لخّصلي

وامتلئت الضواحي المؤدية إلى المركز بالمحلات التجارية التي أخفت واجهاتها الأنيقة قذارة مساكن الطبقة العاملة في المناطق الواقعة خل5فها. وقد مكّن الافتقار إلى الاتصال المباشر الطبقات الوسطى من تجاهل الواقع المروع، على الرغم من أن المؤلفين ذوي الوعي الاجتماعي مثل إليزابيث جاسكل في روايتها المبكرة ماري بارتون (1848) حاولوا إيصال الحقيقة إليهم بشكل مباشر.

كان الظلام شديدًا في الداخل. كان الكثير من زجاج النوافذ مكسورًا ومحشوًا بالخرق، وهو ما كان سببًا كافيًا للضوء الغامق الذي ساد المكان حتى في منتصف النهار... بدأوا يخترقون الظلام الدامس ورأوا ثلاثة أو أربعة أطفال صغار يتدحرجون الأرضية الرطبة، بل الرطبة، المصنوعة من الطوب، والتي كانت تتسرب من خلالها رطوبة الشارع الراكدة القذرة؛ كانت المدفأة فارغة وسوداء؛ جلست الزوجة على كرسي زوجها، وبكت في الوحدة الرطبة.

حددت دراسة إنجلز لمساكن الطبقة العاملة في مانشستر عددًا من أنواع المباني المتميزة. في البلدة القديمة، إلى الشمال مباشرة من وسط المدينة، بقي مائتان أو ثلاثمائة منزل من الماضي التجاري للمدينة، وهي الآن مكتظة بالأسر الفقيرة التي تعيش ستة أو ثمانية أو عشرة في غرفة واحدة. كانت متاهة الساحات والمحاكم مزدحمة بالأكواخ والامتدادات المائلة. لم يكن هناك مكان للقمامة سوى الأزقة نفسها، التي كانت الخنازير تتغذى من خلالها، "حيث تنمو الخنازير سمينة، ويفسد الغلاف الجوي، المحصور من الجوانب الأربعة، تمامًا بسبب التعفن". تم بناء المدينة الجديدة القريبة خصيصًا من قبل بناة مضاربين لاستيعاب التدفق السريع للسكان. وهنا وجد إنجلز تخطيطًا أكثر انتظامًا، لكن الظروف المعيشية كانت سيئة أيضًا. تم بناء مجموعات من المنازل حول ساحات صغيرة مربعة الشكل تفتح عليها النوافذ ويتم إلقاء جميع النفايات فيها. وتم بناء البعض الآخر في صفوف طويلة ومستقيمة، من الخلف إلى الخلف ومن جانب إلى آخر، مما يجعل التهوية مستحيلة. وكان لبعضها جدران من الطوب يبلغ سمكها 10 سم فقط يخترق المطر من خلالها، وتم بناء العديد منها بأقبية صالحة للسكن تتسرب إليها النفايات السائلة من الشوارع.

في منتصف القرن التاسع عشر في بريطانيا، وعلى الرغم من الكفاءة القاسية للقطاع الصناعي والأرباح الهائلة التي كان يحققها، بدت الحياة الحضرية الهشة التي نشرها على وشك الانهيار. إذا كان إسكان الطبقة العاملة سيئًا، فكذلك كانت الحال أيضًا في دور العمل المكتظة، ودور الأيتام ومصحات الأمراض العقلية، والمستشفيات البدائية غير الكافية والمغاسل العامة التي يتم توفيرها من خلال معدلات الرعية ومن خلال أعمال خيرية متفرقة. كان مستوى الصحة العامة منخفضًا بشكل مروع، مع عدم كفاية شبكات الصرف الصحي وإمدادات المياه الملوثة، لكن انتشار أوبئة الكوليرا في عامي 1832 و1848 شجع على التقدم المبكر في مجال الصحة العامة مقارنة بإسكان الطبقة العاملة. في عام 1848، نص قانون الصحة العامة الرئيسي على الصرف الرئيسي وحماية إمدادات المياه من التلوث في جميع المدن والبلدات.

ولم يحظى القانون بموافقة إجماعية من الطبقات العليا في المجتمع؛ شكك الكثيرون ليس فقط في التكلفة التي يتحملها دافعو الضرائب، بل أيضًا في المبدأ نفسه. في جميع أنحاء أوروبا، refo‏

كان ينظر إلى الإصلاحات بشكل عام بريبة كبيرة من قبل المحافظين، الذين كانوا يخشون أن تؤدي أي زيادة في قوة العمال إلى قلب المجتمع. حتى أولئك الذين يؤيدون الإصلاح شعروا أن التنازلات لا ينبغي تقديمها لأسباب تتعلق بالعدالة الاجتماعية بقدر ما يجب تقديمها كحارس ضد ثورة محتملة. ليس من الواضح ما إذا كان الدافع وراء ذلك هو المصالحة أو العمل الخيري، ولكن بالتأكيد نشأت العديد من الجمعيات الخيرية في إنجلترا بهدف توفير سكن أفضل للعمال. في عام 1848 جمعية التحسين

نشرت منظمة حالة الطبقات العاملة، برئاسة الأمير ألبرت، خططًا نموذجية لمساكن أنيقة جيدة البناء والتي من شأنها أن تؤوي، على سبيل المثال، أسرة مكونة من ستة أفراد في مساحة 45 مترًا مربعًا. على الرغم من تواضعها، إلا أنه تم بناء عدد قليل جدًا منها.

وفي نفس العام، عندما كانت الأزمة الاقتصادية التي تعصف بأوروبا في ذروتها،