Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (Using the clustering technique)

ولهذا خاطب القرآن الكريم في المقطع الثاني والمقطع الثالث المجتمع البشري في مراحل متعددة وذكرهم بأن الله قد جعلهم خلائف في الأرض،
خط الخلافة وركائزه العامة
ان الله سبحانه وتعالى شرف الإنسان بالخلافة على الأرض،
كذلك تحدث عن تحمل الإنسان لأعباء هذه الخلافة بوصفها أمانة عظيمة ينوء الكون كله بحملها .
إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ فَأَبَينَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا والإيمان بسيد واحد ومالك واحد للكون وكل ما فيه،
« لا إله إلا الله » : ( صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) (۱) .
يَا صَاحِبَي السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ ) (٢).
ثانياً : إقامة العلاقات الاجتماعية على أساس العبودية المخلصة الله ،
وتحرير الإنسان من عبودية الأسماء التي تمثل ألوان الاستغلال والجهل
والطاغوت : ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا ) (۳).
فمن الطبيعي أن يكونوا إخوة متكافئين في الكرامة الإنسانية والحقوق كأسنان المشط على ما عبر الرسول الأعظم (4).
جهاداً : ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ) (٥).
رابعاً : أن الخلافة استثمان ولهذا عبر القرآن الكريم عنها في المقطع
والأمانة تفترض المسؤولية والإحساس بالواجب : إذ بدون وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) (۱).
من المقاطع القرآنية المتقدمة (۲) المرتبطة بالخلافة.
وهذا يعطي مفهوم الإسلام الأساسي عن الخلافة،
وقيادة الكون وإعماره اجتماعياً وطبيعياً،
الجماعة البشرية حكم نفسها بوصفها خليفة عن الله .
تعني : أولاً : انتماء الجماعة البشرية إلى محور واحد وهو المستخلف - أي الله سبحانه وتعالى - الذي استخلفها على الأرض بدلاً عن كل الانتماءات الأخرىإدراك الكائن أنه مسؤول لا يمكن أن ينهض بأعباء الأمانة أو يختار لممارسة
دور الخلافة : ( إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) (۱).
والمسؤولية علاقة ذات حدين :
ولهذا فهي غير مخولة أن تحكم بهواها أو باجتهادها المنفصل عن توجيه الله سبحانه وتعالى : لأن هذا يتنافى مع طبيعة الاستخلاف،
وبهذا تتميز خلافة الجماعة بمفهومها القرآني والإسلامي عن حكم الجماعة
شيء ولو كان هذا الشيء مخالفاً لمصلحتها ولكرامتها عموماً،
جزء من الجماعة وكرامته ما دام هذا الجزء قد تنازل عن مصلحته وكرامته .
وعلى العكس من ذلك حكم الجماعة القائم على أساس الاستخلاف،
بالظلم وتستسيغ السكوت عن الطغيان بأنها ظالمة لنفسها»،
عن هذا الظلم ومطالبة برفضه بأي شكل من الأشكال ولو بالهجرة والانفصال إذا
قال الله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرض قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوِيَهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (۱).
الأرض وبإمكانه أن يفسد أيضاً،
وأكبر الظن أن هذه الحقيقة هي التي أثارت في نفوس الملائكة المخاوف من مصير هذه الخلافة وإمكانية انحرافها عن الطريق السوي الى طريق الفساد وسفك الدماء : لأن صلاح المسيرة البشرية لما كان مرتبطاً بإرادة هذا الإنسان الخليفة ولم يكن مضموناً بقانون قاهر كما هي الحالة في كل مجالات الطبيعة - فمن المتوقع أن تجد إمكانية الإفساد والشر مجالاً لها في الممارسة البشرية على أشكالها المختلفة.
ومن هنا قدموا أنفسهم كبديل عن الخليفة الجديد،
فبدلاً عن الرعاية من خلال قانون طبيعي لا يتخلف كما ترعى حركات الكواكب ومسيرة كل ذرة في الكون - يتولى الله سبحانه وتعالى تربية هذا الخليفة وتعليمه لكي يصنع الإنسان قدره ومصيره،
وجوده على ضوء هدى وكتاب منير .
وأثبت للملائكة - من خلال المقارنة بينه وبينهم - أن هذا الكائن الحرّ الذي اجتباه للخلافة قابل للتعليم والتنمية الربانية،
إن الملائكة لاحظوا خط الخلافة بصورة منفصلة عن الخط المكمل له بالضرورة،
والآخر خط الشهادة الذي يجسده شهيد رباني يحمل الى الناس هدى الله ويعمل من أجل تحصينهم من الانحراف،
مِنِّي هُدى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (۱).
ما هو الهدف المرسوم الخلافة الإنسان على الأرض ؟ وفي أي اتجاه يجب
أن تسير هذه الخلافة في ممارستها الدائبة ؟ ومتى تحقق هدفها وتستنفد غرضها ؟
إن الخلافة الربانية للجماعة البشرية وفقاً لركائزها المتقدمة تقضي بطبيعتها
فصفات الله تعالى وأخلاقه - من : العدل والعلم والقدرة والرحمة بالمستضعفين والانتقام من الجبارين والجود الذي لا حد له - هي مؤشرات للسلوك في مجتمع الخلافة وأهداف للإنسان الخليفة،
ولما كانت هذه القيم على المستوى الإلهي مطلقة ولا حد لها،
إنسانياً في حركة مستمرة نحو المطلق وسير حثيث إلى الله .
ولم يكن من الصدفة أن يوضع العدل أصلاً ثانياً من أصول الدين ويميز عن
كما أشرنا في حلقة سابقة (۳) - وذلك لأن العدل في المسيرة وقيامها على أساس القسط هو الشرط الأساسي لنمو كل القيم الخيرة الأخرى،
المناخ الضروري لتحرك تلك القيم وبروز الإمكانات الخيرة.
فالخلافة إذن حركة دائبة نحو قيم الخير والعدل والقوة،
لا توقف فيها : لأنها متجهة نحو المطلق،
سوى الله سبحانه وتعالى - سوف يكون هدفاً محدوداً،
الحركة ويوقف عملية النمو في خلافة الإنسان.
وعلى الجماعة التي تتحمل مسؤولية الخلافة أن توفر لهذه الحركة الدائبة
و تصوغ العلاقات الاجتماعية على أساس الركائز المتقدمة للخلافة الربانية


Original text

من كل عناصر الكون بأنه خليفة الله على الأرض، وبهذه الخلافة استحق أن تسجد له الملائكة، وتدين له بالطاعة كل قوى الكون المنظور وغير المنظور. والخلافة التي تتحدث عنها الآيات الشريفة المذكورة ليست استخلافاً لشخص آدم ، بل للجنس البشري كله ؛ لأن من يفسد في الأرض ويسفك الدماء - وفقاً لمخاوف الملائكة - ليس آدم بالذات، بل الآدمية والإنسانية على امتدادها التأريخي. فالخلافة إذن قد أعطيت للإنسانية على الأرض؛ ولهذا خاطب القرآن الكريم في المقطع الثاني والمقطع الثالث المجتمع البشري في مراحل متعددة وذكرهم بأن الله قد جعلهم خلائف في الأرض، وكان آدم هو الممثل الأول لها بوصفه الإنسان الأول الذي تسلّم هذه الخلافة وحظي بهذا


خط الخلافة وركائزه العامة


ان الله سبحانه وتعالى شرف الإنسان بالخلافة على الأرض، فكان الإنسان


الشرف الرباني، فسجدت له الملائكة ودانت له قوى الأرض. وكما تحدث القرآن الكريم عن عملية الاستخلاف من جانب الله تعالى


كذلك تحدث عن تحمل الإنسان لأعباء هذه الخلافة بوصفها أمانة عظيمة ينوء الكون كله بحملها . قال الله سبحانه وتعالى :


إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ فَأَبَينَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا والإيمان بسيد واحد ومالك واحد للكون وكل ما فيه، وهذا هو التوحيد الخالص الذي قام على أساسه الإسلام وحملت لواءه كل ثورات الأنبياء تحت شعار


« لا إله إلا الله » : ( صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) (۱) .


يَا صَاحِبَي السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ ) (٢).


ثانياً : إقامة العلاقات الاجتماعية على أساس العبودية المخلصة الله ،


وتحرير الإنسان من عبودية الأسماء التي تمثل ألوان الاستغلال والجهل


والطاغوت : ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا ) (۳).


ثالثاً : تجسيد روح الأخوة العامة في كل العلاقات الاجتماعية بعد مسحو ألوان الاستغلال والتسلّط . فما دام الله سبحانه وتعالى واحداً ولا سيادة إلا له والناس جميعاً عباده ومتساوون بالنسبة إليه، فمن الطبيعي أن يكونوا إخوة متكافئين في الكرامة الإنسانية والحقوق كأسنان المشط على ما عبر الرسول الأعظم (4). ولا تفاضل ولا تمييز في الحقوق الإنسانية، ولا يقوم التفاضل في مقاييس الكرامة عند الله تعالى إلا على أساس العمل الصالح تقوى أو علماً أو


جهاداً : ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ) (٥).


رابعاً : أن الخلافة استثمان ولهذا عبر القرآن الكريم عنها في المقطع


الأخير (1) بالأمانة. والأمانة تفترض المسؤولية والإحساس بالواجب : إذ بدون وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) (۱). واستخلاف الله تعالى خليفة في الأرض لا يعني استخلافه على الأرض فحسب، بل يشمل هذا الاستخلاف كل ما للمستخلف سبحانه وتعالى من أشياء تعود إليه. والله هو رب الأرض وخيرات الأرض، ورب الإنسان والحيوان وكل دابة تنتشر في أرجاء الكون الفسيح، وهذا يعني أن خليفة الله في الأرض مستخلف على كل هذه الأشياء. ومن هنا كانت الخلافة في القرآن أساساً للحكم، وكان الحكم بين الناس متفرّعاً على جعل الخلافة، كما يلاحظ في المقطع الرابع


من المقاطع القرآنية المتقدمة (۲) المرتبطة بالخلافة.


ولما كانت الجماعة البشرية هي التي منحت - ممثلة في آدم - هذه الخلافة ، فهي إذن المكلفة برعاية الكون وتدبير أمر الإنسان، والسير بالبشرية في الطريق


المرسوم للخلافة الربانية.


وهذا يعطي مفهوم الإسلام الأساسي عن الخلافة، وهو : أن الله سبحانه


وتعالى أناب الجماعة البشرية في الحكم، وقيادة الكون وإعماره اجتماعياً وطبيعياً، وعلى هذا الأساس تقوم نظرية حكم الناس لأنفسهم وشرعية ممارسة


الجماعة البشرية حكم نفسها بوصفها خليفة عن الله . وعملية الاستخلاف الرباني للجماعة على الأرض بهذا المفهوم الواسع


تعني : أولاً : انتماء الجماعة البشرية إلى محور واحد وهو المستخلف - أي الله سبحانه وتعالى - الذي استخلفها على الأرض بدلاً عن كل الانتماءات الأخرىإدراك الكائن أنه مسؤول لا يمكن أن ينهض بأعباء الأمانة أو يختار لممارسة


دور الخلافة : ( إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) (۱).


والمسؤولية علاقة ذات حدين :


فهي من ناحية تعني الارتباط والتقيد، فالجماعة البشرية التي تتحمل مسؤوليات الخلافة على الأرض إنما تمارس هذا الدور بوصفها خليفة عن الله ، ولهذا فهي غير مخولة أن تحكم بهواها أو باجتهادها المنفصل عن توجيه الله سبحانه وتعالى : لأن هذا يتنافى مع طبيعة الاستخلاف، وإنما تحكم بالحق وتؤدي الى الله تعالى أمانته بتطبيق أحكامه على عباده وبلاده.


وبهذا تتميز خلافة الجماعة بمفهومها القرآني والإسلامي عن حكم الجماعة


في الأنظمة الديمقراطية الغربية، فإنّ الجماعة في هذه الأنظمة هي صاحبة


السيادة، ولا تنوب عن الله في ممارستها، ويترتب على ذلك أنها ليست مسؤولة


بين يدي أحد ، وغير ملزمة بمقياس موضوعي في الحكم، بل يكفي أن تتفق على


شيء ولو كان هذا الشيء مخالفاً لمصلحتها ولكرامتها عموماً، أو مخالفاً لمصلحة


جزء من الجماعة وكرامته ما دام هذا الجزء قد تنازل عن مصلحته وكرامته .


وعلى العكس من ذلك حكم الجماعة القائم على أساس الاستخلاف، فإنه


حكم مسؤول، والجماعة فيه ملزمة بتطبيق الحق والعدل، ورفض الظلم والطغيان


وليست مخيرة بين هذا وذاك، حتى إن القرآن الكريم يسمي الجماعة التي تقبل


بالظلم وتستسيغ السكوت عن الطغيان بأنها ظالمة لنفسها»، ويعتبرها مسؤولة


عن هذا الظلم ومطالبة برفضه بأي شكل من الأشكال ولو بالهجرة والانفصال إذا


تعذر التغيير ، قال الله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرض قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوِيَهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (۱). وتعني المسؤولية من ناحية أخرى أن الإنسان كائن حرّ ؛ إذ بدون الاختيار والحرية لا معنى للمسؤولية، ومن أجل ذلك كان بالإمكان أن يستنتج من جعل الله خليفة على الأرض أنه يجعل الكائن الحرّ المختار ، الذي بإمكانه أن يصلح في


الأرض وبإمكانه أن يفسد أيضاً، وبإرادته واختياره يحدد ما يحققه من هذه


الإمكانات : ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) (٢). وأكبر الظن أن هذه الحقيقة هي التي أثارت في نفوس الملائكة المخاوف من مصير هذه الخلافة وإمكانية انحرافها عن الطريق السوي الى طريق الفساد وسفك الدماء : لأن صلاح المسيرة البشرية لما كان مرتبطاً بإرادة هذا الإنسان الخليفة ولم يكن مضموناً بقانون قاهر كما هي الحالة في كل مجالات الطبيعة - فمن المتوقع أن تجد إمكانية الإفساد والشر مجالاً لها في الممارسة البشرية على أشكالها المختلفة. وكأن الملائكة هالهم أن توجد لأول مرة طاقة محايدة يتعادل فيها الخير والشر ولا تضبط وفقاً للقوانين الطبيعية والكونية الصارمة التي تسير الكون بالحكمة والتدبير، وفضلوا على ذلك الكائن الذي يولد ناجزاً مصمماً لا فراغ في سلوكه، تتحكم فيه باستمرار قوانين الكون كما تتحكم في الظواهر


الطبيعية .


ومن هنا قدموا أنفسهم كبديل عن الخليفة الجديد، ولكن فاتهم أن الكائن


الحر الذي جعله الله تعالى خليفة في الأرض لا تعني حريته إهمال الله تعالى له . بل تغيير شكل الرعاية، فبدلاً عن الرعاية من خلال قانون طبيعي لا يتخلف كما ترعى حركات الكواكب ومسيرة كل ذرة في الكون - يتولى الله سبحانه وتعالى تربية هذا الخليفة وتعليمه لكي يصنع الإنسان قدره ومصيره، وينمي


وجوده على ضوء هدى وكتاب منير .


ومن هنا علم الله تعالى آدم الأسماء كلها ، وأثبت للملائكة - من خلال المقارنة بينه وبينهم - أن هذا الكائن الحرّ الذي اجتباه للخلافة قابل للتعليم والتنمية الربانية، وأن الله تعالى قد وضع له قانون تكامله من خلال خط آخر يجب أن يسير الى جانب خط الخلافة، وهو خط الشهادة الذي يمثل القيادة


الربانية والتوجيه الرباني على الأرض. إن الملائكة لاحظوا خط الخلافة بصورة منفصلة عن الخط المكمل له بالضرورة، فثارت مخاوفهم. وأما الخطة الربانية فكانت قد وضعت خطين جنباً


الى جنب : أحدهما خط الخلافة، والآخر خط الشهادة الذي يجسده شهيد رباني يحمل الى الناس هدى الله ويعمل من أجل تحصينهم من الانحراف، وهو الخط الذي أشار إليه القرآن الكريم في قوله : ( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ


مِنِّي هُدى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (۱).


مسار الخلافة على الأرض:


ما هو الهدف المرسوم الخلافة الإنسان على الأرض ؟ وفي أي اتجاه يجب


أن تسير هذه الخلافة في ممارستها الدائبة ؟ ومتى تحقق هدفها وتستنفد غرضها ؟


إن الخلافة الربانية للجماعة البشرية وفقاً لركائزها المتقدمة تقضي بطبيعتها
على كل العوائق المصطنعة والقيود التي تجمد الطاقات البشرية وتهدر إمكانات الإنسان، وبهذا تصبح فرص النمو متوفرة توفّراً حقيقياً. والنمو الحقيقي في مفهوم الإسلام أن يحقق الإنسان - الخليفة على الأرض - في ذاته تلك القيم التي يؤمن بتوحدها جميعاً في الله عز وجل الذي استخلفه واسترعاه أمر الكون . فصفات الله تعالى وأخلاقه - من : العدل والعلم والقدرة والرحمة بالمستضعفين والانتقام من الجبارين والجود الذي لا حد له - هي مؤشرات للسلوك في مجتمع الخلافة وأهداف للإنسان الخليفة، فقد جاء في الحديث : « تشبهوا بأخلاق الله ) .


ولما كانت هذه القيم على المستوى الإلهي مطلقة ولا حد لها، وكان الإنسان الخليفة كائناً محدوداً فمن الطبيعي أن تتجسد عملية تحقيق تلك القيم


إنسانياً في حركة مستمرة نحو المطلق وسير حثيث إلى الله . وكلما استطاع الإنسان من خلال حركته أن يتصاعد في تحقيق تلك المثل


ويجسد في حياته بصورة أكبر فأكبر عدالة الله وعلمه وقدرته ورحمته وجوده ورفضه للظلم والجبروت، سجل بذلك انتصاراً في مقاييس الخلافة الربانية واقترب نحو الله في مسيرته الطويلة التي لا تنتهي إلا بانتهاء شوط الخلافة على الأرض : ( يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ ) (٢).


ولم يكن من الصدفة أن يوضع العدل أصلاً ثانياً من أصول الدين ويميز عن


سائر صفات الله تعالى بذلك، وإنما كان تأكيداً على أهم صفات الله تعالى في مدلوله العملي ودوره في توجيه المسيرة الإنسانية ، كما أشرنا في حلقة سابقة (۳) - وذلك لأن العدل في المسيرة وقيامها على أساس القسط هو الشرط الأساسي لنمو كل القيم الخيرة الأخرى، وبدون العدل والقسط يفقد المجتمع


المناخ الضروري لتحرك تلك القيم وبروز الإمكانات الخيرة.


فالخلافة إذن حركة دائبة نحو قيم الخير والعدل والقوة، وهي حركة


لا توقف فيها : لأنها متجهة نحو المطلق، وأي هدف آخر للحركة سوى المطلق


سوى الله سبحانه وتعالى - سوف يكون هدفاً محدوداً، وبالتالي سوف يجمد


الحركة ويوقف عملية النمو في خلافة الإنسان.


وعلى الجماعة التي تتحمل مسؤولية الخلافة أن توفر لهذه الحركة الدائبة


نحو هدفها المطلق الكبير كل الشروط الموضوعية، وتحقق لها مناخها اللازم.


و تصوغ العلاقات الاجتماعية على أساس الركائز المتقدمة للخلافة الربانية


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

فينبغي ملاحظة أ...

فينبغي ملاحظة أن كل مال من الأموال الربوية المذكورة في الحديث السابق يمثل جنساً فالذهب جنس والفضة جن...

أكبر مخاطر الأم...

أكبر مخاطر الأمان التي تؤدي إلى خروقات البيانات السحابية هي إعدادات الأمان السحابية التي تم تكوينها ...

1- Diagnosis of...

1- Diagnosis of Kidney Disorders: It helps in diagnosing various kidney disorders such as kidney sto...

19:00 G PDF ت...

19:00 G PDF تعريف الاختبار File Annotate Pages Find Save as Save Print Share جامعة الجزائ...

Hypothesis 1 (H...

Hypothesis 1 (H₁): There is a great interference of the mother culture in student verbal language p...

الطيور من أجمل ...

الطيور من أجمل مخلوقات الله على وجه الأرض، وأكثرها انتشارا في معظم مناطق العالم شمالا وجنوبا وشرقا و...

أولا: التعريف ا...

أولا: التعريف التسويقي للثقافة يعرف Kotler الثقافة على أنها مجموعة القيم الرئيسية والمعتقدات والرغب...

Energy can also...

Energy can also be transferred from one object to another without changing its form. For example, wh...

The Emergency D...

The Emergency Department (ED) of a hospital serves as the primary point of access for patients requi...

التأمين أنواع و...

التأمين أنواع وأحكام التمهيد: نبذة عن نشأة التامين : التأمين أول ما نشأ في الغرب ومن أسباب نشأته إحج...

إن الخدمة تقدم ...

إن الخدمة تقدم من خالل استخدام السلع الداعمة والخدمات التكميلية و أن إجراءات تقديم الخدمة واألنشطة ...

ولكن هل تقبل شه...

ولكن هل تقبل شهادة المرأة الواحدة في الرضاع؟. ذهب البعض إلى قبول شهادة المرأة الواحدة وعلى الأخص الم...