Lakhasly

مفهوم الشعر ومكانته عند العرب: إن للشعر والشاعر مكانته المرموقة عند العرب، إذ بعد الشعر أكبر علوم العرب وأوفر حظوظ الأدب وأحرى أن تقبل شهادته ونمتثل إرادته. وسلطان القدرة وقد جاء في الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى موسى الأشعري له من قبلك بتعلم الشعر؛ فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي، ومعرفة الأنساب» وقد ذكر أن معاوية بن أبي سفيان أوصى بتعليم الأولاد الشعر بقوله يجب على الرجل تأديب ولده، الأدب وذب عن أحسابها ومخلد لمأثرها، ومشيد بذكر أبطالها. ولأهمية الشعر ووظيفته صار الشعر ديوان العرب، والشاعر رسول أو نبي يتبع من طرف أبناء قبيلته، مما أدى إلى ظهور تيارات أدبية نقدية متنازعة [24] مفهوم الشعر ومكانته عند العرب: إن للشعر والشاعر مكانته المرموقة عند العرب، إذ بعد الشعر أكبر علوم العرب وأوفر حظوظ الأدب وأحرى أن تقبل شهادته ونمتثل إرادته. مع ما للشعر من عظيم المزية، وشرف الأبية، وسلطان القدرة وقد جاء في الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى موسى الأشعري له من قبلك بتعلم الشعر؛ والشعر أعلى مراتب الأدب أما بخصوص الشاعر فقد كانت القبلية من العرب إذا ما نبغ فيها شاعر أقيمت على شرفه الأفراح والمعازيم. لمأثرها، ومشيد بذكر أبطالها. ولأهمية الشعر ووظيفته صار الشعر ديوان العرب، في العصر العباسي فأصبح الشعر مصدرا للتقعيد والتنظير لاسيما مع تمرد الشاعر المولد على التراث أما الشعري القديم، ومطالبته بالتغيير في بناء القصيدة النموذج، مما أدى إلى ظهور تيارات أدبية نقدية متنازعة فيما بينها: يسيطر على التيار الأول مفهوم الاحتذاء بالتراث وأنموذجينه، -2- مفهوم عمود الشعر هو طريقة نظم الشعر على سمت العرب، أي الحفاظ على طريقة فحول الشعراء القدماء وهي طريقة البحتري في العصر العباسي، لا ما جاء به المحدثين و المولدين والمتأخرين أمثال أبي تمام، ومن تبعه في ما يعد أو هو التقاليد والسنن التي اتبعها الأوائل من الشعراء والتي ينبغي على كل شاعر جاء فيما بعد الالتزام بها وعدم المساس بحرمتها"، وباختصار هو النسج على منوال القدماء في قول الشعر، وجيء بمصطلح العمود تشبها للقصيدة بالخيمة التي كانت تبنى وسط الصحراء يتوسطها عمود من خشب منين، وإذا مال مالت، وإذا انكسر سقطت الخيمة أرضا. أن العمود هو الخشبة التي يقوم عليها البيت وأغمد الشيء جعل تحته عمدا والعمود العصاء و العمود الخشية القائمة وسط الخياء، والجمع أعمدة و عمد . ورد في قاموس المحيط: أعمدة وعمد وعُمد والسيد كالعميد: ومن السيف شطيبته التي في ثمنه، ورئيس العسكر أو عمود البطن: الظهر ومن الكبد عرق يسقها، والعماد الأبنية الرفيعة. و العمدة ما تعتمد عليه وعليه تلاحظ أن كلمة عمود في المعنى المعجمي لا علاقة لها بالشعر ولكن أدباء العرب استوحوها من بيئتهم الصحراوية كما استوحوا الشعر والبيت، والقصيد وغيرها من المصطلحات العروضية، وذلك لأن العمود هو الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها العربي في بناء بيت الشعر، ونظرا لقيمة ومكانة هذا المصطلح بين الشعراء والنقاد راح الكثير منهم إلى دراسته وشرحه وتحديد عناصره فكانت الخصومة بين الطائيين أولى المعارك النقدية، التي أثمرت لنا مصطلح عمود الشعر، ثم توالت حوله الأبحاث والدراسات كما هو الأمر مع القاضي الجرجاني في كتابه الوساطة بين المتنبي وخصومه ثم المرزوقي الذي بعده النقاد المنظر الحقيقي لقضية عمود الشعر. 3 عمود الشعر عند الامدي: شهد العصر العباسي تطورا وازدها را مس كل مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية ، ورافق ذلك ازدهار المجال الثقافي ولاسيما الحركة النقدية التي انتعشت أيما انتعاش في جو الصراع القائم بين مذهب التجديد الذي استجاب المستجدات العصر" فمالت طائفة من الشعراء إلى العناية بالصورة اللفظية وإلقالها بالمحسنات البديعية وتعميق معانها بالغموض والتكلف. وعلى رأس هذه الطائفة يقف أبو تمام ومسلم بن الوليد، وتيار يناصر البحتري ويراه أشعر الشعراء ، مطبوع وعلى مذهب الأوائل وما فارق عمود الشعر المعروف " وذكره على لسان البحتري حينما سئل عن نفسه وعن أبي تمام أيهما أفضل فرد البحتري كان أبو تمام: «أغوص على المعاني مني، يجانب كثيرا خصائص الشعر القديم 15 16 وإذا كان مصطلح عمود الشعر ينسب إلى الأمدي فإن كلمة العمود ليست جديدة على الساحة الأدبية النقدية القديمة : حيث نجد الجاحظ (ت 255ه) يستعملها في كتابه البيان والتبين في قوله: «رأس الخطابة الطبع، وعمودها الدرية وأيضا تلتقي بنفس اللفظة في قوله : وكل شيء للعرب فإنما هو بديهة و ارتجال . وكانه إلهام، وليست هناك معاناة ولا ما بدة، ولا إجالة فكر ولا استعانة. فما هو إلا أن يصرف وهمه إلى جملة المذهب، وإلى العمود الذي إليه يقصد، فتأتيه المعاني أرسالا وتنثال عليه الألفاظ التيالا، ثم لا يقيده على نفسه فمن هذين القولين يتبين أن الجاحظ قد لمح إلى المصطلح في حين يعزى التأصيل و التأسيس للأمدى. ويبدو أن الأمدي كان يرى في شعر البحتري الأنموذج للشعر الجيد إذ يقول: « وليس الشعر عند أهل العلم به إلا حسن التأني، واختيار الكلام، وأن مكون الاستعارات والتمثيلات لائقة بما استعيرت له وغير منافرة المعناه، فإن الكلام لا 5 عمود الشعر عند المرزوقي: العمود الشعر أركان وعناصر أجملها المرزوقي (421هـ) في مقدمة كتابه شرح ديوان الحماسة لأبي تمام" وجزالة اللفظ واستقامته والإصابة في الوصف، ومن اجتماع هذه الأسباب الثلاثة كثرت سوائر الأمثال وشوارد الأبيات، والمقاربة في التشبيه والتحام أجزاء النظم والتنامها على تخير من لذيذ الوزن ومناسبة المستعار منه ومشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضاتهما للقافية حتى لا منافرة بينهما فهذه سبعة أبواب هي عمود الشعر (2) اختلف تصور المرزوقي لعمود الشعر عن تصور الأمدي ، الذي ربط عمود الشعر بشعر البحتري معتبرا إياه الأنموذج المحتذى الشعر الأوائل، والذي ينبغي لكل شاعر أن يسير عليه لينال أحقية استحقاق الشاعر المفلق، حيث جاء المرزوقي بسبعة عناصر لا تتعلق بخصائص الشعر القديم فقط وإنما هي خصائص عامة للشعر ، قديمه وحديثه وهنا يلتقي بالقاضي الجرجاني في تصوره لعمود الشعر. أو حين يكون بين بين يقتصد في قوله،

مفهوم الشعر ومكانته عند العرب: إن للشعر والشاعر مكانته المرموقة عند العرب، إذ بعد الشعر أكبر علوم العرب وأوفر حظوظ الأدب وأحرى أن تقبل شهادته ونمتثل إرادته... مع ما للشعر من عظيم المزية، وشرف الأبية، وعز الأنفة، وسلطان القدرة وقد جاء في الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى موسى الأشعري له من قبلك بتعلم الشعر؛ فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي، ومعرفة الأنساب» وقد ذكر

أن معاوية بن أبي سفيان أوصى بتعليم الأولاد الشعر بقوله يجب على الرجل تأديب ولده، والشعر أعلى مراتب

الأدب

أما بخصوص الشاعر فقد كانت القبلية من العرب إذا ما نبغ فيها شاعر أقيمت على شرفه الأفراح والمعازيم. وجاءت القبائل المجاورة مهنئة مباركة، وذلك لان الشاعر حماية لأعراض قبيلته، وذب عن أحسابها ومخلد

لمأثرها، ومشيد بذكر أبطالها.

هذا؛ ولأهمية الشعر ووظيفته صار الشعر ديوان العرب، والشاعر رسول أو نبي يتبع من طرف أبناء قبيلته، في العصر العباسي فأصبح الشعر مصدرا للتقعيد والتنظير لاسيما مع تمرد الشاعر المولد على التراث

أما الشعري القديم، ومطالبته بالتغيير في بناء القصيدة النموذج، مما أدى إلى ظهور تيارات أدبية نقدية متنازعة [24] مفهوم الشعر ومكانته عند العرب: إن للشعر والشاعر مكانته المرموقة عند العرب، إذ بعد الشعر أكبر علوم العرب وأوفر حظوظ الأدب وأحرى أن تقبل شهادته ونمتثل إرادته... مع ما للشعر من عظيم المزية، وشرف الأبية، وعز الأنفة، وسلطان القدرة وقد جاء في الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى موسى الأشعري له من قبلك بتعلم الشعر؛ فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي، ومعرفة الأنساب» وقد ذكر

أن معاوية بن أبي سفيان أوصى بتعليم الأولاد الشعر بقوله يجب على الرجل تأديب ولده، والشعر أعلى مراتب

الأدب

أما بخصوص الشاعر فقد كانت القبلية من العرب إذا ما نبغ فيها شاعر أقيمت على شرفه الأفراح والمعازيم. وجاءت القبائل المجاورة مهنئة مباركة، وذلك لان الشاعر حماية لأعراض قبيلته، وذب عن أحسابها ومخلد

لمأثرها، ومشيد بذكر أبطالها.

هذا؛ ولأهمية الشعر ووظيفته صار الشعر ديوان العرب، والشاعر رسول أو نبي يتبع من طرف أبناء قبيلته، في العصر العباسي فأصبح الشعر مصدرا للتقعيد والتنظير لاسيما مع تمرد الشاعر المولد على التراث

أما الشعري القديم، ومطالبته بالتغيير في بناء القصيدة النموذج، مما أدى إلى ظهور تيارات أدبية نقدية متنازعة فيما بينها: يسيطر على التيار الأول مفهوم الاحتذاء بالتراث وأنموذجينه، ويُدركونه بوصفه المعيار المحتذى . ويمثله بشار بن برد والبحتري وابن الرومي ومهيار الديلمي. أما التيار الثاني الذي يقوده أبو نواس، فقد شكل محور الإحساس بالتمرد على التراث ونماذجه وزمنه، أما التيار الثالث انطلق أصحابه من تصور يرى إمكانية تجاوز التراث والثقة في قدرة الشاعر العباسي على تقديم إبدا
-2- مفهوم عمود الشعر

هو طريقة نظم الشعر على سمت العرب، أي الحفاظ على طريقة فحول الشعراء القدماء وهي طريقة البحتري في العصر العباسي، لا ما جاء به المحدثين و المولدين والمتأخرين أمثال أبي تمام، ومن تبعه في ما يعد أو هو التقاليد والسنن التي اتبعها الأوائل من الشعراء والتي ينبغي على كل شاعر جاء فيما بعد الالتزام بها وعدم المساس بحرمتها"، وإن خرج أحدهم أو حاد عنها قبل عنه أنه خرج عن عمود الشعر وبالتالي فشعره مشكوك فيه وهو ما وقع فيه أبو تمام وأنصاره وعمود الشعر مصطلح نقدي يعني طريقة العرب القدماء في نظم الشعر أو هو التزام منهج العرب في بناء القصيدة الشعرية والاحتذاء بالقصيدة الأنموذج، وباختصار هو النسج على منوال القدماء في قول الشعر، وجيء بمصطلح العمود تشبها للقصيدة بالخيمة التي كانت تبنى وسط الصحراء يتوسطها عمود من خشب منين، فإذا اهتز اهتزت كل الخيمة، وإذا مال مالت، وإذا انكسر سقطت الخيمة أرضا. وجاء في لسان العرب، أن العمود هو الخشبة التي يقوم عليها البيت وأغمد الشيء جعل تحته عمدا والعمود العصاء و العمود الخشية القائمة وسط الخياء، والجمع أعمدة و عمد ... و عمود الأمر : قوامه الذي لا يستقيم إلا به وعمود السنان ما توسط سفرتيه من غير الثاني في وسطه ... والعميد : السيد المعتمد عليه في الأمور أو المعمود إليه ، ورد في قاموس المحيط: أعمدة وعمد وعُمد والسيد كالعميد: ومن السيف شطيبته التي في ثمنه، ورئيس العسكر أو عمود البطن: الظهر ومن الكبد عرق يسقها، والعماد الأبنية الرفيعة... و العمدة ما تعتمد عليه وعليه تلاحظ أن كلمة عمود في المعنى المعجمي لا علاقة لها بالشعر ولكن أدباء العرب استوحوها من بيئتهم الصحراوية كما استوحوا الشعر والبيت، والقصيد وغيرها من المصطلحات العروضية، وذلك لأن العمود هو الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها العربي في بناء بيت الشعر، ونظم الشعر لا يستقيم للشاعر إلا يفضل استقامة العمود ومتانته. ونظرا لقيمة ومكانة هذا المصطلح بين الشعراء والنقاد راح الكثير منهم إلى دراسته وشرحه وتحديد عناصره فكانت الخصومة بين الطائيين أولى المعارك النقدية، التي أثمرت لنا مصطلح عمود الشعر، ثم توالت حوله الأبحاث والدراسات كما هو الأمر مع القاضي الجرجاني في كتابه الوساطة بين المتنبي وخصومه ثم المرزوقي الذي بعده النقاد المنظر الحقيقي لقضية عمود الشعر.

3 عمود الشعر عند الامدي:

شهد العصر العباسي تطورا وازدها را مس كل مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية ، ورافق ذلك ازدهار المجال الثقافي ولاسيما الحركة النقدية التي انتعشت أيما انتعاش في جو الصراع القائم بين مذهب التجديد الذي استجاب المستجدات العصر" فمالت طائفة من الشعراء إلى العناية بالصورة اللفظية وإلقالها بالمحسنات البديعية وتعميق معانها بالغموض والتكلف. وعلى رأس هذه الطائفة يقف أبو تمام ومسلم بن الوليد، وقد دعاها النقاد القدامى بأنصار الصنعة ومذهب المحافظين الذين بقوا متمسكين بالطريقة التقليدية في نظم الشعر، فحذوا حذو الأوائل في العناية بعذوبة العبارة وانتقاء ألفاظها والأفضل إبانة مبتعدة عن الزخرف الإنضال ويمثله البحتري. وقد عرف أصحاب هذا المذهب بأصحاب الطبع عند النقاد القدماء وقد وجد الناقد الأمدي نفسه أمام تيارين اشتدت بينهما الخصومة ، تيار يناصر أبي تمام ويجعل منه شاعر زمانه، وتيار يناصر البحتري ويراه أشعر الشعراء ، فجاء بكتابه " الموازنة بين الطائيين" بغية إظهار مزية كل من الشاعرين. 10

11 وبعد كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام و البحتري أول مؤلف ورد فيه مصطلح عمود الشعر في قول الأمدي: «البحتري أعرابي الشعر، مطبوع وعلى مذهب الأوائل وما فارق عمود الشعر المعروف " وذكره على لسان البحتري حينما سئل عن نفسه وعن أبي تمام أيهما أفضل فرد البحتري كان أبو تمام: «أغوص على المعاني مني، وأنا أقوم بعمود الشعر منه " كما ورد كذلك في هذا النص وحصل للبحتري أنه ما فارق عمود الشعر و 12

طريقته المعروفة، مع ما نجده كثيرا في شعره من الاستعارة والتجنيس والمطابقة " .

14 وعليه يعتبر الأمدي أول من وظف مصطلح عمود الشعر ليكون عنوانا لطريقة العرب الشعرية، ومعيارا للخصومة بين القدماء والمحدثين كما وصف شعر البحتري بالأنموذج الذي يستمد منه خصائص عمود الشعر فجاءت نظرية عمود الشعر عنده صورة لشعر البحتري، ومن ثم صورة للشعر القديم لأن البحتري لم

يجانب كثيرا خصائص الشعر القديم 15

16 وإذا كان مصطلح عمود الشعر ينسب إلى الأمدي فإن كلمة العمود ليست جديدة على الساحة الأدبية النقدية القديمة : حيث نجد الجاحظ (ت 255ه) يستعملها في كتابه البيان والتبين في قوله: «رأس الخطابة الطبع، وعمودها الدرية وأيضا تلتقي بنفس اللفظة في قوله : وكل شيء للعرب فإنما هو بديهة و ارتجال . وكانه إلهام، وليست هناك معاناة ولا ما بدة، ولا إجالة فكر ولا استعانة... فما هو إلا أن يصرف وهمه إلى جملة المذهب، وإلى العمود الذي إليه يقصد، فتأتيه المعاني أرسالا وتنثال عليه الألفاظ التيالا، ثم لا يقيده على نفسه فمن هذين القولين يتبين أن الجاحظ قد لمح إلى المصطلح في حين يعزى التأصيل و التأسيس للأمدى.

ويبدو أن الأمدي كان يرى في شعر البحتري الأنموذج للشعر الجيد إذ يقول: « وليس الشعر عند أهل العلم به إلا حسن التأني، وقرب المأخذ، واختيار الكلام، ووضع الألفاظ في موضعها، وأن يورد المعاني باللفظ المعتاد فيه المستعمل في مثله، وأن مكون الاستعارات والتمثيلات لائقة بما استعيرت له وغير منافرة المعناه، فإن الكلام لا

يكتسي الماء و الرونق إلا إذا كان هذا الوصف وتلك طريقة البحتري
5 عمود الشعر عند المرزوقي:

العمود الشعر أركان وعناصر أجملها المرزوقي (421هـ) في مقدمة كتابه شرح ديوان الحماسة لأبي تمام"

بعدما وجد الطريق معبدا من طرف الأمدي و الجرجاني ليقول رأيه : إنهم كانوا يحاولون شرف المعنى وصحته

وجزالة اللفظ واستقامته والإصابة في الوصف، ومن اجتماع هذه الأسباب الثلاثة كثرت سوائر الأمثال وشوارد

الأبيات، والمقاربة في التشبيه والتحام أجزاء النظم والتنامها على تخير من لذيذ الوزن ومناسبة المستعار منه

للمستعار له، ومشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضاتهما للقافية حتى لا منافرة بينهما فهذه سبعة أبواب هي عمود

الشعر (2)

اختلف تصور المرزوقي لعمود الشعر عن تصور الأمدي ، الذي ربط عمود الشعر بشعر البحتري معتبرا إياه الأنموذج المحتذى الشعر الأوائل، والذي ينبغي لكل شاعر أن يسير عليه لينال أحقية استحقاق الشاعر المفلق، حيث جاء المرزوقي بسبعة عناصر لا تتعلق بخصائص الشعر القديم فقط وإنما هي خصائص عامة للشعر ، قديمه وحديثه وهنا يلتقي بالقاضي الجرجاني في تصوره لعمود الشعر. وبهذه الرؤية الانفتاحية للشعر أسهم في اتساع مفهوم المصطلح، ولاسيما عندما جعل تحقيق هذه العناصر ممكنا إذا ذهب الشاعر فيها مذهب الصدق والتزام الحقيقة أو حين يذهب مذهب الغلو والمبالغة، أو حين يكون بين بين يقتصد في قوله، ويتوسط فيه، فذكر أقوالا ثلاثة يمكن أن تتحقق فيها عناصر الشعر وهي أحسن الشعر اكذبه، وأحسن الشعر أصدقه، وأحسن الشعر أقصده، ولم يفاضل بين هذه الأقوال الثلاثة، أو يقطع بصلة واحد منها بعمود الشعر، وإنما ذكر أن لكل قول منها أنصاره الذين يؤثرونه، يدافعون عنه " وهكذا نظر المرزوقي إلى قضية عمود الشعر نظرة شمولية موضوعية، لم تقص أي طرف من الأطراف المتصارعة فيما بينها، مستجيبا لمتطلبات 26

العصر الذهبي الذي كثرت فيه الخصومات والصراعات الأدبية النقدية.

6- عمود الشعر عند النقاد المعاصرين

اهتم النقاد المعاصرون بعناصر عمود الشعر التي جاء بها المرزوقي، فتناولوها بعدة قراءات مختلفة ومن بينهم عبد الله الغذامي في كتابه "المشاكلة والاختلاف"، والطاهر بن عاشور من خلال شرحه المقدمة

المرزوقي على شرح ديوان الحماسة لأبي تمام غير أن الذي استوقفتني قراءته الناقد وليد إبراهيم قصاب الذي اعتبر عمود الشعر نظرية استكمل أسسها المرزوقي باعتباره هو " الذي أوضح نظرية عمود الشعر

ووضع لها عناصر وقوانين تشمل الكثير من دقائق الشعر وخطوطه الرئيسة الكبرى ، بحيث استوى الحديث عن عمود الشعر على يديه واضحا مكتمل الجوانب، ولم يستطع أحد بعد المرزوقي أن يضيف شيئا جديدا

إلى ما صنع "(). وبهذا الرأي يقر الناقد إبراهيم قصاب بأحقية المرزوقي بلقب منظر عمود الشعر.ومن على شرفة ما قيل يكشف البحث على أن نتائج تتمثل في أن:

• الخصومة بين الطائيين أولى المعارك النقدية التي أثمرت لنا مصطلح عمود الشعر ، وإن ارتبط هذا المصطلح بالمرزوقي فإن الإرهاصات الأولى بدأت مع الأمدي في كتابه الموازنة بين الطانيين ثم مع القاضي

الجرجاني في كتابه الوساطة بين المتنبي وخصومه.

• إذا كان الأمدي اتخذ من شعر البحتري الأنموذج الأمثل لعمود الشعر، فإن القاضي الجرجاني لم يعبأ لشعر المتنبي ولا لغيره، بل تناول عمود الشعر من منطلق التجربة الشعرية لدى كل شاعر قديم أو حديث، دون

المفاضلة بين الشعراء القدماء والمحدثين في العصر العباسي

ومن خلال ما جاء في كتاب "الموازنة" يبدو انحياز الأمدي لشعر البحتري ومناصرته للقديم انحيازا واضحا على

الرغم من أنه تعيد في مقدمته بأن يكون موضوعيا في موازنته بين الطائيين.

مما لا شك فيه أن ما أورده المرزوقي، ليس بالجديد عن الساحة النقدية الأدبية العربية، وإنما هو استطاع أن

يكيف ويصوغ هذه الأركان السبعة في مفهوم مصطلح نقدي التصق باسمه التصاق النظرية بالمنظر.

اكتفى النقد المعاصر بتتبع ما قيل حول قضية عمود الشعر قديما ولم يأت بجديد مغاير ، لكن بقراءته للقديم استطاع تزكية المرزوقي بوصفه المنظر والمؤسس الحقيقي لعمود الشعر وتحديد عناصره.