Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

وكانت- على صغر سنها - زعيمة الأسرة . وكان أهلي جميعا يلجؤون إليها يطلبون رأيها في ما يعرض لهم ، وفصلها في ما يقع بينهم من المشكلات . وكنت أكبر بنيها ، فصارت تعاملني على اني رب الأسرة وسيد البيت ، وتعودني احترام النفس ، والتزام ما يقتضيه مقامي في البيت ، وتستوجبه زعامتي للأسرة ، وإلى التبعات التي يحملها رجل مثلي . وكانت حاذقة كيسة في سلوكها فلا نهر ولا زجر ، ولا أوامر ثقيلة ولا نواهي بغيضة ، ولا إشعار بأن لحريتي حدودا ضيقة غير معقولة أو محتملة ، وإن كانت الرقابة على هذا دقيقة وافية . وكنت أداعبها بعض الحين فتثور علي ثائرتها ، فتعلن أنها لا تريد أن ترى وجهي بعد اليوم ، ولكني لا ألبث أن أسترضيها وأقبل يديها ورأسها ، فما كنت أطيق أن أدعها عاتبة أو ساخطة او متألمة ، وتمسح رأسي كاني مازلت طفلا . ولما نجح في امتحان الشهادة الابتدائية ، جاء أقاربي مهنئين ، وأشاروا على أمي أن تكتفي من تعليمي بهذا القدر ؛ وكنت جالسا في هذه الجلسة ، وإني لأتذكر أن ابن عمتي سألها قائلا : من أين تجيئين بالمال الكافي لتعليمه ؟ فقالت : إن الله معي ، ولو أني أصبحت أخدم في سبيل تعليم ولدي ما ترددت . ومن حنانها العجيب أنها كانت إذا مرضت ، ووصف لي الطبيب دواء ، لا تدعني أجرع منه إلا بعد أن تجرع هي منه ، وكثيرا ما كنت أقول لها : " يا أمي كفي عن هذا ! " ، فتقول : " يا بني ، إنه قلب الأم " فأقول : " ولكنه عمل لا نفع منه " ، ولكن ليطمئن قلبي " . وكانت - عليها رحمه الله – تتوخى أن تعفيني من المنغصات ، فتستقل بها دوني ، وتتحرى ما يدخل على نفسي السرور ، ويشيع فيها الغبطة والرضا ، ويفيض على البيت الإيناس والبهجة . وحينما استقلت من وظيفتي ، وشعرت بالندم على الاستقالة فلما رأتني أمي على هذه الحال ، قالت لي : قم ، فقد كنت أنا مستعدة أن أعمل بيدي في سبيل تربيتك ، فكن أنت مستعدا أن تعمل بيديك إذا احتاج الأمر ، وثق بأنك لن تخيب ، فإني داعية لك ، راضية عنك وكانت ذاكرتها قوية ، فكانت إذا جلست للسمر تتدفق بأحاديث الأيام السوالف وكأنها تحياها من جديد ، فلا يغيب عنها حرف ، وكانت – لقوة ذاكرتها – سجلا عاما للأهل والأصحاب ، وكانت تكتفي بالنظرة الأولى إذا أمكن أن تستغني عن الكلمة ، فكنا نتفاهم بالعيون ، والذين حولنا غافلون لا يفطنون إلى شيء . فقد كانت لي أما وأبا وأخا وصديقا .


Original text

لا أعرف الأمهات كيف يكن ، ولكني أعرف كيف كانت أمي ، مات أبي وهي في الثلاثين من عمرها ، وكانت- على صغر سنها - زعيمة الأسرة . وكان أهلي جميعا يلجؤون إليها يطلبون رأيها في ما يعرض لهم ، وفصلها في ما يقع بينهم من المشكلات . وقد كان موت أبي ، وأنا في التاسعة من عمري . وكنت أكبر بنيها ، فصارت تعاملني على اني رب الأسرة وسيد البيت ، وتعودني احترام النفس ، والتزام ما يقتضيه مقامي في البيت ، وتستوجبه زعامتي للأسرة ، وتنتهي إلى مسؤولياتي ، وإلى التبعات التي يحملها رجل مثلي . وكانت حاذقة كيسة في سلوكها فلا نهر ولا زجر ، ولا أوامر ثقيلة ولا نواهي بغيضة ، ولا شطط أو إسراف ، ولا تقصير أو تفريط ، ولا إشعار بأن لحريتي حدودا ضيقة غير معقولة أو محتملة ، وإن كانت الرقابة على هذا دقيقة وافية . وكنت أداعبها بعض الحين فتثور علي ثائرتها ، وتهم بضربي ، ولكني أكون قد ذهبت أعدو ، فتعلن أنها لا تريد أن ترى وجهي بعد اليوم ، ولكني لا ألبث أن أسترضيها وأقبل يديها ورأسها ، فما كنت أطيق أن أدعها عاتبة أو ساخطة او متألمة ، فتعفو عني وتدعو لي ، وتمسح رأسي كاني مازلت طفلا . ولما نجح في امتحان الشهادة الابتدائية ، جاء أقاربي مهنئين ، وأشاروا على أمي أن تكتفي من تعليمي بهذا القدر ؛ لما كنا فيه من العسر ، فألحوا عليها ، وكنت جالسا في هذه الجلسة ، وإني لأتذكر أن ابن عمتي سألها قائلا : من أين تجيئين بالمال الكافي لتعليمه ؟ فقالت : إن الله معي ، ولو أني أصبحت أخدم في سبيل تعليم ولدي ما ترددت . ومن حنانها العجيب أنها كانت إذا مرضت ، ووصف لي الطبيب دواء ، لا تدعني أجرع منه إلا بعد أن تجرع هي منه ، وكثيرا ما كنت أقول لها : " يا أمي كفي عن هذا ! " ، فتقول : " يا بني ، إنه قلب الأم " فأقول : " ولكنه عمل لا نفع منه " ، فتقول : نعم ، ولكن ليطمئن قلبي " . وكانت - عليها رحمه الله – تتوخى أن تعفيني من المنغصات ، وتتجنب أن تحملني الهموم ، فتستقل بها دوني ، وتتحرى ما يدخل على نفسي السرور ، ويشيع فيها الغبطة والرضا ، ويفيض على البيت الإيناس والبهجة . وحينما استقلت من وظيفتي ، أصابني بعض القلق ، وشعرت بالندم على الاستقالة فلما رأتني أمي على هذه الحال ، قالت لي : قم ، وتوكل على الله ، فقد كنت أنا مستعدة أن أعمل بيدي في سبيل تربيتك ، فكن أنت مستعدا أن تعمل بيديك إذا احتاج الأمر ، وثق بأنك لن تخيب ، فإني داعية لك ، راضية عنك وكانت ذاكرتها قوية ، فكانت إذا جلست للسمر تتدفق بأحاديث الأيام السوالف وكأنها تحياها من جديد ، فلا يغيب عنها حرف ، ولا يفوتها لون . وكانت – لقوة ذاكرتها – سجلا عاما للأهل والأصحاب ، فمن نسي شيئا ، فما عليه إلا أن يلجأ إليها . وكانت تكتفي بالنظرة الأولى إذا أمكن أن تستغني عن الكلمة ، فكنا نتفاهم بالعيون ، والذين حولنا غافلون لا يفطنون إلى شيء . تلك هي أمي ، أو تلك بعض خطوط الصورة . وإني لجليد في العادة ، ولكن موتها هدني ، فقد كانت لي أما وأبا وأخا وصديقا .


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

إحدى المشكلات ا...

إحدى المشكلات التي قد تواجه الدراسة في هذا البحث هي قياس تأثير المسؤولية الاجتماعية للشركات بشكل دقي...

يُمكن وصف المنا...

يُمكن وصف المناخ التعليمي الفعّال على أنه البيئة التعليمية المنظمة التي تشكل الأساس للتفاعلات بين جم...

یجب تبریر تطبیق...

یجب تبریر تطبیقات الإشعاع الطبي التى تنفذ على المریضات الحوامل، مع ضرورة التصمیم المثالى للمعدات الم...

يعتبر مركز اللؤ...

يعتبر مركز اللؤلؤة واحدًا من أبرز المراكز التجارية في الدوحة. يقع في جزيرة مصممة بشكل فريد ويعد وجهة...

الشركة، بشكل عا...

الشركة، بشكل عام، هي كيان قانوني يتم تشكيله بواسطة مجموعة من الأفراد أو الشركاء لتحقيق أهداف مشتركة....

حب الشيخ زايد ب...

حب الشيخ زايد بن سلطان لأنه كان قائداً وأباً في نفس الوقتجمع في شخصيته بين الحكمة والقوة، والطيبة وا...

Je suis particu...

Je suis particulierement attire(e) par votre universite en raison de sa reputation d'excellence acad...

مبدأ عمل مقياس ...

مبدأ عمل مقياس الحرارة بشريط ثنائي المعدن يستند إلى تمدد مختلف لمعدنين مختلفين عند تعرضهما لتغيرات ف...

هدارة استيقظ من...

هدارة استيقظ من نومه فى مغارة دافئة تكونت من ريش النعام.هدارة مازال متذكر السوار وسأل عنه ماكو لكنها...

Multimedia netw...

Multimedia networks serve as the backbone of our digital ecosystem, enabling the seamless exchange o...

من هو شيخ العرب...

من هو شيخ العرب ؟   من هو الباني و مؤسس دولة الامارات العربية المتحدة ؟ الشيخ زايد رحمه الله الذي ...

Firstly, experi...

Firstly, experience is everything that a person acquires during his life, whether it is a practical ...