Lakhasly

الحرب قديمة قدم الخليفة على وجه الأرض، فمنذ نشأة الحياة والحرب مباحة بين بني البشر، فلم يخلى تاريخ أمة من الحروب، فمن هبوط سيدنا آدم عليه السلام على الأرض والنزاعات مستمرة إذ إن الملائكة عندما اخبرها الله تعالى إني جاعل في الأرض خليفة كان سؤالهم أتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء.فقد عانت ويلات الحروب والنزاعات، من خلال فقد العديد من الأرواح البشرية مع قلة وسائل القتال في تلك العصور القديمة، إلى أن اهتدت الإنسانية والشريعة الإسلامية التي تؤكد على أن للإنسان حرمة لا يجوز انتهاكها ومنع الممارسات الوحشية عليها ذلك احتراما للإنسان وكرامته.وعليه ظلت الحروب والنزاعات حتى يومنا هذا وتطورت الوسائل المستخدمة حيث أصبحت أكثر شراسة، فباعتبار الحرب ظاهرة اجتماعية وإنسانية لا يمكن تجنبها دون إرادة دولية تبتغي لنشر السلم والأمن بين الدول.في القرن 19 عدّ بداية في إرساء قواعد القانون الدَّوْليّ الإنساني في أوروبا الذي يعرف أيضا بقانون الحرب وهو قديم جدا ترسخ تدريجيا بممارسة ممارسات الدول الذي يستند إلى مجموعة من الاتفاقيات والنصوص المكتوبة والعرفية لا سيما اتفاقية جنيف 1949 وبروتوكولاتها الإضافية فضلا عن سلسلة الاتفاقيات البروتوكولات الأخرى الذي تغطي جوانب معينة، حيث يسعى هذا القانون إلى التحكم بسير الأعمال العدائية وأساسا لتخفيف المعاناة والدمار وحماية الأشخاص الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية أو الذين كفوا عن المشاركة فيها.انطلاقا من النصف الثاني للقرن 19 بدأت الدول في توثيق القواعد القانون الدَّوْليّ الإنساني بعقد اتفاقيات دولية وتضمين معاهدات دولية خاصة للاهتمام بشؤون الحرب بهدف الحد من آثارها ووضع بعض القيود على حرية الدول في استخدام القوة، إضافة إلى مواثيق تحرم الحرب، نجدها في ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 الذي صرح بوضوح على تحريم اللجوء إلى استخدام القوة، وذلك بتركيز قواعد تضع الحرب خارج المشروعية الدولية.على الرغْم نص على مبدأ ضرورة اللجوء إلى الوسائلالسلمية لفض النزاعات بين الدول والتحريم الصريح لاستخدام القوة أو التهديد بها في ضوء قواعد القانون الدَّوْليّ الإنساني، إلا أنها لم تكن كافية للقضاء على الحروب ومنع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، إذ إن العديد من الدول لا تلتزم بأحكام هذا المبدأ، فتعد الحرب الإسرائيلية على غزة من أهم الأمثلة التي تؤكد على هذه الانتهاكات. تعتبر الحرب على غزة من أهم القضايا التي تستدعي الدراسة، فقد عانى الشعب الفلسطيني وما زال يعاني قمع الاحتلال الإسرائيلي، وما نتج في حقه من أبشع المجازر على المواطنين الذين كان نصفهم من النساء والأطفال وغالبيتهم من المدنيين والأعيان المدنية، والاعتداءات الجسيمة لحقوق وكرامة الإنسان، فارتكبت القوات العسكرية الإسرائيلية غارات واسعة ضد الأراضي الفلسطينية سنة 1948 و 1967، إضافة إلى ثلاثة حروب مدمرة كانت في 2008\ 2009، و حرب 2012، إضافة إلى حرب سنة 2014، إلى غاية حرب 2023 المستمرة إلى يومنا هذا، حيث قصفت فيها البيوت والمدارس، الملاجئ، ودمرت الآلاف من المباني السكنية، والبنية التحتية والمدنية، وقتل ما يزيد على عشرة آلاف شهيد.
حتى مع التطور الذي شهده القانون الدَّوْليّ الإنساني في المجتمع الدَّوْليّ وفي أعقاب هجوم حماس على إسرائيل وحملة القصف الإسرائيلي على غزة، أظهر استخفاف هذه القوات لقواعد اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين وقت الحرب وتعد أعمالهم العسكرية غير مشروع لمخالفتها لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة و بالخصوص قواعد القانون الدَّوْليّ الإنساني وهذا ما أحدث نقاش كبير حول القانون الذي يحكم النزاعات المسلحة والأعمال العدائية الحالية بين إسرائيل وفلسطين، أين اختفى القانون الدَّوْليّ الإنساني وتلك الاتفاقيات الدولية في قضية الحرب على غزة؟ .
فوفقا لارتكاب إسرائيل انتهاكات واضحة للقوانين الدولية المنظمة للنزاعات المسلحة، عمدت على حق الدفاع عن النفس كذريعة لتبرير العدوان والإبادة الجماعية التي تستهدف الفلسطينيين، فبالتالي هي تفعل ما تشاء دون خوف من أي عقاب باعتبارها أن قطاع غزة ينطبق عليه وصف قطاع الكيان المعادي، وعدم الاعتراف بالنتائج التي يتمخض عنها الاستخدام غير الشرعي للقوة على الأراضي الفلسطينية العربية وهروبها من مسؤولياتها القانونية بموجب الاتفاقيات الدولية وقواعد القانونالدَّوْليّ الإنساني، بل عليها الالتزام بمسؤوليتها القانونية والإنسانية إيجاه سكان قطاع غزة.