Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

دراسة الشعر الخمري عند العرب قبل أبي نواس
قد عرف أبو نواس بشاعر الخمر وزعيم هذاالفنّ. ومع هذا نعلم بأنّه لم يخترع هذا الفن ولم يسبق إليه وإنمّا سبقه إليه كثير من الشعراء في العصور الجاهليّة والإسلامیة والأموية. فيجب علينا قبلَ أن نتناول خمريات أبي نواس، ندرس مع شى‏ء من التفصيل خمريات بعض الشعراء الّذين سبقوه وأثّروا فيه. ذلک لنتبيّن المقدار الذي سبق إليه أبونواس ولنعرف ما اخترع وما استحدث فی شعره الخمری. الکلمات المفتاحیة: الشعر الخمری، العصر الأموی
ألف- في الجاهلية
فقد عرف الشعرالخمري عندالشعراء الجاهلييّن؛ وقليل منهم من لم يعرض للخمر في شعره. ولهم في ذلك تعابير جيّدة بالنسبة إلى ذلك العصر وبالنسبة إلى أذواق الناس التي تلائم تلك البيئة. ولاسيما الأعشى الأكبر. وبإمكاننا أن نقسّمهم إلى قسمين: الأوّل هم الذيّن افتخروا بشرائها وشربها وإسرافهم في هذا الأمر دونَ أن يصفوها إلّا قليلاً. وإنمّا كانوا يقنعون بالظواهر، فيصفون لون الخمر ومظهرها ويصفون أقداحها وأباريقها ويذكرون مكان شرائها ويصفون طعمها ولونها وصفا مجملاً ويشيرون إلى مفعولها في النفس. وأمّا من الذيّن كانوا يفقخرون بشربها كافتخار هم بالبطولة والشجاعة، هوعنترة بن شدّاد حيث يقول:
قُرِنتْ بأزهَرَ في الشّمالِ مفدّمِ
فإذا شربتُ فإنّني مستهلكٌ
وعرضي وافرٌ لم يُكلَمِ
وإذا صحوتُ فما أقصّرعن ندى
وكما علمتِ شمائلي وتكرّمی
إن كنتِ جاهلةً بما لم تعلمي
إذ لا أزال على رحالةِ سابحٍ
أغشى الوغى وأعِفُّ عند المَغْنَمَ»
مة بالصغير وبالكبير
وإذا صحوتُ فإنّني
وللبيد بن ربيعة أبياتٌ تشبه أبياتهما حيث يفاخر بشرب الخمرة بعد أن رأى الصدود من جبيبته «نوار» يخاطبها ويتباهي بأنّها لا تعلم منزلته ويقول:
بكلِّ أدكنَ عاتقٍ
وغداة ريحٍ قد وزعتُ، بصبوحٍ صافية، وجذبِ كرينةٍ
بمؤثّرٍ تأتالُه إبهامُها
باكرتُ حاجتها الدَّجاجَ، لِأُعلّ منها، فُرُطٌ وِشاحي، «ومازال تشرابي الخمورَ ولذّتي
وبيعى وإنفاقي طريفي ومتُلدي
[4]
ولِأبى عبّاد عمر وبن كلثوم التغلبي معلقة يستهلّها بنسيب خمري دوَن النسيب الطللي الشائع عند الشعراء الجاهليين. فله فضلٌ في هذا الإبداع إلذي مارأيناه عند الشعراء الآخرين قبله وعند من عاصروه، حيث يقول:
إذا ما الماءُ خالطها سخينا
فيها، بيومٍ كريهةٍ ضربا وطعنا
[5]
وأمّا الّذين وصفوا الخمَر مع شيء من التفصيل وأشاروا إلى طعمها ولونها وإلى أثرها في النفس منهم: عدي بن زيد العبادي، له قصيدة مشهورة تدلّ على أنه كان مكلّفاً بالخمرة ومُجيدا في وصفها حيث يقول:
«بكر العاذلونَ، في وضح الصبـ
ـح، يقولونَ لي أما تستفيقُ
ويلومون فيكِ يا ابنة عبداللّـ
أ عدويلومني أم صديق
فإذاما
قوتِ حُمرٌ يُثيرُها التصفيقُ
ثمّ كان المِزاجُ ماء سحابٍ
لا صدى آجنٌ ولا مطروق»
[6]
ولهذا أكثر من وصف الخمر وأطال وأجادَ وصفها كوصف عاشق لمشعوق. أن ليسَ يَدفَعُ عن ذي الحيلةِ الحيلُ
نازعتُهُم قُضُبَ الرّيحانِ، وقابلها الرّيحُ في دنّها
وصَلّى على دَنّها وارتَشَم
عن الشّربِ اومُنكِرٍ ما عُلِم»
إذا دارت له الكفُّ، تُريكَ القَذَى مِن دونها، وهىَ دونَه
إذا ذاقَها مَن ذاقَها يتمطّقُ
وظلّت شعيبٌ غربةُ الماء عندنا
وأسحَمُ مملوءٌ مِن الرّاح متأق»
[9]
وأيضاً له قصيدة في الخمر يمدح في خلالها أياس بن قبيصة الطّائي يستهلّها بهذه الأبيات:
«وشمولٍ تحسبُ العينُ إذا
صُفِّقتْ وُردَتَها نورَ الذُبَح
مثل ذَكي المسك، ذاكِ ريحُها
إذا قيلَ: تَوَح
من زِقاق التَجر مِن باطيّةٍ
جونةٍ حاريةٍ ذاتِ رَوَح
ذات غورٍ ما تُبالي يومَها
غَرَف الإبريقِ منها والَقَدح
وإذا ما الرّاحُ فيها أزبدتْ
وإذا مكّوكُها صادَمهُ
جانباه، فسَبَح
فترامتْ بزجاجٍ مُعملٍ
يُخلف النازحُ منها ما نزح»
[10]
إلى آخرها، ثم ينتقل إلى وصفِ مُغنّ يضربُ العودَ ويغني. وله قصيدة أخرى في الخمر،


Original text

دراسة الشعر الخمري عند العرب قبل أبي نواس
الملخّص
قد عرف أبو نواس بشاعر الخمر وزعيم هذاالفنّ. ومع هذا نعلم بأنّه لم يخترع هذا الفن ولم يسبق إليه وإنمّا سبقه إليه كثير من الشعراء في العصور الجاهليّة والإسلامیة والأموية. فيجب علينا قبلَ أن نتناول خمريات أبي نواس، ندرس مع شى‏ء من التفصيل خمريات بعض الشعراء الّذين سبقوه وأثّروا فيه.ذلک لنتبيّن المقدار الذي سبق إليه أبونواس ولنعرف ما اخترع وما استحدث فی شعره الخمری.


الکلمات المفتاحیة: الشعر الخمری،العصر الجاهلی،العصر الاسلامی،العصر الأموی


ألف- في الجاهلية
فقد عرف الشعرالخمري عندالشعراء الجاهلييّن؛ وقليل منهم من لم يعرض للخمر في شعره. ولهم في ذلك تعابير جيّدة بالنسبة إلى ذلك العصر وبالنسبة إلى أذواق الناس التي تلائم تلك البيئة. ومن أهّم الشعراء الجاهليين الّذين تناولوا الخمرة في قصائدهم وتكلّفوابها: طرفة بن العبد، وعدي بن زيد العبادي، وعمروبن كلثوم، وعنترة بن شدّاد، والمنخّل اليشكري، ولاسيما الأعشى الأكبر.
وبإمكاننا أن نقسّمهم إلى قسمين: الأوّل هم الذيّن افتخروا بشرائها وشربها وإسرافهم في هذا الأمر دونَ أن يصفوها إلّا قليلاً.


والثاني هم الّذين وصفوا الخمرَ وأجادوافيها بعض الإجادة دونَ أن يكونَ وصفهم عميقا، وإنمّا كانوا يقنعون بالظواهر، فيصفون لون الخمر ومظهرها ويصفون أقداحها وأباريقها ويذكرون مكان شرائها ويصفون طعمها ولونها وصفا مجملاً ويشيرون إلى مفعولها في النفس.


وأمّا من الذيّن كانوا يفقخرون بشربها كافتخار هم بالبطولة والشجاعة، هوعنترة بن شدّاد حيث يقول:


«ولقد شربتُ من المدامة بعد ما
ركد الهواجرُ بالمشوف المعلم
بزجاجة صفراءَ، ذات أسِرّة
قُرِنتْ بأزهَرَ في الشّمالِ مفدّمِ
فإذا شربتُ فإنّني مستهلكٌ
مالي، وعرضي وافرٌ لم يُكلَمِ
وإذا صحوتُ فما أقصّرعن ندى
وكما علمتِ شمائلي وتكرّمی
وبعد ذلك ينتقل إلى بطشه وشجاعته في المعارك مخاطبا حبيبته ويقول:


هلّا سألتِ الخيلَ يا ابنة مالك
إن كنتِ جاهلةً بما لم تعلمي
إذ لا أزال على رحالةِ سابحٍ
نَهْدٍ، تعاوَرَهُ الكماةُ، مكلّمِ
يُخبركِ من شَهِدَ الوقيعة أنّني
أغشى الوغى وأعِفُّ عند المَغْنَمَ»
[1]


وللمنخّل اليشكري أبياتٌ تشبه هذه الأبيات جدا حيث يقول:


«ولقد شربتُ من المدا
مة بالصغير وبالكبير
فإذا انتشيتُ فإنّنی
ربُّ الخَوَرنق والسّدير
وإذا صحوتُ فإنّني
ربُّ الشويهة والبعير»
[2]


وللبيد بن ربيعة أبياتٌ تشبه أبياتهما حيث يفاخر بشرب الخمرة بعد أن رأى الصدود من جبيبته «نوار» يخاطبها ويتباهي بأنّها لا تعلم منزلته ويقول:


«بل أنتِ لا تدرينَ كم من ليلةٍ
طلقٍ لذيذٍ لهوُها وندامُها
قدبتُ سامرها، وغايةِ تاجرٍ
وافيتُ إذ رُفِعت وعزَّ مُدامُها
أغلي السّباءَ، بكلِّ أدكنَ عاتقٍ
أوجونةٍ قُدِحَتْ وفضَّ ختامُها
وغداة ريحٍ قد وزعتُ، وقرّة
قد أصبحت بيد الشّمالِ زمامُها
بصبوحٍ صافية، وجذبِ كرينةٍ
بمؤثّرٍ تأتالُه إبهامُها
باكرتُ حاجتها الدَّجاجَ، بسُحرةٍ
لِأُعلّ منها، حينَ هبَّ نيامُها


وبعد ذلك يفتخر ببطشه وشجاعته ويقول:


ولقد حميتُ الحىَّ تحمل شكّتي
فُرُطٌ وِشاحي، إذ غدوتُ لجامُها»
[3]


وقد يلا حظ عند بعض الشعراء أنّ إفراطهم في شراء الخمر وشربها قد يؤدي بهم إلى الفقر وهذا كان يدلُّ على جودهم وسماحتهم كما نرى عند طرفة بن العبد حيث يقول:


«ومازال تشرابي الخمورَ ولذّتي
وبيعى وإنفاقي طريفي ومتُلدي
إلى أن تحامتني العشيرةُ كلُّها
وأفردتُ إفراد البعير المعبّدِ»
[4]


ولِأبى عبّاد عمر وبن كلثوم التغلبي معلقة يستهلّها بنسيب خمري دوَن النسيب الطللي الشائع عند الشعراء الجاهليين. فله فضلٌ في هذا الإبداع إلذي مارأيناه عند الشعراء الآخرين قبله وعند من عاصروه، حيث يقول:


«ألا هُبّي بصحنك فاصبحينا
ولا تُبقي خمورَ الأندَرينا
مشُعشعةً كأنّ الحُصَّ فيها
إذا ما الماءُ خالطها سخينا
تجورُ بذي اللُّبانةِ عن هواهُ
إذا ماذاقها، حتّى يلينا
ترى اللّحِزَ الشحيحَ إذا أمِرَّتْ
عليه، لماله، فيها، مُهينا
وبعد ذلك ينتقل إلى الغرض الأصلي وهوالفخر، يخاطب حبيبته ويقول:


قفي قبلَ التفرّق يا ظعينا
نُخبّركِ اليقينَ، وتُخبرينا
بيومٍ كريهةٍ ضربا وطعنا
أُقَرّبه مواليكِ العيونا»
[5]


وأمّا الّذين وصفوا الخمَر مع شيء من التفصيل وأشاروا إلى طعمها ولونها وإلى أثرها في النفس منهم: عدي بن زيد العبادي، الشاعر النصراني الذي عاش في «الحيرة» فى أواخر العصر الجاهلي.
له قصيدة مشهورة تدلّ على أنه كان مكلّفاً بالخمرة ومُجيدا في وصفها حيث يقول:


«بكر العاذلونَ، في وضح الصبـ
ـح، يقولونَ لي أما تستفيقُ
ويلومون فيكِ يا ابنة عبداللّـ
ـه، والقلبُ عندكُم موثوقُ
لستُ أدري إذا أكثروا العدلَ فيها،
أ عدويلومني أم صديق
ودَعَوا با لصبّوح يوما، فجاءَت
قينةٌ في يمينها إبريق
قدَّمتْه على عُقار كعين الديكِ
صفّى سلافها الراووق
مُرّة قبلَ مَزجها، فإذاما
مُزحِت، لذَّطعْمَها من يرذوق
وطَفا فوقها فقاقيع كاليا
قوتِ حُمرٌ يُثيرُها التصفيقُ
ثمّ كان المِزاجُ ماء سحابٍ
لا صدى آجنٌ ولا مطروق»
[6]


والمشهود أنه، في هذه الأبيات - على جاهليتها - رقّة الحضارة على أنّه كانَ كثير التّردد إلى بلاد
الفارس ومتأثرا بالحضارة الفارسية.


وأمّا الأعشى الأكبر: عنده للخمرة منزلة كبيرة، ولهذا أكثر من وصف الخمر وأطال وأجادَ وصفها كوصف عاشق لمشعوق. وتبسطّ فى الحديث عنها بحيث كادت الصورة الخمرية تكتمل فيه وكادت جميع المعاني الخمرية الموجودة في الجاهيلة تجتمع فيه بصورة كاملة وكان الشاعرُ يزجُّها في قصائده، أيّةً كان أغراضها ويتوسّل بها للمدح وغيره. وهذا يظهر واضحا في معلّقته حيث يستطرد عن تغزّله في وصف حبيبه «هريرة» ووصف الروضة إلى الحديث عن اللهووشرب الخمرة، قائلاً:


«وقد غدوتُ إلى الحانوت يتبعُنى
شاومِشَلٌّ شَلولٌ، شُلشلُ، شَوِلُ
في فتيةٍ كسيوف الهندِ قد علموا
أن ليسَ يَدفَعُ عن ذي الحيلةِ الحيلُ
نازعتُهُم قُضُبَ الرّيحانِ، مُتّكئا
وقهوةً مُزَّةً راووقُها خَضِلُ
لا يستفيقونَ منها، وهى راهنة
إلاّ بـ «هاتِ» وإن علّوا وإن نهِلوا
يسعى بها ذوزجاجاتٍ له نُطُفٌ
مُقلّصٌ أسَفَلَ السربالِ، مُعتمِلُ
ومستجيبٍ لصوتِ الصنج تسمَعَهُ
إذا ترجّعُ فيه القينةُ الفُضُلُ»
[7]


ولوانتقد النقّاد الشطر الثاني في البيت الأوّل لكثرة الشينات، ولكنّها تدلُّ على سكر الشاعر وعدم استطاعته لِإلقاء الكلام.
وفي مكان آخر عند مدح قيس بن معدي كرب ينتقل إلى وصف الشرب واللهوبعد التغزّل ويقول:


«وصهباءَ طافَ يَهوديُّها
وأبرزها وعليها خُتُم
وقابلها الرّيحُ في دنّها
وصَلّى على دَنّها وارتَشَم
تَمزَّزْتُها غيرَ مُستَدبرٍ
عن الشّربِ اومُنكِرٍ ما عُلِم»
[8]


وأيضا عند مدح المحلّق يشير إلى شربه الخمر ويقول:


«وإذا قلتُ: «غنّي الشَربَ» قامت بمِزهرٍ
يكادُ، إذا دارت له الكفُّ، ينطِقُ
وشاوٍ، إذا شئنا، كميشٌ كمِسعَرٍ
وصهباءُ مِزبادٌ، إذا ما تُصَفَّقُ
تُريكَ القَذَى مِن دونها، وهىَ دونَه
إذا ذاقَها مَن ذاقَها يتمطّقُ
وظلّت شعيبٌ غربةُ الماء عندنا
وأسحَمُ مملوءٌ مِن الرّاح متأق»
[9]


وأيضاً له قصيدة في الخمر يمدح في خلالها أياس بن قبيصة الطّائي يستهلّها بهذه الأبيات:


«وشمولٍ تحسبُ العينُ إذا
صُفِّقتْ وُردَتَها نورَ الذُبَح
مثل ذَكي المسك، ذاكِ ريحُها
صبّها الساقي، إذا قيلَ: تَوَح
من زِقاق التَجر مِن باطيّةٍ
جونةٍ حاريةٍ ذاتِ رَوَح
ذات غورٍ ما تُبالي يومَها
غَرَف الإبريقِ منها والَقَدح
وإذا ما الرّاحُ فيها أزبدتْ
أفَلَ الإزبادُ فيها وامتَصَح
وإذا مكّوكُها صادَمهُ
جانباه، كرَّ فيها، فسَبَح
فترامتْ بزجاجٍ مُعملٍ
يُخلف النازحُ منها ما نزح»
[10]


إلى آخرها، ثم ينتقل إلى وصفِ مُغنّ يضربُ العودَ ويغني.


وله قصيدة أخرى في الخمر، يمدح خلالها أبا الأشعث قيس ومطلعها:


«وطِلاءٍ خسرواني إذا
ذاقَهُ الشيخُ، تغنَّى وارَجَحن
وطنابيرَ حسانٍ صوتُها
عند صنجٍ، كلمّا مُسَّ أرَنْ


إلى أن يقول:


وإذا الدّنُّ شربنا صفوَهُ
أمروا عُمرا فناجوه بِدَن
بمتاليفَ أهانوا مالَهم
لغناءٍ، ولِلِعْبٍ، وأذن
فترى إبريقهم مُسترعفا
بشمولٍ صُفِّقت من ماءِ شن»
[11]


وله أبيات أخرى في وصف الخمر لانذكرها خوفاً لاطالة الکلام.


وأمّا إذا نتوغّل في الشعر الخمري عند الشعراء الجاهليين نرى بأنّ الشعراء الذين كان لهم حياة البداوة بمعنى الكلمة، كانوا يلمّون بالخمر إلماما ولا يلحّونَ في وصفها ولا يكثرون منه ولا يدققون فيه.
وأمّا الشعراء الذين كانوا مسيحيين أويعيشون في الحيرة والعراق من قرب ايران، قاموا بوصه الخمر أحسن وأدّق من الآخرين مع شى‏ء من التفصيل في ذكر مجالس اللّهوومايلائمه وأشاروا إلى لونها وطعمها وأثرها في النفس كما رأينا عند عدي بن زيد العبادي الذي نزل قومه فى الحيرة في أواخر العصر الجاهلي وتحضّروا وأدانوا بالنصّرانية. وكان العدي يتضّلع بالعربية والفارسية وتخرّجَ في أنواع الأدب والفروسية، متأثرا بالحضارة الفارسية كما أنّه تأثَّرَ بالثقافة النصرانية في بيزنطيّة.


فلهذا نرى رقة الحضارة في أبياته على جاهليتها دونَ أن تخلومن رصانة البداوة. وكما رأينا عند الأعشى الأكبر الذي كان مسيحيّا ولم يكن بدويا بمعنى الكلمة. إذ إنّه كان يضربُ في أنحاء الجزيرة العربية متكسّبا بشعره، من اليمن إلى العراق ويقطع العراقَ إلى بلاد فارس ليمدح ملوكها. فإنّه كان حاضرا أوكالحاضر.


ولكنّ الميزه الأساسية في الشعر الخمري عند الشعراء الجاهليين هي أنّهم لم يتّخذواالخمَر فنَّا مستقِلّا من فنون الشعر كما اتّخذوا المدح والهجاء والفخر والحماسة، كما يرى الدكتور طه حسين ويقول: «ولم يكن من الممكن أن يستقلَّ وصف الخَمر في هذا العصر ويصبح فنّا قائما بنفسه يقصد من حيث هو. لأن الحياة
الجاهلية لم تكن تسمح بذلك ولا تدعوإليه. كما تدعوإلى وصف الخيل والإبل وما إلى الخيل والإبل.
لأنّهم لم يكونوا من النعمة ولين العيش بحيث يستطيعون أن يعكفوا عليها ويعاشروها معاشرة متصّلة، كما كانوا يعاشرون الإبَل والشاة وإنّما كانت تسنح لكثير منهم فرصة اليوم أوالساعة، يشرب فيها ويلهو. فإذا فرغ من شربه ولهوه تحدّث بذلك مفاخرا، وربّما وصف الخمر وذكر اللهووهولم يشرب، ولم يأخذ من اللهوبحظّ. وإنّما دعاه إلى ذلك الفخر والفنّ. فقد دخل وصف الخمر والإ لمام بها في فنّ الفخر، والتحدّث
بمايمتاز به المفاخر من الكرم والسخاء، ومن العفّة حين يدعوكل شى‏ء إلى إطراح العفّة إلى غير ذلك من هذه المعاني الشائقة، الّتي تجدها عند الجاهليين جميعا». [12]


وممّا يؤكد هذا الرأي قول حنّا الفاخوري حيث يقول: «توقّف الجاهليّون في وصف الخمرة عند مظاهرها الخارجية وأشاروا إلى مفعولها في النفس وراحوا في تكثيف المادة التصويرية يقلّد بعضهم بعضا آخر ويكرّر بعضهم أقوال البعض الآخر... وهكذا فالشعرالخمري عندهم إلمامة سريعة». [13]


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

1. **Infrastruc...

1. **Infrastructure as a Service (IaaS)**: Through the Internet, this strategy offers virtualized co...

و “سلامة وبناته...

و “سلامة وبناتها” عبارة عن جزر تنتشر في هذا المضيق ، ويعود سبب تسميتها إلى أن هناك بحارة عرب تعرضوا ...

الموجودات: 1. *...

الموجودات: 1. *مصدر الطاقة*: يوفر مصدر الطاقة الجهد والتيار اللازمين لتنشيط الدائرة. يقوم عادةً بتحو...

stablishment of...

stablishment of the foundation represents a successful story of the UAE in very many aspects and it...

INTRODUCTION E...

INTRODUCTION ELECTRIC CARS ARE A GREAT WAY TO REDUCE DEPENDENCE ON FOSSIL FUELS AND GAS-EMITTING SE...

تبدأ القصة بتقد...

تبدأ القصة بتقديم الراوي ، يتذكر رسم صورة عندما كان في عمر السادسة - ل صورة لأفعى مضيق وهو يبتلع ف...

المرحلة الرابعة...

المرحلة الرابعة العصر الحديث ابتداء من القرن الرابع عشر بعد كتاب الزيادة والإحسان فترت الهمم عن التأ...

While the smart...

While the smart home offers convenience and cost savings, there are still challenges. Security risks...

قراءة مهمة ا...

قراءة مهمة القراءة : القراءة هي مهمة رائعة وضرورية في حياتنا. إنها تمنحنا فرصة للتعلم والترفيه ف...

Zone electropho...

Zone electrophoresis is similar to moving boundary electrophoresis in that it uses a homogeneous buf...

المورفولوجية لل...

المورفولوجية للصحراء الشرقية تقع بين وادي والدلتا في الغرب والبحر األحمر وخليج السويس وقناة السويس ...

The visual repr...

The visual representation of the materials in figure 3, showed the brownish colours of the prepared ...