لخّصلي

فنحن هنا لنتعلم كيف نؤمن بالله ربا وكيف نؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم نبياً وكيف نؤمن بالإسلام ديناً لما ذكرناه سابقاً وهو:
-أن يرضينا الله عزوجل بكل ما يحمله رضا الله عزوجل من ثمرات
-أن نذوق حلاوة الإيمان
-أن نجيب على أسئلة الملكين في القبر

أنواع العلم:
أخواتي نحن هنا نتعلم
والعلم ينقسم إلى قسمين: علم شرعي وعلم دنيوي.(تشجير)
ونحن هنا نتكلم في العلم الشرعي والعلم الشرعي منه ما هو واجب ومنه ما هو مستحب
العلم الواجب هو علم ما أوجب الله عزوجل عليك اعتقادا وعملا
العلم المتسحب: فهو العلم الشرعي مما ليس بواجب تشجير

ما هو العلم الواجب
العلم الواجب علينا اعتقاده مثل من ربك ما دينك من نبيك هذه الأسئلة الثلاث التي سنسأل عنها في القبر هذه واجب علينا أن نتعلمها لأنها هي الباب إلى النجاة في القبر ومن نجا في القبر وهو اول منازل الآخرة نجا فيما بعد ذلك.
كذلك العلم الواجب مثل تعلم صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، صفة وضوئه، فالوضوء والصلاة واجبين وتعلم كيفيتهما واجب وهكذا
الصيام واجب ومن اركان الإسلام فتعلمه واجب كذلك
صلاة الضحى سنة فليس من الواجب ان اتعلم صفة صلاة الضحى فتعلمها سنة
هو جميل ان نتعلمها ونسعى في ذلك ولكن لا يحاسبك الله ولا تأثمين إذا لم تصلِ الضحى.

وهذا العلم الشرعي هو الذي جاء مدحه في الكتاب والسنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"
فلا ينبغي عليك يا أختي الكريمة أن تزهدي في هذه العلم لأن له أهمية عظيمة في الدين وهو للأسف مما زهد فيه كثير من الناس

ولذلك انظري إلى أمر مهم من الأمور المهمة التي أوجبها الله علينا بل هو أهم الأمور على الاطلاق بعد التوحيد وهو الصلاة، على المسلم أن يصلي 5 صلوات في كل يوم وليلة، ومع ذلك أين في مجموع ملايين المسلمين من يجلس ليتعلم صفة الصلاة؟؟!!
أليس قد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"صلوا كما رأيتموني أصلي"
صلوا فعل أمر أي انتم مأمورون بأن تصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم.
هل صادفتِ امرأة أو رجل يقول علموني كيف كان يصلى النبي صلى الله عليه وسلم
يفني الناس ما يقارب 16 عاما من الروضة إلى الجامعة لتعلم أمور كثيرة ولا يجدون سويعات قليلة لتعلم صفة الصلاة.
ولذا قد يقع من الأخطاء في صلاة الناس مع الأسف الشديد السبب أنهم لم يحرصوا على تعلم العلم الشرعي وكم يضيع عليهم من الأجور في ذلك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من توضأ كما أمر وصلى كما أمر غفر له ما تقدم من عمل"
الشرط هنا ما هو؟ أن يتوضأ وأن يصلي كما أمر.

نعود إلى تعلم العلم الشرعي وهو ان نتعلم الأمور الواجبة علينا ومنها سؤال الملكين:
1-من ربك وهو :
-أن نعرف ربنا جل وعلا بربوبيته وعبوديته وبأسمائه وصفاته
-أن نعرف ما له من الحق علينا من العبادة والتذلل
-أن نعرف حدوده التي بينها في الكتاب والسنة

2-ومن نبيك وهو:
أن نعرف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ما هو اسمه ما هو نسبه مسكنه حياته دعوته وبراهين نبوته

3-وما دينك وهو:
أن نعرف دين الإسلام بأركانه وواجباته وفرائضه

من ربك؟
الرب هو الله تبارك وتعالى سبحانه وتعالى
والرب هو المربي من التربية
والله يختص بأمور وله حقوق تبارك وتعالى، لا يشركها فيها غيره، وهي التوحيد
والتوحيد هو جعل الشيء واحداً
عندما أقول هذا إنسان وحيد ما معناه؟ هو لوحده
عندما نقول وحدوا صفوفكم أي اجعلوها صفاً واحدا
كذلك وحدوا الله أي اجعلوه واحداً فيما له من الحقوق تبارك وتعالى.

فنعتقد بأن الله واحد في هذه الخصائص وهذه الحقوق:
1-بأنه هو الرب وحده
-توحيد الربوبية: اعتقاد أن الله تعالى وحده هو الخالق الرازق المدبر
هو إفراد الله في الخلق والرزق والتدبير
إفراد الله في أفعاله هو سبحانه وتعالى

2-وأنه هو الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى وحده
هو إفراد الله في أسمائه وصفاته

3-وأنه هو الإله وحده
توحيد الألوهية (العبودية)
إفراد الله بالعبادة
إفراد الله بأفعالنا نحن العبيد
وقد جاءت اقسام التوحيد مجموعة في قوله تعالى:
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَٰدَتِهِۦ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُۥ سَمِيًّا} في سورة مريم
وفي قوله: {قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم}
القرآن كله توحيد
فالقرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وعن أقواله وأفعاله فهو توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات
وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع ما يعبد من دونه فهو توحيد العبادة والألوهية
وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته وأمره ونهيه فهو من حقوق التوحيد ومكملاته
وإما خبر عن إكرام أهل التوحيد وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة فهو جزاء التوحيد
وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد
فالقرآن كله في أنواع التوحيد الثلاثة وحقوقه وجزاء اهله وعقاب أعدائه

1-توحيد الربوبية

توحيد الربوبية أي أن الله هو الرب الواحد لا شريك له
وهو إفراد الله في الخلق والرزق والتدبير
إفراد الله في أفعاله هو سبحانه وتعالى

والرب هو المربي من التربية: وهي القيام على الشيء وتدبير شأنه وإصلاحه والقيام عليه حتى يبلغ غايته.
والله تبارك وتعالى هو الذي ربى جميع العالمين بنعمته و{وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}
والرب هو السيد وهو المالك المتصرف تبارك وتعالى
هو الأول الذي ليس قبله شيء وهو الآخر الذي ليس بعده شيء
قال تعالى: {الحمد لله رب العالمين} أي ان الله هو الخالق لكل شيء، خلق العالمين والعالمين جمع مفرده عالم. عالم الإنس والجن، عالم الحيوان، عالم النبات، السماء بما فيها عالم البحار...كل ما سوى الله فهو مربوب لله تبارك وتعالى.
الرب هو الذي يخلق ويدبر كل هذه العوالم.

أدلة الربوبية:

تنوعت الأدلة التي تدل على ربوبية الله فهي أوضح من رابعة النهار ولكننا في هذه الأزمنة نحتاج إليها ليقوى إيماننا ولنستطيع الرد على الشبهات التي تطرح بين فترة وأخرى.
فما هي الأدلة الدالة على ربوبية الله؟

1-الشرع
الكتاب والسنة مملوءان بأدلة ربوبية الله تبارك وتعالى
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ،
[إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَـيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)] (يس)
وقوله:إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ و َالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
وقوله _ تعالى _:[اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ](الروم: 40)

2-الفطرة: فطر الله الناس على الإيمان بوجوده تبارك وتعالى، قال سبحانه:
{فطرة الله التي فطر الناس عليها}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه ......)
وكل من أنكر وجود الله وربوبيته فإنه تجده يقر بذلك في وقت الشدائد (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه)

3-العقل
أ-العقل يدل على ربوبية الله وأنه هو الخالق. إذا مررت بمكان ورأيت سيارة فهذا يدل على أن إنسان ما قاد هذه السيارة وأن هناك من صنع هذه السيارة وأن هناك من زودها بالوقود.. صحيح؟ فكذلك هذه العالم العلوي والسفلي بكل ما فيه من دقة وجمال ألا يدل على الخالق البارئ المصور القدير العليم سبحانه وتعالى جل جلاله
قال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} الجواب لم يخلقوا أنفسهم بل الخالق هو الذي أوجدهم.
جاء بعد ذلك السؤال الأكبر: {أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون}

4-الحس
الحس يدل دلالة قطعية على وجود الله.
فالمعجزات التي أجراها الله على يد الأنبياء تدل حساً على وجود الله وكذلك ما جرى من الكرامات على يد أولياء الله من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
كم إنسان دعى الله عزوجل بينه وبين الله ولا يعلم أحد بهذا الدعاء ولم يسعَ هو في تحقيقه فجاءه ما دعى به بين يديه، أفلا يدل هذا على وجود الله وربوبيته دلالة قطعية!!
وكم من مريض دعى الله فشفاه من غير علاج ولا دواء
إذاً هذا دليل على أن هناك رباً سمع الدعاء وهو قادر على الإجابة ويفعل في سلطانه وملكوته ما يشاء.

فلو سألنا سائل بم عرفت ربك؟
نقول بكل ثقة وثبات وإيمان راسخ عرفت الله ب: (تشجير)
1-بأدلة الشرع الكتاب والسنة
2-بالفطرة التي فطر الله الناس عليها
3-بالعقل
4-بالحس

وهذه الأدلة تفيدنا عدة أمور:
-زيادة الإيمان فكلما تنوعت الأدلة كلما ازداد الإيمان
-ابعاد وساوس الشيطان في حال ضعف الإيمان
-الرد على شبه الملحدين المعاصرين والمشككين
-الرد على تساؤلات الأطفال والشباب الذين يتعرضون للشبه في المدارس وفي وسائل التواصل الاجتماعي

فائدة:
يحسن بالوالدين تنشئة الأطفال وهم صغار على تعلم التوحيد بأقسامه الثلاث، وغرسه في قلوبهم وتكراره وتعويدهم سماعه ومدارسته، فقلوبهم كالأوعية إذا ملئت بالإيمان والتوحيد لم يكن فيها مكان لغيره من الشركيات والكفريات.

ثمرات الإيمان بربوبية الله تبارك وتعالى:

1--الإيمان بربوبية الله وأنه هو الخالق المتصرف المدبر يلزم منه صرف العبادة لله وحده
{ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه} الأنعام
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(البقرة - 21)
فالإيمان بأن الله هو الخالق الرب يلزم منه التوجه بالعبادة للذي خلق وزرق ودبر وأمات وأحيا وأعطى وأضحك وأغنى.

2-والإيمان بربوبية الله وحده يدل على أن له الأسماء الحسنى والصفات العلى فكيف يخلق ويدبر ويقدر إلا من له مِنَ الأسماء أحسنها ومن الصفات أجملها وأعلاها وأعظمها!!!
فتوحيد الربوبية دليل على توحيد الألوهية والأسماء والصفات

3. 
   

   النجاة من الحيرة والشك:
   لتوحيد الربوبية أثر على العبد الموحد بنجاته من الحيرة والشك، فكيف يصاب بالحيرة والشك من يعلم أن له ربًّا هو رب كل شيء، وهو الذي خلقه فسواه، وكرمه وفضله، وجعله في الأرض خليفة، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة؛ فاطمأن إلى ربه ولاذ بجواره، وعرف أن الحياة قصيرة ممزوج فيها الخير بالشر والعدل بالظلم واللذة بالألم.
   أما الجاحدون بربوبية الله، المرتابون في لقائه، فحياتهم لا طعم لها ولا معنى، كلها قلق وحيرة وعلامات استفهام متتالية بلا جواب، فليس لهم ركن يلجئون إليه، فتعيش عقولهم ـ مهما كان ذكاؤهم ـ في حيرة وشك واضطراب وقلق، وهذا هو عذاب الدنيا وجحيمها تلفَح قلوبهم صباح مساء. قال تعالى: {فهم في ريبهم يترددون}

   
   


4. 
   

   السكينة النفسية:
   إن للسكينة مصدرًا واحدًا هو الإيمان بالله واليوم الآخر...الإيمان الصادق العميق الذي لا يكدره شك ولا يفسده نفاق، هذا ما يشهد به الواقع الماثل، وما يؤيده التاريخ الحافل، وما يلمسه كل إنسان بصير منصف في نفسه وفيمن حوله. لقد تعلمنا أن أكثر الناس قلقًا وضيقًا واضطرابًا وشعورًا بالتفاهة والضياع هم المحرومون من نعمة الإيمان وبرد اليقين، إن حياتهم لا طعم لها ولا مذاق وإن حفلت باللذائذ والمرفهات؛ لأنهم لا يدركون لها معنى، ولا يعرفون لها هدفًا، ولا يفقهون لها سرًّا، فكيف يظفرون مع هذا بسكينة نفس أو انشراح صدر؟!...

   
   

إن هذه السكينة ثمرة من ثمار الإيمان، والتوحيد شجرة طيبة تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها؛ فهي نفحة من السماء ينزلها الله على قلوب المؤمنين؛ ليثبتوا إذا اضطرب الناس، ويرضوا إذا سخط الناس، ويوقنوا إذا شك الناس، ويصبروا إذا جزع الناس، ويحلموا إذا طاش الناس، هذه السكينة هي التي عمرت قلب رسول الله ﷺ يوم الهجرة، فلم يَعْتَره هم ولا حزن، ولم يستبد به خوف ولا وجل،
ولم يخالج صدره شك ولا قلق، قال جل وعز:
(إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40].

لقد غلبت على صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه مشاعر الحزن والإشفاق، لا على نفسه وحياته، بل على الرسول ﷺ، وعلى دعوة التوحيد، حتى قال ـ والأعداء محدقون بالغار: «يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه، فقال ﷺ ـ مثبتًا فؤاده: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!" (رواه مسلم)، وهذه السكينة روح من الله ونور يسكن إليه الخائف، ويطمئن عنده القلق، ويتسلى به الحزين، ويستروح به المتعب، ويقوى به الضعيف، ويهتدي به الحيران، هذه السكينة نافذة على الجنة يفتحها الله للمؤمنين من عباده؛ منها تهب عليهم نسماتها، وتشرق عليهم أنوارها، ويفوح شذاها وعطرها؛ ليذيقهم بعض ما قدموا من خير، ويريهم نموذجًا صغيرًا لما ينتظرهم من نعيم، فينعموا من هذه النسمات بالروح والريحان والسلام والأمان.
الإيمان قارب النجاة من استغنى بالله افتقر الناس إليه.

5. 
   

   الثقة بالله:
   كل شيء بيده جل وعز، ومن ذلك النفع والضر؛ فالله هو الخالق جل وعز، وهو الرزاق المالك المدبر، له مقاليد السماوات والأرض، ولذلك إذا علم المؤمن أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له من خير وشر ونفع وضر، وأن اجتماع الخلق كلهم على خلاف ما قدره له جل وعز غير مفيد أبدًا، علم حينئذ أن الله وحده هو النافع الضار المعطي المانع؛ مما يوجب زيادة الثقة بالله جل وعز وتعظيم توحيده، ولذا ذم الله من يعبد ما لا ينفع ولا يضر ولا يغني عن عابده شيئًا،
   فتبارك القائل: (لَّهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٦٣) [الزمر: 63].
   كلما كنت ضعيفا في الصلة مع الله جل وعز، كنت عُرضة للنزعات والنزغات.

   
   


6. 
   

   تعظيم الله:
   وهذا الأثر ظاهر في حياة المؤمن بالله جل وعز، المفرد له بالعبادة والقصد والطلب والإرادة، وعندما يتأمل المؤمن ما لله من ملكوت السماوات والأرض لا يسعه إلا أن يقول: (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًا)
   [الأنعام: 80]، ويقول: (رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ) [آل عمران: 191]، وكل هذا يدل على تعلق القلب بالرب الخالق جل وعز، وبذل الجهد في مرضاته، والسعي في تعظيم شرعه وأمره، وعدم الشرك به ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وكل هذا تعظيم لله جل وعز، وهو من آثار توحيد الربوبية على المؤمن.

   
   

في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وعليه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته.