Lakhasly

يؤكد الباحثون أهمية اللعب في تطوير القدرات العقلية المعرفية لدى الأطفال، بدءاً بتنمية التفكير، التذكر، التصور، والتحليل، وصولاً لإدراك العلاقات، التنبؤ، وحل المشكلات. يساعد اللعب الأطفال على فهم قوانين الطبيعة، التكيف مع البيئة، واكتساب استراتيجيات إبداعية في معالجة القضايا، بالإضافة لتطوير مهارات لغوية وتعبيرية. يُبرز إسماعيل (1987) عمليات الأطفال المعرفية الواسعة أثناء اللعب، كاستطلاعهم واستكشافهم للألعاب الجديدة، وتقليدهم لأفعال الكبار، ما يُشير لنشاط عقلي معرفي واضح. يُكسِب اللعب الأطفال معارف جديدة، كالاكتشافات السببية بين الفعل ورد الفعل، كما يتعلمون من خلاله مفاهيم أساسية في الفيزياء والهندسة من خلال تجاربهم البسيطة. يُشجع اللعب على البحث والاستقصاء، وطرح الأسئلة، وهو ما يؤكده فيجوتسكي الذي يرى أن اللعب يُنمي الخيال، ويُسهم في تحقيق التفكير المجرد وضبط الذات، مُمهّداً لعمليات عقلية داخلية. في الختام، يُساعد اللعب الطفل على إدراك العالم الخارجي، وتنمية مهاراته المعرفية، مُثرياً حياته العقلية بالمعارف والمعلومات، مما يُبرز ضرورة تنظيم نشاط اللعب لتنمية الابتكار والإبداع.

اللعب والنمو العقلي المعرفي
الفصل الرابع
يؤكد الباحثون (الخوالدة وآخرون (1993) أن اللعب يؤدي إلى تطوير القوى العقلية
المعرفية عند الأطفال الذين يمارسونه بكفاية. وتتمثل دلالات النمو العقلي المعرفي في
تطوير الخصائص العقلية بعامة التي يستدل عليها بإنماء القدرة على التفكير والتذكر
والتصور والتخيل والتبصر والملاحظة والتحليل، وإدراك العلاقات والتوقع والتنبؤ والتحكم
وزيادة الفهم لطبيعة الأشياء وخصائصها، واكتساب معلومات ومفاهيم جديدة عنها. كما أن
اللعب يساعد في إدراك المتغيرات في البيئة وتطوير اللغة والقدرة على التعبير عن الذات
والحوار، وإكساب الأطفال مهارات عقلية في مواجهة المشكلات والتغلب عليها .
كما يتمثل الأطفال من خلال اللعب المعارف الجديدة عن قوانين الطبيعة ومعطيات
البيئة والتكيف معها في الواقع، واكتساب استراتيجيات جديدة في معالجة القضايا بطرق
إبداعية خارجة عن المألوف. فضلاً عن إكساب العقل تنوعاً في أساليب التفكير
الاستقرائي والقياسي والاكتشافي والاستقصائي وغير ذلك من أساليب تساعد الأطفال
على التحكم بالأفكار وتنظيمها لتطوير سلوكهم العقلي لغرض التكيف واستيعاب المسائل
العملية والمادية والاجتماعية والرمزية وهم يتفاعلون مع واقع الحياة.
ويؤكد اسماعيل (1987) أن الطفل أثناء ممارسته للعب يقوم بعمليات معرفية على نطاق
واسع فهو يستطلع، ويستكشف الألعاب الجديدة التي يأتيه بها والداه، وخاصة تلك التي
تحتوي على أزرار ،ومحولات وتحدث أصواتاً ، أو تشعل أضواء أو تفتح أبواب أو تحرك
محركات ... الخ. كما أن الطفل يقوم بتكرار الأفعال التي تحدث نتائج، ويستدعي الصور
الذهنية التي تمثل أحداثاً أو أشياء سبق وأن مرت في خبرته السابقة، كتقليده أفعال الكبار
وأنماط سلوكهم وتصرفاتهم، حيث إنه في هذه الحالات يدرك، ويتذكر، ويتصور، ويفكر
وهذا مؤشر أكيد على قيامه بنشاط عقلي معرفي واضح.
كما أن اللعب يكسب الطفل مجموعات جديدة من المعارف والمعلومات، ويتمثل ذلك في
العلاقات السببية التي يكتشفها الطفل بين الفعل ورد الفعل أو بين ما يقوم به وما يترتب
عليه من نتائج. فمثلا عندما يقوم الطفل وهو يشعر بالمتعة والتسلية بصب الماء من وعاء
إلى آخر، ويستمر في ذلك وقتاً طويلاً نسبياً قبل أن يمل، فإنه يتعلم أنه إذا أراد أن يحصل
على كوب من الماء، فإن كوباً اسطوانياً قصيراً يمكنه أن يحتفظ بالماء بشكل أفضل من
135الوحدة الخامسة .
الصحن، مستفيداً من ذلك من خبرته السابقة عندما لعب بالماء، وبذلك فإنه يكسب
مجموعة من القوانين الأساسية الخاصة بالمادة والطبيعة. كما أن الطفل الذي يسير بين
المقاعد في غرف الضيافة، يتعلم كيف يتغلب على المسافة القصيرة بين هذه المقاعد عند
المرور بينها، وكذلك الارتفاع والمسافات عند جلوسه تحت الطاولة والدائرة ومركزها
والخطوط والنقطة عند ممارسة اللعب ، ومن أمثلتها لعبة الصياد الأعمى، ولعبة طاق طاق
طاقية وغيرها .
ومن الجدير بالذكر أن اللعب يشجع الأطفال على المزيد من البحث والاستقصاء من
خلال توجيههم للأسئلة التي تعتبر مظهراً آخر من مظاهر السلوك الاستطلاعي وحيث إن
هناك عوامل تثير السلوك الاستطلاعي منها : الاعتياد والتعقيد والغرابة
ويرى فيجوتسكي أن للعب دوراً رئيسياً في نمو الطفل، حيث إن النشاط التخيلي،
وإبداع الأهداف، وصياغة الدوافع الاختيارية، كل ذلك يظهر من خلال اللعب، ويجعله في
أعلى مراحل النمو العقلي المعرفي، كما أنه يرى أن اللعب يحتوي على الميول النمائية التي
تسهم في تحقيق التفكير المجرد وضبط الذات، سيما وأن اللعب يعد مرحلة ممهدة لا بد
منها لتنمية التفكير، حيث إن الطفل عندما يكبر تصبح الفرصة متاحة أمامه لاستخدام
اللعب دون وعي، ويصبح فيما بعد عمليات عقلية داخلية وفكر مجرد، كما أن التزام الطفل
بقواعد اللعب وأنظمته يوفر له متعة قصوى، حيث يحول الالتزام دون تحقيق رغباته
المباشرة، وبذلك فإنه يتعلم كيف يسيطر على حوافزه ودوافعه ويضبطها، وبذلك فإنه ينتقل
من مرحلة الضبط الخارجي إلى مرحلة الضبط الذاتي الداخلي
وفي ضوء ما تقدم يمكن التأكيد على أن اللعب يساعد الطفل على إدراك العالم
الخارجي. فكلما تقدم في العمر، يستطيع أن ينمي الكثير من المهارات من خلال ممارسته
لسلوك اللعب ونشاطاته . كما يلاحظ أن الألعاب التي يمارسها الطفل تثري حياته العقلية
بمجموعة كبيرة من المعارف والمعلومات المتصلة بالعالم المحيط به. ويضيف ما تقدمه إليه
القراءة والرحلات ووسائل الإعلام والموسيقى والأفلام السينمائية والتلفزيونية والانترنت
من معارف ومعلومات. وهذا يؤكد ضرورة تنظيم نشاط اللعب على أساس مبادئ التعلم
القائم على حل المشكلات وتنمية روح الابتكار والإبداع عند الأطفال (مخول، 1998).
136