Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

الأحكام العامة للدعوى القضاء الكامل
ونقصد بالأحكام العامة صفات دعوى القضاء الكامل والصفات الأساسية لمنازعات القضاء الكامل العامة والخاصة. أولاً: صفات دعوى القضاء الكامل: وفقاً لقيام الإدارة بتسيير المرافق العامة وتنظيمها فالطريق القضائي الذي منحه المشرع للأفراد المتضررون من أعمال الإدارة هو دعوى القضاء الكامل فتتسم بعدة صفات تتمثل في الآتي:
كما ترد بعض الاستثناءات على قاعدة القرار السابق وضرورة وجود قرا بشان النزاع قبل رفع الدعوى من أهمها المنازعات المتعلقة بالأشغال العامة حيث لا يشترط لكي ترفع الدعوى وجود قرار سابق . وهذه الصفة الأساسية للاختلاف بين دعوى القضاء الكامل ودعوى الإلغاء فكلا الدعويين معرضة للتطور فلا يعد أحدهما خطر على الأخرى ( ),
4- لم تحظ دعوى القضاء الكامل بالاهتمام من المشرع الفرنسي كدعوى الإلغاء لتعلقها بالمطالبة بالتعويض عن حق شخصي تم الاعتداء عليها في حين دعوى الإلغاء تتمثل في أنها أكثر أهمية للأفراد أصحاب المصلحة ومنع الإدارة من التعسف عند ممارستها لاختصاصاتها وإجبارها على التزام حدود القانون , ثانياً : الصفات الأساسية لمنازعات دعوى القضاء الكامل: تتميز الصفات الأساسية لهذه الدعاوى بالتنوع والتغاير بسبب موضوعاتها والمسائل التي تثار في منازعاتها فهناك منازعات عامة للقضاء الكامل ومنازعات خاصة , فتتعلق المنازعات العامة بدعاوى المسئولية الإدارية والتي تأخذ شكل دعاوى التعويض التي يرفعها ذوي الشأن عن الأضرار التي سببتها تصرفات الإدارة , من حيث الميعاد يتبع في المنازعات العامة للقضاء الكامل تخضع لقواعد إجرائية مشتركة تدور حول رفعها مدة شهران من تاريخ القرار الإداري السابق باستثناء منازعات الأشغال العامة، كما يقوم الطاعن برفع الدعوى أمام القاضي مباشرة عن الأضرار التي لحقته عن الأشغال العامة فهي لا تخضع لقاعدة قرار السابق ويجب رفعها عن طريق محام. أما المنازعات الخاصة بالقضاء الكامل : فهي أربع أنواع تتمثل في منازعات المعاشات المتعددة والتي ترتبط بالقرارات الإدارية التي ترفض أو تمنح موظف عام معاشاً , تتميز المنازعات الخاصة عن المنازعات العامة بإمكانية رفعها دون الحاجة للمحام, وتخضع لمواعيد قضائية تتحدد بخمس أيام للانتخابات البلدية وتصل لمدة شهرين وفقاً لقانون العام للمعاشات , ( )
شروط وصور دعوى القضاء الكامل:
وشروط ميعاد الدعوى وإجراءاتها. فدعوى القضاء الكامل تكون متاحة لعد محدد من الأشخاص بعكس دعوى الإلغاء المتاح للكثير من الأشخاص حتى تم تسميتها بدعوى القانون العام . 2- من حيث الميعاد والإجراءات: يرى القضاء الفرنسي ضرورة مراجعة الإدارة المتعدية على حقوقه الشخصية بقصد المطالبة بالتعويض عما سببته له من أضرار في حال تم رفض الإدارة طلب التعويض يتوجه للقضاء للمطالبة بالتعويض عن طريق دعوى القضاء الكامل ضد قرار الإدارة سواء كان صريحاً أو ضمنياً، على أن تكون مراجعة الفرد للإدارة خلال مدة سقوط الحق الذي يدعيه وتستمر الدعوى التي تحمي الحق المدة نفسها دون سقوط. أما في حالة القرار الضمني نتيجة لسكوت الإدارة وعدم إجابتها لطلب المدعي فللأخير حق الطعن في القرار في أي وقت. أما من ناحية الإجراءات فلا تختلف عن دعوى الإلغاء من حيث تضمين صحيفة الدعوى للأسباب والأدلة والبيانات الأزمة غير أن في القضاء الفرنسي يلتزم المدعي بأن يستعين بمحام من المقيدين أمام مجلس الدولة أما في قضاء الإلغاء فلا يلتزم بخلاف ما عليه القضاء الإداري في ليبيا ومصر. أما ما يصدر من القرارات تنفيذاً للعقد كالقرارات الخاصة بجزاء من الجزاءات التعاقدية، أو إنهائه، أو إلغاءه فهذه كلها تدخل في منطقة العقد وتنشأ عنه، فهي منازعات حقوقية وتكون محلاً للطعن على أساس استعداء ولاية القضاء الكامل، فيفصل فيها على نحو لا يختلف عن ولاية القضاء المدني العادي عندما كان يفصل في منازعات العقود التي تبرمها الحكومة مع الأفراد باعتبارها من أعمال الإدارة الصرف تخضع فيه لسلطة المحاكم العادية أسوة بالارتباطات القانونية بين الأفراد بعضهم . هذا القرار صدر تنفيذاً للعقد واستناداً لنصوصه، "
للمتعاقد مع الإدارة طلب فسخ العقد في حدود معينة وتدخل دعوى الفسخ في اختصاص القضاء الكامل. ( )
الفرع الثالث
سلطات القاضي في منازعات القضاء الكامل
يتمتع قاضي الإداري في منازعة القضاء الكامل بسلطات واسعة تتمثل بأن يلغي قراراً أو يقضي بعدم مشروعية عقد وأن يأمر بإجراءات عدة تتمثل في إعادة ترميم عقار إيل للسقوط , إلا أنه من المقرر أن القضاء الكامل يخول للقاضي تصفية النزاع كليةً , بل يمتد لبحث مستحقات الجهة الإدارية المدعى عليها للوصول إلى استجلاء وجه الحق للدعوى". مؤدى ذلك يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات التي قد تثار بشأنها لا على أساس اختصاصه بنظر القرارات الإدارية وإنما على أساس اعتباره المحكمة ذات الولاية الكاملة بنظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية هذا الاختصاص شامل لأصل تلك المنازعات وما يتفرع عنها فيفصل في الوجه المستعجل من المنازعة الموضوعية المستندة إلى العقد الإداري لا على اعتبار أنه من طلبات وقف التنفيذ المتفرعة من طلبات الإلغاء , وتدعو إليه الضرورة لدفع خطر محدق إلى أن يفصل في الموضوع وعلى ذات النهج سارت المحكمة العليا الليبية . ثانياً : الحجية النسبية لأحكام القضاء الكامل : أعطى القانون الفرنسي الصادر 1995م لقاضي الإلغاء المجال في إمكانية إصدار أوامر للإدارة بفرض تنفيذ أحكامه بمعنى معين وخلال مدة معينة , غير أنه لا يمكن التسليم بذلك حيث أن طعون الإلغاء تحوز الحكام بشأنها الأثر الرجعي , وأن القاضي الإداري عندما وجه أوامر للإدارة في هذا الصدد فأنها لا تعيد بعد انقضاء ميعادها تنظيم هذه الطعون بالنظر إلى طبيعتها , فضلاً عن أنه ليس القاضي الإلغاء سلطة التدخل في مجال القضاء الكامل . المطلب الثاني
دعوى قضاء الإلغاء " قضاء عدم المشروعية "
منذ حصول مجلس الدولة الفرنسي على ولاية القضاء المفوض قامت دعوى الإلغاء كدعوى قضائية في فرنسا سنة 1872م، أما في مصر نص عليها قانون مجلس الدولة الصادر سنة 1946م وهي دعوى تعد من صنع المشرع تبعاً للقضاء الفرنسي واهتمامه بها. وفي ليبيا ظهرت دعوى الإلغاء بظهور قانون المحكمة العليا لسنة 1953محيث وضع هذا القانون أحكام وقواعد المنظمة لدعوى الإلغاء وحدود المحكمة باعتبارها محكمة قضاء إداري، فيما يتعلق بإلغاء القرارات الإدارية. كما أشار قانون 88 لسنة1971م لدوائر القضاء الإداري في محاكم الاستئناف المدنية بنظر دعوى الإلغاء. ( )
غير مشروع قانوناً فإذا ثبت للقاضي أن القرار مخالف للقانون حكم بإلغائه، والفرع الثالث لشروط المتعلقة بميعاد دعوى الإلغاء. الفرع الأول
خصائص دعوى الإلغاء
تتميز دعوى الإلغاء عن غبرها من الدعوى الإدارية بعدة خصائص أهمها ( ) :
1- دعوى الإلغاء دعوى قضائية: فهي ترفع بإجراءات قضائية أمام محكمة لها ولاية القضاء وتفصل فيها المحكمة بحكم يتمتع بقوة الشيء المقضي به، وهي تشمل جميع قرارات أياً كانت سلبية أو إيجابية القابلة للطعن فيها إلا إذا تم استثناؤها بنص خاص، 2- دعوى الإلغاء دعوى موضوعية "عينية": فهي دعوى تهدف لحماية مبدأ المشروعية عن طريق إلغاء العمال غير المشروعة التي تصدرها الإدارة، فترتكز مهمة القاضي على البحث في مشروعية العمل الإداري بعيداً عن النظر في المصلحة الشخصية للمدعي بعكس دعوى الإلغاء. فدعوى القضاء الكامل أساسها اعتداء الإدارة على حق شخصي للمدعي، فيكفي لقبول دعوى الإلغاء توافر مصلحة عادية، حتى لو لم تكن مساساً بالحق الشخصي، كما أن أساس دعوى الإلغاء مخالفة الإدارة عن طريق إصدارها للقرار مخالف للقانون وليس للعقد. سلطة القاضي الإداري في دعوى الإلغاء حكمها يقتصر على تعديل القرار المخالف فقط في حين تكون للقاضي في دعوى القضاء الكامل سلطة تعديل القرار أو التعويض عن الأضرار التي سببه قرار الإدارة المخالف، وتكون حجية حكم دعوى الإلغاء حجة على الكافة، عبرت المحكمة الليبية العليا بقولها " إن دعوى الإلغاء من الدعاوى العينية التي يقصد منها إزالة كل أثر قانوني للقرار الإداري غير المشروع أو المخالف للقانون، 3- دعوى الإلغاء تنتمي للنظام العام: وتسمى أيضاً بدعوى "القانون العام" فلها صفة العامة فللمدعي الطعن في القرار المخالف دون اشتراط وجود نص يقضي بذلك، وكونها من النظام العام لا يستطيع أحد التنازل عنها وفي حالة تنازل المدعي عن دعواه بعد صدور الحكم فيها فلا يحول التنازل دون إعدام القرار. الفرع الثاني
شروط الواجب توافرها في القرار محل دعوى الإلغاء والواجب توافرها في رافع الدعوى
أولاً: الشروط الواجب توافرها في القرار محل دعوى الإلغاء (( :
1- يجب أن يكون القرار المطعون فيه صادراً عن جهة إدارية عامة فيستثنى من ذلك الأعمال التشريعية من رقابة دوائر القضاء الإداري أي كانت قوانين أو قرارات أو أعمال برلمانية، كذلك يخرج منه قرارات الشركات والجمعيات من نطاق دعوى الإلغاء فهذه الدعاوى لا توجه إلا ضد قرارات إدارية صادرة عن جهات تتمتع بشخصية الاعتبارية العامة.
بل بالقضاء الكامل. فالبعض يرى بأن الصفة هي المصلحة الشخصية وهذا معنى قول الفقهاء " إن صاحب الصفة هو صاحب الحق المدعى به " وقد يراد بها سلطة استعمال الدعوى ومباشرتها وهذا معنى قول الفقهاء " صاحب الصفة هو من يمثل صاحب الحق المدعى به" , فتتوافر الصفة كلما كانت هناك مصلحة شخصية مباشرة أو مادية لرافع الدعوى في طلب إلغاء القرارات المذكورة , تظهر مشكلة التمييز بين المصلحة والصفة في حالة القرار الإداري المعيب والمطالب بإلغائه, في هذه الحالة يجوز لكل من له مصلحة أن يطالب بإلغاء القرار وليس لغير صاحب الحق أن يطالب بإلغاء القرار, ويكفي أن تتوافر المصلحة في رافع الدعوى ولا يشترط أن ترفع بكل من مسهم القرار, لا اعتداد بهذا القول، لأنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن يتقدم للطعن في القرار المطلوب إلغاؤه جميع أصحاب المصلحة الشخصية في إلغائه " هذه الحقيقة لا تمنع أصحاب المصلحة من الاستفادة من حكم إلغاء القرار ولا من التدخل في الدعوى في حالة توافر شروطها فيهم. وبخصوص ذلك نصت المادة "6" من قانون رقم 88 لسنة 1971م بشأن تنظيم القضاء الإداري " لا تختص دائرة القضاء الإداري بنظر الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة ولا تقبل دعوى المقدمة من أشخاص ليست لهم مصلحة شخصية مباشرة. يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن تتوافر في المدعي الأهلية القانونية للتقاضي، " ( ) ويختلف الحق في دعوى الإلغاء عن الحق في الدعوى العادية ففي الأخيرة تكون المصلحة إلى حق اعتدى عليه أو معرض للاعتداء عليه أمت في دعوى الإلغاء تكون المصلحة هي مناط الدعوى وليس الحق فهي ليست دعوى شخصية، ففي فرنسا اكتفى مجلس الدولة بتوافر المصلحة وقت رفع الدعوى ولا يشترط استمرارها حتى الفصل فيها , فيما استقر المشرع المصري على ضرورة قيام المصلحة وقت رفع الدعوى واستمرار قيامها حتى الفصل فيها وفي حالة زوال المصلحة قبل صدور حكم المحكمة يقضي بعدم استمرارية النظر في الدعوى . )
وللمصلحة في دعوى الإلغاء عدة أنواع منها:
1- مصلحة محققة أو محتملة : تنص المادة الثامنة من قانون المرافعات المدنية والتجارية "عدم قبول أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه مصلحة قائمة يقرها القانون , عبرت عنه محكمة القضاء الإداري بالقول " لا يشترط لاستيفاء شرط المصلحة في دعوى الإلغاء قرار إداري مطعون فيه . أن يكون للمدعي مصلحة حالة من ورائه , بل يكفي أن تكون مصلحة محتملة ". 2- مصلحة مادية ومصلحة أدبية: لم يكتف مجلسا الدولة الفرنسي والمصري بأن ترفع دعوى الإلغاء دفاعاً عن مصلحة مادية مثل طلب إلغاء قرار هدم منزل، ( )
الفرع الثالث
إجراءات الواجب توافرها في دعوى الإلغاء وميعاد رفعها
أولاً: إجراءات دعوى الإلغاء: عند رفع دعوى الإلغاء يراعي رافعها أن يوجه دعواه لجهة ذات صفة لتمكين الجهة المطعون ضدها من تجهيز أوجه دفاعها واتخاذ الإجراءات اللازمة لأعمال ما تقضي به المحكمة في موضوع الدعوى. وتقدم صحيفة الدعوى عن طريق محام حيث نصت المادة التاسعة من قانون رقم 88 لسنة 1971م بشأن القضاء الإداري على " يقدم الطعن بصحيفة تودع لدى قلم كتاب المحكمة موقع عليها من محام من المحامين المقيدين المقبول أمامها " في حالة تخلف ذلك يترتب عليه بطلان صحيفة الطعن له يعد إجراء جوهري خاص بالدعوى الإدارية "دعوى الإلغاء "كما يوجب أن يرفق بصورة من القرار المطعون فيه بصحيفة الدعوى وفق لنص المادة العاشرة من قانون 88 لسنة 1971م " على الطاعن أن يضمن صحيفة دعواه البيانات المتعلقة به وبمن يوجه إليهم الدعوى وصفاتهم ومحال إقامتهم وموضوع الدعوى والمستندات المؤيدة لها وأن يرفق بالصحيفة صورة من القرار المطعون فيه أو ملخص واف له "
( )
فيبدأ ميعاد الدعوى وفق المادة الثامنة من قانون 88 لسنة 1971م يتم أولاً بنشر القرار "ويقصد بذلك إتباع الإدارة للشكليات معينة لكي يعلم الأفراد القرار" عليه يتعين على جهة الإدارة أن تراعي نصوص القانون المحددة لوسيلة أو طريقة محددة للنشر وتتميز هذه الوسيلة بالعمومية والتجريد فيتم عن طريقها إبلاغ المخاطبين بالقرارات الإدارية بذواتهم من ثم يتم إعلان لبدء في ميعاد رفع الدعوى, فالإعلان "هو الطريقة التي تنقل بها جهة الإدارة القرار الإداري إلى فرد بعينه أو أفراد بذواتهم من الجمهور " وذلك يتم عن طريق رسالة بعلم الوصول أو رسالة مسجلة وهاتين الحالتين يتأكد إبلاغ صاحب المصلحة بالقرار من خلال توقيعه باستلامه بخطاب موجه إليه . وقد يبدأ ميعاد رفع دعوى الإلغاء بالعلم اليقيني ولم يشير إليه القضاء الإداري الليبي والمصري , فيما أشار إليها القضاء الفرنسي في أضيق حدودها واشترط في العلم اليقيني " أن يكون علماً نافياً للجهالة ثابتاً بالتاريخ بمعرفة اليوم الذي يبدأ منه حساب ميعاد رفع الدعوى وأن يكون العلم شاملاً لجميع محتويات القرار بحيث تجعل المخاطب يلم بكل ما يجب عليه معرفته, كذلك ينقطع الميعاد بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية ويمنح صاحب الدعوى ميعاد جديد يمكنه فيه رفع دعوى طالباً إلغاء القرار الإداري , كما يقطع التظلم الإداري إلى جهة إدارية ميعاد دعوى الإلغاء. )
المطلب الثالث
نظرية القرارات الإدارية المنفصلة عن العقود الإدارية
يقصد بالقرارات الإدارية المنفصلة عن العقود الإدارية : جميع القرارات التي تصدرها جهة الإدارة بإرادتها المنفردة والتي يتوقف عليها إبرام العقد أو تصاحب إبرامه أي القرارات التي تسبق أو ترافق مرحلة التوقيع على العقد "التمهيدية" , أما القرارات اللاحقة فهي قرارات مندمجة في العقد ذاته لأنها تصدر تنفيذاً للعقد بالتالي لا مجال للطعن عليها إلا بدعوى القضاء الكامل. )فالإدارة عند قيامها بالتعاقد تتخذ قرارات للتمهيد لإبرام العقد أو السماح بإبرامه فهذه القرارات تعد وسيلة لإتمام عملية التعاقد , فيثار تساؤل حول هذه القرارات هل هي جزء من التعاقد وتخضع للقضاء الكامل ؟ أو أنها تعامل ككيان مستقل بالتالي يطعن فيها استقلالاً عن عملية التعاقد ؟على أثر ذلك سلك مجلس الدولة الفرنسي المسلك في وقت معين لكن عدل عنه وتبنى المسلك الأخر , وهي أن القرارات المنفصلة عن العقد يمكن الطعن فيها بالإلغاء من قبل الغير لأن مسلك المتعاقد هو قضاء التعويض أمام قاضي العقد أم غير المتعاقد فلا يلجأ لقاضي العقد من ثم يمكنه اللجوء لقاضي الإلغاء , فإلغاء القرارات المنفصلة لا يؤدي للإلغاء العقد بل يبقى العقد سليماً حتى يتمسك أحد أطرافه بالإلغاء أمام قاضي العقد وله بعد ذلك أن يحكم بإلغائه استناداً لإلغاء القرارات المنفصلة التي ساهمت في عملية التعاقد ,


Original text

الأحكام العامة للدعوى القضاء الكامل
ونقصد بالأحكام العامة صفات دعوى القضاء الكامل والصفات الأساسية لمنازعات القضاء الكامل العامة والخاصة.
أولاً: صفات دعوى القضاء الكامل: وفقاً لقيام الإدارة بتسيير المرافق العامة وتنظيمها فالطريق القضائي الذي منحه المشرع للأفراد المتضررون من أعمال الإدارة هو دعوى القضاء الكامل فتتسم بعدة صفات تتمثل في الآتي:
1- دعوى القضاء الكامل بين خصوم يتنازعون على حقوق فللقاضي المتمتع بسلطات الكاملة من ناحية القانون والوقائع نتيجة لهذا فحجية حكم دعوى القضاء الكامل حجية نسبية.
2- لا تقبل دعوى القضاء الكامل إلا إذا كانت في صورة شكوى ضد قرار إداري فمجلس الدولة الفرنسي لا يقبل إلا بذلك سواء كان القرار صريحاً أو ضمنياً وهذا المبدأ متمثل في القرار المسبق وهو من آثار التطور التاريخي للقضاء الإداري الفرنسي وذلك متعلق بما يعرف ب "نظرية الوزير القاضي " ولكن هذه النظرية موجودة في القضاء الإداري الفرنسي الحديث لأن النزاع قد ينهُ ودياً في حالة عودة صاحب الحق المتضرر للأدلة بالتالي لا حاجة للجوء للقضاء الإداري , كما ترد بعض الاستثناءات على قاعدة القرار السابق وضرورة وجود قرا بشان النزاع قبل رفع الدعوى من أهمها المنازعات المتعلقة بالأشغال العامة حيث لا يشترط لكي ترفع الدعوى وجود قرار سابق .
3- انتماء دعوى القضاء الكامل للقضاء الشخصي: فأساس رفع دعوى القضاء الكامل الحصول على تعويض نتيجة الأضرار التي سببها اعتداء الإدارة على حقوق رافع الدعوى الشخصية، وهذه الصفة الأساسية للاختلاف بين دعوى القضاء الكامل ودعوى الإلغاء فكلا الدعويين معرضة للتطور فلا يعد أحدهما خطر على الأخرى ( ),

يعد الفقيه فالين أحد أنصار المناديين بالتمييز بين الدعويين فيرى أن المستفيدين من دعوى القضاء الكامل محدودين لتعلقهما بالحق الشخصي.
4- لم تحظ دعوى القضاء الكامل بالاهتمام من المشرع الفرنسي كدعوى الإلغاء لتعلقها بالمطالبة بالتعويض عن حق شخصي تم الاعتداء عليها في حين دعوى الإلغاء تتمثل في أنها أكثر أهمية للأفراد أصحاب المصلحة ومنع الإدارة من التعسف عند ممارستها لاختصاصاتها وإجبارها على التزام حدود القانون , لذلك تبدو دعوى الإلغاء الأكثر شمولية من دعوى القضاء الكامل هذا ما دعي المشرع الفرنسي تسهيل اللجوء الأفراد إليها تمثل ذلك في عدم تقديم عريضة الدعوى عن طريق محام وفي عدم ضرورة دفع الرسوم مسبقاً , ولم تشمل هذه التسهيلات دعوى القضاء الكامل .
ثانياً : الصفات الأساسية لمنازعات دعوى القضاء الكامل: تتميز الصفات الأساسية لهذه الدعاوى بالتنوع والتغاير بسبب موضوعاتها والمسائل التي تثار في منازعاتها فهناك منازعات عامة للقضاء الكامل ومنازعات خاصة , فتتعلق المنازعات العامة بدعاوى المسئولية الإدارية والتي تأخذ شكل دعاوى التعويض التي يرفعها ذوي الشأن عن الأضرار التي سببتها تصرفات الإدارة , وكذلك المنازعات التي تحدث في مجال التعاقدي بين الإدارة والمتعاقدين معها والتي تتعلق أصالة بالقضاء الكامل ويجب أن يُراعى في هذه المنازعات تشمل من ناحية دعاوى الأطراف المتعاقدة ضد الإدارة ومن ناحية أخرى دعاوى الإدارة في مواجهة المتعاقدين معها , بحيث تكون الإدارة هي المدعية أمام القضاء , كذلك المنازعات التي ترد على العقارات المهددة بالسقوط والتي بمناسبتها يتخذ القاضي ما يلزم من قرارات , كذلك منازعات المؤسسات الخطرة المزعجة وغير الصحية حيث يتعلق الأمر بحماية سكان المدن من أضرار المؤسسات الصناعية والتجارية الضارة بالبيئة أو التلوث بشتى صوره حيث يمارس القاضي الإداري سلطاته الواسعة التي تسمح له أن يفرض كافة الإجراءات الوقائية .
من حيث الميعاد يتبع في المنازعات العامة للقضاء الكامل تخضع لقواعد إجرائية مشتركة تدور حول رفعها مدة شهران من تاريخ القرار الإداري السابق باستثناء منازعات الأشغال العامة، كما يقوم الطاعن برفع الدعوى أمام القاضي مباشرة عن الأضرار التي لحقته عن الأشغال العامة فهي لا تخضع لقاعدة قرار السابق ويجب رفعها عن طريق محام.
أما المنازعات الخاصة بالقضاء الكامل : فهي أربع أنواع تتمثل في منازعات المعاشات المتعددة والتي ترتبط بالقرارات الإدارية التي ترفض أو تمنح موظف عام معاشاً , ومنازعات الانتخابات الإدارية سواء تتعلق بالمجالس المحلية أو غيرها والمنازعات الضريبية والتي لها أهمية اقتصادية واجتماعية أياً كانت مالية أو سياسية حيث تتعلق بصفة أساسية بالضرائب على الدخل أو بالضرائب على القيم المضافة ,وتتأثر هذه المنازعات بالزيادة نتيجة لتأثرها بواقع الاقتصادي والاجتماعي للقرارات التي تصدرها الإدارة , ومنازعات الردع الإداري التي تتمثل في مخالفات الطرق والاعتداء على الدومين وللقاضي أن يوقع غرامة أو إدانة مسبب الضرر بالإصلاح ودفع مصاريف المحضر. ( )
تتميز المنازعات الخاصة عن المنازعات العامة بإمكانية رفعها دون الحاجة للمحام, وتخضع لمواعيد قضائية تتحدد بخمس أيام للانتخابات البلدية وتصل لمدة شهرين وفقاً لقانون العام للمعاشات , تتنوع المسائل التي تعرض على القاضي في منازعات دعوى القضاء الكامل فيعمل القاضي على إثبات حالة الاعتداء على المركز القانوني أو الحق الشخصي حيث لا يستطيع الطاعن أن يطرح أمام القاضي سوى هاتين الحالتين وهذا التمييز المادي الذي يؤيده الفقيه ديجي , وللطاعن أن يثير عدم مشروعية القرار كما في قضاء الإلغاء , فله أن تثير المسائل التي تتعلق بعدم الاختصاص في توقيع العقد أو عدم مشروعية التصرف ضار أو فرض ضريبة, لكن مع مراعاة أن قاضي القضاء الكامل هو الذي يفصل في مسألة المشروعية. فالطاعن يسعى للإلغاء التصرف الغير مشروع للحصول على التعويض بسبب ما لحقه من ضرر لعدم المشروعية ودون أن يختلط مع قاضي المشروعية بالتالي لا تعد طرح مسألة عدم المشروعية أساسية إلا عند توافر المصلحة الشخصية. ( )


الفرع الثاني
شروط وصور دعوى القضاء الكامل:
أولاً: شروط قبول دعوى القضاء الكامل ( ): لدعوى القضاء الكامل شروط يجب توافرها في المدعي، وشروط ميعاد الدعوى وإجراءاتها.
1-من حيث شخص المدعي :يجب أ، يتوافر في رافع الدعوى القضاء الكامل الأهلية للتقاضي وأن يكون صاحب مصلحة وصاحب حق وأن هذا الحق لحقه ضرر من قبل الإدارة , لكن بعض دعاوى القضاء الكامل قد لا يظهر فيها الاعتداء على حقوق الأشخاص بل قد تكون حقوق موضوعية كم الحال في الانتخابات لذلك يرى البعض بضرورة إدخال دعوى الانتخابات والدعاوى المشابهة لها في دعاوى متميزة عن القضاء الكامل التي يراد بها حقوق شخصية ,فدعوى القضاء الكامل تكون متاحة لعد محدد من الأشخاص بعكس دعوى الإلغاء المتاح للكثير من الأشخاص حتى تم تسميتها بدعوى القانون العام .
2- من حيث الميعاد والإجراءات: يرى القضاء الفرنسي ضرورة مراجعة الإدارة المتعدية على حقوقه الشخصية بقصد المطالبة بالتعويض عما سببته له من أضرار في حال تم رفض الإدارة طلب التعويض يتوجه للقضاء للمطالبة بالتعويض عن طريق دعوى القضاء الكامل ضد قرار الإدارة سواء كان صريحاً أو ضمنياً، على أن تكون مراجعة الفرد للإدارة خلال مدة سقوط الحق الذي يدعيه وتستمر الدعوى التي تحمي الحق المدة نفسها دون سقوط.
يرى القضاء الإداري الفرنسي بضرورة التزام صاحب الحق في دعوى الإلغاء بمدة رفع التظلم وهي شهران في حال صدور قرار صريح من جهة الإدارة يرفض طلبه، أما في حالة القرار الضمني نتيجة لسكوت الإدارة وعدم إجابتها لطلب المدعي فللأخير حق الطعن في القرار في أي وقت.
أما من ناحية الإجراءات فلا تختلف عن دعوى الإلغاء من حيث تضمين صحيفة الدعوى للأسباب والأدلة والبيانات الأزمة غير أن في القضاء الفرنسي يلتزم المدعي بأن يستعين بمحام من المقيدين أمام مجلس الدولة أما في قضاء الإلغاء فلا يلتزم بخلاف ما عليه القضاء الإداري في ليبيا ومصر.
ثانياً صور دعوى القضاء الكامل ( ): وتتمثل هذه الصور في حالات ثلاث وهي كالتالي:
الصورة الأولى: أن تستهدف الدعوى بطلان عقد ويحدث ذلك عندما يتواجد عيب في تكوين العقد، فمجلس الدولة الفرنسي يرى أن المتعاقد الذي يسعى لإلغاء العقد على أن يسلك سبيل القضاء الكامل لا قضاء الإلغاء لاتباعه لقاعدة دعوى الإلغاء لا توجه للعقود الإدارية ولا يستطيع رفعها إلا المتعاقد لاعتبار غير الأجنبي عن العقد في ذلك نصت محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر 18/11/1956م"...لا يجوز له إلا أن يطعن بالإلغاء لأنه أجنبي ليس للعقد في مواجهته آية قوة في الإلزام ...."
الصورة الثانية: أن تستهدف دعاوى الحصول على مبالغ مالية أياً كانت في صورة ثمن أو أجر تم الاتفاق عليه في العقد، أو تعويض عن أضرار تسبب فيها الضرر الطرف المتعاقد أو لأي سبب آخر من الأسباب التي تذكر في مجال العقود الإدارية والتي تؤدي إلى الحكم بمبلغ من المال.
الصورة الثالثة: دعوى إبطال بعض تصرفات الصادرة من الإدارة على خلاف التزاماتها التعاقدية، إذا صدر من الإدارة تصرف مخالف لالتزاماتها في العقد فالمتعاقد أن يحصل على حكم بأبطال ذلك التصرف عن طريق القضاء الكامل وذلك لعدم استطاعته اللجوء للقضاء الإلغاء وتحتفظ دعواه بهذه الصفة، حتى لو تضمنت على إلغاء قرار إداري صدر من الإدارة بصفتها طرف في العقد ولهذا الأجراء إثر خطير بخصوص إجراءات التقاضي ومدى اختلاف القضائيين عن بعضهما، في ذلك نصت المحكمة العليا في حكمها الصادر في 18/11/1956م ".... أما ما يصدر من القرارات تنفيذاً للعقد كالقرارات الخاصة بجزاء من الجزاءات التعاقدية، أو بفسخ العقد، أو إنهائه، أو إلغاءه فهذه كلها تدخل في منطقة العقد وتنشأ عنه، فهي منازعات حقوقية وتكون محلاً للطعن على أساس استعداء ولاية القضاء الكامل، فيفصل فيها على نحو لا يختلف عن ولاية القضاء المدني العادي عندما كان يفصل في منازعات العقود التي تبرمها الحكومة مع الأفراد باعتبارها من أعمال الإدارة الصرف تخضع فيه لسلطة المحاكم العادية أسوة بالارتباطات القانونية بين الأفراد بعضهم ...." بناء على ذلك لا تتقيد الدعوى بميعاد دعوى الإلغاء وطبقاً لذلك نصت المحكمة في حكمها الصادر في 23/12/1956م ".... هذا القرار صدر تنفيذاً للعقد واستناداً لنصوصه، فهو كما سبق البيان من القرارات التي لا تدخل المنازعة في شأنه في نطاق قضاء الإلغاء، بل في نطاق القضاء الكامل ومن ثم كان الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد في غير محله ...."
الصورة الرابعة: أن تستهدف الدعوى فسخ العقد، للمتعاقد مع الإدارة طلب فسخ العقد في حدود معينة وتدخل دعوى الفسخ في اختصاص القضاء الكامل. ( )
الفرع الثالث
سلطات القاضي في منازعات القضاء الكامل
يتمتع قاضي الإداري في منازعة القضاء الكامل بسلطات واسعة تتمثل بأن يلغي قراراً أو يقضي بعدم مشروعية عقد وأن يأمر بإجراءات عدة تتمثل في إعادة ترميم عقار إيل للسقوط ,وإلغاء انتخاب وإعادة العملية الانتخابية كذلك يمكن للقاضي بصفة خاصة أن يعدل قرارات الإدارة وأن يحل محلها وإصدار قرارات فيعتبر القاضي الإداري رئيساً إدارياً للإدارة فله أن يتحقق من توازن العقد وإعادة صياغة بنوده أو تحديد مدى الضرر عند تقدير البنود الجزائية في العقود الإدارية ، وترجع أهمية السلطة الواسعة للقاضي الإداري في منازعات القضاء الكامل فيما يلي ( ) :
1- سلطته بأن يتخذ كافة الإجراءات اللازمة في منازعات القضاء الكامل : حيث أكدت المحكمة الإدارية العليا " لئن كانت الجهة الإدارية لم تتبع أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية للمطالبة بمستحقاتها , إلا أنه من المقرر أن القضاء الكامل يخول للقاضي تصفية النزاع كليةً , فيلغي القرارات المخالفة للقانون إن وجدت ثم يرتب على ذلك نتائجه كاملة من الناحية الإيجابية أو السلبية قضاء العقود الإدارية ينتمي إلى القضاء الكامل فيكون للمحكمة التصدي للمنازعة الناشئة عن العقد الإداري بجميع ما يتفرع عنها بهذه المثابة لا يقتصر اختصاص المحكمة على التصدي لبحث حقوق المدعي المطالب بها , بل يمتد لبحث مستحقات الجهة الإدارية المدعى عليها للوصول إلى استجلاء وجه الحق للدعوى". كما أ كدت في حكم آخر لها بأن " المنازعات التي تنشأ بين طرفي العقد الإداري تخضع للقواعد الحاكمة للعقود الإدارية ولا تصدر بشأنها الجهة الإدارية قرارات إدارية بمالها من سلطة عامة تخضع في التظلم منها والطعن عليها للقواعد المقررة لدعوى الإلغاء, مؤدى ذلك يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات التي قد تثار بشأنها لا على أساس اختصاصه بنظر القرارات الإدارية وإنما على أساس اعتباره المحكمة ذات الولاية الكاملة بنظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية هذا الاختصاص شامل لأصل تلك المنازعات وما يتفرع عنها فيفصل في الوجه المستعجل من المنازعة الموضوعية المستندة إلى العقد الإداري لا على اعتبار أنه من طلبات وقف التنفيذ المتفرعة من طلبات الإلغاء , بل على اعتبار أنه من الطلبات الفرعية المستعجلة التي تعرض على قاضي العقد لاتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية لا تتحمل التأخير , وتدعو إليه الضرورة لدفع خطر محدق إلى أن يفصل في الموضوع وعلى ذات النهج سارت المحكمة العليا الليبية .
ثانياً : الحجية النسبية لأحكام القضاء الكامل : أعطى القانون الفرنسي الصادر 1995م لقاضي الإلغاء المجال في إمكانية إصدار أوامر للإدارة بفرض تنفيذ أحكامه بمعنى معين وخلال مدة معينة , ومع ارتباط هذه السلطة بإمكانية إدانة الإدارة بغرامة لعدم احترام الأمر أو شرطه , رأى جانب من الفقه الفرنسي أن هذا القانون وضع نهاية للتمييز بين قضاء الإلغاء والقضاء الكامل تأسيساً على انه منح طبيعة القضاء الكامل لقضاء المشروعية , غير أنه لا يمكن التسليم بذلك حيث أن طعون الإلغاء تحوز الحكام بشأنها الأثر الرجعي , وأن القاضي الإداري عندما وجه أوامر للإدارة في هذا الصدد فأنها لا تعيد بعد انقضاء ميعادها تنظيم هذه الطعون بالنظر إلى طبيعتها , فضلاً عن أنه ليس القاضي الإلغاء سلطة التدخل في مجال القضاء الكامل .( )


المطلب الثاني
دعوى قضاء الإلغاء " قضاء عدم المشروعية "
منذ حصول مجلس الدولة الفرنسي على ولاية القضاء المفوض قامت دعوى الإلغاء كدعوى قضائية في فرنسا سنة 1872م، حيث كانت من اختصاص مجلس الدولة دون المحاكم الإدارية وظهرت في صورة تظلم إداري " رئاسي " حتى تاريخ 30/9/1953م عندما أصبحت المحاكم الإدارية صاحبة الاختصاص في نظر المنازعات الإدارية، أما في مصر نص عليها قانون مجلس الدولة الصادر سنة 1946م وهي دعوى تعد من صنع المشرع تبعاً للقضاء الفرنسي واهتمامه بها.

وفي ليبيا ظهرت دعوى الإلغاء بظهور قانون المحكمة العليا لسنة 1953محيث وضع هذا القانون أحكام وقواعد المنظمة لدعوى الإلغاء وحدود المحكمة باعتبارها محكمة قضاء إداري، فيما يتعلق بإلغاء القرارات الإدارية.
كما أشار قانون 88 لسنة1971م لدوائر القضاء الإداري في محاكم الاستئناف المدنية بنظر دعوى الإلغاء. ( )
نقصد بدعوى الإلغاء هي الدعاوى التي يباشرها القاضي الإداري بمناسبة الطعن في قرار إداري غير سليم، غير مشروع قانوناً فإذا ثبت للقاضي أن القرار مخالف للقانون حكم بإلغائه، سلطة القاضي محدودة لا تمتد إلى أبعد من إلغاء القرار المخالف، فلا تعدله ولا تستبدله فقط تقتصر سلطاته فقط تحكم بصحة القانون إذا كان متفق مع القانون أو مخالف إذا كان عكس ذلك.
ولدعوى الإلغاء عدة خصائص وشروط واجب توافرها في محل دعوى الإلغاء وفي رافع الدعوى وفي ميعاد الدعوى، ونفرد لهذا الموضوع الحديث في فروع ثلاث نخصص الأول للخصائص والثاني للشروط الواجب توافرها في محل ورافع دعوى الإلغاء، والفرع الثالث لشروط المتعلقة بميعاد دعوى الإلغاء.
الفرع الأول
خصائص دعوى الإلغاء
تتميز دعوى الإلغاء عن غبرها من الدعوى الإدارية بعدة خصائص أهمها ( ) :
1- دعوى الإلغاء دعوى قضائية: فهي ترفع بإجراءات قضائية أمام محكمة لها ولاية القضاء وتفصل فيها المحكمة بحكم يتمتع بقوة الشيء المقضي به، وهي تشمل جميع قرارات أياً كانت سلبية أو إيجابية القابلة للطعن فيها إلا إذا تم استثناؤها بنص خاص، وهي تطورت من تظلم إلى دعوى قضائية نتيجة لتطور مجلس الدولة.
2- دعوى الإلغاء دعوى موضوعية "عينية": فهي دعوى تهدف لحماية مبدأ المشروعية عن طريق إلغاء العمال غير المشروعة التي تصدرها الإدارة، فترتكز مهمة القاضي على البحث في مشروعية العمل الإداري بعيداً عن النظر في المصلحة الشخصية للمدعي بعكس دعوى الإلغاء. فدعوى القضاء الكامل أساسها اعتداء الإدارة على حق شخصي للمدعي، فيكفي لقبول دعوى الإلغاء توافر مصلحة عادية، حتى لو لم تكن مساساً بالحق الشخصي، كما أن أساس دعوى الإلغاء مخالفة الإدارة عن طريق إصدارها للقرار مخالف للقانون وليس للعقد.
سلطة القاضي الإداري في دعوى الإلغاء حكمها يقتصر على تعديل القرار المخالف فقط في حين تكون للقاضي في دعوى القضاء الكامل سلطة تعديل القرار أو التعويض عن الأضرار التي سببه قرار الإدارة المخالف، وتكون حجية حكم دعوى الإلغاء حجة على الكافة، في حين حجية حكم دعوى القضاء الكامل يقتصر على الشخص الذي مس القرار المخالف بمصلحته الشخصية فحجية حكمها نسبية.
عبرت المحكمة الليبية العليا بقولها " إن دعوى الإلغاء من الدعاوى العينية التي يقصد منها إزالة كل أثر قانوني للقرار الإداري غير المشروع أو المخالف للقانون، وأن الخصومة فيها تتحدد بين الجهة التي أصدرت القرار بوصفها مسئولة عن إصداره ويخاصم القرار في مواجهتها من ذوي الشأن ممن تكون لهم مصلحة حالة أو محتملة شخصية أو مباشرة مادية كانت أو أدبية يمسها القرار المطعون فيه “.
3- دعوى الإلغاء تنتمي للنظام العام: وتسمى أيضاً بدعوى "القانون العام" فلها صفة العامة فللمدعي الطعن في القرار المخالف دون اشتراط وجود نص يقضي بذلك، وتعليقاً على ذلك تذهب بعض أحكام القضاء الإداري الفرنسي للقول بأن في وجد حظر على الطعن في بعض القرارات فهو بمثابة تحصين للقرار ضد الدعاوى كافة باستثناء دعوى الإلغاء، وكونها من النظام العام لا يستطيع أحد التنازل عنها وفي حالة تنازل المدعي عن دعواه بعد صدور الحكم فيها فلا يحول التنازل دون إعدام القرار.


الفرع الثاني
شروط الواجب توافرها في القرار محل دعوى الإلغاء والواجب توافرها في رافع الدعوى
أولاً: الشروط الواجب توافرها في القرار محل دعوى الإلغاء (( :
1- يجب أن يكون القرار المطعون فيه صادراً عن جهة إدارية عامة فيستثنى من ذلك الأعمال التشريعية من رقابة دوائر القضاء الإداري أي كانت قوانين أو قرارات أو أعمال برلمانية، كذلك الأعمال القضائية وما تشملها من أعمال المحاكم وأعمال النيابة العامة وأعمال رجال الضبط، كذلك يخرج منه قرارات الشركات والجمعيات من نطاق دعوى الإلغاء فهذه الدعاوى لا توجه إلا ضد قرارات إدارية صادرة عن جهات تتمتع بشخصية الاعتبارية العامة.
2- أن يكون القرار المطعون فيه بالإلغاء تصرفاً قانونياً اتجهت نية الإدارة لأحداث آثار قانونية فلو كان مجرد قرار مادي فدعوى الإلغاء لا تكون مقبولة بشأنه لأن التصرف المادي يطعن فيه أمام القضاء الكامل لا قضاء الإلغاء.

3- أن يكون القرار المطعون فيه بالإلغاء أحادي الجانب صادراً عن جهة الإدارة بإراداتها المنفردة فلو توافقت إرادة الإدارة مع إرادة أخرى كما في التصرفات القانونية فلا يطعن فيها بالإلغاء، بل بالقضاء الكامل.
4- أن يكون القرار المطعون فيه بالإلغاء نهائياً بمجرد صدوره أو بمجرد اعتماده والتصديق عليه إذا كان يحتاج للتصديق.
5- يجب أن يكون القرار المطعون فيه مؤثراً في مركز الطاعن القانوني بأن ينشئ حقوق فردية أو يعدلها أو يلغيها كمنح درجة علمية أو فرض عقوبة تأديبية ......, بالتالي نستبعد القرارات التي لا ترتب آثار قانونية أو قرارات انقضت آثارها والتصرفات التي تؤثر في مركز الطاعن.
ثانياً : الشروط الواجب توافرها في رافع دعوى الإلغاء :يرى أغلبية فقهاء قانون المرافعات لكي تقبل دعوى الإلغاء يجب أن تتوفر فيها الحق والمصلحة والصفة و الأهلية , وحصل خلاف حول مدلول المصلحة والصفة هناك من يرى بأن الصفة شرط للمصلحة وهناك من يرى بأنهما شرطيين منفصلين , فالبعض يرى بأن الصفة هي المصلحة الشخصية وهذا معنى قول الفقهاء " إن صاحب الصفة هو صاحب الحق المدعى به " وقد يراد بها سلطة استعمال الدعوى ومباشرتها وهذا معنى قول الفقهاء " صاحب الصفة هو من يمثل صاحب الحق المدعى به" , فالمصلحة في دعوى الإلغاء ليس من الضروري أن تستند إلى حق اعتدى عليه فالمصلحة والصفة يندمجان في دعوى الإلغاء بحيث يقتصر شروط دعوى الإلغاء الواجب توافرها في رافعها الأهلية في التقاضي ثم المصلحة أو الصفة . هذا ما بينه حكم مجلس الدولة المصري الصادر بتاريخ 15/12/1948م "ومن حيث إن الصفة في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية لمجاوزة حدود السلطة تندمج في المصلحة. فتتوافر الصفة كلما كانت هناك مصلحة شخصية مباشرة أو مادية لرافع الدعوى في طلب إلغاء القرارات المذكورة , سواء كان رافع الدعوى هو الشخص الذي صدر بشأنه القرار المطعون فيه أم غيره", تظهر مشكلة التمييز بين المصلحة والصفة في حالة القرار الإداري المعيب والمطالب بإلغائه, في هذه الحالة يجوز لكل من له مصلحة أن يطالب بإلغاء القرار وليس لغير صاحب الحق أن يطالب بإلغاء القرار, ويكفي أن تتوافر المصلحة في رافع الدعوى ولا يشترط أن ترفع بكل من مسهم القرار, حيث قضت محكمة القضاء الإداري المصرية في حكمها الصادر لسنة23/5/1957م" .... لا وجه لما تتحدى به الحكومة من أن رافع الدعوى باسمه بغير تمثيل لباقي الورثة، لا اعتداد بهذا القول، لأنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن يتقدم للطعن في القرار المطلوب إلغاؤه جميع أصحاب المصلحة الشخصية في إلغائه " هذه الحقيقة لا تمنع أصحاب المصلحة من الاستفادة من حكم إلغاء القرار ولا من التدخل في الدعوى في حالة توافر شروطها فيهم. ( )
وبخصوص ذلك نصت المادة "6" من قانون رقم 88 لسنة 1971م بشأن تنظيم القضاء الإداري " لا تختص دائرة القضاء الإداري بنظر الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة ولا تقبل دعوى المقدمة من أشخاص ليست لهم مصلحة شخصية مباشرة." ( )
وبينت المحكمة العليا الليبية لقبول دعوى الإلغاء ضرورة توافر شرط المصلحة ذلك في حكمها الذي جاء فيه ".... يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن تتوافر في المدعي الأهلية القانونية للتقاضي، وأن يكون له مصلحة مباشرة وشخصية في إلغاء القرار المطعون فيه ...." ( ) ويختلف الحق في دعوى الإلغاء عن الحق في الدعوى العادية ففي الأخيرة تكون المصلحة إلى حق اعتدى عليه أو معرض للاعتداء عليه أمت في دعوى الإلغاء تكون المصلحة هي مناط الدعوى وليس الحق فهي ليست دعوى شخصية، بل دعوى تحمي مشروعية القرار، ويشترط فيها أن تكون شخصية ومباشرة بحيث يكون القرار قد مس حالة قانونية خاصة بالمدعي ولا يكفي كونها شخصية، بل أن تكون شخصية ومباشرة بحيث يكون لرافع الطعن علاقة قانونية أثر فيها القرار تأثيراً مباشراً.
كذلك يشترط في المصلحة أن تتوافر وقت رفع الدعوى وتستمر حتى الفصل في الدعوى نهائياً, ففي فرنسا اكتفى مجلس الدولة بتوافر المصلحة وقت رفع الدعوى ولا يشترط استمرارها حتى الفصل فيها , في اكتفى المشرع الليبي بتوافر المصلحة يوم رفعها ولا يشترط ضرورة استمرارها حتى الفصل فيها , أما زوال المصلحة أثناء نظر الدعوى فلا تأثير له على دعوى الإلغاء فهي دعوى تهدف لتحقيق مصلحتين مصلحة لرافع الدعوى ومصلحة للدفاع عن المشروعية كما قالت المحكمة العليا, فيما استقر المشرع المصري على ضرورة قيام المصلحة وقت رفع الدعوى واستمرار قيامها حتى الفصل فيها وفي حالة زوال المصلحة قبل صدور حكم المحكمة يقضي بعدم استمرارية النظر في الدعوى .( )
وللمصلحة في دعوى الإلغاء عدة أنواع منها:
1- مصلحة محققة أو محتملة : تنص المادة الثامنة من قانون المرافعات المدنية والتجارية "عدم قبول أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه مصلحة قائمة يقرها القانون , ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان غرض طلب الاحتياط دفع ضرر محدث أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه " فيما اتجه مجلس الدولة المصري لقبول الطعن بالإلغاء توافر المصلحة المحتملة للطاعن , عبرت عنه محكمة القضاء الإداري بالقول " لا يشترط لاستيفاء شرط المصلحة في دعوى الإلغاء قرار إداري مطعون فيه ... أن يكون للمدعي مصلحة حالة من ورائه ,بل يكفي أن تكون مصلحة محتملة ".
2- مصلحة مادية ومصلحة أدبية: لم يكتف مجلسا الدولة الفرنسي والمصري بأن ترفع دعوى الإلغاء دفاعاً عن مصلحة مادية مثل طلب إلغاء قرار هدم منزل، بل أجازا قبول الدعوى لتوافر مصلحة أدبية مثل دعوى مرفوعة من إحدى الجمعيات لمحاربة الكحوليات ضد قرار يشجع تناولها. ( )
الفرع الثالث
إجراءات الواجب توافرها في دعوى الإلغاء وميعاد رفعها
أولاً: إجراءات دعوى الإلغاء: عند رفع دعوى الإلغاء يراعي رافعها أن يوجه دعواه لجهة ذات صفة لتمكين الجهة المطعون ضدها من تجهيز أوجه دفاعها واتخاذ الإجراءات اللازمة لأعمال ما تقضي به المحكمة في موضوع الدعوى.
وتقدم صحيفة الدعوى عن طريق محام حيث نصت المادة التاسعة من قانون رقم 88 لسنة 1971م بشأن القضاء الإداري على " يقدم الطعن بصحيفة تودع لدى قلم كتاب المحكمة موقع عليها من محام من المحامين المقيدين المقبول أمامها " في حالة تخلف ذلك يترتب عليه بطلان صحيفة الطعن له يعد إجراء جوهري خاص بالدعوى الإدارية "دعوى الإلغاء "كما يوجب أن يرفق بصورة من القرار المطعون فيه بصحيفة الدعوى وفق لنص المادة العاشرة من قانون 88 لسنة 1971م " على الطاعن أن يضمن صحيفة دعواه البيانات المتعلقة به وبمن يوجه إليهم الدعوى وصفاتهم ومحال إقامتهم وموضوع الدعوى والمستندات المؤيدة لها وأن يرفق بالصحيفة صورة من القرار المطعون فيه أو ملخص واف له "
ثانياً: الشروط المتعلقة بميعاد دعوى الإلغاء : تنص المادة الثامنة من قانون رقم 88 لسنة 1971م على " أن ميعاد رفع الدعوى أمام دوائر القضاء الإداري فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار المطعون فيه أو بإبلاغ صاحب الشأن به وينقطع سريان هذا الميعاد في حالة التظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية " فميعاد دعوى الإلغاء وفق دوائر القضاء الإداري هي ستون يوماً وقرر ذلك مجلس الدولة المصري في حين اكتفى المشرع الفرنسي بنص الميعاد على شهران دون تحديداً للأيام , فهذا التحديد لميعاد دعوى الإلغاء للحد من خطر يهدد القرارات الإدارية واستقرار الحياة الإدارية وهذا الميعاد من النظام العام لتعلقه بحجية الأوامر الإدارية وما يتعلق بها من المصالح العامة. ( )
فيبدأ ميعاد الدعوى وفق المادة الثامنة من قانون 88 لسنة 1971م يتم أولاً بنشر القرار "ويقصد بذلك إتباع الإدارة للشكليات معينة لكي يعلم الأفراد القرار" عليه يتعين على جهة الإدارة أن تراعي نصوص القانون المحددة لوسيلة أو طريقة محددة للنشر وتتميز هذه الوسيلة بالعمومية والتجريد فيتم عن طريقها إبلاغ المخاطبين بالقرارات الإدارية بذواتهم من ثم يتم إعلان لبدء في ميعاد رفع الدعوى, فالإعلان "هو الطريقة التي تنقل بها جهة الإدارة القرار الإداري إلى فرد بعينه أو أفراد بذواتهم من الجمهور " وذلك يتم عن طريق رسالة بعلم الوصول أو رسالة مسجلة وهاتين الحالتين يتأكد إبلاغ صاحب المصلحة بالقرار من خلال توقيعه باستلامه بخطاب موجه إليه .

وقد يبدأ ميعاد رفع دعوى الإلغاء بالعلم اليقيني ولم يشير إليه القضاء الإداري الليبي والمصري , فيما أشار إليها القضاء الفرنسي في أضيق حدودها واشترط في العلم اليقيني " أن يكون علماً نافياً للجهالة ثابتاً بالتاريخ بمعرفة اليوم الذي يبدأ منه حساب ميعاد رفع الدعوى وأن يكون العلم شاملاً لجميع محتويات القرار بحيث تجعل المخاطب يلم بكل ما يجب عليه معرفته, وينقطع ميعاد رفع الدعوى في حالة حدوث قوة قاهرة بحيث تمنع صاحب المصلحة من رفع دعواه فيتوقف الميعاد إلى حين زوال العذر, كذلك ينقطع الميعاد بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية ويمنح صاحب الدعوى ميعاد جديد يمكنه فيه رفع دعوى طالباً إلغاء القرار الإداري , وعند رفع الدعوى لمحكمة غير مختصة ينقطع الميعاد أيضاً ويبدأ ميعاد جديد من صدور حكم نهائي من المحكمة بعدم الاختصاص النوعي أو المحلي , كما يقطع التظلم الإداري إلى جهة إدارية ميعاد دعوى الإلغاء.( )
المطلب الثالث
نظرية القرارات الإدارية المنفصلة عن العقود الإدارية
يقصد بالقرارات الإدارية المنفصلة عن العقود الإدارية : جميع القرارات التي تصدرها جهة الإدارة بإرادتها المنفردة والتي يتوقف عليها إبرام العقد أو تصاحب إبرامه أي القرارات التي تسبق أو ترافق مرحلة التوقيع على العقد "التمهيدية" , أما القرارات اللاحقة فهي قرارات مندمجة في العقد ذاته لأنها تصدر تنفيذاً للعقد بالتالي لا مجال للطعن عليها إلا بدعوى القضاء الكامل.( )فالإدارة عند قيامها بالتعاقد تتخذ قرارات للتمهيد لإبرام العقد أو السماح بإبرامه فهذه القرارات تعد وسيلة لإتمام عملية التعاقد , فيثار تساؤل حول هذه القرارات هل هي جزء من التعاقد وتخضع للقضاء الكامل ؟ أو أنها تعامل ككيان مستقل بالتالي يطعن فيها استقلالاً عن عملية التعاقد ؟على أثر ذلك سلك مجلس الدولة الفرنسي المسلك في وقت معين لكن عدل عنه وتبنى المسلك الأخر , وهي أن القرارات المنفصلة عن العقد يمكن الطعن فيها بالإلغاء من قبل الغير لأن مسلك المتعاقد هو قضاء التعويض أمام قاضي العقد أم غير المتعاقد فلا يلجأ لقاضي العقد من ثم يمكنه اللجوء لقاضي الإلغاء , فإلغاء القرارات المنفصلة لا يؤدي للإلغاء العقد بل يبقى العقد سليماً حتى يتمسك أحد أطرافه بالإلغاء أمام قاضي العقد وله بعد ذلك أن يحكم بإلغائه استناداً لإلغاء القرارات المنفصلة التي ساهمت في عملية التعاقد ,يظهر ذلك بوضوح في حكم مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 4/8/1905م" أن قيمة الإلغاء في هذه الحالة نظرية , فالإدارة تستطيع أن تصحح الوضع بإجراء لاحق, وقد يبقى العقد برغم الإلغاء إذا لم يتقدم أحد المتعاقدين إلى قاضي الموضوع بطلب فسخ العقد ...."غير أن الفقهاء الحديثيين ينتقدون موقف القضاء الفرنسي لحمله في طياته على تناقض واضح حيث أن القرار المنفصل والذي حكم بإلغائه وهو مرحلة من مراحل العملية المركبة فيترتب على سلامته سلامة العملية التعاقدية وعلى إبطاله إبطالها, ثم سار في اتجاه مغير دل على ذلك حكمه الصادر بتاريخ 1/3/1954م حيث قضى مجلس الدولة الفرنسي في هذا الحكم على إلغاء القرار الصدار بتصديق على عقد الامتياز ,ويجعل طلب التفسير المقدم للمجلس بعد ذلك غير ذي موضوع .( )
لأن الشروط الواردة في العقد لا يمكن تنفيذها على الرغم من أن الإدارة والمتعاقد معها لم يطلبا أمام القاضي العقد ترتيب الأثار التي تنتج عن الحكم الصادر بالإلغاء.
فإلغاء القرارات الإدارية المنفصلة تعد استثناء لدى مجلس الدولة الفرنسي عن مبدأين أولهما أن دعوى الإلغاء لا يمكن أن توجه للعقود، لأن من شروط قبول دعوى الإلغاء أن توجه ضد قرار نهائي بينما العقد عبارة عن اتفاق إرادتين، المبدأ الثاني لا يمكن الاستناد إلى مخالفة الإدارة لالتزاماتها التعاقدية كسبب من أسباب طلب إلغاء القرار الإداري.
فيما أوضحت المحكمة العليا الليبية في أحكامها القديمة والحديثة الفرق بين القرارات المندمجة في العقد والقرارات المنفصلة عنه وأهمية الآثار المترتبة على ذلك , ففي حكمها الصادر بتاريخ 30/6/1962م" من المقرر في القواعد القانون الإداري أن تحليل العملية القانونية التي تنتهي بإبرام أي عقد من العقود التي تكون الإدارة طرفاً فيها , مؤداه أن القرارات السابقة على العقد كوضع الإدارة لشروط المناقصة أو المزايدة وقرارات لجنة فحص العطاءات وقرارات البت والقرار بإرساء المناقصة أو المزايدة هي بغير منازع قرارات منفصلة عن العقد , ومن ثم يجوز الطعن فيها بالإلغاء" كما جاء في الطعن المدني الصادر بتاريخ 16/4/1990م بأن " قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما تصدره الإدارة من قرارات تنفيذاً للعقد الإداري , كالقرار بسحب العمل من المتعاقد في عقد الأشغال العامة يدخل في منطقة العقد لأنه مستمد من نصوصه ولا يعتبر إجراء إدارياً عادياً وبالتالي فأن القضاء سواء كان مدني أو الإداري يملك مراقبة أحقية الإدارة في ممارسة الجزاءات المقررة لها في العقد الإداري دون أن يتعرض للقرار الإداري بالإلغاء , ويكون للمحكمة بحث كل ما يتعلق بانعقاد العقد وصحته وتنفيذه وإنهائه" فالمنازعة في هذه الحالة كانت تدور حول قرار مندمج في منطقة العقد فالمختص بالفصل هنا هو قاضي العقد مدنياً كان أو إدارياً ذلك على اعتبار بان قاضي الأصل هو قاضي الفرع, لكن الطعن بإلغاء قرار إداري منفصل عن العقد لا يكون جائزاً إلا لغير المتعاقد , في حين يكون للمتعاقد اللجوء لقاضي العقد ولا يفتح باب الإلغاء إلا أمام غير المتعاقد وبذلك حكمت المحكمة العليا في حكمها الصادر بتاريخ 30/1/1975م"استقر الفقه والقضاء الإداري في العمليات المركبة, وهي العقود التي تمهد لإبرامها سلسلة من القرارات الإدارية بالمعنى الصحيح, كما في حالة التعاقد مع الإدارة عن طريق المناقصة العامة فالقرار بإرساء المناقصة على أحد المتنافسين فيها وإن كان يعتبر قراراً إدارياً بالمعنى الصحيح يجوز للمتنافسين في المناقصة من غير المتعاقد أن يطعنوا على قرار إرساء المناقصة بدعوى الإلغاء , أما المتعاقد فليس له أن يلجأ لقاضي العقد للطعن في مثل هذه القرارات".( )


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

دخل محمد في تما...

دخل محمد في تمام الساعة 7:35 دخل مع والدته وقالت المعلمة له صباح الخير وابتسم محمد وقال صباح النور و...

2/Sample of the...

2/Sample of the study
?Researchers can study large groups of people.Samples enable researchers to co...

ما هو الغذاء ال...

ما هو الغذاء الصحي؟ الغذاء الصحي هو طعام متوازن ومتنوع يحتوي على جميع العناصر الغذائية الأساسية التي...

وفقا للتجربة أظ...

وفقا للتجربة أظهرت بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية نتيجة إيجابية تجاه محلول مستخلص البذور، حيث ظه...

التطور التاريخ...

التطور التاريخي والعمراني لمدينة عمـان (منذ النشأة حتّى نهاية القرن العشرين) • الدكتور خليف مصط...

ا دوافع الاتصال...

ا دوافع الاتصال غير رسمي: * وجود حاجات ورغبات واتجاهات للأفراد يرغبون في إشباعها . *- إن التنظيم ا...

- محميات علبة ...

- محميات علبة الطبيعة بمحافظة البحر الأحمر:تقع محمية علبة الطبيعة فى الجزء الجنوبى الشرقى من الصحرا...

- الفصل الثاني ...

- الفصل الثاني : حق رئيس الجمهورية في استعمال الاوامر : اتجهت الكثير من دول العالم وفي ظل عدم استط...

مرحلة الطفولة ...

مرحلة الطفولة يقسم كثير من العلماء هذه المرحلة إلى ثلاث مراحل أساسية هي الرضاعة والطفولة المبكرة و...

وعْدُ بَلفُور ب...

وعْدُ بَلفُور بيانٌ علنيّ أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى لإعلان دعم تأسيس «وط...

Par leurs propr...

Par leurs propres masses et à la suite de leur couverture par de nouveaux dépôts, les couches sédim...

hope you will c...

hope you will consider me for the position. I am looking forward to hearing from you. I am able to a...