Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

(Using the AI)

يلخص هذا النص قصة محاكمة سقراط، فيلسوف أثينا، عام 399 قبل الميلاد. اتهم سقراط بتدنيس آلهة المدينة وإفساد الشباب، وقدّمت له فرصة للدفاع عن نفسه أمام 501 من محلفين أثينيين. دافع سقراط عن نفسه بطريقته المميزة، مستخدماً أسئلة استفزازية (الـElenchus) لكشف تناقضات خصومه وتعرية جهلهم المزعوم. رغم دفاعه البليغ، أُدين سقراط بأغلبية ضئيلة، وحُكم عليه بالإعدام. يُبرز النصّ سخرية سقراط عند اختياره عقوبة بديلة (وجبة مجانية مدى الحياة)، مُشدداً على أن غرضه لم يكن النجاة بحياته، بل استخدام المحاكمة كمنبر لنشر أفكاره. يناقش النص أيضاً دور أفلاطون في توثيق حياة سقراط وأفكاره، مُشيراً إلى أن الكثير مما نعرفه عن سقراط قد يكون مُضخماً أو مُشوّهاً. يختم النص بمقارنة سريعة بين أسلوب سقراط في البحث عن الحقيقة، وأدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة، مُتسائلاً عن قدرة هذه الأدوات على تعزيز أو إعاقة التفكير النقدي.


Original text

مساء الخير يا أستاذ "فوزي"!



  • جاي منين إكدة؟

  • جاي من الـ"سوبر ماركت".
    مش جايب كوكة الشوفان بتاعة كل مرة ليه؟!
    بطّلت "دايت"؟!
    لأ، ولا حاجة يعني، بس قررت أبقى كيتو.
    انت مالك انت؟!
    إلا جولّي يا أستاذ "فوزي"،
    مين العروسة
    اللي كانت طالعة معاك أول امبارح؟
    دي بنت عمي.
    وإما هي بنت عمك،
    مش شبهك ليه بجى؟
    انت مالك يا بني آدم انت؟!
    انت مجرد بواب. ما لكش دعوة!
    لا، ما أسمحلكش،
    أنا الـJob Title بتاعي
    فيلسوف ومفكر، مش مجرد بواب.
    نعم يا أخويا؟! بأمارة إيه؟
    إهي!
    فرجت إيه أنا يعني عن "أفلاطون" و"سقراط"
    وكل الفلاسفة الحشريين دُول؟
    ولّا يعني لازم ألبس ملايات بيضا
    وأدهن دقني كرياتين؟!
    لأ، فرقت كتير.
    انت من "أبو روّاس" يا "عوض"!
    تخيل انت بجى
    لو كانوا قالوا لـ"أرسطو" الكلام داهو،
    كان زمانه بجى "كاشير"،
    وما استفادناش بعلمه ومعرفته وحكمته.

  • كان زمان البشرية خسرت.

  • تفتكر؟
    يا "فوزي" بيه...
    كل فيلسوف جواه بواب،
    وكل بواب جواه فيلسوف،
    كثير الأسئلة،
    ما يفعله، فعله السلاسفة سابقًا.
    أنا آسف جدًا يا "عوض"!
    أنا ما كنتش أعرف إن انت فيلسوف حقيقي!
    بأعتذرلك!
    حصل خير يا "فوزي" بيه.
    إلا قولّي صحيح...
    مرتبك كام بجى؟
    أنا ممكن أدّيك رقم الحساب بتاعي على طول،
    تشيّك بنفسك!
    أعزائي المشاهدين،
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    أهلًا بكم في حلقة جديدة،
    من برنامج "الدحّيح"!
    في يوم من الأيام، سنة 399 قبل الميلاد،
    اتعملت قُرعة عشوائية
    لاختيار 501 ذكر من "أثينا"،
    سنهم فوق الـ30، وما لهومش سوابق إجرامية،
    "خير يا (أبو حميد)؟
    طالعين عُمرة ولّا إيه؟!"
    دُول، يا عزيزي، مُحلّفين في محاكمة.
    وقتها في "أثينا"، لمّا كان يترفع قضية،
    كانوا يقوموا جايبين المدّعي اللي رفع القضية،
    ويجيبوا المُدّعى عليه،
    والحَكَم بينهم مجموعة من الأثينيين،
    بالشروط اللي حكيتلك عنها،
    يسمعوا للطرفين، ويقيّموا حُجة كل طرف،
    ويقرروا في الآخر
    زي ما بتشوف في الأفلام كدا،
    الشخص دا مذنب ولّا مش مذنب.
    "(أبو حميد)، مش ملاحظ إن العدد كبير شوية؟
    أنا بأشوفهم في الأفلام،
    بيبقوا قعدة، يكفوا في كادر،
    إنما 500، لو كل واحد طلب شاي،
    المحكمة هتفلّس!"
    أولًا، يا عزيزي، الرقم لازم يبقى كبير،
    عشان المجموعة تبقى كبيرة كفاية،
    ودا له سبب وجيه،
    إنها تمثل جموع الشعب،
    وبرضه، في نفس الوقت، نتجنب شبهة الرشوة،
    عايز ترشيلي 500 واحد؟! اتفضل!
    رشوة 500 بني آدم دي
    محتاج تقدملها في Shark Tank!
    أما بقى، يا عزيزي، الـ501 اللي مش عاجبك دا،
    فدا لأن التصويت بيتم بالأغلبية،
    فلازم عدد المجموعة يبقى فردي،
    عشان ما يبقاش فيه أي احتمالية
    إن التصويت ينتهي بالتعادل.
    المهم، يا عزيزي، الـ501 دُول اتجمّعوا،
    عشان يبتوا في قضية جديدة،
    ولكنها، يا عزيزي، مش قضية عادية،
    دي أهم وأشهر محاكمة،
    دي، يا عزيزي، زي حاجات كتير في حلقاتي،
    هتغيّر التاريخ الإنساني،
    محاكمة الفيلسوف "سقراط".
    "سقراط"، يا عزيزي،
    اتولد في "أثينا" سنة 496 قبل الميلاد،
    وهيعيش 70 سنة جوا نفس المدينة،
    بيدوّر على إجابة سؤال: ازاي نعيش؟
    والحقيقة، يا عزيزي، إن هو دا السؤال
    اللي خلّاه يقعد في قفص المحاكمة.
    "(أبو حميد)، ليه بيحاكموه
    على سؤال بهذه البديهية وهذه السذاجة؟"
    ربما، يا عزيزي،
    لأن "سقراط" كان بيسأل سؤالنا كلنا
    لكن بطريقة خاصة،
    طريقة فريدة وعبقرية ومزعجة.
    "أيوة يا (أبو حميد)، دي نفس مدرستي،
    بس شيلت منها موضوع فريدة وعبقرية دا!"
    خلّيني، يا عزيزي، أشرحلك أكتر عن "سقراط"،
    "سقراط" بيوصف نفسه في إحدى محاوراته،
    بإنه داية ابن داية.

  • "إيه؟!"

  • استنى، يا عزيزي، أشرحلك.
    بيقول إن أمه كانت داية
    مهنتها إنها تساعد الناس تولد عيالها،
    وهو كمان داية،
    لأنه بيساعد الناس تولد أفكارها.
    "يا أخي، أبو (أرسطو) على (أفلاطون) يا أخي!
    دا إيه الفلسفة دي؟!
    يتحرق الرواقيين رواقي رواقي!"
    "سقراط" بيقول
    إن زي ما عملية الولادة بيصاحبها ألم شديد،
    فطريقة "سقراط" في توليد الأفكار
    من الناس برضه،
    كان بيصاحبها إزعاج شديد،
    زي ما الولادة عملية صعبة ومؤلمة،
    وبتنتج حياة،
    فطريقة "سقراط"
    في توليد الأفكار من الناس برضه
    كان بيصاحبها إزعاج شديد، زيها زي الولادة،
    طريقة هتتسمى Elenchus،
    دي كلمة يونانية معناها الدحض أو التفنيد.
    "سقراط"، يا عزيزي، كان يلاقي أي حد
    عايش في حاله، مبسوط، سعيد،
    فاكر إن هو عارف حاجة،
    أي شخص بيدّعي معرفة أي شيء ومبسوط،
    يروحله عمك "سقراط"
    يختبر معرفته دي بشوية تساؤلات،
    بتاخد شكل محاورة.
    "سقراط"، يا عزيزي، بيروح بنِية صادقة،
    بيبقى عايز يتعلم فعلًا،
    ولكن لو الإجابات اللي سمعها ما أقنعتهوش،
    فبيفندها وبيثبت خطأها، الـElenchus.
    في أغلب محاورات "سقراط"،
    الطرفين ما بيقدروش يوصلوا للحقيقة،
    ولكنهم بيوصلوا لإدراك مهم،
    إننا، واسمع دي، ما نعرفش الحقيقة،
    وإننا مدركين لجهلنا دا،
    بدل ما كنا فاكرين إننا عارفين.
    "يا (أبو حميد)، وما الطائل من هذه الأسئلة؟!
    يا (أبو حميد)، أني كنت قاعد مبطرخ
    في نعيم الجهل وطالب Order،
    بتخرّج الناس ليه،
    وترجّعهم للوعي تاني؟! من حلاوته؟!"
    يا عزيزي،
    "سقراط" لم تكن أسئلته غرضها البهدلة،
    مش بس الغرض منها إنها تكشف زيف المعرفة،
    اللي موجود عند الناس في أوقات كتير،
    وإنما كانت بتدوّر على حكمة أو معرفة
    ممكن تبقى جوا الناس، بس هما مش عارفين،
    محتاجين ندوّر ونسأل لحد ما نوصلّها.
    لمّا كان "سقراط" بيسأل عن حاجة،
    ما كانش بيكتفي بأول إجابة تطلعله،
    كأن "سقراط" في رحلته لاستخراج هذه الحكمة
    بيساعد الناس دي إنها تختبر نفسها،
    تـTest مدى منطقية المعتقدات بتاعتها،
    ويا نوصل لحكمة حقيقية،
    يا نوصل لأن هذه المعتقدات غير صحيحة،
    نعرف سوا إن الادعاء دا مش ادعاء قوي،
    وفي الحالتين، خارجين من المحاورة كسبانين.
    يعني مثلًا، في يوم،
    هيقابل شخص اسمه "يوثيفرو"،
    "يوثيفرو" دا، يا عزيزي،
    كان بيطالب بإعدام أبوه،
    لأن والده تسبب بشكل غير مباشر
    في موت عبد عندهم.
    "سقراط"، يا عزيزي، اندهش
    من ورع وتقوى "يوثيفرو"،
    وشاف إن احنا ممكن نتعلم حاجة من الراجل دا،
    فراحله وعمل معاه
    ما يُعرف بمحاورة "يوثيفرو".
    "سقراط" سأله: "أنا سمعت إن انت راجل تقي،
    قولّي، ما هي التقوى؟"
    "يوثيفرو" هيقولّه إن التقوى:
    "هي إن انت تعاقب الغلطان،
    حتى لو كان الغلطان دا أبوك،
    زي بالظبط ما أنا عملت كدا."
    "سقراط" هيقولّه: "كلام لطيف جدًا وممتاز.
    بس أنا بأسألك على تعريف التقوى،
    مش مثال على التقوى.
    "يوثيفرو" هيقولّه: "التقوى هي إن انت تعمل
    الأفعال اللي الآلهة بتحبها."
    "سقراط" هيقولّه: "بس آلهة (اليونان)،
    لو تلاحظ، كل واحد فيهم برأي.
    فتلاقي إن إله ما
    بيشوف إن فعل معيّن بيعبّر عن تقوى،
    وإله تاني هيشوفه ذنب.
    فهل ينفع فعل معيّن
    يبقى تقوى وذنب في نفس الوقت؟"
    شُفت بقى، يا عزيزي،
    الناس ما بتحبش الفلسفة ليه؟
    "يوثيفرو"، يا عزيزي، هيبدأ يزهق،
    ويدرك زيك ليه الناس بتكره الفلاسفة،
    فيقولّه: "معاك حق يا أستاذ (سقراط)،
    يبقى التقوى هنا هي الأفعال
    التي تحبها كل الآلهة."
    "سقراط" هيقولّه: "صح، أو فلنفترض إنك صح،
    بس تعمل إيه لو فعل معيّن الآلهة بيحبوه،
    وعشان بيحبوه، قرروا إن هما يعتبروه تقوى؟
    فهل دا معناه إن حبهم ليه
    هو اللي جعل منه تقوى؟
    ولّا الفعل دا في حد ذاته تقوى،
    وعشان كدا هما بيحبوه؟
    فدا معناه إن الفعل دا يُعتبَر تقوى،
    بصرف النظر عن حُب الآلهة ليه.
    وعشان كدا، هأسألك تاني يا (يوثيفرو)،
    هل الأفعال دي تقوى عشان الآلهة بتحبها؟
    ولّا الآلهة بتحبها، عشان هي تقوى؟"
    "يوثيفرو" هيقولّه:
    "ممكن تكون الآلهة بتحب الأفعال دي،
    عشان هي في ذاتها تقوى."
    "سقراط"، يا عزيزي، هيسأله تاني:
    "طب لو الأفعال دي تقوى في حد ذاتها،
    بصرف النظر عن الآلهة،
    فاحنا هنا لسة محتاجين نفهم
    إيه اللي بيخلّيها تقوى في ذاتها؟
    صح ولّا لأ يا (يوثيفرو)؟"
    "يوثيفرو" هيقولّه: "الخبر الحلو إن انت صح،
    الخبر الوحِش
    إن أنا اتخنقت منك ومن اللي جابوك!
    يا داية يا ابن الداية!
    أرجوك اتفضل امشي،
    وسيبني أعدم أبويا في سلام.
    أنا راجل بأمارس التقوى،
    ما وصلناش لمعنى أمها،
    بس سيبني أمارس التقوى."
    دي، يا عزيزي، الطريقة السقراطية
    اللي "سقراط" شبّه نفسه فيها بالداية،
    بيستدرج الناس بأسئلته،
    بيولّد فكرة على فكرة،
    وبالتالي، بيعرّي جهلهم،
    ودا شيء الناس بتكرهه،
    "عرّيني أنا، بس ما تعرّيش المنطق بتاعي!"
    الحقيقة، يا عزيزي،
    إن زي ما "يوثيفرو" زهق من "سقراط"،
    ناس كتير برضه زهقت من "سقراط"،
    ونتيجة استمرار "سقراط"
    في إزعاجه للناس بالأسئلة،
    هيتوجهله اتهام خطير،
    هيتهموه، يا عزيزي،
    إن هو مشعوذ وكافر بآلهة "أثينا"،
    وبيدعو لعبادة آلهة جديدة،
    وبيبوّظ عقول الشباب.
    عشان يبدأ، يا عزيزي،
    الحدث الأهم، محاكمة "سقراط".
    محكمة!
    "ربنا يا (أبو حميد) يكون في عون مونترينك!
    هيحتاجوا يتفرجوا على العبط دا!"
    لا مؤاخذة، يا عزيزي،
    العين ما تعلاش عن الحاجب!
    والآن، فلنبدأ محاكمة "سقراط"!
    بيتجمّع الـ501 شخص، اللي قُلتلك عليهم،
    وهيبدأ "سقراط" كمدعى عليه مرافعته،
    هيوصف نفسه كراجل عجوز عدّى الـ70،
    أول مرة يقف في محكمة،
    وإنه ربما مش حريف في رص الكلام،
    زي الناس اللي اتهموه دُول،
    لكنه عنده حاجة مش عندهم، الحقيقة.
    "سقراط" قال إن من زمان والناس بترميه بالتهم،
    فهو هيستغل محاكمته، ويرد على التهم القديمة،
    اللي أصحابها مش موجودين حاليًا،
    وإنه هيتجاهل شوية متهمينه الحاليين.
    "سقراط" كان بيحكي إن الناس كانت بتتهمه
    إن أسئلته كتير، وكلها سفسطة.
    الكلمة دي، يا عزيزي، جاية
    من "السُفسطائيين"،
    دُول، يا عزيزي، طبقة مدرّسين بياخدوا فلوس،
    مقابل إن هما يعلموا الناس إيه؟ حاجة بسيطة،
    فنون الجدال،
    بالبلدي كدا، ازاي تبقى غلباوي ولمض،
    وترد على الكلمة بـ10.
    السفسطائيين، يا عزيزي، هيعلموا العامة
    ازاي يكسبوا النقاشات سواء بالحق أو بالباطل،
    كأنه محامي، جدل كلامي،
    ودا الأصل اللي جه منه Sophistication،
    اللي بنستخدمها عشان نعبّر
    عن الحاجات المركّبة والمعقدة، Sophisticated.
    "سقراط"، يا عزيزي، هيدافع عن نفسه ويقول:
    "أنا عمري ما اتكلمت
    في المواضيع بتاعة السفسطائيين،
    ولا حتى خدت فلوس من الناس زيهم.
    أكيد هتقولوا: ما فيش دخان يا عم من غير نار!
    الناس كلها بتشتكي منك!
    ولازم فعلًا يكون فيه سبب
    إن الناس بتتهمني كل شوية بدا."
    وهنا، يا عزيزي، "سقراط" هيحكي حكاية عجيبة
    هتتخلد برمزيتها في تاريخ الفلسفة،
    "سقراط" هيحكي عن صديقه "شريفون"،
    شخص شديد الإعجاب بحكمته،
    لدرجة إنه هيروح معبد "دلفي"،
    واحد من أقدم معابد "اليونان"،
    "شريفون" هيروح يسأل عرّافة المعبد،
    "هل هناك حد أكثر حكمة من (سقراط) صديقي؟"
    فكان ردها: "لأ."
    "سقراط" استغرب جدًا من رد العرّافة،
    فقرر إن هو يتأكد من صحة إجابتها.
    هيروح، يا عزيزي، يدوّر على أي حد
    يبدو عليه معرفة شيء ما،
    ويسأله عن هذا الشيء،
    عشان يتأكد إن هذا الشخص فعلًا عنده معرفة،
    ولّا دا أي كلام،
    ولو لقى حد أحكم منه، إذًا، فالعرافة غلط.
    واللي شُفناه، يا عزيزي،
    في محاورات زي محاورة "يوثيفرو"،
    هتلاقي إن "سقراط"
    بيخرج من رحلة بحثه عن الحكمة دي
    باستنتاج رضا عبد العالي بسيط وخطير،
    بسيط، لأن "سقراط" ما لقاش حد بيمتلك الحكمة،
    اللي هو بيدّعيها،
    وخطير، لأنه ما لقاش حد معترف بجهله!
    "سقراط" هيقول في المحكمة،
    "التبرير الوحيد لرأي العرافة إني أكثر حكمة،
    أنني الوحيد الذي يعترف بجهله."
    "ياه! يا أخي أبوك على أبو...!"
    "سقراط" هيقول إن رحلته لاختبار المفاهيم
    اللي الناس بترددها من غير ما تختبرها،
    الرحلة دي هي اللي خلّته يهمل مُتَع الحياة،
    ويعيش كدا حافي وهدومه مبهدلة،
    في رحلة تساؤل لا تنتهي.
    بعد كدا، "سقراط" هيقرر أخيرًا
    إنه يرد على تهمه الحالية،
    الدعوة لآلهة جديدة وإفساد شباب "أثينا".
    "سقراط" هيوجّه كلامه للمدّعين،
    وللمفارقة، يا عزيزي، هيبدأ دفاعه عن نفسه
    بنفس طريقته المزعجة في التساؤل،
    فيتوجّه لمدّعي اسمه "ميليتوس" ويقولّه:
    "لمّا أنا بأبوّظ الشباب،
    أمّال مين اللي بيفيدهم؟"
    "ميليتوس" هيقولّه:
    "القوانين اللي بتحمي الكل."
    "سقراط" هيسأله تاني:
    "أنا أقصد مين بيفيدهم من البشر."
    "ميليتوس" هيرد ويقولّه:
    "الناس اللي عارفة القوانين وبتطبقها،
    زي الناس اللي بتحكم بيننا دُول كلهم."
    "سقراط" هيسأله تاني:
    "يعني، تقريبًا كدا أهل البلد كلهم
    بينفعوا الشباب، وأنا الوحيد اللي بأبوّظهم؟"
    "ميليتوس" هيرد في قلق،
    ويقولّه: "آه، صح، عايز توصل لإيه؟"
    "سقراط" هيقولّه تاني: "طب خلّينا نضرب مَثَل
    بحاجة قريبة من مستوى ذكائك،
    زي الخيل مثلًا، هل يُعقَل
    إننا نشوف إن كل الناس بتفيد الخيول،
    وشخص واحد بس هو اللي بيضر الخيول؟
    مش المعلومة اللي كل الناس عارفاها،
    إن اللي بينفع الخيول هو شخص واحد بس،
    وهو مدربهم؟
    فكدا والله يا أستاذ (ميليتوس)
    يا بخت شباب (أثينا)!
    كل الناس بتنفعهم،
    ما عدا أنا الوحيد اللي بأضرهم!
    سهلة والله أهي ومحلولة!"
    "سقراط" هيكمّل ويواجهه أكتر وأكتر:
    "طب تفتكر يا ترى إيه الأحسن بالنسبالي أنا؟
    إني أعيش وسط ناس كويسة؟
    ولّا أعيش وسط عالم أخلاقها بايظة؟"
    "ميليتوس" هيقولّه: "وسط ناس كويسة."
    "سقراط" هيسأله:
    "طب ازاي أبوّظ الشباب، وأنا قاصد،
    في حين إن أنا عايش وسطهم؟!
    فهما لو بقوا شباب منحرف،
    وأنا قاعد معاهم في (أثينا)، هيأذوني."
    يا باي عليه وعلى بواخته!
    والله، يا عزيزي، أنا بدأت أتعاطف
    مع أستاذ "ميليتوس" و"أثينا" وشباب "أثينا"!
    "سقراط" هيكمّل ويقولّه:
    "مش انت بتقول إن أنا بأكفر بآلهة (أثينا)؟
    وإني ملحد، ما بآمنش بأي حاجة، صح؟"
    "ميليتوس" هيقولّه:
    "آه، انت ما بتعبدش الشمس والقمر زينا،
    وبتقول إن الشمس دي حتة حجر،
    والقمر شوية تراب."
    "سقراط" هيقولّه: "طب خُد دي،
    اللي قال إن الشمس والقمر دُول
    أجسام عادية، مش آلهة،
    (أناكساجوراس)، مش أنا."
    "أناكساجوراس"، يا عزيزي،
    كان واحد من السفسطائيين،
    "سقراط" هيأكد إن "دا مش كلامي،
    وكل القضاة عارفين هذا الكلام،
    فاللي حضرتك بتقوله دا يُعتبَر استهزاء
    بالقضاة نفسهم وبمستوى ثقافتهم."
    طبعًا، يا عزيزي،
    مش كل القضاة وكل الناس كانوا عارفين
    إن "أناكساجوراس" هو اللي قال الكلام دا،
    ولكن "سقراط" كان متعمد يحرج المدّعين،
    اللي هيخافوا يبيّنوا جهلهم،
    عاملة كدا، يا عزيزي،
    زي ما آجي أحرجك، وأقولّك:
    "زي ما انت عارف، عاصمة (تركيا) (أسطنبول)."
    تقولّي: "آه، طبعًا."
    مع إن الإجابة الصح هي "أنقرة"،
    بس انت مكسوف تقول: "ما أعرفش!"
    "سقراط" هيكمّل كلامه لـ"ميليتوس" ويقولّه:
    "انت بتقول عليا مشعوذ،
    وبألجأ لقوى سحرية إلهية،
    طب منين هأعمل كدا،
    ومنين هأبقى كافر بالآلهة؟
    ما أنا كدا يا الآلهة بتساعدني،
    يا الآلهة ضدي!"
    وبعد ما "سقراط" نظريًا
    عرف يفند حجج خصومه بالمنطق،
    قرر إن هو مش محتاج
    يتكلم أكتر من كدا مع المدّعين،
    "سقراط" بدأ يوجّه كلامه
    لكل الناس اللي حاضرة حواليه،
    "سقراط" قال إن هو مش خايف إن كلامه دا
    يبقى السبب في الحُكم عليه بالموت،
    وشبّه نفسه بـ"أكيليس" في قصة "طروادة"،
    "أكيليس" اللي اتحلى بالشجاعة
    وقتل عدوه "هيكتور"،
    رغم تأكيد النبوءة
    إن دا هيتسبب في موته بعدها.
    وفي الوقت
    اللي الادعاء كان بيعتبره فيه ملحد،
    "سقراط" هيعتبر تساؤلاته للناس في كل مكان
    بمثابة أمر من الآلهة
    اللي قالت إن هو أحكم الناس،
    "أنا معايا ورقة من العرّافة، على فكرة،
    بتثبت إني حكيم.
    وقدّمت على الكارنيه، على فكرة!"
    بعدها، يا عزيزي،
    "سقراط" بيستهزأ بالموت شخصيًا،
    بيقول: "أنا مش خايف من الموت،
    لأني ما أعرفش إيه اللي هيحصل بعد ما أموت،
    ومن الجهل إننا نخاف
    من حاجة احنا ما نعرفهاش."
    وقُدّام أي إغراء بالمساومة، هيقول:
    "لو مقابل النجاة من حُكم الإعدام
    إني أبطّل فلسفة، فأهلًا بالنهاية."
    "سقراط" هيكمّل مرافعة،
    هتتحول إلى خُطبة عابرة للعصور،
    وهينصح أهل "أثينا"
    إن هما يبطّلوا جري ورا السُلطة والفلوس،
    ويركّزوا في تنقية أرواحهم وتحسين أخلاقهم.
    "سقراط" قالّهم: "لو قررتم إعدامي،
    فانتم الخسرانين، مش أنا.
    أنا هدية من الآلهة ليكم،
    حتى لو كانت هدية مزعجة."
    أو على حسب تعبيره...
    بالبلدي كدا، يا عزيزي، كان بيقول:
    "أنا ناموسة مزعجة، جاي أرازي الناس،
    عشان أخلّيهم يصحوا، يفوقوا!"
    "سقراط" هيأكد على تماسكه،
    اللي غاظ المدّعين،
    وإنه مش هيعيط عشان يبرأوه،
    ودا لأن المرافعة المفروض
    تلعب على المنطق والعقل،
    وليس المشاعر.
    بعد الاتهامات الموجهة،
    ودفاع "سقراط" عن نفسه،
    بيتوصل 501 أثيني للحُكم،
    وأغلبية الأصوات كانت بتقول
    إن "سقراط" مُذنِب!
    280 واحد صوّتوا وقالوا وشافوا
    إن "سقراط" مُذنِب،
    و221 شافوه بريء.
    المفارقة، يا عزيزي، إن دا أثار دهشة "سقراط"،
    لأنه توقع إن الأصوات اللي ضده
    تبقى أكتر من كدا بكتير،
    كان متوقع ناس أقل من كدا هيقولوا عنه بريء.
    وفقًا لقوانين "أثينا"،
    فالمفروض إن "ميليتوس" يختار عقوبة "سقراط"،
    و"سقراط" هو كمان يختار عقوبة لنفسه،
    والناس تصوّت على أنهي حُكم هو اللي هيتنفذ.
    طبعًا، "ميليتوس" اختار لـ"سقراط"
    حُكم الإعدام، إنه يشرب السم،
    ودا ما كانش انتقام من "سقراط"،
    دا كان عقوبة اختارها الأثينيين
    رفقةً بالمعدومين،
    بدل الشنق وقطع الراس،
    اللي كان بيتقتل بيه الأعداء.
    هنا، يا عزيزي،
    "سقراط" كان لازم يختار حل وَسَط،
    عقوبة تبعده شوية عن حُكم الإعدام،
    بس برضه، تكون قوية كفاية، عشان يقبلوها،
    Actually، يا عزيزي،
    دا اللي كان متوقع من "سقراط".
    لكن خلّيني أقولّك إن "سقراط" هيفاجئ الجميع
    ويفاجئك انت ويقولّك
    إنه مش مستعد يعيش في السجن، زي العبد،
    ولا مستعد إنه يدفع غرامة كبيرة،
    عشان هو راجل فقير.
    ولا يحب يختار لنفسه النفي،
    لأن دا هيفقده مصداقيته
    في البلد اللي هو منفي فيها.
    وطبعًا، مستحيل يختار البراءة،
    مقابل إن هو يبطّل فلسفة،
    لأنه أكّد إن مهمته هي تكليف من الآلهة،
    تكليف بمطالبة الناس بالأسئلة.
    وهنا، "سقراط" هيقول جملة
    هتكون شعار فلسفته...
    "الحياة اللي ما فيهاش أسئلة أو فلسفة،
    حياة لا تستحق إنها تتعاش."
    جملة، يا عزيزي، جايز تكون سمعتها
    في محاضرة تنمية بشرية،
    بس هو دا سياقها.
    "سقراط" كان شخص بيدعونا إننا نفحص حياتنا،
    نسأل ونفكر ونتأمل،
    كل دا، وهو على بُعد خطوة واحدة من الموت.
    المهم "سقراط" بعد ما عدّد أشكال العقاب،
    اللي مش هيختارها لنفسه،
    كعادته وولعه بالتفنيد،
    هيقولّهم كلمته:
    "أنا راجل ما عملتش فلوس في حياتي،
    لأني وهبت وقتي لتعليمكم الحكمة،
    الجزاء العادل اللي أنا أستاهله،
    إنكم تصرفولي وجبة ببلاش
    كل يوم، لآخر يوم في عمري."
    "(أبو حميد)، أنا حاسس إن دا مش عقاب،
    دا عايز يقضي المؤبد
    في الـFood Court بتاع (أثينا)!"
    الحقيقة، يا عزيزي،
    إن "سقراط" كان بيتريق فعلًا،
    ولكنها سخرية سقراطية تحمل معنيين،
    ودا لأن موضوع الوجبة دا كانت الطريقة
    اللي بيتكافئ بيها الأبطال الأولمبيين
    والشخصيات اللي حققت إنجاز
    في "أثينا" في هذا الوقت.
    فهنا، يا عزيزي، هيحصل تصويت تاني،
    وهنلاقي، يا عزيزي، إن العدد بيزيد،
    هيختار 360 واحد حُكم "ميليتوس"
    كعقوبة تتنفذ على "سقراط"،
    وهي الموت بالسم.
    قصاد الناحية التانية، 141 أثيني
    واضح إن هما كانوا بيحبوا "سقراط"،
    وعجبهم السخرية اللي هو اقترحها لنفسه دي،
    وهنا، يا عزيزي، بيتحكم بالموت
    على واحد من أهم وأشهر فلاسفة العالم
    على مدار التاريخ!
    محاكمة "سقراط"، يا عزيزي، هتتشهر تاريخيًا،
    لأنها من أوائل الحوادث في التاريخ،
    اللي بيتحكم فيها على حد بالإعدام
    بسبب شجاعته في التعبير عن آرائه،
    ووقوفه ضد التيار السائد.
    ولكن السبب الأهم لشهرة هذه المحاكمة
    هو استراتيجية "سقراط" العبقرية
    في الدفاع عن نفسه.
    "عبقرية إيه يا (أبو حميد)؟!
    دا جاب لنفسه إعدام!
    دا كان فيه 80 واحد كانوا شايفينه بريء،
    لمّا سمعوا اللي بيقوله، قالوا: يتسمّ أحسن!
    من 280 لـ360!
    دا الراجل دا من ساعة ما اتكلم
    وهو بيسوأ موقفه في القضية أكتر."
    الحقيقة، يا عزيزي، إن الدفاع كان عبقري،
    لأن "سقراط" ما كانش غرضه
    إن هو ينجو بحياته،
    بل قرر إن هو يستغل محاكمته،
    ويضحي بـ"كارت" إنقاذه الأخير،
    عشان يقلب المحاكمة،
    وهو اللي يحاكم "أثينا"، مش العكس!
    على حسب، يا عزيزي، بعض المصادر،
    "سقراط" كان عارف قبل فترة إن هو هيتحاكم،
    وإن "ميليتوس" عايز يعدمه،
    ودا معناه إن هما بيقولوله بطريقة ما:
    "سيب (أثينا)، واخلع."
    ولكن "سقراط" ما هربش،
    وفضل قاعد مستني المحاكمة،
    "سقراط" استهزأ بيهم
    عن طريق اختياره لعقوبته،
    قالّهم: "أكّلوني لبقية حياتي،
    أنا أستحق أن أُعامَل كبطل."
    حد في ذكاء "سقراط" كان عارف كويس جدًا
    إن الكلام اللي بيقوله دا هيستفز أغلب الناس،
    اللي المفروض يكون بيحاول يكسب تعاطفهم،
    ما هو انت لمّا تخيرني بين إعدام ومكافأة،
    وانت أصلًا اتحكم بإدانتك،
    فانت ما سيبتليش أي اختيار،
    غير إني أختارلك الإعدام!
    عشان كدا، قد يبدو للوهلة الأولى
    إن "سقراط" خسر بإعدامه،
    ولكن ربما "سقراط" نفسه
    هو اللي رتّب لكل دا.
    "(أبو حميد)، وليه بيعمل كدا؟!"
    لأنه كدا، يا عزيزي،
    هيحقق هدف أهم وأبعد بالنسباله،
    إنه يبروز في محاكمته مبادئه ومعتقداته،
    بالشكل اللي يخلّيها عايشة
    أكتر من 2400 سنة.
    وكأن "سقراط" كان واعي
    إن حُكم الإعدام اللي طلع ضده
    هيكون هو صك تخليد تعاليمه في التاريخ،
    هيكون أشبه بإكسير الحياة
    اللي هيخلّي تعاليمه تعيش للأبد،
    نهاية هتتمم رحلة "سقراط"
    بمواقف ومبادئ وآراء كلها متسقة مع بعض.
    والصورة النهائية
    اللي اتكونت في الآخر بعد المحاكمة
    رسمتلنا الإجابة عن سؤال: ازاي نعيش؟
    السؤال اللي كلنا بنسأله،
    بس "سقراط" عاش ومات عشانه.
    "طب يا (أبو حميد)، ما تقولّي انت الإجابة،
    هأسأل (سقراط) يعني؟! دا غلبان!
    سأل السؤال: ازاي نعيش؟ ما عاشش!"
    الإجابة، يا عزيزي،
    اللي "سقراط" حاول يوصلّها،
    واللي يمكن دلوقتي نقدر نشوفها
    بعد كمال الصورة قُدّامنا،
    هي إننا ما نعرفش إجابة واضحة وصريحة،
    ما حدش، يا عزيزي، هيقولّك
    ازاي نعيش الحياة،
    لكننا على الأقل نعرف
    إن الحياة اللي تستاهل تتعاش
    هي الحياة اللي احنا فيها طول الوقت
    بنحاول نعرف إجابات الأسئلة دي.
    يعني، يا عزيزي، الكنز مش في إجابة بعينها،
    وإنما في سعينا في رحلة الحياة
    عشان نوصل لهذه الإجابات.
    "سقراط" تعامل مع حياته على إنها لوحة،
    هو برّاها وبيرسمها،
    تجرد، يا عزيزي، لدرجة إن هو رسم موته بإيده!
    أصر إن حياته أو لوحته تبقى مثالية،
    وكمّل على كدا،
    حتى في الأيام الأخيرة قبل تنفيذ الحُكم.
    يعني مثلًا، في محاورة "كريتو"،
    بنشوف ازاي "كريتو" تلميذ "سقراط"
    بيلاقي طريقة لتهريب أستاذه قبل تنفيذ الحُكم.
    بس اللي بيحصل، يا عزيزي،
    إن "سقراط" بيرفض،
    ويقول إن الحُكم الظالم بإعدامه
    مش مبرر إن هو يكسر قوانين "أثينا"، ويهرب.
    وإن لو كل واحد كسر القوانين لحسابه،
    مش هيبقى للقوانين أي قيمة!
    والله، يا عزيزي، الله يرحمه،
    لحد آخر لحظة في عمره كان بيرغي!
    فاكر، يا عزيزي، محاورة "سقراط" مع "يوثيفرو"،
    الراجل التقي اللي كان عايز يعدم أبوه؟
    أهي المحاورة دي حصلت
    و"سقراط" رايح محاكمته أصلًا.
    وكأن، يا عزيزي،
    "سقراط" كان قاصد يدوّر على معنى التقوى،
    وهو رايح يتحاكم على فجوره!
    كمان، آخر محاورة وصلتلنا عن "سقراط"
    هي محاورة "فيدو"،
    اللي بنشوف فيها
    اللحظات الأخيرة في حياة "سقراط"،
    قبل ما يشرب السم،
    المحاورة الأخيرة، يا عزيزي،
    "سقراط" اتكلم فيها عن معنى الموت،
    وعن اعتقاده في خلود الروح،
    خلّيني أقولّك، "سقراط" حرفيًا شرب السم،
    وكمّل بعدها كلام في المواضيع دي.
    وبكدا، يا عزيزي، تنتهي حياة "سقراط"،
    اللي التزم فيها بواجبه الفلسفي
    لحد آخر لحظة.
    "طب الحمد لله يا (أبو حميد)
    إن هما على الأقل سابوه
    يكتب محاورة الدفاع دي،
    ووصلتلنا، الحمد لله!"
    يا عزيزي، اعرف منّي قاعدة،
    طول ما أنا بأتكلم على لسانك،
    إذًا، هأغلّطك.
    ليه؟ لأن انت، لا مؤاخذة، عُكّازي،
    زي ما انت شايف، أنا مجنون، ما فيش غيري هنا،
    فطالما أنا خلّيتك تشكرني
    على إن "سقراط" كتب المحاورات،
    إذًا، فأنا الجملة الجاية هأقولّك إيه؟
    أهوج! "سقراط" لم يؤمن بالكتابة.
    "سقراط" ما كتبش أي حاجة في محاكمته،
    وخلّيني أقولّك على الكبيرة،
    ما كتبش أي حاجة في حياته أصلًا.
    ومَن أراد السردية المباشرة،
    فليذهب إلى "مُنعِش"!
    احنا هنا سرديات ملتوية.
    الـPlot Twist، يا عزيزي،
    إن كل اللي وصلّنا عن محاكمة "سقراط"
    كتبه شاب عشريني من تلاميذه،
    عاش مبهور بحياة أستاذه،
    شاب مقهور إن العوام
    حكموا على أستاذه بالموت!
    قرر هذا الشاب إنه يخلدلنا ذكراه بالكتابة،
    سواء عن طريق كتابة محاكمته،
    أو تدوين مواقف حياته،
    زي محاورات "يوثيفرو" و"كريتو"،
    اللي حكيتلك عنهم.
    الشاب دا، يا عزيزي،
    واللي كان بين الحضور في المحاكمة،
    هو الفيلسوف العظيم "أفلاطون".
    "طب يا (أبو حميد)، ثانية واحدة!
    انت قُلتلي إن (سقراط) بيسجل موقف تاريخي،
    بيسجل موقف تاريخي ازاي،
    وهو أساسًا مش مؤمن بالكتابة؟!
    عايز تخلد مواقفك؟ اكتبها!"
    "سقراط"، يا عزيزي،
    عمّال يقولّك: "اجتهد بنفسك."
    وطريقة الـElenchus، الدحض والتفنيد،
    بتقولّك: "ما تاخدش حاجة مُسلّمة،
    هات وخُد، وادّيني حوارات ومحاورات."
    فكان بالنسبة لـ"سقراط"
    إنه يحطلك إجابات تقراها،
    في كتاب، مهما كان محتواه قوي وبليغ،
    فهي في الآخر
    حروف ميتة، مش هتنقلّك خبرة حقيقية،
    مستحيل تخلّيك بتفكر،
    وبتدوّر على الحكمة بنفسك!
    دي هتدّيك إحساس زائف بإنك فهمت،
    ودا اللي كان بيحاربه "سقراط" طول حياته.
    فالسؤال هنا، يا عزيزي،
    هل تفتكر خوف "سقراط" كان مبالغ فيه؟
    هل وجود مصدر قادر يدّينا إجابات طول الوقت
    هيدمر قدرتنا على التفكير فعلًا؟
    خلّيني، يا عزيزي، أجاوبك،
    السؤال دا سألته واحدة اسمها "كاريسا فيليز"
    أستاذة الفلسفة في جامعة "أكسفورد"،
    في مقال بعنوان...
    على حسب، يا عزيزي، سؤالها،
    بإننا نعرف الحكمة بطريقة "سقراط"
    عن طريق إننا نعرف حدود معرفتنا
    وإن ليها Limit،
    وإننا في أحيان كتير ما نعرفش،
    Simply، ربما يكون كلام جميل جدًا
    في زمن "سقراط"،
    ولكن هل دا تحليل منطقي في زمننا الحالي،
    زمن الـAI، الذكاء الاصطناعي؟
    الزمن اللي انت فيه مش محتاج كتاب تقراه،
    زي ما خاف "سقراط"،
    وإنما انت مع كلام افتراضي على Application،
    بيجاوبك على أي سؤال،
    بيخوض معاك أي محاورة من غير ما يعترض،
    عمره ما هيقولّك: "ما أعرفش!" أو يجيب ورا،
    زي الناس اللي حاورهم "سقراط".
    الكلام دا على حسب المقال،
    قادر يشكك في كل اللي حكيتهولك دا.
    "سقراط"، يا عزيزي،
    كان عايزنا ندوّر على الحقيقة،
    بس ChatGPT Was Not Built
    to Be Truth-Tracking،
    ChatGPT مش معمول عشان يلاقي الحقيقة،
    ChatGPT كيان بيقدّم تخمينات
    مبنية على أنماط مكررة متخزنة جواه،
    الـAI، يا عزيزي، مش بيقدملك معرفة حقيقية،
    ولكنه بيقدملك النسخة الأكثر تكرارًا
    من إجابة سؤالك،
    يعني، لو فيه جملة اتقالت كتير، حتى لو غلط،
    فالذكاء الاصطناعي غالبًا هيعتبرها صح،
    فمثلًا، لو العالم قرر إن هو يردد ويكتب
    في كل المواقع
    إن 2 + 2 = 5،
    ففيه احتمال كبير
    إن الآلة توافقهم، وتقولّك 5.
    دا، يا عزيزي،
    لأن ChatGPT بيشتغل بآلية بنسميها...
    الآلة بتعتمد على الـFeedback اللي بيجيلها،
    من البشر ومن الأنماط اللي بتتكرر،
    وبكدا، هتجيلك الإجابة اللي ترضيك كإنسان،
    وهي الإجابة الأكثر تكرارًا،
    زي بالظبط ما الناس في زمن "سقراط"
    كانت بتؤمن بالإجابات الشائعة،
    ولو كان "سقراط" قالها في محاكمته،
    كان هيرضي الناس.
    بل خلّيني أقولّك
    إنه لو كان معاه ChatGPT في الوقت دا،
    ربما كان هينصحه يقول إجابات غلط،
    عشان ينقذ رقبته.
    وبينما "سقراط" هيتخلد
    بمحاكمته وتضحيته كفيلسوف عبقري،
    فالمقال هيوصف ChatGPT بإنه بروفيسور كابوسي،
    عمره، على الأقل لحد دلوقتي،
    ما هيقولّك: "أنا مش عارف!"
    أو هينبهك إن انت كمان مش عارف.
    وإنما هيقدملك تخمينات باعتبارها حقايق،
    لأنه متصمم عشان يرضيك.
    وعشان يعفيك من عملية طويلة
    بتاعة التعلم واختبار القناعات،
    الحاجات اللي "سقراط"
    عاش عمره كله يشد الناس ليها.
    بل، يا عزيزي، خلّيني أقولّك
    إن "سقراط" لو شاف حلقتنا دلوقتي،
    مش هيتبسط بيها،
    بالعكس، دا ممكن يشكك في كتير فيها.
    ودا اللي عمله مؤرخين كتير
    لمّا قالوا إن معظم اللي نعرفه عن "سقراط"
    أصلًا أصلًا جايلنا من "أفلاطون"،
    "أفلاطون" اللي صور أستاذه
    بصورة مثالية زيادة عن اللزوم.
    بل خلّيني أقولّك إن بعض المؤرخين
    بيقولوا إن أصلًا بعض هذه المحاورات
    هي محاورات "سقراط" ما عملهاش أصلًا،
    وإنما تخص "أفلاطون" نفسه،
    ولكنه اختار بطلها يكون "سقراط"،
    حُبًا في "سقراط"،
    الراجل كان بيوجّب مع الأستاذ بتاعه،
    سوّح بقى المؤرخين!
    "سقراط" لو كان معانا،
    كان هيقولّك اللي بأقولهولك في كل حلقة،
    ما تصدّقش الكلام على طول،
    انزل بُص على المصادر،
    فكر في كل معلومة، واختبرها،
    جايز توصل لإجابة صح، أو غلط.
    بس الأكيد إن طريقة التفكير،
    على الأقل دلوقتي،
    عمره ما هينصحك بيها ChatGPT،
    والأكيد إنها على صعوبتها وإرهاقها،
    إلا إنها أسلم طريقة وأكثرهم ثراءً،
    عشان نعرف نجاوب على السؤال دا،
    ازاي نعيش؟
    دا، يا عزيزي، سؤال ما لهوش إجابة قاطعة،
    بس فيه إجابات في الحلقات اللي فاتت،
    فيه إجابات في الحلقات الجاية،
    فيه إجابات في المصادر،
    ولو احنا على الـ"يوتيوب"،
    أرجوك، اشترك على القناة، عمومًا.
    خلّيني، يا عزيزي، أقولّك،
    بمناسبة نهاية الحلقة،
    إن هناك بعض المصادر اللي بتقول
    إن "سقراط" ممكن يكون أسطورة.
    "طب يا (أبو حميد)، إيه المشكلة؟
    ما هو فيلسوف أسطوري فعلًا.
    دا سيد الأساطير كمان!"
    يا عزيزي، أقصد أسطورة، Myth، شخصية خيالية،
    أقولّك زي مين؟

  • "زي مين يا (أبو حميد)؟"

  • زيك.
    "إيه دا؟! ثانية واحدة يا (أبو حميد)!
    يعني، أنا (سقراط)، وانت تلميذي (أفلاطون)؟!
    يلّا ياد، قوم انجر، اعملّي شاي،
    واكتب كل محاوراتي!"
    احترم نفسك!


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

بالتأكيد، إليك ...

بالتأكيد، إليك استخلاص مهام كل وظيفة من الوظائف التي ذكرتها في النص: مهام الوظائف في الدستور الرومان...

مساء الخير يا أ...

مساء الخير يا أستاذ "فوزي"! - جاي منين إكدة؟ - جاي من الـ"سوبر ماركت". مش جايب كوكة الشوفان بتاعة كل...

/Users/danah/Do...

/Users/danah/Downloads/1-المحاضرة الأولى- نظام العمل-.pdf/Users/danah/Downloads/2- المحاضرة الثانية-...

شرح الهيكل التن...

شرح الهيكل التنظيمي لمديرية المجاهدين : الطابق العلوي: مكتب المدير: الدور: يمثل أعلى سلطة تنفيذية ...

: طرق القياس: ...

: طرق القياس: - الطريقة التجريبية المباشرة (كالوري ميتر) - الطرق غير المباشرة (معادلات تقريبية) ...

ممارسة الحرية ف...

ممارسة الحرية في المجتمعات المتنوعة: نحو تحقيق المساواة تعتبر الحرية حقًا أساسيًا لكل فرد في المجتمع...

فالطابع المميز ...

فالطابع المميز لقانون التجارة الدولي أنه أحد فروع القانون الخاص، إنه يحكم علاقات هي من نوع علاقات ال...

الفصل الأول: ال...

الفصل الأول: العلاقات العامة المفهوم المبادئ الأهداف الأهمية الوظائف، والخصائص تمهيد احتلت العلاقات ...

2 تميز السهيلي ...

2 تميز السهيلي الفكري داخل إطار المذهب الأشعري كان الإمام السهيلي من كبار أئمة المذهب الأشعري مجته...

ت ِِعُِريفِالرِ...

ت ِِعُِريفِالرِحِمِة:ِ واصِطالحًا:ِعُرِفتِبتعاريفِعِدِة؛ِمِنِأهمها: -قالالجاحظ:"خُلُقكّبمرمنالودوالج...

_ دية القتل الخ...

_ دية القتل الخطأ حسب الحنفية: وَالْخَطَأُ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْصِدَ الرَّمْيَ إلَى صَيْ...

المدرسة كمجتمع ...

المدرسة كمجتمع صغير هي عامل للتنشئة الاجتماعية، ولكي تتم التنشئة الاجتماعية يجب أن يكون هناك سلام وو...