لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

قرر هنا بعض ما حدث للأمم السالفة تسليةىللنبي – صلى الله عليه وسلم - وتأنيسًا له؛ وتخويقًا وتحذيرًً وإبعادًا لقومه وعظة لأمته؛ لأن النظر في المحسوسات أمكن في النفوس، والاستفهام في هذه الجملة " هَل أَتَاكَ حَدِيتُ الْجْنُودِ " للتقرير، ويحتمل أن تكون ' هل " هنا بمعنى " قد " أي قد أتاك يا محمد – صلى الله عليه وسلم – خبر هذه الجموع الكافرة المكذبة لأنبيائهم ثم بَيْنه - عل - بعد ذلك بقوله : " فِرْعوْنَ وَثمودَ '!. ويجوز أن يكون للتعجيب!" أي للتعجيب من حال فرعون وثمود وما كان منهم من ظلم وطغيان رغم وجود الآيات ووضوح المعجزات التي جاءتهم على يدي موسى وصالح عليهما وعلى نبينا وجميع الأنبياء أفضل الصلاة؛ وفي هذا تعريض توبيخي للمشركين بأنهم قد نبذوا الله وراء ظهورهم وأنهم قد ينزل بهم ما نزل بهؤلاء الطغاة العتاة الجبابرة!". ويحتمل أن يكون على حقيقته؛ ويكون النبي – صلى الله عليه وسلم - قد أعلمه ريه قبل ذلك حديثًا عن فرعون وثمود وما أخذهم الله به من عذاب ونكال وعلى هذا يكون الجواب محذوفا تقديره : نعم أتاني حديث فرعون وثمود؛ ويحتمل أن يكون للتشويق وإثارة ذهن المتلقي إلى ما يلقى بعده من كلام؛ وجاء التعبير بالأداة " هل ” وأوثرت من بين أدوات الاستفهام لتحقيق الغرض الذي من أجله سيق الاستفهام؛ وأيَّا كان الغرض من هذا الاستفهام - والنكات البلاغية لا تتزاحم والقرآن الكريم حمّال أوجه - فإننا نجد في طيّاته ضربًا من الإثارة والتشويق إلى معرفة المستفهم عنه؛ لأنه جاء بعد تهيئة وتشويق لمعرفته؛ والشيء إذا جاء بعد تمهيد له وتقديم ونيلَ بعد تشويق وتطلع إليه؛ حيث شبه السماع بالإتيان؛ ثم حذف المشبه وصرح بلفظ المشبه به واشتق منه " أتى " على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية وفي هذا تعظيم لبلوغ الخبر، وفي إسناد الإتيان إلى " حَدِيثُ " استعارة مكنية " حيث شبه الحديث بإنسان؛ أي الحديث المختص بهؤلاء الجنود. وفي ذلك إشارة إلى أن هؤلاء القوم ذوو بأس وقوة كبأس أبطال الحرب وقوتهم؛ وقال سيد قطب مبينا العلة من تسمية القرآن الكريم لهم بالجنود : "ويسميهم الجنود إشارة إلى قوتهم واستعدادهم". وأبدل " فَرْعوْنَ وَثمودَ ' من " الْجُنُودِ ' بدل كنٍ من كلٍّ؛ وذلك على تقدير مضاف محذوف لتحقيق المطابقة بين البدل والمبدل منه في الجمعية، ونكتة حذف هذا المضاف هي المزاوجة بين اسمين علمين مفردين في الإبدال من الجنود")؛ وفي ذلك البدل نوع من البيان والتوضيح بعد الإبهام والتفصيل بعد الإجمال والتوكيد بعد الإخبار. وجمع الله بهما بين العرب والعجم"؛ وذلك لعل أهل مكة يتعظون بما حل بهما، ولما استقامت الفاصلة بذلك» ولم يكن في ذكره تكلف كان إيثاره من محاسن النظم» واختياره من بدائع السبك ومحاسن الكلم". ولما لم ينجر أهل مكة وبتعظوا بما حل بالأمم السابقة التي كذبت أنبياء هم وآذوهم أضرب الله عن مماثلتهم لهم؛ وعن تأميل رسوله – صلى الله عليه وسلم - بإيمان من لم يقدر له الإيمان من كفرة قومه؛ وكأن الله - قد - يريد أن يقول لنبيه : ليس حال فرعون وثمود بأعجب من حال قومك؛ وجرى عليهم من العذاب والنكال لم يعتبروا بهم» ولم يتزجروا عن غيّهم؛ فهم مستمرون على التكذيب؛ وحالهم أشد من حالهم في استحقاق العذاب. وفي التعريف بالموصولية ' الَّذِينَ كَفرُوا " دلالة على سببية الخبر " في تَكُذِيبٍ " حيث إن الكفر هو الذي أوردهم هذا المورد؛ وأوصلهم إلى هذا المسلك الهالك. وفي قوله - تعالى - : " في تَكذِيبٍ " استعارة مكنية؛ لأن التكذيب لا يصلح للظرفية الحقيقية؛ فشبه مطلق الارتباط بين الذين كفروا والتكذيب بمطلق الارتباط بين الظرف والمظروف بجامع التمكن؛ ثم استعير لفظ " في " وهو جزئية من جزئيات المشبه به، وفي هذه الاستعارة دلالة على استمرار هؤلاء الكفار في التكذيب؛ وتمكّن التكذيب من نفوسهم تمكّن الظرف من المظروف؛ بحيث لا يترك لعقولهم مسلكًا لتذكر ما حل بأمثالهم من الأمم؛ وأنى لهم بالانفكاك والخلاص وهم فقط يتبعون أهواءهم؛ ويحتمل أن يكون المجاز في هذه الآية على سبيل المجاز المرسل علاقته الحاليّة؛ لأن التكذيب معنى من المعاني؛ وكأن التكذيب لشدته أحاط بهم إحاطة البحر بالغريق؛ أو مجازًا مرسلًا - تنكير لفظة " تَكُذِيبٍ " الدال على تعظيم هذا التكذيب وتفخيمه وتهويل أمره؛ فهم يكذبون كل ما جاءهم به الرسول – صلى الله عليه وسلم - رغم وجود الآيات؛ وحُذْفَ متعلق التكذيب هنا لظهوره ووضوحه من المقام؛ والتقدير: أنهم في تكذيب بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والوحي المنزل إليه؛ وعطفت جملة ' وَللَهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيط " على جملة ' الَذِينَ كَفَرُوا في تَكذِيبٍ؛ لما بين الجملتين من التوسط بين الكمالين باتفاقهما في الخبرية لفظًا ومعنى؛ هذا بالإضافة إلى وجود المسوغ للعطف؛ وهو دلالة الجملتين على التمكن والإحاطة؛ " الذِينَ كَفَرُوا في تَكُذِيبٍ " تدل على تمكن الكذب من الكفار وإحاطته بهم» وجملة "
وله مِنْ وَرَائِهِمْ مُحيط " تدل على إحاطة عقاب الله – عز وجل - بهم؛ وتمكنه منهم بحيث لا يفلتون منه؛ وقوبل جزاء إحاطة التكذيب بالكفار بإحاطة عذاب الله – عز وجل – وعقابه بهم جزاء وفاقًا، الله – عز وجل - على إهلاك الكفار، لكونهم في قبضته بعدم فوت المحاط المحيط لانسداد المسالك عليه؛ واستعيرت الصورة الدالة على المشبه به للمشبه!". وفي هذا إشارة إلى علم الله – عز وجل - بهؤلاء الكفار، وأنهم في قبضته بحيث لا يعجزونه؛ وقد جانبه الصواب هنا؛ وتحتمل هذه الجملة أن تكون كناية عن قرب إهلاك هؤلاء الكفار، وفي هذه الجملة أيضًا - بالإضافة إلى الاستعارة التمثيلية والكناية – تعريض توبيخي للكفار بأنهم نبذوا الله وراء ظهورهم» وأقبلوا على الهوى والشهوات بوجوه انهماكهم فيها!". وجاء التعبير بلفظ الجلالة " الله " لتربية المهابة والخشية في نفوس المخاطبين؛ وفي التعبير بالاسم " مُحِيطُ " دلالة على الاستمرار والثبوت والدوام؛ أي أن إحاطة الله – غز وجل - بهؤلاء الكفرة الفجرة ثابتة دائمة بدون انقطاع؛ وأضرب الله عن شدة تكذيب الكفار للقرآن الكريم وعدم كفهم عنه إلى وصف القرآن بأنه " قُرآنٌ مَجِيدٌ في لَوْح مَحْفُوظِ " تنوبهًا بالقرآن الكريم» وإشارة إلى شرفه؛ إذ التنويه به جامع لإبطال جميع افتراءاتهم على سبيل الإيجاز» وبناء على ذلك فهذا الإضراب إضراب إبطالي. ويحتمل هذا الإضراب أن يكون إضرابًا انتقاليًّا، أي أن الله بين شدة كفرهم وتكذيبهم» وعدم ارعوائهم وارتداعهم عن ذلك إلى وصف القرآن الكريم بالكرم والحفظ في اللوح المحفوظ !". وعبر – عز وجل- عن القرآن الكريم بالإضمار " هُوَ " دون أن يسبق له ذكر صريح " إيذانًا بأنه لعظمه في كل قلب لا غَيْبة له أصلًا!"؛ ولفظة ' فُرْآنٌ ' مصدر على وزن " فُعْلان " - بضم الفاء وسكون العين - دالّ
على الوحي المنزل من الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وفي التعبير به " إشارة عرفية إلى أنه موحى به بإبطال ما اختلقه المكذبون : أنه أساطير الأولين، ووصف القرآن بأنه " مَجِيدٌ " أي مجيد بكرمه؛ ووصفه بالمجادة وصف الله بذلك عن طريق الكناية من باب أولى؛ لأن مدح الكلام مدح للمتكلم. وقرأ البعض ” قُرْآَنُ مَجِيدٍ ' بالإضافة"!؛ وهذا أولى لتوافق مدلول هذه القراءة مع مدلول قراءة الرفع؛ وإما أن يكون على تقدير مضاف محذوف» والتقدير : قرآنُ رَبٌ مَحِيدٍ، وفي هذه القراءة يكون المجيد وصفًا لله ووصف الله بالمجيد وصف للقرآن بالمجادة بطريق الكناية أيضًا؛ لأن كلام الله - تبارك وتعالى - من صفته!. ثم وصِفَ هذا القرآن العظيم أيضًا بأنه " في لوح مَحْفُوظِ " وفي هذا الوصف دلالة على حفظ القرآن الكريم من التبديل والتغيير والتصحيف والتحريف وكل شبهة وربب في نظمه أو معناه؛ ولا تكذيب المكذبين. و " مَحْفُوظِ " - بقراءة الجر هذه - صفة لـ " لَوْح "» أي : لوح محفوظ من التبديل والتغيير، وقرأ البعض " مَحْفُوظُ " - بالرفع - على أنه صفة ثانية ل " قُرآنٌ " فهو محفوظ في القلوب؛ والناظر في هاتين القراءتين قراءتي الجر " مَحْفُوظِ " والرفع " مَحْفُوظٌ " يجد أنه يستلزم من كل واحدة منهما حفظ القرآن الكريم واللوح؛ ومما تجدر الإشارة إليه أنه في وصف البروج في بداية السورة بأنها محفوظة
ووصف القرآن المجيد في آخرها بأنه محفوظ في لوح محفوظ ضَرْبٌ من رجوع ختام السورة على مبتدئها، ولون من تعانق الافتتاح بالمنتهى .


النص الأصلي

فبعد أن ذكر الله ما دل على شدة بطشه؛ وكمال قوته» وطلاقةىقدرته؛ وتمام حكمته؛ وجلال عظمته؛ قرر هنا بعض ما حدث للأمم السالفة تسليةىللنبي – صلى الله عليه وسلم - وتأنيسًا له؛ وتخويقًا وتحذيرًً وإبعادًا لقومه وعظة لأمته؛ لأن النظر في المحسوسات أمكن في النفوس، وأثبت في الأذهان.
والاستفهام في هذه الجملة " هَل أَتَاكَ حَدِيتُ الْجْنُودِ " للتقرير، أي تقرير لحال الكفرة؛ ولكونه عز وجل فَعَالًَا لما يربد، ولشدة بطشه بالظلمة العصاة الطغاة العتاة؛ لا ولتسلية النبي- صلى الله عليه وسلم - وإشعاره بأنه سيصيب كفرةٍ قومه ما أصاب هؤلاء الجنود !.
ويحتمل أن تكون ' هل " هنا بمعنى " قد " أي قد أتاك يا محمد – صلى الله عليه وسلم – خبر هذه الجموع الكافرة المكذبة لأنبيائهم ثم بَيْنه - عل - بعد ذلك بقوله : " فِرْعوْنَ وَثمودَ '!.
ويجوز أن يكون للتعجيب!" أي للتعجيب من حال فرعون وثمود وما كان منهم من ظلم وطغيان رغم وجود الآيات ووضوح المعجزات التي جاءتهم على يدي موسى وصالح عليهما وعلى نبينا وجميع الأنبياء أفضل الصلاة؛ وأزكى السلام.
ويجوز أن يكون لإرادة التهويل من حديث الجنود، وكأنه شيء هائل عظيم يستحق أن يسأل عنه؛ وفي هذا تعريض توبيخي للمشركين بأنهم قد نبذوا الله وراء ظهورهم وأنهم قد ينزل بهم ما نزل بهؤلاء الطغاة العتاة الجبابرة!".
ويحتمل أن يكون للنفي؛ أي إنه لم يأتك حديث الجنود، وسنقصه عليك فيما
سينزل عليك من آياتنا بعد، وفي هذا ما يبعث على التشوق إلى هذا الحديث العجيب؛
والتطلع إليه؛ وانتظاره في لهفة وترقب ‎.
ويحتمل أن يكون على حقيقته؛ ويكون النبي – صلى الله عليه وسلم - قد أعلمه ريه قبل ذلك حديثًا عن فرعون وثمود وما أخذهم الله به من عذاب ونكال وعلى هذا يكون الجواب محذوفا تقديره : نعم أتاني حديث فرعون وثمود؛ وفي هذا الحث ضرب من الإيجاز ولون من الاختصار؛ الأمر الذي يجعل الأسلوب خاليًا من الثقل.
ويحتمل أن يكون للتشويق وإثارة ذهن المتلقي إلى ما يلقى بعده من كلام؛ وجاء التعبير بالأداة " هل ” وأوثرت من بين أدوات الاستفهام لتحقيق الغرض الذي من أجله سيق الاستفهام؛ وهو الالتفات التام لسماع ما يقال فهي أشبه بقرع العصاء حيث إنها صوت لا يقصد لذاته؛ وإنما لما بعدها.


وأيَّا كان الغرض من هذا الاستفهام - والنكات البلاغية لا تتزاحم والقرآن الكريم حمّال أوجه - فإننا نجد في طيّاته ضربًا من الإثارة والتشويق إلى معرفة المستفهم عنه؛ وتهيئة المخاطب لتلقيه وتقريره في نفسه؛ وتثبيته لديها، وترسيخه في وجدانه؛ لأنه جاء بعد تهيئة وتشويق لمعرفته؛ والشيء إذا جاء بعد تمهيد له وتقديم ونيلَ بعد تشويق وتطلع إليه؛ وتهيئة له؛ كان أوقع في النفس وأثبت وآكد.
وفي الفعل ” أتاكَ " استعارة تصريحية؛ حيث شبه السماع بالإتيان؛ ثم حذف المشبه وصرح بلفظ المشبه به واشتق منه " أتى " على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية وفي هذا تعظيم لبلوغ الخبر، وتفخيم لشأن السماع؛ وتصوير له وهو أمر محسوس قوي بصورة أمر محسوس آخر أقوى منه.
وظاهر الخطاب في ' أتاك " للرسول – صلى الله عليه وسلم - ولكنه مصروف لغير معين ممن يراد موعظته من المشركين تذكيرًا بخبر أولئك الجنود؛ وتعجيبًا من حال المشركين في إعراضهم عن الاتعاظ بذلك!.
وفي إسناد الإتيان إلى " حَدِيثُ " استعارة مكنية " حيث شبه الحديث بإنسان؛ ثم حذف المشبه به، وأتي بشيء من لوازمه وهو الإتيان؛ وأثبته للمشبه، وفي هذا ضرب من التصوير، ولون من المبالغة في تحقيق السماع؛ حيث جعلت الاستعارة الحديث يأتي؛ وفي إثبات الإتيان للحديث نوع من التخييل.
وفي تنكير لفظة ' حَدِيثْ " دلالة على التفخيم والتهويل والتعظيم» فخبرهم عظيم؛ ونبأهم عجيب»، وشأنهم فظيع هائل يستحق الوقوف عندهم، ويستأهل التأمل فيه؛ وإضافته إلى ' الْجُنُوْدِ ' للدلالة على الاختصاص، أي الحديث المختص بهؤلاء الجنود.
وفي التعبير بلفظ " الْجُنُودِ " استعارة تصريحية!؛ حيث شبه الأمم المقاومة للرسل بالجنود المتجمعة للقتال ثم حذف المشبه؛ وصرح بلفظ المشبه به؛ وفي ذلك إشارة إلى أن هؤلاء القوم ذوو بأس وقوة كبأس أبطال الحرب وقوتهم؛ وأنهم في حرب مع أولياء الله ؛ وقال سيد قطب مبينا العلة من تسمية القرآن الكريم لهم بالجنود : "ويسميهم الجنود إشارة إلى قوتهم واستعدادهم".


وأبدل " فَرْعوْنَ وَثمودَ ' من " الْجُنُودِ ' بدل كنٍ من كلٍّ؛ وذلك على تقدير مضاف محذوف لتحقيق المطابقة بين البدل والمبدل منه في الجمعية، أي : جنود فرعون!"؛ ونكتة حذف هذا المضاف هي المزاوجة بين اسمين علمين مفردين في الإبدال من الجنود")؛ أو أنه اكتفي بذكر فرعون؛ والمراد فرعون وقومه؛ واستغني بذكره عن ذكرهم لأنهم جنده وأتباعه؛ وفي كلتا الحالتين ففي هذا الحنف ضرب من الإيجاز، ولون من الاختصار، وفي ذلك البدل نوع من البيان والتوضيح بعد الإبهام والتفصيل بعد الإجمال والتوكيد بعد الإخبار. وخْصٌ فرعون وثمود بالذكر من بقية الأمم التي كذّبت الرسل مثل عاد وقوم نوح وقوم شعيب؛ لأنهما كانا أشد من غيرهما بغيًّا وظلمًا، ولأن قصتيهما كانتا معروفتين لأهل مكة أكثر من غيرهما، ولتداولهما على الألسنة ومعلوميتهما، فقصة ثمود كانت مشهورة عند العرب» وقصة فرعون كانت مشهورة عند أهل الكتاب وعند العرب الجاهلية أيضًاء وكان فرعون من المتأخرين في الهلاك؛ فدل بقصته وقصة ثمود على أمثالهما من قصص الأمم المكذبة وهلاكها!)؛ وجمع الله بهما بين العرب والعجم"؛ وذلك لعل أهل مكة يتعظون بما حل بهما، ويرعوون ويرتدعون عمًا هم عليه.
وكذلك - بالإضافة إلى ما سبق - أن تخصيص ثمود بالذكر من بين بقية الأمم المكذبة للرسل وتأخر ذكره مع تقدمه على فرعون زمانًا أمر اقتضته الفاصلة السابقة الجارية على حرف الدال؛ ولما استقامت الفاصلة بذلك» ولم يكن في ذكره تكلف كان إيثاره من محاسن النظم» واختياره من بدائع السبك ومحاسن الكلم".
ولما لم ينجر أهل مكة وبتعظوا بما حل بالأمم السابقة التي كذبت أنبياء هم وآذوهم أضرب الله عن مماثلتهم لهم؛ وعن تأميل رسوله – صلى الله عليه وسلم - بإيمان من لم يقدر له الإيمان من كفرة قومه؛ وكأن الله - قد - يريد أن يقول لنبيه : ليس حال فرعون وثمود بأعجب من حال قومك؛ بل إن أمر قومك أعجب من أمرهم؛ لأن قومك مع علمهم بحال فرعون وثمود وما صدر عنهم من التمادي في الكفر و الضلال والطغيان» وما حلّ بهم؛ وجرى عليهم من العذاب والنكال لم يعتبروا بهم» ولم يتزجروا عن غيّهم؛ ولم يرتدعوا عن ضلالهم؛ ولم يرعووا عن جهلهم و كفرهم!'؛ فهم مستمرون على التكذيب؛ ومنغمسون فيه؛ وحالهم أشد من حالهم في استحقاق العذاب.


العقاب؛ وفي هذا الإضراب الانتقالي للأشد ضرب من الترقي، ولون من التدرج في عرض الأفكار؛ ونوع من الحركة والحيوية للأسلوب.
وفي التعريف بالموصولية ' الَّذِينَ كَفرُوا " دلالة على سببية الخبر " في تَكُذِيبٍ " حيث إن الكفر هو الذي أوردهم هذا المورد؛ وأوصلهم إلى هذا المسلك الهالك.
وفي قوله - تعالى - : " في تَكذِيبٍ " استعارة مكنية؛ لأن التكذيب لا يصلح للظرفية الحقيقية؛ فشبه مطلق الارتباط بين الذين كفروا والتكذيب بمطلق الارتباط بين الظرف والمظروف بجامع التمكن؛ ثم استعير لفظ " في " وهو جزئية من جزئيات المشبه به، واستعمل في المشبه؛ وفي هذه الاستعارة دلالة على استمرار هؤلاء الكفار في التكذيب؛ وانغماسهم فيه انغماس المظروف في الظرف؛ وتمكّن التكذيب من نفوسهم تمكّن الظرف من المظروف؛ وإحاطته بهم إحاطة البحر بالغريق فيه؛ بحيث لا يترك لعقولهم مسلكًا لتذكر ما حل بأمثالهم من الأمم؛ ولا يستطيعون الانفكاك عنه ولا يقدرون على الخروج منه؛ وأنى لهم بالانفكاك والخلاص وهم فقط يتبعون أهواءهم؛ ويقلدون آباء هم!.
ويحتمل أن يكون المجاز في هذه الآية على سبيل المجاز المرسل علاقته الحاليّة؛ لأن التكذيب معنى من المعاني؛ ولا يحل الإنسان فيه؛ وإنما يحل في مكانه؛ فأطلق الحال وهو التكذيب» وأريد المحل وهو المكان، وكأن التكذيب لشدته أحاط بهم إحاطة البحر بالغريق؛ والسوار بالمعصم!".
ويؤازر دلالة المجاز في هذه الآية - سواء كان استعارة مكنية؛ أو مجازًا مرسلًا - تنكير لفظة " تَكُذِيبٍ " الدال على تعظيم هذا التكذيب وتفخيمه وتهويل أمره؛ و الموحى بأن هؤلاء الكفرةٍ بلغوا فيه حد الغاية، ووصلوا إلى النهاية؛ فهم يكذبون كل ما جاءهم به الرسول – صلى الله عليه وسلم - رغم وجود الآيات؛ ووضوح الأدلة؛ وظهور البراهين؛ فهم عن دعوته صمّ بُكُم عُمي لا يعقلون.
وحُذْفَ متعلق التكذيب هنا لظهوره ووضوحه من المقام؛ والتقدير: أنهم في تكذيب بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والوحي المنزل إليه؛ ورسالته التي يدعو إليها!.
وعطفت جملة ' وَللَهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيط " على جملة ' الَذِينَ كَفَرُوا في تَكذِيبٍ؛ لما بين الجملتين من التوسط بين الكمالين باتفاقهما في الخبرية لفظًا ومعنى؛ هذا بالإضافة إلى وجود المسوغ للعطف؛ وهو دلالة الجملتين على التمكن والإحاطة؛ فجملة
" الذِينَ كَفَرُوا في تَكُذِيبٍ " تدل على تمكن الكذب من الكفار وإحاطته بهم» وجملة "
وله مِنْ وَرَائِهِمْ مُحيط " تدل على إحاطة عقاب الله – عز وجل - بهم؛ وتمكنه منهم بحيث لا يفلتون منه؛ وقوبل جزاء إحاطة التكذيب بالكفار بإحاطة عذاب الله – عز وجل – وعقابه بهم جزاء وفاقًا، وفي هذا من الوعيد والتهديد والتخويف ما لا يخفى على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!".
وفي هذه الجملة " وَاللهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيط " استعارةٍ تمثيلية» حيث شبه اقتدار
الله – عز وجل - على إهلاك الكفار، ومعاجلتهم بالعذاب؛ وعدم نجاتهم من بأسه؛ لكونهم في قبضته بعدم فوت المحاط المحيط لانسداد المسالك عليه؛ وعدم وجود منفذ يهرب منه» ثم حذفت الصورة الدالة على المشبه؛ واستعيرت الصورة الدالة على المشبه به للمشبه!".
وفي هذا إشارة إلى علم الله – عز وجل - بهؤلاء الكفار، واقتداره عليهم؛ وأنهم في قبضته بحيث لا يعجزونه؛ ولا يفوتونه بوجه ولا يفلتون من عقابه.
وحمل محيي الدين شيخ زاده هذه الاستعارة التمثيلية على أنها تشبيه بليغ؛ فقال : " وقوله - تعالى - : ” وَللهُ مِنْ وَرَاِئمْ مُحِيط ” من باب التشبيه البليغ؛ وقد جانبه الصواب هنا؛ لأن التشبيه لا بدّ فيه من ذكر طرفيه : المشبه والمشبه به؛ والمذكور هنا هو طرف واحد، وهو صورة المشبه به؛ ولذا فهذا استعارة تمثيلية؛ وليس تشبيهًا بليغًا.
وتحتمل هذه الجملة أن تكون كناية عن قرب إهلاك هؤلاء الكفار، وذلك كقوله - تعالى - : " وَظْنُوا أَنَهُمْ أحيطً بِهِمْ "*)؛ فهو عبارة عن مشارفة الهلاك(. وفي هذه الجملة أيضًا - بالإضافة إلى الاستعارة التمثيلية والكناية – تعريض توبيخي للكفار بأنهم نبذوا الله وراء ظهورهم» وأقبلوا على الهوى والشهوات بوجوه انهماكهم فيها!".
وجاء التعبير بلفظ الجلالة " الله " لتربية المهابة والخشية في نفوس المخاطبين؛ وخْصٌ الوراء بالذكر؛ " لأن الإنسان يحمي ما وراءه ولأنه جهة الفرار من
المصائب".
وفي التعبير بالاسم " مُحِيطُ " دلالة على الاستمرار والثبوت والدوام؛ أي أن إحاطة الله – غز وجل - بهؤلاء الكفرة الفجرة ثابتة دائمة بدون انقطاع؛ وذلك من دلائل القدرة الإلهية.
وأضرب الله عن شدة تكذيب الكفار للقرآن الكريم وعدم كفهم عنه إلى وصف القرآن بأنه " قُرآنٌ مَجِيدٌ في لَوْح مَحْفُوظِ " تنوبهًا بالقرآن الكريم» وإشارة إلى شرفه؛ ونظمه؛ واعجازه؛ وعلوّ طبقته بين الكتب؛ وعدم تطرق الريب إليه؛ وعدم ضرره بتكذيب هؤلاء الكفرة المكذبين؛ وتأويل المبطلين المعاندين؛ إذ التنويه به جامع لإبطال جميع افتراءاتهم على سبيل الإيجاز» وبناء على ذلك فهذا الإضراب إضراب إبطالي.
ويحتمل هذا الإضراب أن يكون إضرابًا انتقاليًّا، أي أن الله بين شدة كفرهم وتكذيبهم» وعدم ارعوائهم وارتداعهم عن ذلك إلى وصف القرآن الكريم بالكرم والحفظ في اللوح المحفوظ !".
وعبر – عز وجل- عن القرآن الكريم بالإضمار " هُوَ " دون أن يسبق له ذكر صريح " إيذانًا بأنه لعظمه في كل قلب لا غَيْبة له أصلًا!"؛ فشهرته أغنت عن التصريح باسمه الظاهر.
ولفظة ' فُرْآنٌ ' مصدر على وزن " فُعْلان " - بضم الفاء وسكون العين - دالّ
على الوحي المنزل من الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وفي التعبير به " إشارة عرفية إلى أنه موحى به بإبطال ما اختلقه المكذبون : أنه أساطير الأولين، أو قول كاهن؛ أو نحو ذلك"".
ووصف القرآن بأنه " مَجِيدٌ " أي مجيد بكرمه؛ وعظمه؛ وعلو منزلته؛ وإعجاز نظمه؛ وسلامة مبانيه» وصحة معانيه؛ وغير ذلك مما يدل على شرفه وفضله على سائر الكتب، وفي هذا الوصف ضرب من المدح والثناء لهذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ ووصفه بالمجادة وصف الله بذلك عن طريق الكناية من باب أولى؛ لأن مدح الكلام مدح للمتكلم.
وقرأ البعض ” قُرْآَنُ مَجِيدٍ ' بالإضافة"!؛ وذلك إما أن يكون من باب إضافة الموصوف لصفته؛ وهذا أولى لتوافق مدلول هذه القراءة مع مدلول قراءة الرفع؛ وإما أن يكون على تقدير مضاف محذوف» والتقدير : قرآنُ رَبٌ مَحِيدٍ، وفي هذه القراءة يكون المجيد وصفًا لله ووصف الله بالمجيد وصف للقرآن بالمجادة بطريق الكناية أيضًا؛ لأن كلام الله - تبارك وتعالى - من صفته!.
ثم وصِفَ هذا القرآن العظيم أيضًا بأنه " في لوح مَحْفُوظِ " وفي هذا الوصف دلالة على حفظ القرآن الكريم من التبديل والتغيير والتصحيف والتحريف وكل شبهة وربب في نظمه أو معناه؛ فلا يضره تشكيك المشككين. ولا تكذيب المكذبين.
و " مَحْفُوظِ " - بقراءة الجر هذه - صفة لـ " لَوْح "» أي : لوح محفوظ من التبديل والتغيير، ومحفوظ من وصول الشياطين إليه. ومحفوظ من اطلاع الخلق عليه سوى الملائكة المقريين فلا يمسه إلا المطهرون وحفظ اللوح حفظ بطريق الكناية للقرآن الكريم وتنويه بشأنه !.
وقرأ البعض " مَحْفُوظُ " - بالرفع - على أنه صفة ثانية ل " قُرآنٌ " فهو محفوظ في القلوب؛ وذلك بسلامته من التبديل والتحريف فلا ريب فيه ولا يلحقه خطأ ولا تبديل ولا يضره تكذيب المكذبين ولا إنكار المنكرين وحفظ القرآن يستلزم أن اللوح المودع هو فيه محفوظ أيضًا.
والناظر في هاتين القراءتين قراءتي الجر " مَحْفُوظِ " والرفع " مَحْفُوظٌ " يجد أنه يستلزم من كل واحدة منهما حفظ القرآن الكريم واللوح؛ فلا جرم حصل من القراءتين ثبوت الحفظ لهما، فأما حفظ القرآن فهو حفظه من التغيير ومن تلقف الشياطين وأما حفظ اللوح فهو حفظه عن تناول غير الملائكة المْقَرّيِين إياه أو أن حفظه كناية عن تقديسه!.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه في وصف البروج في بداية السورة بأنها محفوظة
في لوح السماء المحفوظ»، ووصف القرآن المجيد في آخرها بأنه محفوظ في لوح محفوظ ضَرْبٌ من رجوع ختام السورة على مبتدئها، ولون من تعانق الافتتاح بالمنتهى .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

تعد الرياضة الر...

تعد الرياضة الركيزة الأساسية لصحة الجسم البدنية ولياقته حيث يمارسها الفرد من أجل الحفاظ على صحته وال...

- أيها المسلمون...

- أيها المسلمون، لقد فطر الإنسان على محبة أمور عديدة، من تلك الأمور أن يحب المرء ماله وولده وأقاربه ...

دراسة الحركات ا...

دراسة الحركات الاجتماعية: ٌ أسئلة ٌ متكررة وإجابات ِّ متغيرة ٍّ (إلى حد ما) ً في أواخر الستينيات من ...

1. Flat Hierarc...

1. Flat Hierarchy: Unlike traditional hierarchical structures with multiple layers of management, th...

ChatGPT can be ...

ChatGPT can be integrated with intrusion detection systems to provide real-time alerts and notificat...

الشعر تعبير عن ...

الشعر تعبير عن مكنون النفوس يعكس رقة الشعور ورهافة الاحساس، فهو فن أدبي فياض، وعالم من العواطف والأخ...

والاشراف والمها...

والاشراف والمهارات. (الجدول من اعداد المؤلفين) العنصر الإدارة إدارة الأعمال الإدارة العامة التعريف ا...

تفصيلا من جهة ت...

تفصيلا من جهة تخلقه وعدم تخلقه، ونموه وبقائه لتمام مدته، وسقوطه قبلها حيا او ميتا وسلامته وما قد يط...

فرانسيس بيكون، ...

فرانسيس بيكون، المعروف أيضًا بفرانسيس نيكولاس بيكون، هو فيلسوف ومفكر وكاتب ورجل دولة بريطاني. وُلد ف...

The sisters hid...

The sisters hide the clothes again because they believe that Moriah will return in a good mood since...

نننأهننمأننننوا...

نننأهننمأننننوا السننياحةالحديثنننةالننتينشنننأتمننؤخراوالنننتيتجسنندأخلاقيننناتالعمننلالسنننياحيهنن...

Urbanization's ...

Urbanization's impact on pollution extends to climate change as well The heightened concentration of...