خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
أيقظه حفيف الأحلام والفجر المضطرب.كانت الغرفة حاشدة بنومها إلى جانبه عارية تحت الملاءة الخفيفة أنفاسها ثقيلة. أحسن نداوة العرق على ساقها بجانبه، وتخايلت له ضخامة فخذها الناعمة السمراء،داهمته موجة الحب عالية، فانقلب على السرير ووضع ذراعه بحرص وحنو على كتفها. وإنها لم تعرف حتى في نومها في حركة أحشائها المعتمة، هذا الوهج الدافيء الداكن في قلبه من الرقة والقربى استمرت أنفاسها تصعد وتهبط منتظمة، شعرها ملتصق بجانب جبهتها الضيقة، وقميص نومها مفتوح وقد تزحزحت فتحته الواسعة على جانب من ثديها المسكوب اقترب بوجهه تحت عنقها وتعرف مرة أخرى على رائحة نومها وحرافة جسدها الدسم. واندفع في جسمه حس لاسع من المحبة والتمزق والرضى في وقت معا
لن تعرفي أبداً يا حبيبتي، في هذه اللحظه التي لم يشتبه عليك
ولا مشاركة خالصاً لا أنانية فيه، دون أن يكون جامعاً ومكتوماً بلا حرج. مبتسماً أو لما أكد أبتسم، في هذا اليم من الحب القائم الزرقة، لا موج فيه، وأن الفجر عندئذ كان هذا البحر، ضفافه في أسوار العالم وأنا أغوص فيه سماؤه بلا قرار
كشف عنها الغطاء الأبيض المغصن من ليلتها، وهو يثني ركبتيه قليلا حتى لا يسقط من طرف السرير أراح عظام خده على صفحة فخذها العريضة، خشونة دقته على طراوتها التي نزلت قليلاً تحته وتماسكت. وجاءته أنفاس الجسم النائم المليء تمتزج به نفئات الفتحة المكتومة المغلقة لها طعم ثقيل .في هذه الراحة قلق أجنبي عنها، يأتي من اللحظة القادمة، من خطر لم يحل أرائه بعد ولم يتكون بعد ولكنه يحمل تهديداً ماء في البدايات الأولى من يومه انحرت اللحظة الراهنة بالفعل وهو ما زال فيها. سقط أيضاً في حفرة بين زمانين كلاهما غير موجود.هو يغرق في عجين الجسد الساكن. في نومها. لم يجد ما يتعلق به في سقوطه، حتى عندما استدارت إليه، بين السوسن والصحوة تين أنة واحدة خفيفة من الراحة وطيب الحس بأنه هناك، وجهه عليها، والتفت بذراعها حول رأسه تضغطه إليها ضغطة حنان، وقالت: صباح الخير يا حبيبي، تعال عندي، أين أنا؟ ثم أستدرك: صباح الخير ورفع وجهه من الحمأة العلية المحتشدة وذراعها تشدّه إلى حضنها شدة رقيقة. وهو يسقط فجأة وباحتدام على فمها المتفوح:
عيناك تحت جفنيهما المدورين حجران لامعان لا يذوبان أبداً، منفصلة حتى في تماسها الوثيق.في مركز هذا الكون في القلب المنتفض الذي يميد، موحشة، متقدة بنار صلية، نداؤها لا تأتيه اجابة ليس الموت الذي يفصل بيننا، أنت لا تموتين أبداً. وليس الحب أنت دائماً تحسين، وأنت ما أحب أهي اللذة؟ سيف حبيث يقطر بالدم والمني واللبن المتخثر الرائحة. لسانك الممثلى، يعلق حده البائر المحرق، وتنقيض كالرق القديم وتسقط فلا أجد الكلمة الحبيبة بعد أن أموت في طعنة المتعة وجسمي كله تلفحه رياح مصوحة.كانت رعشتها الأخيرة موجة تصل من بعيد، وترقرق قلبه أيضاً ثم جمد وابتامتها غائبة وسعيدة ومكتفية بين نوم وآخر.عندما استيقظ من بيته الصغيرة كانت النافذة فتحة مثقوبة في السماء. محجوزة، ومن وراء الزجاج الفاصل كانت السقوف المنحدرة في خطوط حجرية حادة الزوايا قديمة ومسودة من الدخان، تطل على فناء عار وجهها الأسمر المدور هو وحده الذي يبدو من الملاءة التي تلقها، مرتاح وقائع في نور الصبح الضعيف المثقل برائحة شهوات قديمة منقضية.كانت عظام جسمه خفيفة وهو يطرح بنفسه يشب من على السرير. عندما نظر إلى الفناء المربع الضيق الفائر بين الحيطان
المسدودة كانت أحجار الأرضية الرمادية مكسورة ونظيفة كالرخام، بين شقوقها تراب أسود متحجر، لم ينبت فيه اخضرار كان خالياً تماماً، وبجانب الجدران الحجرية الصم، من غير طلاء، صفائح مستديرة ضخمة سوداء مغلقة بأغطيتها المقبية المبلولة بندى الصباح، معوجة محلية ولكن لا تنكسر تحملت كم شتاء من الوحدة؟ وتصدت لكم عاصفة؟ وتلوث أمام صدمات الرياح.قال لها وهما يستعدان للنزول:
الملتفة حول جذوع قوية ناعمة العضلات، هذه الحضرة الموسيقية بظلال لا نهاية لها، مطفأة وبائعة وخافتة هامة وساطعة وغضة وداكنة وقديمة ومرتجفة، أليست معجزة؟ مئات آلاف، ما لا حصر له من المعجزات يتكرر با همال، دون أدنى ضجيج ما أشد كرم هذا، هذا الاغراق، بلامبالاة في المعجزة التي تحدث بلا انقطاع الأعجاز هو هذا الذي لا وصف له، نسيج اليوم والليل الصامتين أبدأ بلا انقطاع . أنا أيضاً أحب الشجر،أدرك أن في تعجبه شيئاً من السيداجة، ودهشة ابن الأزقة والحواري المحرومة من الحضرة، وأيضاً، روح المأخوذ بثروة فادحة، ولكنها دائماً في متناول البدين، ولا تطال مهما غرف ملء الراحتين والعينين، مهما ضم عليها الذراعين والساقين في شبق يتجدد دون توقف وتظل الثروة كاملة لا لمس تنبض بصمت في ازدياد جسدها الذي ينمو ويتدفق ويسيل على الجانبين. ميراثها وملكها، مأخوذة مأخذ الشيء المفروض أصلا، ولا اهتمام به.قال لنفسه: متى تنتهي من تفلسفك هذا الذي لا يساوي مليمين؟
كانت تنظر إليه بعينين صافيتين بحيرتين ما مدى عمقهما ؟ القاع تحت السطح مباشرة لا تكاد تمه القدمان؟ أم غور بلا قرار؟ رمال صحرائه الداخلية قاحلة تحت شمس العيون الصخرية اللامعة القوة.كله. من حولنا يطفح بالقوة : بمبرر أو من غير مبرر، نحن أيضاً تستطيع أن نكون - أقصد أننا أيضاً بالفعل - قساة. هذه القوة درع هشة وإن كانت مروعة الشكل، عيناها لا تطرفان. ألم تتعلم كيف تصمد للقوة إلا بالقوة؟ دعينا على الأقل لا تفو على أحدنا الآخر إذا استطعنا، كلما استطعنا لأن ضرباتنا موجعة تقع على مقتل وقد عرفنا أليس كذلك؟ - أين منا مواضع الجراح القاتلة مهما أخفيناها تظل مفتوحة نازفة تيضب أحياناً بالدم السخن وتظل دائماً تنضح بقطرات منه قائمة لا تجف ولا ينقطع ترها
متعاقبة بل
متصلة مستمرة كل يوم كل لحظة ها نحن نموت إذن إذ تعب الحياة في كل نفس. كافياً
لنفسك من غير تبرير من غير حاجة إلى هجوم ولا دفاع ؟
الدفاع عن الشيء الصغير الناعم الحي الهش النابض بخوف وتهور وعناد معاً، القطعة الوحيدة من الجسد التي لو أصيبت لتحول جسم العالم كله إلى جثة يصعد نتنها إلى عنان الأفلاك الشاسعة، ويزخمها.قال لها : كان هناك الكثير جداً في الميزان بل كل شيء. قاصرت بكل شيء كان الرهان عالياً جداً. خسرت حتى قبل أن تبدأ اللعبة،بل لا يوجد هنا مكان للمكسب أو الخسارة، وتصبح المقامرة كلها خارج الحلبة، غير مرئية وغير مفهومة.جانب وجهها، منارة ملساء الجانب مدورة هادئة، وهما يتركان في هذا الدفء من الأجسام
والأحجار مخازن الخشب الواسعة الضخمة الأبواب،كل شيء هنا والآن موضع السؤال ليس الحب فقط بل وجودي نفسه ومشروعيته كانسان كرجل الحقيقة والخداع الأمانة والخيانة كل شيء الحرية والقهر الإنساني والألهي معاً. ولكنك هنا - كالكون كله - فيك حقاً قبس من كيان متعد منام الهي هناك بيننا حكاية كونية، الهية.وهما يزاحمان الناس ويمران بين عربات الترمس بقراطيسها المصنوعة من ورق كراريس التلاميذ وشعلاتها الصفراء التي لا تكاد نارها ترى تحت الأنور الساطعة الساقطة من الجامع القديم إلا من دخانها الذي يتشتت في نوابات مستدقة متطايرة ووشيش الكلوبات بنوره القوي الثابت على أكوام الحمص الأصفر والأبيض الملبس بالحلوى المتشققة وعرايس المولد الحمراء قليلة وأوراقها المفضضة متكسرة قليلاً وأصفاء حب العزيز الصغيرة المسحوبة المزوقة.قال لنفسه تتوهم دون أن تشفى، إن هذه الحكاية بينك وبينها شيء صوفي ألا تخلص من هذا الهوس. أنت معها هنا، بفتنتها وقبحها اليست امرأة يا أخي ؟ شيء آخر في هذا الغمر الذي لا ينتهي من الناس. شقية وطموح، مرحة ولها أسرارها الصغيرة والكبيرة - ككل الناس أليس كذلك؟ - لها عيوب جسمها وجاذبيته التي لا تقاوم نعم أحبها الكثيرون وأحبت الكثيرين، وماذا في ذلك؟
١١٤
اخطات وضحت وتعبت وأدت واجباتها وأكثر وأوت أيضاً إلى أحضان مشافها، لم تعن كثيراً بمصطلحات خلفية واجتماعية ولكنها راعتها دائماً في ذكاء وانتباه، رحمتها، وشهوتها، تسع كل شيء أنت لا تعرف، على كل حال، إلا أنها معك امرأة تعرف كيف تتمتع والمتعك. وأنت تحبها.فليكن، في حدوده؟
نحيلة ورشيقة ومعزولة وحدها مع السماء تتدلى منها سلاسل الأنوار الكهربية الملونة، نقط من الحلوى الكرة الكثيفة الضوء،وهي تسير بثقة إلى جانبه ولكنها ليست معه، وجيبتها الواسعة على جسمها المستحكم الأركان وبلوزتها المفتوحة الممثلثة بصدرها وقد تندى بعرق خفيف يلمع في الليل المنير لا يكاد ينظر إليهما الناس في الزحام، أحسها قد انسحبت مرة أخرى عنه إلى عالمها الخاص. في الاشعاع القوي الذي يأتي من تحت على جلد السماء الباهت الزرقة العتبات المباركة تحت الباب الضيق العميق تضيئها القناديل الكهربية وتفضي إلى سلام داخلي يبدو بعيداً ومنفصلاً.كان حسه جامداً في هذا البذخ الحسي الغليط الحواف كانت وحيدة إلى جانبه وسعيدة مليئة بالطاقة بعد ساعات الخمول والركود التي لم تكنند تبدو لها نهاية نشطة متوفرة بالضيق والاندفاع مرتبطة بالكثير والكثيرين ومنعزلة متفردة صنعت أشياء مجيدة مجهولة لا يدري بها أحد ولم تفعل شيئاً في النهاية مما تريد حقاً أن تفعل.من الناحية الأخرى شرفات البيوت الخشبية المتعولة على طراز المشربيات ولافتة ضخمة باسم الاتحاد الاشتراكي العربي وأبواب من الحديد الرقيق الدائرية النقوش أحجارها الجديدة المقرنصة في تقليد بارع للطراز القديم تغطيها طبقة من تراب
دسم باهت القنامة وكراسي البار الأفرنجي المطل على النيل ما زال فيه عن العشرينات والاعلانات على المرايا المصنوعة من الزجاج البلجيكي تأكلت أطراف زئبقها المعبي والشارع الفسيح . وقد اصطفت في وسطه عربات الفاكهة والخضار والعيش البلدي والشامي والمحمص بأرغفته الصغيرة الهشة المحمولة بالمم والفجل والحس الطري والكرات المتهدل الشوائي - بغض ويفيض بالجلاليب والقباقيب والملايات والبنطلونات والعمم الصعيدي والكلاكات وأنوار النيون وطنيش الزيت ورائحة السمك المقلي النقادة الثقيلة في هواء الليل.اقترب منها وأخذ بذراعها الغضة مرة أخرى. كم من أشواقك أحبطت با رامة وكم من سعادات تحققت لك أنت محدودة ومحدودة ولا نهائية. وكأنك خالدة لا الموتين الرقة الروع معا في قلبه المهتز لكن الحب فيه قاطع الحدود ليس فيه تجميع السوائل، بل حاد له نتوءات تجرح وتحز في اللحم الحي خطوطها الغائرة.كانت سيارتها الصغيرة المعتمة تشق الآن طريق النيل في أول ليل القاهرة تحت أنوار كوبري أمبابة. وكانت فيها رائحة مقلقة الحواسه مزيج من رائحة الجلد والصفيح والزوجة لبن قديم وحرارة احتراق البنزين. كانت قد بكت، وهي تقود السيارة بدموع متدفقة سهلة وصامتة وكان يحس احباطاً عميقاً وجارحاً ولا يعرف بالضبط مرجعه وكان جامداً ينظر إلى دموعها بعينين صاحبتين ويقول لنفسه منا الذي يوجعها؟ ماذا
يمكن أن تعزيها ؟
١١٦
كانت قد قالت: لا تحدث في أبدأ شيء مفرح.وكان يقول لنفسه، عملا مجهول الاسم مفقود الهوية؟ كأنها، تريد أن تعرق - كما تريد كل ليلة - في أمواج هذا النهر التي لا تنتهي، سوداء خصية، طين جسدها بها متاحاً، لتصحو مغتسلة ومشرقة، اللوتس اليانعة يسمرتها المصفرة المتوهجة منبثقة عن السطين من بين فخذي حابي القديم الذي ليس له صفاف يأتي من بحر العالم السفلي ويصب فيه بلا انتهاء أما الآن فجزيرة وملية صلبة القوام.قالت له فجأة وقد توقفت العربة في ميدان ساحل روض الفرج، وعلى البعد عربية بين شوكي يتز فوقها المصباح الغازي بتعلته الوحشية، في غيامة منقطعة الذيول من بعوض الليل الصغير المتطاير،طلاؤه واتحت الحروف العربية والانجليزية من على صفيحه المرضوض، خطوط لافتاتها كبيرة ملونة متعرجة، قالت له فجأة : ميخائيل، أما هي - بعد البكاء . فهادئة ساكنة لا حراك بها 10:02
صافية الوجنتين في ضوء مصابيح الشارع المتقطر من خلال ضبابة غاز دقيق لا يرى كانت يداها المكنزتان مرميتين على فخذيها بلا حياة على الجيب القصيرة الزرقاء القائمة القديمة اللون كل شيء ينقد في نقطة حميمة داخلية،قال: إذا طلبت ذلك مني حقاً.كان صوته سريعاً، لا تفكير فيه، متهدج الأطراف
بكل
نعم الآن وفي أية لحظة لم يقل لها حتى نعم عندما تطلبين مني، في اللحظة التي تطلبين مني كان يعرف أن السؤال معلق بأشياء كثيرة، بل كان يعرف أن السؤال لا يتعلق هو، لا يقصد به أن يترك كل شيء ويذهب معها، عرضياً ووقتياً رائلا، أو بعض ليلة حتى لغاية الصباح، وتقامر بالضروري
قالت: نعم، بطريقة ما. لا أدري لن يكون ما بيننا حكاية فيها هذا؟ ما هذا الذي بيننا الزلزال الاعصار السماء الساقطة أما أنا فأحبك، من غير حدود، من غير تحديد من غير تحفظ حاً كاملاً بريدك كلك كاملة .قالت له : لقد كنت معك نفسي معك وحدك حاولت بقدر ما وسعني، بكل ما وسعني أن أكون نفسي، صادقة إلى آخر ما أعرف
۱۱۸
حزينة أحياناً وبعيدة، أليس كذلك لكنك تقول انني لا أحبك لا أعرف ماذا تريد أن تقول . ناعماً عاد قناعاً،لم يقل لها: هل معنى هذا أنك لا تعرفين ما العاطفة؟
وتعصف بك العواطف، إلا عندما كنت تقولين . نادرا ما كنت تقولين - عن ذات نفسك الخبيثة وتدافعين عنها، يا ذات الأقنعة.قال لها أيضاً : أنت صارمة، ولا تعرفين الهوادة.نظرتك الاكلينيكية الصامتة المتفكرة التي تحب حساب أشياء كثيرة وتتخذ القرارات، وحدها، لذلك الخاصة في التشخيص
والمعرفة والتملك. لحظة ثم تتصرفين، دون اهتمام إلا بإشباع حافز قاس محايد نحو القبض ثم الراحة خوفاً من رعب المشاركة وعقابيل المشاطرة في التجربة، أنت تتخلين عن ذات جسدك عن طواعية نعم، حتى تحتفظي بنفسك دون خدش دون مساس
قالت له : ما هذا، هل نحن نجري الآن تشريحاً على الجثة بعد الموت؟ ليست أمامنا بعد، فيها أمل، جنة هذه العلاقة بيا. لم تضعها على رخام المشرحة بعد ما زال بينا شيء حي، وأعتر جداً بالصداقة.قال هادئاً بصوت مكتوم : لا أريد صداقة.وفيها بعد كان يردد تنفسه اجابته لم ينزل عنها أبداً، لم يكن يريد هذه الصداقة. ويقول لنفسه: أنت طموحجداً، أليس كذلك، وصفر اليدين. وتأخذ معها شيئاً من ضلع الجدار الداخلي للقلب. مع تقدم السنوات تصبح الدموع جمانة وصلبة ويصبح العذاب صحريا، يصبح الألم حجارة لا تذوب ولا تتفتت، فإذا تكسرت تحت وطه القسوة كانت شظايا مثلومة غير حادة، كالمة وضاغطة لا تتزاح
كان يعرف أنها سوف تستخدم كل شيء في سبيل الحصول على ما تريد كل شيء: الأفكار السلامعة المصقولة التي تعرف كيف تلعب بها وتقلبها على وجوهها، القيم الجديدة أو التقاليد العريقة على السواء، تسيرها وتحرك كوامنها وتزيح الغطاء عن شحناتها. سوف تعرف كيف تترجى وتتوسل وتبكي وتداعب أرصدة الغرور وتهدهد المخاوف وتستنفر النعرات وتربت على تورمات الكبرياء السهلة والزهو بالذات. سوف تستكين ونتظامن أو تتنمر وتتحرش كل شيء تفعل تطوع، من جسدها وعقلها وتركبتها الغنية المليئة مادة حية متدفقة تهجم عليك، وتحاصرك من كل جانب. ولكن بأمانة مطلقة ليس عندها من سلاح إلا هي : أنت وهي فقط العلاقة بينكما فقط علاقة تلخص العالم كله حقاً ولكن لا تتجاوز نفسها إليه ولا تستمد منه زاداً خارجياً، رحمها وذكاؤها، هي كلها وحدها، وأنت مهما كانت الطرائق والأساليب فهي كل الأمانة وكل الصدق الأمر كله بينك
١٢٠
وبينها، أنتها فقط هنا تفردها وصدقها الفذ. أنتها وحدكما تقرران ماذا تريدان بهذه المادة المطواع القوية القوام التي تلتصق بكل منكما، تلتف به وتغرقه وتطبق عليه الخناق في حصارها الناعم
الذي لا يطاق . أنا أنتظر التليفون، الا تريد أن ترى المتحف أو عمر على الدكاكين لا تشتر شيئاً يا أخي إذا كنت لا تريد، صحيح، لا أريدك أن تحس نفسك معي. سأبقى معك.وقالت بضيق وهي ترمقه بنظرة سريعة حاسبة : أبداً،قال يا ستي لكن أنا أريد أريد أن أضير بك وبنفسي ما دمت معك
لا تقطعه إلا النافذة، كجرح لا يندمل،قال: من؟
نفى نفسه خارج السودان للعلاج والسياسة معاً. في العائلة كانت أول هدايا يحملها إلى مصر في زياراته في هداياهم كانت سهراته في بيتنا هي الوقت الوحيد الذي يعرف كيف يستمتع به . وعين باردة عاقلة النظرة فيها حدة مكتومة قديمة، عن ضربات التنس وضربات القدر، وميخائيل لا ينتهي عجبه من صنعتها في الحديث عن موضوع لا تعرف فيه شيئاً كثيراً ولكنها تلتقط أطرافه من محدثها نفسه، ودائماً يسيل الجنس من كل مسام جسدها وعقلها ويفيض من عينيها. وهي دائما هناك،فيه كانت قد قالت له : يا روحي على دون كيشوت أحبه، أحب كل شيء
الشيخ الذي لا يريد أن يسقط ربحاً تركه في يده عصر غابر. تجمع صوره وتماثيله الخشبية والحديدية والشارات المعدنية البيضاء المنقوشة عليها ملامحه الحادة وتجمع أيضاً تجداته، وأحلامه المهدورة.١٢٢
سال نفسه قلقاً: هل أحارب أنا أيضاً طواحين الهواء؟ نعم، العدل مستحيل الحب مستحيل. فهل يمكن أن أقبل؟ هل يمكن أن أسلم؟
جاءت مبكرة، كان يتحدث في نصف النوم إلى ناس الحلم، لا يعرف من هم ولكنه يعرفهم، وقام بسرعة على طرق الباب يفتح، قالت له، بنظرة صلبة سريعة: ماذا ؟ هل تقوم باستعراض مستريب تيز أم ماذا؟
كانت قد قالت : ماذا تظن؟ هل نظن أنه سوف تكون لي معك علاقة غرامية؟ وانني سأكون عشيقتك؟ هذا مثير للسخرية. لست عشيقتك. هناك بلا شك صيغة أخرى، نعم نحن صديقان، صداقة غرامية، وبما .قالت: إلى أين سوف يقضي بنا كل ذلك؟ إلى لا شيء، وبما .كان صمته، عندئذ، خيانة أخرى.هل أنا مجرد رقم في اقتصاديات حسينك، يا رامة المحبوبة البعيدة. معادلة موضوعة بين قوسين في حسابات شهواتك وتطلبات جسمك الملحة؟ لا، لست أنا حاصل العملية الحسابية. لن يكون لها أبداً حل ضروري ومحتوم. لجسمك المبذول، حتى في داخل رياضيات الحس المعقدة، نعم، هو مبذول أيضاً، للآخرين، على ساحل هذا العالم الذي تشرق الشمس فيه وتغيب لا لواحد ولا للكل، لا لشيء ولا لأحد الشمس ليست قرصاً محرفاً منحوتاً بلا حول في حجر السماء والليل الأسود برين وينجاب عن هذا الغمر المجهل أبداً من وحدات لا عداد لها بلا نهاية ولا تميز.كانت السيارة قد عرفت لا تكاد تتحرك في سبل ميكانيكي بشري ينحدر ببطء في شارع فؤاد دخان العادم وصرخات الأبواق المتقطعة والمنجاح أوكسيد الكربون والشتائم المكتومة من وراء الزجاج، صفارة سيارة النجدة البيك أب المحملة بالجود متصلة لا تكاد تتوقف، ولا تعرف مع ذلك كيف تشق طريقها في كتلة المرور المتراصة الزاحفة بطء ولا تصمت قال لها: ماذا يحدث؟ فلم تجب كانت تقود السيارة الصغيرة تدفعها خطوة خطوة تنقل السرعة وتفتح وتعلق وترفع قدمها وتضغط، وساقاها تحت الجيب المرفوعة قليلا عن ركبتيها، على الدواسة السوداء المتربة المنزوعة قليلا عن أرضية السيارة وعليها بقايا علبة كبريت وورقة سلوفان مطبقة وتمرقة ورماد سجاير وشريط قماش تاصل بلا لون ساقها التي إلى جانبه قصيرة سمانتها ملفوفة محكمة والساق الأخرى تبدو له باطن ركبتها، تحت الكولان الشفاف القيراني اللون: أكثر بياضاً بانعكاس نور خلفي متقطر من نافذة السيارة ساقاها عمودان قصيران مكسران في مني سري منخفض السقف لهما مع ذلك نعومة
قالت له : ميخائيل، تفتح الزجاج قليلا؟
١٢٤
ضجيج المدينة يتدفق دفعة واحدة تختلط النبرات والطبقات والإيقاعات كالمعتاد؟ أم لعله أكثر قليلا؟ وعندما وصلا إلى ما قبيل الاسعاف ازداد حجم الضجة فجأة، وأقبلت تجري نحوهما، كأنما تهاجم مقدمة السيارة ثم تحرف مجموعة متفرقة من الصبية بجلاليب وبيجامات وبنطلونات مفكوكة تتوائب بين السيارات المتلاصقة الزاحفة وتفادي عجلات التروللي باس الذي رفع كتلة جسمه الضخم ثم توقف مائلاً يسد نصف الشارع.ثم اندفعت إليها سيارات تأتي من منطقة فراح غريبة غير معتادة في المرور. وفرقعات حادة من غير بعيد، وصرخات رجال تبدو ضعيفة في الصحيح الميكانيكي المختلط الأصوات، مظاهرة بعد الاسعاف ارجع ارجعي يا مدام مظاهرة
وأيد تشور وتفوح وتختفي، اثنان من أمناء الشرطة يجريان بصمت والعزال كأنها في تمرين رياضي ناحية الأصوات ارتطام زجاج يفجر ويتطاير
وهتافات غير واضحة المعالم، وتدور وتحرق من بين سيارات تندفع في كل المجاء متعاكسة ومتوازية ومتقاطعة. على السواء، بين أنين الفرامل وعويل الأبواق إلى شارع جانبي مترب طبق الفتحة يتسع أمامها ويدور بين الذكاكين والمقاهي المفتوحة، والناس
تشرب الجوزة على الرصيف، والتراب فيه بقع من مياه راكدة قديمة. والأبواب الخشبية الضيفة عليها طبقات جلدية الشكل من التراب القديم. تتخايل فوق برك النور من مصابيح الشوارع، عربات النقل الهائلة القديمة تزحف ببطء طالعة من شارع جانبي تكاد تطبق عليها حيطانه، وأمام دكان ميكانيكي أرضيته من التراب عليها عدد ومفاتيح وعجلات تقف سيارة مفتوحة الأحشاء تمتد من تحتها،لعبی الميكانيكي وجهه مدفون أسفل السيارة، وهي تحيد عنها بسرعة وتتفادى سيارة النقل الوحشية التي تعلق عليها الشارع، وإذا هما بعيدان عن دفء الزحام والصحيح الودود وأنوار البقالين والميكانيكية وعملات المابفاتورة وعربات الخضار، من زاوية غير مالوفة غير بعيد، سماء ليل الشتاء مشتعلة بوهج غريب فيه غيوم حمراء مصفرة من انعكاس مصابيح الصوديوم وايجاء احتراق وقد اختلطت عليها الاتجاهات ووقع في سحر هذا الخراب المناجي، الذي يجري فيه بناء غير مفهوم ومتروك لا يدري أين موقعه و توقفت قليلا. مأخودة هي أيضاً، وغامضة، ووجهها في العتمة يضيء بنور مكتوم. قال: ترجع للزمالك من هناء كوبري أبو العلا قريب. قالت: لا. قال: مصر الجديدة إذن، على طول، من على كورنيش النيل، ثم شيرا، لا أظن أن هناك شيئاً في هذا الطريق. لا يندمل ومن وراء الجراحتضرب دماء المدينة وتتقلب، بينما هو منفي في الداخل أوثار مقطوعة بين الجراح في نفسه وهذه النافذة. لا شيء يصل بينها حائط أبيض مصمت عليه نور الصباح، ملاءة ساطعة حارة مشدودة كأنها على سرير موت أو رخامة تشريح الجسم
الخصيب الحي الجسم الواحد المتعدد بالآلاف
متضخم مكفوظ عملى بالأكل السحت غليط جاف هنا، وهنا خايف منحوف عظامه صفراء مكشوفة مرمية على تراب الجوع والصمت، يمور ويندفع في شرايين القاهرة القديمة الشهيدة الملوثة الصابرة الفاجرة البذيئة الصباحية المتبرجة القائمة الوجه المكتومة الأنفاس بعينيها المحترفين أبداً، يتمدد وينشج ويتشنج ويتهدل ويتورم وينفجر وتتفكك عراه يشتعل فجأة ويصرح السيارات ندور سرعة وصمت. ممنوع ارجع ارجع. خد طريق صلاح سالم من ها ممنوع أحجار متناثرة وقطع طوب مكسورة في وسط الاسفلت وبلورات الزجاج الدقيقة تجمع شظاياها الدقيقة جادة الأطراف مبشورة على السواد واعلانات معووجة مقلوبة صبورة وأعمدة النور ماثلة أظلمت رؤوسها المفتوحة المشعلة الأسلاك.في الصباح كانت الأجسام الفنية تتلاصق بعضها البعض ملهمة بحماسة طفلية وبراءة، والفلاحة التي ما زالت ترتدي ملابس القرية الطويلة طرحتها الرفيقة النسيج تلف رأسها المعتز الرفيع العنق، وجلابيتها السوداء ذات السفرة
والبيوت قد صمتت وأقفلت على أهلها الخائفين قليلاً وراء البيان الموصدة تتخايل من خلف خصاص نوافذها أنوار واهنة. مدير الجماهير أمواج متلاحقة بعيدة في هدأة الليل، يأتي من الشط الأخير، لا يميز على البعد ما يهدو به ليل الجماهير ما ينفحه البركان المكتوم في نفثات مليئة حاشدة مترددة باصرار الصوت العميق الأجش من مئات الخناجر يهدد القيل والسماء وحيطان البيوت المسدودة وله صدى مرهوب محبوب تغرورق له على رغمه عيناه ويعود به الصدى إلى أمجاد شباب منقض واحباطاته الرافدة في آخر طبقات قلبه الموحلة بالألم والندم. وذوقهم تدور حوله بلا انقطاع تيارات المرور بأسلاكها وعجلاتها وصريرها كأنها لعبة سخيفة وغائرة في مستوى الحضيض وتنطلق صفارات مقطوعة الأنفاس وتنطفى، أنوار حمراء وخضراء مبتذلة الألوان في النور الغامر الجسم الصخري دائم الشباب مرجانه لا ينقضي أما العالم فينقضي وتبقى ندوب الجروح نديا فوق ندب يتصلب بها لحم القلب وتنبض الدماء في قشرته بعذاب لا ينتهي .۱۲۸
أجسام رهبانية ممزقة مخذولة جافة لا تعرف توهج الحيوية إلا في سورات خدر الحشيش ولوثات الأجساد النسائية السريعة الانطفاء، خشنة مشققة، وعلى صدورهم صلبان وسفن ذات أهلة وأشرعة من الذهب والفضة مشغولة منضمة كأنها المسارح التي تسبحبحمد الله وتضيء بنور الزيتون في محاريب مطرزة بأسماء العازة من الرخام تنمو وتترعرع كأنها أزهار وأعشاب.جسم المدينة تنفصل عنه تجمعات حائرة مزعزعة القلب تنظر وتتطلع في فضول قلق مكتوم الفوران عيون كتابية منتفخة من نوم سيء تلمع تحت غشاوتها أحلام والتمردات غير مفسرة في الوجوه المكدودة القوية التي تقابل الشمس الشتوية بيقومها الداخلية والشمس عين مفتوحة، غير محرقة، لا تستجيب نظرتها ثابتة والخوذات المعدنية المطفأة اللون : مع في الشمس والصفوف الصحراء المضطربة البيئة الهدام تسقط من عرسات الشحن بعدمات مكتومة على أقدام نحيلة مدعومة بجلد الأحدية الغليظ الجديد الذي تفوح والحته صرخة امر واحدة ضئيلة مقطوعة : دار جمع ارجع عجلات المطاط الضخمة تدور ثم تقف عالية في دسامتها السوداء تصميم بيمي سحابات بيضاء من انفجارات صغيرة الصوت تنطلق من أمامها التجمعات مشتتة بذعر غير محكوم حوافر الجيل تغوص في الأسفلت الطري الصدور المريضة الشامخة،وصمتهم المشحون وصباحهم المتناوب عليها قامات متوترة ووحيدة وموحشة فوق الرؤوس المتقاربة والتجمعات التي تجري بألف قدم وتدوس الأحجار وتتعثر بالأجسام وتذوب في الحواري الأمينة المساندة المحكمة الأرضيات بين أبواب البيوت المفتوحة أبداً لأنها بلا أفعال وسلالها الضيقة المعتمة مجاني أمينة لا تطوفا القرقعات القاتلة أغتلية القماش الخليط من المشمع الأصفر الباهت القدر اللون متهدلة على هياكل القضبان الحديدية الرفيعة خانقة فيها رائحة الخشب وجلد الأحذية والحديد وزيت البنادق الرحم رشات رصاص لها صدى في السكون المناجي، وخفيف الأقدام الكثيرة التي تجري مسموح في شوارع فرغت تماما من صحيح المرور اليومي الليل الذي لا ينقطع عيون مفتوحة لا تفهم ماذا جرى ولن تعرف أبدا، وأنين وأجراس من بعيد النيران في نور الظهر الشتوي حرارتها ضاربة ومبرئة ونورها في ليون عباد الشمس غير مرتي لها فحيح ممثلى الخلق بشار لا تسوية له بندر لا وفاء له تلعق المباني الحكومية الصفراء المصنوعة على الطراز البريطاني القديم بحريطانيا الجرداء والقضبان الحديدية المشاركة المربعات في نوافذها المحظومة الزجاج. الحريق يسري في حطب القطن ويمسك بجذور الخلفاء على القنوات والمصارف ويندلع في الأجران ويصعد له دخان أسود تقبل خوار الموت من فحل الجاموس المذبوح دماء عنقه العريضة نسبيل لا يوقفها شيء بصمت وكثافة داكنة الاحمرار على التراب المفنت بحبوبه الناعمة نصف السوداء نصة ، الصفراء أعمدة الدخان السوداء سابقة ثابتة حريفة العام في الأفواه الحافة الريق تتصاعد
وتتلوى من بينها السنة متطايرة حارة لها وشيش ووهج شرير القصد لا لون لها في الشمس سقوط الأسواب وشروخ وانشقاق الجدران والجري بالغنائم الرئة الهزيلة ونداءات لا أحد يسمعها. حوافر الخيل تصطفق على البازلت الأسود بايقاع له أصداء متكررة في الشارع الذي خلا من زحمة السيارات وضجيبها المألوف تتكون في الجسم الذي يمور عقد جديدة صلبة عنيدة ما تلبث أن تسيل ونذوب في
أيقظه حفيف الأحلام والفجر المضطرب.
كانت الغرفة حاشدة بنومها إلى جانبه عارية تحت الملاءة الخفيفة أنفاسها ثقيلة. أحسن نداوة العرق على ساقها بجانبه، وتخايلت له ضخامة فخذها الناعمة السمراء، فابتسم .
داهمته موجة الحب عالية، فجأة، على غير انتظار، فانقلب على السرير ووضع ذراعه بحرص وحنو على كتفها. لم تتململ ولكن من يقول له إنها لم تحس به، وإنها لم تعرف حتى في نومها في حركة أحشائها المعتمة، هذا الوهج الدافيء الداكن في قلبه من الرقة والقربى استمرت أنفاسها تصعد وتهبط منتظمة، شعرها ملتصق بجانب جبهتها الضيقة، وقميص نومها مفتوح وقد تزحزحت فتحته الواسعة على جانب من ثديها المسكوب اقترب بوجهه تحت عنقها وتعرف مرة أخرى على رائحة نومها وحرافة جسدها الدسم. واندفع في جسمه حس لاسع من المحبة والتمزق والرضى في وقت معا
لن تعرفي أبداً يا حبيبتي، في هذه اللحظه التي لم يشتبه عليك
أنها حدثت لناء كم كان حبي كاملاً، وموهوباً لك دون أن يقتطع منه شيء ودون أن يكون في صفوه أدنى أصل، ولا مشاركة خالصاً لا أنانية فيه، مطلقاً لك أنت وحدك، دون أن يكون جامعاً ومكتوماً بلا حرج. ويأسه
١٠٨
غير ملوث وغير جريح. لن تعرفي أبداً أنني شركت نفسي تغمرني المياه الثقيلة، مبتسماً أو لما أكد أبتسم، في هذا اليم من الحب القائم الزرقة، لا موج فيه، وأن الفجر عندئذ كان هذا البحر، ضفافه في أسوار العالم وأنا أغوص فيه سماؤه بلا قرار
كشف عنها الغطاء الأبيض المغصن من ليلتها، ونزل بوجهه من على المخدة، ورمى بذراعه حول ردفيها، وهو يثني ركبتيه قليلا حتى لا يسقط من طرف السرير أراح عظام خده على صفحة فخذها العريضة، خشونة دقته على طراوتها التي نزلت قليلاً تحته وتماسكت. وجاءته أنفاس الجسم النائم المليء تمتزج به نفئات الفتحة المكتومة المغلقة لها طعم ثقيل ..
في هذه الراحة قلق أجنبي عنها، يأتي من اللحظة القادمة، من خطر لم يحل أرائه بعد ولم يتكون بعد ولكنه يحمل تهديداً ماء في البدايات الأولى من يومه انحرت اللحظة الراهنة بالفعل وهو ما زال فيها. لم تأت اللحظة القادمة وهو لا يعرفها بعد. وعندما أسقط وجهه برفق على فرش لحمها الطيب الحصيب
الذي يتلقاء الآن هيئاً، مطواعاً تحت صلابته، سقط أيضاً في حفرة بين زمانين كلاهما غير موجود. تردى في فراغ ليس فيه تحقق بينهما
هو يغرق في عجين الجسد الساكن.
لم تلحق به، في نومها. لم تمد إليه يداً. لم ينقذه شيء. لم يجد ما يتعلق به في سقوطه، حتى عندما استدارت إليه، بين السوسن والصحوة تين أنة واحدة خفيفة من الراحة وطيب الحس بأنه هناك، وجهه عليها، والتفت بذراعها حول رأسه تضغطه إليها ضغطة حنان، وقالت: صباح الخير يا حبيبي، تعال عندي، قال وقعه يكاد يكون مسدوداً بحشوها الديث: أنا عندك يا حبيبتي، أين أنا؟ ثم أستدرك: صباح الخير ورفع وجهه من الحمأة العلية المحتشدة وذراعها تشدّه إلى حضنها شدة رقيقة. وهو يسقط فجأة وباحتدام على فمها المتفوح:
يا حبيبتي ما الذي يفصل بيننا مع ذلك؟ ما الهوة القاهرة بين جدينا الملتصفين في غرق شهوة الفجر الأولى؟ ما الغربة الضاربة في عظم العناق؟ بينها صدرك مدفون مضغوط في حضني، فخذاك ملتفتان بساقي، عيناك تحت جفنيهما المدورين حجران لامعان لا يذوبان أبداً، تسيل على صفحتها مياه الرغبة وطلب اللذة أجسادنا أحجار ندية سخنة لا تندمج، منفصلة حتى في تماسها الوثيق.
في مركز هذا الكون في القلب المنتفض الذي يميد، في نقطة ما
على المحور النابض الدفين هناك عين متيقظة أبداً، موحشة، متقدة بنار صلية، نداؤها لا تأتيه اجابة ليس الموت الذي يفصل بيننا، أنت لا تموتين أبداً. وليس الحب أنت دائماً تحسين، وأنت ما أحب أهي اللذة؟ سيف حبيث يقطر بالدم والمني واللبن المتخثر الرائحة. يقطع ما بينا. لسانك الممثلى، يعلق حده البائر المحرق، وصرختك المكتومة أنين من المتعة والتحقق والألم لساني جلدة جافة تحترق، وتنقيض كالرق القديم وتسقط فلا أجد الكلمة الحبيبة بعد أن أموت في طعنة المتعة وجسمي كله تلفحه رياح مصوحة.
كانت رعشتها الأخيرة موجة تصل من بعيد، وترقرق قلبه أيضاً ثم جمد وابتامتها غائبة وسعيدة ومكتفية بين نوم وآخر.
عندما استيقظ من بيته الصغيرة كانت النافذة فتحة مثقوبة في السماء. محجوزة، بستارتها البيضاء المتهدلة قليلا عن الهواء الذي يحسه في الخارج بارداً ومعادياً، ومن وراء الزجاج الفاصل كانت السقوف المنحدرة في خطوط حجرية حادة الزوايا قديمة ومسودة من الدخان، ومتجمدة، تطل على فناء عار وجهها الأسمر المدور هو وحده الذي يبدو من الملاءة التي تلقها، مرتاح وقائع في نور الصبح الضعيف المثقل برائحة شهوات قديمة منقضية.
كانت عظام جسمه خفيفة وهو يطرح بنفسه يشب من على السرير. عندما نظر إلى الفناء المربع الضيق الفائر بين الحيطان
المسدودة كانت أحجار الأرضية الرمادية مكسورة ونظيفة كالرخام، بين شقوقها تراب أسود متحجر، لم ينبت فيه اخضرار كان خالياً تماماً، وبجانب الجدران الحجرية الصم، من غير طلاء، صفائح مستديرة ضخمة سوداء مغلقة بأغطيتها المقبية المبلولة بندى الصباح، مرصوصة بانتظام الشجرة الوحيدة تنبثق من الحجر بخشبها النحيل القوي اللائح القتامة، معوجة محلية ولكن لا تنكسر تحملت كم شتاء من الوحدة؟ وتصدت لكم عاصفة؟ وتلوث أمام صدمات الرياح. ولكن لم تنكسر أحس أيضاً في داخله مشقة الخشب وتشققه
قال لها وهما يستعدان للنزول:
كل ورقة على كل غصن بشرايينها البيضاء الباحثة الدقيقة في اللحم الأخضر الرقيق، أليست معجزة هذه الكثافة المشغولة بدانتقلا رقيقة الجسم، الملتفة حول جذوع قوية ناعمة العضلات، هذه الحضرة الموسيقية بظلال لا نهاية لها، مطفأة وبائعة وخافتة هامة وساطعة وغضة وداكنة وقديمة ومرتجفة، أليست معجزة؟ والطيور الهشة الصغيرة تتطاير في رحاب هذا الغنى الخطر، شهباً حية في مجرات أفلاك سوداء شاسعة. أليست معجزة؟ مئات آلاف، ما لا حصر له من المعجزات يتكرر با همال، دون عناء حوالينا، دون أدنى ضجيج ما أشد كرم هذا، ما أكثر سرفه، هذا الاغراق، بلامبالاة في المعجزة التي تحدث بلا انقطاع الأعجاز هو هذا الذي لا وصف له، نسيج اليوم والليل الصامتين أبدأ بلا انقطاع .
قالت: هذا ما أجده كل يوم في الصبح عندما أفتح نافذتي. أنا أيضاً أحب الشجر، كما تعرف.
أدرك أن في تعجبه شيئاً من السيداجة، ودهشة ابن الأزقة والحواري المحرومة من الحضرة، وأيضاً، روح المأخوذ بثروة فادحة، ولكنها دائماً في متناول البدين، ولا تطال مهما غرف ملء الراحتين والعينين، مهما ضم عليها الذراعين والساقين في شبق يتجدد دون توقف وتظل الثروة كاملة لا لمس تنبض بصمت في ازدياد جسدها الذي ينمو ويتدفق ويسيل على الجانبين. أما في نبرتها فثقة بأن العالم معطى والحياة مسلم بها، ميراثها وملكها، مأخوذة مأخذ الشيء المفروض أصلا، ولا اهتمام به.
قال لنفسه: متى تنتهي من تفلسفك هذا الذي لا يساوي مليمين؟
كانت تنظر إليه بعينين صافيتين بحيرتين ما مدى عمقهما ؟ القاع تحت السطح مباشرة لا تكاد تمه القدمان؟ أم غور بلا قرار؟ رمال صحرائه الداخلية قاحلة تحت شمس العيون الصخرية اللامعة القوة.
لا تكن قساة يا رامة على أحدنا الآخر أقصد ألا ترين أن العالم
كله. من حولنا يطفح بالقوة : بمبرر أو من غير مبرر، سواء والجدران والناس التي لفحها لهيب الشهوات والاخفاق وضربتها الرياح واللامبالاة جافة محروقة. نحن أيضاً تستطيع أن نكون - أقصد أننا أيضاً بالفعل - قساة. هذه القوة درع هشة وإن كانت مروعة الشكل، أنيابها زرق مشعثة وفمها فاغر غائر الشدقين، عيناها لا تطرفان. ألم تتعلم كيف تصمد للقوة إلا بالقوة؟ دعينا على الأقل لا تفو على أحدنا الآخر إذا استطعنا، كلما استطعنا لأن ضرباتنا موجعة تقع على مقتل وقد عرفنا أليس كذلك؟ - أين منا مواضع الجراح القاتلة مهما أخفيناها تظل مفتوحة نازفة تيضب أحياناً بالدم السخن وتظل دائماً تنضح بقطرات منه قائمة لا تجف ولا ينقطع ترها
قال لنفسه: نسيج حياتنا نفسه هو هذه الميئات الصغيرة، متعاقبة بل
متصلة مستمرة كل يوم كل لحظة ها نحن نموت إذن إذ تعب الحياة في كل نفس.
قال لنفسه متى تنتهي من فلسفة المليمين هذه؟
قال لنفسه : أنت تأخذ صوتها لنفسك مرة أخرى. هذا أيضاً من خطوط دفاعك القديمة. متى تتعلم أن تقف وحدك، كافياً
لنفسك من غير تبرير من غير حاجة إلى هجوم ولا دفاع ؟
الدفاع عن الشيء الصغير الناعم الحي الهش النابض بخوف وتهور وعناد معاً، القطعة الوحيدة من الجسد التي لو أصيبت لتحول جسم العالم كله إلى جثة يصعد نتنها إلى عنان الأفلاك الشاسعة، ويزخمها.
قال لها : كان هناك الكثير جداً في الميزان بل كل شيء. قاصرت بكل شيء كان الرهان عالياً جداً. على كل شيء.
وهما يقبلان معاً على أنوار المولد وزحامه وضبيحه - يمسك بذراعها فتتركها له لحظة ثم تتعثر في حفرة على الرصيف وتتماسك وتعتدل وتسبقه خطرة
ولكني خسرت، خسرت حتى قبل أن تبدأ اللعبة، لم تكن لعبتي وميت بكل شيء كل شيء في الميزان وخسرت كان لا بد أن أخسر ليس هناك من يراهن بكل شيء ويكسب.
بل لا يوجد هنا مكان للمكسب أو الخسارة، فإن اللعبة لا تدور أصلاً، وتصبح المقامرة كلها خارج الحلبة، في الظلام، غير مرئية وغير مفهومة.
جانب وجهها، بين أمواج الناس الكثيفة، منارة ملساء الجانب مدورة هادئة، وهما يتركان في هذا الدفء من الأجسام
والأحجار مخازن الخشب الواسعة الضخمة الأبواب، وجراجات السيارات تعلوها اعلانات توكيلات فورد و شيفروليه ونصر بالحروف الانجليزية والعربية العريضة الممدودة، وسور الاصطبل الخديوي الحجري الطويل وعلى بابه رأس حصان منحوت من الحجر، والشرفة الرقيقة الأعمدة بخشها الأسود المشغول يطل على رخام فترينات الكيدة والكباب عليها أكوام حمراء قائمة متهدلة من اللحم المقطوع، ودكاكين الفسيخ والسمك فيها الصفائحاللامعة المليئة ترتفع في أعمدة مرصوصة.
كل شيء هنا والآن موضع السؤال ليس الحب فقط بل وجودي نفسه ومشروعيته كانسان كرجل الحقيقة والخداع الأمانة والخيانة كل شيء الحرية والقهر الإنساني والألهي معاً. أنت معي الآن، لا تنظرين إلي، كأنك لست معي. ولكنك هنا - كالكون كله - فيك حقاً قبس من كيان متعد منام الهي هناك بيننا حكاية كونية، الهية.
وهما يزاحمان الناس ويمران بين عربات الترمس بقراطيسها المصنوعة من ورق كراريس التلاميذ وشعلاتها الصفراء التي لا تكاد نارها ترى تحت الأنور الساطعة الساقطة من الجامع القديم إلا من دخانها الذي يتشتت في نوابات مستدقة متطايرة ووشيش الكلوبات بنوره القوي الثابت على أكوام الحمص الأصفر والأبيض الملبس بالحلوى المتشققة وعرايس المولد الحمراء قليلة وأوراقها المفضضة متكسرة قليلاً وأصفاء حب العزيز الصغيرة المسحوبة المزوقة.
قال لنفسه تتوهم دون أن تشفى، إن هذه الحكاية بينك وبينها شيء صوفي ألا تخلص من هذا الهوس. أنت معها هنا، بفتنتها وقبحها اليست امرأة يا أخي ؟ شيء آخر في هذا الغمر الذي لا ينتهي من الناس. عظيمة كانسان وامرأة ومسكينة أيضاً. شقية وطموح، مرحة ولها أسرارها الصغيرة والكبيرة - ككل الناس أليس كذلك؟ - لها عيوب جسمها وجاذبيته التي لا تقاوم نعم أحبها الكثيرون وأحبت الكثيرين، وماذا في ذلك؟
١١٤
اخطات وضحت وتعبت وأدت واجباتها وأكثر وأوت أيضاً إلى أحضان مشافها، لم تعن كثيراً بمصطلحات خلفية واجتماعية ولكنها راعتها دائماً في ذكاء وانتباه، رحمتها، وشهوتها، تسع كل شيء أنت لا تعرف، على كل حال، إلا أنها معك امرأة تعرف كيف تتمتع والمتعك. وأنت تحبها.
فليكن، ألا تستطيع أن تقبل ذلك، في حدوده؟
المئذنة الصادرة السامقة، نحيلة ورشيقة ومعزولة وحدها مع السماء تتدلى منها سلاسل الأنوار الكهربية الملونة، نقط من الحلوى الكرة الكثيفة الضوء، تهتز بلا تلاصق على الأحجار الألفية التي تعري لحمها القديم تحت الخطوط العريضة الأفقية البيضاء المغيرة والباهتة الحمرة.
وهي تسير بثقة إلى جانبه ولكنها ليست معه، كأنها ولد ولكن برشاقة أنثوية من نوع جريء ومتمكن بحذائها المنخفض الغالي الثمن الذي بهت جلده من التراب وتغضن، وجيبتها الواسعة على جسمها المستحكم الأركان وبلوزتها المفتوحة الممثلثة بصدرها وقد تندى بعرق خفيف يلمع في الليل المنير لا يكاد ينظر إليهما الناس في الزحام، وهي غائبة عنه، أحسها قد انسحبت مرة أخرى عنه إلى عالمها الخاص.
القبة العريقة يعلوها هلال صغير يبدو وكأنه صدى، في الاشعاع القوي الذي يأتي من تحت على جلد السماء الباهت الزرقة العتبات المباركة تحت الباب الضيق العميق تضيئها القناديل الكهربية وتفضي إلى سلام داخلي يبدو بعيداً ومنفصلاً.
كان حسه جامداً في هذا البذخ الحسي الغليط الحواف كانت وحيدة إلى جانبه وسعيدة مليئة بالطاقة بعد ساعات الخمول والركود التي لم تكنند تبدو لها نهاية نشطة متوفرة بالضيق والاندفاع مرتبطة بالكثير والكثيرين ومنعزلة متفردة صنعت أشياء مجيدة مجهولة لا يدري بها أحد ولم تفعل شيئاً في النهاية مما تريد حقاً أن تفعل.
من الناحية الأخرى شرفات البيوت الخشبية المتعولة على طراز المشربيات ولافتة ضخمة باسم الاتحاد الاشتراكي العربي وأبواب من الحديد الرقيق الدائرية النقوش أحجارها الجديدة المقرنصة في تقليد بارع للطراز القديم تغطيها طبقة من تراب
دسم باهت القنامة وكراسي البار الأفرنجي المطل على النيل ما زال فيه عن العشرينات والاعلانات على المرايا المصنوعة من الزجاج البلجيكي تأكلت أطراف زئبقها المعبي والشارع الفسيح . وقد اصطفت في وسطه عربات الفاكهة والخضار والعيش البلدي والشامي والمحمص بأرغفته الصغيرة الهشة المحمولة بالمم والفجل والحس الطري والكرات المتهدل الشوائي - بغض ويفيض بالجلاليب والقباقيب والملايات والبنطلونات والعمم الصعيدي والكلاكات وأنوار النيون وطنيش الزيت ورائحة السمك المقلي النقادة الثقيلة في هواء الليل.
اقترب منها وأخذ بذراعها الغضة مرة أخرى. كم من أشواقك أحبطت با رامة وكم من سعادات تحققت لك أنت محدودة ومحدودة ولا نهائية. دائية البحث عن كمال ما مفقود وكأنك كاملة، وكأنك خالدة لا الموتين الرقة الروع معا في قلبه المهتز لكن الحب فيه قاطع الحدود ليس فيه تجميع السوائل، بل حاد له نتوءات تجرح وتحز في اللحم الحي خطوطها الغائرة.
كانت سيارتها الصغيرة المعتمة تشق الآن طريق النيل في أول ليل القاهرة تحت أنوار كوبري أمبابة.. وكانت فيها رائحة مقلقة الحواسه مزيج من رائحة الجلد والصفيح والزوجة لبن قديم وحرارة احتراق البنزين. كانت قد بكت، وهي تقود السيارة بدموع متدفقة سهلة وصامتة وكان يحس احباطاً عميقاً وجارحاً ولا يعرف بالضبط مرجعه وكان جامداً ينظر إلى دموعها بعينين صاحبتين ويقول لنفسه منا الذي يوجعها؟ ماذا
يمكن أن تعزيها ؟
١١٦
كانت قد قالت: لا تحدث في أبدأ شيء مفرح.
وكان يقول لنفسه، في قوة ماذا تريد؟ هل هي تريد الرجل؟ الرجل أيا كان الرجل أم تريدني أنا؟ ولماذا هذا العكوف الآن على نفسي؟ هل يجب أن نظل دائما منفصلا معلق الحدود؟ ألا يمكن أن تندمج، أنت في هذا التيار العريض المتدفق بالدماء والمنى والمياه الطينية؟ وتذوب فيه، وتعب فيه منعتك، عملا مجهول الاسم مفقود الهوية؟ كأنها، هي، تريد أن تعرق - كما تريد كل ليلة - في أمواج هذا النهر التي لا تنتهي، سوداء خصية، طين جسدها بها متاحاً، لتصحو مغتسلة ومشرقة، اللوتس اليانعة يسمرتها المصفرة المتوهجة منبثقة عن السطين من بين فخذي حابي القديم الذي ليس له صفاف يأتي من بحر العالم السفلي ويصب فيه بلا انتهاء أما الآن فجزيرة وملية صلبة القوام.
قالت له فجأة وقد توقفت العربة في ميدان ساحل روض الفرج، وعلى البعد عربية بين شوكي يتز فوقها المصباح الغازي بتعلته الوحشية، في غيامة منقطعة الذيول من بعوض الليل الصغير المتطاير، والبائع بجلابيته الطويلة قامة غامضة في الظل، وصندوق الكوكا كولا وقد بيت لونه الأحمر وتساقط
طلاؤه واتحت الحروف العربية والانجليزية من على صفيحه المرضوض، وسيارات تاكسي واقفة على رصيف الكورنيش تحت الشجرة قديمة الزرقة منخفضة السوق، جعارين نائمة متربة، والشارع يصب إلى خرابات مكشوفة لا تكاد تتبين فيها الحفر بين أكوام الطوب والحجارة والمقاهي ساطعة خالية، خطوط لافتاتها كبيرة ملونة متعرجة، والقرآن يتطلق منها بقوة في تلاوة راسخة وبيوت منتظامنة خفيفة وصيقة. وعسكري المرور أسود وصغير على البعد يقف كأنه ناته في وسط الميدان. قالت له فجأة : ميخائيل، إذا طلبت منك فهل تترك كل شيء وتأني معي ؟ كانت عيناها محونتين، أما هي - بعد البكاء . فهادئة ساكنة لا حراك بها 10:02
صافية الوجنتين في ضوء مصابيح الشارع المتقطر من خلال ضبابة غاز دقيق لا يرى كانت يداها المكنزتان مرميتين على فخذيها بلا حياة على الجيب القصيرة الزرقاء القائمة القديمة اللون كل شيء ينقد في نقطة حميمة داخلية، مدفونة عميقاً بعناية في هذا الجسد الذي يبدو مفتوحاً ومكتوماً.
قال: إذا طلبت ذلك مني حقاً. نعم.
كان صوته سريعاً، لا تفكير فيه، متهدج الأطراف
لا يقل نعم مطلقة من غير شروط بسيطة فورية مباشرة لأنها لم تقل له : أترك كل شيء وتعال معي مطلقة، بكل اليقين، بكل
اليأس لم يقل لها : نعم، نعم الآن وفي أية لحظة لم يقل لها حتى نعم عندما تطلبين مني، في اللحظة التي تطلبين مني كان يعرف أن السؤال معلق بأشياء كثيرة، بل كان يعرف أن السؤال لا يتعلق هو، لا يقصد به أن يترك كل شيء ويذهب معها، كان يعرف أنها تطلب شيئاً آخر، عرضياً ووقتياً رائلا، أنها کانت بهذا السؤال الذي يضرب الصميم تطلب منه ليلة فقط ربما، أو بعض ليلة حتى لغاية الصباح، وأنها تلعب بالمستحيل، وتقامر بالضروري
ضرورة الحياة والموت نفسها.
قالت: نعم، أفترض أنك تحبني، بطريقة ما.
فلم يقل ها: سل أنت، أنت التي تحبينني بطريقة ما. أم هذا يوازي قولك: وأنا لا أحبك، لا أدري لن يكون ما بيننا حكاية فيها هذا؟ ما هذا الذي بيننا الزلزال الاعصار السماء الساقطة أما أنا فأحبك، من غير حدود، من غير تحديد من غير تحفظ حاً كاملاً بريدك كلك كاملة .
الكمال أيضاً مستحيل والاستحالة كاملة.
قالت له : لقد كنت معك نفسي معك وحدك حاولت بقدر ما وسعني، بكل ما وسعني أن أكون نفسي، صادقة إلى آخر ما أعرف
۱۱۸
الصدق بمزاجي المتقلب بشرودي وسرحاني إذا شئت، حزينة أحياناً وبعيدة، مرحبة بالطبع إذا جاءني المزاج ومملوءة حيوية وإقبالاً، أليس كذلك لكنك تقول انني لا أحبك لا أعرف ماذا تريد أن تقول .
بعد البكاء كان وجهها صحوا، ناعماً عاد قناعاً، من جديد.
قال لها: أنت غير عاطفية بالمرة.
كان مريراً.
لم يقل لها: هل معنى هذا أنك لا تعرفين ما العاطفة؟
لم أرك عاطفية أبداً، وتعصف بك العواطف، إلا عندما كنت تقولين . نادرا ما كنت تقولين - عن ذات نفسك الخبيثة وتدافعين عنها، يا ذات الأقنعة.
قال لها أيضاً : أنت صارمة، ولا تعرفين الهوادة.
نظرتك الاكلينيكية الصامتة المتفكرة التي تحب حساب أشياء كثيرة وتتخذ القرارات، وحدها، لذلك الخاصة في التشخيص
والمعرفة والتملك. لحظة ثم تتصرفين، دون اهتمام إلا بإشباع حافز قاس محايد نحو القبض ثم الراحة خوفاً من رعب المشاركة وعقابيل المشاطرة في التجربة، حرصاً دون التخلي عن ذات نفسك. أنت تتخلين عن ذات جسدك عن طواعية نعم، تتركين هذا الجسد، عندما تريدين، كأنما بالرغم منك، مستباحاً بلا أسوار ولا حيطة، حتى تحتفظي بنفسك دون خدش دون مساس
قالت له : ما هذا، هل نحن نجري الآن تشريحاً على الجثة بعد الموت؟ ليست أمامنا بعد، فيها أمل، جنة هذه العلاقة بيا. لم تضعها على رخام المشرحة بعد ما زال بينا شيء حي، فيما أرجو ما زلت أعرف كيف أكون صديقة حقاً، صدقني أعرف كيف أكون صديقة، وأعتر جداً بالصداقة.
قال هادئاً بصوت مكتوم : لا أريد صداقة. لا أريدك صديقة .
وفيها بعد كان يردد تنفسه اجابته لم ينزل عنها أبداً، لم يكن يريد هذه الصداقة. بل شيئاً آخر وأكبر إلى ما لا نهاية. ويقول لنفسه: أنت طموحجداً، أليس كذلك، وصفر اليدين. وكانت دموعه صعبة جداً كأنها تسقط واحدة بعد الأخرى، ثقيلة، وتأخذ معها شيئاً من ضلع الجدار الداخلي للقلب. مع تقدم السنوات تصبح الدموع جمانة وصلبة ويصبح العذاب صحريا، بدلاً من عواصف الشباب التي تهز وتدوم وتهمي بمياه الألم . يصبح الألم حجارة لا تذوب ولا تتفتت، فإذا تكسرت تحت وطه القسوة كانت شظايا مثلومة غير حادة، كالمة وضاغطة لا تتزاح
.
كان يعرف أنها سوف تستخدم كل شيء في سبيل الحصول على ما تريد كل شيء: الأفكار السلامعة المصقولة التي تعرف كيف تلعب بها وتقلبها على وجوهها، القيم الجديدة أو التقاليد العريقة على السواء، تسيرها وتحرك كوامنها وتزيح الغطاء عن شحناتها. سوف تعرف كيف تترجى وتتوسل وتبكي وتداعب أرصدة الغرور وتهدهد المخاوف وتستنفر النعرات وتربت على تورمات الكبرياء السهلة والزهو بالذات. سوف تستكين ونتظامن أو تتنمر وتتحرش كل شيء تفعل تطوع، من جسدها وعقلها وتركبتها الغنية المليئة مادة حية متدفقة تهجم عليك، وتحاصرك من كل جانب. ولكن بأمانة مطلقة ليس عندها من سلاح إلا هي : أنت وهي فقط العلاقة بينكما فقط علاقة تلخص العالم كله حقاً ولكن لا تتجاوز نفسها إليه ولا تستمد منه زاداً خارجياً، هي جسمها وروحها، رحمها وذكاؤها، هي كلها وحدها، هي نفسها أداتها وسلاحها. وأنت مهما كانت الطرائق والأساليب فهي كل الأمانة وكل الصدق الأمر كله بينك
١٢٠
وبينها، فقط لا شأن به لأحد أو لشيء في خارج هذا الذي يدور بينكما، أنتها فقط هنا تفردها وصدقها الفذ. أنتها وحدكما تقرران ماذا تريدان بهذه المادة المطواع القوية القوام التي تلتصق بكل منكما، تلتف به وتغرقه وتطبق عليه الخناق في حصارها الناعم
الذي لا يطاق .
قالت له: لا معنى أن تبقى معي في الغرفة. أنا أنتظر التليفون، يمكنك أن تخرج. الا تريد أن ترى المتحف أو عمر على الدكاكين لا تشتر شيئاً يا أخي إذا كنت لا تريد، تفرج على الواجهات، صحيح، لا أريدك أن تحس نفسك معي.
قال: إي ي؟ هل هذا ممكن؟ لا، سأبقى معك.
وقالت بضيق وهي ترمقه بنظرة سريعة حاسبة : أبداً، لا أريدك أن تفيق بي وبنفسك في هذه الغرقة المقفلة.
قال يا ستي لكن أنا أريد أريد أن أضير بك وبنفسي ما دمت معك
كان الحيس في الغرفة كثيفاً وغائماً، لا تقطعه إلا النافذة، كجرح لا يندمل، كأن وجودها معه - لحمها وجسدها وتوترها وقميص نومها الذي لبت عليه وجيبه قديمة واسعة حائلة اللون - يملأ الحبس بعجين حاشد القوام لا يكاد يلتقط فيه أنفاسه
قالت له، بعد ذلك سأخرج قليلاً، عندي ميعاد.
قال: من؟
قالت: أنت تعرف قلت لك.
كانت قد حكت له عن صداقتها مع رئيس الوزراء السوداني السابق. العجوز الطيب القلب الحاد الذكاء الواسع المعرفة، ما زال يحتفظ ببقية وسامة قديمة عربية زنجية، نفى نفسه خارج السودان للعلاج والسياسة معاً. قالت له هذا الرجل شهد مولد كل أطفالنا، في العائلة كانت أول هدايا يحملها إلى مصر في زياراته في هداياهم كانت سهراته في بيتنا هي الوقت الوحيد الذي يعرف كيف يستمتع به .
كان الرجل قد جاء منذ يومين وسلم على ميخائيل بيد باردة راحتها باهنة اللون، وعين باردة عاقلة النظرة فيها حدة مكتومة قديمة، وشهدوا معاً مباراة تنس في التليفزيون في الردهة الحاوية المعتمة التي تتناثر فيها مقاعد مشققة الجلد موحشة غير مستعملة وتحدث الرجل، بحذق الديبلوماسي الأديب العريق العجوز الملول، عن ضربات التنس وضربات القدر، ودخل في تفاصيل تكنيكية طويلة عن لعبة التنس ولعبة السياسة وهي تبادله براعة الحديث ببراعة، وميخائيل لا ينتهي عجبه من صنعتها في الحديث عن موضوع لا تعرف فيه شيئاً كثيراً ولكنها تلتقط أطرافه من محدثها نفسه، بأيد مدربة سريعة، بذهن رشيق الخطى خفيف الحركة، ودائماً يسيل الجنس من كل مسام جسدها وعقلها ويفيض من عينيها. ماذا بينها وبين هؤلاء الشيوخ هذه الحطام الباقية من أجسام وعقول كانت فتية وباهرة وتركت بصمات أقدامها على أحجار
التاريخ. وهي دائما هناك، في الظل ولكن مؤثرة حنانها الجنسي الذين الناعم يغلف هذه الركام الحادة الجافة الجسيمة الماثلة بعد عز رجولي قديم.
فيه كانت قد قالت له : يا روحي على دون كيشوت أحبه، أحب كل شيء
الشيخ الذي لا يريد أن يسقط ربحاً تركه في يده عصر غابر. تجمع صوره وتماثيله الخشبية والحديدية والشارات المعدنية البيضاء المنقوشة عليها ملامحه الحادة وتجمع أيضاً تجداته، وأحلامه المهدورة.
١٢٢
سال نفسه قلقاً: هل أحارب أنا أيضاً طواحين الهواء؟ نعم، العدل مستحيل الحب مستحيل. فهل يمكن أن أقبل؟ هل يمكن أن أسلم؟
وعندما عادت طرقت عليه الباب فجأة على غير انتظار، جاءت مبكرة، وكان في أعقاب نوم الظهر القصير المضطرب، كان يتحدث في نصف النوم إلى ناس الحلم، لا يعرف من هم ولكنه يعرفهم، وقام بسرعة على طرق الباب يفتح، نصف عار لا يدري تماماً أين الباب وهو يفتحه. قالت له، بنظرة صلبة سريعة: ماذا ؟ هل تقوم باستعراض مستريب تيز أم ماذا؟
كانت قد قالت : ماذا تظن؟ هل نظن أنه سوف تكون لي معك علاقة غرامية؟ وانني سأكون عشيقتك؟ هذا مثير للسخرية. لست عشيقتك. لن أكون عشيقتك لن تكون بيننا علاقة غرامية. هناك بلا شك صيغة أخرى، نعم نحن صديقان، هذا كل شيء علينا أن نجد هذه الصيغة. صداقة غرامية، وبما .
قالت: إلى أين سوف يقضي بنا كل ذلك؟ إلى لا شيء، وبما .
كان صمته، عندئذ، خيانة أخرى.
هل أنا مجرد رقم في اقتصاديات حسينك، يا رامة المحبوبة البعيدة. معادلة موضوعة بين قوسين في حسابات شهواتك وتطلبات جسمك الملحة؟ لا، لست أنا حاصل العملية الحسابية. لن يكون لها أبداً حل ضروري ومحتوم.
فليكن أليست هيتك لنفسك، لجسمك المبذول، حتى في داخل رياضيات الحس المعقدة، عطية، لا تعوض ولا يقارن بها شيء؟ لماذا تقف مكتوف اليدين أمام العطية كانت رائعة في بدلها. نعم، هو مبذول أيضاً،
هذا الحد الطبع المفتوح الآخرين، للآخرين، مبذول كلما أتى الليل. تعمره وتعمده ذكورة العالم في نهرها العريض الجاري المتغير الأمواج.
كان رفضه صبيانياً، في نهاية الأمر كان وما زال يطلب المتفرد والمطلق والوحيد ليس هذا ها، على ساحل هذا العالم الذي تشرق الشمس فيه وتغيب لا لواحد ولا للكل، لا لشيء ولا لأحد الشمس ليست قرصاً محرفاً منحوتاً بلا حول في حجر السماء والليل الأسود برين وينجاب عن هذا الغمر المجهل أبداً من وحدات لا عداد لها بلا نهاية ولا تميز.
كانت السيارة قد عرفت لا تكاد تتحرك في سبل ميكانيكي بشري ينحدر ببطء في شارع فؤاد دخان العادم وصرخات الأبواق المتقطعة والمنجاح أوكسيد الكربون والشتائم المكتومة من وراء الزجاج، صفارة سيارة النجدة البيك أب المحملة بالجود متصلة لا تكاد تتوقف، ولا تعرف مع ذلك كيف تشق طريقها في كتلة المرور المتراصة الزاحفة بطء ولا تصمت قال لها: ماذا يحدث؟ فلم تجب كانت تقود السيارة الصغيرة تدفعها خطوة خطوة تنقل السرعة وتفتح وتعلق وترفع قدمها وتضغط، وساقاها تحت الجيب المرفوعة قليلا عن ركبتيها، على الدواسة السوداء المتربة المنزوعة قليلا عن أرضية السيارة وعليها بقايا علبة كبريت وورقة سلوفان مطبقة وتمرقة ورماد سجاير وشريط قماش تاصل بلا لون ساقها التي إلى جانبه قصيرة سمانتها ملفوفة محكمة والساق الأخرى تبدو له باطن ركبتها، تحت الكولان الشفاف القيراني اللون: أكثر بياضاً بانعكاس نور خلفي متقطر من نافذة السيارة ساقاها عمودان قصيران مكسران في مني سري منخفض السقف لهما مع ذلك نعومة
خاصة ليست من صنع النحات بل من مس أيدي أجيال من المتعبدين كانت في السيارة تلك الرائحة من البنزين المحترق واللبن المحترق والتوتر.
قالت له : ميخائيل، تفتح الزجاج قليلا؟
١٢٤
ضجيج المدينة يتدفق دفعة واحدة تختلط النبرات والطبقات والإيقاعات كالمعتاد؟ أم لعله أكثر قليلا؟ وعندما وصلا إلى ما قبيل الاسعاف ازداد حجم الضجة فجأة، وأقبلت تجري نحوهما، كأنما تهاجم مقدمة السيارة ثم تحرف مجموعة متفرقة من الصبية بجلاليب وبيجامات وبنطلونات مفكوكة تتوائب بين السيارات المتلاصقة الزاحفة وتفادي عجلات التروللي باس الذي رفع كتلة جسمه الضخم ثم توقف مائلاً يسد نصف الشارع.
ثم اندفعت إليها سيارات تأتي من منطقة فراح غريبة غير معتادة في المرور.
تلف وتدور بسرعة في الاتجاه العكسي وتكاد تصطدم بالزحف البطيء السيل للمرور المنتظم، وفرقعات حادة من غير بعيد، وصرخات رجال تبدو ضعيفة في الصحيح الميكانيكي المختلط الأصوات، مظاهرة بعد الاسعاف ارجع ارجعي يا مدام مظاهرة
العساكر تقرب بالرصاص. وأيد تشور وتفوح وتختفي، اثنان من أمناء الشرطة يجريان بصمت والعزال كأنها في تمرين رياضي ناحية الأصوات ارتطام زجاج يفجر ويتطاير
وهتافات غير واضحة المعالم، وفي لمح البصر، وبسرعة غير معتادة وخارقة كانت سيارتها ترجع إلى الوراء في خير ضيق لا يصدق ومستحيل، وتدور وتحرق من بين سيارات تندفع في كل المجاء متعاكسة ومتوازية ومتقاطعة. على السواء، بين أنين الفرامل وعويل الأبواق إلى شارع جانبي مترب طبق الفتحة يتسع أمامها ويدور بين الذكاكين والمقاهي المفتوحة، والناس
تشرب الجوزة على الرصيف، والتراب فيه بقع من مياه راكدة قديمة. والأبواب الخشبية الضيفة عليها طبقات جلدية الشكل من التراب القديم.
والشرفات الحديدية المدورة المائلة التي تكاد تتلاصق عليها غيل منشور في الظلام من أمام الكراكيب المألوفة علب كرتون وصفائح وأخشاب ونفايات البيوت التي لا يهون الخلاص منها، تتخايل فوق برك النور من مصابيح الشوارع، عربات النقل الهائلة القديمة تزحف ببطء طالعة من شارع جانبي تكاد تطبق عليها حيطانه، وأمام دكان ميكانيكي أرضيته من التراب عليها عدد ومفاتيح وعجلات تقف سيارة مفتوحة الأحشاء تمتد من تحتها، ولا تكاد تبين من تراب الطريق ساقان نحيلتان سوداوان
لعبی الميكانيكي وجهه مدفون أسفل السيارة، وهي تحيد عنها بسرعة وتتفادى سيارة النقل الوحشية التي تعلق عليها الشارع، وإذا هما بعيدان عن دفء الزحام والصحيح الودود وأنوار البقالين والميكانيكية وعملات المابفاتورة وعربات الخضار، وإذا هو يشم رائحة مياه النيل في العتمة الفسيحة وأعمدة من الخرسانة نصف مينية تنبت لها فروع شائكة مدينة من أسياخ الحديد المتلوي وأكوام مصفوفة من الخشب تعلو باهتة عارية العظام وقضبان المترو المهجورة تلمع مبلولة في مستنقعات معلومة بالزلط وبقايا متصلية من الأسمنت الداكن وبناء التليفزيون الغامض يبدو شاهقاً، من زاوية غير مالوفة غير بعيد، سماء ليل الشتاء مشتعلة بوهج غريب فيه غيوم حمراء مصفرة من انعكاس مصابيح الصوديوم وايجاء احتراق وقد اختلطت عليها الاتجاهات ووقع في سحر هذا الخراب المناجي، الذي يجري فيه بناء غير مفهوم ومتروك لا يدري أين موقعه و توقفت قليلا. مأخودة هي أيضاً، وغامضة، ووجهها في العتمة يضيء بنور مكتوم. قال: ترجع للزمالك من هناء كوبري أبو العلا قريب. قالت: لا. قال: مصر الجديدة إذن، على طول، من على كورنيش النيل، ثم شيرا، لا أظن أن هناك شيئاً في هذا الطريق.
النافذة أيضاً جرح في الحائط الأصم، لا يندمل ومن وراء الجراحتضرب دماء المدينة وتتقلب، بينما هو منفي في الداخل أوثار مقطوعة بين الجراح في نفسه وهذه النافذة. لا شيء يصل بينها حائط أبيض مصمت عليه نور الصباح، ملاءة ساطعة حارة مشدودة كأنها على سرير موت أو رخامة تشريح الجسم
الخصيب الحي الجسم الواحد المتعدد بالآلاف
١٢٦
متضخم مكفوظ عملى بالأكل السحت غليط جاف هنا، وهنا خايف منحوف عظامه صفراء مكشوفة مرمية على تراب الجوع والصمت، يمور ويندفع في شرايين القاهرة القديمة الشهيدة الملوثة الصابرة الفاجرة البذيئة الصباحية المتبرجة القائمة الوجه المكتومة الأنفاس بعينيها المحترفين أبداً، يتمدد وينشج ويتشنج ويتهدل ويتورم وينفجر وتتفكك عراه يشتعل فجأة ويصرح السيارات ندور سرعة وصمت. ممنوع ارجع ارجع... خد طريق صلاح سالم من ها ممنوع أحجار متناثرة وقطع طوب مكسورة في وسط الاسفلت وبلورات الزجاج الدقيقة تجمع شظاياها الدقيقة جادة الأطراف مبشورة على السواد واعلانات معووجة مقلوبة صبورة وأعمدة النور ماثلة أظلمت رؤوسها المفتوحة المشعلة الأسلاك.
في الصباح كانت الأجسام الفنية تتلاصق بعضها البعض ملهمة بحماسة طفلية وبراءة، وقد لقوا حول أنفسهم جيلا يجمعهم ويحددهم في الدفاع التمرد المنظم المحكوم بأمال غامضة وهنقات مبحوحة قديمة الأذرع الممدودة المرفوعة سيقان نبات عنيد غض نياز بها رياح الشباب والأمل. والفلاحة التي ما زالت ترتدي ملابس القرية الطويلة طرحتها الرفيقة النسيج تلف رأسها المعتز الرفيع العنق، وجلابيتها السوداء ذات السفرة
العريضة فيها شق جانبي طويل يكشف عن قميص داخل خشن باهت الزرقة من كثرة الغسيل تسير وحدها بلا اهتمام تدعو الله بصوت مرتفع أن يحفظهم الشبابهم وينجبهم من كل ودى، وهي ماضية في طريقها مشغولة بهمومها كأنها على شط الترعة في البلد.
وفي آخر الليل كانت الشوارع صامتة الحرت عنها الصحة وانقطعت عنها أجسام السيارات المتدافعة المرتجفة في طنينها الميكانيكي الخشن تفع بغازات عادمها الخانقة وقد ظهرت كأنما لأول مرة الأشجار تحت الأنوار الكهربائية التي لم تتكسر، ضخمة مورقة لها حياتها الليلية الكثيفة، والبيوت قد صمتت وأقفلت على أهلها الخائفين قليلاً وراء البيان الموصدة تتخايل من خلف خصاص نوافذها أنوار واهنة.
من عبر النيل الحاضر أبداً في العتمة غير مرتي وغير مسموع خيل إليه أنه يسمع ارتظامات مياه أخرى طبال بها الحبس، مدير الجماهير أمواج متلاحقة بعيدة في هدأة الليل، يأتي من الشط الأخير، يعلو ويهبط في إيقاع يلقي الروع في قلبه، لا يميز على البعد ما يهدو به ليل الجماهير ما ينفحه البركان المكتوم في نفثات مليئة حاشدة مترددة باصرار الصوت العميق الأجش من مئات الخناجر يهدد القيل والسماء وحيطان البيوت المسدودة وله صدى مرهوب محبوب تغرورق له على رغمه عيناه ويعود به الصدى إلى أمجاد شباب منقض واحباطاته الرافدة في آخر طبقات قلبه الموحلة بالألم والندم.
جرانيت الجسم الشامخ شباب يتحدى في أول الظهر، القبول والموت، ولا عورة فيه، يتم ابشامته الغامضة الدائمة قوتي أمام الألهة لأنه منها، منزوع من بين أعمدته العملاقة النائية في صعيده الحار، من بين عتمة الشموع ورهبة السكون في زمانه السحيق، لكي يقوم بكبرياء لا ينال منها شيء في ساحته المزدحمة الرئة الريفية الشكل بين قواقع طويلة مغيرة من القطارات التي تتلوى زاحفة محبوسة بين قضبانها أو تركن إلى موت صدى مهجورة وهو مع ذلك وسط أهله وناسه، وذوقهم تدور حوله بلا انقطاع تيارات المرور بأسلاكها وعجلاتها وصريرها كأنها لعبة سخيفة وغائرة في مستوى الحضيض وتنطلق صفارات مقطوعة الأنفاس وتنطفى، أنوار حمراء وخضراء مبتذلة الألوان في النور الغامر الجسم الصخري دائم الشباب مرجانه لا ينقضي أما العالم فينقضي وتبقى ندوب الجروح نديا فوق ندب يتصلب بها لحم القلب وتنبض الدماء في قشرته بعذاب لا ينتهي .
۱۲۸
أجسام رهبانية ممزقة مخذولة جافة لا تعرف توهج الحيوية إلا في سورات خدر الحشيش ولوثات الأجساد النسائية السريعة الانطفاء، ولا تنصب عليها المياه. رمال الصحراء القدرة فئات من حبوب الصخور، والقداسة ليست من الجسم ولا من الرمال في داخل هذا الجسم الذي تتخنه الطعنات، ولا يموت أحزان
هؤلاء الرهبان عبر صحراوات الأجبال يقهرون شهواتهم العظيمة ويطاون فترة أجسادهم بأقدام الروح العنيد، خشنة مشققة، الأطراف المعشوقة الحية محاصرة تتوفر من داخل الجرانيت الوردي الصلب الذي لا يقوى عليه الزمن، وعلى صدورهم صلبان وسفن ذات أهلة وأشرعة من الذهب والفضة مشغولة منضمة كأنها المسارح التي تسبحبحمد الله وتضيء بنور الزيتون في محاريب مطرزة بأسماء العازة من الرخام تنمو وتترعرع كأنها أزهار وأعشاب.
جسم المدينة تنفصل عنه تجمعات حائرة مزعزعة القلب تنظر وتتطلع في فضول قلق مكتوم الفوران عيون كتابية منتفخة من نوم سيء تلمع تحت غشاوتها أحلام والتمردات غير مفسرة في الوجوه المكدودة القوية التي تقابل الشمس الشتوية بيقومها الداخلية والشمس عين مفتوحة، غير محرقة، لا تستجيب نظرتها ثابتة والخوذات المعدنية المطفأة اللون : مع في الشمس والصفوف الصحراء المضطربة البيئة الهدام تسقط من عرسات الشحن بعدمات مكتومة على أقدام نحيلة مدعومة بجلد الأحدية الغليظ الجديد الذي تفوح والحته صرخة امر واحدة ضئيلة مقطوعة : دار جمع ارجع عجلات المطاط الضخمة تدور ثم تقف عالية في دسامتها السوداء تصميم بيمي سحابات بيضاء من انفجارات صغيرة الصوت تنطلق من أمامها التجمعات مشتتة بذعر غير محكوم حوافر الجيل تغوص في الأسفلت الطري الصدور المريضة الشامخة، تحت الوجوه المسحوبة التي لا تفهم إلا هيجان الدماء واضطراب الناس
وصمتهم المشحون وصباحهم المتناوب عليها قامات متوترة ووحيدة وموحشة فوق الرؤوس المتقاربة والتجمعات التي تجري بألف قدم وتدوس الأحجار وتتعثر بالأجسام وتذوب في الحواري الأمينة المساندة المحكمة الأرضيات بين أبواب البيوت المفتوحة أبداً لأنها بلا أفعال وسلالها الضيقة المعتمة مجاني أمينة لا تطوفا القرقعات القاتلة أغتلية القماش الخليط من المشمع الأصفر الباهت القدر اللون متهدلة على هياكل القضبان الحديدية الرفيعة خانقة فيها رائحة الخشب وجلد الأحذية والحديد وزيت البنادق الرحم رشات رصاص لها صدى في السكون المناجي، وخفيف الأقدام الكثيرة التي تجري مسموح في شوارع فرغت تماما من صحيح المرور اليومي الليل الذي لا ينقطع عيون مفتوحة لا تفهم ماذا جرى ولن تعرف أبدا، وأنين وأجراس من بعيد النيران في نور الظهر الشتوي حرارتها ضاربة ومبرئة ونورها في ليون عباد الشمس غير مرتي لها فحيح ممثلى الخلق بشار لا تسوية له بندر لا وفاء له تلعق المباني الحكومية الصفراء المصنوعة على الطراز البريطاني القديم بحريطانيا الجرداء والقضبان الحديدية المشاركة المربعات في نوافذها المحظومة الزجاج. الحريق يسري في حطب القطن ويمسك بجذور الخلفاء على القنوات والمصارف ويندلع في الأجران ويصعد له دخان أسود تقبل خوار الموت من فحل الجاموس المذبوح دماء عنقه العريضة نسبيل لا يوقفها شيء بصمت وكثافة داكنة الاحمرار على التراب المفنت بحبوبه الناعمة نصف السوداء نصة ، الصفراء أعمدة الدخان السوداء سابقة ثابتة حريفة العام في الأفواه الحافة الريق تتصاعد
وتتلوى من بينها السنة متطايرة حارة لها وشيش ووهج شرير القصد لا لون لها في الشمس سقوط الأسواب وشروخ وانشقاق الجدران والجري بالغنائم الرئة الهزيلة ونداءات لا أحد يسمعها. حوافر الخيل تصطفق على البازلت الأسود بايقاع له أصداء متكررة في الشارع الذي خلا من زحمة السيارات وضجيبها المألوف تتكون في الجسم الذي يمور عقد جديدة صلبة عنيدة ما تلبث أن تسيل ونذوب في
الم.
غيامات الغاز المسيل للدموع أمام الصفوف الرفيعة بدروعها وعصيها وخوذاتها، عقد صغيرة أخرى سرعان ما تتكون وتتضخم رويدا وتمثل. بصبحات كأنها انفجارات مرض موجع قديم تدفقات مياه فكرة محبوسة تحت القهر والمعاناة وآلام كل يوم التي لا تفسير ولا حل لها نباحالرشاشات المتقطع الصدى الذي يبدو لا أهمية له يترك أمامه أجساما صغيرة تقط فجأة كأب أكوام قليلة الشأن من الحزن والقدوم الفقيرة تنقلها الأيدي بسرعة إلى الرصيف في انتظار رحمة قد تحي، أو لا تحيء أعشاب رفيعة القامة تنحني تحت الضربة وتسقط أزهار العشب التي لا تتفتح إلا محابة يوم ثم تنقصف هل تترك وراءها البذور الأجدعة؟ أزهار النار والمرارة التي سرعان ما تنطفى.
وكأنها ميخائيل بحس الجراح والشروخ والحريق في جسمه
الضئيل المحدود، في جسمه الآخر الممدود المدفون بين أمواج الصحراء وبطن الطين الوثير التنين يتململ من وخزات الوقع الحاد الذي تتركيه سنان الطعنات لو أنه نبض برأسه المشتعل العينين وهمه الفافر ذي الألف من الذي ينفث السنة من نار لو أنه ارتفع بظهره المكين الوطيد مستنداً إلى الذيل التاسع الأطراف المدجج بالحراشف المقتول العضل الاهتزت أعمدة السماء وتزلزل العالم السفلي الراسخ الذي ترتكز عليه الأرض السوداء.
هناك، بين هذه الأجسام التي تستمد من تقاربها دفئاً وإلهاماً ينسكب ويفيض عن ضيق مجرى حياتها الرتيب المزدحم هناك، بين هذه الأجسام التي تجمعت وتتجميع وسوف تتجمع أبداً في دفعات متراصة لا نهاية لها تهتف بصوت ليس هو مجرد تجميع أصواتها بل يأتي من مطاق آخر، وتشور بأيد أكثر بكثير من مجرد عدد أيديها، ترفع إلى سمائها فرعوناً قديماً واحداً متجدد الوجه تعديه بالروح بالدم تنشوف خلاصها تقدم قربانها صانع المجد مفجر الدماء داعي دعاء السلام تجار أمام أمون الكلي القوة الكلي العزة مانع الخبز والحب والمغفرة من الذنوب هذه الأجسام التي تشق طريقها نحو الحرية نحو الشمس ذات الأصابع الرحيمة القادرة وتعرف بغموض ولكن بتأكيد أن شمسها في داخل قلبها المكنون هناك معهم، مكانه وحريته هناك معهم عرف هذه النشوة هذه الحمر التي ليست من الأرض، وهي منها، هذه الحرارة تتدفق في دمائه كأنها البعث من الموات، هناك لم يدرك أن صوته قد يح تماماً وأن هذا الهتاف
الذي تهتز له ضلوعه إنما هو هتافهم الواحد وأنه وحده لا صوت له، هناك في ٤٦ كانت اليد التي ألقت بالقنبلة بعيدة عنه وهي يده أيضاً. وهو لا يسمع صوت الانفجار والسيارة العسكرية الانجليزية التي تنقلب فجأة حدأة مضروبة، غير بعيد عن التمثال البرونزي الداكن الصارم الوجه، ويقفز منها عسكريان بالشورت الأصفر المضحك قليلا النازل تحت الركبة، وبأيديهما التومي جنه القصيرة الفوهة، مشرعية لا تنطلق، ويجريان إلى داخل الكشك الخشبي المحاصر قبل أن يلحقها المدير العميق. أما في صمت الليل الموحش بعد ذلك فقد كان لطلقات الرصاص أصداء متضخمة لها رنين أجوف غائر الصدر هذه الأجسام التي تسقط تحت العجلات من ضربات غير مرئية لا يعرف أحد من أين تجيء كأنها فجأة أجسام الرهبان الصحراوية، ذاوية وضامرة مهدرة مجدولة، منسية، ليست لها الجنة، متى يأتي الملكون؟ من غير مجد. مرمية على الحصى والرمال نحوم فوقها الحدأ قليلا ثم تنقض فجأة من قلب المياه البيضاء المحترقة.
نعم أحبك. ولكن في حبي أيضاً خيانة محتومة.
قالت لنفسه هذا الاحترافى الداخلي لا معنى له، في الحقيقية، هذا الصمت أيضاً خيانة أنت وحدك لا صوت لك، لا حب لك نعم أحبك، وفي بؤرة هذا الحب، هذا الصمت، نواة الخيانة المحتومة. ليس شيء محتوماً. الجرائم تنسى وتنقضي، ولعلها تغتفر. تمضي على أي حال ولا
يبقى لها أثر، وحتى عظام الضحايا والشهداء تتحلل بلا ثار ولا عدالة وتذوب في الرمل والتراب الجاف.
لكن أزهار الثائرين تظل مفتوحة المخالب.
كان قد قال لها: نحن لا نكاد نعرف أحدنا الآخر يا رامة. هناك مناطق كاملة في حياتك، وفي نفسك، لا أعرف عنها شيئاً، لن أعرفها أبداً، ومع ذلك، هناك نوع من الألفة خفي وعميق ومستقر كأنه من قبل بداية الزمن يغلب كل غربة، ولا يحتاج المعرفة.
عند عودتهما في أول الصبح وقفت السيارة أمام إشارة المرور والساحة الصغيرة فيها التمثال المسطح القطة الكبيرة ملساء الجوانب وجهها خاو ممسوح واليد على رأسها كأنها بلا ثقل كأنها ليست هناك، تقعي بحركة فيها شبهة بذاءة عسكري المرور العجوز يقف شبه نائم في ملل، وأمين الشرطة بخودته البلاستيك الشفافة وثيابه الداكنة المحبوكة، بين السيارات پدور برأسه ببطء وتعال الرجل ينادي على جربه الصفراء بلا ملل ولا حرارة ولا إيقاع وقوط بعشرة بعشرة يا فوطه وفي يده فوطة نظيفة مفرودة بهزها برتابة، لا ينظر إلى أحد.
ومن على الرصيف بجوار عمود النور العالي بعد الأشجار الكشة الخضراء الغنية ترتفع فجأة إلى جانبه هذه الشجرة جافة،
عارية انحسرت عنها الحياة ولا تنتظر الربيع، نصباً من الخشب الداكن بشرايينه السوداء، تلتف أطرافه على بعضها البعض في تصلب، كأنها نسيت من زمن طويل الألم الذي مزقها وعقدها وعوجها وطواها، صراحها جامد أخرس متقلص الأدرع، يطعن السماء بأصابع طويلة مسحوبة رفيعة مثلوية، بلا أمل ولا بأس.
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
كان أول إبحار لها في 10 أبريل 1912 من لندن إلى نيويورك عبر المحيط الأطلسي، وبعد أربعة أيام من انطلاق...
بالنظـر إلـى الجـدول) 14(، نلاحـظ أن %29.9 فقـط مـن طلبـة المـدارس لديهـم العلـم عـن وجـود هاتـف لمس...
أيقظه حفيف الأحلام والفجر المضطرب. كانت الغرفة حاشدة بنومها إلى جانبه عارية تحت الملاءة الخفيفة أنف...
في الختام، تُعد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي التلفزيونية قصة نجاح في المشهد الإعلامي العربي، ودليل...
الكتابات في الصحة النفسية غربياً وعربياً كثيرة. وأكثر منها استخدام كأحد المصطلح ذاته منذ أن أطلقته ...
قد يكون الشخص في وضع محفوف بالمخاطر الطعام لأنها لا تستطيع إطعام نفسها و إطعام أسرته بكمية كافية، ...
إن القضية الرئيسة في أي تقدم ونهضة لا تكمن في الافتقار إلي الموارد الطبيعية أو الثروة المادية ، وإنم...
التكنولوجيا تتيح لي تخصيص الوسائط التعليمية لتناسب أنماط التعلم المختلفة: • المتعلم البصري يستفيد من...
تسبيب الحكم برد التعويض عن الضرر المعنوي والنفسي وأما عن طلب المدعي التعويض عن الضرر ( النفسي - الم...
Gossip is the act of talking about others behind their backs, often sharing private or untrue inform...
مناورة النرد: تحليل شامل لدمج الحظ والاستراتيجية في الشطرنجمقدمة: الانصهار الكيميائي بين الاستراتيجي...
الإفصاح المحاسبي الاستباقي ودور المراجعة الداخلية والخارجية في الإفصاح المحاسبي الاستباقي مادة: در...