Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (57%)

نشأة الخوارج :
ومن ثم طلبوا من علي » أن يتوب من هذا الذنب ، وانتهى الأمر بأن خرجوا من معسكره . وقد قبل الخوارج هذه التسمية ولكنهم فسروا الخروج بأنه خروج من بيوتهم جهاداً في سبيل الله ، وربما يكونون هم الذين وصفوا أنفسهم بذلك لأنهم يزعمون أنهم باعوا أنفسهم الله كما ورد في قوله تعالى ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد ) ) . وسموا أيضاً بالحرورية لانحيازهم في أول أمرهم إلى قرية « حروراء » بالقرب من الكوفة ، وإذا كان اسم ( الخوارج ) قد أطلق على جماعة معينة ظهرت في الفترة التي أعقبت التحكيم ، واعتبروا من ثم سلفاً للخوارج المتأخرين ، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين ، أو على الأئمة في كل زمان. وتشير الأحاديث التي ورد فيها ذكر الخوارج إلى أوصافهم والأمر بقتالهم وذمهم . وقد صحت هذه الأحاديث بأوجه عديدة بلغت عشرة أوجه كما ذكر الإمام أحمد بن حنبل وقد خرجها مسلم في صحيحه وخرج البخاري طائفة منها " . وقد أورد كل من البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري أنه قال ( بعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها ، قال فقسمها بين أربعة نفر : بين عيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس، وزيد الخيل والرابع أما علقمة بن علاثة وأما عامر بن الطفيل . يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء . قال : فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشر الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار ، أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله . قال : ثم ولى الرجل ، فقال : لا لعله أن يكون يصلي ، قال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم : قال ثم نظر إليه وهو مقف وقال : إنه يخرج من ضئفى هذا قوم يتلون كتاب الله رطباً لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . قال أظنه قال : لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود . وفي رواية للبخاري عن علي رضي الله عنه أنه قال : إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فوالله لأن آخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه ، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة " . وأنه من بني تميم . فقال : ( ويلك من يعدل إذا لم أعدل ، أو قال ثدييه ، مثل ثدي المرأة أو قال مثل البضعة تدردر يخرجون على حين فرقة من الناس . قال فنزلت فيه ومنهم من يلمزك في الصدقات ) . وزعم بعضهم أنه ذو الثدية . وأفته أنه رضي برأي نفسه ، إذ كان يقود ثوار البصرة ، وقتل في النهروان . ورغم الارتباط الفعلي بين ذي الخويصرة وبين الخوارج ، فإن الخوارج لم يظهروا كجماعة إلا بعد حادثة ( التحكيم ، حيث فارقوا الجماعة وانحازوا إلى حروراء وعينوا شبث بن ربعي التميمي ليكون أميراً عليهم للقتال، ورغم اتخاذ الخوارج هذا الموقف العدائي من أمير المؤمنين وجماعة المسلمين، ليناظرهم . 1 - أنه بقبوله و التحكيم ، قد حكم الرجال في أمر الله الذي يقول عنه تعالى ( إن الحكم إلا لله ) فأخطأ بهذا ، وقتلهم ، وفي نفس الوقت لم يسبهم ولم يأخذ غنائمهم ، بل إنه نهى عن قتل مديرهم والإجهاز على جريحهم وغنيمة أموالهم وذراريهم ، وقال الخوارج إنه ليس في كتاب الله إلا مؤمن أو كافر، ٣- وأخيراً فإن علياً بقبوله : التحكيم قد محا نفسه عن إمرة المؤمنين ) ، وفي رأيهم أنه إن لم يكن أمير المؤمنين فإنه لأمير الكافرين . الآية (٣٥) ، وقال ( إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما ) . كما أمر تعالى أن يحكم في الصيد بجزاء ( مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم ) فمن أنكر التحكيم مطلقاً فقد خالف كتاب الله . وذكر ابن عباس لهم ، أن التحكيم في أمر أميرين لأجل حقن دماء المسلمين أولى من التحكيم في أمر الزوجين والتحكيم لأجل الصيد . أما بالنسبة للقضية الثانية ، فهل يسبى الخوارج أمهم ، أم ينكرون أنها أمهم ؟ وقال لهم ابن عباس : فوالله لئن قلتم ليست بأمنا خرجتم من الإسلام ووالله لئن قلتم لنسبينها ونستحل منها ما نستحل من غيرها لقد خرجتم من الإسلام . فأنتم بين ضلالتين لأن الله تعالى قال النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) . وخطأ الخوارج في هذه المسألة - كما يقول ابن تيمية - ظنهم أن من كان مؤمناً لم يبح قتاله بحال ، ) ، وقوله تعالى إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) . فأخبر الله تعالى بأنهم مؤمنون مقتتلون ، ودل القرآن على إيمانهم وأخوتهم مع وجود الاقتتال والبغي وأنه يأمر بقتال الباغية حيث أمر الله به. أمير المؤمنين ، فقد رد عليهم ابن عباس بأنه ليس في هذا شيء يؤخذ على «علي» إذ أن الرسول عليه الصلاة والسلام الذي هو أفضل من علي » محا عن نفسه صفة الرسالة التي هي منزلة أفضل من منزلة إمرة المؤمنين ، وذلك حينما قال لعلي في صلح الحديبية أكتب لهم كتاباً فكتب علي : هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله فقال المشركون : والله ما نعلم أنك رسول الله ، لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إنك لتعلم إني رسول الله : امح يا علي واكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله فوالله لرسول الله خير من علي وقد محا نفسه . بهذه الحجج القوية استطاع ابن عباس ، أن يرد طائفة كبيرة من الخوارج إلى الحق والصواب ، إن بين أعينهم لأثر السجود وهم يتأولون القرآن . وقد أطمع هذا علياً في إقناعهم وهدايتهم فخرج إليهم بنفسه وذكرهم بموافقتهم السابقة على الهدنة ، فاعترفوا بذلك قائلين : إنهم أذنبوا بذلك وتابوا وطلبوا منه أن يفعل ذلك . فلما كذبهم علي في زعمهم هذا خرجوا عليه ثانية وأصبحوا يرددون أن لا حكم إلا لله . سياسة لينة محاولا إقناعهم بالحجة ، ولا نقاتلكم حتى تبدأونا ) . وقبل أن يحين موعد « التحكيم ) جاء بعض الخوارج إلى علي طالبين منه
فلم يجبهم إلى ذلك مؤكداً أنه لا يخلف العهد والميثاق ، وإنه يستجيب إلى أمر الله الذي يقول ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً ) . وعرضوا الأمر على بعض زعمائهم فرفضوا . ولكن أقبلها لما أرجو فيها من عظيم الأجر وبايعوه أميراً لهم في العاشر من شهر شوال عام ٣٧ هـ ، ونزلوا النهروان وكتبوا إلى أصحابهم أن يوافوهم بها ويتجمعوا هناك ". بدأ علي يستعد الغزو الشام ورد المخالفين إلى صفوف الجماعة. واستطاع علي ) أن يقنع هؤلاء بأن الخطر الحقيقي يكمن في الشام، ولكن ورد إلى علي نبأ إفساد الخوارج في الأرض واستحلالهم لدماء المسلمين وأموالهم ، وقتلهم عبد الله بن خباب بن الأرت، الذي لقوه في طريقهم وقالوا له : هل سمعت من أبيك حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثناه ، قال نعم سمعت أبي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول ، ثم سألوه عن رأيه في أبي بكر وعمر فذكرهما بكل خير، وسألوه عن عثمان في أول خلافته وآخرها فجعله محقاً في أولها وآخرها، فأخذوا عليه بذلك أنه لا يتبع الهدى ، وكانت حبلى ، فبعث إليهم ( علي ) الحارث بن مرة العبدي ليأتيه بخبرهم فقتلوه أيضاً. حينئذ لم يجد على بدا من الاستجابة لطلب أتباعه الذين رأوا ضرورة المسير إلى الخوارج ليفرغوا منهم قبل التوجه إلى الشام. ولما قابل علي الخوارج طلب منهم تسليم قتلة عبد الله بن خباب للقصاص منهم ، فقالوا كلنا قتلناه ، فصمم على قتالهم بعد أن تبين له إنهم الفئة الخارجة التي أشار إليها الرسول عليه الصلاة والسلام في أحاديثه ، وخطب على أصحابه وأخبرهم بما سمع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الخوارج ، وهكذا كانت موقعة ( النهروان ، لم تضع نهاية للخوارج بل أذكت في من بقي منهم روح القتال وكانت ذكرى تلك الموقعة دافعاً لهم إلى مزيد من العنف ، وظهرت فرق خارجية عديدة كالأزارقة والنجدات والصفرية والعجاردة والإباضية وغيرهم. ولما تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز حاول أن يردهم إلى الحق ، كما حاول علي بن أبي طالب من قبل ، إذ رأى من بينهم كما قال : أناساً قد ضللوا فضلوا ، وأنهم كانوا يبغون الحق فأخطأوا سبيله. ولكنه في النهاية يئس من إصلاحهم وردهم إلى الصواب، ومن ثم لم يكن أمامه إلا قتالهم وحربهم. واستطاعوا في بعض الأحيان أن يبسطوا نفوذهم على أرض فارس والعراق وبعض مناطق من اليمن والجزيرة، الخوارج بالجزيرة عام ١٣٨ هـ وقتل منهم عدد كبير. وفي المغرب الإسلامي ( تونس ) وما حولها قاد الخوارج بقيادة أبي حاتم الأباضي حرباً ضد جيوش العباسيين ، وفي عهد المهدي خرج يوسف بن إبراهيم المعروف بالبرم بخراسان"،


Original text

نشأة الخوارج :


سبق أن أشرنا إلى أن كلمة خوارج أطلقت على أولئك النفر الذين خرجوا على «علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد قبوله التحكيم عقب معركة صفين ، إذ اعتبر هؤلاء التحكيم خطيئة تؤدي إلى الكفر، ومن ثم طلبوا من علي » أن يتوب من هذا الذنب ، وانتهى الأمر بأن خرجوا من معسكره . وقد قبل الخوارج هذه التسمية ولكنهم فسروا الخروج بأنه خروج من بيوتهم جهاداً في سبيل الله ، وفقاً لقوله تعالى ( ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) . وقد أطلق على الخوارج أيضاً اسم الشراة ، وربما يكونون هم الذين وصفوا أنفسهم بذلك لأنهم يزعمون أنهم باعوا أنفسهم الله كما ورد في قوله تعالى ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد ) ) . وسموا أيضاً بالحرورية لانحيازهم في أول أمرهم إلى قرية « حروراء » بالقرب من الكوفة ، كما سموا أيضاً بالمحكمة لرفعهم شعار لا حكم إلا الله ، والتفافهم حوله ) .
ومهما يكن من شيء فإن اسم ( الخوارج » في معناه الأول الذي يشير إلى الانشقاق ومفارقة الجماعة ، أصبح الاسم السائر على هذه الجماعة ، وإذا كان اسم ( الخوارج ) قد أطلق على جماعة معينة ظهرت في الفترة التي أعقبت التحكيم ، فإن الاتجاه الخارجي الذي مثله هؤلاء الخوارج قد وردت الإشارة إليه في أحاديث عديدة ، كما ظهر أفراد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثلون هذه الظاهرة ، واعتبروا من ثم سلفاً للخوارج المتأخرين ، الأمر الذي أدى بالبعض إلى اعتبار الخروج تياراً عاماً يشير إلى كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه ، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين ، أو كان بعدهم على التابعين ، أو على الأئمة في كل زمان. وتشير الأحاديث التي ورد فيها ذكر الخوارج إلى أوصافهم والأمر بقتالهم وذمهم . وقد صحت هذه الأحاديث بأوجه عديدة بلغت عشرة أوجه كما ذكر الإمام أحمد بن حنبل وقد خرجها مسلم في صحيحه وخرج البخاري طائفة منها " . وقد أورد كل من البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري أنه قال ( بعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها ، قال فقسمها بين أربعة نفر : بين عيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس، وزيد الخيل والرابع أما علقمة بن علاثة وأما عامر بن الطفيل . فقال رجل من أصحابه : كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء . قال : فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشر الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار ، فقال : يا رسول الله اتق الله . فقال : ويلك ، أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله . قال : ثم ولى الرجل ، فقال خالد بن الوليد : يا رسول الله ألا اضرب عنقه ، فقال : لا لعله أن يكون يصلي ، قال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم : قال ثم نظر إليه وهو مقف وقال : إنه يخرج من ضئفى هذا قوم يتلون كتاب الله رطباً لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . قال أظنه قال : لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود . وفي رواية للبخاري عن علي رضي الله عنه أنه قال : إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فوالله لأن آخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه ، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة " .
وقد ورد في حديث آخر أن الرجل الذي خاطب الرسول عليه الصلاة والسلام هو ذو الخويصرة أو عبد الله بن ذي الخويصرة ، وأنه من بني تميم . فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال : ( بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي فقال : إعدل يا رسول الله ، فقال : ( ويلك من يعدل إذا لم أعدل ، قال عمر بن الخطاب دعني اضرب عنقه ، قال : ( دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في رصافه فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر في نضيه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم . أيتهم رجل إحدى يديه ، أو قال ثدييه ، مثل ثدي المرأة أو قال مثل البضعة تدردر يخرجون على حين فرقة من الناس . قال أبو سعيد أشهد أني سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علياً قتلهم وأنا معه جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبي صلى الله عليه وسلم ، قال فنزلت فيه ومنهم من يلمزك في الصدقات ) .
وتذكر المصادر أن ذا الخويصرة هذا هو حرقوص بن زهير السعدي الذي ذكره الطبري في الصحابة ، وذكر أنه كان له في العراق أثر ، وأنه هو الذي فتح سوق الأهواز ثم كان مع علي في حروبه ، ثم صار مع الخوارج فقتل معهم ، وزعم بعضهم أنه ذو الثدية . ويذهب ابن الجوزي إلى أنه أول خارجي خرج في الإسلام ، وأفته أنه رضي برأي نفسه ، ولو وقف لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم " . وقد كان حرقوص هذا أحد الرؤوس التي دبرت الفتنة وشاركت في المؤامرة ضد الخليفة عثمان ، إذ كان يقود ثوار البصرة ، كما أنه كان من قادة الخوارج الذين انشقوا على ( علي بن أبي طالب ، وأنه هو الذي خاطب علياً قائلاً : تب من خطيئتك . وذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه : ( يقصد التحكيم ) ، وقتل في النهروان .
ورغم الارتباط الفعلي بين ذي الخويصرة وبين الخوارج ، فإن الخوارج لم يظهروا كجماعة إلا بعد حادثة ( التحكيم ، حيث فارقوا الجماعة وانحازوا إلى حروراء وعينوا شبث بن ربعي التميمي ليكون أميراً عليهم للقتال، وجعلوا عبد الله بن الكواء اليشكري أميراً للصلاة. وأعلنوا أن الأمر شورى بعد الفتح والبيعة الله عز وجل ، وشبهوا هجرتهم من الكوفة إلى حروراء بهجرة الرسول من مكة إلى المدينة. ورغم اتخاذ الخوارج هذا الموقف العدائي من أمير المؤمنين وجماعة المسلمين، فإن الخليفة علياً حاول أن يقنعهم بالرجوع إلى صوابهم فبعث إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، ليناظرهم . وحينما سألهم ابن عباس عن الأسباب التي دفعت بهم إلى مفارقة معسكر الخليفة قالوا بأنهم نقموا عليه ثلاثة أمور :
1 - أنه بقبوله و التحكيم ، قد حكم الرجال في أمر الله الذي يقول عنه تعالى ( إن الحكم إلا لله ) فأخطأ بهذا ، وكان ينبغي أن يستمر في القتال حتى يظهر حكم الله .
٢ - أنه قاتل أصحاب ( الجمل ، وقتلهم ، وفي نفس الوقت لم يسبهم ولم يأخذ غنائمهم ، بل إنه نهى عن قتل مديرهم والإجهاز على جريحهم وغنيمة أموالهم وذراريهم ، وقال الخوارج إنه ليس في كتاب الله إلا مؤمن أو كافر، فإن كان هؤلاء مؤمنين لم يحل قتالهم ، وإن كانوا كفاراً أبيحت دماؤهم وأموالهم .
٣- وأخيراً فإن علياً بقبوله : التحكيم قد محا نفسه عن إمرة المؤمنين ) ، وفي رأيهم أنه إن لم يكن أمير المؤمنين فإنه لأمير الكافرين . وقد بين لهم ابن عباس خطاهم في هذه الآراء وما استنتجوه منها من نتائج وما بنوه عليها من أحكام ، وذكر لهم أن الله أوجب التحكيم في أمور هي أهون من حقن دماء المسلمين كحالة الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما ، إذ ورد في القرآن ( فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ) ( سورة النساء ، الآية (٣٥) ، وقال ( إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما ) . كما أمر تعالى أن يحكم في الصيد بجزاء ( مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم ) فمن أنكر التحكيم مطلقاً فقد خالف كتاب الله . وذكر ابن عباس لهم ، أن التحكيم في أمر أميرين لأجل حقن دماء المسلمين أولى من التحكيم في أمر الزوجين والتحكيم لأجل الصيد . أما بالنسبة للقضية الثانية ، فقد أشار ابن عباس إلى أنه كان من ضمن القوم المقاتلين في معركة : الجمل ) أم المؤمنين عائشة . فهل يسبى الخوارج أمهم ، أم ينكرون أنها أمهم ؟ وقال لهم ابن عباس : فوالله لئن قلتم ليست بأمنا خرجتم من الإسلام ووالله لئن قلتم لنسبينها ونستحل منها ما نستحل من غيرها لقد خرجتم من الإسلام . فأنتم بين ضلالتين لأن الله تعالى قال النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) . وخطأ الخوارج في هذه المسألة - كما يقول ابن تيمية - ظنهم أن من كان مؤمناً لم يبح قتاله بحال ، وهذا خلاف القرآن الذي وصف الطوائف المتقاتلة بالإيمان في قوله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ... ) ، وقوله تعالى إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) . فأخبر الله تعالى بأنهم مؤمنون مقتتلون ، ودل القرآن على إيمانهم وأخوتهم مع وجود الاقتتال والبغي وأنه يأمر بقتال الباغية حيث أمر الله به. وأما المشكلة الثالثة وهي القول بأن علياً محا عن نفسه، أمير المؤمنين ، فقد رد عليهم ابن عباس بأنه ليس في هذا شيء يؤخذ على «علي» إذ أن الرسول عليه الصلاة والسلام الذي هو أفضل من علي » محا عن نفسه صفة الرسالة التي هي منزلة أفضل من منزلة إمرة المؤمنين ، وذلك حينما قال لعلي في صلح الحديبية أكتب لهم كتاباً فكتب علي : هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله فقال المشركون : والله ما نعلم أنك رسول الله ، لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إنك لتعلم إني رسول الله : امح يا علي واكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله فوالله لرسول الله خير من علي وقد محا نفسه . بهذه الحجج القوية استطاع ابن عباس ، أن يرد طائفة كبيرة من الخوارج إلى الحق والصواب ، ويقال إنه لما عاد ابن عباس إلى علي سأله عن الخوارج إن كانوا منافقين. فقال ابن عباس : ( والله ما سيماهم بسيماء المنافقين ، إن بين أعينهم لأثر السجود وهم يتأولون القرآن . وقد أطمع هذا علياً في إقناعهم وهدايتهم فخرج إليهم بنفسه وذكرهم بموافقتهم السابقة على الهدنة ، وكيف أنهم هم الذين حملوه على قبول التحكيم على كره منه ، فاعترفوا بذلك قائلين : إنهم أذنبوا بذلك وتابوا وطلبوا منه أن يفعل ذلك . وأخيراً عادوا معه إلى الكوفة وأشاعوا بين الناس أن علياً رجع عن : التحكيم ) وتبين له خطؤه ، فلما كذبهم علي في زعمهم هذا خرجوا عليه ثانية وأصبحوا يرددون أن لا حكم إلا لله .. فلما سمع علي نداءهم قال : كلمة حق أريد بها باطل ، واتخذ معهم ، رغم هذا ، سياسة لينة محاولا إقناعهم بالحجة ، وقال لهم : أما وإن لكم عندي ثلاثاً ما صحبتمونا ، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولا نقاتلكم حتى تبدأونا ) .
وقبل أن يحين موعد « التحكيم ) جاء بعض الخوارج إلى علي طالبين منه
الرجوع عن التحكيم والعودة إلى القتال بعد أن يعلن توبته عن خطيئته ، فلم يجبهم إلى ذلك مؤكداً أنه لا يخلف العهد والميثاق ، وإنه يستجيب إلى أمر الله الذي يقول ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً ) . ولما بعث علي أبا موسى الأشعري ( للتحكيم ) ضاق الخوارج بهذا وقرروا الانفصال عنه وتكوين إمارة مستقلة وتعيين أمير عليهم ، وعرضوا الأمر على بعض زعمائهم فرفضوا . وقبلها أخيراً عبد الله بن وهب الراسبي قائلاً : ( هاتوها فوالله ما أقبلها رغبة في الدنيا ، ولا فراراً من الموت ، ولكن أقبلها لما أرجو فيها من عظيم الأجر وبايعوه أميراً لهم في العاشر من شهر شوال عام ٣٧ هـ ، ونزلوا النهروان وكتبوا إلى أصحابهم أن يوافوهم بها ويتجمعوا هناك ".
وبعد أن صدر قرار التحكيم وتبين أنه لم يحسم النزاع"، بدأ علي يستعد الغزو الشام ورد المخالفين إلى صفوف الجماعة. ولكن ظهر من بين أصحابه من نادي بضرورة القضاء أولا على الخوارج قبل التوجه لقتال أهل الشام . واستطاع علي ) أن يقنع هؤلاء بأن الخطر الحقيقي يكمن في الشام، وأن قتال معاوية أولى من قتال هذه الفئة الخارجة، واقتنع أصحاب علي بذلك . ولكن ورد إلى علي نبأ إفساد الخوارج في الأرض واستحلالهم لدماء المسلمين وأموالهم ، وقتلهم عبد الله بن خباب بن الأرت، الذي لقوه في طريقهم وقالوا له : هل سمعت من أبيك حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثناه ، قال نعم سمعت أبي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول ، ثم سألوه عن رأيه في أبي بكر وعمر فذكرهما بكل خير، وسألوه عن عثمان في أول خلافته وآخرها فجعله محقاً في أولها وآخرها، وعن علي قبل التحكيم وبعده فقال : : إنه أعلم بالله منكم وأشد توقياً على دينه، وأنفذ بصيرة. فأخذوا عليه بذلك أنه لا يتبع الهدى ، فقدموه إلى شفير النهر فذبحوه ويقروا بطن أم ولده عما في بطنها ، وكانت حبلى ، ثم قتلوا بعض النسوة وأخذوا يعترضون الناس ويقتلون الأطفال .. فبعث إليهم ( علي ) الحارث بن مرة العبدي ليأتيه بخبرهم فقتلوه أيضاً. حينئذ لم يجد على بدا من الاستجابة لطلب أتباعه الذين رأوا ضرورة المسير إلى الخوارج ليفرغوا منهم قبل التوجه إلى الشام. ولما قابل علي الخوارج طلب منهم تسليم قتلة عبد الله بن خباب للقصاص منهم ، فقالوا كلنا قتلناه ، فصمم على قتالهم بعد أن تبين له إنهم الفئة الخارجة التي أشار إليها الرسول عليه الصلاة والسلام في أحاديثه ، وخطب على أصحابه وأخبرهم بما سمع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الخوارج ، وقال هم هؤلاء القوم سفكوا الدم الحرام، وأغاروا على سرح الناس . وهكذا كانت موقعة ( النهروان ، التي أبيد فيها الخوارج ولم ينج منهم إلا نفر قليل ) .
ولكن معركة ( النهروان ، لم تضع نهاية للخوارج بل أذكت في من بقي منهم روح القتال وكانت ذكرى تلك الموقعة دافعاً لهم إلى مزيد من العنف ، الأمر الذي أدى بهم إلى التخطيط لاغتيال ( على ) وتنفيذ ذلك . ولما جاءت الدولة الأموية استمر الخوارج كقوة مناهضة لها ، وخاضوا كثيراً من المعارك الانتحارية ضد جيوش الأمويين وولاتهم، وظهرت فرق خارجية عديدة كالأزارقة والنجدات والصفرية والعجاردة والإباضية وغيرهم. ولما تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز حاول أن يردهم إلى الحق ، كما حاول علي بن أبي طالب من قبل ، إذ رأى من بينهم كما قال : أناساً قد ضللوا فضلوا ، وأنهم كانوا يبغون الحق فأخطأوا سبيله. ولكنه في النهاية يئس من إصلاحهم وردهم إلى الصواب، ومن ثم لم يكن أمامه إلا قتالهم وحربهم. وهكذا استمر الخوارج شوكة في جنب الدولة الأموية يجهدون ويجاهدون في سبيل إسقاطها وتقويض أركانها ، واستطاعوا في بعض الأحيان أن يبسطوا نفوذهم على أرض فارس والعراق وبعض مناطق من اليمن والجزيرة، وقابلهم الأمويون عنفاً بعنف وحاولوا سحقهم بكل قسوة وشدة حتى انكسرت شوكتهم . ورغم هذا قام الخوارج بثورات عديدة في أنحاء متفرقة من الدولة العباسية ، فخرج الإباضية في عمان بقيادة الجلندي ضد جيوش السفاح وراح ضحية هذه الحرب قرابة العشرة آلاف". وفي عهد المنصور قاد ملبد بن حرملة الشيباني ، الخوارج بالجزيرة عام ١٣٨ هـ وقتل منهم عدد كبير. وفي المغرب الإسلامي ( تونس ) وما حولها قاد الخوارج بقيادة أبي حاتم الأباضي حرباً ضد جيوش العباسيين ، دامت خمسة عشرة سنة وقتل فيها خلال ٣٧٥ موقعة ما يربو على الثلاثين ألفاً. وفي عهد المهدي خرج يوسف بن إبراهيم المعروف بالبرم بخراسان"، كما خرج بس التميمي بالموصل واستولى على ديار ربيعة والجزيرة، وفي عهد الرشيد خرج الصحصح بالجزيرة وغلب على ديار بكر ، كما شهد عهده أيضاً ثورة الوليد بن طريف بالجزيرة وكانت من أعنف ثورات الخوارج التي شهدها عصر العباسيين" .


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

مقدمة: لقد أثب...

مقدمة: لقد أثبت تحليل القوى المختلفة المؤثرة على كفاءة المنظمة حقيقة هامة ، وهي أن أهم تلك القوى وأ...

أتوقع أن حياة ا...

أتوقع أن حياة الشيخ كصياد مثل البحر، متقلب الأحوال, مرة يكون هادئا ومرة عاصفا هائجا، فلا بد أن يكون ...

المقدمة في عال...

المقدمة في عالم يتجه بخطى سريعة نحو الاستدامة والطاقة النظيفة، تحتل الطاقة الشمسية مكانة بارزة كواح...

O Chapter (2) M...

O Chapter (2) Marketing, market, Production Marketing • Marketing is the activity, and processes fo...

1. It gives mem...

1. It gives members an organizational identity sense of togetherness that helps promotes a feeling o...

ويتصل بالأمر ال...

ويتصل بالأمر السابق ضرورة البعد عن الوقوع في حالة اليأس أو التشاؤم أو الإحباط أو أن يركن المسلم إلى ...

الفائدة الأولى:...

الفائدة الأولى: سُئِل شيخ الْإسلام ابن تيمية -رحُه الله- عن رجل ترك زوجته ست سني, ولَم يتَرك لَها نف...

المخالفة السلطو...

المخالفة السلطوية العامة: وتعني خرق القانون أو مخالفة القانون من قبل شخص يعمل في وظيفة حكومية او في ...

المجتمع المدني،...

المجتمع المدني، بما في ذلك وسائل الإعلام المستقلة والقطاع الخاص هم اللاعبين الرئيسيين ويمكن القول ان...

في البداية قبل ...

في البداية قبل الحديث عن التغيرات المناخيه يجب أن نلقي نظرة سريعة علي غازات الاحتباس الحراري الستة ا...

في تعريف اللعن ...

في تعريف اللعن وما يتعلق به من ألفاظ لغة وشرعاً اللعن كلمة ورد ذكرها في الشرع واللغة لمعان، فقد تح...

كانت الساحة الأ...

كانت الساحة الأدبية في الضفة والقطاع قد شهدت في السنتين الأولى والثانية من الاحتلال فراغا أدبيا وثقا...