لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (20%)

مدخل : الرمز والرمزية (*) في الشعر العربي المعاصر. كما أن لهم توظيفا دالا للرمز في شعرهم على نحو ما يفعل الشعراء الرمزيون أصحاب المذهب الرمزي ؛ والرمزية هنا تشي بمفهوم الرمز - وإن كان بالمعنى الفني الضيق؛ مفهوم الرمز والرمزية :
بحيث تعني شيئاً ما يشير إلى شيءٍ آخر وعدم إغفال مستوى الدلالة الحقيقة منه ، بحيث تكون العلاقة بين الاثنين هي الملموس والشخص العيني أو المجرد أو علاقة الخاص بالعام ، فعلى سبيل المثال : هناك رموز ارتبطت بالعقيدة كرمز الصليب للمسيحية ورمز الهلال للدين الإسلامي ، م" أقدم من تناول الرمز" على أساسه ، وعنده أن الكلمات رموز لمعاني الأشياء ؛ ثم التجريدية المتعلقة بمرتبة أعلى من مرتبة الحس ؛ وعلى هذا الأساس يقول : " إنَّ الكلمات المنطوقة رموز الحالات النفس ، والكلمات المكتوبة رموز للكلمات المنطوقة " ، وواضح أنه إذا كان أصحاب الاتجاه العام قد فهموا الرمز باعتباره إشارة مطلقة ، .
أما " ريتشاردز " و " أوجدن " ، الانفعالي " هو استعمال الكلمات بقصد التعبير عن الأحاسيس والمشاعر والمواقف العاطفية ، ومع ذلك يظل الرمز على المستوى اللغوي محتفظاً بقيمته الإرشادية ، وهي التي تتمتع بنوع من الصلة الذاتية بالشيء ترمز إليه " ، تشير فيه الكلمه إلى موضوع معين إشارة مباشرة ، على نحو ما تُشير كلمة " باب " إلى الشيىء الذي اصطلحنا على الإشارة إليه بهذه الكلمة ، ولكن دون أن تكون هناك علاقة حيوية بين الرمز والمرموز إليه - علاقة التداخل والامتزاج التي تكون بين الرمز الشعري وموضوعه -. وعندئذ يتحول الرمز إلى شيء حقيقي ، بلليزييه" G-pelliesier " كتاباً
وإذا كان أساسي لرمز ما هو تشابه الأثر النفسي" analogy وليس المحاكاة الخارجية imitation ، بل "يومي" و " يوحي " ويشف عن دلالته المطويه وبناء على ما تقدم فإننا نستطيع القول إن الرمز شيء مادي يمثل فكرة معنوية ، وهو أسلوب الملاحظة أوجه التشابه بين ما هو وجداني بالنسبة للفنان ، وبين ما هو مادي " مثل أشكال الرموز " ، وهنا يأتي الرمز عن طريق الدور المشترك لكل من خيال الفنان والواقع المدرك ، ب . أما عن الرمزية في الأدب العربي الحديث فإنَّ أبرز ما كتب حولها يتمثل في دراسة الدكتور درويش الجندي التي عنونها بـ " الرمزية في الأدب العربي " ) ط: القاهرة ، وتحديده زمن تميزها بعام ۱۹۳۹م ، وتوقف عند بعض الشعراء الذين تلمس فيهم السمات الرمزية في شعرهم من خلال الأسباب النفسية التي تدعو الشعراء إلى الرمز ، وهي موزعة إلى قسمين رئيسين: أولهما عن الرمزية في الغرب، تناول فيه المؤلف مفهوم الرمز وأغراضه، بل هي من الفنون الأدبية التي عرفها الأدب العربي الكلاسيكي من قبل أن يستعملها الحداثيون أمثال ( بودلير ، وما لارميه ) . لأنهم يتفوهون بألفاظ ذات معان غير واحدة ، فتكلم الناس فيها وأفصحوا عما يعتقدونه من خفاياها ، وانتهوا في هذا الصدد إلى نماذج محددة ، نمطاً آخر من أنماط الرموز العامة هو "الرمز الصوفي" ، إذ تتضمن العبر والمواعظ البالغة برمزية فائقة ذات دلالات إيحائية موجهة ، ثم ساعدتهم ثقافتهم على أنهم صاروا يتصدرون قافلة الكفاح


النص الأصلي

مدخل : الرمز والرمزية (*) في الشعر العربي المعاصر.


بداية إن موضوع هذه الدراسة ينهض على عنوان : الرمز والرمزية في الشعر العربي المعاصر : ( مختارات من شعراء الحداثة )، وسنجري الدراسة على أربعة شعراء لهم باع في تطوير الشعر العربي الحديث ، كما أن لهم توظيفا دالا للرمز في شعرهم على نحو ما يفعل الشعراء الرمزيون أصحاب المذهب الرمزي ؛ فلقد حقق التصوير الشعري الحداثي الرمزي بتنوعه تكثيفا دلاليا عمق التجربة الشعرية، ومنحها مسحةً جمالية مما فتح شهية المتلقي لمتابعته لجواهر المعاني المكنونة والاستمتاع باستحضار التجارب التراثية والدينية والأسطورية والتاريخية والاستفادة منها ، وكَسِب طاقات متجددة لمسايرة الوقائع المعاصرة ، والتعبير عنها برؤية ذاتية تسهم في الارتقاء بشعرية القصيدة وتفرد لغتها وعُمق دلالتها وشدّة تأثيرها في قارئ النص ، وتفاعله مع هذا التصوير الشعري الحداثي ، بما يمتلكه من فهم وإدراك" ، يُرشحه لفك شفرات النص من خلال مرجعياته الفكرية والثقافية .
والرمزية هنا تشي بمفهوم الرمز - وإن كان بالمعنى الفني الضيق؛ أي باعتبارها طريقة في الأداء الأدبي تعتمد على الإيحاء بالأفكار والمشاعر وإثارتها بدلاً من تقريرها ، أو تسميتها ، أو وصفها. حقاً لقد عرفت الآداب الأوربية في أطوارها التاريخية كما عرف الأدب العربي أنماطاً مختلفة من التعبير غير المباشر - يقصد فيها إلى استخلاص الأفكار ، عن طريق تمثلها في شخصيات وهمية ، أو عرضها في قوالب وصور وأوضاع مادية ، بيد أن هذه الطريقة ، لتجسيد الأفكار ، أو البرهنة عليها لم تكن غايتها الإيحاء الرحب غير المقيد بحدود الدلالة، أو منطق الواقع ، بل كانت وسيلة إلى تقرير ، أو استنباط مغزى خُلقي أو تعليمي واضح الملامح والتخوم .
أما المعاصرة في موضوع هذه الدراسة فمقيدة من حيث البداية بمطالع الربع الثاني من القرن العشرين ، ثم هي ممتدة حتى تلك الفترة التي دخل بها هذا البحث طور التخطيط والصياغة، ولا يزال أورها ممتدًا حتى اللحظة الراهنه و عظمت وكثرت في الألفية الثالثة ، إذ أن متطلبات المرحلة جعلتها حاضرة وبقوة في تراكب أحداث العصر وتغيراته.
وهكذا لم يكن غريباً أن تكون الرمزية في الشعر المعاصر قضية هذا البحث يتعقبها تطوراً وتحليلاً ومقارنة لهؤلاء الشعراء الأربعة ؛ وإنَّما بغية إبراز أهمية هذه الرموز في البنية الشعرية وحرص الشعراء على توظيفها في البنية النصية ؛ فلكل شاعر خصوصيته وذاتيته التي لا ينفصل عنها ، ثم إِنَّ كُلَّ شاعرٍ من هؤلاء الشعراء له سمت خاص به فيما يستعمله من رموز تخضع لحسابات كثيرة سنأتي عليها فى حينها، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخري تكون الدراسة - أيضا - بُغية إبراز ما في هذه النصوص من رؤى وأفكار تعري المسكوت عنه في البنية النصية بما تتضمنه من جوانب إيجابية أو سلبية على حد سواء.
أ . مفهوم الرمز والرمزية :


. ماذا يُقصد بالرمز في الأدبيات الأوربية ؟ اصطلاحًا ولغة


نادراً ما نجد مصطلحاً كهذا تعرض لكثير من الاضطراب والتناقض والعمومية في فهمه ، ويبدو أنَّ أصْلَحَ طريقة لتحديده هي تعقبه في قالب الحقل الأدبي ذاته ، ومن داخل النص ، دون محاولة لتحجيره في قالب من التعريفات المفروضة .
وأصل مادة الكلمة في اللغة اليونانية Sumbolein ، التي تعني الحَزَرَ والتقدير بالتخمين والحدس ( الأحجية واللغز ) ، وهي مؤلفة من "Sum"، و " boleinl " بمعنى حزر ، ولكن الفعل الإغريقي من تلك الكلمة Symbol يوحي بأن فكرة " التشابه " بين الإشارة وما تشير إليه أن تُستخدم الكلمة بهذا . الاعتبار ، بحيث تعني شيئاً ما يشير إلى شيءٍ آخر وعدم إغفال مستوى الدلالة الحقيقة منه ، على نحو ما يُحدثنا كارل يونج " عن أهمية الرمز ، بقوله: " تتلخص أهمية الرمز في أنَّ شيئًا ما يقف بديلاً عن شيء آخر أو يحل محله أو يُمثله ، بحيث تكون العلاقة بين الاثنين هي الملموس والشخص العيني أو المجرد أو علاقة الخاص بالعام ، وهذا على اعتبار أن الرمز شيء له وجود حقيقي ، ولكنه يرمز إلى فكرة أو معني مجرد ، والرمز في هذه الحالة يقوم مقام هذا الشيء كأنه هو حيثُ يُعرفُ عن طريق هذه الدلالة مباشرة سواء بحسب ما اصطلح عليه أو أقرته التقاليد منذ زمن بعيد ، فعلى سبيل المثال : هناك رموز ارتبطت بالعقيدة كرمز الصليب للمسيحية ورمز الهلال للدين الإسلامي ، كما أن الرمز بحسب العرف والتقاليد قد يُتَّخذ من أمة إلى أمة ، ومن شعب إلى شعب بمغزى مختلف ، فبينما نجد أن الثعبان إذ يعتبر لدى القدماء المصريين كحارس مقدس - ورمزا للمعرفة والحكمة أيضا - فإذا به في وقتنا الحاضر ينظر إليه كرمز للعداء والشر .
أما المستوى اللغوي : فربما كان أرسطو - ٣٨٤ ق.م - ٣٢٢ ق.م" أقدم من تناول الرمز" على أساسه ، وعنده أن الكلمات رموز لمعاني الأشياء ؛ أي رموز لمفهوم الأشياء الحسية أولاً ، ثم التجريدية المتعلقة بمرتبة أعلى من مرتبة الحس ؛ وعلى هذا الأساس يقول : " إنَّ الكلمات المنطوقة رموز الحالات النفس ، والكلمات المكتوبة رموز للكلمات المنطوقة " ، وواضح أنه إذا كان أصحاب الاتجاه العام قد فهموا الرمز باعتباره إشارة مطلقة ، فإن " أرسطو " لم يزد على أنه ضيق من حدوده فقصره على " الرموز اللغوية " ولكنها تظل عنده مجرد إشارات كذلك ، على نحو ما أوضح " دانيال تشاندلر . .
أما " ريتشاردز " و " أوجدن " ، فيفرقان بين الاستعمال الرمزي " و " الاستعمال الانفعالي " للغة إذ يعنى الأول " تقرير القضايا" أي " تسجيل الإشارات " ، وتنظيمها وتوصيلها إلى الغير، على حين أن الاستعمال . الانفعالي " هو استعمال الكلمات بقصد التعبير عن الأحاسيس والمشاعر والمواقف العاطفية ، وهو لا يعني بالاستعمال " الانفعالي " غير اللغة حين تستخدم على المستوى الأدبي ، وفي هذا إضافة لما قرره " أرسطو " واستدرك عليه ، ومع ذلك يظل الرمز على المستوى اللغوي محتفظاً بقيمته الإرشادية ، لا يتعداها على نحو ما يشير العالم الألماني " ستيفن أولمان " الذي يقسم الرموز إلى : " تقليدية " كالكلمات المنطوقة والمكتوبة ، و "الطبيعية" ، وهي التي تتمتع بنوع من الصلة الذاتية بالشيء ترمز إليه " ، كالصليب " رمز المسيحية أضف إلى ما سبق أن الرمز اللغوي نفسه رمز اصطلاحي ، تشير فيه الكلمه إلى موضوع معين إشارة مباشرة ، على نحو ما تُشير كلمة " باب " إلى الشيىء الذي اصطلحنا على الإشارة إليه بهذه الكلمة ، ولكن دون أن تكون هناك علاقة حيوية بين الرمز والمرموز إليه - علاقة التداخل والامتزاج التي تكون بين الرمز الشعري وموضوعه -.
أما المستوى النفسي : فليس للرمز قيمة إلا بمدى دلالته على الرغبات المكبوتة في" اللاشعور " نتيجة الرقابة الاجتماعية الأخلاقية، ويُفهم هذا من قول فرويد Freud أن الرمز نتاج " الخيال اللاشعوري" وأنه أولي primitive يُشْبِهُ صور التراث والأساطير. ويحدثنا الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي " إميل دوركايم عن دور الرموز التي مفادها " أن تفسير العواطف القوية لأنفسنا لا يحدث إلا بربطها بشيء ملموس وله وجود حقيقي ، فإذا أخفق ذلك الشيء في تفسير هذه العواطف ، فلابد له أن يلجأ إلى رمز ما ليحل محلها ويعبر عنها ، وعندئذ يتحول الرمز إلى شيء حقيقي ، وليس مجرد علامة محددة " وبتوضيح العلاقة بين الرمز والمرموز إليه وأهم الخصائص التي يحملها الرمز ، نجد في سنة ( ۱۹۰۱ م ) كتب "ج. بلليزييه" G-pelliesier " كتاباً
يحصر فيه خصائص الرمز في ثلاث : ١ - إنَّه الطريق لملاحظة أوجه الشبه بين ما هو وجداني بالنسبة للفنان وما هو مادي .
. إنه لا يتطلب بالضرورة ذهناً على درجة عالية من التجريد . إنه تلقائي ذاتي ، أساسه أن يتعقب الشاعر العلاقات الخفية بين أفكاره ومشاعره بوصفها عناصر ذاتية ، من ناحية ، والأشياء بوصفها عناصر موضوعية من ناحية أخرى .
وإذا كان أساسي لرمز ما هو تشابه الأثر النفسي" analogy وليس المحاكاة الخارجية imitation ، فإن النتيجة المباشرة لهذا أن الرمز لا " يُقرر" ولا " يصف" ، بل "يومي" و " يوحي " ويشف عن دلالته المطويه وبناء على ما تقدم فإننا نستطيع القول إن الرمز شيء مادي يمثل فكرة معنوية ، وهو أسلوب الملاحظة أوجه التشابه بين ما هو وجداني بالنسبة للفنان ، وبين ما هو مادي " مثل أشكال الرموز " ، وبين المعنويات " المضمون المرموز إلية " ، وهنا يأتي الرمز عن طريق الدور المشترك لكل من خيال الفنان والواقع المدرك ، ووجوب إتيان الرمز حاملاً مغزى إنفعالي وفكري وجمالي واجتماعي . لقد كان قياس تيار الحركة الرمزية symbolism من خلال وجهة نظر "الأجيال" فكرة خاطئة من التقييم التاريخي ؛ لأن الرمزية تبدو لنا من وجهة النظر كأنها كُرةٌ يُقْذِفُ بها من عصر إلى آخر ، حتى تختفي في حُفْرَةٍ دون أن يلتقطها أحد .
باختصار ، ليست الرمزية ميراثاً ينتقل بانتظام من جيل إلى التالي له ، وذلك أن الرمزية أثرت في العديد من الأجيال في وقت واحد ، هذا أولاً ، . وثانيا : لأن الرمزية نفسها مرت بتغيرات عنيفة مع مرور الوقت ، فقد كانت أعوام (۱۸۸۵م) ، وحتى ۱۸۹۰ م ) فترات تقارب النشاط الثقافي والإبداعي والفكري في باريس على يد قومياتٍ مُتعددة ، تعمل معاً من خلال اللغة الفرنسية ، وخلاصة القول إن الرمز يبدأ من الواقع ليتجاوزه ، فيصبح أكثر صفاء وتجريداً " ، ولكن هذا المستوى التجريدي لا يتحقق إلا بتنقية الرمز من تخوم المادة وتفصيلاتها. إننا نتفق مع ما قاله رندل كلارك " : " إذا تجاوزنا الفحص السطحي للرموز لننظر أعمق لوجدنا أن الرمز في حد ذاته ليس مهما، بل المهم ما تجمع حوله من الأفكار التي تُعطي له مغزى ، والرموز بطبيعتها هي ثورة التأملات الخيالية أو العواطف ، وليست الرموز وحدات قائمة بذاتها فهي قابلة للامتزاج والتداخل حتى تخلُقَ أشكالاً معقدةً ومحيرة أحيانًا ."


ب . الرمز والرمزية في الأدب العربي


أما عن الرمزية في الأدب العربي الحديث فإنَّ أبرز ما كتب حولها يتمثل في دراسة الدكتور درويش الجندي التي عنونها بـ " الرمزية في الأدب العربي " ) ط: القاهرة ، سنة ١٩٥٨م ) ، وقد تناول فيه جذور الرمزية في أدبنا المعاصر، وتحديده زمن تميزها بعام ۱۹۳۹م ، وتوقف عند بعض الشعراء الذين تلمس فيهم السمات الرمزية في شعرهم من خلال الأسباب النفسية التي تدعو الشعراء إلى الرمز ، وعلى هذا أنشأ اتجاها رمزيًا في أدبنا المعاصر، وقد قسم الرمزية العربية إلى قسمين : الأول : حد الرمزية الأسلوبية ، جعل فيها بعض النصوص الشعرية المهجرية وغيرها من الشعراء الذين يمتلكون هذه الخصوصية في شعرهم ، وثانيهما : حد الرمزية الموضوعية بقسميها الصوفية " و " الموضوعية الوطنية والساسية والاجتماعية . .
واللافت أن هذه الدراسة قد سبقتها دراسة الأستاذ " أنطوان غطاس كرم التي تحمل عنوان : ( الرمزية والأدب العربي الحديث ، ط: بيروت ، (١٩٤٩م) ، بالإضافة إلى الدراسة القيمة التي أنجزها الدكتور محمد فتوح أحمد" في كتابه : الرمز والرمزية في الشعر العربي المعاصر) ، تجلى فيها التنظير للرمزية ومراحل تطورها في الفكر الأوربي، وكيف انتقلت إلينا بعد الاحتكاك بالغرب، ثم طعمها بالتطبيق على شعراء كل اتجاه أدبي برز فيه الرمز ، وامتاز به وصار دالاً من دوال بنيته النصية ثم توالت الدراسات الأكاديمية المتخصصة بعد ذلك بيد أن - في تقديري - أكثر تلك المحاولة التزاماً بمفهوم الرمزية المعاصرة دراسة الأستاذ أنطوان غطاس كرم الرمزية والأدب العربي الحديث، فلها السبق وقد أفاد منها من تلاها دون أدنى شك ، وهي موزعة إلى قسمين رئيسين: أولهما عن الرمزية في الغرب، تناول فيه المؤلف مفهوم الرمز وأغراضه، وعوامل نشأة الرمزية وأعلامها وأدواتها الفنية في الإيحاء ، وثانيهما عن الرمزية والأدب العربي الحديث ، عرض فيه لمن حمل عبء ريادة هذا التيار من أدبائنا كتوفيق الحكيم في الفن المسرحي وسعيد عقل في الشعر الغنائي ، ناهيك عما أنجزه الحداثيون من شعراء التفعيلة ، وما أضافوه من تطور في بنية الشعر الحداثي. ولكي نجلي الأمر نتوقف عند مفهوم مصطلح الرمزية في فكر وثقافة الأدبيات العربية قديما ، وكذلك حديثا وهل حدث تغير في المفهوم والرؤيا أو تطور لحق بالرمز جراء الاتصال بالغرب - مثلا -، أو نتيجة لأمور أخرى استجدت في الحياة .


أولاً : في التراث العربي القديم :


أ- بعد تأمل كبير وتصفح لكتب الأدب العربي قديما ، يمكننا أن نؤكد حقيقة مفادها أن الرمزية ليست وليدة الزمن الحديث ولا قرينة بالأدب الغربي، بل هي من الفنون الأدبية التي عرفها الأدب العربي الكلاسيكي من قبل أن يستعملها الحداثيون أمثال ( بودلير ، وإدجار ألن بو ، وما لارميه ) . والرمز في الأدب الجاهلي كان موجودًا في كلام الكهان ؛ لأنهم يتفوهون بألفاظ ذات معان غير واحدة ، يقول الأستاذ العقاد " ردا على أحد الأسئلة التى طرحت على صفحات مجلة " الرسالة " عن ماهي الرمزية في الأدب ؟ يقول العقاد: " والرمزية التي يسأل عنها الأديب البغدادي قديمة في العالم ، لأنَّ الناس عرفوا الكتابة بالرموز قبل أن يعرفوا الكتابة بالحروف ، ولأن الكهانات الأولى كانت تستأثر بأسرار الدين وتضن بها أن تذاع للعامة على حقيقتها الصراح ، فكانت تعمد إلى الرموز أحيانا للتعبير عن تلك الأسرار ، ثم ارتفع حجر الكهانات عن أسرار الدين ، فتكلم الناس فيها وأفصحوا عما يعتقدونه من خفاياها ، ولكن الولع بالأسرار والبحث عن الغوامض والغيوب طبيعة في بعض النفوس ، لا تخرجهم منها صراحة القول ولا إباحة التفكير المطلق لمن يشاء " . وعلاوة على هذا كان الأدب الهندي واليوناني يتمتعان بوجوده كما نجد في ( مهابهارتا )، والملاحم اليونانية .. نعم لا أحد ينكر وجود الرموز ولكنها ليست بشكل مدرسة 2
أدبية مستقلة أو حركة أدبية .
ولقد حاول بعض الباحثين دراسة الرمزية في أدبنا العربي القديم ، وانتهوا في هذا الصدد إلى نماذج محددة ، نجد طرفاً منها فيما يدعونه بالرمزية الموضوعية، ويعنون بها " قصص الأمثال والألغاز " ، وتلك محاولة مشروعة طالما فهمنا الرمز هنا بمعناه العام؛ أي باعتباره إشارة Sign .


ب على أن الأدب العربي قد عرف منذ أمد طويل ، نمطاً آخر من أنماط الرموز العامة هو "الرمز الصوفي" ، وفيه تتجلي قيم روحية وفنية تصله بالرمز المعاصر من جهة، وتُبعده عنه من جهات أخرى ، كما يتجلى ذلك لدى " إخوان الصفا " فقد اعتمدوا في عرض فلسفتهم على الرموز والإشارات والقصص الرمزية .


ج - وجدير بالذكر أن أدبنا العربي قد عرف الرمز من قديم كما ورد في النصوص القرآنية التي تدلل على ذلك ، ناهيك عن حضوره بقوة في الشعر الجاهلي - على نحو الإشارة السابقة - ، وكذلك في أمثال العرب وحكمهم وخطبهم ، لا ينكره أحد ؛ فهو قارّ في أدبياتهم ومعارفهم المختلفة ، كما عرفت الأداب الأوربية نمطاً قريباً من هذه الاستعارة الرمزية " تعني تلك القصص التي ربطها أسلافنا بأمثال فرضية تقال على لسان حيوان" ، أو " نبات أو جماد" بغية تفسير تلك الأمثال ، وبيان أصولها ، وكذلك قصص الحيوان، التي يعرض منها الكاتب ، أو الشاعر شخصيات وحوادث على حين يريد شخصيات وحوادث أخرى ، عن طريق المقابلة والمناظرة ، وذلك بغرض تقرير حقيقة خلفية ، أو اجتماعية ، وهو ما نجد له نموذجاً واضحاً في الكتاب التراثي الشهير " كليلة ودمنة " ، لابن المقفع ، لقد كان هذا الكتاب - وبحق - رائدا للرمزية - بكل ما تحملة الكلمة من دلالات وإشارات حداثية ، أفادت منها الغرب في تأسيس حضارتهم .


. ثانياً : في الأدب العربي المعاصر :
وقريب من هذا ما قام به محمد عثمان جلال ( ۱۸۲۸ - ۱۸۹۸م ) حين ترجم أمثال لافونتين La Fontaine ، وهي مجموعة قصصية خرافية صبغت بلسان الطير والحيوان ؛ إذ تتضمن العبر والمواعظ البالغة برمزية فائقة ذات دلالات إيحائية موجهة ، وقد أطلق عليها المترجم العيون اليواقظ في أمثال المواعظ " ، وهي تسمية تكشف عن المرمى الخُلقي والتعليمي لهذه القصص الخرافية، ومن هنا تكمن قيمتها في الناحيتين الخلقية والأسلوبية . وعلى يد أحمد شوقي ( ١٨٦٨م . (۱۹۳۲م) يبلغ هذا القالب الاستعارة الرمز بالمعنى اللغوي درجة عالية ، وقد استطاع أن يحمله من قضايا عصره وهموم قومه ما تجلت به أصالته في هذا الميدان ، بالإضافة إلى مقدرة فنية وصياغته جعلته يقف في المقدمة ممن مارسوا هذا اللون في أدبنا حتى اليوم.
والواقع أن الظواهر الاجتماعية التي ازدهر فيها الاتجاه الرمزي في الشعر العربي المعاصر، ونحن نتخذ من مصر نموذجاً كانت قريبة الشبه بتلك التي نشأ فيها المذهب الرمزي في فرنسا، فكما كانت الرمزية هناك أثراً من آثار النزعة الفردية التي اقترنت باستيلاء الطبقة الوسطى على مقاليد الأمور عقب الثورة الفرنسية ۱۸۷۹م ، كانت بواكير الرمزية في شعرنا المعاصر أثراً غير مباشر لنمو الإحساس بالذات، وبروز الشخصية القومية التي صهرها الكفاح الطويل ضد الاحتلال الإنجليزي من ناحية ، والقصر من ناحية أخرى، وهو كفاح يحمل عبئه في الغالب أبناء الطبقة الوسطى الذين نبعوا في الأصل من سواد الشعب ، ثم ساعدتهم ثقافتهم على أنهم صاروا يتصدرون قافلة الكفاح


القومي


لم يكن بد للشاعر المصري تحت وطأة الضغط السياسي والاجتماعي الذي المحنا إليه من أن يجد وسيلة للتعبير عن مشاعره الموعودة دون أن يتعرض لبطش السلطة الحاكمة ، وقد تمثلت هذه الوسيلة عند بعض الشعراء في التعبير الرمزي. على نحو ما فعل الشاعر " حسن كامل الصيرفي - ١٩٠٨م - ١٩٨٤م ، ولولا ذلك لما استطاع أن يعبر عن هذه الذات المقهورة بغير اللجوء إلى هذا القالب الرمزي البسيط ، الذي اختاره لقصيدته (موت) بلبل من ديوانه (الألحان الضائعة) الصادر سنة ١٩٣٤م ، وفيها يحدثنا عن بلبل صداح ( يرمز به إلى الشاعر ) ، ينتقل من غصن إلى غصن ويملأ سمع الليل بالأنغام ، ولكن يد الصائد ما تلبث أن تمتد إليه فتخنق فيه (شفتيه) ، لتموت هذه الأنغام العذبة .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

وذهب غيرهم من أ...

وذهب غيرهم من أصحاب المذاهب الثلاثة إلى أنه لا يصح الاحتجاج بها الأنها ليست قرآناً بالاتفاق لعدم توا...

”Shows about co...

”Shows about cookery have become more and more poputar all over the world But what are the reasans f...

"لأنه عند ترجمت...

"لأنه عند ترجمته إلى الإنجليزية فإنه يفقد الصدى الدقيق تقريبًا للكلمتين. لا يمكن أبدًا وجود قواعد مض...

1 تعريف العلوم ...

1 تعريف العلوم الشرعية: أ- تعريف العلم: لغة: اإلدراك واليقين. واصطالحا:" إدراك الشيء بحقيقته". وبحسب...

المبحث الثالث ش...

المبحث الثالث شبه الملحدين في هذا المبحث نعرض لأهم شبه الملحدين في إنكار الألوهية وتفنيد تلك الشبه ...

في أثناء الحروب...

في أثناء الحروب والغارات بين المسلمين والبيزنطيين، في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، كان هناك...

The application...

The application of basic ecological concepts to fields of conservation biology and applied environme...

radiology speci...

radiology specialist with over 9 years of experience and professional certification. deep expertise ...

تعزيز الوعي بال...

تعزيز الوعي بالثقافة الرياضية والنشاط البدني من خلال الفعاليات والبرامج التوعوية في المدارس والجامعا...

غرفة الاتهام جه...

غرفة الاتهام جهة في هرم التنظيم القضائي توجد على مستوى كل مجلس قضائي غرفة أو أكثر يحسب ما تقتضيه ظرو...

المبحث الأول: ع...

المبحث الأول: عرض نظرية الإرشاد أو العلاج العقلاني الانفعالي: التعريف بمؤسس النظرية: يعتبر ألبرت ...

المصادر ذات الم...

المصادر ذات المصدر الثابت: (بالإنجليزية: Point Source) عبارة عن أنبوب أو قناة على غرار التي يتمّ است...