Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

حين نبحث في المعنى اللغوي لكلمة (نقد) واشتقاقها وتطورها ونبين وظيفة النقد
وعرفت معدنها الأصيل. والمثالب. وما يستدعي ذلك من خبرة وفهم وموازنة ثم حكم. أما في العصر الحديث فإن النقد لم يعد يكفيه الوقوف عند التمييز بين الجيد والرديء من النصوص والآثار والأعمال الأدبية والفنية, فقد صار علماً تتجاوز دراسته الأسلوب بمعناه اللغوي إلى التعرف على منحى الكاتب وطريقته في التأليف والتفكير والإحساس, كذلك التعرف على الصلة بين الأدب ومادته وموروثه وبين الأدب وإيدلوجيات العصر, والحاضر. والنقد الأدبي بمعناه الواسع: تقويم الأعمال الأدبية بالوصف والتحليل والتفسير
إن الحديث عن الأدب يتضمن فكرة تعدد وجهات النظر وتحاورها وتجادلها, إن النقد الأدبي يوفر الإمكانات اللازمة للحديث عن الأدب فضلا عن توفير تلك التعددية من الآراء ووجهات النظر التي تؤلف الحديث ذاته. بما للأدب من
فإن النقد نقد لهذا النقد أو تفسير لهذا النقد, -2-
و( النقد هو إبداع آخر للنص )
وثمرة النقد تقويم العمل الأدبي في ضوء أجناسه الأدبية وتطورها العالمي . ويقوم جوهر النقد الأدبي على: أ -( الكشف عن جوانب النضج الفني في العمل الأدبي )
فكل كاتب كبير هو ناقد بالفعل . للنقد صلة وثيقة بالعلوم التي تدرس نشاط الإنسان. وبخاصة الفلسفة. كما يستعين بعلوم اللغة وبما للكلمات من جرس ودلالة. كما يستعين بعلوم الأصوات والدلالة في معناها الحديث وبعلوم التركيب, إلى مجالات فلسفية وجمالية. فكبار الناقدين متأثرون في نقدهم بمن سبقهم من النقاد ( فنجد في إنتاجهم الأصالة والتأثر بمن سواهم)
-3-
والنقد الأدبي في نظرياته مرنا تتغير اعتباراته من جنس أدبي إلى آخر بل ومن مسرحية إلى أخرى ومن قصيدة إلى أخرى . والخطر في النقد هو الوقوف عند حدود نظرية واحدة ). وكل أديب يضيف شيئاً إلى تراث أمته وأدب كل أمة جزء من الأدب العالمي فالآثار الأدبية تؤلف وحدة عامة يجب أن يقاس النتاج الأدبي الحديث بنسبته لها و(الأدب الحديث لا يقوم على أساس الأدب القومي في ماضية فحسب . ٣-التوجيه. و تكون أهمية التفسير محاولة للتسهيل على القارئ العادي. التفسير, والتفسير لا يقف عند التفسير الموضوعي للأعمال الأدبية بل يمتد للدراسات
٢- التقويم: وهذه الوظيفة تثير جدلا في أسسها وطريقة تحقيقها فيرى بعض النقاد أن تقويم العمل الأدبي من داخل العمل ذاته وليس للناقد تقويم في ذلك. فالتقويم يصف مقدار ما وفقت إليه الأعمال الأدبية من تحقيق لشروط النجاح والجودة. فيكون تحويل
فأصبحت من مهماته الكشف
عما يخفيه الأديب عن الأنظار من غايات مكنونة, خاصة وأن الأدب أصبحت له مذاهب متعددة وصلات بالعلوم والمعارف العلمية والنفسية الحديثة, -4-
النصوص والمعارف والعلوم ليتعرف على صلتها وتأثيرها على الأعمال الأدبية وعلى مبدعيها. كما أن النقد معلم من معالم الرقي المعرفي والعلمي والحضاري للأمم. إ ّن ثقافة الناقد عرفها علماء العرب قديما إلى ثلاثة ملكات : ١- ملكة منتجة : و تكونوا في ال ُكتّاب و الشعراء و الخطباء. ٣- ملكة متذوقة : تدرك بنفسها أو بوساطة الناقد ما في النصوص من حسن وجمال. كذلك عرفوا أن الناقد لابد أن يكون ذا طبع موهوب حتى يستطيع أن يبين للناس
و لم يقتصر علماء العرب على الاعتداد بالطبع و الذكاء وحدهما بل رأوا
ومن الشروط التي يجب توفرها في الناقد الأدبي:
3- معرفته بلغة أجنبية واحدة أو أكثر ومتابعة الحركة النقدية والاتجاهات الجديدة؛ حتى يتسنى له الاطلاع على ما أبدعته الأمم الأخرى في مجال الأدب والثقافة. 4- الاطلاع الواسع على المعارف والعلوم التي ارتقت إليها الأمم في العصر
الحديث من علم النفس والاجتماع والإنسان والاقتصاد والمذاهب وغيرها. يؤ ّرخ النقد الغربي في أوائل القرن السابع عشر , ويرى بعضهم أنه في أواخر القرن السادس عشر كالأفلاطونية والرواقية وقد ابتُكر بهدف تحاشي التماثل اللفظي الذي ظهر بفعل عدم القدرة على التمييز باللغة الانجليزية بين كلمة "ناقد" وكلمة "نتائج نقدي" وفي عام ١٦٧٧م قال "درايدن" في مقدمة كتابه "حالة براءة" : بأن
ومع
أو رجل قضاء. أو الحكم أو اتخاذ القرار. إن اسم النقد الأدبي في القديم يمارسه الفلاسفة و البلاغيون, وقد تكلم أفلاطون في كتابه "الجمهورية" عن الشعر وعن الفروض النفسية والاجتماعية القائمة في أصله و مهمته من خلال نظرية "عالم المثل" . ثلاث خطوات. أما أرسطو فقد ج ّرد اتهامات أفلاطون من مغزاها وحولها إلى وجهة جديدة
واعتبر أن المحاكاة طبيعية عند الإنسان لا يمكن أن توصف بأنها رديئة في ذاتها , و المحاكاة قد تنتج شعرا تراجيديا أو فكاهيًا أو ملحميًّا و م ّيز كل هذه الأنواع ثم واجه التهمة بأن الشعر ينبّه العواطف فقال إنه يصرف العواطف, أما في العصور الوسطى فيبدو أن هذا المصطلح لم َي ِرد إ ّلا مصطل ًحا طبيًّا (بمعنى
غير أن تغلغل المصطلح في اللهجات المحلية ظل بطيئا جدا. لقد سار تط ّور المفردة في المدة بين العصر الكلاسيكي وعصر النهضة بين مجالين مختلفين فأُعيدت دراسة الأعمال الأدبية و ظل النقد معنيًّا بتحقيق النصوص و إعادة و تصحيح ما تلف منها ؛ فظهرت كتب تشرح النظرية و توسع مفهوم النقد حتى وصلت إلى معنى الفهم والحكم. -6-
لذا ازداد الاهتمام بنظرية النقد في انجلترا و فرنسا بعد الاهتمام
إذ يُج ّرد النقد من أي قيمة حكميّة , بل يحتويهما . النقد الأدبي العربي: نظرة تأريخية:
الوقت نفسه. لكن هذا النقد لم يصل أيام الجاهلية إلى
نجده في كتب التراث ما يحكي عن القبة الحمراء التي كانت تضرب للنابغة الذبياني في سوق
عند أنشده الأعشى مرة, التي أنشدته قصيدتها في رثاء أخيها (صخر) التي منها:
فإنها تعبر بصورة عامة عن روح النقد الذي كان
سائداً في العصر الجاهلي والقائم على الانفعال والتأثر المباشر والسريع بوقع الكلام. وهنا لابد من طرح سؤال مهم هو لماذا لم يصل النقد العربي في هذه الحقبة إلى مستوى
الشعر مثلما حدث عند اليونان؟ لقد قامت مدارس النقد الحديث في أوروبا على أساس مذهب
الحركة النقدية إلى التطور في القرن الهجري الثاني وذلك بفعل النضج الثقافي والأدبي الكبير
عمر بن العلاء. وغيرهم. وحاول أن يضع قواعد وأصولاً للنقد لم تخرج في الغالب عن حدود النهج
وابن
يذكر طبقات الإسلاميين العشر جاعلاً في كل طبقة أربعة من الشعراء. يقول طه أحمد
ويظل ابن
وأوضح من الدلائل وبي َن
وصورة
للأذواق المختلفة, " (3) أما كتاب ابن قتيبة (الشعر
وللخصومة بين القدماء والمحدثين, لم يبتدئ أحد مرثيةً

على الرغم من ذلك لم يصل النص
إلى مستوى النص الإبداعي المتمثل خاصة
في النص الشعري. هذه هي الصورة التي توقف عندها النقد العربي في القرن الهجري الخامس قبل أن يدخل
استيقظ العقل العربي على عامل تغيرت فيه موازين القوى بعد أن أصبحت أوربة سيدة
-8-
العامل دون منازع. أركان المجتمع العربي الغارق في سباته. وكان على الفكر العربي أن يعيد بناء ما تهدم في
كل المجالات. وكانت الخطوات الأولى والأهم هي إعادة بناء البنية الثقافية والفكرية لأنها
منطلق الدخول في العالم الحديث. لكن السؤال الذي واجهه جيل الرواد: هو على أي أسس
أما التيار الأول فقد قدم طروحات تتعلق ببناء مشروع
عن التيارات النقدية الغربية ومتواشج مع التراث النقدي العربي
القديم. وجرجي زيدان في (تاريخ آداب اللغة العربي). المرصفي لوجدناه يقسم الشعراء إلى ثلاث طبقات وذلك وفق العصور التاريخية. وضع في
وفي
الطبقة الثانية وضع الشعراء المحدثين الذين كانوا يحرصون على موافقة العرب ويجتهدون


Original text

يف النقد الأدبي:
حين نبحث في المعنى اللغوي لكلمة (نقد) واشتقاقها وتطورها ونبين وظيفة النقد
وطبيعته, فإننا نجيب على السؤال التالي: ما هو النقد؟
لكلمة (نقد) وتناقد وانتقاد دلالات لغوية كثيرة منها: نقدت الدراهم وانتقدتها: أي أخرجت الزائف منها, وعرفت معدنها الأصيل. وكلمة (نقد) تأتي بمعنى الضرب, يقال: نقدت رأسه بأصبعي: إذا ضربته... وغيرها من المعاني.
وقد شاعت في كلمة (نقد) في مرحلة من مراحل تاريخ النقد بمعنى: تتبع العيوب
والمثالب. أما المعنى الذي يجمع عليه أكثر النقاد القدامى هو المعنى الذي يشير إلى التمييز بين الجيد والرديء, وما يستدعي ذلك من خبرة وفهم وموازنة ثم حكم.
أما في العصر الحديث فإن النقد لم يعد يكفيه الوقوف عند التمييز بين الجيد والرديء من النصوص والآثار والأعمال الأدبية والفنية, فقد صار علماً تتجاوز دراسته الأسلوب بمعناه اللغوي إلى التعرف على منحى الكاتب وطريقته في التأليف والتفكير والإحساس, كذلك التعرف على الصلة بين الأدب ومادته وموروثه وبين الأدب وإيدلوجيات العصر, والأدب وحياة الفنان وعلاقته بالمجتمع في الماضي
والحاضر. والنقد الأدبي بمعناه الواسع: تقويم الأعمال الأدبية بالوصف والتحليل والتفسير
ومناقشة مبادئ ونظرية وجماليات الأدب. إن الحديث عن الأدب يتضمن فكرة تعدد وجهات النظر وتحاورها وتجادلها,
فالنقد حوار أو مناقشة أو جدال و من طبيعة العملية الجدلية أن تكون هناك آراء مختلفة يتم الجدال حولها بحرارة ويقابل بعضها بع ًضا .
إن النقد الأدبي يوفر الإمكانات اللازمة للحديث عن الأدب فضلا عن توفير تلك التعددية من الآراء ووجهات النظر التي تؤلف الحديث ذاته. كما أن النقد الأدبي يساعد على تدريب وإرشاد واستثارة الأفراد المبدعين (ال ُكتَّاب) كما أنه يق ّدم إضافات جديدة تكون أسا ًسا لاستمرار الحديث النقدي أو الحوار بين مكونات الخطاب ( المبدع -
النص - المتلقّي ) (المرسل- الرسالة- المرسل إليه). وإذا كان الأدب تصويرا للحياة الإنسانية والطبيعية ونقدا لها؛ بما للأدب من
أدوات ووسائل تختلف عن العالم والحفي والمؤرخ, فإن النقد نقد لهذا النقد أو تفسير لهذا النقد, وبه يكتمل العمل الإبداعي.
المفهوم الحديث للنقد :
-2-
أخطر ما يتعرض له مفهوم النقد الحديث عندنا هو الفصل بين النقد بوصفه علماً من العلوم الإنسانية له نظرياته وأسسه . وبين النقد من حيث التطبيق . و( النقد هو إبداع آخر للنص )
وثمرة النقد تقويم العمل الأدبي في ضوء أجناسه الأدبية وتطورها العالمي . ويقوم جوهر النقد الأدبي على: أ -( الكشف عن جوانب النضج الفني في العمل الأدبي )
ب- ( الحكم العام على تلك الجوانب ) - وأقدم صورة للنقد الأدبي هي نقد الكاتب أو الشاعر لما ينتجه معتمداً في ذلك على المران والدربة وسعة الاطلاع . فكل كاتب كبير هو ناقد بالفعل .
وغالباً ما يكون النقد بمفهومه الحديث لاحقاً للنتاج الأدبي لأنه تقويم لشيء سبق وجوده. ولكن النقد الخالق قد يدعو لنتاج جديد .
اتصال النقد بالعلوم الإنسانية
للنقد صلة وثيقة بالعلوم التي تدرس نشاط الإنسان. كالفلسفة والتاريخ وعلوم اللغة والاجتماع وعلم النفس, وقد تقدم النقد بتقدم تلك العلوم. وبخاصة الفلسفة. كما يستعين بعلوم اللغة وبما للكلمات من جرس ودلالة. كما يستعين بعلوم الأصوات والدلالة في معناها الحديث وبعلوم التركيب, والأسلوب الحديثين ولكن الأدب يتجاوز هذه العلوم
إلى مجالات فلسفية وجمالية.
وعلينا ربط نظريات النقد بالعصر الذي قيلت فيه فالخلاف بين هذه النظريات ينير جوانب الموضوع ويوسع آفاق الباحثين .
فكبار الناقدين متأثرون في نقدهم بمن سبقهم من النقاد ( فنجد في إنتاجهم الأصالة والتأثر بمن سواهم)
ومبادئ النقد وقواعده ليست لها قوة القوانين ولا حتمية العلوم التجريبية ولكنها وسائل للتحليل والإحاطة بجوانب الموضوعات ولا يجب على الكاتب التزامها كما هي لأنها في تطور مستمر. فكلما وجدت مسائل جديدة في الأدب تبعتها مبادئ في النقد جديدة تعالجها وتقومها.
-3-
والنقد الأدبي في نظرياته مرنا تتغير اعتباراته من جنس أدبي إلى آخر بل ومن مسرحية إلى أخرى ومن قصيدة إلى أخرى . فالناقد يرجع إلى أسس فنية خاصة بكل جنس أدبي يتناوله الكاتب .
(والخطر في النقد هو الوقوف عند حدود نظرية واحدة ).
وكل أديب يضيف شيئاً إلى تراث أمته وأدب كل أمة جزء من الأدب العالمي فالآثار الأدبية تؤلف وحدة عامة يجب أن يقاس النتاج الأدبي الحديث بنسبته لها و(الأدب الحديث لا يقوم على أساس الأدب القومي في ماضية فحسب . بل يقوم أيضاً على أنه لبنة في ذلك البناء العالمي الشامخ ) والتيارات الفكرية في الأدب كالاختراعات الجديدة في العلم هي ميراث مشترك للإنسانية جمعاء .
وظيفة النقد الأدبي:
١- التفسير. ٢-التقويم. ٣-التوجيه.
١-التفسير : يكون أولا للعمل المنقود و ذلك لاستجلاء وإيضاح مصادره وأهدافه وخصائصه الفنية. و تكون أهمية التفسير محاولة للتسهيل على القارئ العادي. فالتفسير هو بيان للأعمال الأدبية وبيان لأصول فهمها, إذ ليست من مهمة المبدع
التفسير, بل مهمته تنتهي بانتهائه من عملية الإبداع. والتفسير لا يقف عند التفسير الموضوعي للأعمال الأدبية بل يمتد للدراسات
الأدبية و تاريخ الأدب ونظرياته . ٢- التقويم: وهذه الوظيفة تثير جدلا في أسسها وطريقة تحقيقها فيرى بعض النقاد أن تقويم العمل الأدبي من داخل العمل ذاته وليس للناقد تقويم في ذلك. فالتقويم يصف مقدار ما وفقت إليه الأعمال الأدبية من تحقيق لشروط النجاح والجودة.
3- التوجيه : العمل الأدبي لا يكون بمعزل عن النسيج الثقافي في الوسط الاجتماعي الذي قيل فيه النص وليس هناك أي نهايات للعلاقة بين الأدب والثقافة ولا يستطيع النقد الأدبي أن يعمل دون النظم الثقافية كالفلسفة و التاريخ و غيرها. فيكون تحويل
العمل الأدبي إلى حصيلة ثقافية عامة هو التوجيه المناسب. وقد تطورت وظيفة النقد الأدبي في العصر الحديث, فأصبحت من مهماته الكشف
عما يخفيه الأديب عن الأنظار من غايات مكنونة, خاصة وأن الأدب أصبحت له مذاهب متعددة وصلات بالعلوم والمعارف العلمية والنفسية الحديثة, وأصبح من الصعب التعرف على تلك الغايات بدون الاستعانة بالناقد البصير الذي يسبر أغوار
-4-
النصوص والمعارف والعلوم ليتعرف على صلتها وتأثيرها على الأعمال الأدبية وعلى مبدعيها. إن النقد هو عملية لاحقة للعملية الإبداعية وتابعة لها ووظيفته إيجابية ومكملة لوظيفة الأدب, كما أن النقد معلم من معالم الرقي المعرفي والعلمي والحضاري للأمم. إ ّن ثقافة الناقد عرفها علماء العرب قديما إلى ثلاثة ملكات : ١- ملكة منتجة : و تكونوا في ال ُكتّاب و الشعراء و الخطباء. ٢- ملكة ناقدة : وهي التي تستطيع أن تتبيّن مواضع الجمال في العمل الأدبي. ٣- ملكة متذوقة : تدرك بنفسها أو بوساطة الناقد ما في النصوص من حسن وجمال.
كذلك عرفوا أن الناقد لابد أن يكون ذا طبع موهوب حتى يستطيع أن يبين للناس
أسباب ما أدركه من جمال في الأعمال الأدبية. كما أكدوا أن الناقد بحاجة إلى قدر من الذكاء. و لم يقتصر علماء العرب على الاعتداد بالطبع و الذكاء وحدهما بل رأوا
ضرورة أن يضيف إلى ذلك ثقافة واسعة. ومن الشروط التي يجب توفرها في الناقد الأدبي:
1- الموهبة الفطرية الجديرة على اقتحام عالم الأدب وتذوقه وسبر أغوار النصوص واستخراج مكامن أسرار إبداعه وخصائصه.
2- معرفة دقيقة باللغة القومية والتراث الثقافي والحضاري للأمة التي ينتمي إليها العمل الأدبي المنقود.
3- معرفته بلغة أجنبية واحدة أو أكثر ومتابعة الحركة النقدية والاتجاهات الجديدة؛ حتى يتسنى له الاطلاع على ما أبدعته الأمم الأخرى في مجال الأدب والثقافة. 4- الاطلاع الواسع على المعارف والعلوم التي ارتقت إليها الأمم في العصر
الحديث من علم النفس والاجتماع والإنسان والاقتصاد والمذاهب وغيرها. 5- التوسع في النظر إلى العمل النقدي بحيث يشمل: الأديب والنص والمتلقي وما
يستدعيه من توازن وعدم طغيان جانب على آخر.
6- العدالة والنزاهة والحياد في إصدار الأحكام النقدية. والتجرد عن الميل في
الذوق الفردي والثقافة والعقيدة والحزب والأمة.
-5-
النقد الغربي: نظرة تأريخية:
يؤ ّرخ النقد الغربي في أوائل القرن السابع عشر , ويرى بعضهم أنه في أواخر القرن السادس عشر كالأفلاطونية والرواقية وقد ابتُكر بهدف تحاشي التماثل اللفظي الذي ظهر بفعل عدم القدرة على التمييز باللغة الانجليزية بين كلمة "ناقد" وكلمة "نتائج نقدي" وفي عام ١٦٧٧م قال "درايدن" في مقدمة كتابه "حالة براءة" : بأن
معنى النقد هو المعنى الذي أسسه "أرسطو" و يعني : ”مقيا ٌس للحكم الجيّد“.
وقد استق ّر هذا المصطلح نهائيًا في مقالة "بوب" في النقد ؛ سنة ١٧١١م . ومع
ذلك فقد استمر اًلخلط بين المصطلحات قائ ًما في القرن الثامن عشر , واشتقاق هذا المصطلح أساسا من الكلمة اليونانية " Krino " التي تعني " يُص ِد ُر ُحك ًما " ومن كلمة " Krites " التي تعني : قاضي ؛ أو رجل قضاء. أما كلمة Kritikos فقد وردت في اليونانية بمعنى: الذي يصدر حكما على الأدب, وهي التي تتصل بنشاط الفصل
أو الحكم أو اتخاذ القرار.
إن اسم النقد الأدبي في القديم يمارسه الفلاسفة و البلاغيون, مثل : أفلاطون الذي بدأ بالنقد الأدبي وأرسطو الذي مضى فيه ووسعه وعد رائداً فيه.
وقد تكلم أفلاطون في كتابه "الجمهورية" عن الشعر وعن الفروض النفسية والاجتماعية القائمة في أصله و مهمته من خلال نظرية "عالم المثل" . وأن العالم الدنيوي ليس إلا تقليداً له و يرى أن الشاعر حين يقلد هذا العالم يبتعد عن الحقيقة
ثلاث خطوات. أما أرسطو فقد ج ّرد اتهامات أفلاطون من مغزاها وحولها إلى وجهة جديدة
واعتبر أن المحاكاة طبيعية عند الإنسان لا يمكن أن توصف بأنها رديئة في ذاتها , و المحاكاة قد تنتج شعرا تراجيديا أو فكاهيًا أو ملحميًّا و م ّيز كل هذه الأنواع ثم واجه التهمة بأن الشعر ينبّه العواطف فقال إنه يصرف العواطف, أي يجد لها متنفسا ومخرجا وهذا هو التطهير بإثارة عاطفتي الخوف والشفقة فتهيئ مسرباً للاضطراب العاطفي وتحقق الرضا الجمالي في النفس وتبعث على الراحة والهدوء, ولعل ذلك
هو المقصود بالتطهير.
أما في العصور الوسطى فيبدو أن هذا المصطلح لم َي ِرد إ ّلا مصطل ًحا طبيًّا (بمعنى
: خطير) وقد أُح َيي المعنى القديم في عصر النهضة ووجدت دعوات لتوسيع مفهوم
ً
هذا المصطلح, غير أن تغلغل المصطلح في اللهجات المحلية ظل بطيئا جدا.
لقد سار تط ّور المفردة في المدة بين العصر الكلاسيكي وعصر النهضة بين مجالين مختلفين فأُعيدت دراسة الأعمال الأدبية و ظل النقد معنيًّا بتحقيق النصوص و إعادة و تصحيح ما تلف منها ؛ فظهرت كتب تشرح النظرية و توسع مفهوم النقد حتى وصلت إلى معنى الفهم والحكم. وقد سعى القاضي الاسكتلندي "لورد كينس" ١٧٦٢م إلى منح النقد في كتابه "عناصر النقد" مجالاً واسعًا للترابط مع علم النفس ؛
-6-
ثم ط ّور "آدم مولر" مفهوم وظيفة النقد حين توصل إلى وجهة نظر ذات نزعة تاريخية في عام ١٨٠٦م في محاضراته إذ قال : «إن الأدب عمليّة تط ّوريّة على غرار أ ّي كيان عضوي» ؛ لذا ازداد الاهتمام بنظرية النقد في انجلترا و فرنسا بعد الاهتمام
المكثف بها في ألمانيا على يد "كولير". و من أبرز النقاد "توماس كارلايل" و "ادغار ألامبو" و "فيكتور هوغو" و "سانت بيف" إلى أن وصلت إلى "اليوت" و "نوثروب فراي" في كتابه "تشريح النقد" ١٩56م ؛ إذ يُج ّرد النقد من أي قيمة حكميّة , و يحاول أن يصوغ خ ّطة شاملة يوجد الأدب فيها بحيث لا يعود مج ّرد تعليق على الحياة و الواقع ؛ بل يحتويهما .
النقد الأدبي العربي: نظرة تأريخية:
النقد الأدبي يواكب الأدب في علاقة حوارية يتم في خلالها تلقي معرف ٍة وإنتا ُج معرف ٍة في
الوقت نفسه. وقد فطن أجدادنا العرب إلى أهمية النقد, لكن هذا النقد لم يصل أيام الجاهلية إلى
مستوى النص الشعري الذي كان ناضجاً مكتملاً, منسج َم التفاعيل, مؤتل َف النعم. وخير مثال
نجده في كتب التراث ما يحكي عن القبة الحمراء التي كانت تضرب للنابغة الذبياني في سوق
عكاظ كل عام من أجل الاستماع إلى الشعراء الذين يرغبون في عرض شعرهم. وهذا ما كان
عند أنشده الأعشى مرة, ثم تلاه حسان بن ثابت وشعراء آخرون إلى أن وصل إلى الخنساء
التي أنشدته قصيدتها في رثاء أخيها (صخر) التي منها:
وإن صخراً لتأتم الهدأةُ به *** كأنه علم في رأٍسه نار
فالأعشى إذن أشعر الذين أنشدوا النابغة, وتليه الخنساء منزلة وجودة شعر.
فأعجب النابغة بالقصيدة وقال لها لولا أن أبا بصير ـ يعني الأعشى ـ أنشدني, لقلت إنك أشعر
الجن والأنس.
وسواء كانت هذه القصة صحيحة أم لا, فإنها تعبر بصورة عامة عن روح النقد الذي كان
سائداً في العصر الجاهلي والقائم على الانفعال والتأثر المباشر والسريع بوقع الكلام.
وهنا لابد من طرح سؤال مهم هو لماذا لم يصل النقد العربي في هذه الحقبة إلى مستوى
الشعر مثلما حدث عند اليونان؟ لقد قامت مدارس النقد الحديث في أوروبا على أساس مذهب
أرسطو في النقد كما تمثل كتابيه فن الشعر والخطابة.
بدأ النقد العربي إذن بأحكام عامة سريعة موجزة لا تحمل تعليلاً, ودون أن تقوم على
أسس موضوعية. ولكن بعد مرحلة صدر الإسلام التي شهدت تراجعاً في مكانة الشعر, عادت
-7-
الحركة النقدية إلى التطور في القرن الهجري الثاني وذلك بفعل النضج الثقافي والأدبي الكبير
بعد الفتوحات الإسلامية التي أخرجت العرب من الجزيرة العربية, واحتكاكهم بالأمم
المجاورة. ومن أِشهر الأسماء في هذه الحقبة خلف والأصمعي, وأبو زيد, وأبو عبيد, وأبو
عمر بن العلاء. وأبو العلاء سالم مولى هشام, وعبد الحميد الكاتب, وسهل بن هارون وولداه
الحسن والفضل, ويحيى البرمكي وأخوه... وغيرهم.
لكن النقد العربي لم يقف عند هذه المرحلة, فقد حاول أن يتجاوز المرحلة التأثرية إلى
المرحلة التعليلية, وحاول أن يضع قواعد وأصولاً للنقد لم تخرج في الغالب عن حدود النهج
الفني. وهذا ما يظهر في كتابات ابن سلام, والجاحظ, وابن قتيبة, والمبرد, وثعلب, وابن
المعتز. على أن أهم كتابين في النقد في هذا القرن يعودان إلى ابن سلام وقتيبة. فقد حاول ابن
سلاّم في كتابه (طبقات الشعراء) شر َح الشعر العربي وأثره ونشأته وتطوره وتنقله في القبائل
وانتحاله, ثم يذكر طبقات الجاهليين الشعر وشعراء المراثي, وشعراء القرى العربية, كما
يذكر طبقات الإسلاميين العشر جاعلاً في كل طبقة أربعة من الشعراء. يقول طه أحمد
إبراهيم: "يظل كتاب ابن سلام... من أهم ما كتب في النقد الأدبي عند العرب. ويظل ابن
سلام من أجلاء النقد صحة ذهن, ونفا َذ بصر بما ب َّسط من القول, وأوضح من الدلائل وبي َن
من العلل, فقد وصل ما أ ّصله الأدباء واللغويون, وتناوله تناولاً حسناً, وزاد عليه زيادات
قيمة. ففي كتابة صورة لحياة النقد منذ نشأت في الجاهلية إلى أوائل القرن الثالث, وصورة
للأذواق المختلفة, والأذهان المختلفة التي خاضت فيه." (3) أما كتاب ابن قتيبة (الشعر
والشعراء) فلا يقل أهمية عن كتاب ابن سلام خاصة المقدمة التي يقدم فيها دراسة موسعة
للشعر وأقسامه وعناصره وللطبع وللصنعة فيه, وللخصومة بين القدماء والمحدثين, ولدواعي
الشعر ونظمه وأسباب اختلاف شعر الشاعر. والكتا ُب مظهر لثقافة واسعة, وفيه عرض لنحو
مئة وستين شاعراً من الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين منهم بعض النساء الشاعرات
كالخنساء, وليلى الأخيلية. وعلى الرغم من ذلك يبقى كتاب الشعر والشعراء بعيداً عن التعليل
إذ أن أحكامه بقيت موجزة سريعة مثل: "لم يقل أحد في الهيبة أحس َن منه, لم يبتدئ أحد مرثيةً
بأحسن منه.
وهكذا وصل النقد العربي في القرن الخامس للهجرة إلى مستوى متطور وأصبح علماً
مثلما نرى عند قدامة بن جعفر وعبد القاهر الجرجاني. على الرغم من ذلك لم يصل النص
النقدي العربي القديم, في أي عصر من عصوره, إلى مستوى النص الإبداعي المتمثل خاصة
في النص الشعري.
هذه هي الصورة التي توقف عندها النقد العربي في القرن الهجري الخامس قبل أن يدخل
الفكر العربي في حالة من الجمود والشلل استمرت عدة قرون, وبعد فترة الانقطاع الطويلة
استيقظ العقل العربي على عامل تغيرت فيه موازين القوى بعد أن أصبحت أوربة سيدة
-8-
العامل دون منازع. وكان لحملة نابليون على مصر (1798 ـ 1801) فعل الزلزال الذي هز
أركان المجتمع العربي الغارق في سباته. وكان على الفكر العربي أن يعيد بناء ما تهدم في
كل المجالات. وكانت الخطوات الأولى والأهم هي إعادة بناء البنية الثقافية والفكرية لأنها
منطلق الدخول في العالم الحديث. لكن السؤال الذي واجهه جيل الرواد: هو على أي أسس
سيعاد يناء الحياة الثقافية العربية الجديدة؟ هناك من يرى ضرورة العودة إلى التراث,
وآخرون دعوا إلى الاستفادة من علوم الغرب للنهوض بالحياة العربية.
كان على جيل الرواد من النقاد العرب إذن الاختيار بين الاكتفاء بالتراث النقدي أو
الاستفادة من المناهج النقدية الغربية. أما التيار الأول فقد قدم طروحات تتعلق ببناء مشروع
نقدي عربي, مستقل نسبياً, عن التيارات النقدية الغربية ومتواشج مع التراث النقدي العربي
القديم. مثلما فعل حسين المرصفي في كتابه (الوسيلة الأدبية) ومصطفى صادق الرافعي في
(تاريخ آداب العرب), وجرجي زيدان في (تاريخ آداب اللغة العربي). فلو نظرنا إلى كتاب
المرصفي لوجدناه يقسم الشعراء إلى ثلاث طبقات وذلك وفق العصور التاريخية. وضع في
الطبقة الأولى الشعراء العرب الجاهليين والإسلاميين من المهلهل إلى بشار بن برد, وفي
الطبقة الثانية وضع الشعراء المحدثين الذين كانوا يحرصون على موافقة العرب ويجتهدون
في سلوك طرائقهم من أبي نواس إلى ما قبل عبد الرحيم المعروف بالقاضي الفاضل, أما
الطبقة الثالثة فقد تركها للشعراء الذين غلب عليهم استعمال النكات والإفراط في مراعاة البديع
وهم من القاضي الفاضل إلى هذا الوقت.
أثر النقد الغرب


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

و"طوله"(6) و"ار...

و"طوله"(6) و"ارتكازه"(7). وعلى "درجته"(8) "= "تنغيمه"(9)" في حالة الأصوات المجهورة. وإذا تساوى صوت ...

As time goes by...

As time goes by, and as modern technology continues to evolve and develop, teachers and learners ne...

وتوجد وظائف اجت...

وتوجد وظائف اجتماعية اخرى كثيرة للتربية تتحقق من خلال عمل البيئة الاجتماعية ذلك ان الطريقة الوحيدة ا...

هناك جهودًا كبي...

هناك جهودًا كبيرة تبذل لتعزيز الممارسات المستدامة في مختلف القطاعات في المملكة العربية السعودية وتلع...

في المحاسبة، تس...

في المحاسبة، تسمى الحسابات الدائمة أيضًا الحسابات الحقيقية. وهو حساب يستخدم لتسجيل المعلومات المالية...

الحسنات فإن ك...

الحسنات فإن كل حسنة عملها العبد لله -تعالى-؛ فإن أجرها مضاعف، صرَّحت بذلك نصوص الوحي القطعية، قال ...

خالل معظم اليوم...

خالل معظم اليوم التالي لم تخبر ماريال آن ما إذا كان سيسمح لها بالبقاء في المرتفعات الخضراءوبدأت تالح...

تعرض الشايب لأب...

تعرض الشايب لأبيات كُثَير في كتابه (أصول النقد الأدبي) ثلاث مرات: مرة في فصل عن الذوق الأدبي وأخرى ف...

ذهب بعض الفقهاء...

ذهب بعض الفقهاء إلى أن الميراث لمستحقيه من الورثة،اكتسب قبل الردة أو بعدها، وهذا ما ذهب إليه الصاحبا...

لغتنا العربية ه...

لغتنا العربية هي وعاء ثقافتنا العربية الإسلامية، واللغة ليست هي مجرد وسيلة تخاطب، إنما هي مصداق هويت...

بريطانيا والتنظ...

بريطانيا والتنظيم الإداري:1960-1949 كان تنظيم السلطة قبل إدخال البيروقراطية الحديثة وقبل انتاج النفط...

Sales promotion...

Sales promotion is an integral part of Dunkin's marketing strategy, aimed at stimulating immediate s...