Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

قَوْلُ الصَّحَابِيِّ] مِنْهُمْ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا. فَإِنْ قِيلَ: يَقْدَحُ فِيهِ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَعْضِ أَقْوَالِهِ: إذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فَالتَّمَسُّكُ بِقَوْلِ الْخُلَفَاءِ أَوْلَى. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ الِاحْتِجَاجُ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ مِنْ أَجْلِ الِاخْتِلَافِ. نَعَمْ، هُنَا مَسْأَلَتَانِ: (إحْدَاهُمَا) : بِالنِّسْبَةِ إلَى وُجُوبِ التَّقْلِيدِ، وَالْقَاضِي إنَّمَا حَكَى الِاتِّفَاقَ فِي الْأُولَى، قَالَ: وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ تَقْلِيدَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ بَعْضًا، وَقَدْ يَدَّعِي أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ. وَكَلَامُ الشَّيْخِ فِي اللُّمَعِ " يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا أَجْمَعُوا بَيْنَ الصَّحَابَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ بَنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّهُ حُجَّةٌ أَمْ لَا. بَلْ يَرْجِعُ إلَى الدَّلِيلِ. انْتَهَى. ثُمَّ هَذَا الِاتِّفَاقُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَنِهِمْ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ بَعْدِهِمْ إذَا اخْتَلَفُوا فَقَدْ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ حُجِّيَّةَ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ تَزُولُ إذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ اتِّبَاعُ قَوْلِ أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، ويُومِئُ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ أَصْحَابِهِ. إنَّمَا هُوَ خَطَأٌ أَوْ صَوَابٌ. وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ. وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ. وَعَلَيْهِ أَدْرَكْنَا مَشَايِخَنَا. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إنْ شَرَى مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ. وَاحْتَجَّ بِأَثَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَالْقِيَاسِ، لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ، لَمَّا ذَكَرَ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -: وَهُمْ فَوْقَنَا فِي كُلِّ عِلْمٍ وَاجْتِهَادٍ وَوَرَعٍ وَعَقْلٍ وَأَمْرٍ اُسْتُدْرِكَ فِيهِ عِلْمٌ أَوْ اُسْتُنْبِطَ، وَآرَاؤُهُمْ لَنَا أَجْمَلُ وَأَوْلَى بِنَا مِنْ آرَائِنَا عِنْدَنَا لِأَنْفُسِنَا. فَهَكَذَا نَقُولُ: إذَا اجْتَمَعُوا أَخَذْنَا بِاجْتِمَاعِهِمْ، وَإِنْ قَالَ وَاحِدُهُمْ وَلَمْ يُخَالِفُهُ غَيْرُهُ أَخَذْنَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا أَخَذْنَا بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ وَلَمْ نَخْرُجُ عَنْ أَقَاوِيلِهِمْ كُلِّهِمْ. مِنْ قَبْلُ أَنَّهُمْ أَهْلُ عِلْمٍ وَحِكَايَةٍ. نَظَرْنَا إلَى الْأَكْثَرِ، فَإِنْ تَكَافَئُوا نَظَرْنَا إلَى أَحْسَنِ أَقَاوِيلِهِمْ مَخْرَجًا عِنْدَنَا. وَهُوَ مِنْ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ فَلْنَذْكُرْهُ بِلَفْظِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَائِدَةِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَوْجُودَيْنِ فَالْعُذْرُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُمَا مَقْطُوعٌ إلَّا بِاتِّبَاعِهِمَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ صِرْنَا إلَى أَقَاوِيلِ أَصْحَابِ الرَّسُولِ أَوْ وَاحِدِهِمْ، وَكَانَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَحَبَّ إلَيْنَا إذَا صِرْنَا إلَى التَّقْلِيدِ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ نَجِدْ دَلَالَةً فِي الِاخْتِلَافِ تَدُلُّ عَلَى أَقْرَبِ الِاخْتِلَافِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَنَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي مَعَهُ الدَّلَالَةُ، وَقَدْ يَأْخُذُ بِفُتْيَاهُ وَقَدْيَدَعُهَا، وَأَكْثَرُ الْمُفْتِينَ يُفْتُونَ الْخَاصَّةَ فِي بُيُوتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ عَنْ الْأَئِمَّةِ فَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدِّينِ فِي مَوْضِعِ الْأَمَانَةِ أَخَذْنَا بِقَوْلِهِمْ، وَالثَّانِيَةُ: الْإِجْمَاعُ مِمَّا لَيْسَ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ. وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا فِيهِمْ. وَالرَّابِعَةُ: اخْتِلَافُ أَصْحَابِ الرَّسُولِ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ شُيُوخِهِ عَنْ الْأَصَمِّ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْهُ. وَهَذَا صَرِيحٌ مِنْهُ فِي أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ عِنْدَهُ حُجَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ، فَيَكُونُ لَهُ قَوْلَانِ فِي الْجَدِيدِ، وَأَحَدُهُمَا مُوَافِقٌ لِلْقَدِيمِ وَإِنْ كَانَ قَدْ غَفَلَ عَنْ نَقْلِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. لِلْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ اشْتِهَارُ قَوْلِهِمْ وَرُجُوعُ النَّاسِ إلَيْهِمْ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي الْأُمِّ " فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ (مِنْهَا) قَالَ فِي كِتَابِ الْحُكْمِ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مَا نَصُّهُ: وَكُلُّ مِنْ يَحْبِسُ نَفْسَهُ بِالتَّرَهُّبِ تَرَكْنَا قَتْلَهُ، اتِّبَاعًا لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا اتِّبَاعًا لَا قِيَاسًا، وَإِنَّمَا كَانَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا تَقْلِيدًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. الثَّالِثُ: أَنَّهُ حُجَّةٌ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ قِيَاسٌ، فَيُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى قِيَاسٍ لَيْسَ مَعَهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ. أَوْ كَانَ أَصَحَّ فِي الْقِيَاسِ. هَذَا نَصُّهُ بِحُرُوفِهِ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ ": حَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرَى فِي الْجَدِيدِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ إذَا عَضَّدَهُ الْقِيَاسُ. انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: قَالَ فِي الْجَدِيدِ: إنَّهُ حُجَّةٌ إذَا اعْتَضَدَ بِضَرْبٍ مِنْ الْقِيَاسِ يَقْوَى بِمُوَافَقَتِهِ إيَّاهُ. وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ، وَحَكَاهُ عَنْهُ الْمُزَنِيّ فَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: أَقُولُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ إذَا كَانَ مَعَهُ قِيَاسٌ. قُلْت: وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اسْتَدَلَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، ثُمَّ قَالَ: وَفِي مَذْهَبِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ ثُمَّ الْوُسْطَى أَعَادَ الْوُسْطَى وَلَمْ يُعِدْ الْأُولَى، انْتَهَى. . نَعَمْ، الْمُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْقِيَاسَ نَفْسَهُ حُجَّةٌ، فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِاعْتِبَارِ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ فِيهِ، وَلِهَذَا حَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا أَنَّ الْحُجَّةَ فِي الْقِيَاسِ، أَوْ فِي قَوْلِهِ، بَعْدَ أَنْ قَطَعَ أَنَّهُ حُجَّةٌ إذَا وَافَقَ الْقِيَاسَ. وَذَلِكَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ إنَّمَا تَجُوزُ فِيمَا عَلِمَهُ، فَأَمَّا الْبَرَاءَةُ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ فَمُمْتَنِعَةٌ. وَهَذَا الَّذِي يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِ الْحَيَوَانِ أَنْ يُوجِبَ قِيَاسًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْحَيَوَانَ مَخْصُوصٌ بِمَا سِوَاهُ مِنْ حَيْثُ يُغْتَذَى بِالصِّحَّةِ وَالسُّقُمِ وَيُخْفِي عُيُوبَهُ،


Original text

[قَوْلُ الصَّحَابِيِّ]


ِّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى صَحَابِيٍّ آخَرَ مُجْتَهِدٍ، إمَامًا أَوْ حَاكِمًا أَوْ مُفْتِيًا. نَقَلَهُ الْقَاضِي، وَتَبِعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، مِنْهُمْ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا. فَإِنْ قِيلَ: يَقْدَحُ فِيهِ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَعْضِ أَقْوَالِهِ: إذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فَالتَّمَسُّكُ بِقَوْلِ الْخُلَفَاءِ أَوْلَى. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ الِاحْتِجَاجُ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ مِنْ أَجْلِ الِاخْتِلَافِ.قُلْنَا: مُرَادُهُ أَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَيْنَا، لَا عَلَى مَنْ عَاصَرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ.


نَعَمْ، هُنَا مَسْأَلَتَانِ: (إحْدَاهُمَا) : بِالنِّسْبَةِ إلَى وُجُوبِ التَّقْلِيدِ، و (الثَّانِيَةُ) : بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِهِ، وَالْقَاضِي إنَّمَا حَكَى الِاتِّفَاقَ فِي الْأُولَى، وَحَكَى الْخِلَافَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَالَ: وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الصَّحَابِيِّ تَقْلِيدُ مِثْلِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَبِذَلِكَ لَا يَجِبُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَهُمْ، لِتَسَاوِي أَحْوَالِهِمْ. قَالَ: وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ تَقْلِيدَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ بَعْضًا، وَاحْتَجُّوا بِإِجَابَةِ عُثْمَانَ إلَى تَقْلِيدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْأَحْكَامِ، وَإِنْ لَمْ نَعْتَبِرْ وُجُوبَ ذَلِكَ. انْتَهَى. وَقَدْ يَدَّعِي أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ. ويَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ الْوُجُوبُ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ فِي اللُّمَعِ " يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا أَجْمَعُوا بَيْنَ الصَّحَابَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ بَنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّهُ حُجَّةٌ أَمْ لَا.


فَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَمْ يَكُنْ قَوْلُ بَعْضِهِمْ حُجَّةً عَلَى بَعْضٍ، وَلَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ يَرْجِعُ إلَى الدَّلِيلِ. وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ حُجَّةٌ فَهَاهُنَا دَلِيلَانِ تَعَارَضَا فَيُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، أَوْ يَكُونُ فِيهِ إمَامٌ. انْتَهَى. ثُمَّ هَذَا الِاتِّفَاقُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَنِهِمْ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ بَعْدِهِمْ إذَا اخْتَلَفُوا فَقَدْ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ حُجِّيَّةَ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ تَزُولُ إذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ اتِّبَاعُ قَوْلِ أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَتَعَلَّقُوا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ. وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَى التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدِهِمْ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ؟ وَفِيهِ أَقْوَالٌ.الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا، كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْمُعْتَزِلَةُ. ويُومِئُ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ أَصْحَابِهِ.


وَزَعَمَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ، لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ وَاتِّبَاعِ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ صَحِيحُ النَّظَرِ فَقَالَ: وَلَيْسَ فِي اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ سَعَةٌ، إنَّمَا هُوَ خَطَأٌ أَوْ صَوَابٌ. الثَّانِي: أَنَّهُ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ. وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ صَاحِبُ " التَّقْوِيمِ ": قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْبَرْدَعِيُّ: تَقْلِيدُ الصَّحَابَةِ وَاجِبٌ، يُتْرَكُ بِقَوْلِهِ الْقِيَاسُ، وَعَلَيْهِ أَدْرَكْنَا مَشَايِخَنَا. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إنْ شَرَى مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ. وَاحْتَجَّ بِأَثَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَالْقِيَاسِ، وَقَالَ: وَلَيْسَ عَنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ مَذْهَبٌ ثَابِتٌ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: " إذَا أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ سَلَّمْنَا لَهُمْ، وَإِذَا جَاءَ التَّابِعُونَ زَاحَمْنَاهُمْ، لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ بِدُونِ إجْمَاعٍ. انْتَهَى.


وَمِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، لَمَّا ذَكَرَ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -: وَهُمْ فَوْقَنَا فِي كُلِّ عِلْمٍ وَاجْتِهَادٍ وَوَرَعٍ وَعَقْلٍ وَأَمْرٍ اُسْتُدْرِكَ فِيهِ عِلْمٌ أَوْ اُسْتُنْبِطَ، وَآرَاؤُهُمْ لَنَا أَجْمَلُ وَأَوْلَى بِنَا مِنْ آرَائِنَا عِنْدَنَا لِأَنْفُسِنَا. وَمَنْ أَدْرَكْنَا مِمَّنْ يَرْضَى أَوْ حَكَى لَنَا عَنْهُ بِبَلَدِنَا صَارُوا فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ سُنَّةٌ إلَى قَوْلِهِمْ إنْ أَجْمَعُوا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنْ تَفَرَّقُوا. فَهَكَذَا نَقُولُ: إذَا اجْتَمَعُوا أَخَذْنَا بِاجْتِمَاعِهِمْ، وَإِنْ قَالَ وَاحِدُهُمْ وَلَمْ يُخَالِفُهُ غَيْرُهُ أَخَذْنَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا أَخَذْنَا بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ وَلَمْ نَخْرُجُ عَنْ أَقَاوِيلِهِمْ كُلِّهِمْ.وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوْلِ أَحَدِهِمْ دَلَالَةٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ كَانَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ أَقُولَ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنْ أُخَالِفَهُمْ، مِنْ قَبْلُ أَنَّهُمْ أَهْلُ عِلْمٍ وَحِكَايَةٍ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَفْتُونَ بَعْدَ الْأَئِمَّةِ - يَعْنِي مِنْ الصَّحَابَةِ - وَلَا دَلِيلَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، نَظَرْنَا إلَى الْأَكْثَرِ، فَإِنْ تَكَافَئُوا نَظَرْنَا إلَى أَحْسَنِ أَقَاوِيلِهِمْ مَخْرَجًا عِنْدَنَا.


وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ اُشْتُهِرَ نَقْلُهُ عَنْ الْقَدِيمِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا، وَقَدْ نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ الْأُمِّ "، فِي بَابِ خِلَافِهِ مَعَ مَالِكٍ، وَهُوَ مِنْ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ فَلْنَذْكُرْهُ بِلَفْظِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَائِدَةِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَوْجُودَيْنِ فَالْعُذْرُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُمَا مَقْطُوعٌ إلَّا بِاتِّبَاعِهِمَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ صِرْنَا إلَى أَقَاوِيلِ أَصْحَابِ الرَّسُولِ أَوْ وَاحِدِهِمْ، وَكَانَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَحَبَّ إلَيْنَا إذَا صِرْنَا إلَى التَّقْلِيدِ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ نَجِدْ دَلَالَةً فِي الِاخْتِلَافِ تَدُلُّ عَلَى أَقْرَبِ الِاخْتِلَافِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَنَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي مَعَهُ الدَّلَالَةُ، لِأَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ مَشْهُورٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ النَّاسَ وَمِنْ لَزِمَ قَوْلُهُ النَّاسَ كَانَ أَظْهَرُ مِمَّنْ يُفْتِي الرَّجُلَ وَالنَّفَرَ، وَقَدْ يَأْخُذُ بِفُتْيَاهُ وَقَدْيَدَعُهَا، وَأَكْثَرُ الْمُفْتِينَ يُفْتُونَ الْخَاصَّةَ فِي بُيُوتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ، وَلَا يَعْنِي الْخَاصَّةَ بِمَا قَالُوا: عِنَايَتُهُمْ بِمَا قَالَ الْإِمَامُ.


ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ عَنْ الْأَئِمَّةِ فَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدِّينِ فِي مَوْضِعِ الْأَمَانَةِ أَخَذْنَا بِقَوْلِهِمْ، وَكَانَ اتِّبَاعُهُمْ أَوْلَى بِنَا مِنْ اتِّبَاعِ مَنْ بَعْدِهِمْ. وَالْعِلْمُ طَبَقَاتٌ: الْأُولَى: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ إذَا ثَبَتَتْ السُّنَّةُ. وَالثَّانِيَةُ: الْإِجْمَاعُ مِمَّا لَيْسَ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ. وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا فِيهِمْ. وَالرَّابِعَةُ: اخْتِلَافُ أَصْحَابِ الرَّسُولِ. وَالْخَامِسَةُ: الْقِيَاسُ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الطَّبَقَاتِ. وَلَا يُصَارُ إلَى شَيْءٍ غَيْرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُمَا مَوْجُودَانِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ أَعْلَى. هَذَا نَصُّهُ بِحُرُوفِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ شُيُوخِهِ عَنْ الْأَصَمِّ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْهُ. وَهَذَا صَرِيحٌ مِنْهُ فِي أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ عِنْدَهُ حُجَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، فَيَكُونُ لَهُ قَوْلَانِ فِي الْجَدِيدِ، وَأَحَدُهُمَا مُوَافِقٌ لِلْقَدِيمِ وَإِنْ كَانَ قَدْ غَفَلَ عَنْ نَقْلِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.


وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّ الصَّحَابَةَ إذَا اخْتَلَفُوا كَانَ الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ إذَا وَجَدَ عَنْهُمْ، لِلْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ اشْتِهَارُ قَوْلِهِمْ وَرُجُوعُ النَّاسِ إلَيْهِمْ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي الْأُمِّ " فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ (مِنْهَا) قَالَ فِي كِتَابِ الْحُكْمِ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مَا نَصُّهُ: وَكُلُّ مِنْ يَحْبِسُ نَفْسَهُ بِالتَّرَهُّبِ تَرَكْنَا قَتْلَهُ، اتِّبَاعًا لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا اتِّبَاعًا لَا قِيَاسًا، وَقَالَ فِي كِتَابِ " اخْتِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى " فِي بَابِ الْغَصْبِ: أَنَّ عُثْمَانَ قَضَى فِيمَا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ فِي الْعُيُوبِ فِي الْحَيَوَانِ. قَالَ: وَهَذَا يَذْهَبُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إلَى هَذَا تَقْلِيدًا. وَإِنَّمَا كَانَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إنَّمَا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ عُثْمَانَ فِي الْجَدِيدِ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مُخَالِفٌ كَانَ حُجَّةً. انْتَهَى.


وَقَالَ فِي عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا تَقْلِيدًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. الثَّالِثُ: أَنَّهُ حُجَّةٌ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ قِيَاسٌ، فَيُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى قِيَاسٍ لَيْسَ مَعَهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ. نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ " فَقَالَ: وَأَقْوَالُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذَا تَفَرَّقُوا نَصِيرُ مِنْهَا إلَى مَا وَافَقَ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ أَوْ الْإِجْمَاعَ، أَوْ كَانَ أَصَحَّ فِي الْقِيَاسِ. وَإِذَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْقَوْلُ لَا يُحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْهُمْ لَهُ مُوَافَقَةٌ وَلَا خِلَافًا صِرْتُ إلَى اتِّبَاعِ قَوْلِ وَاحِدِهِمْ. وَإِذَا لَمْ أَجِدْ كِتَابًا وَلَا سُنَّةً وَلَا إجْمَاعًا وَلَا شَيْئًا يَحْكُمُ لَهُ بِحُكْمِهِ، أَوْ وُجِدَ مَعَهُ قِيَاسٌ. هَذَا نَصُّهُ بِحُرُوفِهِ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ ": حَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرَى فِي الْجَدِيدِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ إذَا عَضَّدَهُ الْقِيَاسُ. وَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: نَقُولُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ إذَا كَانَ مَعَهُ قِيَاسٌ. انْتَهَى.


وَكَذَا قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: قَالَ فِي الْجَدِيدِ: إنَّهُ حُجَّةٌ إذَا اعْتَضَدَ بِضَرْبٍ مِنْ الْقِيَاسِ يَقْوَى بِمُوَافَقَتِهِ إيَّاهُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " فِي بَابِ الْقَوْلِ فِي مَنْعِ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ لِلْعَالَمِ: إنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ، وَحَكَاهُ عَنْهُ الْمُزَنِيّ فَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: أَقُولُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ إذَا كَانَ مَعَهُ قِيَاسٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَعْلِيقِهِ " فِي بَابِ الرِّبَا: عِنْدَنَا أَنَّ الصَّحَابِيَّ إذَا كَانَ لَهُ قَوْلٌ وَكَانَ مَعَهُ قِيَاسٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَالْمُضِيُّ إلَى قَوْلِهِ أَوْلَى، خُصُوصًا إذَا كَانَ إمَامًا، وَلِهَذَا مَنَعَ الشَّافِعِيُّ بَيْعَ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ بِجِنْسِهِ وَغَيْرِهِ، لِأَثَرِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.قُلْت: وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اسْتَدَلَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، ثُمَّ قَالَ: وَفِي مَذْهَبِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ ثُمَّ الْوُسْطَى أَعَادَ الْوُسْطَى وَلَمْ يُعِدْ الْأُولَى، وَهُوَ دَلِيلٌ فِي قَوْلِهِمْ عَلَى أَنَّ تَقْطِيعَ الْوُضُوءِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ، كَمَا فِي الْجَمْرَةِ. انْتَهَى. فَاسْتَدَلَّ بِفِعْلِ الصَّحَابِيِّ الْمُعْتَضَدِ لِلْقِيَاسِ، وَهُوَ رَمْيُ الْجِمَارِ، وَعَلَى الْغُسْلِ أَيْضًا، كَمَا وَقَعَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ. .


نَعَمْ، الْمُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْقِيَاسَ نَفْسَهُ حُجَّةٌ، فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِاعْتِبَارِ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ فِيهِ، وَيُؤَوَّلُ حِينَئِذٍ هَذَا إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى انْفِرَادِهِ. وَلِهَذَا حَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا أَنَّ الْحُجَّةَ فِي الْقِيَاسِ، أَوْ فِي قَوْلِهِ، بَعْدَ أَنْ قَطَعَ أَنَّهُ حُجَّةٌ إذَا وَافَقَ الْقِيَاسَ. وَلِأَجْلِ هَذَا الْإِشْكَالِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: أَجَابَ أَصْحَابُنَا بِجَوَابَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) : أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَرَادَ بِالْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ قِيَاسَانِ، فَيَكُونُ قَوْلُ الصَّحَابَةِ مَعَ أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ الْمُجَرَّدِ. قَالَ: وَهَذَا كَالْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، فَإِنَّهُ اجْتَذَبَهُ قِيَاسَانِ: أَحَدُهُمَا يُشْبِهُ.


وَذَلِكَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ إنَّمَا تَجُوزُ فِيمَا عَلِمَهُ، فَأَمَّا الْبَرَاءَةُ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ فَمُمْتَنِعَةٌ. وَهَذَا الَّذِي يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِ الْحَيَوَانِ أَنْ يُوجِبَ قِيَاسًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْحَيَوَانَ مَخْصُوصٌ بِمَا سِوَاهُ مِنْ حَيْثُ يُغْتَذَى بِالصِّحَّةِ وَالسُّقُمِ وَيُخْفِي عُيُوبَهُ، صَارَ إلَى تَقْلِيدِ عُثْمَانَ مَعَ هَذَا الْقِيَاسِ. وَالثَّانِي: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يُقَالَ عَنْهُ: إنَّهُ لَا يَقُولُ بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ فَاسْتَحْسَنَ الْعِبَارَةَ فَقَالَ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ إذَا كَانَ مَعَهُ الْقِيَاسُ. انْتَهَى


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

أُعُلن، اليوم ا...

أُعُلن، اليوم السبت، حالة الإغلاق المؤقت لجميع مراكز توزيع المساعدات الأمريكية في قطاع غزة، عقب إصاب...

This paragraph ...

This paragraph is a description about ... The relation).. I am ... (name of the person)....•• is thi...

عام. يمكن القول...

عام. يمكن القول إن نظام المعلومات يعزز شفافية السوق من خلال توفير المعلومات اللازمة ويعزز تداولية ال...

In this present...

In this presentation, I will focus on main points: First, I will provide a definition of the concep...

في خسائر فادحة ...

في خسائر فادحة للذرة، والمحاصيل السكرية، والأعلاف النجيلية، والكينوا. لمواجهة هذه التحديات بفعالية،...

أدى الإنترنت وا...

أدى الإنترنت والتطور الرقمي إلى إحداث تحول جذري في أساليب التواصل وتبادل المعلومات بين الأفراد. فنحن...

تم في هذا المشر...

تم في هذا المشروع تطبيق مكونات الواجهة الأمامية (Front-end) والواجهة الخلفية (Back-end) الشائعة لضما...

تُعد عدالة الأح...

تُعد عدالة الأحداث من أهم القضايا التي تشغل الأنظمة القانونية والاجتماعية في مختلف دول العالم، نظرًا...

كان تحالف ديلوس...

كان تحالف ديلوس في البداية قوة دفاعية ناجحة، لكنه تحول مع الوقت إلى أداة للسيطرة الأثينية، مما أدى إ...

--- ### **التع...

--- ### **التعريف:** عوائق التعلم التنظيمي هي **عوائق إدراكية، أو ثقافية، أو هيكلية، أو شخصية** تم...

أولا شعر الحزب ...

أولا شعر الحزب الزبيري بدا يتنصيب عبد الله بن الزبير نفسه خليفة على الحجاز، واستمر تسع سنوات، وانته...

ث‌- الصراع: يع...

ث‌- الصراع: يعتبر من المفاهيم الأقرب لمفهوم الأزمة، حيث أن العديد من الأزمات تنبع من صراع بين طرفين...