدد الحياة البشرية والحيوانية والنباتية بالصومال بالقحط والمجاعة (۱) وعندما تتكرر فترات الجفاف كما حدث الآن (۱۹۸۵) تضطرهم إلى التنقل والترحال، وتمثل الحروب أحد مظاهر المدنية والحضارة وتعد أيضا أحد عوامل حرمان الشعوب وإنتشار سؤ التغذية فقد كانت باريس تموت جوعا في سنة ۱۹۷۱ بسب الحرب إلى إندلعت والاستخدام الخاطئ لبعض مظاهر الحياة الحضرية. إذ يكتسب الأشخاص بالخبرة والتجربة العناصر التي يتم اختيارها من مظاهر الحياة، مما يؤدى إلى ظهور  أمراض حينما تنخفض درجة مقاومة الجسم ويضعف تكوينه العضوى. بالإضافة إلى طبيعة الحياة المعاصرة


التي تعد أحد العوامل المهيأة لظهور كثير من الأمراض (1) وتتسم مظاهر الحياة الحديثة على العموم بالتوتر العصبي واضطراب الأعصاب ومشاعر القلق والانفعال. فالحياة في مجتمع متحضر وعلى سبيل المثال في فرنسا تؤدى إلى نوع من الإجهاد الذي يقلل قدرة الجسم على المقاومة ويؤدى إلى زيادة قابليته واستعداده لأمراض معينة لأن الأجسام لم تعد تحتمل أو تقاوم لأنها مجهدة ومتعبة.


ب أسلوب وطريقة الحياة


تؤدى طريقة الحياة أو أسلوب المعيشة دورا في حدوث المرض من ثلاثة جوانب


الجانب الأول :


قد يؤدى اتباع الناس لأسلوب خاطئ في الحياة إلى زيادة انتشار وانطلاق الجراثيم والميكروبات المسبب


للمرض.
الجانب الثاني:


تجد الجراثيم فرصة الهجوم على الأشخاص في المدينة أكثر مما تجده في القرية حيث الهواء الطلق فظاهرة العدوى بالاختلاط ترتبط بالحياة الحضرية في


المدينة.


الجانب الثالث:


تندثر بعض الأمراض وتنقرض باختفاء خصائص معينة خاصة بأسلوب معيشة أو طريقة حياة، في حين ينمو وينتشر غيرها بظهور أنماط جديدة من أساليب الحياة.


فطريقة الحياة تؤثر على شكل الأمراض وتوزيعها (1) فالمناطق المزدحمة والمملوءة بالسكان والتي ليس بها مرافق عامة كافية وانتشار القاذورات في الشوارع والبرك يؤدى إلى تكاثر الذباب والناموس الذي ينقل كثيرا من الأمراض.


هناك أيضا علاقة إيجابية بين طريقة الحياة والصحة


تأخذ أشكالا ثلاثة:
الشكل الأول:


(1) هيرتسليش كلودين؛ الصحة والمرض: تحليل نفسي اجتماعي؛ المرجع السابق، ص 19-24.


الانتصار على المرض بالعلاج.


الشكل الثاني:


الوقاية منه أو إيقافه.


الشكل الثالث:


٢٥١


إنقاص معدل الوفيات بين الصغار (۱) ومع ذلك لم يصل الطب إلى الفاعلية المطلقة في علاج بعض الأمراض


فما زال الطب يصارع المرض.


وهناك ظروف ، أحوال مرضية مكن تفسيرها وإرجاعها إلى طريقة الحياة وليس إلى السلالة، يدل على ذلك أن نسبة الوفيات الناتجة عن مرض السكر بين السلالات البيضاء عالية ويرجع ذلك إلى أنهم يتمتعون بطعام جيد مع عدم ممارستهم للرياضة أكثر مما بين السود، أى أن المرض يتعلق بالأسباب الطبيعية ( الغذاء والرياضة وليس للسلالة. ونجد وباء الطاعون يهاجم الآسيويين أكثر من الأوربيين الذين يعيشون في الشرق الأقصى وغالبا ما يصاب اليهود الأوربيين بالتهاب المفاصل لاشتغالهم بوظائف، تستلزم الجلوس فترات


طويلة (1).


ومع أن البحوث عن السرطان لم تكتشف حتى الآن الأسباب الحقيقية لهذا المرض فقد اكتشفت بعض الأسباب التي تؤدى إلى إصابة عضو من أعضاء الجسم بالسرطان دون غيره، يرجع ذلك إلى عادات خاصة في الحياة ففي الصين ينتشر مرض سرطان الظهر عند منفصل الفخذ Hips نتيجة احتكاك ذلك الجزء من الجسم مع السرير المبنى من الطوب (۲) وهذا يكشف الدور الذي تلعبه طريقة الحياة في ظهور بعض الأمراض.


ج الملابس


تعد الملابس أحد مظاهر الحضارة والمدنية وترتبط بطريقة الحياة وأسلوبها أيضا في كل مجتمع طبقا لظروفه الطقسية، ففى المناطق الحارة ليس هناك حاجة للملابس فهم شبه عراه، ويغطى الجسم تماما في المناطق الشمالية الباردة من أجل حمايته ولاحتفاظ الجسم بحرارته، وفي المناطق المعتدلة ترتدى الملابس لحفظ أجزاء معينة من الجسم. وعن طريق الملابس يمكن التمييز بين سلالات وأجناس معينة وبين شعوب وبعضها. فالزي العربي


يختلف عن الزى الأجنبي وهكذا.


تأثير الملابس على الصحة:


هناك بعض العادات يتمسك بها الناس مثل قلائد الزينة (الأساور والحلى يؤدى بعضها على حساسية في أجزاء الجسم التي تلامسها لدى بعض الناس. وقد تتطور الحساسية إلى ما يشبه سرطان الجلد، قد تصيب أيضا مساحيق الوجه وطلاء الأظافر الجلد بحساسية. وبالمثل جميع عادات الملابس التي تغير شكل الجسم تؤثر تأثيرا ضارا على الجسد مثل عادة ربط الأقدام التي مارستها فتيات الصين عدة قرون وترجع إلى أن القدم الصغيرة سمة من سمات جمال المرأة مما أدى إلى إصابة بعضهن بالكساح، أيضا الأحذية الصغيرة والضيقة أدت إلى معاناة الأسلاف من تحجر موضعى في بشرة القدم (كالو) وعدم نمو الأظافر. ولم تعرف عادة ربط القدم في العالم الغربي ولكن سادت بينهم عادة ربط خصر النساء عن طريق المخصر Corset (الكورسيه) وهو المسئول الأول عن حالات الكآبة الهستيرية والضعف والدوار والتشنجات التي أصابت نساء القرن الثامن عشر، فهو يضغط على عضلات البطن والجزء السفلى للصدر مما يعوق التنفس بشكل خطير ويتسبب في تغيير شكل الكبد، ويضغط على الأوعية الدموية مما يؤثر على عملية التنفس وعملية الهضم والدورة الدموية تأثيرا هائلا ويضعف نشاط المرأة. وبالمثل يضغط رباط الجورب على الساق أعلى الركبة أو أسفلها على الأوردة ويساهم في إصابة بعض النساء اللاتي لديهن استعداد للإصابة بمرض الدوالي. فالملابس الضيقة عموما لها تأثيرها الضار على الكائن الحي عامة وعلى نشاط النساء بصفة خاصة. ولكن إذا استخدمت الملابس بطريقة سليمة فهى تحمى الجسم من الظروف والعوامل الجوية (1) والكعب العالى له أثر خطير لأنه يجعل وزن الجسم بأكمله لا يرتكز على القدم بل على جزء صغير منه. وتساهم بعض العادات الأخرى مثل عادة تدخين الطباق في تلوث هواء المنزل، وإذا كان مزدحما تعتبر عاملا منشطا للأمراض ونقل العدوى. وتجلب عادة إلقاء القاذورات وبقايا الأطعمة والنفايات في الشوارع الفئران التي أدت إلى انتشار وباء الطاعون في الفترة من القرن الرابع عشر إلى


السابع عشر (۱).


أي أن طرق الحياة الحديثة وأساليبها التي يتبعها البشر واستخدام الوسائل الحضرية الحديثة له أثر فعال إما في الوقاية من المرض إذا استخدمت بطريقة صحيحة وأما أنها أدت إلى ظهور أمراض معينة أو ساعدت على


ظهور أمراض أخرى.


أمراض الحياة العصرية


وهناك بعض الأمراض يمكن اعتبارها من أمراض الحياة العصرية أو أمراض الحضارة الحديثة لأنها أكثر حدوثا وتكرارا عن ذي قبل هي بالذات


(1) السرطان


يضمه كلودين إلى أمراض الحياة العصرية التي تتسم بالتوتر العصبي والانفعال الفيزيقي الذي يسود المدن ويرجعه إلى استنشاق الهواء الملوث (1) ويؤكد كثيرون أن السرطان أحد أمراض البيئة الصناعية أو التلوث البيئي (٢).


(۲) الأمراض العقلية:


الاضطراب العقلي Mental Disorder‏


ترتبط بالحياة المعاصرة غير المستقرة، والأفكار التي لم يتم التعبير عنها تظهر في صورة أمراض سيكوسوماتية، وهذه الحالات النفسية المثقلة بالتوترات لها أثر هام في ظهور الكبد، بالإضافة إلى الأمراض العقلية فإذا أصيب الشخص بخوف بالإضافة إلى التوتر والانفعال العميق، تظهر حينئذ علامات الإصفرار على وجهة الذي بعد علامة بداية مرض الكبد. كما ينشأ مرض الاكتئاب في رأى ميكانيك عن ضغوط الحياة المعاصرة (۳).
(۳) أمراض القلب:


تجلب الحياة الحديثة كثيرا من القلق والتوتر العصبي وخاصة تلك التي ترتبط بالمهنة كما سنرى فيما بعد. وهذا من شأنه أن يؤثر على مرض القلب.


(٤) مرض (إيدز) Aids‏


ويسبب هذا المرض فيروس يصيب جهاز المناعة ولم يتوصل العلماء إلى هذا الفيروس فما زال مجهولا وتعقبه مجموعة من الأعراض المتزامنة يقسمها العلماء


إلى فئتين


الفئة الأولى:


أمراض تنتهز ضعف الجسم وتصيب الشباب من سن عشرين حتى خمسين سنة.


أورام سرطانية كسرطان الجهاز الليمفاوي وأورام السركوما.


الفئة الثانية:


بمرض الإيدز


وهناك أربع مجموعات تعد أكثر تعرضا للإصابة
(1) أصحاب الشذوذ الجنسي من الرجال ( ٧٥% من


الإصابات).


(۲) متعاطو المخدرات بالإبر والحقن.


(۳) الشخص النعور ذو النزعة الوراثية إلى النزف ( يقال


عرق ناعور أو جرح ناعور أي الشخص الذي لا يسكن دمه ولا يجف ، بمعنى آخر الشخص المصاب


بنزف مستمر (۱).


(٤) أبناء جزر هاييتي ( اللواطيين).


ويرجع الخبراء أن العدوى به تنتقل إما عن طريق الممارسة الجنسية أو بواسطة الدم الملوث ومشتقاته وينفون انتقالها بالمصافحة أو عن طريق الهواء أو الماء (۲).


هذه الأمراض موضع حديث البشر في العصر الحاضر وهي أكثر الأمراض التي يخشاها جميع الناس.
٢ - العادات الغذائية:


هناك فرق بين الغذاء والطعام، فالغذاء مفهوم علمی أو مادة عضوية تغذى الكائن الذي يستهلكها وتبقيه في صحة جيدة، أما الطعام فهو مفهوم ثقافي إنساني وتحدد معتقدات كل ثقافة ما يصلح كطعام أو ما لا يصلح من أنواع الأغذية المتاحة (1) وبالتالي تتحدد العادات الغذائية بالتقاليد والعرف وتتأصل جذورها في المجتمع لعدة قرون وتصبح غاية فى التماسك، ومن الصعب تغييرها أو تعديلها وتكمن خطورتها إذا كانت غير صحيحة، ولا ترجع مظاهر سوء التغذية إلى الحرمان الاقتصادي بقدر ما ترجع إلى العادات الغذائية الخاطئة وإلى الإصرار على تناول عناصر معدومة القيمة الغذائية. فالوجبة غير الكاملة لا تقود إلى المرض فورا ولكنها تمهد الطريق لنمو الأمراض. فقلة الغذاء وسوء اختيار المواد الغذائية أو خلوها من الفيتامينات يسبب إنهاك الأجسام ويضعف من قوتها ويقلل من مناعتها. هناك أيضا أنواع من الأطعمة تحتوى على مواد مضادة لنمو الميكروبات.
إن الوعى الشامل والإدراك الصحيح لما ينجم عن سوء التغذية من آثار ضارة لا زال ضئيلا، بل أن هناك في عصورنا الحديثة من يتمسك بكثير من العقائد والأوهام والتصورات الخاطئة بشأن الغذاء والتغذية المثلى تزود الجسم بما يلزمه من المواد الغذائية بالقدر الكافي، وبالنسب المتوافقة المتزنة. على أن يكون الجسم قادرا على استخدامها لتفي بالغرض المطلوب منها (1) أما مصطلح سوء التغذية فكان يطلق على الأعراض الناجمة عن نقص كمية الغذاء أو نقص بعض العناصر الغذائية، فلا يصاب بسوء التغذية إلا الفقير، غير أن العلماء أصبحوا يطلقون (سوء التغذية على ما يصاب به الثرى أيضا من أمراض نتيجة إفراطه في تناول أنواع من الأطعمة. وسوء التغذية بمعناه الواسع ( عدم مطابقة الغذاء لشروط التغذية الكاملة كما وكيفا أو من حيث النوع والمقدار) (۲) وتعنى لدى بعض العلماء ( الوجبات الضعيفة التي تتكون من خبز القمح والبلح وينقصها العديد من الفيتامينات الضرورية) (1) وتعنى عند فيشين ) نقص العناصر الأساسية للوجبة المتوازنة التي تشتمل على نسب معينة من البروتين، الكربوهيدرات والفيتامينات والمعادن الأساسية ) (٢) ويؤثر سوء التغذية مباشرة على السلوك البشرى فيعوق النمو العقلي، ويؤثر تأثيرا غير مباشر على ردود الفعل الاجتماعية. وفي بعض الحالات تمثل الأنماط الثقافية استجابات لسوء التكيف البيولوجي. وكشف فولك Foulk's في دراسة حديثة عن العلاقة بين نقص الكالسيوم وبين سلوك الإسكيمو فوجد أن متوسط الكالسيوم في الدم بين الإسكيمو الذين يقطنون شمال ألاسكا منخفض بطريقة ظاهرة، وهذا النقص تصاحبه الانفعالات العاطفية وصعوبة التنفس ويرتبط بالصرع والتشنج، فالحالة الفسيولوجية والنمط الثقافي والانفعالية ينجم عنها هستيريا المناطق الشمالية، وهذا التغير في الأوضاع العقلية تغيرا مؤقتا ويتميز بأنه ذو أصل ثقافي موروث وهو ما يعرف بالشامان فهناك علاقة


بين البيئة والسلوك والثقافة.
وكشفت هذه الدراسة أن نقص الغذاء يؤثر على نظام المركز العصبي، ويؤثر على كل من السلوك والحالة النفسية، والنسق الثقافي بدوره يتشكل ويشكل السلوك النفسي (1).


وهناك دراسات أخري كشفت عن العلاقة بين الطاقات الصحية والعقلية لطلاب الجامعات الإنجليزية كأكسفورد وكامبردج وبين وسائل تغذيتهم (٢) ويؤكد البعض الآخر أن سوء التغذية الحاد يتسبب في إضطراب العقل وضعف الفكر عن الأطفال (۳) واكتشف والاس Wallace أن الأطعمة المفتقرة إلى الكالسيوم وخاصة فيتامين (دال) بالإضافة إلى القيود التي تفرض ارتداء ملابس كاملة تغطى الجسم بأكمله مسئولة عن زيادة إنتشار كساح الأطفال Rickets ولين العظام Osteoporosis (4) وتمنع كذلك العادات الثقافية والاجتماعية نساء البدو الذين يقطنون صحراء Negev من التعرض لأشعة الشمس، وتدفعهم لقضاء معظم وقتهن داخل المنازل أو في الخباء (الخيام) وحتى في حالة خروجهن يغطين كل أجسامهن بملابس داكنة مما يؤدى إلى إصابة معظمهن بلين العظام النقص


فيتامين دال(۱).


بالإضافة إلى أن هناك عادات غذائية سيئة منها عادة المشروبات الكحولية التي يلجأ إليها الفقراء لإزالة المتاعب وتأثيرها يعد منعشا من وجهه نظرهم، ويرجع انتشارها فى رأى سيجرست إلى سببين السبب الأول اجتماعي يتمثل في الهروب من متاعب الحياة والثاني اقتصادي أي الفقر، ويكمن خطرها في أنها وسيلة سهلة وسريعة ورخيصة نسبيا للهروب من الحقائق وأزمات الحياة. ونجدها تنتشر أيضا بين الطبقات المتعلمة تعليما عاليا كرغبة لاستعادة النشاط، والتعويض عن الحياة ذات الوتيرة اليومية والإجهاد اليومى. وفي أماكن أخرى من العالم، هناك أنواع من المخدرات مثل الأفيون والحشيش والقات والسموم البيضاء الهيروين والكوكايين تؤدى نفس الدور الذي تؤديه الكحوليات وأصبحت المشروبات الخالية من السموم البيضاء كالشاى والقهوة والطباق عادات شعبية في أنحاء العالم. فسوء التغذية لا يرجع إلى الحرمان الاقتصادي فحسب بل يرجع أيضا إلى الجهل وعدم معرفة العناصر الضرورية أو الإصرار على إتباع عادات سيئة كالإدمان والكحوليات مما له آثار بيولوجية وفسيولوجية على التطور النفسي والعصبي بدون شك (۱).


وكما أن سوء التغذية يؤدى إلى الإصابة بأمراض كثيرة، يؤدى الإفراط الزائد في الأغذية إلى ارتفاع الضغط والأزمات القلبية وزيادة نسبة الكوليسترول، وبالتالي يؤدى إلى تصلب شرايين القلب والرأس معا. ويرى بعض الدارسين أن زيادة كمية المعادن في مياه الشرب تؤدى إلى حالات تسمم على مستوى كبير. وأتضح أن مرض (Minemate ) زيادة نسبة المعادن في اليابان يرجع لتلوث مياه البحر بالزنبق مما يحدث أضرارا جسيمة بالجهاز العصبي لهؤلاء الذين يأكلون السمك الملوث (۲).


أمراض الطبقة:


وتختلف الأمراض التي تنشأ عن سوء التغذية عند الفقير عن الأمراض التي تصيب الأغنياء، فالطبقات الفقيرة أكثر الناس تعرضا لأمراض سوء التغذية من حيث الكم أو العدد، أما من حيث شدة المرض وأوعه، فالأمراض التي تصيب الفقراء ليست من النوع المستعصي ويمكن علاجها بتحسين الغذاء لأن المرء يتنبه لأعراضها بسرعة، أما الأغنياء، فالإفراط في تناول الأطعمة البروتينية والدهنية قد لا تظهر أضراره إلا بعد فترة طويلة وبعد عدد من السنوات، ثم تظهر أعراضه فجأة في صورة أمراض متأصلة في خلايا الجسم وأنسجته مثل النقرس وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وأمراض القلب والكبد والكلى والحموضة واضطراب الهضم والبول السكرى والبدانة. ولوحظ إصابة الفلاحين الفقراء بمرض البلاجرا بسبب إعتمادهم على خبز الذرة في الغذاء، وفي نفس الوقت لا يحصلون على مقدار كاف من اللحوم أو البيض، فقلة الطعام وعدم جودته تؤدى إلى الهزال والضعف ولين العظام والكساح والأنيميا والبلاجرا وضعف المناعة وضعف الطاقة الجنسية والنزلات الشعبية والدرن (۱) والشعوب التي تعتمد على نوع واحد في غذائها تنتشر فيها


بعض الأمراض فمرض ( البرى برى ) ينتشر انتشارا كبيرا في كل من الهند والصين واليابان بسبب تناول الأرز


بكثرة )


وسوء تغذية الأنسجة أو الخلايا في الجسم عامة يسبب نقص مادة معينة في الغذاء هي سبب معظم الأمراض التي لا يكون الميكروب سببا لها، ومن أمثلة تلك الأمراض أمراض العقم والتشوهات الخلقية في فترة الحمل، حدوث تقرحات في الجهاز الهضمى ( الأثنى عشر)، الأوديما أو الورم نتيجة لسوء التغذية وهبوط درجة تجلط الدم والإصابة بالدرن وأمراض التمثيل الغذائي. ولا تتوقف أهمية التغذية على مقاومة الأمراض فقط بل أنها تعتبر عاملا أساسيا لتقدم الشعوب وقدرتها على الإنتاج


والابتكار (۲).


المعتقدات والأفكار التقليدية عن سبب المرض


اتفق علماء الإنثروبولوجيا والاجتماع الذين درسوا المجتمعات البدائية على أن الممارسات المتعلقة بالصحة والمرض جزء من أنساق المعتقدات. أن تلك المفاهيم والمعتقدات والممارسات الطبية تكون عنصرا رئيسيا في كل ثقافة وهي أحد موضوعات الطب العرقي (Ethnomedicine ) الذي يشمل المعتقدات الطبية والمعتقدات عن تكوين الجسم ووظيفته والتشخيص الشعبي للمرض، ووصف المرض والسياق الاجتماعي المحيط


بالمشاكل الطبية والسمات الشخصية للمعالج.


واكتشف العلماء أن هناك بعض الأمراض التي يمكن أن تسمى بمسميين في المجتمع الواحد، إحداهما يشير إلى علاماته كما تبدو للباحث والثاني الاسم الشعبي المطلوب اكتشافه فقد وجد فريك Frake إن إدراك الإمراض في Subanun في الفلبين له مظاهر مختلفة تختلف من وقت لآخر، مما يؤدى إلى وجود عدة أسماء للمرض الواحد. وأحيانا يطلق على المرض الواحد أسماء مختلفة بين مجتمع وآخر ، فقد وجد فابريجا اختلافات جوهرية في أسماء الأمراض التي يستخدمها الزينا كانتون Zina canton مثل المرض الذي تطلق عليه بعض الشعوب (ساستو Susto يدعى في الطب الشعبي


الإسباني (أسبانتو) Espanto ).‏
وتتركز المعتقدات عن أسباب المرض في المجتمعات التقليدية في نوعين من الأسباب


النوع الأول:


أسباب ترجع إلى عوامل طبيعية الحرارة والبرودة والرياح والعاصفة والدم والهواء والميكروبات والأطعمة غير المهضومة أي الأسباب الأمبيريقية.


النوع الثاني:


أسباب ترجع إلى عوامل خارقة للطبيعة كارواح الآلهة والمعبودات والأشباح. ويضيف بعض الدارسين السحرة والعرافين إلى النوع الثاني. والبعض الآخر ومنهم فوستر يرفض ضم الأسباب السحرية وينادى بالتمييز الفاصل بين ما هو طبيعي وهو الأمبيريقي) وبين ما هو خارق للطبيعة الذي يشير إلى نظام خارق للطبيعة أو هو عالم كوني غير مرئى وغير منظور يشتمل على كائنات غير مرئية مثل الألهه والمعبودات والأشباح. ويخرج فئة السحر والشعوذة كالرقى والتعاويذ لأنها لا تناسب أعمال الألوهية والمعبودات، ويطلق على السحر مصطلح (الشخصانية) Personallistic. وإن كان هناك عامل مشترك بين السحر وما هو خارق للطبيعة يتمثل في العامل الذي يدرك الحواس ويتسبب في تعرض الأشخاص للمرض (1).


وتلجأ الشعوب البدائية إلى أحد هذين النوعين لتفسير أسباب المرض، وإن كان هناك تداخل في استخدام هذه المفاهيم لدى الشعب الواحد، ففى قرية مورو Morro في فنزويلا قرر تسعة وثمانين في المائة ٨٩% من الفلاحين أن المرض يرجع إلى أسباب طبيعية)، في حين أن أحد عشر في المائة %۱۱% أشاروا إلى أنه نتيجة أسباب سحرية أو خارقة للطبيعة، وفي مالينيزيا وجد أن الأسباب (الشخصانية) (السحر والشعوذة والحقد والحسد هي الأسباب السائدة، وفى مجتمع مالاوى Malawi يتم أحيانا علاج الأسباب الطبيعية للمرض ولكن إذا امتدت فترة المرض حينئذ يتم البحث عن إزالة الأسباب الطبيعية وغير


الطبيعية للمرض (٢).


وجد لبيان أن معتقدات الفلبين موجهه إلى ما هو خارق للطبيعة وأسباب المرض ترجع إلى الإيمان بالقضاء والقدر . ولكن الاستجابة التقليدية الطبية الإيجابية لا تعوق المجهودات التي تبذل للحصول على الرعاية الطبية الحديثة (1) وهناك اعتقاد آخر بأن الأمراض تنتج عن إنتهاك وخرق الطقوس المحرمة، أو أنها نمط من سوء الحظ. ففي ريف الشرق الأوسط يرجع المرض إلى التقصير في أداء الشعائر الدينية والطقوس مثل عدم زيارة الحج على الرغم من توفر المال، وعدم الوفاء بأحد النذور التي تم نذرها للقديسين والأولياء، ويرجع المرض أيضا لدى الهندوس في حيدر أباد إلى خرق الطقوس (۲) أو يرجع إلى إثم يرتكب ضد الآلهة أو من خرق للتابو أو المحرمات أو التقصير في اتباع قيم الجماعة (۳) إذ أن التصورات والممارسات الطبية في أي مجتمع تنبثق من نسق القيم الموجود في ذلك المجتمع. وكما قد يكون للمرض أصول دينية يحدثه إله أو روح، قد تكون له أيضا أصول سحرية تتسبب من شخص آخر أو ساحر. وهنا يمكن أن تدخل فيما يدعوه فوستر بالمفهومات السببية في الأنساق الشخصانية وهى ( Causality Concepts Personalistic منتشرة في غينيا الجديدة وفى ساحل العاج. فالمرض يرجع إلى كائنات خارقة للطبيعة كالأشباح والمشعوذين والسحرة أو الإله نيام Nayame الذي يعمل بمفرده أو بمصاحبة آلهة أصغر منه.


ويرجع الديبوا في مالينيزيا المرض إلى السحر والشعوذة وبالأخص الحسد، واكتشف هارلي Harly أن المرض في مانو فى ليبيريا يرجع إلى تدخل قوى خارجية تلجأ إلى وسائل سحرية. كما يحدث لدى هنود أمريكا والشعوب القبلية في أسيا وجنوب أفريقيا. بمعنى آخر الجماعات الصغيرة والمنعزلة نسبيا عن الحضارات العريقة. ويعتقد أهل النافاهو أن سبب المرض يرجع إلى حقد الآخرين ولجوء أحد الأشخاص إلى العراف أو الإتصال بأرواح الموتى، ويتخيل بعض القرويين في الريف المصرى أن المرض يرجع إلى العين الشريرة والأرواح النجسة، وفى شمال الهند يعتقد المرضى أنهم يهاجمون بشئ ما شرير يرجع إلى السحر أو روح شريرة (1) أى أن هناك تشابها في الأنساق الشخصانية في مختلف الشعوب. المفهومات السببية في الأنساق الطبيعية Causality Concepts Natural systems‏


تتشابه الأنساق الطبيعية المعاصرة وكذلك الممارسات الطبية الخاصة بها، لأنها تمثل التراث الطبي في المدنيات والحضارات الكلاسيكية القديمة، وبالأخص اليونان والهند والصين. ومن أمثلة الأنساق الطبيعية للطب في تلك الحضارات ) علم الأخلاط اليوناني، الطب الأورفيدى الهندى والطب التقليدي في الصين).


وتتشكل الصحة من توازن العناصر الرئيسية للجسم الأخلاط الأربعة ) Humors ( الدم والبلغم والصفراء والسوداء وهي تقابل اخلاط الطب الهندي والصيني. وعندما يختل هذا التوازن نتيجة قوى طبيعية كالحرارة والبرودة أو نتيجة الانفعالات العاطفية يعقبه حتما المرض.


خلاصة ما سبق أن المعتقدات عن سبب المرض تدور حول ثلاثة اتجاهات الاتجاه الديني، والاتجاه السحرى والاتجاه الطبيعي، وربما نجد هذه المعتقدات بأشكالها تتبلور في مجتمع واحد، أو قد يظهر منها شكلان دون ثالث كما يوجد في المكسيك حيث يوجد أسباب طبيعية وأخرى أسباب شخصانية. وهذا يوضح أثر المعتقدات


الدينية التي تتغلغل في نفوس البشر (۱).


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

In this present...

In this presentation, I will focus on main points: First, I will provide a definition of the concep...

في خسائر فادحة ...

في خسائر فادحة للذرة، والمحاصيل السكرية، والأعلاف النجيلية، والكينوا. لمواجهة هذه التحديات بفعالية،...

أدى الإنترنت وا...

أدى الإنترنت والتطور الرقمي إلى إحداث تحول جذري في أساليب التواصل وتبادل المعلومات بين الأفراد. فنحن...

تم اختيار الصور...

تم اختيار الصور بعناية لتعكس نمط الحياة الصحي والطابع الحيوي للموقع، حيث تُستخدم كعنصر بصري داعم يعز...

تُعد عدالة الأح...

تُعد عدالة الأحداث من أهم القضايا التي تشغل الأنظمة القانونية والاجتماعية في مختلف دول العالم، نظرًا...

كان تحالف ديلوس...

كان تحالف ديلوس في البداية قوة دفاعية ناجحة، لكنه تحول مع الوقت إلى أداة للسيطرة الأثينية، مما أدى إ...

--- ### **التع...

--- ### **التعريف:** عوائق التعلم التنظيمي هي **عوائق إدراكية، أو ثقافية، أو هيكلية، أو شخصية** تم...

أولا شعر الحزب ...

أولا شعر الحزب الزبيري بدا يتنصيب عبد الله بن الزبير نفسه خليفة على الحجاز، واستمر تسع سنوات، وانته...

ث‌- الصراع: يع...

ث‌- الصراع: يعتبر من المفاهيم الأقرب لمفهوم الأزمة، حيث أن العديد من الأزمات تنبع من صراع بين طرفين...

تعرض مواطن يدعى...

تعرض مواطن يدعى عادل مقلي لاعتداء عنيف من قبل عناصر مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي أمام زوجته، في محافظة...

زيادة الحوافز و...

زيادة الحوافز والدعم المالي للأسر الحاضنة لتشجيع المشاركة. تحسين تدريب ومراقبة العاملين الاجتماعيين...

Because learnin...

Because learning changes everything.® Chapter 13 Mutations and Genetic Testing Essentials of Biology...