لخّصلي

يتم إدراك أهمية الثقافة المالية من خلال التطورات الجارية في مجال الخدمات و المنتجات المالية و ما تحتمه هذه التطورات من ضرورة التثقيف المالي للأفراد من اجل اتخاذ القرارات المالية الصحيحة والمفاضلة بين الخيارات المالية المتاحة، مما يضمن الرفاهية الاقتصادية للفرد والمجتمع ككل، ومن بين
هذه التطورات التي تحتم ضرورة التثقيف المالي للفرد
نذكر
(Harsha: jaruwala, 2013, p22,23,24,25)
الابتكارات في المنتجات والخدمات المالية: إن زيادة عدد المستهلكين في السوق المالي سمح بظهور منتجات وخدمات مالية جديدة، في ظل تحرير ورفع القيود عن السوق المالي وتطور وسائل الإعلام والاتصال. وأن معرفة وفهم هذه الابتكارات هو أمر ضروري بالنسبة للمستهلكين، لأن هذه الابتكارات لا تقتصر على توفير الزيادة في الخيارات المالية وفقط بل تعتبر كذلك تحديات بالنسبة للمستهلك، من اجل معرفة وتحديد الفوائد والمزايا وكذا التكاليف والمخاطر المرتبطة بهذه الابتكارات.

• التغيرات الطارئة في الأسواق المالية المحلية قامت العديد من الدول النامية بتغيير هيكلة أسواقها المالية، وجعلها أكثر تحررا، حيث رفعت القيود على المستهلكين والمستثمرين الأجانب من اجل زيادة التدفقات المالية والاستثمارات الأجنبية في الأسواق المحلية، وذلك من اجل زيادة معدلات النمو الاقتصادي للبلد. إن نقص الخبرة والمعارف حول كيفية عمل هذه الأسواق المالية، وعدم امتلاك الأفراد لوعي كاف حول المزايا والفرص التي تقدمها هذه الأسواق المالية الحديثة، يجعلهم لا يتقون في الحلول المالية الجديدة والمبتكرة، ويفضلون الطرق والوسائل التقليدية لاستثمار أموالهم، وينتج عن هذا عدم قدرة الأفراد على استغلال الفرص والفوائد التي تمنحها المؤسسات المالية الحديثة، سواء المتعلقة بالخدمات أو المنتجات المالية.


• تعدد مزايا المنتجات المالية: إن زيادة التعقيد في المنتجات والخدمات المالية، يعني وجود إزعاج وحيرة لدى شخص عادي عند اتخاذه للقرارات المالية، ربما زيادة هذه الحيرة لدى الأفراد ليست فقط بسبب ظهور أسواق مالية جديدة ووسائل وأدوات مالية حديثة، أو بسبب المؤسسات المالية التي تقدم منتجات مالية معقدة، ولكن هي أيضا بسبب عدم قدرة الأفراد على إدراك ووعي أهمية الإحاطة بالمفاهيم المالية الحديثة، وعدم العمل على زيادة التثقيف المالي في هذا المجال، فالمنتجات المالية كانت تقسم في الأساس إلى صنفين الادخار والاقتراض، فالادخار هو أداة لمواجهة الظروف المستقبلية أو من اجل القيام باستثمارات مالية، فالادخار ينأتى من المكاسب المالية الحالية والخدمات المرافقة للائتمان، أما الاقتراض فهو من أجل مواجهة الظروف الحالية بالاعتماد على المكاسب المستقبلية، لكن اليوم المستهلك لديه العديد من الأدوات المالية المتنوعة التي تقدم مجموعة واسعة من المزايا والخيارات، والتي تتعلق بالرسوم، معدلات الفائدة، مدة العقد المخاطر، منح التقاعد التأمين العملات الرقمية، الأسهم والسندات الرقمية .... الخ. إن نوعية بعض هذه المنتجات المالية من الصعب فهم آثارها المالية على المستخدمين والمستثمرين فيها، حيث أنها تتطلب استثمار على المدى المتوسط والطويل مع تحمل المخاطر المرافقة لها، حيث يكون هناك أيضا وقت كبير بين الاستثمار الذي تم إجراؤه والعائد المنتظر، أن فهم المزايا المتعددة لهذه المنتجات والخدمات المالية، أمر جد صعب بالنسبة للأشخاص العاديين مما يؤدي إلى زيادة نسبة المخاطرة لديهم، ويتطلب البحث عن حجم أكبر من المعلومات لإجراء المقارنة عبر العديد من العوامل التي تجعل اتخاذ القرار أكثر تعقيدا وجد متأخر.

زيادة مسؤولية الفرد داخل الأسرة إن هيكل الأسرة يتطلب وجود فرد داخلها يقوم باتخاذ مجموعة من القرارات المالية المرتبطة بالإتفاق الادخار الاستثمار الاقتراض .... الخ، هذه القرارات لا تتعلق فقط بالفرد المتخذ للقرار وانما كذلك بالأسرة التي يدنمى إليها. إن الأفراد مطالبون بتحمل المزيد من المسؤولية لضمان الحاجيات الضرورية والأساسية لأسرهم من تعليم طعام، علاج، تأمين .... الخ. بالإضافة الى.
هذا فإن زيادة التكاليف المعيشية تحتم على متخذي القرار داخل الأسرة وضع خطط مالية لضمان الحياة الكريمة لأسرهم.

الزيادة في متوسط العمر لدى الأفراد: إن الزيادة في متوسط العمر للفرد تعني وجود إمكانية زيادة الإنفاق في مرحلة التقاعد، وبالتالي وجود حاجة أكبر للتخطيط المالي، والتأمين الموسع على الحياة وزيادة النفقات المتعلقة بالرعاية الصحية، مما أدى ببعض حكومات الدول إلى الانتقال من خطة المنافع المحددة خلال التقاعد، إلى خطة المساهمة المحددة والمعروفة بخطة المعاشات التقاعدية الجديدة، فمنذ
العقد الماضي كان هناك انتشار واسع لتحويل المخاطر من الحكومات والمستخدمين إلى الأفراد
فالحكومات بدأت في تخفيض نسب الدعم المعاشات التقاعد، وبعضها قام بتخفيض المنافع الصحية الممنوحة للأفراد. فقد حلت خطط المعاشات التقاعدية محددة المساهمة محل خطط المعاشات التقاعدية محددة المزايا، حيث حولت المسؤولية إلى العمال لتوفير أمنهم المالي بعد التقاعد، وقد أظهرت العديد من الإحصائيات أن العديد من العمال لا يدركون الخطر الذي يجب عليهم مواجهته الآن ولا يملكون المعارف الكافية والمهارات الأزمة لتسيير هذه المخاطر.

إن تطبيق نظام التقاعد الجديد يتطلب من العمال اتخاذ قرارات مختلفة ومتنوعة، لأن الحكومات لم تعد توفر الضمان الاجتماعي بالشكل الكافي، بل المسؤولية أصبحت على عاتق الفرد، وهكذا فإن الأفراد لا يحتاجون إلى التفكير في مخاطر الاستثمار وعوائد التجارة فقط، ولكن أيضا بالظروف الغير متوقعة والمرتبطة بفترة حياتهم، كالمواقف اتجاه المخاطر، والمكاسب الحالية والمستقبلية المتوقعة والتغيرات

الطارئة في الأحداث الشخصية والاقتصادية.

• التغيرات التكنولوجية والابتكارات السوقية : إن التطورات التكنولوجية حولت وغيرت كل جانب من جوانب سير العملية التسويقية وتوزيع الخدمات والمنتجات المالية. إن التوسع في استخدام الأنترنت كوسيلة للاتصال وشراء وتوزيع الخدمات والمنتجات المالية، مكن مقدمي الخدمات المالية من تسويق المنتجات المالية، وخدمة العملاء بأكثر كفأة وفعالية، فهذه الاتصالات والابتكارات التكنولوجية زادت في كمية المعلومات المتاحة للعميل، والتي سمحت له باختيار أفضل المنتجات والخدمات المالية المتاحة دون وجود قيود زمنية وجغرافية، وللاستفادة من هذه الابتكارات المالية المرتبطة بالتكنولوجيا يجب على العملاء أن تكون لديهم ثقافة مالية واسعة فيما يخص هذه الابتكارات الاصطناعية.