Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (31%)

(Using the AI)

يتناول النص أهمية الماء في الصحراء الشرقية عبر العصور، بدءًا من التحديات التي تواجه الباحثين المعاصرين في تأمين احتياجاتهم المائية، والتي تصل إلى 15 لترًا يوميًا للفرد في الصيف، مقارنةً بمعدل هطول أمطار لا يتجاوز ٥ ملليمتر سنويًا. يُبرز النص الجهود المبذولة عبر العصور الفرعونية، البطلمية، والرومانية للحصول على الماء وتخزينه، من خلال بناء السدود، حفر الآبار، وتشييد الخزانات. يُسلط الضوء على مصادر المياه المختلفة كالجريان السطحي في القلات، والينابيع النادرة، والآبار، مع التركيز على دور الآبار في الحصون الرومانية القديمة كواحد من أهم المصادر. كما يُناقش النص طرق تخزين الماء وحمايته من التبخر، والتي كانت تتضمن بطانة الآبار بالحجارة والطوب، وطلاء خزانات المياه بمادة مانعة للتسرب. ويختتم النص بالتأكيد على الحاجة لمزيد من الأبحاث لفهم آليات الحصول على الماء في تلك العصور.


Original text

أول ما يفكر فيه من يغامر بالذهاب إلى الصحراء الشرقية هو مدى توفر
كميات كافية من المياه الصالحة للشرب خريطة ١٥ و ١٦ ) . فمن دون هذا المورد
الرئيسي لن يتمكن أحد من القيام بأى نشاط غير أن معدل سقوط الأمطار – الذي
أصبح يقاس مؤخرًا بطريقة علمية فى مدينة القصير على ساحل البحر الأحمر – ضئيل
للغاية لا يتجاوز ٥ ملليتر في السنة. وهى نفس معدلات سقوط الأمطار في العصر
البطلمي والرومانى إلا أن هذه المعدلات كانت مرتفعة بعض الشيء في العصر
الفرعوني قبل أن تتحول الصحراء الشرقية بشكل تدريجي إلى ذاك الإقليم الجاف
الذي نعرفه اليوم. ومن ثم اقتضت الضرورة تطوير وسائل البحث القديمة للعثور
على هذا العنصر الرئيسى لحياة الإنسان وتخزينه وإدارته وتوزيعه.
إننا نتفهم جيدًا انشغال الشعوب القديمة التي عاشت في الصحراء الشرقية
بمصادر المياه. فطوال السنوات التي أجرينا خلالها أعمال حفر وتنقيب ومسح
للصحراء الشرقية صيفا وشتاءً كنا نحرص دومًا على متابعة المجموعة الكبيرة من
الأوعية البلاستيكية التي يسع كل منها عشرين لترًا للتأكد من عدم وجود تسريب بها
ومن وجود ما يكفينا من الماء حتى إمدادنا بكميات أخرى أو حتى انتهائنا من العمل
الميداني. إن حمل مئات الليترات من المياه طوال المسح الأثرى الذي يستمر لعدة
أسابيع يشغل حيزًا كبيرًا في سياراتنا فضلا عن وزنها الثقيل. وتتفاقم هذه المشكلة
بالطبع فى أعمال الحفر والتنقيب التي تستمر لعدة أشهر وتضم عشرات الأشخاص؛
فنحن لا نملك رفاهية الحصول على كمية كبيرة من المياه التي نحتاجها - إن وجدت



  • من الآبار الصحراوية كما كان يفعل أجدادنا القدماء فهناك آبار قليلة حاليا كما أنها
    تقع على مسافة بعيدة مقارنةً بالعصور البطلمية والرومانية على الأقل. والأغلب أن
    الآبار التي نجدها اليوم يقتصر استخدامها على البدو ولذلك لا يصح أن نقوم
    باستغلال هذا المصدر لأغراضنا الشخصية.كما أشرنا فى الفصل الخامس فإن تجاربنا الشخصية أظهرت أن الشخص الذى
    يبذل مجهودًا معتدلا فى الصحراء يستهلك ما بين أربعة و ستة لترات ماء على الأقل
    يوميًا في فصل الصيف بينما يستهلك كميةً أقل من ذلك فى فصل الشتاء، وإذا أضفنا
    إلى ذلك كمية الماء التي يستهلكها الفرد للاستحمام وطهي الطعام وهكذا فإنـه
    يستهلك في المتوسط خمسة عشر لترًا يوميًا فى فصل الصيف وكمية أقل من ذلك في
    فصل الشتاء.
    من المؤكد أن أولئك الذين يسكنون الصحراء ويتنقلون في هذا الإقليم يهتمون
    بكمية المياه التي تستهلكها الدواب مثل الحمير والإبل. فكمية المياه التي تستهلكها
    هذه الحيوانات تختلف بشكل كبير نظرًا لعدد من العوامل المختلفة من بينها المرحلة
    العمرية والحالة الصحية والحجم والمسافة التي تقطعها الحيوانات في الصحراء ووزن
    الأحمال على ظهورها ودرجة الحرارة. يستطيع الحمار في يوم سفر عادى أن يحمل ما
    بین ۷۰ و ۹۰ كيلوجراما أما الجمل فيحمل ما بين ٢٠٠ - ٢٢٥ كيلوجراما. جدير
    بالذكر أن الحمار يستطيع أن يحمل أكثر من ذلك في بيئة غير صحراوية وكذلك الجمل
    إذا قطع مسافات أقصر من ذلك. كما يمكن للجمل أن يتحمل شرب المياه المالحة على
    نحو يفوق الحمار بكثير ويستطيع كذلك قطع مسافات أطول دون شرب الماء إذا
    اقتضت الضرورة ذلك، غير أن الحمار يتحمل السير فى أرض تمتلئ بالحجارة والحصى
    على نحو يفوق قدرة الجمل.العصر الفرعوني
    عصر الدولة القديمة
    لدينا أدلة كافية على أن الماء كان له دور بارز فى حياة الشعوب التي سكنت
    الصحراء الشرقية منذ عصر الدولة القديمة (۲٦٤٩ - ۲۱۵۲ ق. م حتى العصور
    الرومانية (۳۰) قبل الميلاد - القرن السابع الميلادى). وتعد الآثار القديمة الباقية
    لإحدى المنشآت التابعة لعصر الدولة القديمة من أقدم الملامح الهيدروليكية في
    الصحراء الشرقية. وتقع هذه المنشأة في منطقة سد الكَفَرَة الذي يبعد نحو ثلاثين
    كيلومترا عن شرق مدينة القاهرة. ولقد شيد هذا السد على الأرجح في عهد الأسرة
    الرابعة خلال حكم الملك خوفو (۲٥٥١ - ۲۵۲۸) ق. م ) الذي تم في عهده بناء الهرم
    الأكبر بالجيزة. ولقد كان يصل طول السد في الأساس إلى ۱۱۳ مترا تقريبا حتى قمته
    وكان ارتفاعه يصل إلى ١٤ مترا وعرضه عند قاعدته ۹۸ مترًا. ولقد جرفت السيول
    بعض أجزائه منذ ذلك العصر وربما لم يكتمل بناؤه من الأساس في هذه العصور
    القديمة. ويبقى الهدف الحقيقى من وراء بناء هذا السد لغزًا غامضًا.
    عصر
    الدولة الحديثة
    ثم دليل آخر على أهمية الماء فى الصحراء الشرقية فى عصر الدولة الحديثة
    وخاصةً فى عهد الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين. فهناك نقشان يرجع تاريخها
    لعهد الأسرة التاسعة عشرة وتحديدًا خلال فترة حكم سيتى الأول (١٣٠٦ - ١٢٩٠
    ق. م) ونقش آخر يرجع إلى عهد ابنه الأكثر شهرة رمسيس الثاني (١٢٩٠ - ١٢٢٤
    ق، م). كما توجد خريطة منذ عهد الأسرة العشرين. وتقع النقوش التي تم العثور
    عليها في المعبد الصخرى الذى شيده سيتى الأول فى منطقة الكنايس، الذي ورد ذكره
    في الفصل السادس على بعد ستة أو سبعة وأربعين كيلومترا شرق إدفو. وتشير هذهالنصوص إلى حفر آبار على مقربة من المعبد لإمداد المسافرين مـ إلى مناجم
    الذهب في الصحراء بالماء. أما النقوش التي تعود إلى عهد رمسيس الثاني فتظهر في
    نص نقش كوبان الشهير حيث يتباهى الفرعون بعثوره على الماء في البئر الذي تم حفره
    لعمق ستة أمتار فقط بينما لم يتمكن والده من العثور على الماء. وكان الهدف من حفر
    هذا البئر - وآبار والده الملك سيتى الأول - هو دعم أنشطة تعدين الذهب في
    الصحراء.
    تظهر خريطة بردية تورين التي ترجع إلى عهد حكم الملك رمسيس الرابع
    (١١٦٣ - ١١٥٦ قبل الميلاد) التي عرضنا لها فى الفصل الرابع سورًا حول بئر لحمايته
    من الترسبات التي تحملها الفيضانات. وبالإضافة إلى البئر تظهر الخريطة خزان مياه
    ومناجم ذهب وأحد المحاجر بالإضافة إلى مجموعة من الطرق التي تبدأ من النقطة
    المركزية بالخريطة وتتجه إلى المناطق الأخرى فى الصحراء. وربما لا يشير ذلك البئر على
    الخريطة إلى مجرد بئر بعينه وإنما يدل على وجود المياه بوفرة في المنطقة. كان القدماء
    بطبيعة الحال يحتاجون الماء لتلبية احتياجاتهم الإنسانية مثل المشرب والمأكل وغسل
    الثياب ورى حدائقهم الصغيرة فضلا عن احتياجات الحيوان وأهميتها في المعالجة
    الصناعية للذهب كما عرضنا في الفصل التاسع. ومن المعروف أن رمسيس الرابع قـام
    بإرسال حملات إلى الإقليم خلال فترة حكمه الذى لم يدم طويلا. جدير بالذكر أن
    حملته الأخيرة كانت ضخمة وشارك فيها ٨١٣٦٢ رجلًا. وإذا لم يكن هؤلاء الآلاف من
    أفراد الحملة يحصلون على كل ما كانوا يحتاجونه من الماء أو بعضه من نهر النيل الذى
    كان يبعد عنهم بأربعة وثمانين كيلومترًا - وهو أمر غير وارد بنسبة كبيرة - فمن
    المرجح أنهم قد حصلوا على الكمية التي كانوا يحتاجونها من الآبار التي قاموا بحفرهـا
    بالقرب منهم. بالطبع لا يوجد أى أثر لهذه الآبار اليوم؛ فلقد أخفتهـا الـرمــال التـي
    حملتها الأمطار والرياح منذ زمن بعيد.العصور البطلمية والرومانية
    أفضل أوقات السفر في الصحراء
    تشير الكتابات القديمة على جدران المعابد وقطع الفخار التي عُثر عليها في
    الصحراء - التي يرجع تاريخها إلى العصور الرومانية - وكذلك المواسم المعروفة
    آنذاك للإبحار من وإلى موانئ البحر الأحمر إلى أن السفر في الصحراء والعمل في
    المحاجر والمناجم كان مستمرًا ولم يقتصر على أشهر الشتاء الباردة. وكان الأمر كذلك
    قبل العصور البطلمية والرومانية. ونتيجةً لذلك كان الضغط على موارد المياه شديدًا
    وبخاصة في أشهر الصيف. ومن حسن الطالع أننا نملك من الأدلة التي تشير إلى
    طريقة تخزين الماء وتوزيعها فى العصور البطلمية والرومانية ما يفوق أي عصر تاريخي
    آخر.
    مصادر المياه في الصحراء الشرقية
    كان ولا يزال هناك مصدران رئيسيان للماء: الجريان السطحي للماء عقب
    الأمطار النادرة والغزيرة والمياه الجوفية. ويعتبر المصدر الأول للماء مصدرًا موسميًا
    بعد هطول الأمطار في شهر نوفمبر وديسمبر عادةً ويتضمن هذا المصدر الرئيسي
    ينابيع الماء. ومن ناحية أخرى فإن المصدر الثانى هو المياه الجوفية، وتُعد مصدرًا دائما
    للماء ومن ثم فهى مصدر يعتمد عليه بدراسة مصادر الماء سنجد أن تحديد موقع المياه
    السطحية والحصول عليها أكثر سهولة من المياه الجوفية إلا أنه من الصعب الاعتماد
    عليها كمصدر للماء نظرًا لاختلاف كميتها وجودتها كل مرة. ومن بين طرق الحصول
    على المياه السطحية تراكم مياه الأمطار بشكل طبيعى فى ما يُعرف باسم القلات. أما
    الطريقة الأخرى فتكمن فى سريان مياه الأمطار من بين الجبال ويتم شق قنوات مائية
    تنتهى بخزانات أو مستجمعات مائية أو حتى حاويات أصغر يسهل حملها والتنقل
    بها. وتعد مياه الينابيع المصدر الأخير للمياه السطحية.القلات (۱)
    تتكون القلات بشكل طبيعى فى المنحدرات التى تتكون بدورها من الصخور
    النارية والمتحولة والتي تتعرض للتآكل مثل الجرانيت والصخور البلورية الأخرى
    بطول قاع الوادى أو قاعدة الشلالات الموسمية. وتتكون فيها كميات مختلفة من الماء
    بحسب حجمها وكمية الماء التى تراكمت فيها وإذا كانت تتعرض لضوء الشمس
    المباشر أو الظل. غير أن القلت لا يمكن اعتباره مصدرًا دائما يمكن الاعتماد عليه
    للحصول على الماء للإنسان والحيوان إلا أن البدو قد يلجئون إلى ذلك المصدر بين
    الحين والآخر للحصول على الماء لقطعان الماعز والخراف والحمير والإبل في مثل هذه
    الأماكن. ولا يمكن أن ننكر فائدة معظم القلات في أوقات محددة من السنة بعد
    سقوط الأمطار الغزيرة ومع هذا فليس من السهل الوصول إليها كما أن القلات
    الموجودة بطول أو بالقرب من الطرق التي تقطع الصحراء في الإقليم ليست كبيرة
    بدرجة كافية للاستخدام المنتظم والمستدام.
    عثرنا على بعض النماذج الاستثنائية للقلات خلال مسحنا للصحراء. ولعل
    أروعها كان في منطقة تقع بالقرب من أم دهيس غرب الغردقة. عندما قمنا بزيارة هذه
    المنطقة في أغسطس من عام ۱۹۹۷ كان القلت كبيرًا بدرجة تكفى للسباحة فيه
    (صورة (۱۳۷) . وتظهر روايات الزائرين السابقين لهذا المكان النائي أعلى منحدر جبلى
    تباين كميات الماء على نحو يثير الدهشة من عام لآخر وفقا لمعدل سقوط الأمطار
    (۱) القلات ومفردها قلت عبارة عن منخفضات تحدث عادة فى الأسطح المكشوفة نسبيا، المستوية أو اللطيفة
    الانحدار في صخور الجرانيت والحجر الرملى وأنماط صخرية أخرى، وتعرف هذه الظاهرة في استراليا
    باسم Gnammas. ويختلف شكل هذه الحفر باختلاف المسطحات التي توجد فوقها، وهي في الغالب
    مستديرة أو بيضاوية فوق المسطحات المستوية وغير متناسقة Asymmetrical فوق المسطحات المائلة.
    وقد يصل قطر الحفرة إلى حوالى خمسة عشر مترا، أما العمق فيصل أحيانًا إلى أربعة أمتار، وهي في العادة
    ذات قيعان مستوية أو مقعرة بحواف رأسية أو ناتئة عبدالله يوسف الغنيم: أشكال سطح الأرض في
    شبه الجزيرة العربية في المصادر العربية القديمة، مؤسسة الكويت التقدم العلمي، الكويت ٢٠٠٥ ، ص
    ۳۳۱) (المترجم).بالطبع. ولقد كتب أحد هؤلاء أنه رأى قلتا شديد الجفاف في أم دهيس بينما ذكر آخر
    أنه كان ممتلئًا عن آخره بالماء وقدّر كميتها بنحو مائة ألف لتر.
    لاحظنا في مسحنا للصحراء بعض القلات الأخرى فى أم دهيس إلا أنها كانت
    أصغر حجما. فلقد كان أحدها كبيرًا للغاية عندما رأيناه فى شتاء عام ١٩٩٦، وكان
    يقع على بعد ١٥٥٠ مترًا أسفل الوادى جنوب شرق مركز مستوطنة وادى شنشف
    الصحراوية التي يرجع تاريخها إلى أواخر العصر الروماني، و ۲۱.۳ كيلومتر في خط
    مستقیم جنوب غرب برنیکی کكما كان هناك مجموعة أخرى من البرك تحتوى على
    كميات مختلفة
    الماء بين القلت الكبير والمستوطنة الرئيسية بشنشف. ولا نعلم على
    وجه اليقين إن كان ذلك القلت والبرك القريبة منه قد أمدت المستوطنة القديمة بالماء
    إلا أننا نعتقد أن ذلك كان ممكناً كلما توافرت كميات كافية من الماء فيها.
    من
    ورد في مشروع أجراه بعض علماء الآثار الفرنسيين في أواخر القرن التاسع
    عشر ذكر اثنين من هذه القلات في منطقة مناجم الزمرد فى نُقرص وسيكيت لم تظهر
    هذه القلات في مسحنا للصحراء إلا أن الفرنسيين ذكروا أن أحدها كان يقع على
    جانب ضيق من أحد روافد وادی نوجورانس Wadi Nougourans" في منخفض
    من صخور النيس "القاعدية الصلبة. ومن المؤكد أنه كان يحتوى على كمية هائلة من
    الماء حيث أشار تقريرهم المنشور عام ۱۹۰۰ إلى أن ذلك المصدر من مصادر المـاء قـد
    أو فى باحتياجات عشرين شخصًا طوال فترة عملهم. ولقد لاحظ نفس الفريق
    الفرنسي قلتا آخر في وادى سيكيت وكانت تخرج منه مياه صالحة للشرب لفترة
    قصيرة. وتجدر الإشارة إلى أنه من السهل وصول الحيوانات إلى مياه هذا القلـت التـي
    سرعان ما تتلوث، كما تزداد نسبة ملوحة المياه الباقية نتيجةً للبخر. ولذلك لا تعـد
    القلات مصدرًا يمكن الاعتماد عليه للحصول على مياه صالحة للشرب.الينابيع
    كانت الينابيع مصدرًا آخر من مصادر الماء للمسافرين القدماء في الصحراء
    الشرقية. وعلى الرغم من أن مياه الينابيع هى فى الأساس مياه جوفية فإنها تظهر
    بطريقة طبيعية على السطح ومن هذا المنطلق تُعتبر الينابيع مصدرًا للمياه السطحية.
    وتتميز مياه الينابيع بنقائها الشديد ولكنها نادرة فى الصحراء الشرقية فضلا عن بعدها
    عن معظم المناطق ذات الكثافة السكانية الهائلة والطرق الرئيسية القديمة في
    الصحراء. كما أنها لا توفر سوى قدر يسير من الماء ومن ثم لا يمكن اعتبارها مصدرًا
    مهما. ومع ذلك فإن الينابيع تكفى لإمداد عدد محدود من الأفراد والحيوانات بالماء
    خلال زياراتهم النادرة. ولقد وصف عالم الجيولوجيا البريطاني هيوم في مطلع القرن
    العشرين اثنين من أبرز هذه الينابيع فى الصحراء الشرقية يقع أولهما في وادى قطار
    وثانيهما في وادى دارة. ولقد قمنا بزيارة وادى قطار خلال مسحنا الأثرى في شهر
    يناير من عام ۱۹۹۸ خارج الطريق بين أبو شعر / مونز بورفيرى ونهر النيل إلا أن
    النبع كان جافا.
    في إحدى المرات التي كنا نجرى فيها دراسة ميدانية في منطقة مناجم الزمرد
    القديمة فى سيكيت في شهر يونيو من عام ۲۰۰۲ أشار لنا أحد العمال من البدو إلى نبع
    صغير يبعد نحو كيلومتر واحد عن شرق الموقع الرئيسى وكان يدعى أنه ينتج يوميا
    ما يقرب من عشرة لترات من المياه الصالحة للشرب. ولقد أشار هيوم كذلك إلى نبــع
    آخر على مقربة من سيكيت وكان ينتج خمسين لترًا من المياه "بالغة النقاء والتي تنبع
    قطراتها من إحدى الصخور " . ولكنه لم يحدد موقعه فى سيكيت، إلا أن وصفه للمكان
    يوحى بأن هيوم لا يشير إلى نفس النبع الذى أشار إليه البدوى في عام ٢٠٠٢.ريتشارد بوكوك
    11
    ولد ريتشارد بوكوك فى ساوثهامبتون فى عام ١٧٠٤ ودرس علم الأديان في
    جامعة أوكسفورد. زار كلًا من مصر ولبنان وفلسطين وسوريا وبلاد الرافدين
    وكريت وقبرص واليونان فى الفترة بين عامى ١٧٣٧ و ١٧٤١ . خصص بوكوك
    المجلد الأول من كتابه وصف الشرق وبعض الدول الأخرى" لمصر. ولقد احتوى
    هذا المجلد على وصف شامل للآثار القديمة وبعض المخططات والخرائط
    والرسومات. ومن بين خرائطه التي تضمنها هذا المجلد أول خريطة حديثة لوادى
    الملوك وأول خريطة دقيقة لمصر. ولم يقتصر اهتمامه على الآثار القديمة فحسب، بل
    امتد ليشمل المناظر الطبيعية والحياة النباتية والحيوانية بالإضافة إلى عادات المصريين
    وثقافتهم المادية فى القرن الثامن عشر. بالإضافة إلى ذلك، رسم بوكوك خريطة لمدينة
    القاهرة كما قام بوصف الأديرة القبطية والآثار الإسلامية. وبعد عودته من رحلاته
    الطويلة عُين أسقفًا لميث وتوفى هناك عام ١٧٦٥ .
    عثرنا على نبع آخر في أقصى جنوب الصحراء الشرقية في شهر سبتمبر من عــام
    ۲۰۰۲ . ويرتبط هذا النبع بواجهة المعبد البطلمى فى بير أبو سعفة الذي تناولناه في
    الفصل السادس.
    كانت العديد من الحصون الواقعة على الطريق بين برنيكي ونهر النيل تستخدم
    قنوات صناعية - فى العصور الرومانية على ما يبدو - لتحويل مجرى مياه الأمطار من
    الجبال القريبة إلى خزانات المياه داخل الحصون الرومانية القديمة المجاورة. ولا ندرى
    إن كان ذلك هو المصدر الوحيد للماء بالنسبة لهذه المنشآت أم أنه كان مصدرا مكملا
    للطرق التقليدية الأخرى للحصول على الماء من الآبار التي كانـت إمـا داخـل هـذه
    الحصون أو خارج أسوارها.الآبار
    كانت المياه السطحية ولا تزال المصدر الأكثر شيوعًا ووفرة من بين المصادر
    المختلفة للمياه. وتوجد المياه السطحية في الأساس فى الآبار وهي المصدر الرئيسي
    المتاح الذى يعتمد عليه البدو للحصول على الماء فى الصحراء الشرقية. وتجدر الإشارة
    إلى عدم توفر أى وصف لحفر الآبار في العصر الفرعونى فى السجلات الأثرية وذلك
    على الرغم من وجود ما يفيد ذلك من المصادر الفرعونية. ولعل أفضل مصدر أثرى
    لشكل الآبار يعود تاريخه إلى العصور البطلمية والرومانية. لا تزال العديد من
    الحصون الرومانية القديمة فى الصحراء الشرقية تضم بعض الآبار الباقية التي تغطى
    الرمال بعض أجزائها. ومعظم هذه الآبار دائرية الشكل كما أنها كبيرة للغاية في كثير
    من الأحيان وتشغل فى الغالب وسط هذه الحصون الصحراوية.
    يضم الحصن الروماني القديم فى وادى كلالات أحد أفضل الآبار في الصحراء
    الشرقية. ويقع هذا الحصن على بعد ٨.٥ كيلو متر تقريبًا من جنوب غرب برنیکی
    (صورة ١٦٥ و ١٣٩ ، وشكل (٥٨). ولقد أمدت هذه المنشأة الضخمة مدينة برنيكي
    ببعض ما احتاجه السكان من الماء؛ فلقد كانت هذه المنشأة – بالإضافة إلى حصن
    صغير آخر يقع على بعد تسعمائة متر ناحية الشمال الشرقي - تقوم بحماية المداخل
    الجنوبية والغربية المدينة برنيكى فى مطلع العصر الروماني. يضم الحصن الكبير في
    وسطه بئرا مبطنا بالحجارة يصل قطره إلى اثنين وثلاثين مترا تقريبًا وداخل البئر درج
    يؤدى إلى قاعه الرملي، وربما يؤدى فى الأساس إلى سطح الماء. ويمتلئ حاليًا هذا البئر
    عن آخره بالرمال التي حملتها الرياح إلا أن معالمه لا تزال واضحة. جدير بالذكر أن
    الحصن الكبير قد أصبح مهجورًا فى القرن الثانى الميلادى لأسباب غير معلومة؛ فربما
    أصبحت مياه البئر مالحة بدرجة كبيرة أو انخفض منسوب الماء داخله. ومنذ ذلك
    الحين تم بناء حصن أكثر تواضعًا باتجاه الشمال الشرقى. وتغطى الرمال المتحركة
    أجزاء من هذا الحصن أيضًا وربما ضم الحصن بئرًا داخليًا وإذا كان هذا صحيحًا فمن
    المرجح أنه كان ممتلئًا عن آخره بالرمال.توجد آثار للسلالم المؤدية للعديد من هذه الآبار في وادي كلالات و مناطق
    أخرى فى المنطقة. وهناك أجزاء سليمة من الدرج المؤدى للبئر في حصن الزرقاء
    (ماكسيميانون القديمة) الذى لا يزال بحالة جيدة حتى الآن. ويقع هذا الحـصـن عـلـى
    الطريق بين ميوس هرموس ونهر النيل ( راجع الفصل الرابع ). ومعظم الآبار القديمة

  • التى يمكن رؤية أجزاء منها على أقل تقدير – مبطنة من الداخل بالحصى المتوفر في
    المنطقة أو الطوب المحروق اتقاء للانهيار الداخلى والحفاظ على درجة معينة من نقاء
    الماء بالبئر.
    قامت المساحة الجيولوجية المصرية تحت إشراف الحكومة البريطانية في النصف
    الأول من القرن العشرين بحفر هذه الآبار من جديد وإعادة تبطين هذه الآبار
    الرومانية القديمة كما قامت ببناء سلالم وأحواض خرسانية وذلك لتيسير العمل
    بالمناجم والمحاجر فى الصحراء الشرقية شأنهم في ذلك شأن أسلافهم القدماء. وربما
    تفيد هذه الإصلاحات الحديثة في تكوين تصور حول هيئة أسلافهم ومظهرهم
    الخارجي. ومن بين نماذج هذه الإصلاحات الجديدة ما تم في الحصن الرومانيالبطلمي بمنطقة الكنايس الواقعة على الطريق بين برنيكى وإدفو وبين مرسى نكرى
    وإدفو) (صورة .۱۳۸). فربما يبعد البئر والحوض الجديدان عن موقعهما الأساسي في
    الحصن القديم. لاحظنا أيضًا إدخال تعديلات على محطة القطار الواقعة على الطريق
    بين أبو شعر / مونز بورفيرى ونهر النيل في عشرينيات أو ثلاثينيات القرن الماضي
    عندما كان الملك فاروق لا يزال أميرًا على مصر (۱۹۲۰) - ۱۹۳۷) كما هو مدون على
    أحد الخزانات الهيدروليكية . ومن الممكن أيضًا ملاحظة بعض التعديلات في منطقة
    أبو قريّة وتحديدًا فى القسم الجنوبي من الطريق بين مونز كلاوديانوس ونهر النيل شمال
    الطريق الأسفلتى الذى يبعد نحو اثنين وأربعين كيلومترًا عن مدينة قنا وأُجريت
    تعديلات كذلك فى الحصن الرومانى القديم فى أبو زَول (مكان الأشباح أو "أبو
    الأشباح") وهــو محـيـم لاستخراج الذهب ويقع أيضًا على الطريق بين مونز
    كلاوديانوس ونهر النيل. كما أُعيد حديثًا بناء خزانات المياه والبئر داخل المحطة في أبــو
    قرية (انظر الفصل الثالث على طريق هادريان الجديد، وكذلك خزانات المياه والآبار
    في سيالة وبير الحمامات على الطريق بين ميوس هرموس وقفط.
    كان الرحالة الألماني ليبسيوس منبهرًا بالبئر القديم فى بير الحمامات في منتصف
    القرن التاسع عشر حيث كان البئر لا يزال يعمل بشكل جيد. ولقد ذكر ليبسيوس أنــه
    "كان بئرا عريضًا... بلغ عمقه ثمانين قدمًا وكانت جدرانه الداخلية مبطنة بالحجارة
    كما يوجد داخله سلم متعرج للنزول إلى أسفله". ولقد أخبر العرب ليبسيوس أن
    المسيحيين هم من قاموا ببناء هذا البئر. وبحسب المسوحات الأثرية وأعمال الحفر
    والتنقيب فى مناجم الذهب القريبة فى بير أم الفواخير فإن هذا الموقع يرجع إلى القرنين
    الخامس والسادس الميلاديين أى العصر المسيحى فى مصر. ونتوقع أنه كانت هناك
    حركة سير بين بير أم الفواخير ونهر النيل لاستخدام مرافق المياه في الطريق، وكان
    مصدر الماء في بير الحمامات محطة طبيعية بالنسبة للمترددين على المكان، ولقد حرص
    المسئولون عن مصالح عمال المناجم على تطويرها وتحسينها لتيسير الحصول على الماء.
    ولقد أمدت المحطة في بير الحمامات - التي لا يزال اسمها القديم غير معروف حتىالآن - الحجاج المسلمين في رحلتهم من وادى النيل بصعيد مصر إلى مكة بما كانوا
    يحتاجونه من الماء. والدليل على ذلك آثار مسجد صغير تم بناؤه في ركن من أركان
    الحصن الروماني القديم. ولقد بقى البئر على الحال الذي كان عليه قديمًا باستثناء بنيتـه
    الفوقية التى أضيفت إليه فى عام ١٨٣٠ أو ربما في فترة لاحقة.
    وربما كانت الحصون الرومانية القديمة تحصل على إمداداتها من المياه من الآبار
    الخارجية في الكثير من الأحيان. وللتحقق من مدى صحة ذلك يقتضى الأمر إجراء
    دراسات شاملة باستخدام رادار الاختراق الأرضى للمناطق المحيطة بهذه الحصون
    والوديان المتاخمة للطرق الرئيسية التي تمر عبر الصحراء.
    تشمل المستوطنات المدنية أو شبه المدنية فى الصحراء الشرقية تلك المستوطنات
    من
    مائة
    التي يبقى حالها أمرًا غامضًا (انظر الفصل العاشر ) . ويتضمن بعضها أكثر
    مبنى، ومن المؤكد أنها كانت - نظريًا على الأقل - تحوى مصادر دائمة للماء يمكن
    الاعتماد عليها . ولقد أجرينا أكثر من مسح مركز لست من هذه المستوطنات التي ربما
    كانت - وربما لما تكن - مجتمعات مسيحية للرهبان وتراوحت مساحة الأبنية في هذه
    المستوطنات الست بين سبعة وأربعين ومائة وتسعين مترا تقريبًا في أم حيران بالقرب
    من سيكيت). وضم البناء الواحد ما بين حجرة واحدة وثلاث غرف صغيرة نسبيا
    ونادرًا ما كان يزيد عدد الغرف على ذلك. وفى بعض الأحيان كانت هذه المواقع
    تشتمل على أبنية أكبر من ذلك.
    أظهرت المسوح الأثرية لهذه المجتمعات تشابهات عديدة فيما بينها. فالموقع
    إجمالا - يرجع تاريخه إلى الفترة بين نهايات القرن الرابع حتى القرن السادس
    الميلادي أو بعد ذلك فى بعض الأحيان. وحصلت هذه المجتمعات على احتياجاتها من
    الماء من الآبار العميقة فى المناطق المحيطة بها. ومن هذه المستوطنات الصحراوية جمعنا
    كميات ضخمة من قطع لإناء يُعرف باسم "الأمفورا . " . يعود هذا الإناء إلى نهايات
    العصر الروماني، ومن المعروف أن هذا النوع من الأواني كان يُصنع في قبرصوقيليقية المطلتين على الساحل الجنوبي لآسيا الصغرى. إن العثور على هذا النوع من
    الأوانى لأمر مثير للدهشة حيث استلزم الأمر قطع مسافات طويلة لتصديرها إلى هذه
    المناطق النائية التي لم تتمتع بقدر يذكر من الأهمية. ومع ذلك فإن المصادر القديمة
    تشير إلى أن بعض سكان الصحراء المسيحيين كانوا يشربون نبيذا مستوردًا. ولقد أورد
    الكاتب المسيحى بلاديوس فى كتابه تاريخ الرهبان Historia Lasiaca -
    ٤٢٠ ميلاديًا تجاربه الشخصية كراهب مسيحى فى صحراء مصر. ويُعد كتاب
    بلاديوس واحدًا من أهم مصادر تاريخ الرهبنة فى مصر. ولقد اقتضت الضرورة
    والتفكير العملى قيام سكان هذه المستوطنات المتواضعة بإعادة تدوير هذه الأواني
    التي كان يتم تعبئتها في الأصل بالنبيذ لنقلها عبر ) البحر. وبعد نفاد النبيذ كان يُعاد
    استخدامها لتخزين الماء. ذكر بلاديوس فى كتابه أن القدور وأواني الماء في قيليقية
    كانت موجودة فى العديد من المجتمعات المسيحية الصحراوية ولذلك فمن المرجح أم
    ح أن
    العثور على أعداد ضخمة من قطع الأمفورا ١" في جميع المواقع المسيحية المفترضة
    التي قمنا بدراستها في الصحراء الشرقية ليس من قبيل المصادفة.
    نقلت الموانئ الضخمة المطلة على البحر الأحمر مياها صالحة للشرب لمسافات
    مختلفة في الصحراء ويرجع ذلك إلى أن مياه الآبار التي حفرت على مقربة من ساحل
    البحر كانت عالية الملوحة ولذلك لم تكن صالحة للاستهلاك الآدمي. وبحسب
    معلوماتنا فإن ثلاثة حصون على الأقل فى برنيكي على بعد بین ٧.٢ و ٨.٥ كيلو متر
    غرب المدينة اثنان منهما فى وادى كلالات والثالث فى سيكيت) قد أمدت الميناء
    بمخزون من مياه الشرب، وسنشير إلى الوضع في سيكيت لاحقا في الفصل الخامس
    عشر. وفيما يبدو كذلك أن ميوس هرموس كانت تحصل على مخزونها من مياه الشرب
    إما من "بير نخيل" مباشرةً غرب الميناء أو من بير" "كريم" على بعد خمسة وثلاثين
    كيلومترا باتجاه الجنوب الغربي أو من كليهما. وتشير الدلائل إلى أن الماء كان يُنقل
    بمشقة كبيرة على ظهور الدواب من الآبار إلى موانئ البحر الأحمر، ولكن لا توجد
    دلائل تشير إلى استخدام القنوات لسحب الماء.كان من الضرورى تخزين الماء وحمايته بعناية لارتفاع معدلات التبخر في
    الصحراء وزيادة نسبة ملوحة الماء المتبقى بعد التبخر. فكما ذكرنا من قبل فإن
    الإحصاءات الحديثة تشير إلى أن متوسط التبخر فى محافظة البحر الأحمر ٢٥٠٠
    ملليمتر في السنة مقابل ٥ ملليمتر متوسط هطول الأمطار في السنة. وبمعدلات مماثلة
    في العصر البطلمي - الروماني كان من الضرورى ابتكار سبل للحصول على الماء
    وتخزينه بعناية وتوزيعه بحرص شديد وتشهد الآبار وخزانات الماء الواضحة للعيان
    بطول الصحراء على العناية بمصادر الماء فى العصور البطلمية والرومانية. فلقد
    أتاحت البطانة من الأحجار والطوب التى كانت تكسو جدران الآبار التوغل عميقا
    داخلها كما ساهمت في الحد من الانهيار الداخلي لجدران الآبار، وهو ما أتاح الحصول
    على مياه أكثر نقاءً. ولقد ساهمت عوامل عدة فى خفض معدل تبخر الماء والحفاظ على
    نقائه بتقليل كمية التراب والطين التي قد تحملها الرياح داخل البئر أو قد تسقط داخله
    بالصدفة وتتمثل هذه العوامل فى طلاء خزانات المياه المضاد للماء والذي يتكون من
    الجير والجبس وكذلك الأرفف المثبتة أعلى الخزانات التي كانت تغطى بدورها
    بالأخشاب أو الجلود أو قطع من القماش. وكانت خزانات الماء تصنع بعنايــة مــن
    الحصى أو الطوب المحروق.
    تتفاوت الأرقام التي تحدد كميات الماء المخزنة بشكل كبير ولا تعدو كونها
    حسابات أولية قمنا بإجرائها أو أجراها زملاؤنا الأوروبيون. كما لا تشير المصادر
    المكتوبة القديمة في هذا الإقليم إلى كميات الماء المتوفرة فى هذه الآبار أو خزانات الماء.
    وبحسب تقديراتنا هناك خزانان دائريان فى المحطة البطلمية بأبو مدرك على الطريق
    بين برنيكي وأبوللونوبوليس الكبرى. ويسع الخزانان ۸۸.۰۰۰ لتر تقريبا إلا أنه لا
    يوجد ما يثبت بالدليل القاطع أنهما كانا يحويان هذه الكمية من الماء بالفعل. أما
    الحصن الروماني القديم في المحجر بأم وكالة فكان ٨.٨٠٠ لتر بينما بلغت سعة
    محطة روض أم الفرج ۳۹.۰۰۰ لتر. وتقع هذه المحطة على الطريق بين مرسى نكرى
    ..
    ...
    يسع
    وإدفو ويرجع تاريخها إلى العصر البطلمى وبدايات العصر الروماني (صورة ١٦٦).إن وسائل الحصول على الماء وتخزينه وحمايته وحتى توزيعه في العصور
    البطلمية والرومانية في منطقة الصحراء الشرقية تتشابه دون أدنى شك مع الوسائل
    التي كان يستخدمها المصريون القدماء فى العصور الفرعونية. ولعل أبرز نقاط
    الاختلاف تكمن في استخدام هذه الوسائل على نطاق أوسع وعلى نحو متزايد في
    العصور اللاحقة.
    يبدو أن المؤسسة العسكرية فى العصور البطلمية والرومانية كانت مسئولة في
    الأساس عن كل ما يتعلق بالحصول على الماء وتوزيعه فى الصحراء الشرقية. فلقد
    كانت معظم مصادر الماء المهمة إن لم تكن كلها المعروفة لدى المسئولين من البطالمة
    والرومان خاضعة للحراسة أو محاطةً بالتحصينات. لم يتناول الكتاب القدماء ذلك في
    مخطوطاتهم المتبقية علاوة على أن عددًا محدودًا فقط من بين آلاف قطع الأوستراكا
    وأوراق البردى التى تم اكتشافها فى المنطقة يلقى الضوء على ذلك الأمر. وتشير
    النقوش التي عُثر عليها في بعض الحصون الرومانية القديمة والمحطات بطول الطرق
    الصحراوية السريعة إلى أن فترات حكم كل من بطلميوس الثاني فيلادلفوس
    (٢٨٥ - ٢٤٦ ق . م والأباطرة الفلافيين (٦٩ - ٩٦ ميلاديًا) شهدت اهتماما كبيرًا
    بتوفير الماء وحمايته. ومن المؤكد أن هناك فترات أخرى شهدت عمليات إصلاح
    وتجديد فى الموانئ والمناجم والمحاجر بالإضافة إلى فترات أخرى وصل خلالها العمل
    في الصحراء الشرقية إلى ذروته. وكانت هذه الفترات على الأرجح في بداية العصر
    الرومانى وتحديدًا منذ عهد حكم كل من الإمبراطور أغسطس والإمبراطور تيبريوس
    (۳۰) ق . م - ۳۷ ميلاديا)، مرورًا بفترات حكم ترایان و هادریان (۹۸ - ۱۳۸
    ميلاديا) والأباطرة الذين انحدروا من نسل الإمبراطور سيفيروس (۱۹۳) - ۲۱۷
    ميلاديا) حيث شهدت التجارة فى البحر الأحمر وأنشطة تعدين الذهب في المنطقة
    از دهارًا واضحًا بحلول نهاية العصور الرومانية فى منتصف القرن الرابع الميلادى.
    من المؤكد أننا لا نزال بحاجة إلى إجراء المزيد من المسح والحفر في الصحراء
    الشرقية وبطول ساحل البحر الأحمر في المستقبل للوصول إلى تصور حول آلية تناول
    هذه القضية المهمة - الحصول على الماء - في العصور القديمة.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

In this present...

In this presentation, I will focus on main points: First, I will provide a definition of the concep...

في خسائر فادحة ...

في خسائر فادحة للذرة، والمحاصيل السكرية، والأعلاف النجيلية، والكينوا. لمواجهة هذه التحديات بفعالية،...

أدى الإنترنت وا...

أدى الإنترنت والتطور الرقمي إلى إحداث تحول جذري في أساليب التواصل وتبادل المعلومات بين الأفراد. فنحن...

تم في هذا المشر...

تم في هذا المشروع تطبيق مكونات الواجهة الأمامية (Front-end) والواجهة الخلفية (Back-end) الشائعة لضما...

تُعد عدالة الأح...

تُعد عدالة الأحداث من أهم القضايا التي تشغل الأنظمة القانونية والاجتماعية في مختلف دول العالم، نظرًا...

كان تحالف ديلوس...

كان تحالف ديلوس في البداية قوة دفاعية ناجحة، لكنه تحول مع الوقت إلى أداة للسيطرة الأثينية، مما أدى إ...

--- ### **التع...

--- ### **التعريف:** عوائق التعلم التنظيمي هي **عوائق إدراكية، أو ثقافية، أو هيكلية، أو شخصية** تم...

أولا شعر الحزب ...

أولا شعر الحزب الزبيري بدا يتنصيب عبد الله بن الزبير نفسه خليفة على الحجاز، واستمر تسع سنوات، وانته...

ث‌- الصراع: يع...

ث‌- الصراع: يعتبر من المفاهيم الأقرب لمفهوم الأزمة، حيث أن العديد من الأزمات تنبع من صراع بين طرفين...

تعرض مواطن يدعى...

تعرض مواطن يدعى عادل مقلي لاعتداء عنيف من قبل عناصر مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي أمام زوجته، في محافظة...

زيادة الحوافز و...

زيادة الحوافز والدعم المالي للأسر الحاضنة لتشجيع المشاركة. تحسين تدريب ومراقبة العاملين الاجتماعيين...

Because learnin...

Because learning changes everything.® Chapter 13 Mutations and Genetic Testing Essentials of Biology...