Lakhasly

تعد إدارة المعرفة أحد العناصر الأساسية في استراتيجيات الاستجابة للكوارث والأزمات، حيث تلعب دورا حاسما في توجيه القرارات، وتحليل المعلومات، وتبادل الخبرات و يهدف هذا الفصل إلى تقديم إطار نظري شامل يسلط الضوء على مفاهيم إدارة المعرفة وتطبيقاتها في سياق الاستجابة للكوارث والأزمات. وسيتم استعراض الأدبيات المتعلقة بإدارة المعرفة ودورها في تعزيز قدرات المنظمات على مواجهة التحديات الطارئة، مع التركيز على السياق المحدد للمركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات ودوره في هذا المجال.
2- 1 المعرفة وادارة المعرفة :
ادارة المعرفة :
في عصرنا الحالي، تشكل إدارة المعرفة أحد أهم العناصر التي تسهم في تطوير القطاع العام، حيث تسعى المؤسسات الحكومية إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة وتعزيز التفاعل مع المجتمعات التي تخدمها تفتح دراسة نوناكا ايكوجيرو الباب أمام فهم أعمق لأهمية إدارة المعرفة في المؤسسات، حيث تشير إلى أن المؤسسات الناجحة هي تلك التي تكون قادرة على توليد وتحويل بسرعة لتحقيق ميزة تنافسية. وبما اننا نتحدث عن ادارة المعرفة لن ننسى الحديث عن بيتر داكر وهو من اكثر المفكرين في علم الادارة المعرفة حيث يشدد على أن تحدي المعرفة ضروري لنمو المؤسسات، حيث تعتبر المعرفة أكثر المصادر قيمة بالنسبة لها. على أن تكون الإدارة التنفيذية على دراية بأهمية التعلم المستمر داخل وخارج المؤسسة، ويشير إلى ضرورة إعادة تصميم بيئة العمل لتسمح بالتعلم المستمر والتطور مع التركيز علة مدى اهمية الادراك المعرفي للموظفين . (رائد واحمد 2012)

2-1-1 مفهوم المعرفة وادارة المعرفة :
ادارة المعرفة هي الاستخدام الكامل والمكثف للمعلومات والبيانات والتي ترتبط بقدرات الانسان الأصلية والمكتسبة والتي توفر له الإدراك والتصور والفهم من المعلومات التي يتم الوصول إليها عن طريق البيانات الخاصة بحالة معينة، أو مجال معين، أو مشكلة معينة وقد تتحقق المعرفة هذه من خلال الملاحظة المباشرة للأحداث والوقائع، وتوفر القدرة على فهم وادراك طبيعة الاحداث والوقائع هذه وما يرتبط بها، ومن ثم فإن المعرفة هي القدرة على الإدراك والفهم والتعلم والمعلومات والبيانات و الملاحظة المباشرة والخبرة.
وبامكاننا القول ان ادارة المعرفة تعتمد على الافراد بشكل رئيسي فهم الاعضاء الفاعلون في المؤسسة الذين يساهمون في توليد تبادل وتطبيق وحفظ المعرفة يشمل ذلك اي شخص يتفاعل مع عمليات المعرفة في المؤسسة فلأفراد هم المصادر الرئيسية للمعرفة وايضا الوسطاء الذين يسهلون تدفق المعرفة عبر مختلف اجزاء المنظمة لذلك يعتبر تحفيزيهم وتشجيعهم على مشاركة في انشطة المعرفة امرا اساسيا لنجاح اي مبادرة لإدارة المعرفة في المنظمة حيث تحدثت دراسة عبير سرحان (2021) ان الافراد من اهم مقومات التي يتوقف عليها نجاح ادارة المعرفة في الوصول الى اهدافها لكونه يتضمن الاساس التي ينتقل من خلاله المعرفة . .
ان ادارة المعرفة بوصفها مفهوم يمكن تعريفها حيث تعتبر مجموعة من الفهم والاستنتاجات التي نحملها ونستخدمها لفهم وتفسير العالم من حولنا، وهي تتطور باستمرار لفهم أعمق وأشمل للمفاهيم والأفكار. 18( (wig
ويرى العتيبي (2003) أن إدارة المعرفة هي مجموعة من الأنشطة والعمليات التي تساعد المنظمات على إنتاج المعرفة واكتسابها واختيارها واستخدامها وترتيبها ونشرها، والعمل على تحويل المعرفة بما تتضمن من بيانات ومعلومات وخبرات واتجاهات وقدرات إلى منتجات، واستخدام مخرجات إدارة المعرفة في اتخاذ القرارات وحل المشكلات وتصميم عمليات التعلم، وبناء منظومة متكاملة للتخطيط الاستراتيجي.
وعرفها محمد (2009) بأنها مدخل نظامي شامل لإدارة وتفعيل المشاركة في كل أصول معلومات المؤسسة بما في ذلك قواعد البيانات والوثائق والسياسات والإجراءات بالإضافة إلى تجارب وخبرات سابقة يحملها الأفراد العاملون.
وتعرف إدارة المعرفة بأنها علم جديد يعتمد على قاعدة الخبرة الإنسانية في التعامل مع موقف أو حدث معين وهي آلية تقوم بتجميع خبرات ومعارف المؤسسة وترتيبها وتنميتها وتطويرها وصيانتها واستغلالها الاستغلال الأمثل بنقلها للموظفين الذين هم في أمس الحاجة إليها لأداء عملهم بكفاءة (المطيران، (2010).
ويعرفها الجبالي (2012) بأنها عملية ديناميكية مستمرة تتضمن مجموعة من الأنشطة والممارسات الهادفة إلى تحديد المعرفة وإيجادها وتوزيعها واستخدامها وحفظها وتيسير استرجاعها، مما ينتج عنه رفع مستوى الأداء وخفض التكاليف، وتحسين القدرات المتعلقة بعملية التكيف مع البيئة المحيطة بالمؤسسة.
في حين يعرفها الباحثون بانها تعنى بتجميع تنظيم وتوزيع المعلومات والمعرفة ذات العلاقة بلامن الوطني والازمات التي ستستخدم في تحسين فعالية وكفاءة الاستجابة للازمات من خلال ضمان ان تكون جميع الاطراف المعنية مجهزة بالمعرفة اللازمة لاتخاذ القرارات المناسبة .

2- 2-2 اهمية ادارة المعرفة :
ظهرت أهمية ادارة المعرفة في المؤسسات التجارية ليست فقط في المعرفة نفسها، بل في قدرتها على إضافة قيمة والمساهمة في تحول المنظمة إلى اقتصاد المعرفة، الذي يركز على الاستفادة من المعرفة لتحقيق النمو والتنمية. يمكن توضيح أهمية المعرفة من خلال التالية د.محمد المغربي 2019
1-تعزز المعرفة مرونة المؤسسات من خلال تشجيع التكيف والتطوير في الهيكل التنظيمي لتكون أكثر مرونة.
2 -تحفز المعرفة الإبداع والبحث والتطوير داخل المؤسسة، مما يدفعها لتحقيق التغيير والابتكار المستمر.
-3 تساعد المعرفة في تحويل المؤسسات إلى مجتمعات معرفية تستجيب للتحديات المستمرة في بيئة الأعمال المعقدة.
4- يمكن استغلال المعرفة كسلعة نهائية من خلال بيعها وتبادلها، مما يساهم في تحسين المنتجات وتطويرها.
5-توجه المعرفة الإدارية قادة المؤسسات في إدارة العمليات وتحقيق الأهداف المنشودة
1-2-3 انواع المعرفة : (خضر مصباح الطيطي 2010)
*المعرفة الصريحة : هي التي يمكن نقلها وتوثيقها بسهولة وتشمل الحقائق والمعلومات التي يمكن التعبير بوضوح ودقة مثل المعرفة الموجودة في الكتب والمقالات والمحاضرات .
*المعرفة الضمنية : هي التي تكون غير معلنة بوضوح ولا يمكن نقلها بسهولة وقد تتعلق بالمهارات العملية والخبرات الشخصية التي يكتسبها الفرد من خلال تجارب والتفاعلات اليومية دون الحاجة الى التعبير عنها بشكل صريح.
*المعرفة الإدراكية : المعرفة الإدراكية تشير إلى الفهم والمعرفة التي يمتلكها الفرد بشكل مباشر، وتعتمد على تجاربه الشخصية وتفاعلاته مع البيئة والمعلومات التي يستقبلها. هذه المعرفة تشمل الإدراكات والمفاهيم والمعلومات التي يكتسبها الفرد من خلال تجاربه اليومية ومن خلال تفاعلاته مع العالم من حوله

1-2-4 عمليات ادارة المعرفة 20(الجاموس2013) :
1-تشخيص المعرفة : تحليل وتحديد أصول العقول البشرية واحتياجات الإبداع وخلق قيمة من المعرفة الجديدة وإبراز أهمية هذه القيم في هيكل إدارة المعرفة للشركة.

2-تحديد اهداف المعرفة : إدارة المعرفة تبدأ بتحديد أهداف واضحة، مثل تحسين العمليات وتوضيح مجالات العمل والمشكلات، وتعزيز الإبداع والتركيز على الزبون، وتسهيل عمليات التخطيط والتنبؤ. تحقيق العمق والتحولات الجذرية والجودة الفائقة وإبداع الحلول غير التقليدية هي جوانب أخرى مهمة في تحديد أهداف المعرفة. توضيح الأهداف يساعد الموظفين على فهم ماهية المعرفة الحيوية لأداء أعمالهم بشكل أفضل وتحسين النتائج.

3-توليد المعرفة عملية استخلاص المعارف والخبرات وتخزينها في الحاسوب، مما يجعلها قابلة للقراءة والتحليل بسهولة، كما يشمل ذلك الملاحظة، والمقابلات، وتحليل المحاضرات، والتحليل الإحصائي، والتحليل الشبكي
4-خزن المعرفة : عملية التخزين تعتمد على ذاكرة التنظيم التي تضم المعرفة بأشكال متعددة، بما في ذلك المستندات الكتابية والبيانات الإلكترونية، والمعرفة البشرية في الأنظمة الخبيرة، والإجراءات الموثقة، والمعرفة الضمنية المكتسبة من الأفراد وشبكات العمل.
5-توزيع المعرفة : يتم تنظيم توزيع المعرفة لضمان وصولها للمراكز التنظيمية عبر وسائل متاحة مثل الاتصال المباشر وغير المباشر، بالإضافة إلى التعلم والتدريب. يتطلب هذا النهج تهيئة الثقافة والبيئة التنظيمية الملائمة، بما في ذلك نظام حوافز يشجع على تقاسم المعرفة. تشجيع تحويل المعرفة الضمنية إلى صريحة وبناء الثقة يساهم في تقاسم المعرفة وتحسين الأداء التنظيمي.

6-تطبيق المعرفة : اكتساب المعرفة من خلال التجربة والتطبيق يعزز ويعمق مستوى المعرفة، ولذلك يجب تطبيق المعرفة أولاً وتقدير الأخطاء كجزء من هذه العملية. إدارة المعرفة تهدف إلى استخدام المعرفة في الوقت المناسب والاستفادة منها بشكل كامل، وتتضمن هذه العملية الاستعمال، وإعادة الاستعمال، والاستفادة، والتطبيق. المنظمات الناجحة في إدارة المعرفة تعين مديراً لهذا القسم لتحقيق أهداف تطبيق المعرفة بشكل فعال ومستمر، وتشمل هذه العملية الاتصالات والتقارير وجلسات التدريب والتعلم الفردي والجماعي.
7-تنظيم المعرفة : عدة أساليب تُستخدم في تنظيم المعرفة، بما في ذلك تصنيفها، وفهرستها، وتبويبها، ورسم خرائطها، لأن المعرفة غير المنظمة تفتقر إلى الاستفادة الكافية. التنظيم يسهم في توضيح المعرفة وزيادة مساهمتها الإبداعية، ويتضمن تصنيفها بشكل جيد وتوثيقها بأساليب متعددة مثل القواعد المعرفية والجداول والمخططات. النمذجة العملية و نمذجة الموضوع تُعتبر أساليب أخرى لتنظيم المعرفة، حيث تركز على رسم التدفق المعرفي ودمج العمليات والبيانات في موضوع واحد، مما يسهل التخطيط والتحليل والتصميم والتنفيذ والاستخدام.
8-استرجاع المعرفة : تشير الى العمليات التي تهدف الى البحث والوصول الى المعرفة بكل يسر وسهولة وباقل وقت بهدف استعادتها وتطبيقها في حل المشكلات واستخدامها في تغيير وتحسين عمليات الاعمال .
9- ادامة المعرفة : يشير الى التحسن والادراك الواسع نسبيا لبيئة المنظمة الخارجية .

1-2-5 العناصر الاساسية الادارة المعرفة :

1. التقنيات والأدوات
   تشمل هذه العنصر استخدام التقنيات والأدوات الحديثة لتخزين وإدارة المعرفة، مثل أنظمة إدارة المحتوى وقواعد البيانات الخاصة بالمعرفة . كما يمكن استخدام أدوات التصور والتحليل البياني لتحليل وفهم البيانات والمعلومات . و من هذه الأدوات المستخدمة :
   1.**أنظمة إدارة المحتوى CMS):
   تستخدم برامج مثل ووردبريس وجوملا لإنشاء وإدارة المحتوى.


2. 
   قواعد البيانات:
   تستخدم برامج مثل MySQL وOracle لتخزين واسترجاع المعلومات.


3. 
   أنظمة إدارة المستندات:
   تستخدم برامج مثل SharePoint لتخزين ومشاركة المستندات بين الفرق.


4. 
   برامج إدارة المشاريع:
   تستخدم مثل Trello وAsana لتنظيم وتتبع المهام والمشاريع.


5. 
   أنظمة إدارة المعرفة:
   تستخدم برامج مثل Confluence وKnowledgeOwl لتوثيق ومشاركة المعرفة داخل المؤسسة.


6. 
   أدوات التعلم الآلي:
   تستخدم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتحليل البيانات واستخلاص الأفكار منها.


7. 
   منصات التواصل الاجتماعي داخل المؤسسة:
   تستخدم برامج مثل Slack و Microsoft Teams لتبادل المعرفة والتواصل بين الفرق.


8. 
   أدوات التحليل والتقارير:
   تستخدم برامج مثل Google Analytics وTableau لفهم وتحليل البيانات والتقارير المتعلقة بالمعرفة والأداء.


9. العمليات والإجراءات
   يتعلق هذا العنصر بتطوير عمليات وإجراءات محددة لجمع وتنظيم ومشاركة المعرفة داخل المؤسسة يمكن أن تشمل هذه العمليات توثيق المعرفة، وإنشاء قواعد بيانات مرجعية، وتحديث الإجراءات بناءً على التغيرات والتطورات تلعب الاجراءات التنظمية دورا اساسيا في خلق بيئة تسهل ادارة المعرفة وتعزز تبادلها واستخدامها بشكل فعال .
   3.الثقافة التنظيمية
   يجب تشجيع الموظفين على مشاركة معرفتهم وتبادل الخبرات مع زملائهم داخل الفريق تتعلق هذه العنصر بتعزيز ثقافة التعلم والتطوير المستمر داخل المؤسسة يمكن وصف الفكرة بأن إدارة المعرفة في أي منظمة تتطلب ثقافة تنظيمية مشجعة للتعلم المستمر وتبادل المعرفة، بالإضافة إلى تعزيز روح الفريق والتعاون. هذه الثقافة تعتبر أحد العوامل الإيجابية لنجاح إدارة المعرفة في المنظمات، حيث تشجع على التواصل وتبادل الأفكار بين أفراد الفريق وتعزز دور القيادة الفعالة في دعم وتحفيز العمل بروح الفريق والاهتمام بالمعرفة.


10. الأفراد
    يتضمن هذا العنصر توفير التدريب والدعم للموظفين لتعزيز قدراتهم على إنشاء ومشاركة المعرفة يمكن أيضًا تعزيز هذا العنصر من خلال تعيين موظفين متخصصين في مجال إدارة المعرفة فادارة المعرفة تعتبر ان راس المال الفكري احد اصول المنظمة .


11. الاستراتيجية والرؤية
    يتعلق هذا العنصر بوضع استراتيجيات طويلة الأجل لإدارة واستخدام المعرفة كمورد استراتيجي للمؤسسة يجب أن تكون هذه الاستراتيجيات متماشية مع أهداف ورؤية المؤسسة، وتشجيع استخدام المعرفة في صنع القرارات وتحسين الأداء العام
    إدارة المعرفة تلعب دوراً حيوياً في كل مرحلة من مراحل التعامل مع الكوارث، سواء كان ذلك من خلال تجميع المعرفة، أو استخدامها لاتخاذ القرارات الفاعلة ، أو تحليل النتائج واستخلاص الدروس المستفاد .

2 . الازمة والكارثة :
الكوارث والأزمات تشكل تحديات هائلة تؤثر على الأمن الوطني وسلامة المجتمع، وتتطلب استجابة سريعة ومنسقة للتخفيف من آثارها السلبية. يلعب المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات دورًا حيويًا في هذا السياق، حيث يُعنى بتطوير وتنفيذ استراتيجيات شاملة للتعامل مع مختلف أنواع الكوارث والأزمات.
من خلال جمع وتحليل المعلومات، وتنسيق الجهود بين الجهات المعنية، وضمان جاهزية البنية التحتية والموارد البشرية، يسعى المركز إلى تقليل الخسائر البشرية والمادية وتعزيز قدرة المجتمع على التعافي السريع. تشتمل مهام المركز على تقديم التدريب، وإجراء المحاكاة، وتطوير خطط الاستجابة للطوارئ، بالإضافة إلى نشر الوعي بين المواطنين حول كيفية التصرف في حالات الطوارئ.
بهذا، يُعتبر المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات حجر الزاوية في تعزيز الاستقرار الوطني وقدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والطبيعية بشكل فعّال ومستدام.
2-1 . تعريف الأزمة :
الواقع أن هناك تعريفات عديدة الكلمة الأزمة ومما جعلها تستخدم في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها كما يشيع استخدامها بين كافة الفئات، وفيما يلي نستعرض بعضها والتي تتناسب مع دراسة الحالية :
الأزمة بمعناها العام والمجرد هي : تلك النقطة الحرجة واللحظة الحاسمة التي يتحدد عندها مصير تطورها، إما إلى الأفضل وإما إلى الأسوأ، الحياة أو الموت الحرب أو السلم لإيجاد حل لمشكلة ما أو انفجارها ، فهي كل حالة أو أمر مهما كان موضوعه ومجاله لا يستطيع صاحبه أو أطرافه وضع حد لاشتداده وتطوره إلى الأسوأ.
 الأزمة هي حدث مفاجئ يهدد المصلحة القومية، وتتم مواجهته في ظروف ضيق الوقت وقلة الإمكانات، ويترتب على تفاقمه نتائج خطيرة . (المساعدة , 2012 , 19 - 23)
في حين يعرفها الباحثون بما يتناسب مع طبيعة الدراسة بان الأزمة هي حدث غير متوقع أو سلسلة من الأحداث التي تتسبب في اضطراب كبير يؤثر على السلامة العامة والأمن الوطني، ويتطلب استجابة سريعة ومنسقة من قبل الجهات المعنية. تتسم الأزمة بتعقيدها وتشعبها، مما يستلزم استخدام موارد متعددة وتنسيقاً فعّالاً بين القطاعات المختلفة لإدارة تأثيراتها والحد من أضرارها.
2-2-3 أسباب الأزمات :
يمكن تقسيم أسباب الأزمات على النحو التالي:
أسباب خارجية خارجة عن إرادة إدارة المنظمة مثل الزلازل والبراكين والأعاصير والحرائق والتقلبات الجوية الحادة وغيرها من الكوارث الطبيعية التي يصعب التكهن بها والتحكم في أبعادها.
ضعف الإمكانيات المادية والبشرية للتعامل مع الأزمات مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات وتحولها إلى كوارث ومضاعفة الخسائر الناجمة عنها.
تجاهل إشارات الإنذار المبكر التي تشير إلى إمكانية حدوث أزمة. عدم وضوح أهداف المنظمة، مما يؤدي إلى عدم معرفة العاملين بالأدوار المطلوبة منهم وعدم وضع خطط لمواجهة تحديات المستقبل.
وتتعدد أسباب الأزمات وتختلف مسبباتها إلا أننا نستخلص أن سوء التخطيط التنبؤ وعدم الاستفادة من الخبرات السابقة من شأنه أن يسهم بشكل كبير في الأزمات، كما أن عدم الاهتمام بالعاملين في المنظمة باعتبارهم جزء لا يتجزأ من فن الادارة و اتخاذ القرارات و صنعها يسهم بشكل كبير في حدوث
الأزمات. (جاد الله ,2010 ,18 - 20)
2- ادارة الأزمة :
2-1 مفهوم ادارة الازمة :

إن إدارة الأزمات هي مفهوم واسع يتضمن التخطيط العام والاستجابة للصدى الواسع من حالات الطوارئ وحالات الكوارث ، وإدارة الأزمات هي نظام يزود المنظمة باستجابة نظامية منظمة ومرتبة لحالات الأزمات، وهذه الاستجابة تجعل المنظمة قادرة على الاستمرار في أعمالها اليومية المتعلقة بتقديم الخدمات والمنتجات وكسب الأرباح وغيرها في نفس الوقت الذي تكون فيه الأزمة تدار بنجاح. وأهم تعريفات إدارة الأزمات التي ترد في الأدب النظري لهذا الحقل ما يأتي :
إدارة الأزمات هي تلك الإدارة التي تعنى وتهتم بمواجهة ومعالجة المخاطر المختلفة التي تواجه المنظمة أو الصناعة أو مجموع الصناعات أو المجتمع والدولة، وأهم هذه المخاطر التكنولوجية (وهي المخاطر التي تتعلق بالمخاطر الناجمة عن أفعال البشر وتصرفاتهم، والمخاطر البيئية (وهي مخاطر مرتبطة بالبيئة وقد يكون للإنسان دور رئيس فيها مثل مخاطر التصحر ومخاطر الاحتباس الحراري)، والمخاطر الطبيعية (وهي مخاطر كثيرة مثل الزلازل والبراكين والانزلاقات الترابية والفيضانات والعواصف والأعاصير والانهيارات الجليدية . ( أبو فارة ,2009 , 59 - 6 )
و عرفها الباحثون بما يتناسب مع طبيعة الدراسة انها العملية المنهجية التي تهدف إلى تحديد وتقييم ومواجهة الأحداث الطارئة التي تهدد الأمن الوطني وسلامة المجتمع. تتضمن هذه الإدارة تنسيق الجهود بين مختلف القطاعات والمؤسسات لضمان استجابة فعّالة وسريعة، والحد من تأثير الأزمات عبر استخدام استراتيجيات شاملة تشمل الوقاية، والتأهب، والاستجابة، والتعافي .
2-2 ويقسم الخضيري مراحل تطور الأزمة إلى خمس مراحل رئيسية هي الخضيري ,1993 , 72
١ - مرحلة الميلاد
وفي هذه المرحلة تبدأ الأزمة الوليدة في الظهور لأول مرة في شكل (إحساس) مبهم قلق بوجود شيء ما يلوح في الأفق، وينذر بخطر غريب غير محدد المعالم أو الاتجاه أو الحجم أو المدى الذي سيصل إليه.
ويرجع هذا إلى اتساع نطاق المجهول في الأزمة، وغياب كثير من المعلومات حول أسبابها أو المجالات التي ستخضع لها وتتطور إليها أو ستنفجر عندها، وحجم هذا الانفجار.
ومن هنا يكون إدراك متخذ القرار وخبرته ومدى نفاذ بصيرته، هي العوامل الأساسية في التعامل مع الأزمة في مرحلة الميلاد، ويكون محور هذا التعامل هو " تنفيس الأزمة " وإفقادها مرتكزات النمو، ومن ثم تجميدها أو القضاء عليها في هذه المرحلة دون أن تحقق أي خسارة أو دون أن تصل حدتها إلى درجة الصدام العنيف.
وفي تلك المرحلة يتعاظم الإحساس بالأزمة ولا يستطيع متخذ القرار أن ينكر وجودها أو يتجاهلها نظرا لوجود ضغط مباشر يزداد ثقله يوما بعد يوم، فضلا عن دخول أطراف جديدة إلى مجال الإحساس بالأزمة، سواء لأن خطرها امتد إليهم، أو لخوفهم من نتائجها أو من أن خطرها سوف يصل إليهم.
وفي هذه المرحلة يكون على متخذ القرار التدخل من أجل إفقاد الأزمة روافدها المحفزة والمقوية لها على النحو التالي:

• تحييد وعزل العناصر الخارجية المدعمة للأزمة، سواء باستقطابها، أو خلق تعارض مصالح بينها وبين استفحال الأزمة.


• تجميد نمو الأزمة بإيقافها عند المستوى الذي وصلت إليه وعدم السماح بتطورها، وذلك عن طريق استقطاب عوامل النمو الذاتي التي حركت الأزمة.
  3- مرحلة النضج :
  تعد من أخطر مراحل الأزمة، ومن النادر أن تصل الأزمة إلى مثل هذه المرحلة، وتحدث عندما يكون متخذ القرار الإداري على درجة كبيرة من الجهل والتخلف والاستبداد برأيه وانغلاقه على ذاته أو إحاطة هذه الذات بالقدسية والتأليه، وبحاشية من المنافقين الذين يكيلون له المديح ويصورون له أخطاءه حسنات، وبذلك تصل الأزمة إلى أقصى قوتها وعنفها، وتصبح السيطرة عليها مستحيلة ولا مفر من الصدام العنيف معها .وهنا قد تكون الأزمة بالغة الشدة، شديدة القوة تطيح بمتخذ القرار وبالمؤسسة أو المشروع الذي يعمل فيه، أو أن يكون متخذ القرار قد استطاع بدهاء تحويل اتجاه الأزمة إلى كبش فداء، وهمي، تتفتت الأزمة عنده، وتنتهي باستقطاب عناصر القوة فيها والسيطرة عليهم بشكل أو بآخر .
  4 - مرحلة الانحسار و التقلص :
  تبدأ الأزمة بالانحسار والتقلص نتيجة للصدام العنيف الذي تم اتخاذه والذي يفقد جزءا هاما من قوتها، على أن هناك بعض الأزمات تتجدد لها قوة دفع أخرى، عندما يفشل الصدام في تحقيق أهدافه وتصبح الأزمات في هذه الحالة كأمواج البحر، موجة تندفع وراء موجة.
  5-مرحلة الاختفاء :
  وتصل الأزمة إلى هذه المرحلة عندما تفقد بشكل شبه كامل قوة الدفع المولدة لها أو العناصرها حيث تتلاشى مظاهرها وينتهي الاهتمام بها والحديث عنها، إلا أنه من الضرورة الاستفادة من الدروس المستفادة منها لتلافي ما قد يحدث مستقبلا من سلبيات.
  والحقيقة أن الانحسار للأزمة يكون دافعة للكيان الذي حدثت فيه لإعادة البناء وليس لإعادة التكيف، فالتكيف يصبح أمرا مرفوضة و غير مقبول؛ لأنه سيبقى على آثار ونتائج الأزمة بعد انحسارها، أما إعادة البناء فيتصل أساسا بعلاج هذه الآثار والنتائج ومن ثم استعادة فاعلية الكيان وأدائه وإكسابه مناعة أو خبرة في التعامل مع أسباب ونتائج هذا النوع من الأزمات.

3-الكارثة :
3-1 مفهوم الكارثة :
الكارثة هي حادثة كبيرة مدمرة وقعت بصورة فعلية وينجم عنها أضرار فادحة وخسائر كبيرة في الممتلكات والأرواح في الجوانب المادية وفي الجوانب المعنوية)، وهي قد تكون طبيعية ناجمة عن فعل الطبيعة (مثل الزلازل والبراكين والعواصف والسيول)، وقد تكون فنية يتسبب فيها الإنسان بصورة عمدية أو بصورة غير عمدية (الإهمال)، وتتطلب مواجهة الكارثة معونات على مستوى الدولة وربما تتطلب معونات دولية.
وقد تكون الكارثة في حالات كثيرة - سبباً رئيساً للأزمة، لكن الكارثة ليست هي الأزمة، وهناك أمثلة كثيرة تكون فيها نتائج الكوارث سبباً واضحا في وقوع الأزمة، ومثال ذلك أن كارثة الزلازل قد تؤدي إلى أزمات .
غالباً ما توصف الكوارث بأنها نتيجة مزيج من: التعرض للخطر؛ وظروف الضعف الموجودة؛ وعدم كفاية القدرات أو التدابير اللازمة للحد من العواقب السلبية المحتملة أو التغلب عليها. وقد تشمل آثار الكوارث خسائر في الأرواح، والإصابات، والمرض، وغيرها من الآثار السلبية على السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية للإنسان، إلى جانب الأضرار التي تلحق بالممتلكات، وتدمير الأصول، وفقدان الخدمات، والاضطراب الاجتماعي والاقتصادي، والتدهور البيئي.
وتُعرِّف منظمة الصحة العالمية (WHO) الكارثة بأنها "أي حدث يسبب أضرارًا أو اضطرابًا بيئيًا أو خسائر في الأرواح البشرية أو تدهورًا في الصحة والخدمات الصحية، على نطاق يكفي لتبرير استجابة غير عادية من خارج المجتمع أو المنطقة المتضررة."
3-2 أنواع الكوارث
تنقسم الكوارث بشكل عام إلى نوعين :
الطبيعية
الكوارث التي صنعها الإنسان .
1.الكوارث الطبيعية:
تحدث الكوارث الطبيعية نتيجة لعمل القوى الطبيعية وتميل إلى أن يتم قبولها على أنها مؤسفة، ولكنها لا مفر منها و تشمل :
 المجاعات.
 الجفاف.
 الأعاصير
 الفيضانات / عواصف البحر / التسونامي.
 البراكين.
 العواصف الثلجية.
 الزلازل.

4-ادارة الكوارث :
4-1 تعريف ادارة الكوارث :
تشمل إدارة الكوارث مجموع الأنشطة والبرامج والتدابير التي يمكن اتخاذها قبل وأثناء وبعد وقوع الكارثة بغرض تجنب أو تقليل تأثيرها أو التعافي من خسائرها.
وفقا لكيلي (1996)، يمكن تعريف "إدارة الكوارث" بأنها مجموعة من الأنشطة المصممة للحفاظ على السيطرة على الكوارث وحالات الطوارئ وتوفير إطار لمساعدة أولئك المعرضين للخطر على تجنب آثار الكارثة أو التعافي منها. .
يمكن تعريف إدارة الكوارث بأنها تنظيم وإدارة الموارد والمسؤوليات للتعامل مع جميع الجوانب الإنسانية لحالات الطوارئ، ولا سيما الاستعداد والاستجابة والتعافي من أجل تقليل تأثير الكوارث.
4-2 الجوانب المختلفة لإدارة الكوارث:
1) التخفيف من حدة الكوارث.
2) الوقاية من الكوارث.
3) التأهب للكوارث.
4) الاستجابة للكارثة.
5) إعادة التأهيل.
6) إعادة الإعمار.

4-3 أطوار ادارة الكوارث

1. الوقاية :
   أفضل طريقة لمعالجة الكارثة هي أن تكون استباقيًا. وهذا يعني تحديد المخاطر المحتملة ووضع ضمانات للتخفيف من تأثيرها. على الرغم من أن هذه المرحلة من الدورة تتضمن وضع تدابير دائمة يمكن أن تساعد في تقليل مخاطر الكوارث، فمن المهم الاعتراف بأنه لا يمكن دائمًا منع الكوارث.
   2.التخفيف :
   يهدف التخفيف إلى تقليل الخسائر في الأرواح البشرية التي قد تنجم عن الكارثة. ويمكن اتخاذ كل من التدابير الهيكلية وغير الهيكلية.
   يعني الإجراء الهيكلي تغيير الخصائص الفيزيائية للمبنى أو البيئة للحد من آثار الكارثة. على سبيل المثال، يمكن أن تضمن إزالة الأشجار بعيدًا عن المنزل أن العواصف الخطيرة لن تسقط الأشجار وتتسبب في اصطدامها بالمنازل والمباني العامة.

3.الاستعداد :
4.الاستعداد هو عملية مستمرة يمكن من خلالها للأفراد والمجتمعات والشركات والمنظمات التخطيط والتدريب على ما سيفعلونه في حالة وقوع كارثة. يتم تعريف الاستعداد من خلال التدريب المستمر والتقييم والإجراءات التصحيحية، مما يضمن أعلى مستوى من الاستعداد.
تعتبر تدريبات مكافحة الحرائق وتدريبات إطلاق النار النشط وتدريبات الإخلاء كلها أمثلة جيدة على مرحلة الاستعداد.
5.الاستجابة :
الاستجابة هي ما يحدث بعد وقوع الكارثة. وهو ينطوي على استجابات قصيرة وطويلة الأجل.
من الناحية المثالية، سيقوم قائد إدارة الكوارث بتنسيق استخدام الموارد (بما في ذلك الأفراد والإمدادات والمعدات) للمساعدة في استعادة السلامة الشخصية والبيئية، وكذلك لتقليل مخاطر أي أضرار إضافية في الممتلكات.
6.التعافي :
المرحلة الخامسة في دورة إدارة الكوارث هي التعافي. قد يستغرق هذا وقتًا طويلًا، وأحيانًا سنوات أو عقودًا. يتضمن ذلك تحقيق الاستقرار في المنطقة واستعادة كافة الوظائف المجتمعية الأساسية.و يتطلب التعافي تحديد الأولويات: أولاً، سيتم استعادة الخدمات الأساسية مثل الغذاء والمياه النظيفة والمرافق والنقل والرعاية الصحية، مع إعطاء الأولوية للخدمات الأقل أهمية لاحقًا.
في نهاية المطاف، تدور هذه المرحلة حول مساعدة الأفراد والمجتمعات والشركات والمنظمات على العودة إلى الوضع الطبيعي أو الوضع الطبيعي الجديد اعتمادًا على تأثير الكارثة.