لخّصلي

شوقي ألمع شاعر في تاريخ أدبنا العربي الحديث لتعدد نواحيه الفنية، وتشعب آثاره الأدبية، فقد ملأ عصره بقصائده الغنائية ..."

ولد أحمد شوقي عام 1868، وهو مصري الموطن، أما الأجداد فليسوا مصريين، فقد جاء جده لأبيه إلى مصر في عصر محمد علي، وهو كردي ولكنه ليس كردياً خالصاً، فجرت في عروقة الدماء الشركسية والتركية، والعربية، وانضم إلى حاشية محمد علي، إذ كان يحمل توصية من أحمد باشا الجزار والي عكا، وأصبح فيما بعد أميناً للجمارك المصرية، وجمع ثروة كبيرة، عاش في ظلها على والد أحمد شوقي، ونقل قسماً منها للشاعر نفسه.
أما جده من جهة أمه فهو تركي تزوج فتاة يونانية، أسرها إبراهيم باشا في إحدى المعارك، وبالتالي نستطيع أن نقول إن أحمد شوقي من الناحية العرقية هو تركي وكردي وكردي ويوناني وعربي. يقول عن نفسه: أنا إذا عربي، تركي، يوناني، شركسي"

وعاش جداه لأبيه وأمه في كنف أسرة محمد على وأحفاده، ودرس المرحلة الثانوية، وانتسب إلى مدرسة أو معهد الحقوق علم 1885، ودرس الحقوق، وتخرج في مدرسة الحقوق، قسم الترجمة عام 1887، إذ كان يتقن اللغة الفرنسية بالإضافة إلى اللغة التركية. وعمل بعد تخرجه في قصر الخديوي توفيق مدة قصيرة، إذ أوفده الخديوي توفيق على نفقته الخاصة لمتابعة دراسة الحقوق في فرنسا مدة أربع سنوات، ما بين عامي 1888 – 1892 وزار في أثناء دراسته في باريس كلاً من بريطانيا والجزائر وأمضى في الجزائر مدة أربعين يوماً، وقرأ هناك في باريس مؤلفات كبار الأدباء الفرنسيين مثل فيكتور هيجو (1802 – 1885)، لامارتين ،بلزاك (1799 – 1850)، وغيرهم.
عاد أحمد شوقي إلى القاهرة عام 1892، وكان الخديوي توفيق قد توفي وخلفه الخديوي عباس الثاني، وعمل شوقي في القصر بقلم الترجمة، وزار في أثناء عمله عام 1896 مدينة جينيف بسويسرا، حيث شارك في أعمال مؤتمر المستشرقين. أمضى معظم سنوات حياته يتغنى بأعمال الخديوي عباس الثاني، فكان شوقي بعيداً عن الشعر، ولا يفكر إلا في إرضاء الخديوي عباس الثاني، إلا أنه كان يحاول إرضاء الجمهور العربي في مصر ، ولكنه كان يخاف غضب الخديوي، فهو شاعر القصر ولا يهتم بالجمهور، ولا بالشعب، إلا حين يجد القصر راضياً عن ذلك .."

كان شوقي ظلاً للخديوي، يمجده ويمدحه، وينظم قصائد مديح له في المناسبات. ويكتب إيليا الحاوي عن علاقة أحمد شوقي بالقصر: " .. هؤلاء لم يكونوا من أصحاب الموقف، بل من الذين يتبنون مواقف سواهم ... أولئك خدموا بالأعمال، وهو إنما يخدمها مثل خدمتهم بالأقوال. إنه عامل لها ومنفذ لإرادتها، والشعر لا ينمو إلا في الردة والنقض، إذ ليس من مهمة الشاعر التغني بواقع الوجود، الرضا هو الاستسلام، ومن استسلم ماتت بنفسه الانفعالات الخالقة، التي هي أصل الإبداع الشعري، كان شوقي مطيعاً، والشاعر يكون عاصياً .."

ولقد لاحظ الدكتور محمد حسين هيكل أن لشوقي شخصيتين مختلفتين، وذلك في تقديمه للشوقيات، فكان شوقي يحاول إرضاء القصر وحاشية الملك من جهة، وبالوقت ذاته كان يحاول كسب محبة الشعب.