لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

اشْتَهَرَ عَبْدُ اللَّهِ الْعَطَّارُه فِي قَبِيلَتِهِ بِالتَّقْوَى وَالْوَرَع والإخلاص للأصْدِقَاءِ ، وَكَانَ لَهُ صَدِيقٌ عَابِدٌ غَيْرُ مُبَالٍ بِتَقَلُّبَاتِ الدَّهْرِ ، حَتَّى إِذَا مَا أَجْتَمَعَ لَهُ قَدْرٌ مِنَ الْمَالِ انْصَرَفَ إِلَى اللَّهْوِ وَالْمُجُونِ وَالتَّبْذِيرِ ، فَلَمْ يَأْبَهُ بِنَصَائِحِهِمْ ، وَسَخِرَ مِنْهُ السَّاخِرُونَ فَلَمْ تَتَل مِنْهُ سُخْرِيَّتَهُمْ ، ظَلْ إِلَى جَانِبِهِ يَشْدُّ أَزْرَهُ دُونَ مَلَلِ ، وَذَاتَ يَوْمٍ دَعَاهُ إِلَى بَيْتِهِ ، وَأَثْنَاءَ احْتِسَائِهِمَا الشَّايَ ، قَالَ عَبْدُ الله : - ألمْ تُفَكِّرُ فِي حَالِكَ يَا أَخِي عَلْوان » ؟
ثُمَّ رَفَعَهُ وقال : لَقَدْ فَكَّرْتُ ، وَلَكِنْ مَا الْعَمَلُ ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بِاسْتِعْرَاب : مَا الْعَمَلُ ؟ ! كَيْفَ تَقُولُ هَذَا ؟ ! تنْهدَ عَلَوَان وَقَالَ بِأسَى : لَقَدْ سُدَّتْ أمامي كل الأبواب . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بِثِقَةٍ وَعَزم : - اسْمَحْ لِي إِذَا قُلْتُ لَكَ إِنَّكَ أَنتَ الَّذِي أَغْلَقْتَ عَلَى نَفْسِكَ كُل الأبواب ، اغْرَورَقَتْ عَيْنَا عَلْوَان وَقَالَ بِنَدَم وَحَسْرَةٍ : لَيْتَنِي عَمِلْتُ بِنَصَائِحِكَ ، لَقَدْ فَاتَ الأَوَانُ ! فَرَبَّتَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى كَيْفَيْهِ ، وَقَالَ لَهُ مُوَاسِيّاً : - لَمْ يَقُتِ الأَوَانُ بَعْدُ ، وَتَتَدَارَكَ الْأَخْطَاءَ بِالصَّوَاب . فابتسم وعَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ لَهُ : أعدك بأنك ستعوض كُل ما فات بشرط ! أَدَارَ عَلَوَان رَأْسَهُ نَاحِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بِيُعَلِّي ، وَتَسَاءَلَ : يشترط ؟ ! أَجَلُ بِشَرط وَاحِدٍ ! - وَمَا هُوَ ؟ - هُوَ الْوَفَاء وَالإخلاص . - وَكَيْفَ ذلك ؟ البَسَطَتْ أَسَارِيرُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَصَبْ كَاسَيْنِ مِنَ الشَّاي السَّاحِنِ ، قَدَّمَ أَحَدَهُمَا لِـه عَلُوان » ، وَبَعْدَ أن احْتَسَى حَسَوَتَيْنِ قَالَ : ما رَأيك في أنْ تُصْبِحَ شريكاً لي ؟ قَالَ عَلُوان » باندهاش :
شريكاً لك ١٢ كيف ؟ ومن أين لي بالمال ١٢ الْمَالُ الْحَقِيقِيُّ يَا عَزِيزِي هُوَ ذِرَاعَاكَ ، هُوَ لكن !! دَعْ عَنكَ كُل ذَلِكَ ، وَقُلْ لِي هَلْ أَنتَ مُوَافِقُ عَلَى المشروع ؟ موافق . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ » : - إِذَنْ ، غَداً - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - سَتَذْهَبُ إلَى السُّوقِ معاً ، وَسَأَشْتَرِي لَكَ كُلُّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ . - شكراً لك . وَتَعَالَقًا بِمَوَدَّةٍ وَحَنَانٍ ، وَالصَرَفَ عَلُوان ) إِلَى كُوخِهِ فِي أَطْرَافِ الْقَرْيَةِ ، يَكَادُ يَيْبُ فَرَحاً وَغِبْطَةً ، وَهُوَ يَوَدُّ لَوْ يُعَانِقُ كُل الَّذِينَ الْتَقَى بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ ، وَبَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَة يَحْلُمُ بِالْمَالِ يتدفق عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَهَةٍ ، وَيَتَزَوَّجُ وَيَسْكُنُ قَصْراً لا مثيل لَهُ فِي الْقَبِيلَةِ ، وَيُنجِبُ أَولاداً تتالق وُجُوهُهُمْ كَالنُّجُوم . وَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَتَوَضًا وَصَلَّى ، وشكر الله الَّذِي هَدَاهُ إِلَى عَمَلٍ الْخَيْرِ ، وَدَعَا لِصَدِيقِهِ عَلَوَانِ بِالْهِدَايَةِ والتوفيق . قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ رَأْسَهُ إِلَى الْوِسَادَةِ ، أَخْبَرَ زَوْجَتَهُ بِمَا اعْتَرَمَهُ ، فَأَظْهَرَتْ لَهُ تَخَوفَهَا مِنْ عَلُوان » الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ بالْإِهْمَالِ وَالْعَدْرِ وَعَدَمِ الإِحْسَاسِ بِالْمَسؤولية ، لَكِنَّهُ قَالَ لَهَا - يَا زَوْجَتِي الْعَزِيزَةُ . لاشك أنَّ الشَّيْطَانَ سَاوَرَكِ كَيْفَ تَنْهَيْتَنِي عَنِ الْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَأْمُرُنَا بِهِ ؟ ! فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ يَتَوَدُّدٍ : - حاشا أَنْ أَصْدَّكَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ، إِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ . وَعَسَاهُ سُبْحَانَهُ أَن يَجْعَلَ هِدَايَةً هَذَا الرُّجُلِ عَلَى يَدِي . وَسَكَنَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى مَضَضَ ، وَنَفَخَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى ذُبَالَةِ السَّمْعَةِ ، فَأَضْطَرَبَ اللَّهَبُ قَلِيلاً ثُمَّ انْطَفَاً ، فَوَضَعَ عَبْدُ اللَّهِ » رَأْسَهُ عَلَى الْوِسَادَةِ وَأَغْمَضَ عَيْنَيْهِ وَالرِّضَا يَعْمُرُ قَلْبَهُ ، وَالأمَل يَزِيدُهُ عَزْماً وَيْقَةً وَحُبّاً لِعَمَلِ الْخَيْرِ . وَعِنْدَ ايلاج الصبح قَامَ عَبْدُ اللَّهِ » فَتَوَضًا وَصَلَّى ، وَابْتَهَلَ إلَى اللَّهِ أَنْ يَرْعَى خُطَاهُ ، ثُمَّ وَضَعَ الْبَرْدَعَةَ عَلَى ظَهْرٍ الْحِمَارِ ، وَسَارَ إِلَى كوخ علوان » ، وَارْتَدَى ثِيَابَهُ عَلَى عَجَلٍ ، فَلَمَّا رَأى عَبْدَ اللَّهِ يَنتَظِرُهُ ، ثُمَّ حَنَّا عُطَاهُمَا إلى السوق . كانت الشمس قد أزلفت بحوالي قاتلين جينما لأخت لَهُمَا عِيم السوق ، وما ليك أدائهما أن القطك علية المكترين وَالْبَائِعِينَ ، وَأَعْدًا يَلمان روائح الإسفنج المقلي والشاي المنعنع ، وذرات الغبار المنار الناه حركات الزوار فيد وعبد اللهِ حِمَارَهُ خارج سور السوق ، وتعاون مع وعَلوَان عَلَى نَقُلِ الْمَحْمِل إِلَى خَيْمَةٍ أَحَدِ أصْدِقَالِهِ التجار فالمنَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ سَاز هُوَ وَصَدِيقُهُ عَلُوان » إلى سوق التوابل فَأَشْتَرى كَمياتٍ مِنَ الإبْرارِ وَالْكَمُونِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْقَرنفل وَالْفِرْفَةِ وَالشيح . وَالشَّبُ وَالْمِلْحِ والقَطرَانِ وَالْخُزامى والصابون وَالْعَاسُولِ وَالزَّيْتِ وَالْحَنَّاءِ وَالصَّعتر والثوم والحرمل . وَكَانَتِ الشَّمْسُ قَدْ تَوَسَطَتْ كبد السَّمَاءِ ، وَرَاحَتْ تُرسل أَشِعَتَهَا الْمُحْرِقَة فَتَكْوِي الْجِبَاءَ وَالرؤوس ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَحُتُهُ عَلَى الصَّبْرِ وَالتَّجَلدِ ، وَيَقُولُ لَهُ : الله عبداً عَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأَثْقَتَهُ . - رحم وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالْأُخْرَى يَدْعُو عَلَوَانِ » إِلَى الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ عِدَّةٍ أَلْوَاعَ مِنَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ ، لِيَخْتَبِرَ ذَكَاءَهُ وَقُدْرَتَهُ عَلَى التَّمْبِيرِ بَيْنَ الْجَيْدِ وَالرَّدِيءِ ، وَيُخْطِيءُ حِيناً آخَرَ ، وَقَلَّمَا كَانَ يَهْتَدِي إِلَى الْبِضَاعَةِ الْجَيِّدةِ . وَأَحْيَاناً أُخْرَى كَانَ يَدْفَعُهُ إِلَى الْمُسَاوَمَةِ وَتَحْدِيدِ الثَّمَنِ الْمُنَاسِبِ ، وَنَادِراً مَا كَانَ ولَمَّا أَنْتَهَيَا مِنَ الشَّرَاءِ الْتَفَتَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى صَدِيقِهِ ، عَلْوان » وَقَالَ لَهُ وَهُوَ يَبْتَسِمُ : - وَالآنَ هَبَّا إِلَى الْمَقْهَى . إِنَّ رِجْلِي قَدْ قُطِّعَنَا مِنَ التَّعَبِ وَالإِرْهَاقِ . فَسَوْفَ تَنَالُ مِنَ الرَّاحَةِ وَالرِّضَا مَا يُنسِيكَ كُلِّ تَعَب وَإِرْهَاقٍ . واستراحا في مقهى السوق لَحْظَةً ، قَامَ بَعْدَهَا عَبْدُ اللَّهِ فَأَدَّى الثَّمَنَ ، وَمَدَّ يَدَهُ لِعَلَوَان الَّذِي اسْتَطَابَ الِاسْتِلْقَاءَ عَلَى حَصِيرِ الْمَقْهَى ، يَجِبُ أَنْ تَبْدَأُ التجوال قبل سقوطِ الظَّلام . فَعَمْعْم علوان » وَهُوَ يُغَالِبُ الْكَسل : هيا . وَمَشَيَا وَرَاءَ الْحِمَارِ الْمُتَقَلِ بِالْمُشْتَرَيَاتِ ، وعَلُوان » يَضْرِبُهُ بِالْعَصَا ، وَعَبْدُ اللَّهِ يَصِيحُ بِصَوْتِهِ الْجَهْوَرِي ، كُلَّمَا حَاذَيَا قَرْيَةً أوْ دُوَاراً أَوْ مَسْكَناً : هات هر هرايت هات هرهرايت الْحَنا بالشراؤط وَالْغَاسُولُ بِالشراوط وَالْخَزَامَى بالشراوط والقطران بالشراوط ها الْعَطَارُ ، وَتَخَلَّقَنَ حَوْلَ الْحِمَارِ تَخْبِرْنَ الْبَصَائِعَ وَتُسَاوِ مَنَ أَثْمَانَهَا ، وَتَشْتَرِينَ مَا تَجِدْتَهُ مِنْهَا جَيداً وثَمَي مناسب . وَهَكَذَا رَاحًا يَتَقَلانِ مِنْ دُوَارٍ إِلَى آخَرَ ، وَمِنْ قَرْيَةٍ إِلَى أُخْرَى وَمَرتِ الأَيَّامُ ، فَاكْتَسَبَ عَلُوان » خِبْرَةً لَآبَأْسَ بِهَا ، وَبَدَأ يَتَذَوَّقُ حَلاوَةَ الأَرْبَاحِ ، فَتَوَلَّدَتْ لَدَيْهِ رَعْبَةُ الإِسْتِحْوَاذِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَالربح معاً ، لَكِنَّهُ كَانَ يَتَذَكَّرُ إِنْعَامَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَذَاتَ يَوْمٍ تَوَفَّفَا تَحْتَ ظِلالِ شَجَرَةٍ تِينِ ، فَهَبَّتْ عَلَيْهِمَا أَنْسَام لطِيفَةُ العَشتْهُمَا ، وَمَشَيَا إِلَى بِرٍ قَرِيبٍ مِنْهَا ، فَاسْتَقَيَا لَهُمَا وَالْحِمَارِ ، فأيقظ وعبد الله » ، وسأله : ألا ترى أن شعر دقيْنَا قَدْ طَالَ ١٢ وَهَذَا مَكَانٌ مُنَاسِبُ الحلاقة . فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ يَتَحَسَّسُ ذَقَتَهُ ، وَقَالَ : أَجَلُ نِعْمَ الإقْتِرَاحُ ! فَأَسْرَعَ عَلُوان ) بِتَحْضِيرِ أُدَوَاتِ الْخِلاقَةِ ، وَحَمَلَ حَجْرَة وَضَعَهَا قُرْبَ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لَهُ : تفضل إجلس . فَابْتَسَم عَبْدُ اللَّهِ » ، وَقَالَ : كُنتُ أُرِيدُ أَجْراً فَسَيَقْتَنِي إِلَيْهِ . لَمَعَتْ فِي عَيْنِي عَلُوان » الْحَمْرَاوَيْنِ وَمُضَةً شَرِ ، وَأَمْسَكَ قِطْعَةَ صَابُونٍ بِبَدٍ مُرْتَبِكَةٍ ، وَحَكَهَا عَلَى جِلْدِ صَدِيقِهِ عَبْدِ اللَّهِ » ، ثُمَّ أَخَذَ الْمُوسَى وَأَمْضَاهُ عَلَى حَجْرٍ أَمْلَسَ ، فَلَمَّا شَعْ بَرِيقُهُ ، قَرَّبَهُ مِنْ وَجْهِ صَدِيقِهِ ، لَمَحَهُ وعَبْدُ اللَّهِ » ، فَقَالَ لَهُ بِاسْتِعْرَاب : مَا لَكَ تَرْتَعِدُ هَكَذَا ؟ ! خَشِي عَلَوَانِ أَنْ يَكُونَ صَدِيقُهُ قَدْ قَرَأَ مَا فِي نَفْسِهِ ، فَحَاوَلَ التَّعْمِيَّةَ بِقَوْلِهِ : - إنبي . ضَحِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ : لا تخش شيئاً ، فَإِنِّي سَمْح صَبُورٌ . وَضَعَ عَلَوَانِ شَفْرَةَ الْمُوسَى عِنْدَ عِذَارِ ( 1 ) صَدِيقِهِ ، عَاضَاً عَلَى شَفَتِهِ ، ثُمَّ دَفَعَهَا فَانْسَابَتْ عَلَى وَجْهِهِ تَحْصُدُ شَعْرَهُ الْكَتْ مُحْدِثَةٌ صَوْتاً كَالْخَشْخَشَةِ . قالَ عَبْدُ اللَّهِ مُمَازِحاً صَدِيقَهُ : أَشْهَدُ أَنَّكَ حَلاقٌ مَاهِرٌ . فَلَمْ يَرُدُّ عَلَيْهِ عَلَوَان » ، وَعَيْنَاهُ تَقْدَحَانِ الشَّرَرَ ، فَلَمَّا حَاذَى تُفاحة آدم رم شَفَتَيْهِ وَأَغْمَضَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ ضَعْطَ عَلَى الْمُوسَى فِي حَنْجَرَةِ صاحِبِهِ بِقُوَّةٍ وَوَحْشِيَّة ، فَهَبَّ عَبْدُ اللَّهِ مَذْعُوراً ، وَدَفَعَ عَلَوَانَ » بيَدِهِ بِعُنْفِ فَسَقَطَ أَرْضاً ، وَأَخَذَ يَعْدُو كَالْحِصَانِ الْجَامِحِ ، يَخْبِطُ صَدْرَهُ وَفَخِذَيْهِ مُحَشرجاً ، وَالدَّمُ يَتَطَايْرُ مِنْ حَنْجَرَتِهِ كَالْمَاءِ الصيب ، وَمَا أنْ جَرَى خُطُوَاتٍ حَتَّى تَهَاوَى مُتَمَرِّعاً فِي التُرابِ ، وَ عَلَوَانَ يَنظُرُ إِلَيْهِ دَهِشاً مَذْعُوراً ، فَقَامَ إِلَيْهِ فق جُيُوبَهُ ، ثُمَّ رَبَطَ بِهَا الْجُنَّةَ وَسَحَبَهَا ( 3 ) إِلَى أَسْفَلِ النِّينَةِ ، حَيْثُ حَفَرَ حُفْرَةً وَارَى فِيهَا الْجُنَّةَ وَأَمَالَ عَلَيْهَا التُرابَ ، ذاك أحس بالزياح ( 1 ) الْحِمْلِ الَّذِي طالما أنقَلَ كَاهِلَهُ ، وَهم إلَى صَدْرِهِ الْمِحْفَظَة وقبلها ، ثُمَّ جَهَرَ الْجَمَارَ وَسَاقَهُ وَهُوَ يَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَيَسرَةً ، خَوْفاً مِنْ أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ ، وَمَا عَلِمَ أَنَّ عَيْنَ اللَّهِ لَا تَنامُ وَمَرَّتْ شُهُورٌ ، وَعَلَوَانِ يَطُوفُ غَيْرَ الْقُرَى وَالدَّوَاوِيرِ ، إلى أن مرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِالْقُرْبِ مِنْ شَجَرَةِ التِّينِ ، وَحَدَّثَتُهُ نَفْسُهُ أن يستطلع أَخْبَارَ الْقَبْرِ الْمَنْسِي عِندَ جُذُوعِهَا ، وَضَرَبَهُ بالْعَصَا فَنَشِيط في سيره إليها . ترك الْحِمَارَ قُرْبَ الْبِفْرِ ، فَأَثَارَتْ الْتِبَاهَهُ فَاكِهَةُ التِّينِ الْكَبِيرَةُ الْمُمْتَلِكَةُ حَلَاوَةَ الرَّاشِحَةُ عَسَلاً ، لَوْلاَ رَغْبَتُهُ الشَّدِيدَةُ فِي مَعْرِفَةِ مَصِيرِ الْقَبْرِ ، فَأَرْجَا أَمْرَهَا إِلَى حِينٍ ، دَلَفَ تَحْتَ الْعُصُونِ الْمُثْقَلَةِ بِالتِّينِ الدَّانِي الْقُطُوفِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْجِذْعِ ، فَدَارَ حَوْلَهُ وَالدَّهْشَةُ تَعْقِدُ لِسَانَهُ ، لَقَدِ اسْتَوَى أديم الأرض وَلَمْ يَبْقَ هُناك أثر لِلْقَبْر . شرَدَ ذِهْنُهُ وَتَسَاءَلَ : تُرَى أَنبَسٌ أَحَدُ الْمَارَةِ الْقَبْرِ ، فَتَعرف عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَلَهُ إِلَى أَهْلِهِ ؟ أم أن عَبْدَ اللَّهِ لَمْ يَمُتْ فِعلاً ، وَاسْتَطَاعَ الْخُرُوجَ مِنَ الْقَبْرِ ١٢ أم . ماذا ؟ ! وَبَعْدَ لَحْظَةٍ مِنَ التَّفْكِيرِ الْمُضْطَرِب انتَبَةَ إِلَى نَفْسِهِ ، كَيفَيْهِ مُسْتَخِفَاً بالنتيجة ، وَرَاحَ يَضَعُ فِيهَا تِيناً يَانِعاً مُكْتَبراً لَمْ يَرَ مِثْلَهُ فِي حَيَاتِهِ ، وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ : - هَذَا الدِّينُ الْعَرِيبُ كَيْفَ نَبَتَ فِي هَذِهِ النَّاحِيَةِ الْمَهْجُورَةِ ؟ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَنْ ذَاقَ مِثْلَهُ ، فَمَا أَجْمَلَهُ هَدِيَّةٌ نَادِرَةً ، لَكِنْ لِمَنْ أهْدِيهَا ؟؟؟ إِنِّي لَنْ أَسْتَطِيعَ الْعَوْدَةَ إِلَى الْقَرْيَةِ خَشْيَةَ الْفَضِيحَةِ وَالْجَزَاءِ ، وَلَوْ أَسْتَطِيعُ لِأَهْدَيْتُهَا لِابْنَةِ عَنِّي عَسَاهَا تَمِيلُ إِلَيَّ ، وَتُحَقِّقُ أَمْبَينِي الزواج بِهَا ، لَكِنْ أَنَّى لِي ذَلِكَ ؟ ! في وَفَكَّرَ مَلِيّاً ، وأخيراً فَادَهُ حُبُّهُ لِلْمَالِ وَالْجَاهِ إِلَى فِكْرَةِ ، وَهِي أن يَحْمِلَ هَدِيَّتَهُ التَّمِينَةَ إِلَى الْحَاكِم ! حَمَلَ عَلَوَانِ سَلْتَهُ إِلَى الْقَصْرِ ، وَيَحْلُمُ بِمُقَاتِلَتِهِ لِلْحَاكِم . اقْتَرَبَ مِنْ أَحَدٍ الْحُجَّابِ ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ مَوْلاهُ فِي الامتثالِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، غَابَ الْحَاجِبُ لَحْظَةً ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ إِلَى مَجْلِسِ الْحَاكِم . تَقَدَّمَ عَلَوَان جَدِلاً ( 2 ) وَسَلَّتُهُ الْمُعْطَاةُ بِأَوْرَاقِ التّين الْعَرِيضَةِ تَزْدَادُ يُقلاً فِي يَدِهِ ، فَلَمَّا دَخَلَ مَجْلِسَ الْحَاكِمِ انْحَنَى ، وقال : السَّلامُ عَلَى مَوْلايَي وَرَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ وَعَلَيْكَ السَّلامُ ، ونزع جِدَاءَهُ وَخَفٌ إِلَى أريكت الْحَاكم ، ساله الْحَاكِمُ وَهُوَ ينظر باندهاش إلى السلة : مَا هَذَا ؟ إِنَّهُ هَدِيَّةٌ مُتَوَاضِعَةٌ يَا مَوْلاي . - إكشف عما في السلة . بَلْ لِيَتَفَضَّلْ مَوْلايَ بِالْكَشفِ عَمَّا فِيهَا بِنَفْسِهِ . فَمَدَّ الْحَاكِمُ يَدَهُ إِلَى أَوْرَاقِ التِّينِ ، فَإِذَا رَأْسُ عَبْدِ اللَّهِ يَنزِفُ دَماً قَانِيَا قَوَّاراً ، فَاسْتَشَاطَ الْحَاكِمُ غَضَباً ، وَصَاحَ فِي وَجْهِ عَلْوانِ بِغَضَبٍ : أَيَّةٌ وَقَاحَةٍ هَذِهِ ، وَأَيَّةٌ آسْتِهَالة ! أو تَجْرُو عَلَى كُلِّ هَذَا ؟ قسماً لأُنْزِلَنَّ بِكَ الْعِقَابَ الشَّدِيدَ . وَصَفَّقَ فَأَتَاهُ الْحُرَّاسُ مِنْ كُلِّ صَوْبِ ، وَالزَّبَدُ يَتَطَابُرُ مِنْ شِدْقَيهِ ، وَالسُّرُرُ يَنْقَدِحُ مِنْ عَيْنَيْهِ : أو يقوه . فَارْتَمَى عَلُوان » عَلَى قَدَمِي الْحَاكِم يَأْتُمُهُمَا مُتَوملاً مُسْتَنْجِداً فَعَادَ الْحَاكِمُ إِلَى أَرِيكَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ : لَنْ أَرْحَمَكَ حَتَّى أَسْمَعَ جَرِيرَتَكَ . فَاعْتَرَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِجَرِيمَتِهِ ، وَالْحَاضِرُونَ يَتَوَلُّبُونَ لِلانْقِضَاض عَلَيْهِ ، فَلَمَّا عُرِفَ غَدْرُهُ ، قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ : - كَيْفَ تُرِيدُ رَحْمَتِي ، وَكَيْفَ أنتظر منك الإخلاص وَقَدْ قَتَلْتَ مَنْ بِفَضْلِهِ صِرْتَ رَجُلاً ، ألا إِنَّ عَاقة الحيانَةِ قَتْلَةٌ لَيْسَ بَعْدَهَا حَيَاةً ! وَأَرْسَلَ إِلَى زَوْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَطارِ وَأَبْنَائِهِ ، فَلَمَّا مَثْلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ ، اسْتَقْبَلَهُمْ اسْتِقْبَالاً حَسَناً ، لَكِنَّ مُوَاسَاةَ الْحَاكِم لَهُمْ خَفَّفَتْ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ
فَقَدْ وَهَبَهُمُ الْحَاكِمُ دَارا فَحْمَةٌ مُوْتُنَةً أَحْسَنَ تَأْثِيثٍ ، وَأَعْطَاهُمْ مِنَ الْهَدَايَا وَالْهِبَاتِ مَا ظَلَّ مضرِبَ الأمْثَالِ فِي الْقَبِيلَةِ أعْوَاماً وَأعْوَاماً ، وَإِكْرَاماً لابنِ الْعَطارِ الأكْبَرِ ، وَلِرُوح وَالِدِهِ الشَّهُم الْمُخْلِصِ الْحَقَّهُ الْحَاكِمُ بِحَرَمِهِ الْخَاصُ وَزَوْجَهُ ابنته .


النص الأصلي

اشْتَهَرَ عَبْدُ اللَّهِ الْعَطَّارُه فِي قَبِيلَتِهِ بِالتَّقْوَى وَالْوَرَع والإخلاص للأصْدِقَاءِ ، وَحُبِّ الْخَيْرِ لِكُلِّ النَّاسِ . وَكَانَ لَهُ صَدِيقٌ عَابِدٌ غَيْرُ مُبَالٍ بِتَقَلُّبَاتِ الدَّهْرِ ، يَعْمَلُ يَوْمَيْنِ أوْ ثَلَاثَةٌ ، حَتَّى إِذَا مَا أَجْتَمَعَ لَهُ قَدْرٌ مِنَ الْمَالِ انْصَرَفَ إِلَى اللَّهْوِ وَالْمُجُونِ وَالتَّبْذِيرِ ، فَلامَهُ اللائِمُونَ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ لِقَوْمِهِمْ ، وَنَصَحَهُ النَّاصِحُونَ ، فَلَمْ يَأْبَهُ بِنَصَائِحِهِمْ ، وَسَخِرَ مِنْهُ السَّاخِرُونَ فَلَمْ تَتَل مِنْهُ سُخْرِيَّتَهُمْ ، فَتَحَاشَاهُ النَّاسُ ، وَتَجَنَّبُوهُ فِي مُعَامَلاتهم . لَكِنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْعَطَارَ ، صَدِيقَهُ الْوَفِي ، ظَلْ إِلَى جَانِبِهِ يَشْدُّ أَزْرَهُ دُونَ مَلَلِ ، وَيُعَاوِدُ نُصْحَهُ دُونَ يَأْسِ .. وَذَاتَ يَوْمٍ دَعَاهُ إِلَى بَيْتِهِ ، وَأَثْنَاءَ احْتِسَائِهِمَا الشَّايَ ، قَالَ عَبْدُ الله : - ألمْ تُفَكِّرُ فِي حَالِكَ يَا أَخِي عَلْوان » ؟
طأطأ رأسه هنيهة ، ثُمَّ رَفَعَهُ وقال : لَقَدْ فَكَّرْتُ ، وَلَكِنْ مَا الْعَمَلُ ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بِاسْتِعْرَاب : مَا الْعَمَلُ ؟ ! كَيْفَ تَقُولُ هَذَا ؟ ! تنْهدَ عَلَوَان وَقَالَ بِأسَى : لَقَدْ سُدَّتْ أمامي كل الأبواب . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بِثِقَةٍ وَعَزم : - اسْمَحْ لِي إِذَا قُلْتُ لَكَ إِنَّكَ أَنتَ الَّذِي أَغْلَقْتَ عَلَى نَفْسِكَ كُل الأبواب ، أمَّا سُبُلُ الْحَيَاةِ فَكَثِيرَةً وَمُتَعَدِّدَةٌ . اغْرَورَقَتْ عَيْنَا عَلْوَان وَقَالَ بِنَدَم وَحَسْرَةٍ : لَيْتَنِي عَمِلْتُ بِنَصَائِحِكَ ، لَقَدْ فَاتَ الأَوَانُ ! فَرَبَّتَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى كَيْفَيْهِ ، وَقَالَ لَهُ مُوَاسِيّاً : - لَمْ يَقُتِ الأَوَانُ بَعْدُ ، وَفِي إِمْكَانِكَ أَنْ تُعَوِّضَ مَا فَاتَ ، وَتَتَدَارَكَ الْأَخْطَاءَ بِالصَّوَاب . - هيهات .. هَيْهَاتَ !!
فابتسم وعَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ لَهُ : أعدك بأنك ستعوض كُل ما فات بشرط ! أَدَارَ عَلَوَان رَأْسَهُ نَاحِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بِيُعَلِّي ، وَتَسَاءَلَ : يشترط ؟ ! أَجَلُ بِشَرط وَاحِدٍ ! - وَمَا هُوَ ؟ - هُوَ الْوَفَاء وَالإخلاص . - وَكَيْفَ ذلك ؟ البَسَطَتْ أَسَارِيرُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَصَبْ كَاسَيْنِ مِنَ الشَّاي السَّاحِنِ ، قَدَّمَ أَحَدَهُمَا لِـه عَلُوان » ، وَتَنَاوَلَ هُوَ الآخر ، وَبَعْدَ أن احْتَسَى حَسَوَتَيْنِ قَالَ : ما رَأيك في أنْ تُصْبِحَ شريكاً لي ؟ قَالَ عَلُوان » باندهاش :
عَمَلُك . شريكاً لك ١٢ كيف ؟ ومن أين لي بالمال ١٢ الْمَالُ الْحَقِيقِيُّ يَا عَزِيزِي هُوَ ذِرَاعَاكَ ، وَهُوَ عَرَقكَ ، هُوَ لكن !! دَعْ عَنكَ كُل ذَلِكَ ، وَقُلْ لِي هَلْ أَنتَ مُوَافِقُ عَلَى المشروع ؟ موافق .. وَتَصَافَحَا بِحَرارةٍ ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ » : - إِذَنْ ، غَداً - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - سَتَذْهَبُ إلَى السُّوقِ معاً ، وَسَأَشْتَرِي لَكَ كُلُّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ . - شكراً لك .. وَتَعَالَقًا بِمَوَدَّةٍ وَحَنَانٍ ، وَالصَرَفَ عَلُوان ) إِلَى كُوخِهِ فِي أَطْرَافِ الْقَرْيَةِ ، يَكَادُ يَيْبُ فَرَحاً وَغِبْطَةً ، وَهُوَ يَوَدُّ لَوْ يُعَانِقُ كُل الَّذِينَ الْتَقَى بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ ، وَبَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَة يَحْلُمُ بِالْمَالِ يتدفق عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَهَةٍ ، فَيَمْلأُ جُيُوبَهُ وَأَقْفَافَهُ وَأَكْيَاسَهُ ، وَيَلْهُو وَيَعِتُ
وَيَتَزَوَّجُ وَيَسْكُنُ قَصْراً لا مثيل لَهُ فِي الْقَبِيلَةِ ، وَيُنجِبُ أَولاداً تتالق وُجُوهُهُمْ كَالنُّجُوم ... وَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَتَوَضًا وَصَلَّى ، وشكر الله الَّذِي هَدَاهُ إِلَى عَمَلٍ الْخَيْرِ ، وَدَعَا لِصَدِيقِهِ عَلَوَانِ بِالْهِدَايَةِ والتوفيق . اللَّيْلِ ، قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ رَأْسَهُ إِلَى الْوِسَادَةِ ، أَخْبَرَ زَوْجَتَهُ بِمَا اعْتَرَمَهُ ، فَأَظْهَرَتْ لَهُ تَخَوفَهَا مِنْ عَلُوان » الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ بالْإِهْمَالِ وَالْعَدْرِ وَعَدَمِ الإِحْسَاسِ بِالْمَسؤولية ، لَكِنَّهُ قَالَ لَهَا - يَا زَوْجَتِي الْعَزِيزَةُ .. لاشك أنَّ الشَّيْطَانَ سَاوَرَكِ كَيْفَ تَنْهَيْتَنِي عَنِ الْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَأْمُرُنَا بِهِ ؟ ! فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ يَتَوَدُّدٍ : - حاشا أَنْ أَصْدَّكَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ، بَيْدَ أَنِّي أَرَاكَ تَجْعَلُهُ فِي غَيْرِ أهْلِهِ .



  • يَا أَمِينَةُ .. إِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ . وَعَسَاهُ سُبْحَانَهُ أَن يَجْعَلَ هِدَايَةً هَذَا الرُّجُلِ عَلَى يَدِي . وَسَكَنَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى مَضَضَ ، وَنَفَخَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى ذُبَالَةِ السَّمْعَةِ ، فَأَضْطَرَبَ اللَّهَبُ قَلِيلاً ثُمَّ انْطَفَاً ، فَوَضَعَ عَبْدُ اللَّهِ » رَأْسَهُ عَلَى الْوِسَادَةِ وَأَغْمَضَ عَيْنَيْهِ وَالرِّضَا يَعْمُرُ قَلْبَهُ ، وَالإطْمِعْنَانُ يَمْلأُ نَفْسَهُ ، وَالأمَل يَزِيدُهُ عَزْماً وَيْقَةً وَحُبّاً لِعَمَلِ الْخَيْرِ . وَعِنْدَ ايلاج الصبح قَامَ عَبْدُ اللَّهِ » فَتَوَضًا وَصَلَّى ، وَابْتَهَلَ إلَى اللَّهِ أَنْ يَرْعَى خُطَاهُ ، وَيَشَدَّ أَزْرَهُ ، ثُمَّ وَضَعَ الْبَرْدَعَةَ عَلَى ظَهْرٍ الْحِمَارِ ، وَوَضَعَ عَلَيْهَا الْمَحْمِلَ ، وَوَدَّعَ زَوْجَتَهُ ، ثُمَّ سَاقَ حِمَارَهُ ، وَسَارَ إِلَى كوخ علوان » ، فَنَادَاهُ ، وَكَانَ عَلُوان لايزال نائِماً ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّدَاءَ ، قَامَ مُضْطَرِباً ، وَارْتَدَى ثِيَابَهُ عَلَى عَجَلٍ ، ثُمَّ خَرَجَ مُرْتَبِكَاً ، فَلَمَّا رَأى عَبْدَ اللَّهِ يَنتَظِرُهُ ، الْقَى التَّحِيَّةَ الصَّبَاحِيَّةَ ، وَاعْتَذَرَ لَهُ عَنْ تَأخُرِهِ فِي النَّوْمِ ، ثُمَّ حَنَّا عُطَاهُمَا إلى السوق .
    كانت الشمس قد أزلفت بحوالي قاتلين جينما لأخت لَهُمَا عِيم السوق ، وما ليك أدائهما أن القطك علية المكترين وَالْبَائِعِينَ ، وَصَبَاحَ الديكة ، ولغاء الشياء ، والهيل الخبير ، وتوار الثيرَانِ ، وَصَهِيلَ الْخُيُولِ ، وَأَعْدًا يَلمان روائح الإسفنج المقلي والشاي المنعنع ، والخبر الساعي ، وذرات الغبار المنار الناه حركات الزوار فيد وعبد اللهِ حِمَارَهُ خارج سور السوق ، وتعاون مع وعَلوَان عَلَى نَقُلِ الْمَحْمِل إِلَى خَيْمَةٍ أَحَدِ أصْدِقَالِهِ التجار فالمنَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ سَاز هُوَ وَصَدِيقُهُ عَلُوان » إلى سوق التوابل فَأَشْتَرى كَمياتٍ مِنَ الإبْرارِ وَالْكَمُونِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْقَرنفل وَالْفِرْفَةِ وَالشيح . وَالشَّبُ وَالْمِلْحِ والقَطرَانِ وَالْخُزامى والصابون وَالْعَاسُولِ وَالزَّيْتِ وَالْحَنَّاءِ وَالصَّعتر والثوم والحرمل ... إلخ . وَكَانَتِ الشَّمْسُ قَدْ تَوَسَطَتْ كبد السَّمَاءِ ، وَرَاحَتْ تُرسل أَشِعَتَهَا الْمُحْرِقَة فَتَكْوِي الْجِبَاءَ وَالرؤوس ، وَكَانَ عَلْوَان يَقُولُ ، مِن حين لآخر ، لِعَبْدِ اللَّهِ » ، وَقَدِ ازْدَادَ ضِيقُهُ وَمَلَلهُ

  • يَكْفِي هَذَا الْقَدْرُ ، لَقَدْ تَعِبْتُ . وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَحُتُهُ عَلَى الصَّبْرِ وَالتَّجَلدِ ، وَيَقُولُ لَهُ : الله عبداً عَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأَثْقَتَهُ . - رحم وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالْأُخْرَى يَدْعُو عَلَوَانِ » إِلَى الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ عِدَّةٍ أَلْوَاعَ مِنَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ ، لِيَخْتَبِرَ ذَكَاءَهُ وَقُدْرَتَهُ عَلَى التَّمْبِيرِ بَيْنَ الْجَيْدِ وَالرَّدِيءِ ، لَكِنَّ عَلَوَانِ كَانَ يَعْتَذِرُ حِيناً ، وَيُخْطِيءُ حِيناً آخَرَ ، وَقَلَّمَا كَانَ يَهْتَدِي إِلَى الْبِضَاعَةِ الْجَيِّدةِ . وَأَحْيَاناً أُخْرَى كَانَ يَدْفَعُهُ إِلَى الْمُسَاوَمَةِ وَتَحْدِيدِ الثَّمَنِ الْمُنَاسِبِ ، فَكَانَ يَتَبَرَّمُ تَارَةً ، وَيَفْشَلُ أُخْرَى ، وَنَادِراً مَا كَانَ ولَمَّا أَنْتَهَيَا مِنَ الشَّرَاءِ الْتَفَتَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى صَدِيقِهِ ، عَلْوان » وَقَالَ لَهُ وَهُوَ يَبْتَسِمُ : - وَالآنَ هَبَّا إِلَى الْمَقْهَى . الْحَمْدُ لِلَّهِ ، إِنَّ رِجْلِي قَدْ قُطِّعَنَا مِنَ التَّعَبِ وَالإِرْهَاقِ .
    لا عَلَيْكَ .. فَسَوْفَ تَنَالُ مِنَ الرَّاحَةِ وَالرِّضَا مَا يُنسِيكَ كُلِّ تَعَب وَإِرْهَاقٍ . شربا الثاني ، وأكلاً الإسفنج ، واستراحا في مقهى السوق لَحْظَةً ، قَامَ بَعْدَهَا عَبْدُ اللَّهِ فَأَدَّى الثَّمَنَ ، وَمَدَّ يَدَهُ لِعَلَوَان الَّذِي اسْتَطَابَ الِاسْتِلْقَاءَ عَلَى حَصِيرِ الْمَقْهَى ، فَانْهَضَهُ ، وَقَالَ هيا .. يَجِبُ أَنْ تَبْدَأُ التجوال قبل سقوطِ الظَّلام . فَعَمْعْم علوان » وَهُوَ يُغَالِبُ الْكَسل : هيا .. وَمَشَيَا وَرَاءَ الْحِمَارِ الْمُتَقَلِ بِالْمُشْتَرَيَاتِ ، وعَلُوان » يَضْرِبُهُ بِالْعَصَا ، وَعَبْدُ اللَّهِ يَصِيحُ بِصَوْتِهِ الْجَهْوَرِي ، كُلَّمَا حَاذَيَا قَرْيَةً أوْ دُوَاراً أَوْ مَسْكَناً : هات هر هرايت هات هرهرايت الْحَنا بالشراؤط وَالْغَاسُولُ بِالشراوط وَالْخَزَامَى بالشراوط والقطران بالشراوط ها الْعَطَارُ ، هَا الْعَطَارُ
    فكانت النسوة تَخْرُجْنَ إِلَيْهِمَا ، وَتَخَلَّقَنَ حَوْلَ الْحِمَارِ تَخْبِرْنَ الْبَصَائِعَ وَتُسَاوِ مَنَ أَثْمَانَهَا ، وَتَشْتَرِينَ مَا تَجِدْتَهُ مِنْهَا جَيداً وثَمَي مناسب . وَهَكَذَا رَاحًا يَتَقَلانِ مِنْ دُوَارٍ إِلَى آخَرَ ، وَمِنْ قَرْيَةٍ إِلَى أُخْرَى وَمَرتِ الأَيَّامُ ، فَاكْتَسَبَ عَلُوان » خِبْرَةً لَآبَأْسَ بِهَا ، وَبَدَأ يَتَذَوَّقُ حَلاوَةَ الأَرْبَاحِ ، فَتَوَلَّدَتْ لَدَيْهِ رَعْبَةُ الإِسْتِحْوَاذِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَالربح معاً ، وَيَوْماً عَنْ يَوْم كَبُرَ شَرَهُهُ لِلْمَالِ ، وَشَعْفُهُ بِهِ ، وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْيَانِ ، كَانَ الشَّيْطَانُ يُوَسْوِسُ فِي صَدْرِهِ ، وَيُمْلِي عَلَيْهِ أَفكاراً شَرِيرَةً ، لَكِنَّهُ كَانَ يَتَذَكَّرُ إِنْعَامَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَيَسْتَحِي وَيَخْجَلُ . وَذَاتَ يَوْمٍ تَوَفَّفَا تَحْتَ ظِلالِ شَجَرَةٍ تِينِ ، مُتَفَرِّعَةِ الْأَعْصَانِ ، وارفة الظلالِ فِي مَكَانٍ خَالٍ مِنَ السُّكَانِ ، فَهَبَّتْ عَلَيْهِمَا أَنْسَام لطِيفَةُ العَشتْهُمَا ، وَمَشَيَا إِلَى بِرٍ قَرِيبٍ مِنْهَا ، فَاسْتَقَيَا لَهُمَا وَالْحِمَارِ ، وَأنزلاً عَنْهُ الْمَحْمِلَ وَالْبَرْدَعَةَ ، وَاسْتَسْلَمَا لِغَفَوَةٍ
    قَصِيرَةٍ ، قَامَ إِثْرَهَا عَلوان » ، فأيقظ وعبد الله » ، وسأله : ألا ترى أن شعر دقيْنَا قَدْ طَالَ ١٢ وَهَذَا مَكَانٌ مُنَاسِبُ الحلاقة . فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ يَتَحَسَّسُ ذَقَتَهُ ، وَقَالَ : أَجَلُ نِعْمَ الإقْتِرَاحُ ! فَأَسْرَعَ عَلُوان ) بِتَحْضِيرِ أُدَوَاتِ الْخِلاقَةِ ، وَحَمَلَ حَجْرَة وَضَعَهَا قُرْبَ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لَهُ : تفضل إجلس . بَل أَجْلِسُ أَنتَ .. لا ، سأخلقُ لَكَ أولاً ، ثُمَّ تَحْلِقُ لِي . فَابْتَسَم عَبْدُ اللَّهِ » ، وَقَالَ : كُنتُ أُرِيدُ أَجْراً فَسَيَقْتَنِي إِلَيْهِ . لَمَعَتْ فِي عَيْنِي عَلُوان » الْحَمْرَاوَيْنِ وَمُضَةً شَرِ ، وَأَمْسَكَ قِطْعَةَ صَابُونٍ بِبَدٍ مُرْتَبِكَةٍ ، وَحَكَهَا عَلَى جِلْدِ صَدِيقِهِ عَبْدِ اللَّهِ » ،
    ثُمَّ أَخَذَ الْمُوسَى وَأَمْضَاهُ عَلَى حَجْرٍ أَمْلَسَ ، فَلَمَّا شَعْ بَرِيقُهُ ، قَرَّبَهُ مِنْ وَجْهِ صَدِيقِهِ ، وَهُوَ يُرْتَجِفُ . لَمَحَهُ وعَبْدُ اللَّهِ » ، فَقَالَ لَهُ بِاسْتِعْرَاب : مَا لَكَ تَرْتَعِدُ هَكَذَا ؟ ! خَشِي عَلَوَانِ أَنْ يَكُونَ صَدِيقُهُ قَدْ قَرَأَ مَا فِي نَفْسِهِ ، فَحَاوَلَ التَّعْمِيَّةَ بِقَوْلِهِ : - إنبي ... إِنَّنِي أحْلِقُ لِغَيْري لأول مرةٍ ، وَأَخَافُ أَنْ أجْرَحَك . ضَحِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ : لا تخش شيئاً ، فَإِنِّي سَمْح صَبُورٌ . وَضَعَ عَلَوَانِ شَفْرَةَ الْمُوسَى عِنْدَ عِذَارِ ( 1 ) صَدِيقِهِ ، عَاضَاً عَلَى شَفَتِهِ ، ثُمَّ دَفَعَهَا فَانْسَابَتْ عَلَى وَجْهِهِ تَحْصُدُ شَعْرَهُ الْكَتْ مُحْدِثَةٌ صَوْتاً كَالْخَشْخَشَةِ .
    قالَ عَبْدُ اللَّهِ مُمَازِحاً صَدِيقَهُ : أَشْهَدُ أَنَّكَ حَلاقٌ مَاهِرٌ . فَلَمْ يَرُدُّ عَلَيْهِ عَلَوَان » ، كَانَ عَرَفُهُ يَتَصَبَّبُ ، وَعَيْنَاهُ تَقْدَحَانِ الشَّرَرَ ، وَشَفَتَاهُ تَرْتَعِشَانِ . فَلَمَّا حَاذَى تُفاحة آدم رم شَفَتَيْهِ وَأَغْمَضَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ ضَعْطَ عَلَى الْمُوسَى فِي حَنْجَرَةِ صاحِبِهِ بِقُوَّةٍ وَوَحْشِيَّة ، فَهَبَّ عَبْدُ اللَّهِ مَذْعُوراً ، وَدَفَعَ عَلَوَانَ » بيَدِهِ بِعُنْفِ فَسَقَطَ أَرْضاً ، وَأَخَذَ يَعْدُو كَالْحِصَانِ الْجَامِحِ ، يَخْبِطُ صَدْرَهُ وَفَخِذَيْهِ مُحَشرجاً ، وَالدَّمُ يَتَطَايْرُ مِنْ حَنْجَرَتِهِ كَالْمَاءِ الصيب ، وَمَا أنْ جَرَى خُطُوَاتٍ حَتَّى تَهَاوَى مُتَمَرِّعاً فِي التُرابِ ، وَ عَلَوَانَ يَنظُرُ إِلَيْهِ دَهِشاً مَذْعُوراً ، حَتَّى أَسْلَمَ الرُّوحَ ، فَقَامَ إِلَيْهِ فق جُيُوبَهُ ، وَأخَذَ مِحْفَظَتَهُ ، وَتَنَاوَلَ عِمَامَتَهُ ، فَتَشَرَهَا وَفَتَلَهَا ، ثُمَّ رَبَطَ بِهَا الْجُنَّةَ وَسَحَبَهَا ( 3 ) إِلَى أَسْفَلِ النِّينَةِ ، حَيْثُ حَفَرَ حُفْرَةً وَارَى فِيهَا الْجُنَّةَ وَأَمَالَ عَلَيْهَا التُرابَ ، وَدَكَّهُ بِرِجْلَيْهِ . وَإِذْ
    ذاك أحس بالزياح ( 1 ) الْحِمْلِ الَّذِي طالما أنقَلَ كَاهِلَهُ ، وَهم إلَى صَدْرِهِ الْمِحْفَظَة وقبلها ، ثُمَّ جَهَرَ الْجَمَارَ وَسَاقَهُ وَهُوَ يَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَيَسرَةً ، خَوْفاً مِنْ أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ ، وَمَا عَلِمَ أَنَّ عَيْنَ اللَّهِ لَا تَنامُ وَمَرَّتْ شُهُورٌ ، وَعَلَوَانِ يَطُوفُ غَيْرَ الْقُرَى وَالدَّوَاوِيرِ ، يَبِيعُ ملْعَتَهُ ، وَأَرْبَاحُهُ تَزيدُ ، وَجَرِيمَتُهُ تُنسَى ، إلى أن مرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِالْقُرْبِ مِنْ شَجَرَةِ التِّينِ ، فَتَذَكَّرَ فَعْلَتَهُ ، وَحَدَّثَتُهُ نَفْسُهُ أن يستطلع أَخْبَارَ الْقَبْرِ الْمَنْسِي عِندَ جُذُوعِهَا ، فَأَدَارَ حِمَارَهُ نَاحِيَتَهَا ، وَضَرَبَهُ بالْعَصَا فَنَشِيط في سيره إليها . ترك الْحِمَارَ قُرْبَ الْبِفْرِ ، وَهُرِعَ نَحْوَهَا ، فَأَثَارَتْ الْتِبَاهَهُ فَاكِهَةُ التِّينِ الْكَبِيرَةُ الْمُمْتَلِكَةُ حَلَاوَةَ الرَّاشِحَةُ عَسَلاً ، الْمُتَشَقَّقَةُ نُصْحاً ، فَكَادَ يَنْصَرِفُ إِلَيْهَا ، لَوْلاَ رَغْبَتُهُ الشَّدِيدَةُ فِي مَعْرِفَةِ مَصِيرِ الْقَبْرِ ، فَأَرْجَا أَمْرَهَا إِلَى حِينٍ ، وَالْحَنَى قَلِيلاً ، ثُمَّ
    دَلَفَ تَحْتَ الْعُصُونِ الْمُثْقَلَةِ بِالتِّينِ الدَّانِي الْقُطُوفِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْجِذْعِ ، فَدَارَ حَوْلَهُ وَالدَّهْشَةُ تَعْقِدُ لِسَانَهُ ، لَقَدِ اسْتَوَى أديم الأرض وَلَمْ يَبْقَ هُناك أثر لِلْقَبْر . شرَدَ ذِهْنُهُ وَتَسَاءَلَ : تُرَى أَنبَسٌ أَحَدُ الْمَارَةِ الْقَبْرِ ، فَتَعرف عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَحَمَلَهُ إِلَى أَهْلِهِ ؟ أم أن عَبْدَ اللَّهِ لَمْ يَمُتْ فِعلاً ، وَاسْتَطَاعَ الْخُرُوجَ مِنَ الْقَبْرِ ١٢ أم ... ماذا ؟ ! وَبَعْدَ لَحْظَةٍ مِنَ التَّفْكِيرِ الْمُضْطَرِب انتَبَةَ إِلَى نَفْسِهِ ، فَقَامَ ، كَيفَيْهِ مُسْتَخِفَاً بالنتيجة ، وَتَنَاوَلَ سَلَّةٌ مِنْ أَكْبَرِ سِلالِهِ ، وَرَاحَ يَضَعُ فِيهَا تِيناً يَانِعاً مُكْتَبراً لَمْ يَرَ مِثْلَهُ فِي حَيَاتِهِ ، وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ : - هَذَا الدِّينُ الْعَرِيبُ كَيْفَ نَبَتَ فِي هَذِهِ النَّاحِيَةِ الْمَهْجُورَةِ ؟ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَنْ ذَاقَ مِثْلَهُ ، فَمَا أَجْمَلَهُ هَدِيَّةٌ نَادِرَةً ، لَكِنْ لِمَنْ أهْدِيهَا ؟؟؟ إِنِّي لَنْ أَسْتَطِيعَ الْعَوْدَةَ إِلَى الْقَرْيَةِ خَشْيَةَ الْفَضِيحَةِ وَالْجَزَاءِ ،
    وَلَوْ أَسْتَطِيعُ لِأَهْدَيْتُهَا لِابْنَةِ عَنِّي عَسَاهَا تَمِيلُ إِلَيَّ ، وَتُحَقِّقُ أَمْبَينِي الزواج بِهَا ، لَكِنْ أَنَّى لِي ذَلِكَ ؟ ! في وَفَكَّرَ مَلِيّاً ، وأخيراً فَادَهُ حُبُّهُ لِلْمَالِ وَالْجَاهِ إِلَى فِكْرَةِ ، وَهِي أن يَحْمِلَ هَدِيَّتَهُ التَّمِينَةَ إِلَى الْحَاكِم ! حَمَلَ عَلَوَانِ سَلْتَهُ إِلَى الْقَصْرِ ، وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالْجَاهِ الَّذِي يَنتَظِرُهُ ، وَيَحْلُمُ بِمُقَاتِلَتِهِ لِلْحَاكِم . اقْتَرَبَ مِنْ أَحَدٍ الْحُجَّابِ ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ مَوْلاهُ فِي الامتثالِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، لِيُقَدِّمَ إِلَيْهِ هَدِيَّةٌ غَرِيبَةً . غَابَ الْحَاجِبُ لَحْظَةً ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ إِلَى مَجْلِسِ الْحَاكِم . تَقَدَّمَ عَلَوَان جَدِلاً ( 2 ) وَسَلَّتُهُ الْمُعْطَاةُ بِأَوْرَاقِ التّين الْعَرِيضَةِ تَزْدَادُ يُقلاً فِي يَدِهِ ، فَلَمَّا دَخَلَ مَجْلِسَ الْحَاكِمِ انْحَنَى ، وقال : السَّلامُ عَلَى مَوْلايَي وَرَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ وَعَلَيْكَ السَّلامُ ، مَاذَا وَرَاءَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ ؟
    القسم علوان » ، ونزع جِدَاءَهُ وَخَفٌ إِلَى أريكت الْحَاكم ، وقَدَّمَ إِلَيْهِ الْهَدِيَّة . ساله الْحَاكِمُ وَهُوَ ينظر باندهاش إلى السلة : مَا هَذَا ؟ إِنَّهُ هَدِيَّةٌ مُتَوَاضِعَةٌ يَا مَوْلاي . - إكشف عما في السلة . بَلْ لِيَتَفَضَّلْ مَوْلايَ بِالْكَشفِ عَمَّا فِيهَا بِنَفْسِهِ . فَمَدَّ الْحَاكِمُ يَدَهُ إِلَى أَوْرَاقِ التِّينِ ، وَأَزَاحَهَا ، فَإِذَا رَأْسُ عَبْدِ اللَّهِ يَنزِفُ دَماً قَانِيَا قَوَّاراً ، فَاسْتَشَاطَ الْحَاكِمُ غَضَباً ، وَصَاحَ فِي وَجْهِ عَلْوانِ بِغَضَبٍ : أَيَّةٌ وَقَاحَةٍ هَذِهِ ، وَأَيَّةٌ آسْتِهَالة ! أو تَجْرُو عَلَى كُلِّ هَذَا ؟ قسماً لأُنْزِلَنَّ بِكَ الْعِقَابَ الشَّدِيدَ . وَصَفَّقَ فَأَتَاهُ الْحُرَّاسُ مِنْ كُلِّ صَوْبِ ، فَصَاحَ فِيهِمْ
    وَالزَّبَدُ يَتَطَابُرُ مِنْ شِدْقَيهِ ، وَالسُّرُرُ يَنْقَدِحُ مِنْ عَيْنَيْهِ : أو يقوه . فَارْتَمَى عَلُوان » عَلَى قَدَمِي الْحَاكِم يَأْتُمُهُمَا مُتَوملاً مُسْتَنْجِداً فَعَادَ الْحَاكِمُ إِلَى أَرِيكَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ : لَنْ أَرْحَمَكَ حَتَّى أَسْمَعَ جَرِيرَتَكَ . فَاعْتَرَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِجَرِيمَتِهِ ، وَرَأْسُهُ مُطَاطَاً ، وَالْحَاضِرُونَ يَتَوَلُّبُونَ لِلانْقِضَاض عَلَيْهِ ، وَالِاقْتِصَاصِ مِنْهُ ، وَالْخَرَسُ يَرُدُّونَهُمْ . فَلَمَّا عُرِفَ غَدْرُهُ ، وَبَانَ سِرُّهُ ، قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ : - كَيْفَ تُرِيدُ رَحْمَتِي ، وَقَدْ فَضَحَ اللهُ عَدْرَكَ ، وَكَيْفَ أنتظر منك الإخلاص وَقَدْ قَتَلْتَ مَنْ بِفَضْلِهِ صِرْتَ رَجُلاً ، ألا إِنَّ عَاقة الحيانَةِ قَتْلَةٌ لَيْسَ بَعْدَهَا حَيَاةً ! وَأَرْسَلَ إِلَى زَوْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَطارِ وَأَبْنَائِهِ ، فَلَمَّا مَثْلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ ، اسْتَقْبَلَهُمْ اسْتِقْبَالاً حَسَناً ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِفَعْلَةِ الْمُجْرِمِ ، فَبَكَوا وَأَعْوَلُوا ، لَكِنَّ مُوَاسَاةَ الْحَاكِم لَهُمْ خَفَّفَتْ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ
    مُصَابِهِمْ . وَلَمَّا كَانَ عَائِلُهُمْ قَدْ قُتِلَ ، فَقَدْ وَهَبَهُمُ الْحَاكِمُ دَارا فَحْمَةٌ مُوْتُنَةً أَحْسَنَ تَأْثِيثٍ ، وَأَعْطَاهُمْ مِنَ الْهَدَايَا وَالْهِبَاتِ مَا ظَلَّ مضرِبَ الأمْثَالِ فِي الْقَبِيلَةِ أعْوَاماً وَأعْوَاماً ، وَإِكْرَاماً لابنِ الْعَطارِ الأكْبَرِ ، وَلِرُوح وَالِدِهِ الشَّهُم الْمُخْلِصِ الْحَقَّهُ الْحَاكِمُ بِحَرَمِهِ الْخَاصُ وَزَوْجَهُ ابنته .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

الوظائف الرئيسي...

الوظائف الرئيسية الإشهار التلفزيوني: يعد الإشهار المتلفز من أهم الانشطة التسويقية في المؤسسات الحديث...

هنالك عدة تقدير...

هنالك عدة تقديرات لتاريخ وجود الإنسان على الأرض، بعضها يوغل في القدم ويعود للخلف ملايين السنين، والب...

The advantage o...

The advantage of using UFP with firewalls is that it's claimed to work perfectly alongside all firew...

ولأخذ القياسات ...

ولأخذ القياسات نستخدم أحدى طريقتين حسب نوع العمل والمخطط المراد عمله . فإن كان المطلوب عمل كروكيات ت...

How we really s...

How we really spend our time Time, it seems, is what we're all short of these days. One reason perha...

آخر فترة ، تزاي...

آخر فترة ، تزايدت النقاشات حول المنظمات التعليمية وأصبح هناك الكثير من الأبحاث والدراسات التي تتناول...

يقوم المخطط بعد...

يقوم المخطط بعد الانتهاء من تصميم وإعداد الخطة الرئيسية وتوابعها بعمل تقرير علمي شامل لكافة المراحل ...

مفهوم الوقت واد...

مفهوم الوقت واداراته: هو راس المال الحقيقي وهو مورد هام من موارد الإدارة وإدارة الوقت هي بمثابة علم ...

عبار : يئامنيسل...

عبار : يئامنيسلاو يح رسلما نفلا ...................... .......... ي ط بص ة دي بع /د . أ... 0202 / 02...

لجً شزبء اٌؼبٓ١...

لجً شزبء اٌؼبٓ١ِ 1947 ٚ 1948 ػجش صٚط ٚاحذ ِٓ اٌزئبة ع١ٍذ ثح١شح عٛث١شٛ٠س ٚٚصً اٌغض٠شح ٚخالي اٌغٕٛاد ا...

تهدف الدراسة إل...

تهدف الدراسة إلى محاولة الربط بين فكر التسويق المعاصر الذي يعتبر العميل محورا لكافة الممارسات التسوي...

كيف تهدف رؤية ا...

كيف تهدف رؤية السعودية 2030 لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة؟ وبصفة خاصة، فإن الهدف يتمثل في رفع مساه...