لخّصلي

يعتبر التغير الاجتماعي عملية تحدث في أي مجتمع من المجتمعات، سواء المتقدمة أو النامية منها، وسوف تصاحب هذه العملية مجموعة من النتائج والآثار الاجتماعية والاقتصادية، بما فيها تغير نسق العادات والقيم الاتجاهات والمواقف.
والمجتمع الجزائري يعتبر من المجتمعات التي شهدت عدة تغيرات وتحولات عميقة وفي شتى المجالات، كمجال التعليم، ومجال الاسرة والمجال التكنولوجي وغيرها من المجالات الأخرى ولا شك ان هذه التغيرات والتحولات سوق تنعكس على عادات ومواقف الأفراد وقيمهم واتجاهاتهم داخل المجتمع.
ولقد شهد المجتمع الجزائري تغيرات وتحولات في المجال التعليمي، والمجال الأسري كما عرفت وسائل الإعلام والاتصال انتشارا واسعا بين افراد المجتمع، كلها عوامل أثرت على اتجاهات ومواقف الأفراد وأفكارهم، اتجاه بعض القضايا السائدة في المجتمع كتغير الوسط المدرسي من خلال تغير وتطوير في مناهج التدريس والتغير في المنظومة التربوية، كما شهدت الأسرة تغيرات في الوظائف والقيم وخاصة تلك الروابط ما بين افرادها.
وعلى ضوء ذلك عرفت البلاد تغيرات وتحولات عميقة منذ اكثر من ثلاث عقود من الزمن ومازال الى اليوم يعرف مجتمعنا تغيرات وتحولات عميقة، وفي شتى المجالات وهي تظهر للعيان في الكثير من المجالات والنظم، أبرزها النظام التربوي، وتطويره والنظام الأسري والثقافي وبالأخص وسائل الاتصال وهذه التغيرات لابد أن تصاحبها تحولات على مستوى المجتمع ونظمه ومكوناته البنائية، بما فيها النسق القيمي في المجتمع، وذلك انطلاقا من أي تغير على أي نسق في انساق المجتمع لابد وان يمس بشكل او باخر بقيمة الانساق الأخرى، باعتبارها جوانب متفاعلة ومتساندة بنائيا ووظيفيا.( طاهر محمد بوشلوش، التحولات الاجتماعية والاقتصادية وأثارها على القيم في المجتمع الجزائري، 1967، ص23).
ومن الواضح ان النشاط البدني الرياضي أصبح يشكل قضية من قضايا ومشكلات ذات طبيعة اجتماعية في جوهرها، ولان المتطلبات الحقيقية للناس إنما تنبثق من بين ثنايا الظروف الاجتماعية والثقافية الخاصة في اعقاب التغيرات التي احدثتها اتجاهات التغير الاجتماعي وعوامل النقل الثقافي، والتقدم التقني الهائل وتطور أساليب نقل المعلومات.
بما لا شك أنه هناك تأثيرها متبادل بين الرياضية ومختلف القوى الاجتماعية فانه من الواجب على المنوط بهم قيادة الرياضة والتربية البدنية في بلدنا ان يفقهوا الابعاد الاجتماعية الثقافية للرياضة ويدركوا أدوارها وتأثيراتها الحيوية كما ان عليهم لأن يجتهدوا في وضع معايير جديدة بالطريقة التي يمكن ان تقابل احتياجات الناس المعاصرة والمستقبلية وذلك من خلال تدعيم نظام التربية البدنية والرياضية وتشجيع ممارستها داخل المؤسسات التربوية باعتبارها نسقا ثقافيا اجتماعيا مهما. (أمين أنور الخولي: الرياضة والمجتمع، سلسة عالم المعرفة الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب 1996، ص11).
لقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين تطورا تقنيا مذهلا في مجالات عدة وعلى وجه الخصوص في مجال وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات التي شهدت بدورها ثورة حقيقية منذ بداية هذا التاريخ وذلك بفضل استخدام الهاتف المحمول والحاسوب وأجهزة الفاكس وغيرها، كلها أدوات فتحت المجال واسعا أما الافراد للتواصل وفك العزلة، والمعرفة الأكثر بدون قيود أو حدود.
ومن الواضح أن هناك تأثير وتأثر ذلك على النشاط البدني الرياضي إما بالممارسة أو العزوف اتجاه هذا النشاط، حيث أصبحت الرياضة تشكل قضايا ومشكلات ذات طليعة اجتماعية في جوهرها، ولأن المتطلبات الحقيقية للناس إنما تنبثق من بين ثنايا الظروف الاجتماعية والاقتصادية الخاصة في أعقاب التغيرات التي احدثتها اتجاهات التغير الاجتماعي وعوامل النقل الثقافي والتقدم التقني الهائل وتطور أساليب نقل المعلومات، ومن المعلوم أن وسائل الإعلام والاتصال تساهم بشكل مباشر أحيانا، واحيانا أخرى بشكل غير مباشر في احداث التغيرات الثقافية في المجتمعات ولدى الافراد، كما يعتبر الاحتكاك حتى ما بين العناصر الداخلية عاملا اخر مساهم، فكثيرا ما يتم تبنى قيم ثقافية معينة سواء كانت محلية أو أجنبية من خلال الاحتكاك بين الفاعلين الاجتماعيين الذين يلتقون في أماكن معينة كأماكن العمل، المساحات العامة والمفتوحة، والمدرسة، الجامعة.....إلخ.
لكل أمة من الأمم منظومتها القيمية المشتملة على العقائد ومجموعة القواعد العامة التي تشكل أساس نظامها العام ومرجعيتها العليا، وتحرص كل أمة على حماية هذه القيم وإحاطتها بأسباب الحياة والتمكين في أجيالها المتعاقبة من خلال مؤسساتها التربوية والتعليمية ومنظومتها الثقافية، ابتداء من الاسرة حيث يحصل الفرد على الزاد الأساسي من تلك القيم، ثم في المؤسسات التعليمية بعد ذلك الى جانب المنظومة الإعلامية والثقافية في المجتمع.
وكان بإمكان السلطة القائمة في أي مجتمع توفير الظروف الملائمة لحماية منظومة القيم في نطاق سلطاتها وحراستها من أي اختراق والوقوف امام محاولة للنيل منها أو زعزعتها، وغير أن الامر يختلف الان في ظل ظروف التطور الحاصلة في جميع القطاعات وعلى وجه خاص التقدم التقني الهائل في وسائل الاتصالات والمعلومات.
وندرك ان تقهقر الرياضة في الجزائر يعود سره الى تقلص قاعدة الممارسة الرياضية غير كافية القطاعات الاجتماعية ابتداء من الروضة الى الحي مرورا بالمدرسة الى غيرها من الميادين الاجتماعية ومجالاتها وبالتالي يتحقق ذلك التطور إلا إذا منحت حق الممارسة وفرضها لكافة أبناء المجتمع الجزائري خصوصا في المدرسة.
إن الاسرة الجزائرية التي كانت تمثل إبان الثورة التحريرية عاملا هاما للتماسك والاستقرار النفسي للأفراد، حاولت المحافظة على هذه السمة بعد الاستقلال وان كانت قد نجحت الى حد بعيد في ذلك فان الذي حصل أنها حاولت تسيير واقعها الجديد بأفكار قديمة وتقليدية وهو الذي زاد من حدة القلق الذي يشعر به الافراد، ولهذا يذهب عبد الوهاب بوحديبة الى القول بأنه اما كل هذه التغيرات لابد من إيجاد نمط جديد لكن بدون اللجوء الى النمط الغربي الذي هو في حد ذاته في أزمة، بل لابد من تحقيق نوع من الحياة العائلية التي تأخذ بعين الاعتبار المتطلبات التي يواجها المجتمع إضافة الي القيم التي كانت دائما جزءا من شخصيتنا الاجتماعية.