لخّصلي

للحج مواقيت زمانية ومكانية، فأما مواقيته الزمانية فهي: أشهر الحج الواردة في قول الله تعالى : الحبُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَتْ ()، وهي: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. وأما المكانية فهي: ذو الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل الشام، وقرن المنازل لأهل نجد ويلملم لأهل اليمن، وذات عرق لأهل العراق. وهذه المواقيت المكانية حدود لا يجوز لمن قصد مكة حاجاً أو معتمراً أن يتجاوزها من دون إحرام، فيُحرم منها من مر بها من البلدان المذكورة وغيرها. ومن كان أقرب إلى مكة منها - كأهل جدة وعُسفان - فإنه يحرم من منزله للحج والعمرة. وأما أهل مكة فيحرمون للحج من مكة، وأما الإحرام للعمرة: فمن كان منهم ساكناً داخل حدود الحرم، فلا بد أن يخرجوا إلى الحل ليحرموا منه، ومن كان ساكناً خارج حدود الحرم - كأهل التنعيم والجعرانة - فإنهم يحرمون من مساكنهم. الله مسألة: يشرع لمن أراد الإحرام أن يغتسل ويتنظف ويأخذ ما يشرع أخذه من الشعر والظفر، وأن يتطيب في رأسه وبدنه، ولا يطيب ملابس الإحرام

ولا يتجاوز الرجل الميقات حتى يتجرد من ملابه ويلبس إزاراً ورداء ويسن أن يكونا أبيضين نظيفين. وأما المرأة فإنها تحرم فيما شاءت من الثياب ولكن تجتنب التشبه بالرجال في لباسهم، ولا تلبس النقاب ولا القفازين حال إحرامها؛ لأن النبي ﷺ قال: .... ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين ). ثم يلبي بالنسك قبل أن يتجاوز الميقات - أيضاً ، فيُهل بما يريد من الحج والعمرة. مسألة: إذا دخل المسلم في النسك فقد حرم عليه بعض ما كان مباحاً له قبل أن يحرم، وتسمى هذه المحظورات محظورات الإحرام، وهي: ١ -إزالة الشعر. ٢ -إزالة الظفر. ٣-الطيب.٤- تغطية الرأس للرجل. ٥-لبس المخيط للرجل. ٦-قتل صيد البر واصطياده. ٧-عقد النكاح. ٨-المباشرة دون الفرج. ٩-الجماع

المستقل من الفقة المطلب الأول: صفة العمرة (1): ه إذا أراد المحرم دخول المسجد الحرام فإنه يقدم رجله اليمني ويقول: باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك. ه ويقطع التلبية إذا وصل الكعبة قبل أن يبدأ طواف العمرة، ويقصد الحجر لأسود ويستقبله، فإن تيسر أن يستلمه بيمينه ويقبله فعل ذلك، ولا يؤذي الناس بالمزاحمة، وإن شق التقبيل استلمه بيده أو عصا وقبل ما استلمه به، فإن شق ذلك - أيضاً - أشار إليه وقال: «الله أكبر»، ولو قال: باسم الله والله أكبر، فلا بأس، ولا يقبل ما أشار إليه به. ه ويبدأ الطواف مضطبعاً، ويستمر كذلك إلى نهاية الطواف وقبل أن يؤدي ركعتي الطواف والاضطباع أن يجعل وسط الرداء تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، وهو سنة ، ويجعل البيت حال طوافه عن يساره، فيطوف سبعة أشواط، يبدأ كل شوط بالحجر الأسود ويختم به. ه ويرمل استحباباً في الأشواط الثلاثة الأول، ويمشي في الأربعة الباقية، والرمل: هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى. ه ولا يشرع الرمل ولا الاضطباع للمرأة مطلقاً بالإجماع، ولا يشرع - أيضاً للرجل إلا في الطواف الأول، وهو الطواف الذي يأتي به أول ما يقدم مكة سواء أكان معتمراً أم حاجاً، فلا رمل ولا اضطباع في طواف الإفاضة ولا طواف الوداع. ه ويكون المحرم - رجلاً أو امرأة - حال الطواف متطهراً من الأحداث والأخباث خاشعاً خاضعاً الله متواضعاً له، ويستحب له الإكثار في الطواف من الذكر والدعاء، وإن قرأ القرآن فحسن، وليس للطواف ولا للسعي ذكر مخصوص أو دعاء مخصوص، إلا ما يقوله بين الركنين. ه فإذا حاذى الركن اليماني استلمه بيمينه، ولا يقبله، فإن شق عليه استلامه تركه ومضى في طوافه، ولا يشير إليه ولا يكبر عند محاذاته، ويستحب أن يقول بين الركنين الركن اليماني والحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. ه وكلما حاذى الحجر الأسود استلمه وقبله وكبر، فإن لم يتيسر استلامه ولا تقبيله أشار إليه كلما حاذاه وكبر. ه وإن شك في عدد الأشواط - في الطواف أو في السعي - بني على اليقين وهو الأقل. ه فإذا فرغ من طوافه ارتدى بردائه وجعله على كتفيه و طرفيه على صدره ثم يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر، وإن لم يتيسر صلاهما في أي موضع من المسجد، ويسن أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة سورة الكافرون قُلْ يَتَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) في الركعة الأولى، وسورة الإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في الركعة الثانية. ه ثم إن تيسر استلام الحجر ذهب فاستلمه بيمينه، وإن لم يتيسر لم يشر إليه ولم يكبر ه ثم يتوجه إلى جبل الصفا فيصعد عليه أو يقف عنده، والصعود أفضل إن تيسر، ويسن أن يقول: «أبدأ بما بدأ الله به، ثم يقرأ الآية: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَابِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (1) . ه ثم يسن أن يستقبل القبلة فيحمد الله ويكبره ويقول: «لا إله الا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما يتيسر رافعاً يديه، ويكرر الذكر والدعاء ثلاث مرات. ه ثم ينزل ماشياً متوجهاً إلى جبل المروة، فإذا وصل العلم الأول أسرع الرجل في المشي حتى يصل العلم الثاني، ثم يكمل ماشياً، وأما المرأة فإنها تمشي طوال السعي، ولا يشرع لها الإسراع بين العلمين. ه فإذا وصل المروة فقد أتم الشوط الأول، فيصعد الجبل إن تيسر - وهو أفضل، وإلا وقف عنده، ويقول ويفعل على المروة مثل ما فعل على الصفاء إلا قراءة الآية، فإن السنة أن تكون قراءتها فقط عند صعود جبل الصفا أول السعي. ه ثم ينزل من المروة متوجهاً إلى الصفا، يمشي في موضع المشي، ويسرع في موضع الإسراع، حتى يصل الصفا، فيكمل بذلك شوطين، ويستمر في السعي حتى يتم سبعة أشواط : ذهابه شوط، ورجوعه شوط؛ لأن النبي ﷺ فعل ذلك وقال: لتأخذوا مناسككم ). وين الإكثار في السعي من الذكر والدعاء، وإن قرأ القرآن فحسن. ه والسنة أن يكون متطهراً من الحدث الأكبر والأصغر، ولو سعى على غير طهارة أو سعت المرأة وهي حائض أو نفساء بعدما طافت طاهرة - أجزأ. ه فإذا أتم السعي حلق الرجل رأسه أو قصره، والحلق أفضل، فإن قصر وترك الحلق للحج فحسن، ولا بد في التقصير من تعميم الرأس، ولا يكفي تقصير بعضه . ه والمرأة لا يشرع لها إلا التقصير، والمشروع لها أن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة فأقل. فإذا حلق الرجل أو قصر، وقصرت المرأة، فقد تمت العمرة، وحل كل شيء حرم بالإحرام. المطلب الثاني: صفة الحج : ه يخير من أراد الإهلال بالحج بين ثلاثة أنساك الأول: التمتع، وهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج في العام نفسه، بشرط أن لا يتخلل ما بين عمرته وحجته رجوعه إلى بلده، ويقول عند الإحرام به: البيك عمرة، وإن زاد متمتعاً بها إلى الحج، فلا بأس الثاني: الإفراد، وهو أن يحرم بالحج فقط ويبقى على إحرامه حتى يؤدي أعمال الحج، ويقول عند الإحرام به: «لبيك حجاً». الثالث: القرآن، وهو أن يحرم بالعمرة والحج معاً، أو يحرم بالعمرة وحدها ثم يدخل عليها الحج قبل البدء في طواف العمرة، كما لو حاضت المرأة أو نفست وعلمت أنها لا تطهر قبل الوقوف بعرفة، ويقول عند الإحرام بالقرآن: لبيك عمرة وحجاً». ودليل هذه الأنساك الثلاثة قول عائشة : خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهل بالحج. وليس بين هذه الأنساك فرق كبير، فالقارن والمفرد عملهما واحد، ويزيد القارن بذبح الهدي إن لم يكن من أهل مكة، وأما المتمتع فإنه يأتي بعمرة منفصلة، وحجة منفصلة، ويذبح هدياً إن لم يكن من أهل مكة. وأفضل هذه الأنساك: التمتع؛ لأن النبي ﷺ أمر أصحابه أن يتحولوا إليه، ولم يمنعه من التحلل معهم إلا سوقه للهدي، قال : افعلوا ما آمركم به، فإني لولا أن سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله . فإذا أحرم بأحد هذه الأنساك لبي فقال : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ويكثر من التلبية ويرفع الرجال بها أصواتهم وإذا كان يوم التروية - وهو اليوم الثامن من ذي الحجة - استحب للمحلين بمكة ولمن أراد الحج من أهل مكة الإحرام بالحج من منازلهم، فيغتسل ويتنظف ويتطيب عند إحرامه بالحج، كما فعل عند إحرامه من الميقات. وبعد الإحرام يسن للحاج التوجه قبل الزوال استحباباً إلى منى، فينزل بها، ويصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء من يوم التروية، والفجر من اليوم التاسع، والسنة أن يصلي كل صلاة في وقتها، ويقصر الرباعية بدون جمع. ه فإذا طلعت الشمس من يوم عرفة - وهو اليوم التاسع من ذي الحجة سن للحاج التوجه من منى إلى عرفة، والسنة - إن تيسر - أن يكون نزوله بنمرة إلى الزوال. فإذا زالت الشمس سُن للإمام أو نائبه أن يخطب الناس خطبة تناسب الحال فيأمرهم بتقوى الله وتوحيده والإخلاص له، ويوصيهم بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه ، ويحذرهم من المحارم، ويبين لهم ما يشرع للحاج فعله في هذا اليوم وما بعده، ثم يصلي بهم الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر بأذان واحد وإقامتين. ثم يقف الحجاج بعرفة، وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، ويستحب استقبال القبلة وجبل الرحمة معاً إن تيسر، بحيث يجعل الحاج جبل الرحمة بينه وبين القبلة، فإن لم يتيسر ذلك استقبل القبلة وإن لم يستقبل الجبل. ويسن للحاج في هذا الموقف الإكثار من الذكر والدعاء والاجتهاد فيهما والتضرع إلى الله، ويرفع يديه حال الدعاء، ويحرص على جوامع الدعاء ويكثر من قول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ لما جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير (1)، وإن لبى أو قرأ شيئاً من القرآن فحسن ويحرص الحاج في هذا الموقف على الخشوع وحضور القلب، مع الإخبات والخضوع الله والانكسار بين يديه؛ لأن يوم عرفة يوم عظيم يجود الله فيه على عباده، ويباهي بهم ملائكته، ويكثر فيه العتق من النار، وما رئي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدخر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذلك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما أري يوم بدر (1)، وعن عائشة : أن النبي ﷺ قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ (۳). ه ولا يزال الحجاج مشتغلين في الموقف بالذكر والدعاء حتى تغرب الشمس فإذا غربت تحركوا صوب مزدلفة بسكينة ووقار، وهم يكثرون من التلبية ولا يجوز الانصراف قبل الغروب؛ لأن النبي ﷺ وقف حتى غربت الشمس وقال: «التأخذوا مناسككم )

فإذا وصلوا إلى مزدلفة بدؤوا بالصلاة، فصلوا المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين جمعاً بأذان واحد وإقامتين. ثم يبيت الحجاج هذه الليلة بمزدلفة، ويجوز للضعفاء من النساء والصبيان ونحوهم أن يدفعوا إلى منى بعد منتصف الليل، وأما غيرهم فيتأكد في حقهم البقاء بمزدلفة حتى يصلوا الفجر في أول وقتها، ثم يقفون عند المشعر الحرام إن تيسر ، وإلا وقفوا حيث تيسر لهم الوقوف في مزدلفة؛ لقول النبي : وقفت ههنا - يعني على المشعر - وجمع (١) كلها موقف»، ويكثرون من الذكر والدعاء رافعين أيديهم حتى يسفروا جداً. ه فإذا أسفروا جداً من يوم النحر - وهو اليوم العاشر من ذي الحجة توجهوا صوب منى ملبين قبل أن تطلع الشمس، ويكثرون من التلبية في سيرهم والسنة المبادرة إلى رمي جمرة العقبة بمنى، فإذا وصلوا الجمرة قطعوا التلبية ورموها بسبع حصيات متعاقبات كل حصاة مثل حصى الخذف - وهو أكبر من الجمص قليلاً ، يرفع الحاج يده عند رمي كل حصاة ويكبر، والسنة أن يكون رميها من بطن الوادي، فيجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه، ويمكنه الرمي من أي موضع شاء، سواء على الأرض أو فوق أحد جسور الجمرات. ه ثم بعد الفراغ من رمي جمرة العقبة ينحر المتمتع والقارن الهدي، فيسمي الله وجوباً عند الذبح، ويسن له مع ذلك: ١-أن يكبر، فيقول: «باسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك لك.
٢- أن يوجّه الذبيحة إلى القبلة.
٣- أن يذبح البقر والغنم على جنبها الأيسر، وينحر الإبل قائمة معقولة اليد اليسرى. والسنة أن يأكل من الهدي ويهدي ويتصدق؛ لقول الله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَابِسَ الْفَقِينَ (١). ووقت الذبح أربعة أيام يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة بعده، فيستمر الذبح إلى غروب الشمس من ثالث أيام التشريق - وهو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة. ثم بعد نحر الهدي أو ذبحه، يحلق الرجل رأسه أو يقصره، والحلق أفضل؛ لأن النبي ﷺ دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين ثلاث مرات، وللمقصرين واحدة (٢)، ولا يكفي تقصير بعض الرأس، بل لا بد من تعميمه بالتقصير مثل الحلق. والمرأة تقصر من كل ضفيرة قدر أنملة فأقل، كما تقدم في العمرة. وإذا رمى الحاج جمرة العقبة وحلق أو قصر فقد حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، ويسمى هذا التحلل: التحلل الأول. ه والسنة بعد هذا التحلل الاغتسال والتنظف والتطيب والتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة؛ لحديث عائشة قالت: كنت أطيب رسول الله ﷺ الإحرامه قبل أن يُحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت (۳). ويسمى هذا الطواف طواف الإفاضة، وطواف الحج، وطواف الزيارة

وهو ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، وهو المراد في قول الله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفْتَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطْوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ). فإذا طاف وصلى ركعتي الطواف، سعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً؛ لأن سعيه الأول كان لعمرته، وكذا يسعى المفرد والقارن إن لم يكن قدم سعي الحج بعد طواف القدوم. والسنة أن تكون أعمال يوم النحر مرتبة وفق ما ذكر : ١-رمي جمرة العقبة. ٢ -نحر الهدي بالنسبة لـ للمتمتع والقارن ٣- الحلق أو التقصير ٤- طواف الحج (طواف الإفاضة). ٥- سعي الحج.
فإن قدم بعض الأعمال . عبدالله بن عمرو على بعضها أجزاء لما ثبت في حديث و : أن النبي ﷺ ما سئل يومئذ - يعني : يوم النحر - عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: «الفعل ولا حرج ). فإذا فعل الحاج الأعمال الثلاثة: ١- رمي جمرة العقبة ٢- الحلق أو التقصير ٣- طواف الإفاضة مع السعي، سواء أتى بالسعي بعده او قدَمه مع طواف القدوم، فقد تحلل التحلل التام (التحلل الثاني) و قد حلّ له كل شيء حرُم بالإحرام، حتى النساء
ومن فعل اثنين من ثلاثة فقد حصل له التحلل الأول كما تقدم

وبعد الفراغ من الطواف والسعي يرجع الحجاج إلى منى فيبيتون بها ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر وجوباً، ويقصر الحجاج الصلاة الرباعية طيلة أيام منى من دون جمع. ه وإذا زالت الشمس في اليوم الأول من أيام التشريق - وهو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة - رمى الحاج الجمرات الثلاث يبدأ بالجمرة الأولى (الجمرة الصغرى) وهي الأقرب إلى مسجد الخيف، فيرميها بسبع حصيات متعاقبات كل حصاة ويكبر، فإذا فرغ منها تقدم قليلاً وانحدر يساراً واستقبل القبلة يرفع يده مع كل حصاة ويكبر، فإذا فرغ منها تقدم قليلاً وانحدر يميناً واستقبل القبلة ورفع يديه وأكثر من الدعاء والتضرع، ثم يتقدم إلى الجمرة الثانية (الجمرة الوسطى) فيرميها بسبع حصيات متعاقبات، يرفع يده مع ورفع يديه وأكثر من الدعاء والتضرع، ثم يتقدم إلى جمرة العقبة (الجمرة الكبرى فيرميها بسبع حصيات متعاقبات يرفع يده مع كل حصاة ويكبر، ولا يقف للدعاء عندها. ه وإذا زالت الشمس في اليوم الثاني من أيام التشريق - وهو اليوم الثاني عشر من ذي الحجة - يرمي الجمرات كما رماها في اليوم الأول، ويقف للدعاء عند الأولى والثانية، كما فعل في اليوم الأول.

والرمي في اليومين الأولين من أيام التشريق واجب من واجبات الحج، وكذا المبيت - كما تقدم، إلا على السقاة والرعاة ونحوهم فلا يجب. ومن أحب أن يتعجل من منى جاز له الخروج منها بعد رمي جمار اليوم الثاني عشر، ويكون خروجه منها قبل غروب الشمس من ذلك اليوم. ه ومن تأخر حتى غابت الشمس بات الليلة الثالثة وجوباً، ورمى الجمرات في ثالث أيام التشريق - وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة - كما رماها في اليومين الماضيين. والتأخر إلى اليوم الثالث أفضل وأعظم أجراً، كما قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى (١)؛ ولأن النبي ﷺ رخص للناس في التعجل ولم يتعجل هو، بل أقام بمنى حتى رمى الجمرات في اليوم الثالث عشر. وبهذا تنتهي أعمال الحج، وليس للحج علاقة بزيارة المسجد النبوي ولا غيره. ه وإذا أراد الحجاج الخروج من مكة وجب عليهم أن يطوفوا طــواف الوداع، إلا الحائض والنفساء فلا يجب عليهما طواف الوداع؛ لحديث ابن عباس قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفّف عن المرأة الحائض (1) .