Online English Summarizer tool, free and accurate!
رَضَخَ زَوجي بَعد طولِ صِراعٍ أن يَستَدينَ لِنُسافِرَ هذا الصَّيفَ. تَعبَّأتُ بِالصَّبرِ وَطولِ البالِ. كالعادَةِ! لَمْ أكُن مِن أولئكَ النِّسوَةِ اللّائي يَيْئَسنَ بسرعَـةٍ. وَبِأَنَفِ امرأةٍ خَبيرَةٍ عَرفتُ مَداخِلَ زَوجي وَمَخارِجَـهُ. كنتُ أملِكُ سِدادَتَـهُ وَمَفاتيحَـهُ بيدي. أُلوِّحُ بِها متى أشاءُ وكيفَما أشاءُ. مَرحبًا بِكُم عَلى خُطوطِ الطّيَرانِ الماليزيِّ. حينَ حَلَّقَت بِنا الطّائِرَةُ استَرخَيتُ على الكُرسيِّ. شَعَرتُ بِالرّاحـةِ العَميقَـةِ بَعدَ قَلَقٍ عَظيمٍ. كُنتُ خائفَـةً أن تَشمَتَ بي جاراتي وصَديقاتي حينَ يُلغي زَوجي فِكرَةَ السَّفَرِ مِن أَجِندَتِـهِ. مُحتارٌ إلى أينَ يُسافِرُ بي!!
- هَلْ سافَرَت إحداكُنَّ إلى بَلجيكا أو ماليزيا؟ مُحتارَةٌ بَينهُما؟
كُنتُ أَعرِفُ أ لّا ظُروفُهُنَّ ولا ظُروفي تَسمَحُ بالسَّفرِ حتّى إلى (صَلالَةَ) في عُمان. وَلكنَّ طَقمَ الذَّهَبِ الّذي هَرَسَتني به جارَتي (علياءُ) أشعَلَ قَلبي، كانَ يَومًا كَسيفًا حينَ جاءَت وَهي تَتَباهى بِالطَّقمِ وَتَتَعَمَّدُ بِمناسَبَـةٍ أو دونَها إسقاطَ الشّيلَـةِ والعَباءَةِ ليَظهَرَ الطَّقمُ مُتَرَبِّعًا على صَدرِها المَكشوفِ أكثَرَ مِنَ اللّازمِ. تَلَمَّسَت يَدايَ صَدريَ العاري مِنَ الذَّهَبِ. لتَشتَعِلَ النّيرانُ وَتَتَأجَّجَ في صَدريَ المَحقونِ بِالغيرَةِ. وَتَحَوَّلَت عَينايَ إلى طَلَقاتٍ ناريَّـةٍ أقذِفُها في وَجـهِ عَلياءَ. تَقَلَّبْتُ على جَمَراتِ الفِكرِ والتَّخطيطِ. لا بُدَّ أن تَكونَ ضَربَتي شَيئًا مُختَلِفًا وَغَيرَ مَعهودٍ بِالنِّسبَـةِ لِهؤلاءِ النِّسوَةِ الثَّرثاراتِ. كُنتُ أُرَدِّدُ عِبارَةً واحِدَةً لا غَيرَها:
ارَتَسَمَ الاندِهاشُ في وَجهِـهِ. قالَ وَهُوَ يَعُضُّ على شَفَتَيـهِ:
كانَ هُجومًا لا تَقِفُ أَمامَـهُ لا المُدَرَّعاتُ الحَربيَّـةُ ولا جَنازيرُها. ولكنَّ الّذي حَصَلَ أنَّـهُ رَفَعَ الرّاياتِ البَيضَ والحُمرَ وكلَّ الألوانِ، وها أنا في مَقعَدي في الطّائِرَةِ
أُشاهِدُ (دانيةَ الخَطيبِ) وقافِلَتَها في رِحلاتِها المُختَلِفَـةِ فَأعَضُّ أنامِلي قَهرًا وغيظًا، وَأَتحَسّرُ. لماذا لاتَتَحقّقُ أَحلامُنا الكَثيرةُ؟ مُنذُ وَعَيتُ عَلى الدُّنيا وَأحلامي مَسروقَـةٌ أو مبتورَةٌ. حَلُمتُ بِإكْمالِ دِراسَتي وَأن أُصبِحَ طَبيبَـةً مَشهورَةً، لكنَّ رُسوبيَ المُتَكرِّرَ زَجَّ بي بَينَ جُدرانِ بَيتيَ الكئيبِ. تَخَيَّلتُ زَوجَ المُستَقبَلِ غَنيًّا سَيَحمِلُني على كُفوفِ الرّاحَـةِ فَإذا أنا خادِمَـةٌ في بَيتِ أبيـهِ الكَبيرِ. رَضيتُ بـهِ وَأرَدْتُـهُ زَوجًا يَصنعُ مِنَ المُتَعِ الصَّغيرَةِ أفراحًا كَبيرةً فَإذا بِهِ لايَعرِفُ شَرقَ الأرضِ مِن غَربِها. وعَقلٍ صَدِئٍ للغايَـةِ!! كُلُّ أحلامي بَعيدَةٌ. إلّا هذا الحُلُمَ الوَحيدَ الّذي انتَزَعتُـه مِن سماواتِ المُستَحيلِ. وهُوَ يُحَوقِلُ وَيُتَمتِمُ بِعِباراتٍ، ما أجملَ السُّحُبَ البَيضاءَ! تَبدو كَنُتَفِ القُطنِ النّاعِمَـةِ. فَتَكونَ دَليلَ إثباتٍ!
لا بأسَ، تَتَباهى بِجَمالِها الأخّاذِ وَطولِها الفارِعِ، كانَت العُيونُ لا تَرى إلّا جَمالَها. مِن أَخواتِهِم وَأمَّهاتِهِمُ الدّاخِلاتِ والخارِجاتِ مِن بَيتِهِمُ الكَبيرِ. وَحينَ تَزوَّجَتْ . لَم أفرَحْ وَلَم أَحزَنْ. حتّى زَوجي لَم يُظهِرْ أيَّ شُعورٍ بِنَشوَةِ الانتِصارِ، بِأنَّـهُ فازَ بي مِن دونِ شَبابِ الحَيِّ، وأنَّـهُ استَحقَّني بِجدارَةٍ كَما فَعلَ زَوجُ (عَلياءَ)، لَو كانَ فَعَلَها لَما جَعَلتُها نِدًّا لي في عَقلي وَحَياتي. كانَت تَتَعَمَّدُ زيارَتي دائمًا لإغاظَتي والنِّكايَـةِ بي. وَقَرَّرتُ أن أُعامِلَها بِالمِثلِ. طَلَبَ إلينا رَبطَ الأحزِمَـةِ فَهُناكَ مَطَبّاتٌ هَوائيَّـةٌ. ورَأيتُ المُضيفاتِ يَتَراكَضنَ لِتَهدِئَـةِ الأطفالِ الّذينَ شَرعوا في البُكاءِ. عادَ صَوتُ قائِدِ الطّائِرَةِ يَدعونا للتَّمَسُّكِ جَيِّدًا. الرَّجُلُ الّذي يَجلِسُ أمامي بَدَأَ يَقرَأُ سورَةَ البَقَرَةِ مِن مُصحَفِـهِ. إذَن. اهتَزَّتِ الطّائِرَةُ اهتزازًا أقوى مِنَ المَرَّةِ السّابِقَـةِ. انحَبَسَ صَوتي. رَكِبَ الخَوفُ صَدري والتَصَقَ بِضُلوعي. ماذا لَو؟ ماذا لَو كانَ هذا آخرُ المَطافِ؟ طارَ لَونُ وَجهي، قَرَأتُ الخَوفَ والذُّعرَ عَلى وَجـهِ زَوجيَ الّذي أَمسَكَ بيَدي، وَأَوْرَقَ في صَدريَ المَرعوبِ: اللّهمَّ اغفِر لي. سَيَغفِرُ ماذا؟ ما أكثَرَ ذُنوبيَ وَأبشَعَها؟ آه . لَيتَني ما تَطاوَلتُ عَلى زَوجيَ المِسكينِ، وَلَم أُجبِرهُ عَلى الاستِدانَـةِ. يَقولونَ إنَّ روحَ المَيْتِ المَدينِ لاتَصعَدُ إلى سَماءِ رَبِّها، فَلَقَد صَبَرَ عَليَّ كَثيرًا. واحتَمَلَ سَلاطَـةَ لِساني وَقِلَّـةَ عَقلي. لا أذكُرُ أنَّـهُ ضَرَبَني يَومًا أو أهانَني. ليتَـهُ فَعَلَ وَضَرَبَني. فما كان سَيحدُثُ ماحدَثَ. وَفَعَلَ مِثلَ مافَعَلَ أبي بِأُمّي حينَ عانَدَتْـه، وَجَلَدَها على ظَهرِها حتّى استَكانَت. آخ. ما أكثَرَ أخطائي!
كنتُ أظُنُّها تُخَطِّطُ لِخَطفِ زَوجي. اضْطَرَبَت مَعِدَتي. كأنَّنا نَسيرُ على دَربٍ وَعِرٍ مَليءٍ بِالحُفَرِ والشُّقوقِ. حتّى السَّماءُ! سُبحانَ اللّـهِ!! سامِحني ياربُّ. أشهَدُ أنْ لا إلهَ إ لّا اللّه . «مَنْ كانَ آخرُ كلامِـهِ لا إلهَ إ لّا اللّـهُ دَخَلَ الجَنَّـةَ » هَل سَأدخُلُها؟ وَذُنوبي؟! وَأفكاري الشّيطانيَّـةُ؟! سَمِعتُ خَطيبَ الجُمُعَـةِ يَقولُ: إنَّ رَحمَـةَ اللّـهِ واسِعَـةٌ. فَدَخَلَتِ الجَنَّـةَ. سَأتوبُ وَأُنيبُ ياربُّ. تَوبَـةً نَصوحًا لا أَعودُ بَعدَها أبدًا. يا وَيلي لَو مِتُّ وأنا على هذهِ الحالِ. لا أدْري كَم مَرَّ مِن الوَقتِ حتّى انسابَ صَوتُ قائِدِ الطّائِرَةِ يُبَشِّرُنا بِتَجاوُزِ المَطبّاتِ الهَوائيَّـةِ.
عادَتِ الدِّماءُ تَجري في أَوصالِنا مِن جَديدٍ. السَّيِّدَةُ الّتي تَقبَعُ خَلْفي أَقسَمَتْ أ لّا تَركَبَ طائِرَةً أبَدًا. تَنَفَّستُ الصُّعَداءَ. شَعرتُ بِحُنُوٍّ غَريبٍ عَلى زَوجيَ الحَبيبِ. كانَ خائِفًا عَليَّ وَظَلَّ يَرْقيني بِآياتِ اللّـهِ وَيُهَدِّئُ مِن رَوعي. حاوَلتُ أن أُغمِضَ عَينَيَّ. لا يَزالُ بَعضُ القَلَقِ والخَوفِ يَسري في أَوصالي. بَدَأتِ الطّائِرَةُ تَقتَرِبُ مِن أَجواءِ العاصِمَـةِ. كانَت مَدينَـةً مُستَيقِظَـةً تَحتَ رَذاذِ النَّدى، وَقَطراتِ المَطَرِ المُبَكِّرِ. والضَّبابُ الّذي يَلُفُّ خَصرَ هذهِ المَدينَـةِ الرّائِعَـةِ. دَبَّ النَّشاطُ في أوصالِنا جَميعًا. حَمَلتُ (الكاميرا) وَبدَأتُ أُصوِّرُ. كانَت عَينايَ تَجوبانِ المَكانَ شَمالًا وَجَنوبًا بَحثًا عَن غايتي. سَأَلَني: عَن ماذا تَبحَثين. هَل أنتِ نائِمَـة؟ سامِحيني.
وَأخيرًا..
رَضَخَ زَوجي بَعد طولِ صِراعٍ أن يَستَدينَ لِنُسافِرَ هذا الصَّيفَ.. وَهَلْ كانَ يَتَوَقَّعُ مِنّي تَحَمُّلَ حَرارَةِ صَيفِنا وَشِوائِـهِ اللّاهبِ؟
اعتَمَدتُ عَلى خِبرَتي القَيِّمَـةِ كَأُنْثى.. أَخذتُ نَفَسًا عَميقًا وَأنا داخلَ مَعرَكَـةٍ جَديدةٍ أعرِفُ نَتائِجَها سَلَفًا.. تَعبَّأتُ بِالصَّبرِ وَطولِ البالِ.. وزادَ (الدَّقُّ) حتّى تَفَكَّكَتْ أَوصالُـهُ واستَجابَ لِطَلَبي.. كالعادَةِ! لَمْ أكُن مِن أولئكَ النِّسوَةِ اللّائي يَيْئَسنَ بسرعَـةٍ.. وَبِأَنَفِ امرأةٍ خَبيرَةٍ عَرفتُ مَداخِلَ زَوجي وَمَخارِجَـهُ.. وَكلَّ مَسرَبٍ مِن مَسارِبِـه، كنتُ أملِكُ سِدادَتَـهُ وَمَفاتيحَـهُ بيدي.. أُلوِّحُ بِها متى أشاءُ وكيفَما أشاءُ.
مَرحبًا بِكُم عَلى خُطوطِ الطّيَرانِ الماليزيِّ..رِحلَتُنا سَتكونُ نَحو ماليزيا.. الرِّحلَـةُ تَستَغرِقُ سَبعَ ساعاتٍ مَع تَوقُّفٍ في باكستان.
حينَ حَلَّقَت بِنا الطّائِرَةُ استَرخَيتُ على الكُرسيِّ.. شَعَرتُ بِالرّاحـةِ العَميقَـةِ بَعدَ قَلَقٍ عَظيمٍ.. كُنتُ خائفَـةً أن تَشمَتَ بي جاراتي وصَديقاتي حينَ يُلغي زَوجي فِكرَةَ السَّفَرِ مِن أَجِندَتِـهِ.. وَأنا الّتي أَلهَبتُ مَشاعِرَهُنَّ بِالغيرَةِ والقَهرِ...
حَبيبي أحمَد.. أَقسَمَ عليّ أ لّا أَبقى تَحتَ شَمسِ هذا الصَّيفِ.
في الصَّباحِ.. كُنتُ أوَّلَ المُستَيقِظينَ.. وَقَفتُ عِندَ حُلقومِـهِ.. كُنتُ أُرَدِّدُ عِبارَةً واحِدَةً لا غَيرَها:
لا أصَدِّقُ نَفسي!! كَم كُنتُ أَحلُمُ بِالسَّفَرِ البَعيدِ والتِّجوالِ حَولَ العالَمِ.. أُشاهِدُ (دانيةَ الخَطيبِ) وقافِلَتَها في رِحلاتِها المُختَلِفَـةِ فَأعَضُّ أنامِلي قَهرًا وغيظًا، وَأنظُرُ إلى زَوجيَ الفَقيرِ، وَأَتحَسّرُ. لماذا لاتَتَحقّقُ أَحلامُنا الكَثيرةُ؟ مُنذُ وَعَيتُ عَلى الدُّنيا وَأحلامي مَسروقَـةٌ أو مبتورَةٌ.. حَلُمتُ بِإكْمالِ دِراسَتي وَأن أُصبِحَ طَبيبَـةً مَشهورَةً، لكنَّ رُسوبيَ المُتَكرِّرَ زَجَّ بي بَينَ جُدرانِ بَيتيَ الكئيبِ.. تَخَيَّلتُ زَوجَ المُستَقبَلِ غَنيًّا سَيَحمِلُني على كُفوفِ الرّاحَـةِ فَإذا أنا خادِمَـةٌ في بَيتِ أبيـهِ الكَبيرِ.. رَضيتُ بـهِ وَأرَدْتُـهُ زَوجًا يَصنعُ مِنَ المُتَعِ الصَّغيرَةِ أفراحًا كَبيرةً فَإذا بِهِ لايَعرِفُ شَرقَ الأرضِ مِن غَربِها.. وَلا يَملِكُ سِوى قَلبٍ طَيِّبٍ لِلغايَـةِ. وعَقلٍ صَدِئٍ للغايَـةِ!! كُلُّ أحلامي بَعيدَةٌ.. إلّا هذا الحُلُمَ الوَحيدَ الّذي انتَزَعتُـه مِن سماواتِ المُستَحيلِ.
ما أجملَ السُّحُبَ البَيضاءَ! تَبدو كَنُتَفِ القُطنِ النّاعِمَـةِ.. هَل نَحنُ فِعلًا مُعَلَّقونَ بَينَ سَماءٍ وَأرضٍ؟! كُنتُ كالبَلهاءِ أُصَوِّرُ كلَّ شَيءٍ، السُّحُبَ.. كَراسي الطّائِرةِ.. حتّى الوَجبَـةَ الّتي تَناوَلتُها في الطّائِرَةِ.. رُبَّما لا تُصَدِّقُني الجاراتُ؛ فَتَكونَ دَليلَ إثباتٍ!
وَحينَ تَزوَّجَتْ .. كانَ زَواجُها حُلُمَ كُلِّ فتاةٍ.. أمّا أنا فَكانَ زَواجي تَقليديًّا.. لَم أفرَحْ وَلَم أَحزَنْ.. حتّى زَوجي لَم يُظهِرْ أيَّ شُعورٍ بِنَشوَةِ الانتِصارِ، بِأنَّـهُ فازَ بي مِن دونِ شَبابِ الحَيِّ، وأنَّـهُ استَحقَّني بِجدارَةٍ كَما فَعلَ زَوجُ (عَلياءَ)، لَو كانَ فَعَلَها لَما جَعَلتُها نِدًّا لي في عَقلي وَحَياتي. كانَت تَتَعَمَّدُ زيارَتي دائمًا لإغاظَتي والنِّكايَـةِ بي.. وَقَرَّرتُ أن أُعامِلَها بِالمِثلِ.
انتَبَهنا عَلى صَوتِ قائِدِ الطّائِرَةِ.. طَلَبَ إلينا رَبطَ الأحزِمَـةِ فَهُناكَ مَطَبّاتٌ هَوائيَّـةٌ..
صَرَختُ في زَوجي:
عادَ صَوتُ قائِدِ الطّائِرَةِ يَدعونا للتَّمَسُّكِ جَيِّدًا.. مَطَبٌّ هَوائيٌّ جَديد.. الرَّجُلُ الّذي يَجلِسُ أمامي بَدَأَ يَقرَأُ سورَةَ البَقَرَةِ مِن مُصحَفِـهِ.. بعضُ الرُّكّابِ بَدَؤوا يُسَمّونَ وَيُحَوقِلونَ .. وَزَوجي يُرَدِّدُ الشَّهادَتَينِ وَيَقرَأُ آيـةَ الكُرسيِّ.. إذَن.. الأمرُ خَطيرٌ!..
اهتَزَّتِ الطّائِرَةُ اهتزازًا أقوى مِنَ المَرَّةِ السّابِقَـةِ.. شَعَرنا بِالمَيَلانِ.. بَدَأَ الجَفافُ يَزحَفُ إلى حَلْقي.. انحَبَسَ صَوتي.. كانَ المَطَرُ يَهطُلُ في الخارِجِ.. وَنحنُ الآنَ بَينَ سماءٍ وَأرضٍ في عُلبةٍ حَديديَّةٍ.. تَتَمايَلُ كَسَفينَةٍ وَرَقيَّةٍ في بِركَةِ ماءٍ.. رَكِبَ الخَوفُ صَدري والتَصَقَ بِضُلوعي.. انكَمَشتُ كَفَأرَةٍ مَذعورَةٍ.. كُنتُ أنظُرُ إلى زَوجي بِعَينَينِ قَفَزَتا مِن مِحْجَرَيْهِما.. ماذا لَو؟ ماذا لَو كانَ هذا آخرُ المَطافِ؟ طارَ لَونُ وَجهي، وَتَلَوَّنَ بِكُلِّ الألوانِ إلّا لَونَ الحياةِ.. قَرَأتُ الخَوفَ والذُّعرَ عَلى وَجـهِ زَوجيَ الّذي أَمسَكَ بيَدي، وَبَدَأَ يَقرَأُ وَيُرَدِّدُ الآياتِ والأدعيَـةَ. أَمسَكَ بيَ الذُّعرُ وَقَلَّبَني كَيفَ شاءَ.. نَبَتَ النَّدَمُ، وَتَجذَّرَ، وَأَوْرَقَ في صَدريَ المَرعوبِ: اللّهمَّ اغفِر لي... سَيَغفِرُ ماذا؟ ما أكثَرَ ذُنوبيَ وَأبشَعَها؟ آه .. لَيتَني ماتَكاسَلتُ عَن صَلاةِ الفَجرِ حتّى خَرَجَ وَقتُها.. لَيتَني ما تَطاوَلتُ عَلى زَوجيَ المِسكينِ، وَلَم أُجبِرهُ عَلى الاستِدانَـةِ.. يَقولونَ إنَّ روحَ المَيْتِ المَدينِ لاتَصعَدُ إلى سَماءِ رَبِّها، فَدُيونُـهُ تُكَبِّلُـهُ وَتُقَيِّدُهُ حَتّى لَو كانِ شَهيدًا. لكِنَّـهُ سَيكونُ شَهيدًا.. فَلَقَد صَبَرَ عَليَّ كَثيرًا..
واحتَمَلَ سَلاطَـةَ لِساني وَقِلَّـةَ عَقلي. لا أذكُرُ أنَّـهُ ضَرَبَني يَومًا أو أهانَني.. بَل على العَكسِ كانَ يَتمنّى إرضائي.. ليتَـهُ فَعَلَ وَضَرَبَني.. فما كان سَيحدُثُ ماحدَثَ.. لَيتَـهُ أوقَفَني عِندَ حَدّي، وَفَعَلَ مِثلَ مافَعَلَ أبي بِأُمّي حينَ عانَدَتْـه، إذ أَمسَكَ بِحزامِـهِ، وَجَلَدَها على ظَهرِها حتّى استَكانَت. آخ.. ما أكثَرَ أخطائي!
تَذَكَّرتُ يومَ نَهَرتُ جارَتَنا الأرمَلَـةَ وَوَصَمتُها بأقبَحِ الصِّفاتِ حينَ جاءَت تَطلُبُ مُساعَدَةً مِن زَوجي.. كنتُ أظُنُّها تُخَطِّطُ لِخَطفِ زَوجي.. ألا لَعنَـةُ اللّـهِ على الأفلامِ والمُسَلسَلاتِ الّتي أَسهَرُ عَلَيها كُلَّ لَيلَـةٍ! وَ(عَلياءُ) لِماذا أَضَعُها في رَأسي مِسمارًا؟! هَل فَعَلَت بي شَيئًا مُحدّدًا؟
«لا » .. أنا مَن بَدَأَ المَعرَكَـةَ وَأَشعَلَ أُوارَها.. سامِحني يارَبُّ.. سامِحيني يا عَلياءُ.. لو كُنتُ صادَقتُها ..سَقَطَتْ عَينايَ عَلى زَوجي.. لايَزالُ يَقرَأُ الآياتِ.. مَطَبٌّ هَوائيٌّ جَديدٌ.. اضْطَرَبَت مَعِدَتي.. شَعَرتُ بِمَغصٍ شَديدٍ وَرَغبَـةٍ في التَّقَيُّؤ.. رَجَّـةٌ جَديدَةٌ.. كأنَّنا نَسيرُ على دَربٍ وَعِرٍ مَليءٍ بِالحُفَرِ والشُّقوقِ.. حتّى السَّماءُ! سُبحانَ اللّـهِ!! سامِحني ياربُّ.. أشهَدُ أنْ لا إلهَ إ لّا اللّه .. تذكّرتُ حَديثًا نَبَويًّا، «مَنْ كانَ آخرُ كلامِـهِ لا إلهَ إ لّا اللّـهُ دَخَلَ الجَنَّـةَ » هَل سَأدخُلُها؟ وَذُنوبي؟! وَأفكاري الشّيطانيَّـةُ؟! سَمِعتُ خَطيبَ الجُمُعَـةِ يَقولُ: إنَّ رَحمَـةَ اللّـهِ واسِعَـةٌ.. وأنَّها وَسِعَت بَغيًّا سَقَتْ كَلبًا الماءَ، فَدَخَلَتِ الجَنَّـةَ. ولكنَّني لَم أَسقِ زَوجي سِوى الهَمِّ والنَّكَدِ والذُّلِّ!
ياربُّ سامِحني.. سَأتوبُ وَأُنيبُ ياربُّ.. تَوبَـةً نَصوحًا لا أَعودُ بَعدَها أبدًا.. يا وَيلي لَو مِتُّ وأنا على هذهِ الحالِ.. بَدَأتُ أتَشَهَّدُ.. لا أدْري كَم مَرَّ مِن الوَقتِ حتّى انسابَ صَوتُ قائِدِ الطّائِرَةِ يُبَشِّرُنا بِتَجاوُزِ المَطبّاتِ الهَوائيَّـةِ.
عادَتِ الدِّماءُ تَجري في أَوصالِنا مِن جَديدٍ.. السَّيِّدَةُ الّتي تَقبَعُ خَلْفي أَقسَمَتْ أ لّا تَركَبَ طائِرَةً أبَدًا.. تَنَفَّستُ الصُّعَداءَ.. شَعرتُ بِحُنُوٍّ غَريبٍ عَلى زَوجيَ الحَبيبِ.. كانَ خائِفًا عَليَّ وَظَلَّ يَرْقيني بِآياتِ اللّـهِ وَيُهَدِّئُ مِن رَوعي. حاوَلتُ أن أُغمِضَ عَينَيَّ.. لا يَزالُ بَعضُ القَلَقِ والخَوفِ يَسري في أَوصالي.. السّاعَةُ جاوَزَتِ الرّابِعَـةَ فَجرًا.. وُصولُنا لِماليزيا سَيَكونُ في السّاعَـةِ السّادِسَـةِ صَباحًا.
بَدَأتِ الطّائِرَةُ تَقتَرِبُ مِن أَجواءِ العاصِمَـةِ.. كانَت مَدينَـةً مُستَيقِظَـةً تَحتَ رَذاذِ النَّدى، وَقَطراتِ المَطَرِ المُبَكِّرِ.. كانَ مَنظَرًا خَلّابًا.. البِساطُ الأخضَرُ يَمتدُّ هُنا وهُناك.. البُيوتُ الخَشَبيَّـةُ بِأسقُفِها الحُمر.. والضَّبابُ الّذي يَلُفُّ خَصرَ هذهِ المَدينَـةِ الرّائِعَـةِ.. دَبَّ النَّشاطُ في أوصالِنا جَميعًا.. حَمَلتُ (الكاميرا) وَبدَأتُ أُصوِّرُ.. هَبَطَتِ الطّائِرَةُ في مطارِ العاصِمَـةِ.. أَخَذَت عَجلاتُها تَنزَلِقُ عَلى أرضِ المُدَرَّجِ الواسِعِ حتّى استَقَرَّت.. كُنتُ أَسبِقُ زَوجي في النُّزولِ وَمُعانَقَـةِ هَواءِ المَدينَـةِ الغافيَـةِ في مِثلِ هذا الصَّباحِ النَّظيفِ..
انتَقَلنا بِواسِطَـةِ القِطارِ لِلجِهَـةِ الثّانيـةِ مِن المَطارِ.. كانَ مَطارًا واسِعًا وَنَظيفًا.. كانَت عَينايَ تَجوبانِ المَكانَ شَمالًا وَجَنوبًا بَحثًا عَن غايتي..لاحَظَ زَوجي انشِغالي في البَحثِ.. سَأَلَني: عَن ماذا تَبحَثين. لَم أرُدّ. انطَلَقتُ نَحوَ كَبينَـةِ الهاتِفِ العُموميِّ.. أَدرتُ الأرقامَ الّتي أَحفَظُها.. كانَ صَوتي عاليًا يَسمَعُـهُ الجَميعُ:
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
وتأهيل القيادات ووليف شكرا جزيلا لكم بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم لا علم لنا الا م...
جيد: الأهداف واضحة وتتمثل في دراسة تأثير الخجل على بناء التعلمات لدى تلاميذ وتلميذات المستوى الثالث ...
-الإعداد لبرنامج عمل مهمة التدقيق الشرعي الداخلي من خلال تحديد (الخطوات التي سيتم اتباعها) وهي تحدي...
المقدمات النحویة۱۳ ۱-ِالعَوض عن حرف:ویكون ذلك في الاسم المنقوص إذا جاء على صیغة ٍ منتھى الجموع، مثل:...
إن المتتبع لنشأت وتطور التعليم والتدريب المهني، يري أنه بدأ منذ وقت مبكر يرجع إلى فترة الثورة الصناع...
شركة الجار الإماراتية نبذة تعريفية: تُعد شركة الجار الإماراتية شركة رائدة في مجال توفير حلول الأمن ا...
والمعلمون هم صناع هؤلاء القادة، فيحمل الأطفال ما يتعلمونه لبقية حياتهم، ويمكن القول بأنّ المعلم يشكل...
الهيبرتكست هو التعبير الوصفي لأحدث أشكال الكتابة الإلكترونية وهو يشكل نصًا إلكترونيًا يرتبط بنصوص أخ...
##ÆÎh1⁄4DÍ1⁄4D#lL ، ،א، א א א Ùא ...
شرعت إلى جانب والدي، ممسكا بيده اليمنى، وركضت لمواكبة الخطوات الطويلة التي كان يخطوها. كانت جميع ملا...
يعتبر الاستعداد الوظيفي هو أحد العوامل التي ترفع قدرة الأفراد على اتخاذ الخيارات المهنية، وصنع القر...
الضوابط القانونية لتنفيذ حكم التحكيم الرياضي وفقاً للقانون الإماراتي. مقترح خطة بحث لاستكمال متطلب...