لخّصلي

يتناول هذا النص صورة القدس في الأدب العبري الموجه للأطفال الإسرائيليين، مُركزًا على مجموعة "من طهران إلى القدس" ليونا كوهين. يُقدم النص سردًا تاريخيًا للقدس، مُشيرًا إلى وجودها قبل الإسلام، وسيطرة بني إسرائيل عليها لفترة زمنية قصيرة، ثم الفتح الإسلامي الذي يُعتبر تحريرًا للأرض العربية من الاحتلال الأجنبي. ويُبرز النص استيلاء اليهود على القدس الغربية عام 1948، ثم القدس الشرقية عام 1967. يهدف التحليل إلى الكشف عن المكانة المزعومة للقدس لدى اليهود، ورؤية كوهين لواقع حياة اليهود فيها، ودعوى الحق الديني والتاريخي، بالإضافة إلى رؤية الأدب الموجه للصبية للصراع العربي الإسرائيلي على القدس. يُبرر اختيار كوهين ومجموعته بعدم وجود دراسات سابقة عنهما، وكونه من مواليد القدس الشرقية، وتعكس مجموعته خلفيته الدينية. يناقش النص أهمية الأدب الموجه للصبية (12-18 عامًا) في تشكيل شخصيتهم، وكيف استخدمته الصهيونية لبث أفكارها. يُشير إلى تطور صورة القدس في الأدب العبري: صورة سلبية قبل قيام إسرائيل بسبب هجرة الأدباء وصراعهم مع الواقع، وصورة أكثر تنوعًا بعد قيامها، تعكس آراء وأيديولوجيات الكتاب. يُحلل النص مجموعة كوهين، مُركزًا على مكانة القدس الدينية لدى اليهود خارج فلسطين (التطلع للدفن فيها، الهجرة إليها)، ومكانتها لدى يهود القدس (الارتباط الروحي). يُناقش النص واقع حياة اليهود في القدس، استيطان القدس الجديدة، ادعاء اليهود بالحق الديني والتاريخي في القدس، وخاصة حائط البراق، وادعاءهم بأن القدس مدينتهم وعاصمة ملكهم، وربطهم للماضي بالحاضر لتكريس هذه الادعاءات. يُغطي النص الصراع على القدس، مُشيرًا إلى استيلاء اليهود عليها في 1948 و1967، وكيف يُقدم الأدب الصهيوني رواية مُشوّهة للصراع، تُظهر العرب كمعتدين. يُختتم النص بالتأكيد على تجاهل الأدباء الصهاينة للحقائق التاريخية، وأفعالهم الوحشية ضد العرب، وهدفهم من خلال الأدب الموجه للصبية إلى غرس فكر عنصري في الجيل الصاعد.

القدس في األدب العبري الموجه للصبية اإلسرائيليين
من خالل مجموعة " من طهران للقدس" لالديب يونا كوهين
تحظى مدينة القدس بمكانة خاصة وقدسية لدى العرب والمسلمين منذ نشأتها وحتى يومنا هذا ، ويعود الفضل في بنائها إلى اليبوسيين، وهم بطن من
بطون العرب األوائل نشأوا في جنوب الجزيرة العربية ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية فاستوطنوا هذه الديار، وكان هذا حوالي سنة
٣۰۰۰ ق.م.
وجاء أول وجود لبني إسرائيل في القدس بعد ظهورها بألفي عام ، حيث استولى عليها داود عليه السالم حوالي سنة ١۰۰۰ قبل الميالد. وجعلها عاصمة
لحكمه الموقعها العسكرى العظيم. وكان وجودهم وجودا عارضا و برهة ال تحسب في عمر التاريخ الزمني أو تاريخ القدس . ومن الجدير بالذكر أنه
خالل الحكم اإلسرائيلي ظل العرب اليبوسيون ، ويسميهم العهد القديم احيانا باإلسماعيليين يعيشون في مدينتهم، ويمكن القول بأن العرب لم تنقطع صلتهم
بمدينتهم حتى في زمن االحتالل اإلسرائيلي الغابر.
وقد تعاقبت على المدينة القوى العظمى التي ظهرت في المنطقة عبر العصور المختلفة، وظل الوجود العربي بارزا في المدينة حتى فتح المسلمون القدس
سنه ٦٣٨م، ومن الحقائق المسلم بها أن فتح المسلمين العرب للقدس ال يتعدي كونه تحريرا عربيا ألرض عربية كانت تقع تحت أسر االحتالل األجنبي
ضمن أراض عربية كانت تعاني من نفس االحتالل . وقد ظلت القدس إسالمية عربية وبقيت في أيدى العرب حتى كارثه فلسطين ١٩٤٨حديث استولىالغزاة اليهود على نصف المدينة الغربي، وكارثة ١٩٦٧ والتي استولى في أعقابها اليهود على كل المدينة أي ضموا إليهم القدس الشرقية والتي كانت في
يد العرب .
ونظرا للمكانة المتميزة والفريدة التي تحتلها مدينة القدس المقدسة عند المسلمين والعرب وبوصفها محور الصراع بين العرب واإلسرائيليين ، ونظرا
لمحاوالت اليهود المستمرة والمكثفة لتهويدها وطمس حق العرب فيها آلينا على أنفسنا الكشف عن صورة القدس في األدب العبري الموجه للصبية
اإلسرائيليين ؛ بهدف الكشف عن مكانتها المزعومة لدى اليهود ، ورؤية األديب لواقع حياة اليهود في القدس، وبحث دعوى الحق الديني والتاريخي،
والكشف عن رؤية األدب المكتوب لهذه المرحلة العمرية للصراع العربي اإلسرائيلي على مدينة القدس.
وعن سبب اختيار األديب يونا كوهين، ومجموعته القصصية من طهران إلى القدس فيرجع إلى:
• عدم وجود دراسة عن هذا األديب أو تلك المجموعة القصصية.
• كما أنه أديب من مواليد القدس الشرقية وتلقى تعليمه بها ويرتبط بها ارتباطا كبيرا.
• تعكس هذه المجموعة القصصية خلفية األديب الدينية ، فهو يمثل التيار الديني ورؤيته للقدس.
األدب الموجه للصبية االسرائيليين
تعتبر مرحلة الصبا مرحلة مهمة في حياة الفرد فهي مرحلة يودع فيها الفرد مرحلة الطفولة ويقبل على بداية مرحلة الشباب ويجلد علماء النفس والتربية
هذه المرحله بأنها ما بين الثانية عشرة والثامنة عشرة، وهي مرحلة يستطيع فيها الفرد إدراك ما يدور حوله واستيعابه. ويعتبر األدب الموجه إلى الصبية
من أهم اآلداب وأخطرها ألنه يوجه إليهم وهم في مرحلة مهمة للغاية من مراحل حياتهم تلك المرحلة التي يمكن أن يكتسب فيها الصبي مفاهيم وأفكارا
وقيما ومبادئ وتقاليد وتصبح جزءا ال يتجزأ من شخصيته وعقيدة من عقائده . لذلك يتخذ األدب وسيلة أساسية لتحقيق هذا الهدف، ويعد األدب الموجه
للصبية في هذا العمر أحد أسلحة الصهيونيةالمهمة التي من خاللها تبث الصهيونية فكرها ومعتقداتها ومبادئها.
ولقد ظهر جمهور من القراء الشباب في مقتبل العمر )الصبية( منذ البدايات المبكرة لألدب العبري الحديث، في فترة الهسكاالة حيث لم يكتف الصبية
بقصص التوراة وأساطير المدراش بل تطلعوا لقراءة قصص جديدة وقرأ الصبية المشتاقون للقراءة كل ما يصل إلى أيديهم، ولقد أحدثت قصص مابو
وغيره من أدباء الهسكااله تحوال في واقع األدب العبري بالنسبة للصبية حيث أشعلت الفخر بالماضي والتباهي به.
وقد استمر تيار الكتابة للصبية في مراحل األدب العبري الالحقة ففي مرحلة اإلحياء الصهيوني والتي يسميها اليهود اإلحياء القومي، ظهرت أعمال أدبية
للصبية تقوم على فكرة الفخر القومي، وقد عمل األدباء على أن يثيروا في نفوس الشباب شعور االنتماء القومي واالرتباط بتراث ما يسمى الشعب
اليهودي.
وبعد أن تأسست الحركة الصهيونية وظهرت تنظيمات كثيرة لها وحركات تدعوا لفكرها أولت الصهيونية الصبية الذين في مقتبل العمر اهتماما كبيرا
وظهرت تنظيمات وحركات شبابية كثيرة تهتم بهم وبأحوالهم ومشاكلهم وطرح األفكار الصهيونية عليهم من خالل صحف ومجالت ناطقة بلسان حال
التنظيمات الصهيونية الشبابية المختلفة وعبرت عن الصبية وآرائهم، وقد تميزت بالنبرة السياسية،ومن خالل الحركات الشبابية والمجالت التي تصدرها
لعب األدباء دورا مهما في توجيه الصبية اإلسرائيليين، عن طريق مشاركتهم الفعالة في حركات الشبابية والصحف الموجهه والقصص التي كتبوها
خصيصا للصبية والتي من خاللها تم بث األفكار المرغوبة والقيم واأليديولوجية الصهيونية وما تحتويه من أفكار سياسية ودينية.
وكان موضوع القدس من الموضوعات المهمة التي تناولها األديب في مجموعته القصصية מטהרן לירושלים ועוד ספורים לבני נעורים من
طهران إلى القدس وقصص أخرى للصبية " التي قدمها للصبية اإلسرائيليين وقد ضمت هذه المجموعة القصصية خمس قصص تدور معظمها في القدس
الشرقية.
القدس في األدب العبري الحديث
أ- قبل قيام إسرائيل
اهتم األدب العبري الحديث بمدينة القدس اهتماما كبيرا وخاصة بعد أن ركزت الصهيونية على مدينة القدس كعنصر جذب سياسي و ديني لليهود فهاجر
الكثير منهم إلى فلسطين في موجات هجرة متتالية حملت ضمنها مجموعة كبيرة من األدباء، ويتضح من صورة القدس في األدب العبري الحديث أن
القدس لم تكن بنفس الصورة المتوقعة في األدب العبري - قبل قيام الدولة بل كانت صورتها سلبية في أغلبها مليئة بالكآبة، وربما يعود هذا إلى ما يلي:

• هجرة األدباء من بلدانهم األصلية إلى فلسطين والقدس فتمزقوا بين عالمين مختلفين تماما وواقعين مختلفين.


• الصراع العربي اليهودي والصدامات المتكررة بينهما على مدينة القدس.


• وقد أثر كل هذا في عرض األدباء لصورة القدس وسكانها في أدبهم.
  ب - بعد قيام الدولة
  قامت إسرائيل بعد موجات من الهجرات المنظمة والتي نتج عنها مع مرور الوقت ظهور مجموعة كبيرة من االنبياء ولدوا في فلسطين ومنهم من نشأ
  وتربي في القدس ، وظهر على الساحة األدبية من بدأ يقدم القدس كموضوع من الموضوعات المهمة في أعماله أو كخلفية للعمل األدبي أو كمكان وقوع
  أحداث العمل األدبي.
  ويتضح من األعمال األدبية التي صورت القدس بأنها لم تأتي على خط تقليدي واحد وإن تعددت صورة القلم طبقا لتعدد األدباء، وتصوير القدس لدى كل
  أديب يأتى من خالل آرئه األيديولوجية وارتباطه بها ومشاعره الشخصية ، ومن خالل أرائه العامة وطبقا لتعليمه القومي والديني ومواقفه السلبية أو
  اإليجابية.
  القدس في أدب الطفل العبري.
  اهتم كثير من األدباء الذين كتبوا قصصا للطفل اإلسرائيلي بموضوع القدس وعكسوا مكانتها في الوجدان اليهودي . ومن أبرز األدباء الذين تناولوا القدس
  في أعمالهم الموجهة للطفل اإلسرائيلي نذكر على سبيل المثل:
  الكاتب دافيد كوهين ، ويركز في قصصه التي كتبها لألطفال على ربط اليهود بفلسطين عموما والقدس على وجه الخصوص. وال يختلف موقف الكاتب"
  يفرح حفيف عن موقف كوهين فيحاول في قصته "السكر في صحة الجميع" ربط اليهود بماضيهم القديم في القدس مركزا على الحق التاريخي اليهودي
  في هذه المدينة.القدس في األدب العبري الموجه للصبية.
  أما القدس في المجموعة القصصية التي كتبها يونا كوهين خصيصا للصبية اإلسرائيليين فقد جاءت على النحو التالي:
  .1 مكانة القدس لدى اليهود خارج فلسطين
  مكانتها الدينية
  تحظى القدس بمكانة متميزة لدى جميع أصحاب الديانات السماوية الثالث إال أن اليهود يحاولون دائما االستثمار بها واالدعاء بأنها تحظى بمكانة دينية
  خاصة لديهم عند اليهود إلى زمن داود عليه السالم في عصره ظهر تطور جديد تم فيه الربط بين السياسة والدين باألرض فاتخذ من مدينة القدس مقرا
  لحكمة وهي مدينة كنعانية األصل لم تكن لها قداسة معينه لدى اليهود ، إال أن داود اتخذ هذه المدينة المحايدة مركزا لحكمه لكي يجمع حولها بقية المناطق
  الفلسطينية ويحول في نفس الوقت مركزة الحكم وربطه باإلرادة اإللهية واعتبار نفسه ممثال للحكم اإللهي. وبذلك أصبحت القدس منذ ذلك الحين تشغل
  مكانا مركزيا في الواجدان اليهودي ومركز الدين يتجه إليها اليهود ويتذكرونها في صلواتهم ويحجون إليها. ويعكس األديب في قصة "من طهران إلى
  القدس" مكانة القدس الدينية في قلب اليهود الذين يعيشون خارج فلسطين وأنهم يعتبرونها قبلتهم الدينية التي يتوجهون إليها وقت الصالة ووقت الضيق.
  التطلع للدفن فيها
  يصل االرتباط اليهودى بأرض القدس - حسب زعمهم - إلى حد يجعل اليهود يحرصون على شراء قطعة أرض في القدس لكي يدفنوا موتاهم في األرض
  المقدسة، وقد جرت العادة في الشتات أن يستحضروا ترابا من ارض فلسطين لكي ينثر فوق قبور الموتى من اليهود ويقال في الفلكلور الديني في التلمود
  أن جثة الميت خارج فلسطين تزحف تحت األرض بعد دفنها حتى تصل إلى األرض المقدسة،ويصور يونا كوهين في قصة "من ظهران إلى القدس"
  اهتمام اليهود وخاصة العجائز منهم بالقدس ورغبتهم الجامحة في الدفن فيها من خالل امرأة عجوز تعيش في فارس ترغب في الدفن في جبل الزيتون
  بالقدس ، لما لها من مكانة دينية عندها.
  التطلع للهجرة اليها
  ارتبط اليهود المتدينين بالقدس ارتباط دنيا محضا وكانت لها مكانة دينية كبيرة لديهم إال أن الصهيونية نظرت إلى القدس نظرة سياسية بحتة واستغلتها
  فعملت على إثارة عواطف يهود العالم إلى القدس القديمة حتى تكون آداة التأثير على العقول وامتالك النفوس ويسهل على هؤالء الهجرة إلى وطن اليهود
  في فلسطين. ويصف كوهين في قصة "ياسوفا" مدى تطلع اليهود للهجرة إلى فلسطين وإلى القدس على وجه الخصوص بوصفها أهم وأقدس المدن ولما
  لها من مكانة دينية.
  .2 مكانة القدس عند يهود القدس.
  إذا كانت القدس تحظى بمكانة مهمة لدى اليهود الذين يعيشون خارج فلسطين كما يصورها األديب فإن اليهود الذين يعيشون في القدس نفسها يرتبطون بها
  ويحبونها حبا جما، كما يصورهم يونا كوهين في قصة " نفتالى من القدس القديمة" من خالل بطله نفتالي الصبي الذي يرتبط بالقدس وال يتحمل الحياة
  بعيدا عن تلك المدينة المقدسة.
  ويحاول األديب في قصة " نفتالى من القدس القديمة" غرس فكرة االرتباط الروحي والنفسي بين اليهود والقدس الشرقية العربية، وربما كانت للقدس
  مكانة دينية لدى اليهود قبل ظهور الحركة الصهيونية التي أفسدت هذه المكانة وحولت طبيعتها وجعلتها عالقه مادية الهدف منها االستيالء على القدس
  وطرد العرب منها.
  واألديب يريد أن يغرس في الشباب اإلسرائيلي الصاعد فكرة التمسك الديني بالقدس ومكانتها المقدسة عند اليهود وما لها من أهمية مزعومة.
  واقع حياة اليهود في القدس.
  ظل الوجود اليهودي في منطقة القدس محدودا للغاية على مر العصور، حيث كانوا قلة قليلة فيها حتى بداية القرن العشرين ولم يهاجر إلى القدس وخاصة
  الشرقية إال المتدينون والفقراء والعجزة الذين كانوا يبغون الموت فيها. ويعكس يونا كوهين في قصة " عينان" حقيقة الحياة التي كان عليها اليهود الذين
  عاشوا في القدس الشرقية حيث كانوا قلة قليلة من العجائز والشيوخ يعيشون حياة بائسة تعانى من الفقر والحرمان، ويقوم الشيوخ بتالوة المزامير أمام
  حائط البراق لدر العطف عليهم ويعيشون على الشحاذة.
  استيطان القدس الجديدة
  في القرن التاسع عشر العتيقة، وشهدت المدينة في. تم تأسيس أحياء جديلة خارج أسوار القدس هذا القرن هجرة يهودية أوربية منظمة وكثيفة هدفت إلى
  استعمار القدس بشكل خاص وفلسطين بشكل عام ومع ازدياد وتيرة الهجرة اليهودية في القرن التاسع عشر ازدادت حركة االنتقال إلىباقي أحياء المدينة
  الجديدة، وفي خالل فترة االنتداب تراجع االستيطان اليهودي في القدس البلدة القديمة بسبب نمو األحياء الجديدة خارج األسوار التي توفرت فيها الخدمات
  العصرية . ويتناول األديب افي قصة " من طهران إلى القدس" االستيطان اليهودي في غرب القدس ويصف اليهود الذين استوطنوا هذه األحياء بالشجعان
  وأنهم يتحلون بالجرأة والجسارة لكي يزرع في الشباب الصاعد هذه الصفات، والتي يفتقدها اليهود والحقيقة أن اليهود الذين وفدوا على المدينة الجديدة قد
  دخلوها بحيل مختلفة في أثناء الحكم العثماني وفي عهد االنتداب البريطاني الظالم، ولم يكن في األمر جرأة أو شجاعة ، بل اغتصاب لحقوق العرب
  وأراضيهم وجبن وغدر وليس كما يريد األديب أن يغرس في قصصه الموجهة للشباب اإلسرائيلي الصاعد من مغالطات تاريخية واضحة.
  ادعاء الحق الديني والتاريخي في القدس حائط البراق : وادعاء الحق اليهودي فيه
  من المعروف أن اليهود لم يكن لهم أثر مقدس في فلسطين فبحث زعماؤهم عن وجود رمز ديني يجمع يهود العالم لإليمان به ويثير العواطف الدينية
  لديهم، فابتدعوا ما يسمى حائط المبكي يؤدي اليهود أمامه طقوسهم الدينية ، وقد زعم اليهود أن هذا الحائط هو جزء من سور كان حول هيكل سليمان،
  وقد سمى الحائط حائط المبكى ألن الصلوات حوله تأخذ شكل عويل ونواح ، بل جاء أيضا في األساطير اليهودية أن الحائط نفسه يزرف الدموع في
  التاسع من آب . وقد ترسخت صورة الحائط في الوجدان اليهودي والصهيوني واعتبروه من الرموز اليهودية التي تربطهم بفلسطين وتعطيهم الحق
  التاريخي فيها. ويعكس يونا كوهين في قصة نفتالي من القدس القديمة مدى أهمية الحائط من الناحية الدينية؛ حيث يقوم يهود القدس بالصالة لديه كل سبت
  ، كما أنه يعد قبلة دينية مهمة يفد إليها يهود من كل بلدان العالم للزيارة والصالة والتبرك بهذا الحائط، ويصف على لسان بطله نفتالى الحائط في محاولة
  منه لتعميق العالقه بين الصبي اليهودي والحائط إلثبات قدسيته لليهود.
  وفي حقيقة األمر أن حائط البراق الذي يطلق عليه خطأ" حائط الميكى " هو جزء ال يتجزأ من الحرم الشريف الذي يضم مسجدى قبة الصخرة واألقصى،
  وهو مربط البراق الذى أسري به الرسول ليلة اإلسراء ثم عرج بعد قيده إلى السماء وباإلضافة إلى هذا فإن حائط البراق الذي يجعله اليهود ركيزة
  لدعواهم بحق االستيالء على المدينة القديمة هو أثر إسالمي صرف ، وقف إسالمي ال ينازع فيه. وقد ثبت ذلك ثبوتا قاطعا للجنة الدولية التي حققت في
  هذا الموضوع عام ١٩٣۰ ونظرت في جميع الوثائق والبيانات التي قدمت إليها من قبل العرب واليهود وحكومة االنتداب، ثم أصدرت حكمها ونصه أن
  للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ولهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءا ال يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أمالك ا لوقف
  وللمسلمين أيضا تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط بكونه موقوفا حسب أحكام الشرع
  اإلسالمي لجهات البر والخير.
  وال يستطيع اليهود الطعن في هذا الحكم ألن اللجنة التي أصدرته دولية وقد ألفها مجلس جمعية األمم والبد أن نؤكد أمرين: األول ، أن اليهود استماتوا في
  الدفاع عن الحائط وقدموا جميع ما في حوزتهم من وثائق على الصعيد المحلي والعالمي، والثاني : أن دولة االنتداب الوفية لوعد بلفور أقرت الحكم و
  نفذته وأن اليهود التزموا به مقرين بنزاهة اللجنة وعد التها.وعلى الرغم من هذه الحقائق الواضحة وضوح الشمس في أن الحائط عربي اسالمی ملك للمسلمين إال أن الصهاينة غالوا في االدعاء بالحق اليهود الديني
  في الحائط. وطالبت لجنة الدفاع اليهودية عن" حائط المبكى " في نداءاتها لليهود للعمل على خالص الحائط من أيدي العرب وتوضيح م كانته للجميع
  ومدى أهميته بالنسبة إلسرائيل في الزمنين السابق والحاضر. وعمل الصهاينة على إثارة المشاعر الدينية لدى اليهود ألسباب سياسية محضة . وأصبحت
  مسألة النزاع على الحائط صورة من النزاع األكبر على ملكية القدس وفلسطين شارك فيها حتى األدباء بأقالمهم مبرزين مدى أهمية الحائط لدى اليهود
  وارتباطهم به والحق الديني اليهودي فيه، مسخرين بذلك أقالمهم في خدمة االدعاءات الصهيونية مخالفين الحقائق الواضحة.
  االدعاء بأن القدس مدينتهم وعاصمة ملكهم
  يدعي اليهود باطال أن القدس مدينة يهودية خالصة ملكا لهم وحدهم وأنها ظلت يهودية على مر العصور واألزمنة ، وأنها خالل هذه القرون الطويلة كانت
  في يدغزاة ومحتلين.. ويدعى اليهود الحق التاريخي والديني لهم في القدس منذ عصر داود وسليمان )عليهما السالم( حتى أن اليهود خارج فلسطين
  يعتقدون اعتقادا راسخا بأحقيتهم في القدس ، ويرون أنها مدينتهم المقدسة ، وعاصمة ملكهم القديم والجديد وهذا ما يدعيه أيضا األديب ويحاول ترسيخه
  في عقول الشباب اإلسرائيلي من خالل قصصه ويظهر ذلك في قصة من طهران إلى القدس. ويطلق األديب على مدينة القدس مدينة الملك داود مدعيا
  الحق التاريخي الديني لليهود فيها وكأنها ظلت خاوية طوال الحقبة التاريخية منذ عصر داود. ودائما ما يركز اليهود على داود بالذات واتخاذه كرمز للملك
  ذلك ألن داود هو الذي استولى على القدس قديما وجعلها مركز ملكته السياسي والديني، ومن هنا كان اليهود يربطون بين إسرائيل الحالية والمملكة
  الداودية القديمة في ربط بين الماضي والحاضر وكأن التاريخ الطويل توقف وقفز من عصر داود إلى العصر الحالي ؛ لتظل القدس في نظر اليهود هي
  مدينة الملك والدين زاعمين أنها مدينتهم المقدسة ومدينة ملكهم.
  ربط الماضي بالحاضر.
  من المعروف أن اليهود ال يملكون أي آثار - معالم - دينية في القدس الشريف، ولكن بعد ظهور الصهيونية عمل زعماؤها على ربط الدين بالسياسة،
  واتخاذه كوسيلة من أجل إذكاء مشاعر اليهود تجاه القدس، وراحوا ينسجون األساطير حول الحق الديني التاريخي لليهود في القدس، وفي محاولة ترسيخ
  هذا الفكر الباطل في عقول الشباب الصاعد عملوا على ربط الماضي القديم والحاضر وأطلق األدباء العنان ألنفسهم لتوطيد مزاعمهم ، فنجد أن األديب
  في قصة "نفتالي من القدس القديمة ينسب كل آثار ومعالم القدس إلى اليهود محاوال تعليل مزاعمة من خالل استشهاده على كالمه من فقرات التوراة ،
  محاوال إثبات أن معالم القدس القديمة هي معالم وآثار تاريخية يهودية صرفة. ويهدف األديب من هذا الربط بين الماضي والحاضر واالدعاءات بأن كل
  شئ يهودى وملك لليهود وإلى غرس مفاهيم صهيونية في الشباب الصاعد وهي أن القدس ملكية يهودية ، وحق ديني وتاريخي يهودي فهي مكان المملكة
  القديمة وأن المدينة المقدسة حق ديني تاريخي لليهود.
  الصراع على القدس
  عندما ازدادت مطامع الصهاينة في فلسطين والقدس وكثفوا نشاطاتهم اإلرهابية ضد العرب وازدادت المصادمات المسلحة بين الطرفين رفعت سلطات
  االنتداب قضية فلسطين إلى هيئة األمم المتحدة عام 1947 التي أصدرت قرار تقسيم فلسطين إلى دولة عربية ودولة يهودية ، " وعولجت القدس معالجة
  خاصة، حيث نص قرار التقسيم على تدويل القدس باعتباره أفضل وسيلة لحماية جميع المصالح الدينية في المدينة المقدسة ، كما نص القرار على منطقة
  القدس ال مدينة القدس وحدها وجعلها تضم بلدية القدس مضافا إليها القرى المحيطة بها. وعلى الرغم من أن القرار يعتبر ظلما للعرب و نصرا منقطع
  النظير للصهاينة إال أن تصريحات زعماء الصهاينة عبرت عن مطامعهم في فلسطين والقدس ورفضهم للتقسيم فقد عبر الحاخام الصهيوني أبا هليل سيلفر
  عن موقف الصهاينة التقسيم وقيولهم به على اعتباره يمثل الحد األدني الذي يمكن القبول به. ومنذ اليوم الذي صدر فيه قرار التقسيم كانت قيادة الصهاينة
  قد خططت للقيام بهجوم واسع قبيل االنسحاب البريطاني إلحكام السيطرة على المناطق التابعة للدولة اليهودية وفقا لقرار التقسيم، وكذلك السيطرة على
  بعض النقاط االستراتيجية وطرق االتصال بين المناطق اليهودية واالستيالء على القرى العربية التي تضمها هذه المناطق وطرد السكان العرب منها
  وبالفعل تم االستيالء على طبرية وصفد وحيفا ويافا وعند إعالن قيام دولة إسرائيل في ١٥ مايو ١٩٤٨ كانت القوات اليهودية قد دعمت قبضتها على
  مناطق الشريط الساحلى وشرق الجليل وشمال النقب بحيث أصبحت المناطق اليهودية متكاملة ومترابطة إلى حد بعيد.
  وبالنسبة للقدس فقد تم االستالء عليها بصورة مناقضة للقانون الدولي واألخالقي حيث استولى اليهود في ١٩٩٨ على مدينة القدس الجديدة الغربية وقسم
  كبير منها عربي، بل وفيها أحياء جميع أصحابها وقاطنيها عرب. وقد أدخل االحتالل اإلسرائيلي في القدس الغربية أراضي قرى فلسطينية قام بتدميرها
  بعد احتاللها وأقام عليها مباني الحكومة اإلسرائيلية بعد أن اغتصبها ونزع ملكيتها وشرد أهلها : لقد أخلى االحتالل اإلسرائيلي القدس الغربية من جميع
  سكانها العرب و كان عندهم في ١٩٤٨ يبلغ ٣٥ ألفا تم تشريدهم، ولم يسمح لواحد منهم بالعودة إليها وجل ب المستعمرين اليهود إلى القدس.
  وعلى الرغم من خقيقة اغتصاب اليهوذ أكثر من ٦٦,۲ في المئة من المساحة الكلية لمدينة القدس ، القدس الغربية من العرب وطرد أهلها منها في حرب
  ١٩٩٨ إال أن اليهود في تناولهم لقضية الصراع على القدس في مرحلة حرب ١٩٤٨ تلك المرحلة الحاسمة والمهمة ، فإنهم يقلبون الحقائق رأسا على
  عقب ، فينظرون إلى مدينة القدس بأكملها - الشرقية والغربية - على أنها مدينة يهودية خالصة ملك اليهود وأن العرب هم الجانب المعتدى الذى يهاجم
  اليهود األبرياء ويحاصرهم ويعتدي عليهم وهذا ما يدعيه األديب في قصة "عينان".
  ويهدف األديب من تلك القصة إلى ما يلي:
  • تزييف واضح للحقائق وقلب ألحداث التاريخ فيدعى حصار العرب لليهود في مدينة القدس.
  • محاولة األديب ترسيخ فكرة أن اليهود أقنية على حال تحارب أكثرية على باطل في عقلية الشباب اإلسرائيلي الصاعد.
  • ترسيخ فكرة الحق اليهودي في القدس الشرقية العربية ، وتعميق هذا االدعاء في عقول الشباب والدعوة لالستبسال للدفاع عن هذا الحق
  المزعوم.
  • تصوير الجانب العربي في صورة الوحش المعتدي الذي أراد الفتك باليهود واالستيالء على حق األقلية اليهودية في المدينة الشرقية.
  ويطرح هنا األديب فلسفة جديدة في تشبث اليهود بالقدس القديمة ؛ حيث انه يعتبر استيالء اليهود عليها هو بمثابه خالص لليهود وللقدس ومقدم للمسيح
  المخلص ، فعقيدة الخالص تتحقق من خالل عودة اليهود للقدس أو عودتها إليهم كما يزعم في ربط واضح بين الدين والسياسة فيجعل المفاهيم الدينية في
  خدمة األهداف السياسية ، كما يفعل الصهاينة على الدوام حيث إنهم يستغلون الدين ويسخرونه بشكل مغلوط لخدمة أهدافهم السياسية.
  إلى طمس الحق العربي تماما في المدينة ، فيصورها على أنها مدينه يهودية تعرضت لهجمة مستعمر أو غاز غزا المدينة واحتلها واغتصبها من أهلها
  فقتل من قتل وأسر من أسر وطرد من طرد . إنه عرض منهجي ومنظم للجيل الصاعد قالبا لهم الحقائق رأسا على عقب كما تفعل على الدوام ا لدعاية
  الصهيونية بهدف أن يتمسك الجيل الصاعد بهذه االدعاءات ويتخذوها كحقائق ثابتة المجال للشك فيها.
  واألديب وأمثاله يتجاهلون الحقائق الواضحة وضوح الشمس وهي أن قبل ١٩۴٨ وبمساعدة االستعمار البريطاني وأثنائه قاموا باحتالل واغتصاب القدس
  الغربية وسبعين بالمائة من أراض فلسطيني، ولقد طرد اليهود في عام ١٩٤٨ مليون عربي بال رحمة عن وطنهم ودفعوا بهم إلى البؤس والشقاء والموت
  وارتكبوا كل جريمة ببساطة حتى جريمة القتل الجماعي وإبادة الشعوب .
  ولقد قامت العصابات الصهيونية بارتكاب عدد من المذابح الوحشية ضد سكان القرى والمدن العزل من السالح وأهمها مذبحة يافا ومذبحة دير ياسين
  وغيرها من المذابح البشعة التي ذبحوا فيها فيها عشرات اآلالف من العرب بال رحمة.واستخدمت إسرائيل كافة الوسائل واألساليب اإلرهابية في القدس الشرقية منذ احتاللها في حرب ١٩٦٧ والتزال تستخدمها حتى اليوم، فقد تم هدم األحياء
  وتشريد الناس ومصادرة األراضي، واستعمال حجة المناطق األثرية للحفر والتنقيب تحت المسجد األقصى، وجلب مستعمرين مستوطنين يهود إلى القدس
  بعد طرد أهل القدس العرب.
  والزالت عملية االستيطان اليهودي في القدس العربية مستمرة ومصحوبة بطرد أهلها العرب منها وتشريدهم، ولو أن األديب صادق مع نفسه ما قلب
  الحقائق بهذا الشكل، ولكن شأنه في هذا شأن المستعمر المغتصب الذي يضع المنطق ويخلق الذرائع الكاذبة لما يقوم به من استعمار وسرقة وما يرتكبه
  من مذابح وتشريد وهو يريد أن يغرس هذا الفكر العنصري في الجيل الصاعد.