لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (4%)

وغائمة أحايين كثيرة. ولا يتقصّى ما في الأنفس، هي هُويّات تشكلت عبر التاريخ، من خلال عديد الشخصيّات التي تَفنّن الرُواة في بنائها وبيان أفعالها، في صِلاتهم الاجتماعيّة وتفاعلهم مع الآخر، وبين الخيال الظاهر في صناعة الحكاية في ذاتها. ويقرّر مصيرا به يُوجِد هويّة خاصّة، شفتي السفلى غليظة، يحضر الآخر المحدِّد للهويّة الأصليّة بشكل جارح في هذه الأعمال، فـ"زهرة" التي غلَّبت "الذاتُ المتكلِّمةُ" رؤيَتَها،


النص الأصلي

هويّة الشخصيّات: الأصيل والدخيل


يظلّ تحقّقُ السرد الروائي رهين تقاطعات عديدة، لعلّ أهمّها تقاطع الهُويّة الشخصيّة أو الذاتية مع الهويّة الجمعيّة أو الاجتماعية، فالذات المتكلّمة، الساردة ، تدخل في سياق جمعيّ وإن انعزلت، ذاك السياق المكوّن لثقافتها ووعيها وامتدادها التاريخي، والاجتماعي، وهي في الآن ذاته فردٌ له رؤيته الخاصّة ومواقفه من الوجود من حوله. وميزة هذه الذات أنّها تفارق وجودَها العامّ لتأخذ من القول السردي، من الحكاية، وجها للكون، ولتحقيق الوجود. هو كونٌ مختلفٌ لا يُماثل بالضرورة الكون المرجعي. وكيف يُماثله، وكونُهُ الخطاب، وعناصرُه الألفاظ والتراكيب؟ وكيف يُماثله، وكَونُه الأحداث المتخيّلة (وإنْ أحالت إلى واقع) والشخصيّات المصنوعة بالكلام؟
وعليه، فقد اخترنا بحثا يتركّز على النظر في الهُويّة موضوعا للسرد، ذلك أنّا لاحظنا في الأعمال الروائيّة العمانية توجّها إلى الاهتمام بمكوّن الهويّة في مستواه الذاتي والجمعي، غير أنّها هويّة حاضرة أحيانا ومبحوث عنها أحيانا، وغائمة أحايين كثيرة.
ثلاثة تجارب تتفارق من حيث الموضوعات ومن حيث طرائق السرد، غير أنّ الجامع بينها أنّها ذاتُ مَنْبت واحد، هو الاشتراك في الحضارة والتاريخ، والتنوّع في النحل والملل، من جهة، وإثارة مواضيع حارقة تخرج عن معالجة المؤرّخ الذي يجنح سرده قدر الإمكان إلى الموضوعية، وتتبّع الحقائق الظاهرة، والمعالم البيّنة، ولا يتقصّى ما في الأنفس، ولا ما يدور في الخفايا دون أن يترك ما يدلّ عليه.
طبقة الهويّة السطحيّة في المجتمع العماني القائمة على التجانس والتوافق ظاهرة، إذ لا فارق في بناء المجتمع بين أصيل ودخيل، ولا بين نحلة ونحلة، ولا بين حادث وتليد، ولكن خلف هذا السطح الجامع طبقاتٌ من هُويّات متراكمة، متراكبة، ساهمت بقسط في تنجيم الهُويّة وتفتيت مظاهرها، هي هُويّات تشكلت عبر التاريخ، خضوعا لظروف تاريخيّة عديدة، جعلت المجتمع يتكوّن من تعدّد مذهبيّ وقوميّ وقبليّ، فحدَثت هُويّة تعمل على استيعاب هذا المختلف، وعلى تجاوز الصفويّة العرقيّة أو المذهبيّة أو القبليّة، واستبدالها بمفهوم المواطنة الجامع، وهو الإدراك الذي تجلّى في عددٍ من الأعمال الروائيّة التي التقطت هذا الثراء والتنوّع وأبانت ظاهر المؤالفة وعمق المفارقة.
يتجلّى هذا الوعي بالأنا، محدّداتها ومنزلتها من الجسد الاجتماعي، من خلال عديد الشخصيّات التي تَفنّن الرُواة في بنائها وبيان أفعالها، بدءا بالرواية الكلاسيكيّة "الطواف حيث الجمر" التي تضع "الأنا" المكوّن الاجتماعي التاريخي الأصيل مقابل الآخر الأسود، في علاقة تاريخيّة للهويّة المتأصّلة بهويّات آتية من الساحل الإفريقي، كان لها عظيم الأثر في تكوين الشخصيّات وبناء الأحداث. تُبئّر الشخصيّة الأساسيّة الأصيلة الآخر المختلف الباحث عن الاندماج، فتُخرجه على هيئةٍ من السُّوء وتُسند له خسيس الأفعال، في حين تؤصّل لنفسها قيما وخطوطا حمراء يصعب أن تتعدّاها وإن وقعت في "الخطيئة"، "فزهرة" ظلّت تحمل معها في هروبها ورحلتها إلى الساحل الإفريقي قيمةً لم تقدر على التخلّص منها بالرغم ممّا أتته من أفعال، وهي أنّها حرّة وابنة شيوخ، "كنت أقول لها (أمّ سلطان، إنّ الناس سواء، وأنّ الحرّ حرّ، والنّاس جميعهم أحرار، كنت أقول ذلك فقط، لم أتعلّمه ولم أؤمن به، كنت أعرف أنّي لا أتزوّج الأسود لكيلا أخرب النسل، وأيضا عرفت أنّ التيس بمئة نعجة"(الشحي، 1999، ص 279)
تظهر ذاتية الشخصيّة المتعالية في كلّ مراحل السرد، وكذا احتقارها للآخر، بل لعلّ الحافز الأساسيّ لتولّد السرد، هو ما أصاب الذات الهاوية من ألم جرّاء زواج الرجل أحبّت بامرأة من الساحل الافريقي. رحلة تُبئّر فيها الشخصيّة الراوية- المرويّة هويّات مماثلة وذاتية، تضع نفسها أمام المشابه (الأخ – الأب- الأمّ- سالم_ ابن العمّ- العمّ) وتضع نفسها أيضا أمام الآخر الإفريقي، فيتولّد السرد عن هذه المتعارضات تحقيقا لمسار شخصيّة تعمل على بناء العالم بشكل مختلف، إذ تخرج المرأة عن النواميس والأعراف لتشيد مملكتها وسط فضاء مشحون. بل لعلّ مشروع السرد بتمامه قام على سؤالٍ حول هذا المختلف هويّةً، المميَّز، الذي فضّله ابن عمّ "زهرة"، واقترن به. كما يُقدّم لنا السرد ثنْيَ رحلة "زهرة" وبنائها لهويّتها الخاصّة الخارجة عن هويّة القبيلة التقليديّة، رؤيةً لهذا الآخر، في حالات عددٍ، وتثبيتا للهويّة الذاتيّة، الموروثة، بشكل انفرادي.
نقلت لنا أيضا رواية "سيّدات القمر" تداخلا عجيبا بين التاريخ المسكوت عنه، تاريخ الخدم الأفارقة، في صِلاتهم الاجتماعيّة وتفاعلهم مع الآخر، وبين الخيال الظاهر في صناعة الحكاية في ذاتها. ولعلّ أهمّ ما يمكن أن نمسك به في هو منزلة "ظريفة" السرديّة، هذه الشخصيّة التي حقّقت توازنا في السرد بين الخالص النقيّ وبين الدخيل المندمج. يظهر ذلك جليّا في تخصيص مساحة من السرد لظريفة، وفي ما تدخل فيه من حوارات حارقة مع ابنها، وفي صلتها العجيبة بسيّدها، "بعد ستة عشر سنة سيبيعها (ظريفة) إلى التاجر سليمان، لتصبح عبدتَه وسريّتَه وحبيبته، والمرأةَ الوحيدة التي اقتربت من داخله، وليصبح الرجلَ الوحيدَ الذي ستحبّه، وتهابه حتّى الموت. الرجل الذي سترى فيه المخلِّص من إهانات أولاد الشيخ سعيد، والحبيب الذي عرّفها على ملاذّ الجسد، ومنبع لعبة القسوة والغيرة، وأخيرا الشيخ الذي عاد إلى حضنها ليموت فيه" (الحارثي، 2010، ص. 125)
تصوِّر الرواية تاريخا من التوافق والصراع في وجود هذه الطبقة، ومداخلتها للمجتمع واكتسابها لهويّتها داخله، بين تَصَوُّر "ظريفة"، المرأة التي لا ترى نفسها خارج دائرتها، والتي تُحقّق ذاتَها بهذه الهويّة، وتَصَوُّرِ ابنها "سنجر" وزوجها "حبيب"، ومَنْ هو داخلٌ في تصوّرهما إيمانا بالحريّة، واعتقادا أنّ الذات لا تتحقّق في العبوديّ. هنالك مساحات من الرؤى، ومن الإدراك، إذ تنسحب الذات الراوية الخالصة، وتترك للشخصيّات أمر التعبير عن إدراكها، بِعيْنها وبِصوتها. فـ"ظريفة"، الشخصيّة المُحبّة للعبوديّة، الراغبة فيها، التي جمّلتها الذات الراوية، تختلف عن ابنها، الثائر الراغب في الخروج عن قيد الاستعباد. أمّا الذات الراوية، الخالصة فتظلّ -في هذيانها- مفصحةً عن عميقِ اعتقادها بالفوارق الحاصلة بين هويّة الدخيل وهويّة الأصيل.
وتطرح رواية "الأشياء ليست في أماكنها" الإشكال ذاته، وإنْ كان برؤية مغايرة وتصوّر مختلف، من خلال شخصيّةٍ تَعيش أزمة العِرْق والجنس، إذ تعيش "أمل" هذا التمزّق الوجودي الذي سرعان ما تخرج منه لصناعة فضاء خاصّ، ويمكن أن نستدلّ على ذلك بمثالين من الرواية:



  • "لست كـ"العبدات" ولست أيضا كـ"منى" الحرّة الخالصة بكلّ تفاصيلها الصغيرة من هذه المشانق التي تتصيّدني من حين لآخر، لكوني أقع في المنتصف بحسرة كبيرة" (الجهوري، 2010 ص. 17).

  • "ما أقسى هذه الدائرة المغلقة... ما أقسى الطواف فوق جمرة الشكّ هذه... ما أقسى هذه الجريمة التي نحاسب عليها دون أن نرتكبها.. أكتشف الآن في خطوتي الأولى في الحياة أنّني أنثى بامتيازات ناقصة" ( الجهوري، 2010، ص. 17).
    تمثّل "أمل" منزلةً اجتماعيّة بين المنزلتين، هي الأشدُّ نُكرانا ورفضا، فلا هي عبدةٌ خالصة، ولا هي حرّة خالصة، وإنّما هي نتاجُ اختلاط الأعراق والأنساب. وتظلّ طيلةَ السرْد تبحث عنْ توازنٍ يُمكّنها من تقبُّل وضْعها، وقد ساهمت الذات الراوية في تمْكينها من هذا التوازن. ذلك أنّ الذات الراوية لا تمتدُّ في هذا المقام السرديّ لتحدَّ من حركة الشخصيّة أو من قولها، أو من إدراكها للأشياء، وإنّما هي تترك لها مساحات شاسعة لتعبّر عن ذاتها، وعن رؤيتها.
    فندرك صورة الآخر المجانب المختلف الذي يحترق بوضع اجتماعي وُجد عليه، يختار حياةً تخرج عن حياة الطائعين، ويقرّر مصيرا به يُوجِد هويّة خاصّة، ويمكن أن نستدلّ على ذلك بشاهدين طويلين، مبينين عن استعمال الراوي لِعَيْن الشخصيّة لترى بها ذاتها، ولتحدّد مصيرها. "أمل" التي وعت مبكّرا وضْعَها وحَسمت تَصوُّرَها لحياتها، في موقف أوّل تنظر فيه في المرآة، فتنعكس، وتُحوّل "معايبها" (الاجتماعيّة) إلى تَحرّر وانعتاق. وموقفٌ ثان، تتحاور فيه الحرّة ونصف الحرّة، "منى" و"أمل"، وهما واحد، الفارق بينهما أنّ نصف الحرّة وجدت حرّيتها لتحقيق رغباتها، في حين لم تجد الحرّة المجال، فانتقلت تحوّل الحلم واقعا، فيُظهر الحوار الدائر بينهما رؤيةً لنصف الحرّة التي أرادت أن تكون محورا وأن تخرج عن الهامش.

  • م1: "أقف الآن أمام المرآة أمرّر ظهر أصابعي على خدّي الناعم.. بشرتي سمراء تشبه بشرة الأغلبيّة في هذه البلاد.. عيناي جميلتان، شعري الأجعد يرقد بهدوء تحت ربطة الشعر، أنفي مستقيم كسيف، شفتي السفلى غليظة، ولا تتلاءم كثيرا مع الشفة العليا.. لكنني بالمجمل امرأة جميلة و"بيسرة".. يمكنني أن أدخل كلّ الأمكنة.. أن أذهب حيث أريد دون أن يستطيع أحد أن يتعرّف إلى سوادي الداخلي" (الجهوري، 2010، ص 17).

  • م2: "أنسى؟ ماذا أنسى يا منى؟ أنّ والدي يُقبّل يد والدك في العيد وبعد صلاة الجمعة، ليأخذ البركة منه وكأنّه إله، أنسى أنّ أمّي لا تستطيع أن تتأخّر عن أيّ امرأة في القرية لأنّه ينبغي عليها أن تلبّي طلبات الآخرين قبل طلبات أبنائها، أنسى أنّ أمّي تُقبّل رؤوس نساء الحارة واحدة واحدة، أنسى أنّنا كنّا نلبس الملابس التي يلقيها علينا النّاس بعد أن تكون قد تهتّكت من كثرة الاستخدام والغسيل.. وعندما نمرّ في الحارة علينا أن نقدّم الشكر للجميع، لأنّهم الآلهة التي تمنح ما لديها برضا كبير" (الجهوري، 2010، ص 155).
    يحضر الآخر المحدِّد للهويّة الأصليّة بشكل جارح في هذه الأعمال، ويفتح عين المجتمع على ما دعا إليه بول ريكور من "هويّة سرديّة" ، تذوب فيها الفوارق بين الأنا والآخر، إنّه مفهوم الوطنيّة الجامعِ . غير أنّ الذوات المتكلّمة تحتلّ دوما موقعا ومنزلة ممّا تروي. فـ"زهرة" التي غلَّبت "الذاتُ المتكلِّمةُ" رؤيَتَها، وجَعلتْها المصدرَ الوحيد للرواية، فلا صوتَ يعلو على صوتِها، ولا منظورَ يُرْبِكُ رؤيَتَها للذوات وللهُويّات وللعلاقات وللكينونات. فهي تُذكِّر قارئها دوما أنّها "اصيلة"، وأنّ "الدخيل" الذي يتعامل معها، يتحدّد بحسب الحاجة إليه، وفق منظورٍ نفعيّ خالص. و"أمل" التي تركتها "الذاتُ المتكلّمة" تعبّر عن نفسها، وعن الوجود من حولها، تحدَّدت على أنّها "دخيلة"، وجعلتْها في ممكن السرد تأخذُ زوجَ صديقتها البارد، الجافّ، اليوميّ مع زوجته، الدافئ، الحنون، الممتع، مع صديقتها. و"ظريفة" في "سيّدات القمر" وإنْ دافعت عن وجودها وكينونتها التاريخيّة، راضيةٌ مرضيّةٌ، بمنزلتها، فهي في نهاية المطاف، صُوّرت وهُيِّئت من قبل "الذات الكاتبة" شخصيّةً عبدةً.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

تنبع من أهمية د...

تنبع من أهمية دور البنوك التجارية في الحياة الاقتصادية، باعتبارها الممول الرئيسي لعملية التنمية في أ...

إن الإسلام دين ...

إن الإسلام دين شامل و كامل و واقعي، فكمال الإسلام وشموليته مؤكدة من خلال قوله سبحانه وتعالى في محكم ...

إن الصحة الجسدي...

إن الصحة الجسدية تلعب دور بالغ الأهمية في حياة الإنسان فهي ضرورية لتأدية كافة النشاطات في الحياة الي...

في قلب كل مدينة...

في قلب كل مدينة، تنبض الحياة التجارية بنشاطها وحركتها المستمرة، فالتجارة تمثل عمودًا فقريًا للاقتصاد...

مقدمة: تميزت ال...

مقدمة: تميزت الفلسفة في القرن العشرين بسمتين جوهريتين جعلتها تبدو مختلفة إلي حد بعيد عن فلسفات القرو...

The snow leopar...

The snow leopard, scientifically known as Panthera uncia, is a majestic and elusive creature that pr...

كان في الغابة أ...

كان في الغابة أسد مغرور، يفتخر بقوته، ويتعدى على الحيوانات في الغابة، فاجتمعت الحيوانات يوما، وأخذوا...

La biotechnolog...

La biotechnologie végétale est un ensemble de techniques biologiques, provenant de larecherche fonda...

يحيط بالفرد عدة...

يحيط بالفرد عدة مرافق ومؤسسات وتتنوع هذه الأخيرة بتنوع احتياجات الإنسان، فمنها التعليمية والصحية وأخ...

-/-أهم موارد ال...

-/-أهم موارد السكــــــــــان: • الفــــــلاحة • التجارة والصناعة التقليدية • السياحـــــــة -/-المو...

"Stress, a perv...

"Stress, a pervasive issue in modern life, can significantly diminish our overall happiness. The pre...

قرون من الظلام ...

قرون من الظلام والجهل والتخلف انتهت عند موعد اهتكاك الغرب بالشرق من خلال الحروب الصليبية فاجمعوا مخط...