Online English Summarizer tool, free and accurate!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه. والعربية خير اللغات والألسنة. نشأت وترعرعت تتزين من لهجات العرب، وأعظم اللغات ثراء ودقة ومعنى. والمنزلة العالية لتحتفظ بشبابها جمالاً وبهاءً، ولتزداد مهابة وسعةً وانتشاراً، فأنزل بها الكتاب المهيمن على سائر الكتب السماوية، لتكون هذه اللغة مهيمنة على سائر اللغات وجعلها لسان نبيه الكريم ووعاء دينه القويم لتكتسب بذلك صفة العموم والشمول والخلود. انطلقت العربية مع الإسلام من جزيرة العرب، فبلغت ما بلغ من مشارق الأرض ومغاربها، وامتدت بامتداده إلى العراق والشام ومصر وبلاد المغرب وما وراءها. وانحسرت بانحساره من بلاد الأندلس وحضارة تلك البلاد وإرثها من علوم العربية ومصنفاتها شاهد ذلك. وبينت أحكام الإسلام أحسن بيان ونقلت أحاسيس الإنسان ومشاعره بأجمل إشارة، يقول الرافعي رحمه الله وهي من هذا القبيل أعظمها ثروة، وأبلغها من حقيقة التمدن حيث لا تدانيها في ذلك لغة أخرى كائنة ما كانت، فالعرب لم يدعوا معنى من المعاني الطبيعية، التي تتعلق بالحياة الروحية أو البدنية مما تهيأ لهم إلا رتبوا أجزاءه، ولن تموت بل هي باقية ما بقي قرآن وإسلام. بهذا العمر المديد سبعة عشر قرنا، وتعهد سبحانه بحفظه (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) ولا يتحقق حفظ الوحي إلا بحفظ لغته! فهيء لها علماء أجلاء، وضبط نظامها ، ثم استقلوا ذلك كله في جنب هذه اللغة الكريمة. فعلى العلماء وقادة الفكر - اليوم - أن ينهضوا بهذا العبء الثقيل وأن يدرك الغيورون أن العربية تقوى بقوة أهلها، وتحمى بجهود علمائها، وتعز باستعمالها فيما يجب أن تكون فيه. لأن اللغة فكر. وإصلاح التعليم، وإصلاح الإعلام. والله المستعان وعليه التكلان الفصل الأول: أهمية الأمن اللغوي وأن تكون لساننا في سائر ميادين الخطاب لما يلي: وتحقيقا لوعده بحفظها . فجاء علم الأصوات لإقامة اللسان، وعلم الصرف لضبط بنية الكلمة، ونشأت سائر علوم العربية، لسماع كلام العرب الأقحاح - شعره ونثره - وروايته وتدوينه، أليس في هذا إكرام للعرب وتكريم للعربية، لأنها لغة القرآن ولسان سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، يقول المستشرق الألماني يوهان فك (( لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة يُقصد بها زحزحة العربية الفصحى عن مقامها ))). المسيطر أدرك علماؤنا فضل العربية وأثرها في فهم الإسلام فدعوا إلى تعلمها والمحافظة عليها . قال الثعالبي ( فإن من أحب الله أحب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن أحب النبي العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب، ومن أحب العربية عني بها، وثابر عليها و صرف همته إليها ) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (( اعلم أن اعتياد اللغة: يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرًا قويًا بينا ، ويؤثر أيضًا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق)) (٢). وكره أئمة الإسلام التكلم بغير العربية لغير حاجة حفظاً لها، يقول ابن تيمية (( وما زال السلف يكرهون تغيير شعائر العرب حتى في المعاملات، وهو التكلم بغير العربية إلا لحاجة، ولحفظ شعائر الإسلام)) (۳). اللغة والهوية فلغتنا هويتنا، وشعارنا بين الأمم، هي انتماء روحي، وهوية كل مجتمع أو أمة تتمثل في ثلاثة أمور رئيسة، هي: الدين، والثقافة واللغة، واللغة هي الأداة الفعالة لبناء النهضة والحضارة. وقدمه إلى الملكة ((إيزابيلا )) لأول مرة في تاريخ اللغات الأوروبية، هذا الشيء ؟ فأجاب: يا صاحبة الجلالة : إن اللغة هي الأداة الفعالة في بناء الإمبراطوريات)) (1) وحين أدرك الأعداء أهمية اللغة وأثرها في بناء الأمة جعلوا يعملون على إضعافها بل محوها وقتلها، تأمل حرقة الأديب اللبيب مصطفى الرافعي على لغته وهي تتنحى عن الصدارة، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار، ومن هنا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضًا على الأمة المستعمرة، ويُشعرهم عظمته فيها ويستلحقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثة في عمل واحد : أما الأول : فحبس لغتهم في لغته سجنا مؤبدا . لقد أحس الرافعي بسجن لغته وقتل ماضيه وأغلال الأجنبي في عنقه شعورًا يخالج كل مسلم وعربي يُدرك بأن أمته معطلة، ومأزقا في لغتها، حيث تخلت عن مسؤوليتها، ( إن اللغة هي الهوية الوطنية، إنها الوطن الحي المتدفق الذي يسكن قلب كل واحد منا )) (۳) (( وإنك إذا سلبت البلاد عنوان انتمائها الوطني - وهو اللغة - فكأنك سلبت من كل فرد عنوان ذاتيته)) (٤). والأسماء يعبر بها عن الأشخاص والأحداث والأفكار ، فلفظة ((سعادة)) تعني معنى معينا في عقولنا، والبيع والاجتماع. قال تعالى : ((وعلم آدم الأسماء كلها))، والمعنى والفكرة في العقل متلازمان، فلا يمكن أن نفكر إلا بالكلمات، ولا نتكلم إلا بمعاني وأفكار، ونوعها وأهميتها تبعا لما يمتلكون من حصيلة لغوية. وكلما نقص عقله نقص رصيده اللغوي. فضيقُ الصدر يُربك العقل فلا ينطق اللسان، ولذا من الناس أثرياء في اللغة والتفكير، ومنهم الفقراء. جاء في المثل العربي أي فكره وعقله وذكاؤه ودهاؤه تظهر في لغته، فدخل عليه رجل مهاب نظيف الثياب، فكف رجله تقديرا واحترامًا، ظهر فكره في لسانه، قال الإمام: قد آن لأبي حنيفة أن يمد رجله مما يدل على أن اللسان صورة الفكر والجنان فكيف إذا كانت - تلك - اللغة العربية اللغة الشاعرة؛ لأن المحافظة على اللغة محافظة على الفكر، والأمن اللغوي أمن فكري. الفصل الثاني: تحقيق الأمن اللغوي ويؤثر في دلالتها - معنى اللفظ . ويتأثر معنى التركيب بالسياق الذي جاء فيه، كما تختلف بالتقديم والتأخير، وغيرها من أساليب اللغة واختلاف معانيها. كل ذلك يؤثر في مسار الفكر ترغيبا وتنفيرًا ، فيُغيّر تلك المعاني، مما يمكن المتحدث من الخداع والتلاعب بعقول المخاطبين، يضعه في غير موضعه. مما أدى إلى ضعف عقله وغدا مرتعا للأفكار البراقة، والمعاني الخداعة، والتصورات التي لا تلائم المجتمع والحالة العامة. والفهم الصحيح للخطاب بكل دلالاته وقرائنه يكمن في فهم اللغة، وإصلاح الفكر والجنان يتحقق بإصلاح اللسان. إن الناظر في العربية وتاريخها، يراها تسير على سياسة لغوية ربانية، واتحاد الأقطار وتفرقها، واختلاف السياسات وتباينها، لتبقى برعاية ربانية - هذا التاريخ المجيد - ما بقي قرآن وإسلام، ويتساقط غيرها من اللغات وتهرم، وتولد لغات أخرى، والعربية ثابتة كالطود الشامخ والجبل الأشم، كيف حازت العربية هذا البقاء، لابد من أسباب وأعمال وجهود تتحقق بها الحماية الربانية ويعبر بها الوعد الإلهي. والدين قبل ذلك، متباينا اقتصاديًا، فالقيم أسبق وأعمق وأبقى من التقسيم القطري المتغير. يعقبه متابعة ومحاسبة عادلة، ملزم بالعربية في قاعات التعليم العام والجامعات، ووسائل الإعلام، والمؤتمرات والملتقيات، وغيرها . ينبغي أن يكون هناك قرار يؤخذ بالإجماع العربي، وحسن الصياغة وحكمة المعالجة. يدفع إلى ذلك غيرة لغوية حميدة، فالأمة - أي أمة - تغار على لغتها ؛ فإضعاف اللغة إضعاف للأمة، وفي ذُلّها ذلها ، وبنوا هويتهم وثقافتهم على أن لغتهم ركن أساس من أركانها . وعملت على ونشرها في الأمم الناطقة بغيرها، وإبرازها في الاتفاقات والعقود وطرحها كمصلحة أمة. ومن الحكمة النظر في تجارب الأمم الجادة وانتصارها للغتها، وأعلن فتنمة المدارس والكليات، فرجاه أساتذة كلية الطب إمهالهم بعض سنوات، ولما استعمر اليابانيون كوريا، وكذا استطاع اليهود بعث الحياة في اللغة العبرية الميتة، فلم تمض خمس سنوات من اغتصابهم حق الأرض بعد قرار التقسيم عام ١٩٤٨م حتى بادروا إلى إنشاء ((مجمع اللغة العبرية)) ((١٩٥٣م)) ثم كونوا مجلسًا أعلى يضم أربعين لجنة متخصصة في كل الفروع العلمية والفكرية تهتم بمسايرة اللغة للتطور المستمر واستحداث المصطلحات والمفردات العبرية، التي تُعطي الحاجة في المجالات كافة، والدافع لهم إيمانهم بأن لغتهم هي شخصيتهم وثقافتهم وتاريخهم، والجامعة لكيانهم المشتت، وهكذا الشأن في بقية الأمم، في فرنسا وألمانيا وروسيا وغيرها . هكذا تحمي أمم الشرق والغرب لغاتها، وتتحدث بها بكل عزة وفخر وشموخ. ولا يكون ذلك إلا بغيرة لغوية دافعها العزة بالأمة ولغتها، وسلطانها القرار السياسي الصارم. ٢- إصلاح التعليم اللغة العربية جديرة بالعناية والتقديم في التعليم العام، وفصاحة القرآن الكريم والحديث الشريف، لكل مرحلة تعليمية ما يناسبها، ولو اشتغل العرب والمسلمون بالقرآن الكريم تلاوة وتجويداً وحفظاً لأبنائهم؛ لاستقامت الألسنة وانقادت لهم اللغة في أعلى مستوياتها، وأفصح ألفاظها وتراكيبها، والممارسة الميدانية من المعلمين تؤتي ثمارها وتنضج حصادها . ب التعليم باللغة العربية الفصيحة، من مرحلة الروضة إلى المرحلة الجامعية، ونظرية الدكتور عبد الله الدنان خير دليل وبرهان - نظرية تعليم اللغة العربية بالفطرة والممارسة - التي تهدف إلى القضاء على الضعف العام في اللغة العربية في الوطن العربي، وهما في الثالثة من العمر. وأسس ((دار الحضانة (العربية) في الكويت، صمم برنامجا لتدريب المعلمين والمعلمات وغيرهم على المحادثة باللغة العربية الفصحى، مدته اثنا عشر يوما ، وذاعت في الإعلام وأفاد منها كل حريص على تعليم اللغة العربية الفصيحة المعربة. وأن الطالب يتحدث بما يسمعه من معلمه. وأقوى في الانتفاع، وأعلى في الإبداع والاختراع، في التدريس بالعربية عز لها ولأهلها وقوة لها ولهم، وبرهان على قدرتها وسعتها، ويمكن الحديث عن التعريب في نقاط: 1- الدول المستقلة سياسيا تدرس علوم الطب والهندسة بلغاتها كألمانيا وفرنسا والدول الأوروبية، واليابان والصين، وفيتنام، وغيرها . حتى الكيان الصهيوني الذي تمكن من إحياء لغته العبرية بعد موتها ، يدرس تلك العلوم بلغته العبرية على قلة في عددهم إذ لا يتجاوزون بضعة ملايين نسمة، إلا الوطن العربي فإنه يدرس هذه العلوم بغير لغته ؟
المقدمة
أما بعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
من شرح الله صدره للإسلام، وزينه بالإيمان، أدرك أن محمدا - صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل، والإسلام خير الملل، والعربية خير اللغات والألسنة.
اصطفاها ربنا وبناها ؛ لتكون لسان كتابه العزيز، ووعاء دينه العظيم، نبتت في بيئة
بدوية بعيدة عن أنظار التاريخ، وميدان الحضارة آنذاك، كنز ثمين خفي.
نشأت وترعرعت تتزين من لهجات العرب، وتلتقط من أجمل ألفاظها، وأروع معانيها حتى غدت في أبهى صورة، وأحسن عبارة، وأعظم اللغات ثراء ودقة ومعنى.
فشاء الله أن تبقى على هذه الصورة الرائعة، والمنزلة العالية لتحتفظ بشبابها جمالاً وبهاءً، ونضرة وجلالا ، ولتزداد مهابة وسعةً وانتشاراً، فأنزل بها الكتاب المهيمن على سائر الكتب السماوية، لتكون هذه اللغة مهيمنة على سائر اللغات وجعلها لسان نبيه الكريم ووعاء دينه القويم لتكتسب بذلك صفة العموم والشمول والخلود.انطلقت العربية مع الإسلام من جزيرة العرب، فبلغت ما بلغ من مشارق الأرض ومغاربها، وامتدت بامتداده إلى العراق والشام ومصر وبلاد المغرب وما وراءها. وانحسرت بانحساره من بلاد الأندلس وحضارة تلك البلاد وإرثها من علوم العربية ومصنفاتها شاهد ذلك.
شملت العربية جميع مناحي الحياة، وبينت أحكام الإسلام أحسن بيان ونقلت أحاسيس الإنسان ومشاعره بأجمل إشارة، وأدق عبارة، يقول الرافعي رحمه الله
والعربية تعتبر أحكم اللغات نظامًا في أوضاع المعاني وسياستها بالألفاظ، وهي من هذا القبيل أعظمها ثروة، وأبلغها من حقيقة التمدن حيث لا تدانيها في ذلك لغة أخرى كائنة ما كانت، فالعرب لم يدعوا معنى من المعاني الطبيعية، التي تتعلق بالحياة الروحية أو البدنية مما تهيأ لهم إلا رتبوا أجزاءه، وأبانوا عن صفاته بألفاظ متباينة تعين تلك الأجزاء والصفات على مقاديرها )) (1)
وقد تضعف العربية في قطر، أو ترحل من مصر، لكنها لا تموت، ولن تموت بل هي باقية ما بقي قرآن وإسلام.
لم يعرف التاريخ لغة كهذه اللغة، بهذا العمر المديد سبعة عشر قرنا، تحوي مخزونا حضارياً هائلاً متميزاً نوعاً وعددًا، ولا تزال تمتلك قوة في ذاتها تمكنها من البقاء والخلود في تجدد وحيوية دائمين.
جعلها الله لغة الوحي، وتعهد سبحانه بحفظه (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) ولا يتحقق حفظ الوحي إلا بحفظ لغته!
فهيء لها علماء أجلاء، أفنوا أعمارهم وأحبارهم في جمعها، واستنباط قواعدها ومعالمها، وضبط نظامها ، ثم استقلوا ذلك كله في جنب هذه اللغة الكريمة.
فعلى العلماء وقادة الفكر - اليوم - أن ينهضوا بهذا العبء الثقيل وأن يدرك الغيورون أن العربية تقوى بقوة أهلها، وتحمى بجهود علمائها، وتعز باستعمالها فيما يجب أن تكون فيه.
جاء هذا البحث الأمن اللغوي)) ليجيب بإيجاز عن سؤالين لماذا ؟ وكيف؟ س ا لماذا نريد أمنا لغويا ؟ فيجيب لأنها لغة القرآن والإسلام، لأنها هوية الأمة، لأن اللغة فكر.
س ۲ وكيف يتحقق الأمن اللغوي ؟ فيجيب بالسياسة اللغوية الموحدة، وإصلاح التعليم، وإصلاح الإعلام.
والله المستعان وعليه التكلان
الفصل الأول: أهمية الأمن اللغوي
يجب أن نحافظ على العربية، وأن تكون لساننا في سائر ميادين الخطاب لما يلي:
1- لأنها لغة القرآن والإسلام، فاكتسبت العموم والشمول والخلود، وكدت في خدمتها الأذهان وبذلت المهج؛ رغبة وحبًّا فيها ، وقربةً إلى الله تعالى، وتحقيقا لوعده بحفظها .
فجاء علم الأصوات لإقامة اللسان، وعلم الصرف لضبط بنية الكلمة، وعلم النحو لحفظ التركيب ودلالته والمعاجم لضبط الألفاظ ومعانيها . ونشأت سائر علوم العربية، ورحل العلماء إلى الصحاري والمراعي وموارد الماء ؛ لسماع كلام العرب الأقحاح - شعره ونثره - وروايته وتدوينه، ودراسته واستنباط قواعده ونظمه. أليس في هذا إكرام للعرب وتكريم للعربية، بلى ؛ لأنها لغة القرآن ولسان سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، ووعاء الحضارة الإسلامية العظيمة.
يقول المستشرق الألماني يوهان فك (( لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة يُقصد بها زحزحة العربية الفصحى عن مقامها )))...المسيطر
أدرك علماؤنا فضل العربية وأثرها في فهم الإسلام فدعوا إلى تعلمها والمحافظة عليها .
قال الثعالبي ( فإن من أحب الله أحب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن أحب النبي العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب، ومن أحب العربية عني بها، وثابر عليها و صرف همته إليها )
وعقد ابن فارس بابا في كتابه (( الصاحبي )) تحت عنوان ( باب القول على أن لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها )) يدعو فيه إلى حُب العربية وتعلمها، ويبين فضلها وسعتها .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (( اعلم أن اعتياد اللغة: يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرًا قويًا بينا ، ويؤثر أيضًا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق)) (٢).
وكره أئمة الإسلام التكلم بغير العربية لغير حاجة حفظاً لها، يقول ابن تيمية (( وما زال السلف يكرهون تغيير شعائر العرب حتى في المعاملات، وهو التكلم بغير العربية إلا لحاجة، كما نص على ذلك مالك والشافعي وأحمد ، بل قال مالك: من تكلم في مسجدنا بغير العربية أخرج منه، مع أن سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها ولكن سوغوها للحاجة، وكرهوها لغير الحاجة، ولحفظ شعائر الإسلام)) (۳).
اللغة والهوية
إن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي (٤). بها يتميزون (4) .
فلغتنا هويتنا، وشعارنا بين الأمم، هي انتماء روحي، وارتباط معنوي قوي هي عامل جوهري لغرس محبة الأمة، والتعلق بماضيها وحاضرها وحضارتها، واللغة شاهد على العصر، وسجل للواقع، ومرأة للناطقين بها، وهوية كل مجتمع أو أمة تتمثل في ثلاثة أمور رئيسة، هي: الدين، والثقافة واللغة، واللغة هي الأداة الفعالة لبناء النهضة والحضارة.
يروى أنه في سنة ١٤٩٢ م قام العالم اللغوي الإسباني ((أنطونيو نبريجا )) بوضع كتاب في نحو الإسبانية وصرفها، بمناسبة اكتشاف أمريكا، وقدمه إلى الملكة ((إيزابيلا )) لأول مرة في تاريخ اللغات الأوروبية، اندهشت الملكة، ثم سألته: ما فائدة
هذا الشيء ؟ فأجاب: يا صاحبة الجلالة : إن اللغة هي الأداة الفعالة في بناء الإمبراطوريات)) (1)
وحين أدرك الأعداء أهمية اللغة وأثرها في بناء الأمة جعلوا يعملون على إضعافها بل محوها وقتلها، تأمل حرقة الأديب اللبيب مصطفى الرافعي على لغته وهي تتنحى عن الصدارة، وتُفرض لغة الأجنبي، يقول - رحمه الله - (( ما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار، ومن هنا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضًا على الأمة المستعمرة، ويركبهم بها، ويُشعرهم عظمته فيها ويستلحقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثة في عمل واحد :
أما الأول : فحبس لغتهم في لغته سجنا مؤبدا .
وأما الثاني: فالحكم على ماضيهم بالقتل محوا ونسيانا.
وأما الثالث: فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها، فأمرهم من بعدها لأمره تبع)) (٢) .
لقد أحس الرافعي بسجن لغته وقتل ماضيه وأغلال الأجنبي في عنقه شعورًا يخالج كل مسلم وعربي يُدرك بأن أمته معطلة، وأنها تعيش أزمة في حاضرها، ومأزقا في لغتها، حيث تخلت عن مسؤوليتها، وضعف انتماؤها الإسلامي واللغوي.
(( إن اللغة هي الهوية الوطنية، إنها الوطن الحي المتدفق الذي يسكن قلب كل واحد منا )) (۳) (( وإنك إذا سلبت البلاد عنوان انتمائها الوطني - وهو اللغة - فكأنك سلبت من كل فرد عنوان ذاتيته)) (٤).
يقول كرستال لغوي بريطاني شهير (( إن الحفاظ على اللغة يتطلب التزاما وشعورا بالمسؤولية المشتركة لصيانة اللغة والمحافظة عليها وإنمائها، ويتطلب ذلك وضوح الرؤية، وتفعيل المهارات في وضع خطط عملية وتنفيذها بإحكام)
الفصل الثاني: تحقيق الأمن اللغوي
اللغة: ألفاظ وأصوات تحمل معاني وأفكارًا، فالألفاظ هي بوابة الأفكار ورمزها الظاهر الدال عليها . ويؤثر في دلالتها - معنى اللفظ . حين يدخل في تركيب أو عبارة، ويتأثر معنى التركيب بالسياق الذي جاء فيه، وهذه الدلالات المتداخلة، تختلف كليا تبعًا للحال والمقام الذي قيلت فيه أو كتبت فيه، كما تختلف بالتقديم والتأخير، والحذف والذكر .... وغيرها من أساليب اللغة واختلاف معانيها.
كل ذلك يؤثر في مسار الفكر ترغيبا وتنفيرًا ، جذبًا ودفعًا، وقد يَعْمَد المتحدث إلى التوجه بعقول المخاطبين وجهة ما ، فيُغيّر تلك المعاني، معنى اللفظ أو معنى التركيب أو يجعلها في سياق مختلف، وقد يلقيها في مقام أو حال لا يناسب وقد يؤثر مع ذلك بأساليب التوكيد أو التشكيك أو غيرها، مما يمكن المتحدث من الخداع والتلاعب بعقول المخاطبين، وتغيير أفكارهم، وسوقهم إلى الوجهة التي يريد.
وما جرى الانحراف الفكري إلا بفهم سقيم وتصوّر عقيم للخطاب - الديني أو الثقافي أو السياسي - فيحمله على غير محمله، يضعه في غير موضعه.
والسبب الرئيس هو الضعف اللغوي لدى المتلقي، مما أدى إلى ضعف عقله وغدا مرتعا للأفكار البراقة، والمعاني الخداعة، والتصورات التي لا تلائم المجتمع والحالة العامة.
والفهم الصحيح للخطاب بكل دلالاته وقرائنه يكمن في فهم اللغة، وإصلاح الفكر والجنان يتحقق بإصلاح اللسان.
وحماية اللغة العربية تكمن في بناء سياسة لغوية موحدة، وإصلاح التعليم وإصلاح الإعلام ووسائله.
1- السياسة اللغوية الموحدة : (1)
إن الناظر في العربية وتاريخها، يراها تسير على سياسة لغوية ربانية، بإرادة شرعية عبرت بها سبعة عشر قرنا ، مع تعاقب الأجيال والدول، واتحاد الأقطار
وتفرقها، واختلاف السياسات وتباينها، وبقدر إلهي حفظت العربية بنظامها ومصادرها وقواعدها ؛ لتبقى برعاية ربانية - هذا التاريخ المجيد - ما بقي قرآن وإسلام، ويتساقط غيرها من اللغات وتهرم، وتموت، وتولد لغات أخرى، والعربية ثابتة كالطود الشامخ والجبل الأشم، بأصواتها وكلماتها وتراكيبها ودلالاتها .
كيف حازت العربية هذا البقاء، وكان للغات العالمين الفناء ؟
إن حياة العربية - بهذا التاريخ الفريد - يحتاج منا إلى تأمل ودراسة واستنباط أسباب البقاء، وعوامل الفناء، ورسم السياسة اللغوية على هذه الدراسة ونتائجها، لابد من أسباب وأعمال وجهود تتحقق بها الحماية الربانية ويعبر بها الوعد الإلهي.
إن الأمة العربية كيان ثقافياً موحد، تجمعه اللغة والثقافة، والدين قبل ذلك، والموروث الحضاري، وإن كان مقسما سياسيًا، متباينا اقتصاديًا، فإن القيم والمعاني أقوى من المادة، والرابطة اللغوية أقوى من الرابطة السياسية، فالقيم أسبق وأعمق وأبقى من التقسيم القطري المتغير.
وكان على السياسة أن تعتمد على الأقوى وتتمسك بهذا الجامع الأوثق، وإن تباينت سياسيا واقتصاديًا، لكن الواقع غير ذلك.
واللغة في حاجة إلى قرار سياسي موحد يطبق في العالم العربي، قرار إداري نافذ، يعقبه متابعة ومحاسبة عادلة، ملزم بالعربية في قاعات التعليم العام والجامعات، ووسائل الإعلام، والخطاب الإداري، والمحافل العامة، والمؤتمرات والملتقيات، وغيرها .
ينبغي أن يكون هناك قرار يؤخذ بالإجماع العربي، يُبنى على تخطيط لغوي شامل، يُنفذ بلجان علمية لغوية، تتصف بالأمانة والتمكن، وحسن الصياغة وحكمة المعالجة.
يدفع إلى ذلك غيرة لغوية حميدة، فالأمة - أي أمة - تغار على لغتها ؛ فإضعاف اللغة إضعاف للأمة، وفي ذُلّها ذلها ، وقوتها في قوتها، أدرك ذلك رجالات الأمم، وبنوا هويتهم وثقافتهم على أن لغتهم ركن أساس من أركانها .
فقاموا بالمحافظة عليها بين أبنائها ، وسَن القوانين التي تحرم المساس بها أو التحدث بغيرها، حتى صارت لغة التعليم والإعلام والخطاب الرسمي، وعملت على
إحيائها وتقويتها بإقامة الدراسات حولها، ونشرها في الأمم الناطقة بغيرها، وإبرازها في الاتفاقات والعقود وطرحها كمصلحة أمة.
ومن الحكمة النظر في تجارب الأمم الجادة وانتصارها للغتها، عندما انتصر (( هوشي منه)) - رئيس الفيتنام - حسم القضية اللغوية، وأعلن فتنمة المدارس والكليات، فرجاه أساتذة كلية الطب إمهالهم بعض سنوات، فأمهلهم تسعة أشهر وحسم الأمر.
ولما استعمر اليابانيون كوريا، منعوا فيها تداول اللغة الكورية، ولما استقلت البلاد (١٩٤٣م) جاء أول مرسوم في أول عدد من جريدته الرسمية بحظر تداول اللغة اليابانية، واحتشد الكهول والشيوخ ليلقنوا الأطفال والشباب لغتهم القومية، ولم تنطلق السنة الدراسية يومئذ إلا باللغة الكورية (٢).
وكذا استطاع اليهود بعث الحياة في اللغة العبرية الميتة، فلم تمض خمس سنوات من اغتصابهم حق الأرض بعد قرار التقسيم عام ١٩٤٨م حتى بادروا إلى إنشاء ((مجمع اللغة العبرية)) ((١٩٥٣م)) ثم كونوا مجلسًا أعلى يضم أربعين لجنة متخصصة في كل الفروع العلمية والفكرية تهتم بمسايرة اللغة للتطور المستمر واستحداث المصطلحات والمفردات العبرية، التي تُعطي الحاجة في المجالات كافة، والدافع لهم إيمانهم بأن لغتهم هي شخصيتهم وثقافتهم وتاريخهم، والجامعة لكيانهم المشتت، والرابطة لوحدتهم وتضامنهم، وهكذا الشأن في بقية الأمم، في فرنسا وألمانيا وروسيا وغيرها .
هكذا تحمي أمم الشرق والغرب لغاتها، فتبعتها بعد موتها وتقويها بعد ضعفها، وتتحدث بها بكل عزة وفخر وشموخ.
فلا يتحقق الأمن الفكري إلا بأمن لغوي، ولا يكون ذلك إلا بغيرة لغوية دافعها العزة بالأمة ولغتها، وسلطانها القرار السياسي الصارم.
٢- إصلاح التعليم
اللغة العربية جديرة بالعناية والتقديم في التعليم العام، والإفادة من علم اللغة التطبيقي في تدريس علوم اللغة العربية يحقق نتائج مرضية، والسير على منهج علمي في تعليم العربية يوجب التخطيط اللغوي وتحديد الغايات والأهداف واختيار محتوى من العربية الفصيحة مبني على الشيوع في الأصوات والكلمات والتراكيب والمعاني
وفصاحة القرآن الكريم والحديث الشريف، وشعر العرب ونثرها الفصيح توجب أن نختار منها نصوصاً سهلة التناول قريبة الفهم، لكل مرحلة تعليمية ما يناسبها، ليتمرّس الطلاب على النظر في مصادر العربية ومعالجتها، ولو اشتغل العرب والمسلمون بالقرآن الكريم تلاوة وتجويداً وحفظاً لأبنائهم؛ لاستقامت الألسنة وانقادت لهم اللغة في أعلى مستوياتها، وأفصح ألفاظها وتراكيبها، وأبين دلالاتها ومعانيها.
فبناء المناهج على أسس علمية، والممارسة الميدانية من المعلمين تؤتي ثمارها وتنضج حصادها .
ب التعليم باللغة العربية الفصيحة، وإلزام المعلم بالتحدث بها مع طلابه ضرورة ملحة لرفع مستوى اللغة عند الطلاب، من مرحلة الروضة إلى المرحلة الجامعية، بل هي في المراحل الأولى أنفع وأقوى أثرًا وأسرع في اكتساب اللغة العربية الفصيحة المعربة.
ونظرية الدكتور عبد الله الدنان خير دليل وبرهان - نظرية تعليم اللغة العربية بالفطرة والممارسة - التي تهدف إلى القضاء على الضعف العام في اللغة العربية في الوطن العربي، طبق نظريته بداية على أولاده في سن مبكرة فأتقنوا التحدث باللغة العربية السليمة المعربة، وهما في الثالثة من العمر.
وأسس ((دار الحضانة (العربية) في الكويت، و ((روضة الأزهار العربية)) في سوريا لإثبات نجاح نظريته عمليا .
صمم برنامجا لتدريب المعلمين والمعلمات وغيرهم على المحادثة باللغة العربية الفصحى، مدته اثنا عشر يوما ، بواقع ساعتين ونصف يوميا .
نجحت نظريته، وانتشرت في الأقطار العربية، وطبقت في مئات الروضات والمدارس، وذاعت في الإعلام وأفاد منها كل حريص على تعليم اللغة العربية الفصيحة المعربة.
وتلك التجربة توكد أهمية الاستماع ودوره في مهارة التحدث، وأن الطالب يتحدث بما يسمعه من معلمه.
ج تعريب لغة الأقسام العلمية في الجامعات
تدريس العلوم الطبية والهندسية - في جامعاتنا - باللغة العربية يزيد في فهم الطلاب لهذه العلوم، فيكونوا أضبط في الإدراك، وأقوى في الانتفاع، وأعلى في الإبداع والاختراع، في التدريس بالعربية عز لها ولأهلها وقوة لها ولهم، وبرهان على قدرتها وسعتها، ويمكن الحديث عن التعريب في نقاط:
1- الدول المستقلة سياسيا تدرس علوم الطب والهندسة بلغاتها كألمانيا وفرنسا والدول الأوروبية، واليابان والصين، وفيتنام، وغيرها ... حتى الكيان الصهيوني الذي تمكن من إحياء لغته العبرية بعد موتها ، يدرس تلك العلوم بلغته العبرية على قلة في عددهم إذ لا يتجاوزون بضعة ملايين نسمة، إلا الوطن العربي فإنه يدرس هذه العلوم بغير لغته ؟
يقول جورجي زيدان (( مر على المدارس الكبرى في سوريا ومصر عشرات من السنين والتعليم فيها باللغة العربية، فزهت هذه اللغة وازدهرت، وهو عصرها الذهبي في هذه النهضة، ولذلك فنحن نشكو من الكلية الأمريكية والكلية اليسوعية في بيروت، لأنها جعلت التعليم فيها باللغات الأجنبية، وحجة أصحاب هذا القول قلة الكتب التعليمية في اللغة العربية، وكثرتها في اللغات الأجنبية، ولكن التعليم يراد به أيضا شيء آخر لا يقل أهمية عن ذلك. ونعني به ترقية الأمة وجمع كلمتها وإحياء آمالها، وهذا لا يكون إلا بترقية لسانها وإحياء آدابه بتأليف الكتب العلمية والأدبية فيه، ولا يتيسر ذلك إلا إذا كان هو قاعدة التدريس في المدارس العالية، فلو ظلت هذه المدارس - الجامعات - كما كانت عليه في أول نهضتها لكانت اللغة العربية كما يتمناها كُلُّ محب للعرب، ولم يبق ما يحتج به بعض الراغبين في اللغات الأجنبية))
ويقول الأستاذ أحمد حسن الزيات: (( الترجمة هي الوسيلة الأولى لدفع القصور عن اللغة، وسد النقص في الأدب، وكشف الظلام عن الأمة، لذا أرى أن تنشأ دار للترجمة مستقلة يكون لها من جلالة القدر ونباهة الذكر ما للجامعات...))
إن تدريس هذه العلوم بلغة أجنبية هزيمة نفسية، وبعد عن الهوية، وسقط في الهمة العلمية، وانحراف عن الإرادة الثقافية، بلا مبرر ولا معوق.
وإليك بعض المعوقات عن التدريس لهذه العلوم باللغة العربية
أ- أولها وأهمها عدم وجود قرار إداري يلزم بتعريب التعليم الجامعي على الرغم أن أنظمة الحكم والدساتير كافة - في الدول العربية - تنص موادها أن اللغة العربية هي لغة البلاد الرسمية ولغة التعليم والإعلام... إلا أن هذه المواد لا تحظى باهتمام المسؤولين في الجهات والوزارات المختصة، ولا متابعة تنفيذها، فهي مهملة وغير مفعلة في الواقع.
الانبهار باللغات الأجنبية في مجال تدريس العلوم، فمعظمهم أعضاء هيئة التدريس في الكليات العلمية، قد أكملوا دراساتهم العليا بغير لغتهم الأم، ولكن تعريب التدريس وضرورته لا تعني إهمال اللغة الأجنبية.
ج عدم وجود مركز أو هيئة متخصصة بتعريب التعليم الجامعي وترجمة العلوم الطبية والهندسية وغيرها، بصورة مأمولة وقدر مرضي.
فالواجب تشجيع الترجمة وتفعيل دورها ووضع الخطط اللازمة للنهوض بها وأن يكون أحد البحوث والكتب المقدمة للترقية من أعضاء هيئة التدريس باللغة العربية.
د عدم وجود دعم مادي أو معنوي للمهتمين بتعريب هذه العلوم والمترجمين للكتب والمراجع العلمية لها، مما أدى إلى توقف كثير من برامج التعريب والترجمة الجيدة.
كل هذه العوائق واهية هلامية، غير واقعية؛ لأنها لم تُعق أُمةً من الأمم الشرقية والغربية، ولم تُحل دون تدريس تلك العلوم بلغتها ، حتى من هم أقل منا عددًا وعدة.
هذه العوائق ستنتهي إذا بدأنا التدريس باللغة العربية، وستتوارى من الأذهان، والتجربة خير برهان، وهي ماثلة أمامنا للعيان، ولكن.. الله المستعان.
إصلاح الإعلام
وسائل الإعلام الإعلام آلة مؤثرة في المجتمع، يقوم بدور فاعل في توجيه الآراء وإصلاح المبادئ والعادات ويعلم ويحفّز ويرفع الهمم، وقد يتسبب في الجهل والسطحية، والإحباط والشقاء للمجتمع الإعلام مدرسة كبرى للجمهور والمجتمع، بكل فئاته، وفي سائر أوقاته. يمكنه أن يصلح اللسان، ويعلم الفصاحة والبيان، وقد يشيع الخطأ واللحن، والعجمة والهجن
فإذا صلح لسان الإعلام صلح لسان المجتمع، وإذا استقام الفكر وتهذبت الأخلاق في الإعلام كانت كذلك في المجتمع والجمهور.
والإعلام المنطوق المتمثل في المذياع والتلفاز وقنواته أقوى أثرا في المجتمع من المكتوب كالصحافة ولوحات الإعلان ونحوها .
ولذا يجب العناية بالمسموع والمرئي وما يعرض فيه ويسمع منه، فلا يعرض فيه إلا لغة فصيحة وفكراً سليماً وخلقاً كريماً .
ولغة الصحافة أصح نحوا وصرفا ودلالة، ولو سلمت من الألفاظ الأجنبية التي اقتحمتها لكانت أحسن أثرًا من غيرها على قلة القراء في الوطن العربي عامة.
الإعلام المنطوق هو الكاشف الحقيقي عن المستوى الثقافي واللغوي والاجتماعي، والناشر للأفكار والتوجهات والمؤثر القوي في البيت والمجتمع.
إن الضعف اللغوي للمذيع ومقدم البرامج، والناطقين في الإعلام أدى إلى أن يتحدث بلهجته، وقد يسكن ولا يعرب إيثارا للسلامة، وقد يتحدث بلغة هجين تكثر فيها الألفاظ الأجنبية، ويحمل اللفظ العربي ما لا يحتمل من المعاني والدلالات في العربية السليمة.
كل تلك الكبائر اللغوية التي طغت على لسان الإعلامي انتشرت في المجتمع، وظهرت على ألسنة الجماهير وكثر سماعها حتى غدت لغة المجتمع لغة رديئة بعيدة عن العربية الفصحى، فضعفت القراءة بالعربية واضطربت المعاني والدلالات لاضطراب الألفاظ واللهجات وتولد عن اللغة الهجين فكر هجين مهين.
وكلما ابتعد اللسان عن العربية الناصعة، اكتنف الجنان الغموض والحيرة.
فبناء المجتمع وإصلاحه يقتضي إكسابه لغة فصيحة بينة، والإعلام قادر على ذلك إذا التزم بإعداد وإبراز المذيع اللغوي الماهر، والمقدم اللغوي، والناطق اللغوي البليغ، ليكون مصدراً وقدوة ومثالا يحتذى، ولغويا به يقتدى.
الخاتمة
في نهاية هذا البحث الموجز، والعمل المتواضع اليسير، وما عُرض فيه، يؤكد على أن الأمن اللغوي يتحقق بإيجاد ((القدوة)) وأن الألسن تستقيم بإقامة الرموز وتتأثر بالقدوة والرمز - علمت أم لم تعلم - أكثر من أي طريقة أخرى، فالتجربة الدنانية، والتحدث بالعربية الفصحى أمام طلاب كلية الطب والهندسة وغيرها، ووسائل الإعلام الناطقة بالعربية الفصحى، كلها توكد ألا يطرق أذن الطلاب أو الجماهير إلا ما كان عربيا فصيحا .
يُعزّز هذا المبدأ في مدارسنا حين يتعلم طلابنا اللغة الأجنبية، يدرسونها في مدارسنا بضع سنين، ثم يتخرج الطالب ضعيفا لا يحسن القراءة ولا الكتابة ولا التحدث بها، ثم يبتعث إلى بلد تلك اللغة، فيحسنها في بضعة أشهر.
فإذا أردت أن تكتسب لغة ما أو أن تجيدها وتعلم خواصها فداوم على الاستماع إليها قدر المستطاع لتستقر قواعدها وظواهرها الأساسية في الذهن وتكمن فيه، ثم تفعلها بالنطق بها ، فيأتي النطق موافقا لما سمعت واستقر في ذهنك.
واللغة وسيلة الفكر وقالبه وصورته فيها، بل هي الوجه الظاهر للعقل، بلصفاء اللسان ونقاؤه وترتيبه، يعني صفاء الفكر ونقاؤه وحسن ترتبه
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
بعد االطالع على األوراق وسماع التقرير الذي تاله السيد القاضي المقرر / .. القاضي بالمحكمة والمرافعة، ...
الدرس الأول في الأدب : العصر المملوكي ) س 1: ضع علامة ( ) أو علامة ( x ) أمام ما يناسبهما : ازدهرت...
Nowadays, magnetic resonance imaging (MRI) is a useful diagnostic tool for evaluating mediastinal ma...
المقدمة أما بعد: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه. من شرح الله صدر...
يشكل مبدأ عدم الإفلات من العقاب أحد أبرز المفاهيم القانونية التي اكتسبت أهمية متزايدة في مجال القانو...
يتعين على أساتذة الهندسة في كافة المستويات، من التعليم الجامعي إلى الدراسات العليا، أن يقوموا بخطوات...
سادساً: التخطيط في الخدمة الاجتماعية: يعتبر التخطيط ذو أهمية كبيرة في جميع المجتمعات في الوقت الحالي...
المجتمع عبر العصور في ألمانيا الشرقية والغربية الهجرة وتغير المجتمع 1955: تم توقيع أول اتفاقية توظ...
عرفها القاموس الفرنسيla rousse بأنها المؤسسات الشابة المبتكرة لا سيما في قطاع التكنولوجيات الحديثة ...
بالتأكيد، سأقدم لك بحثًا شاملاً ودقيقًا حول خاصية "احتضان المعرفة وتمثيلها (Knowledge Acquisition an...
Let us enjoy reading this story of The Farmer and The Sparrows. Maniappa was a farmer. He worked fr...
تُعد القدرة على اتخاذ القرار من المهارات الإدارية الأساسية التي لا غنى عنها في قيادة المؤسسات. فمدير...