لخّصلي

كان لأحد الملوك القدماء اخت تعيش معه في القصر الملكي وكان لديه ثلاث ابناءجميلين هم :اميرين واميرة ،كان اباهم يحبهم كثيرا ويفكر فيهم في كل اوقاته واحواله لتعويضهم عن والدتهم المتوفية فغارت عمتهم منهم و أرادت ان تفرق بين الأب وابنائه وفي يوم من الايام كانو الأطفال يلعبون ويمرحون في حديقة القصر فأتت عمتهم الشريرة واخبرتهم انهم سوف يذهبون للغابة واصطحبتهم وكانت خطتها ان تتركهم في الغابة وان يأكلوهم الحيوانات المفترسة،فمشوا كثيرًا الى وسط الغابة وشعروا بإرهاق ونعي وتعب شديد كانت هذه احدى خطط العمة الشريرة ،فقالو لها انهم مرهقين ومتعبين فقالت :فلتناموا تحت هذه الشجرة الجميلة حتى تحضر الحوريات لتلعب امامكم ،فصدق الأطفال المساكين وبعد ان تأكدت العمة انهم نائمون تركتهم حتى تأتي الحيوانات المفترسة لتناولهم،وعادت العمة الى القصر وهي سعيدة.
وعندما اتى وقت الغداء حضر الملك ولم يحضرو الأطفال ،فخأذ الخدم يبحثون عنهم في الحديقة والمنزل وبذلك انتشر الخبر في المدينةولم يعثروا على احدهم وحزن الملك حزنًا كبيرا ،ولكن صبر صبرًا جميلا،اما الأطفال فلم ينساهم الله بل ارسل لهم ثلاث حوريات للعناية بهم ليلًا ونهارًا، اهدتهم الحورية الأولى غزالة تحرسهم وتطعمهم وترعاهم ،اما الثانية فأهدتهم كيسًا من النقود لا يفرغ من المال ،اما الثالثة فأهدت الأخت خاتما يحفظها ويحفظ اخويها الأميرين ،وعندما كبر الأطفال استأجرو منزلا قريبا من القصر تقع نوافذه نحو جهة القصر بعد ان ودعو الغزالة والحوريات الثلاث ،وفي يوم من الأيام كانت عمتهم تطل من نافذة القصر فرأته وعرفتهم معرفة تامة ثم قالت :لا شك انهم اولاد اخي ،وبدأت في التفكير بطريقة مرة اخرى للتخلص منهم وبدأت تراقبهم حتى خرجا الأميران تاركان اختهما الصغيرة في المنزل ،فاستعدت وذهبت لزيارتها ورحبت بها وهنأتها بالمنزل ثم قالت لها :هناك احتفالات كثيرة في القصر القريب منكم واذا اردتم سوف ادعوكم الى هذه الحفلات واذا اردتي ان تكوني اجمل وارق فتاة عليك ان تشربي من ماء الحياة فهو سيجعلك اجمل فتاة بالحفلة ،قالت الأميرة :واين اجد هذا الماء؟ قالت العمة:لا اعلم عندما يأتي اخاك اطلبي منه ان يحضره لك ،وحين رجع الأمير الأكبر طلبت منه الأميرة ان يحضر لها ماء الحياة فقبل الأخ لأنه كان محبًا لأخته الصغرى ،وفي الصباح الباكر خرج الأمير للبحث عن هذا الماء ،وعندما كان ماشيا في حيرة وجد كوخ رجل متعبد فسأله هل هذا هو الطريق الصحيح لماء الحياة فأجاب الرجل :نعم سر الى نهايته ثم اصعد في ذلك الجبل وحينما تصل الى القمة ستجدبابًا كبيرًا يحرسه مجموعة من الرجال الضخمين معهم سيوف ولاكن لا تخف لأنهم عُمِي وان يروك فقط لا تصدر صوتا،وشكر الأمير الرجل ومشى في نفس الطريق الذي اخبره عنه.
فرأى اربعة رجال فمشى على اطراف اصابعه حتى لايسمعهوه ووصل بأمان ومن ثم وجد نفسه في حديقة جميلة وسطها نافورة ماء فأخذ منها قنينتين ثم خرج بهدوء ثم ذهب الى منزلهم سعيدًا جدًا ووصل الى المنزل ففرحت الأخت كثيرًا حينما رأت اخاها ،ثم قدم لها الماء ،وقد دعيَ الأخوان الى حفلة بالقصر فاستجابوا للدعوة وحضروا الحفلة،اعجب جميع الحاضرون بجمال الأميرة وجمالها،والأميرين وكمالهما ،لكن عندما رأت العمة اعجاب الجميع بالأميرة واخوانها،فغارت منها وفكرت بحيلة جديدة للتخلص من أولاد اخيها،وبالفعل وجدت طريق اخرى،ذهبت اليوم التالي الي منزل الأميرة واخوانها ،وقالت لها:لقد سعدت كثيرًا لأنك قد وجدتي ماءالحياة وبالفعل قد كنتي بلأمس اجمل فتاة بالحفل ،ولحبي لكي فأنا انصحك ان تأكلي من تفاحة الغناء ،وهو تفاح موسيقي احمر ،حتى يكون صوتك افضل صوت بالحفلة بأكملها،فرغبت الأميرة ان تجرب تفاح الغناء مثل ما قامت بتجربة مياة الحياة ،فسألتها الأميرة واين اعثر على هذه التفاحة يا سيدتي؟قالت العمة:انه يزرع في الحديقة السحرية التي حصل منها اختك على المياه،اسألي اخويك ان يحضرا لك تفاحة من هذه لتأكليها؛فقالت الأميرة :سوف اطلب منهما ذلك حين يعودا ،وفي تلك الليلة حضر اخاها الأصغر أولًا،وحينما دخل اخوها فقالت له :ارجو ان تحضر لي تفاحة الغناء من الحديقة المسحورة التي احضر من اخي الماء ؛فقد قيل لي انني اذا اكلت منها سيصبح صوتي جميلًا جدًا ،فقال اخوها :سأذهب الآن لإحضار التفاح الموسيقي يا اختي العزيزة،وودعها وخرج من دون ان ينتظر إلى الصباح الباكر ،وسار في الطريق الى الحديقة السحرية حتى وصل الى كوخ في داخل الجبل يتعبد فيه أحد الرجال الصالحين فسأله عن الطريق الموصل إلى الحديقة المسحورة كما سأله اخوه الأكبر من قبل .
أجابه الرجل الصالح:استمر في طريقك حتى تصل الى الجبل ،فالصعد فيه حتى تصل الى القمة ،ستجد بابًا كبيرًا تحرسه اربعة من الأسود ،سأله الأمير :لاكن كيف أستطيعه العبور من البابا إذا كان يحرسه اربعة ٌمن الأسود ؟فأجابه الرجل الصالح :انك لن تحتاج ان تقاتلها او تقاتلك،ولكن حينما تقرّب من الباب انظر فوقه ستجد مقصًا كبيرًا اذا رأيته مفتوحًا فدخل وانت مطمئن ،واذا وجدته مغلقًا فلا تدخل وتخاطر بحياتك يا بنيْ ،وتذكر دائما ألا تكلم احد في هذه الحديقة وألا تجيب عن سؤال احد ،سواءٌ كان انسان او حيوان ام طائرًا،شكر الأمير الرجل الصالح ومشى فإخذ يتسلق الجبل حتى وصل الى باب الحديقة السحرية ،ونظر فرأى بابًا كبيرًا يحرسه اربعة من الأسود التي لم يرَ مثلها من قبل ،ثم عندما اقترب من الباب نظر فوقه فرأى المقص مفتوحًا ،فالطمئن ودخل ،ومن ثم دخل بهدوء وقد نظرت الأسود اليه وهي مرهقة ،ولم تهجم عليه ،وبعد ان مر من الأسود ودخل الحديقة ،رأى شجرة محملة بالتفاح الأحمر الطازج ،ونظر حوله فلم يجد غير هذه الشجرة ،فقال :إنها شجرة تفاح الغناء من دون شك ،ولكن حينما أتى كي يقطف التفاح سمع صوت طائر يقول له :لقد وضع الملك اختك في السجن،ولكن عندما سمع الأمير هذا الخبر المحزن ،نسى نصيحة الرجل الصالح ،ورد على الطائر قائلًا: إن الملك لم يفعل شئ وهذا كذب،وقبل ان ينطق بكلمة واحدة تحول الأمير المسكين الى عامودٍ بجانب الشجرة ،وقد انتظرت الأميرة الكبيرة وقتًا كبيرًا حتى يعود اخاها إلى المنزل ،ولكن بلا جدوى ،وقالت الأميرة :اعتقد انه قد حدث حدثٌ مؤلم ،وعندما نظرت إلى الحاتم الذي اهدته إياه الحورية فوجدته مظلمًا ومعتمًا ،وليس متلألِأ ويبرق مثل العادة ،وطلبت أخاها الأكبر وقالت :أعتقد ان أخاك في خطرٍ، وأنه قد لحقه أذى او ضررٌ ،فالخاتم لايتبرق مثل ما كان سابقًا ،وارجو ان تذهب وتبحث عن أخاك ،فلم ينتظر الأخ الكبير كلمة اخرى و أخذ سيفه ،وودع اخته وخرج من المنزل ،وقد ذهبت الأيام والأسابيع ولم يعد الأمير الكبير وكذلك الصغير لم يعد، وأخيرًا أتى يوم اصبح فيه لون الخاتم اسود ،فصاحت: آه ! إنّ أخويّ قد ماتا ،او هما في خطر شديد.
خرجت الأميرة المعذّبة بسبب عمتها،وسارت في الطريق الذي سار فيها أخواها من قبل،حتى وصلت الى الكوخ الذي يقيم به الرجل الصالح،فرأته جالسًا امامه ،فسألته سيدي العزيز ارجو ان تدلني على طريق الحديقة السحرية ،فأجابها الرجل الصالح:سيري في هذا الطريق،فإذا وصلتي الى الجبل فاصعدي فيه،حتى تصلي إلى قمه الجبل،وهناك ستجدين اربعة ثعابين كبيرة ،لكن أدخلي الباب بظهرك فلن تمسك بسوء ،وإني سوف انصحك نصيحة ثمينة يجب ان تتذكريهاوألا تنسيها مطلقًا ؛كي لا تتحولي إلى عامود حجري من اعمدة الحديقة .وهي:لا تكلمي احد او تردي ،سواء انسان ام حيوان ام طائر ،واحذري ان تخالفي هذة النصيحة .فشكرته ،ووعدته ان تحافظ عليها ، ثم وصلت الأميرة الى باب الحديقة السحرية ،فأدارت وجهها ومشت للخلف وبالفعل كان هناك اربعة ثعابين كبيرة ،ولم ترفع الثعابين رؤوسها لتنظر إليها ،ومن ثم دخلت الأميرة للحديقة السحرية وهي مدارةً جسمها للجهة الأخرى،فوجدت الحديقة جميلة المنظر ورائعة ،وبدأت بالبحث عن اخويها ،ولم تجد احدهم او حتى اثر لهم ،ولم تجد إلا نباتًا واعشابًا خضراء،واشجار من التفاح الموسيقي الذي وصفته لها عمتها الشريرة للتخلص منهم ،ولم تجد الا تحت شجرة التفاح عامودين صخريان،وهما اخويها فقد سحروا وتحولوا الى اعمدة صخرية ،فجأة سمعت الأميرة صوتًا يقول لها:هل تحبين ان تعرفي ماذا حدث لأخويك ؟ ولكنها تذكرت نصيحة الرجل الصالح ، بعد بحث طويل وجاد لم تلقى الأميرة اخواها ،فالتكأت على احد العامودين وبدأت بالبكاء ،وبالتفكير فيما حدث لهم ؟فجأة سقطت ريشة من طائر جميلة على الأرض ،فأخذت الأميرة الريشة ،وامسكت الريشة ووضعتها على العامود،فبدأ العامود يتحرك ،وتحول على صورة اخاها الأكبر،فصاحت:لقد كنت مسحورًا بالعامود الصخري ! ومن ثم وضعت الريشة على العامود الصخري الآخر ،فتحول على صورة اخاها الثانيَ،ومن ثم اخذ كلٌّ منهم ثلاث تفاحاتٍ من تفاحات الغناء ،وخرجوا من هذه الحديقة الفظيعة للعودة للمنزل ،وعندما خرجوا من الحديقة تناول كلٌّ منهم تفاحة من تفاحاته ،وبدأوا بالغناء وكانت اصواتهم عذبة ،وبصُّدفة عندما كان الملك يتجوَّل فوق جواده قريبًا منهم سمع اصواتهم ومن شدة جمالها توقف عن التحرك وبدأ بلإنصات اليهم ووصل الأُمراء الثلاثة إلى المكان الذي وقف فيه ابوهم الملك وقابلهم وجهًا لوجه فحياهم و وحيوه أحلى تحيَّة،فرأى نجمةً من النجوم بين حاجبيْ كلٍّ منهم،فعلم انهم اولاده وحضنهم وحضنوه وبكوا كثيرًا بعد فراق كل هذه السنين ،ومن ثم اخبر الأبن الأكبر بما فعلته عمتهم،وكيف اخذتهم الى الغابة ،وكيف تركتهم تحت الشجرة ، ودخلت العمة السجن لتعيش بقية حياتها هناك،وعاش الجميع في سعادة ورخاء.