Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (62%)

هو المطلب لكل أحد وبه تحصل الحياة الطيبة، ويتم السرور والابتهاج ؛ ولذلك أسباب دينية وأسباب طبيعية، وأسباب عملية ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين؛ فإنها وإن حصلت لهم من وجه وسبب يجاهد عقلاؤهم عليه، فاتتهم من وجوه أنفع وأثبت وأحسن حالاً ومالاً، أولًا: عظم الأسباب لذلك وأصلها وأسها هو الإيمان والعمل الصالح، قال مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فأخبر تعالى، ووعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالح، فإن المؤمنين بالله الإيمان الصحيح المثمر للعمل الصالح، المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج، يتلقون المحاب والمسار بقبول لها، فإذا استعملوها على هذا الوجه أحدث لهم من الابتهاج بها، أموراً عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرات التي هذه ثمراتها. في الحديث الصحيح أنه قال: (عَجَباً لِأَمْرِ المُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، فأخبر أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره. الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل، وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها، ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب ويتميز بأن إحسانه صادر عن إخلاص واحتساب الثوابه فيهون الله عليه بذل المعروف لما يرجوه من الخير، قال تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاح بَيْنَ النَّاسِ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عظيماً، فأخبر تعالى أن هذه الأمور كلها خير ممن صدرت منه، واشتغال القلب ببعض المكدرات: الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه، وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم، وهذا السبب أيضاً مشترك بين المؤمن وغيره، ولكن المؤمن يمتاز بإيمانه وإخلاصه واحتسابه في اشتغاله بذلك العلم الذي يتعلمه أو يعلمه، فكم من إنسان ابتلي بالقلق وملازمة الأكدار، فأحلت به الأمراض المتنوعة فصار دواؤه الناجع نسيانه السبب الذي كدره وأقلقه، وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه فإن هذا أدعى لحصول هذا المقصود النافع والله أعلم. رابعًا: مما يدفع به الهم والقلق اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل، وعن الحزن على الوقت الماضي، ولهذا استعاذ النبي ﷺ من الهم والحزن؛ والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل، فيكون العبد ابن يومه، يجمع جده واجتهاده في إصلاح يومه ووقته الحاضر، فإن جمع القلب على ذلك يوجب تكميل الأعمال، ويتسلى به العبد عن الهم والحزن والنبي ﷺ إذا دعا بدعاء أو أرشد أمته إلى دعاء، فهو يحث مع الاستعانة بالله، والتخلي عما كان يدعو لدفعه، فجمع ﷺ بين الأمر بالحرص على الأمور النافعة في كل حال، والاستعانة بالله وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار، وبين الاستسلام للأمور الماضية النافذة، وجعل الأمور قسمين قسماً يمكن العبد السعي في تحصيله أو تحصيل ما يمكن منه، فهذا يبدي فيه العبد مجهوده ويستعين بمعبوده، ولما يرجوه العبد من ثوابه وأجره وكذلك التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة، فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم والغم ويحث العبد على الشكر الذي هو أرفع المراتب وأعلاها، حتى لو كان العبد في حالة فقر أو مرض أو غيرهما من أنواع البلايا، فإنه إذا قابل بين نعم الله عليه التي لا يُحصى لها عد ولا حساب، ولم يكن للمكروه إلى النعم نسبة. سادسًا: السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم، وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردُّها، وأن ذلك حمق وجنون، فيعلم أن الأمور المستقبلة مجهول ما يقع فيها من خير وشر، ويعلم العبد أنه إذا صرف فكره عن قلقه من أجل مستقبل أمره، إذا فعل ذلك اطمأن قلبه وصلحت أحواله وزال عنه همه وقلقه. ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي ﷺ يدعو به : (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةٌ أَمْرِي، وكذلك قوله : (أَللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، فإذا لهج العبد بهذا الدعاء الذي فيه صلاح مستقبله الديني والدنيوي بقلب حاضر ونية صادقة، مع اجتهاده فيما يحقق ذلك، سابعًا إذا حصل على العبد من النكبات، أن يسعى في تخفيفها بأن يقدر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويوطن على ذلك نفسه، فإذا فعل ذلك فليسع إلى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الإمكان، فبهذا التوطين وهذا السعي النافع، ويكون بدل ذلك السعي في جلب المنافع، فإذا حلت به أسباب الخوف وأسباب الأسقام، وأسباب الفقر والعدم لما يحبه من المحبوبات المتنوعة، فليتلق ذلك بطمأنينة وتوطين للنفس عليها، فإن توطين النفس على احتمال المكاره يهونها ويزيل ، وخصوصاً إذا أشغل نفسه بمدافعتها بحسب مقدوره فيجتمع في حقه توطين النفس مع السعي النافع الذي يشغله عن الحياة الدنيا. ثامنًا من أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية، بل وأيضاً للأمراض البدنية : قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة، فكم ملئت المستشفيات من مرضى الأوهام والخيالات الفاسدة، وكم أثرت هذه الأمور على قلوب كثير من الأقوياء، وكم أدت إلى الحمق والجنون، والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الأسباب النافعة المقوية للقلق الدافعة لقلقه، عاشرًا من الأمور النافعة أن تعرف أن أذية الناس لك، إلا إن أشغلت نفسك في الاهتمام بها، فعند ذلك تضرك كما ضرتهم، فإن أنت لم تصغ لها بالاً لم تضرك شيئاً، ومن أنفع الأمور لطرد الهم أن توطن نفسك على أن لا تطلب الشكر إلا من الله، فإذا أحسنت إلى من له حق عليك، فلا تبال بشكر من أنعمت عليه، كما قال تعالى في حق خواص خلقه : (إنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً) ويتأكد هذا في معاملة الأهل والأولاد ومن قوي اتصالك بهم، فمتى وطنت نفسك على إلقاء الشر عنهم، والعمل عليها بحسب الداعي النفسي دون التكلف الذي يقلقك، وأن تتخذ من الأمور الكدرة أموراً صافية حلوة، ومن الأمور النافعة حسم الأعمال في الحال، لأن الأعمال إذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة، فإذا حسمت كل شيء بوقته، أتيت الأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل.


Original text

إن راحة القلب وطمأنينته وسروره وزوال همومه وغمومه، هو المطلب لكل أحد وبه تحصل الحياة الطيبة، ويتم السرور والابتهاج ؛ ولذلك أسباب دينية وأسباب طبيعية، وأسباب عملية ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين؛ وأما من سواهم، فإنها وإن حصلت لهم من وجه وسبب يجاهد عقلاؤهم عليه، فاتتهم من وجوه أنفع وأثبت وأحسن حالاً ومالاً، وفي هذا المطلب نجد أن الرضا في الدنيا هو الذي يسعى له كل أحد، فمنهم من أصاب كثيراً منها فعاش عيشة هنيئة، وحيي حياة طيبة، ومنهم من أخفق فيها كلها فعاش عيشة الشقاء، وحيي حياة التعساء، وفيما يلي توضيح لأسباب السعادة في الدنيا.


أولًا: عظم الأسباب لذلك وأصلها وأسها هو الإيمان والعمل الصالح، قال مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فأخبر تعالى، ووعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالح، بالحياة الطيبة في هذه الدار، وبالجزاء الحسن في هذه الدار وفي دار القرار وسبب ذلك واضح، فإن المؤمنين بالله الإيمان الصحيح المثمر للعمل الصالح، المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج، وأسباب القلق والهم والأحزان ؛ يتلقون المحاب والمسار بقبول لها، وشكر عليها، واستعمال لها فيما ينفع، فإذا استعملوها على هذا الوجه أحدث لهم من الابتهاج بها، والطمع في بقائها وبركتها ورجاء ثواب الشاكرين، أموراً عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرات التي هذه ثمراتها.
في الحديث الصحيح أنه قال: (عَجَباً لِأَمْرِ المُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَد إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ) . فأخبر أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره.


ثانيًا من الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق، الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل، وأنواع المعروف، وكلها خير وإحسان. وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها، ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب ويتميز بأن إحسانه صادر عن إخلاص واحتساب الثوابه فيهون الله عليه بذل المعروف لما يرجوه من الخير، ويدفع عنه المكاره بإخلاصه واحتسابه، قال تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاح بَيْنَ النَّاسِ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عظيماً، فأخبر تعالى أن هذه الأمور كلها خير ممن صدرت منه، والخير يجلب الخير، ويدفع الشر، وأن المؤمن المحتسب يؤتيه أجراً عظيماً، ومن جملة الأجر العظيم : زوال الهم والغم والأكدار ونحوها.


ثالثًا من أسباب دفع القلق الناشيء عن توتر الأعصاب، واشتغال القلب ببعض المكدرات: الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه، وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم، ففرحت نفسه، وازداد نشاطه، وهذا السبب أيضاً مشترك بين المؤمن وغيره، ولكن المؤمن يمتاز بإيمانه وإخلاصه واحتسابه في اشتغاله بذلك العلم الذي يتعلمه أو يعلمه، وبعمل الخير الذي يعمله، إن كان عبادة فهو عبادة، وإن كان شغلاً دنيويا وعادة دنيوية أَصْحَبها النية الصالحة، وقصد الاستعانة بذلك على طاعة الله، فلذلك أثره الفعال في دفع الهم والغموم والأحزان، فكم من إنسان ابتلي بالقلق وملازمة الأكدار، فأحلت به الأمراض المتنوعة فصار دواؤه الناجع نسيانه السبب الذي كدره وأقلقه، واشتغاله بعمل من مهماته، وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه فإن هذا أدعى لحصول هذا المقصود النافع والله أعلم.


رابعًا: مما يدفع به الهم والقلق اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل، وعن الحزن على الوقت الماضي، ولهذا استعاذ النبي ﷺ من الهم والحزن؛ فالحزن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردّها ولا استدراكها، والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل، فيكون العبد ابن يومه، يجمع جده واجتهاده في إصلاح يومه ووقته الحاضر، فإن جمع القلب على ذلك يوجب تكميل الأعمال، ويتسلى به العبد عن الهم والحزن والنبي ﷺ إذا دعا بدعاء أو أرشد أمته إلى دعاء، فهو يحث مع الاستعانة بالله، والطمع في فضله على الجد والاجتهاد في التحقق لحصول ما يدعو بحصوله، والتخلي عما كان يدعو لدفعه، لأن الدعاء مقارن للعمل، فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدنيا، ويسأل ربه نجاح مقصده، فجمع ﷺ بين الأمر بالحرص على الأمور النافعة في كل حال، والاستعانة بالله وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار، وبين الاستسلام للأمور الماضية النافذة، ومشاهدة قضاء الله وقدره، وجعل الأمور قسمين قسماً يمكن العبد السعي في تحصيله أو تحصيل ما يمكن منه، أو دفعه أو تخفيفه، فهذا يبدي فيه العبد مجهوده ويستعين بمعبوده، وقسماً لا يمكن فيه ذلك.


خامسًا من أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينته الإكثار من ذكر الله، فإن لذلك تأثيراً عجيباً في انشراح الصدر وطمأنينته، وزوال همه وغمه ؛ قال تعالى : (أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [سورة الرعد: الآية ٢٨] فلذكر الله أثر عظيم في حصول هذا المطلوب لخاصيته، ولما يرجوه العبد من ثوابه وأجره وكذلك التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة، فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم والغم ويحث العبد على الشكر الذي هو أرفع المراتب وأعلاها، حتى لو كان العبد في حالة فقر أو مرض أو غيرهما من أنواع البلايا، فإنه إذا قابل بين نعم الله عليه التي لا يُحصى لها عد ولا حساب، وبين ما أصابه من مكروه، ولم يكن للمكروه إلى النعم نسبة.


سادسًا: السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم، وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور، وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردُّها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال، وأن ذلك حمق وجنون، فيجاهد قلبه عن التفكر فيها، وكذلك يجاهد قلبه عن قلقه لما يستقبله، مما يتوهمه من فقر أو خوف، أو غيرهما من المكاره التي يتخيلها في مستقبل حياته، فيعلم أن الأمور المستقبلة مجهول ما يقع فيها من خير وشر، وآمال وآلام، وأنها بيد العزيز الحكيم، ليس بيد العباد منها شيء إلا السعي في تحصيل خيراتها، ودفع مضراتها، ويعلم العبد أنه إذا صرف فكره عن قلقه من أجل مستقبل أمره، واتكل على ربه في إصلاحه، واطمأن إليه في ذلك، إذا فعل ذلك اطمأن قلبه وصلحت أحواله وزال عنه همه وقلقه.


ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي ﷺ يدعو به : (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةٌ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي في كلِّ خَيْرٍ، وَالمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرّ. وكذلك قوله : (أَللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، فإذا لهج العبد بهذا الدعاء الذي فيه صلاح مستقبله الديني والدنيوي بقلب حاضر ونية صادقة، مع اجتهاده فيما يحقق ذلك، حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له وانقلب همه فرحاً وسروراً.


سابعًا إذا حصل على العبد من النكبات، أن يسعى في تخفيفها بأن يقدر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويوطن على ذلك نفسه، فإذا فعل ذلك فليسع إلى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الإمكان، فبهذا التوطين وهذا السعي النافع، تزول همومه وغمومه، ويكون بدل ذلك السعي في جلب المنافع، وفي رفع المضار الميسورة للعبد، فإذا حلت به أسباب الخوف وأسباب الأسقام، وأسباب الفقر والعدم لما يحبه من المحبوبات المتنوعة، فليتلق ذلك بطمأنينة وتوطين للنفس عليها، بل على أشد ما يمكن منها، فإن توطين النفس على احتمال المكاره يهونها ويزيل ،شدتها، وخصوصاً إذا أشغل نفسه بمدافعتها بحسب مقدوره فيجتمع في حقه توطين النفس مع السعي النافع الذي يشغله عن الحياة الدنيا.


ثامنًا من أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية، بل وأيضاً للأمراض البدنية : قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة، لأن الإنسان متى استسلم للخيالات، وانفعل قلبه للمؤثرات : من الخوف من الأمراض وغيرها، ومن الغضب والتشوش من الأسباب المؤلمة، ومن توقع حدوث المكاره وزوال المحاب، أوقعه ذلك في الهموم والغموم والأمراض القلبية والبدنية والانهيار العصبي الذي له آثاره السيئة، التي قد شاهد الناس مضارها الكثيرة .


ومتى اعتمد القلب على الله، وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئة، ووثق بالله، وطمع في فضله، اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم، وزال عنه كثير من الأسقام البدنية والقلبية، وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه، فكم ملئت المستشفيات من مرضى الأوهام والخيالات الفاسدة، وكم أثرت هذه الأمور على قلوب كثير من الأقوياء، فضلا عن الضعفاء، وكم أدت إلى الحمق والجنون، والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الأسباب النافعة المقوية للقلق الدافعة لقلقه،


عاشرًا من الأمور النافعة أن تعرف أن أذية الناس لك، وخصوصاً في الأقوال السيئة، لا تضرك، بل تضرهم، إلا إن أشغلت نفسك في الاهتمام بها، وسوفت لها أن تملك مشاعرك، فعند ذلك تضرك كما ضرتهم، فإن أنت لم تصغ لها بالاً لم تضرك شيئاً، ومن أنفع الأمور لطرد الهم أن توطن نفسك على أن لا تطلب الشكر إلا من الله، فإذا أحسنت إلى من له حق عليك، أو من ليس له حق، فاعلم أن هذا معاملة منك مع الله، فلا تبال بشكر من أنعمت عليه، كما قال تعالى في حق خواص خلقه : (إنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً) ويتأكد هذا في معاملة الأهل والأولاد ومن قوي اتصالك بهم، فمتى وطنت نفسك على إلقاء الشر عنهم، فقد أرحت واسترحت. ومن دواعي الراحة أخذ الفضائل، والعمل عليها بحسب الداعي النفسي دون التكلف الذي يقلقك، وتعود على أدراجك خائباً من حصول الفضيلة، حيث سلكت الطريق الملتوي، وهذا من الحكمة، وأن تتخذ من الأمور الكدرة أموراً صافية حلوة، وبذلك يزيد صفاء اللذات، وتزول الأكدار، ومن الأمور النافعة حسم الأعمال في الحال، والتفرغ للمستقبل، لأن الأعمال إذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة، وانضافت إليها الأعمال اللاحقة، فتشتد وطأتها، فإذا حسمت كل شيء بوقته، أتيت الأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

أهمية أهداف الت...

أهمية أهداف التدريس تتواجد في جوانب مختلفة في حياة الطفل، كما أنها ترتقي به بشكل كبير، مما يصنع منه ...

الهيبرتكست هو ا...

الهيبرتكست هو التعبير الوصفي لأحدث أشكال الكتابة الإلكترونية وهو يشكل نصًا إلكترونيًا يرتبط بنصوص أخ...

##ÆÎh1⁄4D...

##ÆÎh1⁄4DÍ1⁄4D#lL ، ،א،  א א  א Ùא     ...

شرعت إلى جانب و...

شرعت إلى جانب والدي، ممسكا بيده اليمنى، وركضت لمواكبة الخطوات الطويلة التي كان يخطوها. كانت جميع ملا...

يعتبر الاستعداد...

يعتبر الاستعداد الوظيفي هو أحد العوامل التي ترفع قدرة الأفراد على اتخاذ الخيارات المهنية، وصنع القر...

الضوابط القانون...

الضوابط القانونية لتنفيذ حكم التحكيم الرياضي وفقاً للقانون الإماراتي. مقترح خطة بحث لاستكمال متطلب...

حيث أسندت النيا...

حيث أسندت النيابة العامة إلي المتهم وآخر لأنهما بتاريخ 7 / 6/ 2024 بدائرة إختصاص مركز شرطة الرفاعة أ...

Dr Alexander Fo...

Dr Alexander Forse says capturing carbon dioxide is a "last resort" for tackling global warming ...

كتاب: «صبح الأع...

كتاب: «صبح الأعشى في صناعة الإنشا» للقلقشندي (756- 821)، هو أهمّ كتاب في الصناعة الإنشائية، وأجمع ال...

تابلوه خاص بالط...

تابلوه خاص بالطاقة الشمسية يحتوي على كامل الحمايات AC DC مع الخيار الموسع بمصدرين كهرباء عمومي و ...

Christie Sides ...

Christie Sides Hinted At Significant Indiana Fever Roster Change.On Tuesday, July 2, at 9:30 p.m. ET...

تعاني الصحافة ا...

تعاني الصحافة الرياضيّة العربيّة، التي تنشط في سوق عملٍ تنافسي كبير، من ضعف مهنيّة واحترافية مَن يما...