Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

2ملخص فصل في الدلالة على أن القرآن معجزة
قد ثبت في الفصل الأول أن نبوة النبي أساسها هو القرآن الكريم، -التيقن أن القرآن من عند الله :
أ.ذكر العلماء أن الأصل في هذا هو أن تعلم أن القرآن المتلو المحفوظ المرسوم في المصاحف هو الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأنه الذي تلاه على من عاصروه ثلاثا وعشرين سنة. المتفقة في الكفر، ووقف أهل عصره من المؤمنين على جملته وتفصيله، وتظاهر بينهم حتى حفظه الرجال وتنقلت به الرحال، المحكمة أحكامه، ثم تناقله خلف عن سلف حتى انتهى إلينا وما وصفنا من حاله، فهذا هو الأصل. والدليل عليه من القرآن الكريم، حيث قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا على عبدنا فأتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادقين [البقرة: 23]، والحجة على وحدانيته، وبذلك يدحض قول من قال بعدم إمكانية دلالة القرآن على وحدانية الله وزعم أن ذلك لا سبيل إليه إلا من جهة العقل لأن القرآن كلام الله ولا يصح أن يعلم الكلام حتى يعلم المتكلم أولا، وليس الغرض تحقيق القول في هذا الفصل لأنه خارج عن مقصود كلامنا ولكن ذكرناه من جهة دلالة الآية عليه، فقد قال تعالى: (قُلْ لَئِن اجتمعت الْإِنْسَ وَالْجِنَّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بمثل هذا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لبعض ظهيراً [الإسراء: 88]، فالعرب لم تستجب للتحدي الذي أعلنهم الله عليهم فلم يأتوا بمثله وفي هذا أمران: التحدي إليه، والآخر لم يأتوا بمثله والدليل عليه النقل المتواتر الذي يقع به العلم اليقيني فلا إمكانية لجحود أحد الأمرين. اعتراضات على التحدي والإجابة عليها
وأيضا الزعم أن القرآن ليس هو الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو شيء وضعه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما حيث وضعا المصحف والزعم أن فيه الزيادة والنقصان. -ضمان الله تعالى حفظ كتابه: لقد حفظ الله كتابه من التحريف والتغيير، وقول من قال أن ذلك يغني عن الرد عليه، فلو حصل التغيير في شعر شاعر لفضح فكيف بكلام الله تعالى، فهذا شعر امرؤ القيس وغيره لا يجوز أن يظهر ظهور القرآن في الحفظ والضبط والحاجة الماسة إليه، فلو زيد أو نقص فيه بيت أو لفظ لأنكره أرباب الشعر عليه، فكيف يكون التبديل في كلام رب البشر فهذا لا يقبله العقل بالإضافة أن القرآن يحتاجه البشر لإقامة أحكامه وتشريعاته، فالله تعالى يقول نقلا عنهم لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا (الأنفال: 31]، وأيضا قال تعالى: إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ (ص: 7]، ومنهم من يزعم أله مفترى لذلك لا يأتي بمثله، فلو جاز أن يكون بعضه مكتوما أو موضوعا جاز كله. هـ. وجعله دلالة على صدقه ونبوته، وتضمن أحكامه استباحة دمائهم وأموالهم وسبي ذراريهم، فكان ذلك يغنيهم عن تكلف القتال وتجنب الجدال والجلاء من الأوطان، وتضليل آبائه، والانخراط في سلك الأتباع بعد أن كان متبوعا، وتحكيم غيره في المال والدخول تحت تكاليف شاقة، فقد بذلوا السيف والمال لذلك فكيف لا يردون باللسان، فكيف يجوز أن لا يتوصلوا إلى الرد عليه وتكذيبه بأهون سعيهم ومألوف أمرهم ومعهود خطابهم مع بلوغهم الذروة في الفصاحة. و لو عارضوه لوهن أمره، وتكذيب قوله وتفريق جمعه وتشتيت أسبابه، وكان من صدق به يرجع على أعقابه، وقولهم : وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونَ﴾ [الحجر: 6] وقولهم : ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِنَّكَ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمَ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ﴾ [الفرقان: 4]، والآيات كثيرة تدل على أنهم كانوا متحيرين في أمرهم، يفزعون من هذه الأمور بتعليلات ومعاذير ومدافعة بما وقع بع التحدي، فلذلك طالبوا بمعجزات أخرى غير الفصاحة يريدون تعجيزه ليظهروا عليه بوجه من الوجوه، فكيف يجوز أن يقدروا على معارضته القريبة السهلة عليهم، فلو كانت المعارضة ممكنة لعارضوه وهم ما هم فيه من السليقة والبلاغة والفصاحة، وهو يتفوق عليهم فيعجزوا عن مباراته، وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لذكر لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تسألون [الزخرف: 44]، إلى غيرها من الآيات التي تدعوهم إلى المباراة والتحدي وتفخيم شأن القرآن. ز. عدم معارضتهم يدل على أنه لا إمكانية للمعارضة فلم يحتجوا بكلام سابق أو نظم بديع أو قالوا هذا الكلام أفصح من الذي جئت به، وأنه لا نظير له ولو وجد لنقل إلينا كما نقلت إلينا أشعارهم وغيرها من صنوف الكلام، ولا تظهر على أحد إلا وهي من الله، فوجه الإعجاز فيها بالتحدي لإزالة الشبهة على الكل ويتضح للجميع أن العجز واقع عن المعارضة، فالبليغ إذا احتج عليه بالقرآن كان ذلك بلاغا في إيجاب الحجة، فالغالبية لما تفطنوا لإعجازه أسلموا لأن دعوة النبي لهم لم تكن تقليدا وإنما انقادوا إليه على بصيرة منهم فلم يقل لهم عودوا إلى البلغاء منكم، بل لما رأهم يعلمون إعجازه الزمهم حكمه فقبلوه وتمسكوا به، فمن كانت بصيرته أبصر كان إلى الحق أسبق، فمن المعلوم تفاوت الناس في إدراك القرآن ومعرفة وجه الدلالة منه، فالأعجمي لا يعلم أنه معجز إلا بعلمه عجز العربي، فمن علم إعجاز أهل الصنعة لزمته الحجة ومن كان في ذروة معرفة وجوه الخطابة علم إعجازه منذ سماعه له فعدم قول ذلك يفضي إلى القول أن النبي لم يعلم أنه معجز إلا عندما عرف عجز أهل اللسان عنه وهذا قول مردود، فالبليغ منهم يعرف خروج بلاغة القرآن عن مألوفهم، فالقرآن نزل من وجه نقض العادة التي ألفوها في الكلام، فهذا جبير بن مطعم أسلم لما سمع سورة الطور فخشي من العذاب، فالسماع طريق التأمل وعند التأمل يقع التسليم للحق، فقال تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله ثُمَّ أبْلِغة مأمنة [التوبة: 6]، فمنهم من يشك في إثبات الصانع، ومنهم من يشك في التوحيد، فالرد على هذا الزعم أنه لو صح ذلك صح لكل من أمكنه نظم ربع بيت أو مصراع من بيت أن ينظم القصائد ويقول الأشعار ولصح لكل ناطق يتوفر في نظمه الكلام البديع أن ينظم الخطب البليغة العجيبة ولكن ذلك غير ممكن، فهذه وجوه امتناع مساواة كلام الناس به ظاهرالخطأ، فهو كقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكْرَ وَقَدَّر (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدْرَ (19) ثم قُتِلَ كَيْفَ قَدْرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَيَسر (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَر (23) فقال إن هذا إلا سِحْرٌ يُؤثر (24) إِنْ هَذَا إِلا قول البشر [المدثر : 18-[25
بطلان القول بالصرفة عن طريق أنه لو كانت المعارضة ممكنة لم يكن الكلام معجزا وإلما المنع يكون معجزا، فليس ذلك غريب من قولهم أن الكل قادرون على الإتيان بمثله، وأيضا الزعم أنه لا فرق بين كلام البشر وكلام الله تعالى أنه يصح الإعجاز في كل واحد منها على حد واحد، ي. انفردت اللغة العربية بالإعجاز، فالله وصف القرآن بأنه أنزل بلسان عربي مبين، فبين رفعه عن جعله
فكثير من المسلمين عرفوا تلك الألسن المختلفة،


Original text

2ملخص فصل في الدلالة على أن القرآن معجزة


قد ثبت في الفصل الأول أن نبوة النبي أساسها هو القرآن الكريم، فوجب تبيين وجه الدلالة على ذلك.


-التيقن أن القرآن من عند الله :


أ.ذكر العلماء أن الأصل في هذا هو أن تعلم أن القرآن المتلو المحفوظ المرسوم في المصاحف هو الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأنه الذي تلاه على من عاصروه ثلاثا وعشرين سنة.
ب.النقل المتواتر يؤكد ذلك :فالنقل المتواتر هو الطريق الذي يقع به العلم الضروري وذلك لأنه كتب به إلى البلدان وتحمله عليه من بعده وأورده على غيره ممن لم يتابعه، حتى ظهر فيهم الظهور الذي لا يشتبه على أحد منهم، ولا يحتمل أنه قد خرج من أتى بقرآن يتلوه حتى انتشر في أرض العرب، وتعدى إلى الملوك كملك الروم والفرس والعجم والقبط والحبشة وغيرهم.
ج. اطلاع أهل زمن النبي صلى الله عليه وسلم وحفظهم له: لما جاء القرآن مضادا لأديان ذلك العصر ومخالفا لاعتقاداتهم المختلفة مضمونا، المتفقة في الكفر، فوقفوا جميع أهل الخلاف على جملته، ووقف أهل عصره من المؤمنين على جملته وتفصيله، وتظاهر بينهم حتى حفظه الرجال وتنقلت به الرحال، فكان عمدة الدين والمنارة له، المتلو في صلواتهم، المحكمة أحكامه، ثم تناقله خلف عن سلف حتى انتهى إلينا وما وصفنا من حاله، فلا مجال للشك فيه من أي أحد بأنه أتى به من عند الله مع وجود هذه الأسباب، فهذا هو الأصل.
د. القرآن متحديا العرب: إذا ثبت هذا الأصل وجودا أنه تحداهم إلى أن يأتوا بمثله وقرعهم على عدم قدرتهم الإتيان بمثله طول السنين التي وصفناها فلم يقدروا على ذلك، والدليل عليه من القرآن الكريم، حيث قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا على عبدنا فأتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادقين [البقرة: 23]، فجعل العجز عن الإتيان بمثله دليل على أنه من عنده،والحجة على وحدانيته، وبذلك يدحض قول من قال بعدم إمكانية دلالة القرآن على وحدانية الله وزعم أن ذلك لا سبيل إليه إلا من جهة العقل لأن القرآن كلام الله ولا يصح أن يعلم الكلام حتى يعلم المتكلم أولا، فإذا ثبت بما نبينه إعجازه وأن الخلق لا يقدرون عليه ثبت أن الذي أتى به غيرهم، وأنه صدق، وإذا كان كذلك كان ما يتضمنه صدقا، وليس الغرض تحقيق القول في هذا الفصل لأنه خارج عن مقصود كلامنا ولكن ذكرناه من جهة دلالة الآية عليه، فقد قال تعالى: (قُلْ لَئِن اجتمعت الْإِنْسَ وَالْجِنَّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بمثل هذا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لبعض ظهيراً [الإسراء: 88]، فالعرب لم تستجب للتحدي الذي أعلنهم الله عليهم فلم يأتوا بمثله وفي هذا أمران: التحدي إليه، والآخر لم يأتوا بمثله والدليل عليه النقل المتواتر الذي يقع به العلم اليقيني فلا إمكانية لجحود أحد الأمرين.


اعتراضات على التحدي والإجابة عليها


فإن قيل إنه لعله لم يقرأ عليهم الآيات التي ذكر فيها ذكر التحدي وإنما قرأ عليهم ما سوى ذلك من القرآن كان قولا باطلا معلوم البطلان، مثلما يعلم به بطلان زعم أن القرآن أضعاف ذلك وهو يبلغ حمل جمل وأنه كتم وسيظهره المهدي، وأيضا الزعم أن القرآن ليس هو الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو شيء وضعه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما حيث وضعا المصحف والزعم أن فيه الزيادة والنقصان.


-ضمان الله تعالى حفظ كتابه: لقد حفظ الله كتابه من التحريف والتغيير، فهو كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأن وعده حق، وقول من قال أن ذلك يغني عن الرد عليه، لأن عدد الذين أخذوا عنه القرآن من الأمصار والبوادي وحفظوه وضبطوه وعرفوه حتى صار لا يشتبه على أحد منهم حرف، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقع منهم سهو أو نسيان أو تخليط أو كتمان، فلو تصرفوا فيه لظهر ذلك، فلو حصل التغيير في شعر شاعر لفضح فكيف بكلام الله تعالى، فهذا شعر امرؤ القيس وغيره لا يجوز أن يظهر ظهور القرآن في الحفظ والضبط والحاجة الماسة إليه، فلو زيد أو نقص فيه بيت أو لفظ لأنكره أرباب الشعر عليه، فإن كان ذلك حال كلام البشر، فكيف يكون التبديل في كلام رب البشر فهذا لا يقبله العقل بالإضافة أن القرآن يحتاجه البشر لإقامة أحكامه وتشريعاته، وشغل الناس الشاغل لضبطه وقراءته وتفسيره وفقهه ومعرفة فصاحته وأيضا لمجابهة الملحدين به، فالله تعالى يقول نقلا عنهم لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا (الأنفال: 31]، وأيضا قال تعالى: إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ (ص: 7]، في رد قومه عليه وغيرهم إلى الوجوه الأخرى التي يصرف إليها قولهم في الطعن عليه فمنهم من يستهين به ويجعله سبيا الشركة، ومنهم من يزعم أله مفترى لذلك لا يأتي بمثله، ومنهم من زعم أنه أساطير الأولين فكراهية للتطويل لم يذكر كل آيات التحدي، فلو جاز أن يكون بعضه مكتوما أو موضوعا جاز كله.


هـ. الدليل على عجز العرب عن الإتيان بمثله هو طول مدة التحدي، وجعله دلالة على صدقه ونبوته، وتضمن أحكامه استباحة دمائهم وأموالهم وسبي ذراريهم، فلو استطاعوا تكذيبه لفعلوا بتخليص أولادهم وأموالهم وأهليهم من حكمه بأمر قريب من معهود لسانهم، فكان ذلك يغنيهم عن تكلف القتال وتجنب الجدال والجلاء من الأوطان، فلما لم يحصل منهم معارضة علم الهم عاجزون، فالعدو يقصد لدفع قول عدوه بكل ما يقدر عليه من المكائد، لاسيما مع استعظامه ما أبدعه بالمجيء من خلع الهته وتسفيه رأيه في دياناته، وتضليل آبائه، وإظهار أمر يوجب طاعته والتصرف على حكم إرادته، والانخراط في سلك الأتباع بعد أن كان متبوعا، وتحكيم غيره في المال والدخول تحت تكاليف شاقة، فقد بذلوا السيف والمال لذلك فكيف لا يردون باللسان، فحميتهم وجاهليتهم جعلتهم يبذلون السيف وخاطروا بنفوسهم وأموالهم، فكيف يجوز أن لا يتوصلوا إلى الرد عليه وتكذيبه بأهون سعيهم ومألوف أمرهم ومعهود خطابهم مع بلوغهم الذروة في الفصاحة.


و لو عارضوه لوهن أمره، وتكذيب قوله وتفريق جمعه وتشتيت أسبابه، وكان من صدق به يرجع على أعقابه، فلما لم يفعلوا شيئا من ذلك مع طول المدة ووقع الفسحة وكان أمره يتزايد حالا فحالا وهم عاجزون عن القدح فيه، فلو كانوا لا يقدرون على معارضته ولا على توهين حجته، وقد أخبر الله تعالى أنهم : بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) [الزخرف: 58]، وقال: ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لذا [مريم: 97]، وقال تعالى : خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) [النحل: 4] ، وأيضا ما كانوا يقولونه على القرآن مما حكى الله عزّ وجل عنهم فقال: لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هذا) [الأنفال: 31]، وقولهم : وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونَ﴾ [الحجر: 6] وقولهم : ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِنَّكَ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمَ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ﴾ [الفرقان: 4]، وقولهم : ﴿وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لتاركوا آلهتنا لشاعر مَجْنُونٍ) [الصافات: 36] ، والآيات كثيرة تدل على أنهم كانوا متحيرين في أمرهم، متعجبين من عجزهم، يفزعون من هذه الأمور بتعليلات ومعاذير ومدافعة بما وقع بع التحدي، فلذلك طالبوا بمعجزات أخرى غير الفصاحة يريدون تعجيزه ليظهروا عليه بوجه من الوجوه، فكيف يجوز أن يقدروا على معارضته القريبة السهلة عليهم، فيعدلون عن ذلك إلى ما صاروا إليه من المنابذة والمعاداة ويتركون الأمر الخفيف فهذا ما يمتنع وقوعه في العادات ولا يجوز اتفاقه من العقلاء، فلو كانت المعارضة ممكنة لعارضوه وهم ما هم فيه من السليقة والبلاغة والفصاحة، وهو يتفوق عليهم فيعجزوا عن مباراته، فيؤنبهم على فعلتهم، قال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ وَالْجِنَّ على أن يأتوا بمثل هذا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لبغض ظهيراً) [الإسراء: 88] ، وقوله تعالى : (ولقد آتيناك سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ العظيم) [الحجر: 87] ، وقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لحافظون﴾ [الحجر: 9]، وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لذكر لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تسألون [الزخرف: 44]، إلى غيرها من الآيات التي تدعوهم إلى المباراة والتحدي وتفخيم شأن القرآن.
ز. عدم معارضتهم يدل على أنه لا إمكانية للمعارضة فلم يحتجوا بكلام سابق أو نظم بديع أو قالوا هذا الكلام أفصح من الذي جئت به، وأنه لا نظير له ولو وجد لنقل إلينا كما نقلت إلينا أشعارهم وغيرها من صنوف الكلام، فلو قيل بأن الذي بني عليه الأمر في تثبيت المعجزة هو وقوع التحدي به، فإنّ الناظر الذي عرف وجه النقل المتواتر وجب له العلم بأنهم كانوا عاجزين عنه، فقيل: إنما احتيج إلى التحدي الإقامة الحجة وإظهار وجه البرهان لأن المعجزة عند ظهورها تكون حجة بادعاء من ظهرت عليه، ولا تظهر على أحد إلا وهي من الله، فوجه الإعجاز فيها بالتحدي لإزالة الشبهة على الكل ويتضح للجميع أن العجز واقع عن المعارضة، فالبليغ إذا احتج عليه بالقرآن كان ذلك بلاغا في إيجاب الحجة، فالغالبية لما تفطنوا لإعجازه أسلموا لأن دعوة النبي لهم لم تكن تقليدا وإنما انقادوا إليه على بصيرة منهم فلم يقل لهم عودوا إلى البلغاء منكم، فإن عجزوا فقد ثبتت حجتي، بل لما رأهم يعلمون إعجازه الزمهم حكمه فقبلوه وتمسكوا به، فمن كانت بصيرته أبصر كان إلى الحق أسبق، فمن المعلوم تفاوت الناس في إدراك القرآن ومعرفة وجه الدلالة منه، فالأعجمي لا يعلم أنه معجز إلا بعلمه عجز العربي، فمن علم إعجاز أهل الصنعة لزمته الحجة ومن كان في ذروة معرفة وجوه الخطابة علم إعجازه منذ سماعه له فعدم قول ذلك يفضي إلى القول أن النبي لم يعلم أنه معجز إلا عندما عرف عجز أهل اللسان عنه وهذا قول مردود، فالنبي يعرف إعجازه منذ وحيه إليه وأخبر بأنه دلالة على نبوتك، فالبليغ منهم يعرف خروج بلاغة القرآن عن مألوفهم، فالقرآن نزل من وجه نقض العادة التي ألفوها في الكلام، فالنظر في إعجازه يحتاج إلى تأمل، فهذا جبير بن مطعم أسلم لما سمع سورة الطور فخشي من العذاب، وعمر أسلم لما سمع سورة الطور، أما عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبو جهل لما سمعوا آية العذاب فيثبوا.


ح سماع القرآن حجة على الخلق أجمعين، فالسماع طريق التأمل وعند التأمل يقع التسليم للحق، فقال تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله ثُمَّ أبْلِغة مأمنة [التوبة: 6]، فجعل سماع القرآن حجة عليه بنفسه، فمنهم من يكون سماعه إياه حجة عليه، فصوارف الكفار عن الحق عديدة جدا، فمنهم من يشك في إثبات الصانع، ومنهم من يشك في التوحيد، ومنهم في النبوة مثل أبي سفيان بن حرب لما أراد الإسلام عام الفتح، فمن قلت شكوكه أسلم، ومن كثرت شكوكه فدعاء لعدم النظر فطال عليه العهد حتى تنور واستبصر، فاعترض بعضهم عن كيفية معرفة البليغ إعجازه، فقالوا هم لم يعجزوا لكن الله هو من صرفهم، فالرد على هذا الزعم أنه لو صح ذلك صح لكل من أمكنه نظم ربع بيت أو مصراع من بيت أن ينظم القصائد ويقول الأشعار ولصح لكل ناطق يتوفر في نظمه الكلام البديع أن ينظم الخطب البليغة العجيبة ولكن ذلك غير ممكن، فأهل الصنعة إذا سمعوا كلاما مطمعا لم يخف عليهم ولم يشتبه لديهم ومن كان منتهيا في فصاحته لم يجز أن يطمع في مثل هذا القرآن بحال، فهذه وجوه امتناع مساواة كلام الناس به ظاهرالخطأ، فهو كقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكْرَ وَقَدَّر (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدْرَ (19) ثم قُتِلَ كَيْفَ قَدْرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَيَسر (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَر (23) فقال إن هذا إلا سِحْرٌ يُؤثر (24) إِنْ هَذَا إِلا قول البشر [المدثر : 18-[25


ط .بطلان القول بالصرفة عن طريق أنه لو كانت المعارضة ممكنة لم يكن الكلام معجزا وإلما المنع يكون معجزا، فليس ذلك غريب من قولهم أن الكل قادرون على الإتيان بمثله، وإنما يتأخرون عنه لعدم العلم بوجه ترتيب ولو تعلموه لوصلوا إليه ،وأيضا الزعم أنه لا فرق بين كلام البشر وكلام الله تعالى أنه يصح الإعجاز في كل واحد منها على حد واحد، وأيضا فالتوراة والإنجيل والصحف ما فيها إعجاز في نظمها لأن الله تعالى لم يصفها بما وصف به القرآن وإن كانوا يتضمنون إعجاز في الإخبار عن الغيبيات.


ي. انفردت اللغة العربية بالإعجاز، فمن ذلك احتوائها على معرفة الشيء الواحد بمسميات مختلفة، وكذلك احتواء جملة من الكلمات فيها على معاني عديدة وغيرها من الوجوه، فالله وصف القرآن بأنه أنزل بلسان عربي مبين، فبين رفعه عن جعله
أعجميا، فالفائدة من كونه عربي أنه مما يفهمونه ولا يفتقرون للرجوع فيه إلى غيرهم في تفسيره، فمن خبر اللسان العربي أدركها بالفصاحة، فكثير من المسلمين عرفوا تلك الألسن المختلفة، فوقفوا أنه لا يقع فيها التفاضل والفصاحة على ما يقع في العربية، فأهل التوراة لم يدعوا الإعجاز لكتابهم، وذلك مما يؤكد خصوصية القرآن به، ومما يؤكد ذلك انعدام الشعر في الألسنة الأخرى، فزعم بعضهم الإعجاز لكتاب ماني وزرادشت والحق أنها ضروب من الكهانة والشعوذة، وادعى بعضهم معارضة ابن المقفع للقرآن، والحق أنه كلام مردود كله وهو عبارة عن حكم، وفي الحقيقة ليس له كتاب يدعي فيه ما ادعوه عليه.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

ثانياً: موهبة ا...

ثانياً: موهبة التفكير المنتج يعد التفكير من الصفات التي تتضح على الإنسان وليس للإنسان غنى عنه ويحتا...

In Shakespeare'...

In Shakespeare's play "Macbeth", Claudius is not a character; however, in "Hamlet," Claudius is the ...

في الوقت الحاضر...

في الوقت الحاضر ، تتزايد أهمية إنشاء المناطق المحمية في السياسات العامة ، مع ضمان حق السكان المحليين...

3.1.3 Types of ...

3.1.3 Types of false ceilings Pvc and Fiber glass( كل وحده اربع او 5 اسطر بالكتير 1- PVC (Pol...

التعاون الاقتصا...

التعاون الاقتصادي بين دولة الإمارات وجمهورية الهندية يعد محوراً هاماً في علاقاتهما الثنائية، حيث تشه...

عنوان الرسالة: ...

عنوان الرسالة: ظاهرة التضخم الوظيفي في ليبيا: دراسة متكاملة من سنة 1996 إلى سنة 2022 **المقدمة** ت...

### مقدمة رواي...

### مقدمة رواية "رب خرافة خير من ألف واقع" للكاتب يوسف جاسم رمضان هي رواية تتناول مواضيع فلسفية ونف...

In 2003, he dec...

In 2003, he decided to climb the remote Blue John Canyon in Utah. But little did he know that he wo...

كيف تفسر بان ا...

كيف تفسر بان الطلاب شاركوا في اللعبة دون معارضة واحيانا بتحمس ظاهر , פחד וחוסר ביטחון, וראו בתנועה...

أهم التعديلات ع...

أهم التعديلات على معيار 15 امتدت متطلبات الإفصاح عن الأطراف ذات العلاقة إلى التعهدات والارتباطات بي...

المطلب األول: ا...

المطلب األول: الطبيعة القانونية للمسؤولية المدنية عن أضرار السفن ذاتية القيادة يطرح موضوع تحديد المس...

‎تخدمك منصة قوى...

‎تخدمك منصة قوى بسوق العمل و بجميع معاملاتك وهو عبارة عن منصة خدمات اطلقتها وزارة الموارد البشرية وا...