Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (Using the clustering technique)

ربما حان الوقت لابتكار مقياس جديد للرفاهية الاقتصادية ذي أوجه قصور أقل
16 التمويل والتنمية مارس ٢٠١٧
قصير المدى.
وقد برهنت السياسات الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق  النمو على صحة المقولة الشهيرة للمهندس الفكري لتلك السياسات،
جون ماينارد كينز،
إذ قال: «على المدى البعيد،
سنموت جميعا».
وبعد سبعين عاما،
أصبح هذا المدى البعيد وشيكا.
فأي مقياس عام لاستمرارية النمو الاقتصادي،
وبالتالي الرفاهية الاقتصادية على المدى الطويل،
ينبغي أن يأخذ في الاعتبار الأصول الاقتصادية فضلا على التدفقات المحسوبة في إجمالي الناتج المحلي: الحاجة إلى صيانة البنية التحتية أو تسجيل انخفاض قيمتها مع تدهور حالة الجسور وظهور حفر في الطرق.
وينبغي لأي ميزانية عمومية وطنية حقيقة أن ترصد الخصوم المالية المستقبلية،
مثل معاشات التقاعد الخاصة بالدولة.
كما ينبغي أن تشمل أيضا الزيادات في رأس المال البشري التي تتحقق مع حصول عدد أكبر من الناس على مستوى تعليمي أرقى واكتسابهم مهارات أفضل.
التغيرات التي تطرأ على قيمة الأصول القومية.
من أوجه النقد الموجهة منذ أمد بعيد للاعتماد على إجمالي الناتج المحلي باعتباره مقياس النجاح الاقتصادي هو استبعاده للعمل غير مدفوع الأجر داخل الأسر المعيشية.
ويجب أن يكون هناك تعريف مقبول لما يشكل جزءا من الاقتصاد ويمكن قياسه وما هو ليس كذلك.
ويطلق الاقتصاديون على ذلك اسم «حدود الإنتاج».
وينطوي ما يندرج ضمن هذه الحدود وما يخرج عنها حتما على أحكام تقديرية.
وقد تمحور أحد النقاشات المبكرة حول ما إذا كان ينبغي إدراج الإنفاق الحكومي — على أساس أنه استهلاك جماعي —أو استبعاده— على أساس أن الحكومة تدفع مقابل أشياء مثل الطرق والأمن التي تشكل مدخلات في الاقتصاد )شأنها شأن النفقات التجارية( وليس سلعا استهلاكية أو استثمارية.
وتناول أحد النقاشات الرئيسية الأخرى كيفية تعريف السلع والخدمات المُنتجة — وفي كثير من الأحيان المُستهلكة أيضا — داخل الأسر المعيشية.
فأُدرجت السلع المنُتجة داخل المنزل مثل الأغذية،
نظرا لسهولة بيع وشراء هذه السلع في الأسواق في كثير من البلدان،
خلافا للخدمات التي توفر داخل المنزل مثل أعمال التنظيف ورعاية الأطفال.
وبما لا يثير الاستغراب،
دائما ما ندد الباحثون في مجال الشؤون النسوية بأن العمل الذي تقوم به المرأة أساسا لا يقدر بأي قيمة بالفعل.
ووافق كثير من الاقتصاديين على ذلك من حيث المبدأ،
الأسر المعيشية مهمة شاقة،
وقلما يتم شراء هذه الخدمات في الأسواق.
وقد تغير هذا الوضع بالطبع تغيرا هائلا في اقتصادات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي،
عندما اتخذت القرارات المتعلقة بحدود الإنتاج.
ومع زيادة عمل النساء مقابل أجر،
نمت أسواق خدمات مثل التنظيف ورعاية الأطفال،
وأصبح بإمكان الأسر المعيشية أن تبدّل بين تأدية هذه الخدمات وشرائها،
وكثيرا ما تقوم بذلك بالفعل.
مثل أي عمل آخر.
وأدى تطور الاقتصاد الرقمي إلى إحياء هذا النقاش القديم مرة أخرى،
حيث بدأ يغير طريقة عمل كثير من الناس.
ويعامل المختصون بالحسابات القومية الحكومة والشركات التجارية باعتبارهما الجزء المنتج من الاقتصاد بينما يعاملون قطاع الأسر المعيشية باعتباره قطاعا غير منتج،
ولكن الحدود التي كانت واضحة نسبيا من قبل بين العمل والمنزل بدأت في التلاشي.
ما هي أهمية النمو الاقتصادي؟ يجيب الاقتصاديون على هذا السؤال بأن النمو الاقتصادي يقيس مكونا مهما من مكونات التقدم الاجتماعي — ألا وهو الرفاهية الاقتصادية،
أو مدى استفادة أفراد المجتمع من طريقة استخدام الموارد وتخصيصها.
المعيشة الذي يقيّده حتما النمو السكاني.
ويكتسي نمو إجمالي الناتج المحلي أهمية كبيرة كذلك.
ارتباطا وثيقا بتوافر الوظائف والدخل اللذين يمثلان في حد ذاتهما عاملين حيويين لمستوى معيشة السكان وترتكز عليهما قدرتهم على تحقيق نوعية الحياة التي يقدّرونها )راجع دراسة 1999 Sen(.
غير أن إجمالي الناتج المحلي ليس كيانا طبيعيا،
على الرغم من أنه أصبح الآن اختصارا شائعا يُستعمل في الحياة اليومية للإشارة إلى الأداء الاقتصادي.
كما أنه لا يمكن قياسه بأي طريقة دقيقة،
على عكس الظواهر التي تحدث في العالم المادي.
وعندما يتوقف الاقتصاديون وخبراء الإحصاء للتفكير فيه،
فإنهم يعلمون أنه معيار غير تام لقياس الرفاهية الاقتصادية وينطوي على أوجه قصور معروفة جيدا.
ولعل الرواد الأوائل في مجال المحاسبة القومية،
من أمثال سايمون كوزنتس وكولين كلارك،
كانوا سيفضلون قياس الرفاهية الاقتصادية.
ولكن أصبح إجمالي الناتج المحلي هو السائد نظرا لأن الطلبات في وقت الحرب استلزمت مقياسا للنشاط الإجمالي.
وبالتالي تعرض مفهوم إجمالي الناتج المحلي منذ بداياته الأولى للانتقاد.
الخروج بمقياس أفضل للرفاهية أمر،
وتحقيقه أمر آخر.
يقيس إجمالي الناتج المحلي القيمة النقدية للسلع والخدمات النهائية — أي تلك التي يشتريها المستخدم النهائي —التي يتم إنتاجها واستهلاكها في بلد ما في فترة زمنية معينة.
وتتمثل حدود إجمالي الناتج المحلي كمقياس للرفاهية الاقتصادية في أنه يسجل المعاملات النقدية إلى حد كبير بأسعارها السوقية.
ولا يشمل هذا المقياس،
مثلا،
المؤثرات الخارجية البيئية من قبيل التلوث أو الضرر الذي يلُحق بالأنواع،
نظرا لعدم وجود من يدفع ثمنها.
كما أن هذا المقياس لا يتضمن التغييرات التي تطرأ على قيمة الأصول،
الفترة التي يغطيها.
وأصبح السعر البيئي للنمو الاقتصادي أكثر وضوحا — وأعلى.
فالسحابة الدخانية فوق بيجين ونيودلهي،
وأثر التلوث على الصحة العامة والإنتاجية في أي مدينة كبرى،
والتكاليف الناجمة عن تزايد وتيرة الفيضانات التي لا تزال البلدان غير مستعدة لمواجهتها على النحو الملائم،
إنما توضح الفجوة بين نمو إجمالي الناتج المحلي والرفاهية الاقتصادية.
ولهذا السبب يعمل الاقتصاديون وخبراء الإحصاء على استحداث تقديرات لرأس المال الطبيعي ومعدل خسارته )2016 World Bank(.
وعندما ينجزون ذلك،
سيتضح أن نمو إجمالي الناتج المحلي القابل للاستمرار )الذي يمكّن الأجيال القادمة من الحفاظ على نفس مستوى استهلاك الجيل الحالي على الأقل( أقل من نمو إجمالي الناتج المحلي المسجل خلال سنوات عديدة.
وانعكاسها في الخيارات السياسية،
يمثل مسألة أخرى.
وبالفعل،
يغفل إجمالي الناتج المحلي الأصول الرأسمالية بكل أنواعها،
بما في ذلك البنية التحتية ورأس المال البشري؛
التمويل والتنمية مارس ٢٠١٧ 1٧
ومن الناحية النظرية،
تتوصل مناهج القياس الثلاثة إلى نفس القيمة  لإجمالي الناتج المحلي.
ولكن بسبب الصعوبات التي تواجه عملية جمع البيانات المصدرية،
فإن المناهج الثلاثة لا تعطي نفس القيمة أبدا.
وفي كثير من البلدان،
بالنظر إلى جمع أسعار السلع والخدمات بالقيمة الجارية للدولار،
فإن ما يُطلق عليه إجمالي الناتج المحلي الاسمي يتأثر بالتغيرات في الأسعار ولا يعكس بالضرورة ما إذا كان حجم تلك السلع والخدمات قد زاد وبأي مقدار —وهو ما يهم معظم الأشخاص والشركات.
ولمعرفة انعكاسات التضخم على أسعار السلع والخدمات،
ينشئ الاقتصاديون مقياسا إحصائيا يطلق عليه اسم المؤشر،
الذي يرصد التغيرات في سعر سلعة ما أو خدمة ما بين سنة أساس والسنة الجارية.
التضخم )أو الخفض( في الأسعار الجارية.
ورجوعا إلى مثال الأحذية،
بنسبة ١٠% خلال سنة واحدة،
فإن إجمالي الناتج المحلي الاسمي لتلك السنة سيعكس زيادة نسبتها ١٠% في ناتج الأحذية.
وإذا ارتفع سعر الأحذية بنسبة 8%،
فمن شأن تطبيق المخفض على مكون سعر الأحذية من إجمالي الناتج المحلي أن يحول هذه الزيادة الاسمية البالغة ١٠% إلى زيادة حقيقية نسبتها ٢% )وباللغة الإحصائية نقول زاد حجم الأحذية المُنتَجة بنسبة ٢%(.
وتنطوي المخفضات على صعوبات خاصة بها.
فكلما زادت دقة المخفض،
كلما زادت دقة حساب إجمالي الناتج المحلي الحقيقي.
ولكن هناك عقبة كبيرة وهي أنه كلما زادت دقة المخفض،
المطلوبة عن الأسعار،
وتعد عملية جمع بيانات الأسعار عملية مكلفة.
يستند هذا الإطار جزئيا إلى Measure Up: A Better Way to“ ”Calculate GDP (مذكرة مناقشات خبراء الصندوق رقم 17/02) والتي أعدها توماس إلكسندر،
وكلوديا دجيوبك،
وماركو ماريني،
وإريك ميترو،
الارتقاء إلى مستوى القياس المطلوب
يمثل إجمالي الناتج المحلي القيمة النقدية للناتج الكلي للسلع والخدمات في اقتصاد ما خلال فترة زمنية معينة.
وعلى الرغم من أن هذا التعريف يبدو مباشرا،
فإن اشتقاق إجمالي الناتج المحلي ليس كذلك.
أولا،
تكون عملية جمع البيانات معقدة للغاية.
فهناك ملايين المنتجين والمنتَجات والخدمات والأسعار.
وبالإضافة إلى ذلك،
فإن محاولة فهم حجم التغير في إجمالي الناتج المحلي،
المقاس بالسعر الجاري للدولار )أو أي عملات وطنية أخرى(،
الذي يشكل تغيرا حقيقيا في كمية السلع والخدمات المتاحة للمستهلكين وحجم التغير فيه الذي يرجع إلى تغير في الأسعار يضيف طبقة أخرى من التعقيدات.
ولنقل مثلا إن سعر الأحذية ارتفع بنسبة ٥% عما كان عليه منذ عام سابق،
وإن إجمالي الناتج المحلي سجل زيادة نسبتها ٥% في قيمة ناتج الأحذية،
ستكون الزيادة الاسمية في مكون الأحذية من إجمالي الناتج المحلي زيادة وهمية،
ترجع إلى التضخم.
فقد ظل الناتج الفعلي للأحذية ثابتا.
ولتحديد حجم التغير في إجمالي الناتج المحلي،
من سنة إلى سنة مثلا،
الذي يعكس بقدر أكبر الناتج النهائي )الحجم( وحجم التغير الذي يعكس ارتفاع الأسعار )التضخم(،
يستخدم خبراء الاقتصاد أسلوبا يطلق عليه اسم الخفض.
اقتصاد ما،
والمستهلكة من قبل الأشخاص أو الشركات التجارية.
وتُستبعد السلع والخدمات الوسيطة من إجمالي الناتج المحلي لأنها تُستخدم لإنتاج سلع أو خدمات أخرى.
فالسيارة سلعة نهائية.
أما الصلب والبلاستيك والزجاج،
على سبيل المثال،
المستخدم في صناعتها فهي منتجات )أو مدخلات( وسيطة.
هناك ثلاث طرق لقياس إجمالي الناتج المحلي.
ووفقا لمنهج الإنفاق،
يتم جمع القيمة السوقية لكل ما ينفقه المستهلكون والشركات التجارية والحكومة على المنتجات النهائية وتضاف إليه الصادرات وتطرح منه الواردات.
أما في منهج الإنتاج،
فيتم جمع قيمة كل ما يُنتج،
أي الناتج الإجمالي،
ثم تطرح منه قيمة المنتجات الوسيطة للحصول على الناتج الصافي.
أساسا الأجور والأرباح والريوع وإيرادات الفائدة.
عالية،
وبدأت أسعار ابتكارات من قبيل الطاقة الشمسية ومتوالية الجينوم البشري تنخفض بسرعة.
والنمو بأقل من قيمتهما الحقيقية؟ وفي الممارسة العملية،
للغاية من التعديل في الجودة لحساب مؤشرات الأسعار «الهيدونية» — أي تلك التي تراعي التحسينات التي تطرأ على الجودة.
وخلص الباحثون الذين حاولوا توسيع نطاق التعديل الهيدوني ليشمل طائفة أوسع من الأسعار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الولايات المتحدة إلى أن ذلك لا يحدث اختلافا كبيرا في صورة النمو البطيء للإنتاجية،
)دراسة 2016 Byrne,
Fernald,
and Reinsdorf(.
المتأثرة بالتحول الرقمي،
ولا تزال هناك بعض المسائل المفاهيمية التي يتعين تسويتها.
وعلى سبيل المثال،
هل تعتبر خدمة البث الموسيقي مكافئة للتنزيل الرقمي أو شراء الأسطوانات المدمجة،
أم هي سلعة جديدة؟ وبعبارة أخرى،
هل يشتري المستهلك صيغة محددة أم أنه يشتري إمكانية الاستماع إلى الموسيقى فقط؟ وإذا كان يشترى الصيغة المحددة،
فالوضع المثالي إذن هو أن يكون هناك مؤشر لأسعار الموسيقى معدّل حسب الجودة.
من خلال المنصات الرقمية.
وتتسم ساعات عملهم بالمرونة،
ويمكن أن يتداخل العمل مع أنشطة أخرى.
كما يستعملون في كثير من الأحيان الأصول الخاصة بالأسرة في تأدية عمل مدفوع الأجر،
بدءا من الحواسيب والهواتف الذكية إلى منازلهم وسياراتهم.
ويساهم كثير من الناس في عمل رقمي مجاني مثل إعداد برمجيات مفتوحة المصدر يمكن أن تحل محل نظيراتها المتداولة في السوق،
ومن الواضح أنها ذات قيمة اقتصادية كبيرة برغم توفيرها بالمجان.
وتؤكد هذه المستجدات الحاجة إلى فهم إحصائي أفضل بكثير لأنشطة الأسر المعيشية،
بجمع أي بيانات مناسبة عن أصول الأسر المعيشية.
إن تلاشي الحدود بين المنزل والعمل ليس الوسيلة الوحيدة التي تؤدي بها التكنولوجيا إلى صعوبة حساب إجمالي الناتج المحلي.
ويدعي الكثير في قطاع التكنولوجيا أن إحصاءات إجمالي الناتج المحلي التقليدية تقدر أهمية الثورة الرقمية بأقل من قيمتها.
في كثير من الاقتصادات المتقدمة أمرا محيرا.
وعلى سبيل المثال،
بنقل حجم أكبر من البيانات بسرعة أكبر من أي وقت مضى وبجودة 18 التمويل والتنمية مارس ٢٠١٧
تبعها من آثار تلقي بظلال بعيدة المدى.
وعلى الرغم من أن عدم المساواة بدأ ينحسر في بعض البلدان،
فقد أدى تباطؤ النمو وارتفاع أعباء الديون وارتفاع معدلات البطالة في بعض الحالات إلى فتور التعافي وتنامي مشاعر السخط حيال السياسات الاقتصادية التي تعتمد أساليب العمل التقليدية.
وفي الوقت نفسه،
من الصعب تجاهل الأدلة على التكلفة البيئية الناجمة عن النمو الاقتصادي السابق.
والوظائف المستقبلية —جانبا مختلفا خفيا.
توافق حول المقياس الذي ينبغي أن يحل محل إجمالي الناتج المحلي.
وقد أوصت لجنة شتيغليش-سن-فيتوسي التاريخية التي شُكلت في عام ٢٠٠9 بنشر «لوحة بيانات» عن مقاييس الرفاهية الاقتصادية،
دافعة بأنه من غير المعقول اختزال أبعادها المتعددة في رقم واحد.
ويدعي آخرون أن وجود مؤشر واحد ضروري لاستقطاب الاهتمام في وسائط الإعلام وفي النقاش السياسي.
ويحدَّد إجمالي الناتج المحلي من خلال عملية توافق دولية تتسم بالبطء وتحظى بقدر قليل من الاهتمام إلى حد ما،
وبالتالي من الصعب تخيل التوقف عن استخدام المقياس الحالي بصورة سلسة ما لم يتمكن الباحثون الاقتصاديون من الخروج بمنهج قوي من الناحيتين النظرية والعملية على غرار إجمالي الناتج المحلي،
ومن حيث المبدأ،
تحسب مؤشرات الأسعار ما يجب على الأشخاص دفعه للحصول على نفس مستوى «المنفعة» أو الرضاء من جميع مشترياتهم،
إلا أن وضع هذه الحسابات موضع التنفيذ العملي ليس عملية مباشرة.
أوجه القصور في إجمالي الناتج المحلي أصبحت واضحة للغاية في عجزها عن مراعاة عدم المساواة.
وبالفعل،
يدعي الاقتصاديون أنه من المستحيل رصد جميع منافع الابتكار للرفاهية الاقتصادية في إجمالي الناتج المحلي،
الذي يقيس المعاملات بسعر السوق؛
وستكون هناك دائما بعض المنفعة التي تتجاوز ذلك السعر،
والتي يطلق عليها اسم «فائض المستهلك.
» ولا تختلف السلع الرقمية عن موجات الابتكار السابقة في هذا الصدد.
وعلى الذين يستخدمون نمو إجمالي الناتج المحلي لقياس الأداء الاقتصادي أن يضعوا في اعتبارهم أنه لم يكن أبدا مقياسا كاملا للرفاهية الاقتصادية.
وعلى سبيل المثال،
فإن المنفعة التي تعود على المستهلك من دواء جديد مهم دائما ما ستتجاوز بكثير سعر السوق في نهاية المطاف.
وفي حين أن هذه الحجة صحيحة،
فإنها تقلل من إمكانية الفصل الواضح بين الرفاهية وإجمالي الناتج المحلي الآن،
لتأثير التكنولوجيا الرقمية على نماذج الأعمال وسلوك المستهلكين.
عدم المساواة مسألة مهمة
أصبحت أوجه القصور في إجمالي الناتج المحلي المتمثلة في عجزه عن رصد عدم المساواة واضحة للغاية في الآونة الأخيرة.
وتتجاهل عملية تجميع فرادى الدخول أو النفقات للوصول إلى إجمالي الناتج المحلي مسألة توزيع الدخل،
كما أن مساواة نمو إجمالي الناتج المحلي بتحسن الرفاهية الاقتصادية تفترض عدم وجود أي سبب يدعو إلى تغيير النظام الحالي للتوزيع.
وعندما لم يتغير توزيع الدخل تغيرا كبيرا —حتى منتصف الثمانينات في معظم بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي —لم يكن تجاهل هذه المسألة يهم كثيرا.
غير أنه بفضل كتاب توماس بيكيتي الأكثر رواجا «رأس المال في القرن الحادي والعشرين» )Capital in the Twenty-First Century(،
التي بدأت تظهر في عدد من البلدان،
لم يعد أحد يتجاهل مسائل التوزيع.
ومن الممكن تعديل إجمالي الناتج المحلي لمراعاة جوانب التوزيع وسائر الجوانب غير السوقية من الرفاهية الاقتصادية.
وقد بدأ الاقتصاديون يناقشون )مرة أخرى( تعديلات بعينها.
ويقترح ديل جونسون من جامعة هارفارد جمع معلومات التوزيع المستمدة من الدراسات الاستقصائية للأسر المعيشية مع الحسابات القومية )دراسة Jorgenson,
قيد الإصدار(.
واقترح تشارلز جونز وبيتر كلينو مقياسا واحدا يضم الاستهلاك والراحة والاستجمام ومعدل الوفيات وعدم المساواة؛
)دراسة 2016 Jones and Klenow(.
وتعالج هذه المقاييس،
الموحدة على نحو يراعي عدم المساواة على الأقل،
بعض التحديات المتعلقة بقياس إجمالي الناتج المحلي،
وليس التحديات كلها.
وبدأ النقاش يتزايد حول أفضل السبل لقياس الرفاهية الاقتصادية وذلك لعدة أسباب.
الذي يعد أفضل مقياس معروف في إطار نظام الحسابات القومية.
وقد يحدث ذلك.
وأصبحت المسألة مدرجة الآن على جدول أعمال بحوث الاقتصاديين لأول مرة منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي.
ففي المملكة المتحدة،
أنشأ مكتب الإحصاءات القومية مركز بحوث جديد معني بالإحصاءات الاقتصادية،
وبدأ العمل في فبراير ٢٠١٧.
ويكتسى النقاش بشأن هذه المسألة أهمية بالغة،
نظرا للاعتقاد السائد الذي يفيد بأن التقدم الاقتصادي في الآونة الأخيرة — كما يقاس بإجمالي الناتج المحلي — لم يرق إلى المستوى المطلوب.
وتجُرى الحوارات العامة بشأن السياسة الاقتصادية إلى حد بعيد بناء على نمو إجمالي الناتج المحلي،
المحلي كمقياس معقول للرفاهية الاقتصادية مسألة جدية بالفعل.


Original text

إعادة التفكير في 
إجمالي الناتج المحلي
ربما حان الوقت لابتكار مقياس جديد للرفاهية الاقتصادية ذي أوجه قصور أقل
16 التمويل والتنمية مارس ٢٠١٧
النمو
قصير المدى. وقد برهنت السياسات الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق  النمو على صحة المقولة الشهيرة للمهندس الفكري لتلك السياسات، جون ماينارد كينز، إذ قال: «على المدى البعيد، سنموت جميعا».
وبعد سبعين عاما، أصبح هذا المدى البعيد وشيكا. فأي مقياس عام لاستمرارية النمو الاقتصادي، وبالتالي الرفاهية الاقتصادية على المدى الطويل، ينبغي أن يأخذ في الاعتبار الأصول الاقتصادية فضلا على التدفقات المحسوبة في إجمالي الناتج المحلي: الحاجة إلى صيانة البنية التحتية أو تسجيل انخفاض قيمتها مع تدهور حالة الجسور وظهور حفر في الطرق. وينبغي لأي ميزانية عمومية وطنية حقيقة أن ترصد الخصوم المالية المستقبلية، مثل معاشات التقاعد الخاصة بالدولة. كما ينبغي أن تشمل أيضا الزيادات في رأس المال البشري التي تتحقق مع حصول عدد أكبر من الناس على مستوى تعليمي أرقى واكتسابهم مهارات أفضل. ويتعين حساب الرفاهية الاقتصادية على أساس صاٍف باستبعاد
التغيرات التي تطرأ على قيمة الأصول القومية.
عمل قطاع الأسر
من أوجه النقد الموجهة منذ أمد بعيد للاعتماد على إجمالي الناتج المحلي باعتباره مقياس النجاح الاقتصادي هو استبعاده للعمل غير مدفوع الأجر داخل الأسر المعيشية. ويجب أن يكون هناك تعريف مقبول لما يشكل جزءا من الاقتصاد ويمكن قياسه وما هو ليس كذلك. ويطلق الاقتصاديون على ذلك اسم «حدود الإنتاج». وينطوي ما يندرج ضمن هذه الحدود وما يخرج عنها حتما على أحكام تقديرية. وقد تمحور أحد النقاشات المبكرة حول ما إذا كان ينبغي إدراج الإنفاق الحكومي — على أساس أنه استهلاك جماعي —أو استبعاده— على أساس أن الحكومة تدفع مقابل أشياء مثل الطرق والأمن التي تشكل مدخلات في الاقتصاد )شأنها شأن النفقات التجارية( وليس سلعا استهلاكية أو استثمارية. وتناول أحد النقاشات الرئيسية الأخرى كيفية تعريف السلع والخدمات المُنتجة — وفي كثير من الأحيان المُستهلكة أيضا — داخل الأسر المعيشية. فأُدرجت السلع المنُتجة داخل المنزل مثل الأغذية، نظرا لسهولة بيع وشراء هذه السلع في الأسواق في كثير من البلدان، خلافا للخدمات التي توفر داخل المنزل مثل أعمال التنظيف ورعاية الأطفال. وبما لا يثير الاستغراب، دائما ما ندد الباحثون في مجال الشؤون النسوية بأن العمل الذي تقوم به المرأة أساسا لا يقدر بأي قيمة بالفعل. ووافق كثير من الاقتصاديين على ذلك من حيث المبدأ، ولكن يرجع هذا الاختلاف جزئيا لأسباب عملية حيث إن إجراء مسح لخدمات
الأسر المعيشية مهمة شاقة، وقلما يتم شراء هذه الخدمات في الأسواق. وقد تغير هذا الوضع بالطبع تغيرا هائلا في اقتصادات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي، عندما اتخذت القرارات المتعلقة بحدود الإنتاج. ومع زيادة عمل النساء مقابل أجر، نمت أسواق خدمات مثل التنظيف ورعاية الأطفال، وأصبح بإمكان الأسر المعيشية أن تبدّل بين تأدية هذه الخدمات وشرائها، وكثيرا ما تقوم بذلك بالفعل. ولا يوجد أي سبب منطقي يدعو إلى عدم معاملة عمل الأسر المعيشية
مثل أي عمل آخر. وأدى تطور الاقتصاد الرقمي إلى إحياء هذا النقاش القديم مرة أخرى،
حيث بدأ يغير طريقة عمل كثير من الناس. ويعامل المختصون بالحسابات القومية الحكومة والشركات التجارية باعتبارهما الجزء المنتج من الاقتصاد بينما يعاملون قطاع الأسر المعيشية باعتباره قطاعا غير منتج، ولكن الحدود التي كانت واضحة نسبيا من قبل بين العمل والمنزل بدأت في التلاشي. وبدأ عدد أكبر فأكبر من الأشخاص العمل لحسابهم الخاص أو كموظفين مستقلين
دايان كويل
ما هي أهمية النمو الاقتصادي؟ يجيب الاقتصاديون على هذا السؤال بأن النمو الاقتصادي يقيس مكونا مهما من مكونات التقدم الاجتماعي — ألا وهو الرفاهية الاقتصادية، أو مدى استفادة أفراد المجتمع من طريقة استخدام الموارد وتخصيصها. ولعل نظرة إلى إجمالي الناتج المحلي للفرد على المدى الطويل تحكي لنا حكاية الابتكار والإفلات من فخ مالثوس المتمثل في تحسن مستويات
المعيشة الذي يقيّده حتما النمو السكاني. ويكتسي نمو إجمالي الناتج المحلي أهمية كبيرة كذلك. فهو يرتبط
ارتباطا وثيقا بتوافر الوظائف والدخل اللذين يمثلان في حد ذاتهما عاملين حيويين لمستوى معيشة السكان وترتكز عليهما قدرتهم على تحقيق نوعية الحياة التي يقدّرونها )راجع دراسة 1999 Sen(.
غير أن إجمالي الناتج المحلي ليس كيانا طبيعيا، على الرغم من أنه أصبح الآن اختصارا شائعا يُستعمل في الحياة اليومية للإشارة إلى الأداء الاقتصادي. كما أنه لا يمكن قياسه بأي طريقة دقيقة، على عكس الظواهر التي تحدث في العالم المادي. وعندما يتوقف الاقتصاديون وخبراء الإحصاء للتفكير فيه، فإنهم يعلمون أنه معيار غير تام لقياس الرفاهية الاقتصادية وينطوي على أوجه قصور معروفة جيدا. ولعل الرواد الأوائل في مجال المحاسبة القومية، من أمثال سايمون كوزنتس وكولين كلارك، كانوا سيفضلون قياس الرفاهية الاقتصادية. ولكن أصبح إجمالي الناتج المحلي هو السائد نظرا لأن الطلبات في وقت الحرب استلزمت مقياسا للنشاط الإجمالي. وبالتالي تعرض مفهوم إجمالي الناتج المحلي منذ بداياته الأولى للانتقاد. غير أن الكلام عن
الخروج بمقياس أفضل للرفاهية أمر، وتحقيقه أمر آخر.
مقياس قصير المدى
يقيس إجمالي الناتج المحلي القيمة النقدية للسلع والخدمات النهائية — أي تلك التي يشتريها المستخدم النهائي —التي يتم إنتاجها واستهلاكها في بلد ما في فترة زمنية معينة. وتتمثل حدود إجمالي الناتج المحلي كمقياس للرفاهية الاقتصادية في أنه يسجل المعاملات النقدية إلى حد كبير بأسعارها السوقية. ولا يشمل هذا المقياس، مثلا، المؤثرات الخارجية البيئية من قبيل التلوث أو الضرر الذي يلُحق بالأنواع، نظرا لعدم وجود من يدفع ثمنها. كما أن هذا المقياس لا يتضمن التغييرات التي تطرأ على قيمة الأصول، مثل استنفاد الموارد أو فقدان التنوع البيولوجي: لا يستبعد إجمالي الناتج المحلي هذه التغيرات من صافي تدفق المعاملات خلال
الفترة التي يغطيها. وأصبح السعر البيئي للنمو الاقتصادي أكثر وضوحا — وأعلى.
فالسحابة الدخانية فوق بيجين ونيودلهي، وأثر التلوث على الصحة العامة والإنتاجية في أي مدينة كبرى، والتكاليف الناجمة عن تزايد وتيرة الفيضانات التي لا تزال البلدان غير مستعدة لمواجهتها على النحو الملائم، إنما توضح الفجوة بين نمو إجمالي الناتج المحلي والرفاهية الاقتصادية. ولهذا السبب يعمل الاقتصاديون وخبراء الإحصاء على استحداث تقديرات لرأس المال الطبيعي ومعدل خسارته )2016 World Bank(. وعندما ينجزون ذلك، سيتضح أن نمو إجمالي الناتج المحلي القابل للاستمرار )الذي يمكّن الأجيال القادمة من الحفاظ على نفس مستوى استهلاك الجيل الحالي على الأقل( أقل من نمو إجمالي الناتج المحلي المسجل خلال سنوات عديدة. غير أن إدراج هذه القياسات الجديدة في نقاش السياسات السائدة
وانعكاسها في الخيارات السياسية، يمثل مسألة أخرى. وبالفعل، يغفل إجمالي الناتج المحلي الأصول الرأسمالية بكل أنواعها،
بما في ذلك البنية التحتية ورأس المال البشري؛ فهو في جوهره معيار
التمويل والتنمية مارس ٢٠١٧ 1٧
ومن الناحية النظرية، تتوصل مناهج القياس الثلاثة إلى نفس القيمة  لإجمالي الناتج المحلي. ولكن بسبب الصعوبات التي تواجه عملية جمع البيانات المصدرية، فإن المناهج الثلاثة لا تعطي نفس القيمة أبدا. وفي كثير من البلدان، يستند إجمالي الناتج المحلي الرسمي إلى منهج الإنتاج نظرا لأن البيانات المصدرية المستمدة من المنتجين تتسم بقدر أكبر من
الشمول والدقة.
آثار الأسعار
بالنظر إلى جمع أسعار السلع والخدمات بالقيمة الجارية للدولار، فإن ما يُطلق عليه إجمالي الناتج المحلي الاسمي يتأثر بالتغيرات في الأسعار ولا يعكس بالضرورة ما إذا كان حجم تلك السلع والخدمات قد زاد وبأي مقدار —وهو ما يهم معظم الأشخاص والشركات. ولمعرفة انعكاسات التضخم على أسعار السلع والخدمات، ينشئ الاقتصاديون مقياسا إحصائيا يطلق عليه اسم المؤشر، الذي يرصد التغيرات في سعر سلعة ما أو خدمة ما بين سنة أساس والسنة الجارية. ويطبق هذا المؤشر على الأسعار لاستبعاد مكون
التضخم )أو الخفض( في الأسعار الجارية. ورجوعا إلى مثال الأحذية، ففي حالة ارتفاع القيمة الاسمية للأحذية
بنسبة ١٠% خلال سنة واحدة، فإن إجمالي الناتج المحلي الاسمي لتلك السنة سيعكس زيادة نسبتها ١٠% في ناتج الأحذية. وإذا ارتفع سعر الأحذية بنسبة 8%، فمن شأن تطبيق المخفض على مكون سعر الأحذية من إجمالي الناتج المحلي أن يحول هذه الزيادة الاسمية البالغة ١٠% إلى زيادة حقيقية نسبتها ٢% )وباللغة الإحصائية نقول زاد حجم الأحذية المُنتَجة بنسبة ٢%(. وتنطوي المخفضات على صعوبات خاصة بها. فكلما زادت دقة المخفض، كلما زادت دقة حساب إجمالي الناتج المحلي الحقيقي. ولكن هناك عقبة كبيرة وهي أنه كلما زادت دقة المخفض، كلما زادت المعلومات
المطلوبة عن الأسعار، وتعد عملية جمع بيانات الأسعار عملية مكلفة.
يستند هذا الإطار جزئيا إلى Measure Up: A Better Way to“ ”Calculate GDP (مذكرة مناقشات خبراء الصندوق رقم 17/02) والتي أعدها توماس إلكسندر، وكلوديا دجيوبك، وماركو ماريني، وإريك ميترو،
ومايكل ستانغر.
الارتقاء إلى مستوى القياس المطلوب
يمثل إجمالي الناتج المحلي القيمة النقدية للناتج الكلي للسلع والخدمات في اقتصاد ما خلال فترة زمنية معينة.
وعلى الرغم من أن هذا التعريف يبدو مباشرا، فإن اشتقاق إجمالي الناتج المحلي ليس كذلك. أولا، تكون عملية جمع البيانات معقدة للغاية. فهناك ملايين المنتجين والمنتَجات والخدمات والأسعار.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن محاولة فهم حجم التغير في إجمالي الناتج المحلي، المقاس بالسعر الجاري للدولار )أو أي عملات وطنية أخرى(، الذي يشكل تغيرا حقيقيا في كمية السلع والخدمات المتاحة للمستهلكين وحجم التغير فيه الذي يرجع إلى تغير في الأسعار يضيف طبقة أخرى من التعقيدات. ولنقل مثلا إن سعر الأحذية ارتفع بنسبة ٥% عما كان عليه منذ عام سابق، وإن إجمالي الناتج المحلي سجل زيادة نسبتها ٥% في قيمة ناتج الأحذية، ستكون الزيادة الاسمية في مكون الأحذية من إجمالي الناتج المحلي زيادة وهمية، ترجع إلى التضخم. فقد ظل الناتج الفعلي للأحذية ثابتا. ولتحديد حجم التغير في إجمالي الناتج المحلي، من سنة إلى سنة مثلا، الذي يعكس بقدر أكبر الناتج النهائي )الحجم( وحجم التغير الذي يعكس ارتفاع الأسعار )التضخم(،
يستخدم خبراء الاقتصاد أسلوبا يطلق عليه اسم الخفض. وإجمالي الناتج المحلي مقياس للسلع والخدمات النهائية المنتجة في
اقتصاد ما، والمستهلكة من قبل الأشخاص أو الشركات التجارية. وتُستبعد السلع والخدمات الوسيطة من إجمالي الناتج المحلي لأنها تُستخدم لإنتاج سلع أو خدمات أخرى. فالسيارة سلعة نهائية. أما الصلب والبلاستيك والزجاج، على سبيل المثال، المستخدم في صناعتها فهي منتجات )أو مدخلات( وسيطة.
ثلاثة مقاييس
هناك ثلاث طرق لقياس إجمالي الناتج المحلي. ووفقا لمنهج الإنفاق، يتم جمع القيمة السوقية لكل ما ينفقه المستهلكون والشركات التجارية والحكومة على المنتجات النهائية وتضاف إليه الصادرات وتطرح منه الواردات. أما في منهج الإنتاج، فيتم جمع قيمة كل ما يُنتج، أي الناتج الإجمالي، ثم تطرح منه قيمة المنتجات الوسيطة للحصول على الناتج الصافي. ويجمع منهج الدخل كل ما يحققه الأفراد والشركات من دخل —
أساسا الأجور والأرباح والريوع وإيرادات الفائدة.
عالية، وبدأت أسعار ابتكارات من قبيل الطاقة الشمسية ومتوالية الجينوم البشري تنخفض بسرعة. فهل يمكن أن تكون الإحصاءات غير قادرة على التكيف بشكل سليم لمراعاة التحسنات في الجودة الناشئة عن التكنولوجيا وبالتالي تبالغ في تقدير حجم التضخم وتقدر الإنتاجية
والنمو بأقل من قيمتهما الحقيقية؟ وفي الممارسة العملية، تنطوي الأرقام الرسمية على قدر طفيف
للغاية من التعديل في الجودة لحساب مؤشرات الأسعار «الهيدونية» — أي تلك التي تراعي التحسينات التي تطرأ على الجودة. وخلص الباحثون الذين حاولوا توسيع نطاق التعديل الهيدوني ليشمل طائفة أوسع من الأسعار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الولايات المتحدة إلى أن ذلك لا يحدث اختلافا كبيرا في صورة النمو البطيء للإنتاجية، وهو ما يرجع في جزء منه إلى ضعف الصناعات التحويلية القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الولايات المتحدة
)دراسة 2016 Byrne, Fernald, and Reinsdorf(. غير أن هذا البحث لم يمتد ليشمل الطائفة الأوسع من السلع والخدمات
المتأثرة بالتحول الرقمي، ولا تزال هناك بعض المسائل المفاهيمية التي يتعين تسويتها. وعلى سبيل المثال، هل تعتبر خدمة البث الموسيقي مكافئة للتنزيل الرقمي أو شراء الأسطوانات المدمجة، أم هي سلعة جديدة؟ وبعبارة أخرى، هل يشتري المستهلك صيغة محددة أم أنه يشتري إمكانية الاستماع إلى الموسيقى فقط؟ وإذا كان يشترى الصيغة المحددة، فالوضع المثالي إذن هو أن يكون هناك مؤشر لأسعار الموسيقى معدّل حسب الجودة.
من خلال المنصات الرقمية. وتتسم ساعات عملهم بالمرونة، ويمكن أن يتداخل العمل مع أنشطة أخرى. كما يستعملون في كثير من الأحيان الأصول الخاصة بالأسرة في تأدية عمل مدفوع الأجر، بدءا من الحواسيب والهواتف الذكية إلى منازلهم وسياراتهم. ويساهم كثير من الناس في عمل رقمي مجاني مثل إعداد برمجيات مفتوحة المصدر يمكن أن تحل محل نظيراتها المتداولة في السوق،
ومن الواضح أنها ذات قيمة اقتصادية كبيرة برغم توفيرها بالمجان. وتؤكد هذه المستجدات الحاجة إلى فهم إحصائي أفضل بكثير لأنشطة الأسر المعيشية، ومع ذلك لا يقوم إلا عدد قليل من البلدان
بجمع أي بيانات مناسبة عن أصول الأسر المعيشية.
التكنولوجيا دائمة التطور
إن تلاشي الحدود بين المنزل والعمل ليس الوسيلة الوحيدة التي تؤدي بها التكنولوجيا إلى صعوبة حساب إجمالي الناتج المحلي. ويدعي الكثير في قطاع التكنولوجيا أن إحصاءات إجمالي الناتج المحلي التقليدية تقدر أهمية الثورة الرقمية بأقل من قيمتها. ولم تتباطأ وتيرة الابتكار في مجالات مثل الاتصالات والتكنولوجيا البيولوجية والمواد والطاقة الخضراء—ما يجعل من النمو الباهت وضعف أداء الإنتاجية
في كثير من الاقتصادات المتقدمة أمرا محيرا. وعلى سبيل المثال، تسمح تكنولوجيا الضغط للشبكات اللاسلكية
بنقل حجم أكبر من البيانات بسرعة أكبر من أي وقت مضى وبجودة 18 التمويل والتنمية مارس ٢٠١٧
تبعها من آثار تلقي بظلال بعيدة المدى. وعلى الرغم من أن عدم المساواة بدأ ينحسر في بعض البلدان، فقد أدى تباطؤ النمو وارتفاع أعباء الديون وارتفاع معدلات البطالة في بعض الحالات إلى فتور التعافي وتنامي مشاعر السخط حيال السياسات الاقتصادية التي تعتمد أساليب العمل التقليدية. وفي الوقت نفسه، من الصعب تجاهل الأدلة على التكلفة البيئية الناجمة عن النمو الاقتصادي السابق. وتضيف الثورة الرقمية والنقاش الدائر حول الصلات بين التكنولوجيا ونمو الإنتاجية — والتكنولوجيا
والوظائف المستقبلية —جانبا مختلفا خفيا. والإعراب عن عدم الرضا عن المقاييس الحالية أسهل من التوصل إلى
توافق حول المقياس الذي ينبغي أن يحل محل إجمالي الناتج المحلي. وقد أوصت لجنة شتيغليش-سن-فيتوسي التاريخية التي شُكلت في عام ٢٠٠9 بنشر «لوحة بيانات» عن مقاييس الرفاهية الاقتصادية، دافعة بأنه من غير المعقول اختزال أبعادها المتعددة في رقم واحد. ويدعي آخرون أن وجود مؤشر واحد ضروري لاستقطاب الاهتمام في وسائط الإعلام وفي النقاش السياسي. ويحدَّد إجمالي الناتج المحلي من خلال عملية توافق دولية تتسم بالبطء وتحظى بقدر قليل من الاهتمام إلى حد ما، وبالتالي من الصعب تخيل التوقف عن استخدام المقياس الحالي بصورة سلسة ما لم يتمكن الباحثون الاقتصاديون من الخروج بمنهج قوي من الناحيتين النظرية والعملية على غرار إجمالي الناتج المحلي،
ومن حيث المبدأ، تحسب مؤشرات الأسعار ما يجب على الأشخاص دفعه للحصول على نفس مستوى «المنفعة» أو الرضاء من جميع مشترياتهم، إلا أن وضع هذه الحسابات موضع التنفيذ العملي ليس عملية مباشرة.
أوجه القصور في إجمالي الناتج المحلي أصبحت واضحة للغاية في عجزها عن مراعاة عدم المساواة.
وبالفعل، يدعي الاقتصاديون أنه من المستحيل رصد جميع منافع الابتكار للرفاهية الاقتصادية في إجمالي الناتج المحلي، الذي يقيس المعاملات بسعر السوق؛ وستكون هناك دائما بعض المنفعة التي تتجاوز ذلك السعر، والتي يطلق عليها اسم «فائض المستهلك.» ولا تختلف السلع الرقمية عن موجات الابتكار السابقة في هذا الصدد. وعلى الذين يستخدمون نمو إجمالي الناتج المحلي لقياس الأداء الاقتصادي أن يضعوا في اعتبارهم أنه لم يكن أبدا مقياسا كاملا للرفاهية الاقتصادية. وعلى سبيل المثال، فإن المنفعة التي تعود على المستهلك من دواء جديد مهم دائما ما ستتجاوز بكثير سعر السوق في نهاية المطاف. وفي حين أن هذه الحجة صحيحة، فإنها تقلل من إمكانية الفصل الواضح بين الرفاهية وإجمالي الناتج المحلي الآن، نظرا
لتأثير التكنولوجيا الرقمية على نماذج الأعمال وسلوك المستهلكين.
عدم المساواة مسألة مهمة
أصبحت أوجه القصور في إجمالي الناتج المحلي المتمثلة في عجزه عن رصد عدم المساواة واضحة للغاية في الآونة الأخيرة. وتتجاهل عملية تجميع فرادى الدخول أو النفقات للوصول إلى إجمالي الناتج المحلي مسألة توزيع الدخل، كما أن مساواة نمو إجمالي الناتج المحلي بتحسن الرفاهية الاقتصادية تفترض عدم وجود أي سبب يدعو إلى تغيير النظام الحالي للتوزيع. وعندما لم يتغير توزيع الدخل تغيرا كبيرا —حتى منتصف الثمانينات في معظم بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي —لم يكن تجاهل هذه المسألة يهم كثيرا. غير أنه بفضل كتاب توماس بيكيتي الأكثر رواجا «رأس المال في القرن الحادي والعشرين» )Capital in the Twenty-First Century(، وأيضا بفضل الحركات الشعبية
التي بدأت تظهر في عدد من البلدان، لم يعد أحد يتجاهل مسائل التوزيع. ومن الممكن تعديل إجمالي الناتج المحلي لمراعاة جوانب التوزيع وسائر الجوانب غير السوقية من الرفاهية الاقتصادية. وقد بدأ الاقتصاديون يناقشون )مرة أخرى( تعديلات بعينها. ويقترح ديل جونسون من جامعة هارفارد جمع معلومات التوزيع المستمدة من الدراسات الاستقصائية للأسر المعيشية مع الحسابات القومية )دراسة Jorgenson,، قيد الإصدار(. واقترح تشارلز جونز وبيتر كلينو مقياسا واحدا يضم الاستهلاك والراحة والاستجمام ومعدل الوفيات وعدم المساواة؛ وتظهر حساباتهما أن هذا المنهج يسد جزءا كبيرا من الفجوة الظاهرة في مستويات المعيشة بين الولايات المتحدة وسائر بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي عندما يتم تقييم ذلك على أساس إجمالي الناتج المحلي للفرد
)دراسة 2016 Jones and Klenow(. وتعالج هذه المقاييس، التي توسع نطاق منهج الحسابات القومية
الموحدة على نحو يراعي عدم المساواة على الأقل، بعض التحديات المتعلقة بقياس إجمالي الناتج المحلي، وليس التحديات كلها. وبدأ النقاش يتزايد حول أفضل السبل لقياس الرفاهية الاقتصادية وذلك لعدة أسباب. فلا تزال الأزمة المالية العالمية التي وقعت في عام ٢٠٠8 وما
الذي يعد أفضل مقياس معروف في إطار نظام الحسابات القومية. وقد يحدث ذلك. وأصبحت المسألة مدرجة الآن على جدول أعمال بحوث الاقتصاديين لأول مرة منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي. ففي المملكة المتحدة، أنشأ مكتب الإحصاءات القومية مركز بحوث جديد معني بالإحصاءات الاقتصادية، وبدأ العمل في فبراير ٢٠١٧. ويكتسى النقاش بشأن هذه المسألة أهمية بالغة، نظرا للاعتقاد السائد الذي يفيد بأن التقدم الاقتصادي في الآونة الأخيرة — كما يقاس بإجمالي الناتج المحلي — لم يرق إلى المستوى المطلوب. وتجُرى الحوارات العامة بشأن السياسة الاقتصادية إلى حد بعيد بناء على نمو إجمالي الناتج المحلي، ومن ثم فإن تراجع مكانة إجمالي الناتج
المحلي كمقياس معقول للرفاهية الاقتصادية مسألة جدية بالفعل.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

إن المتتبع لنشأ...

إن المتتبع لنشأت وتطور التعليم والتدريب المهني، يري أنه بدأ منذ وقت مبكر يرجع إلى فترة الثورة الصناع...

شركة الجار الإم...

شركة الجار الإماراتية نبذة تعريفية: تُعد شركة الجار الإماراتية شركة رائدة في مجال توفير حلول الأمن ا...

والمعلمون هم صن...

والمعلمون هم صناع هؤلاء القادة، فيحمل الأطفال ما يتعلمونه لبقية حياتهم، ويمكن القول بأنّ المعلم يشكل...

الهيبرتكست هو ا...

الهيبرتكست هو التعبير الوصفي لأحدث أشكال الكتابة الإلكترونية وهو يشكل نصًا إلكترونيًا يرتبط بنصوص أخ...

##ÆÎh1⁄4D...

##ÆÎh1⁄4DÍ1⁄4D#lL ، ،א،  א א  א Ùא     ...

شرعت إلى جانب و...

شرعت إلى جانب والدي، ممسكا بيده اليمنى، وركضت لمواكبة الخطوات الطويلة التي كان يخطوها. كانت جميع ملا...

يعتبر الاستعداد...

يعتبر الاستعداد الوظيفي هو أحد العوامل التي ترفع قدرة الأفراد على اتخاذ الخيارات المهنية، وصنع القر...

الضوابط القانون...

الضوابط القانونية لتنفيذ حكم التحكيم الرياضي وفقاً للقانون الإماراتي. مقترح خطة بحث لاستكمال متطلب...

حيث أسندت النيا...

حيث أسندت النيابة العامة إلي المتهم وآخر لأنهما بتاريخ 7 / 6/ 2024 بدائرة إختصاص مركز شرطة الرفاعة أ...

Dr Alexander Fo...

Dr Alexander Forse says capturing carbon dioxide is a "last resort" for tackling global warming ...

كتاب: «صبح الأع...

كتاب: «صبح الأعشى في صناعة الإنشا» للقلقشندي (756- 821)، هو أهمّ كتاب في الصناعة الإنشائية، وأجمع ال...

تابلوه خاص بالط...

تابلوه خاص بالطاقة الشمسية يحتوي على كامل الحمايات AC DC مع الخيار الموسع بمصدرين كهرباء عمومي و ...