لخّصلي

مقدمه الدراسة:
اضطراب اللغة النمائي (Developmental Language Disorder - DLD) يؤثر على حوالي 5-7% من الأطفال (Norbury et al., 2016; Tomblin et al., 1997). وهو اضطراب عصبي نمائي يتميز بصعوبات في استخدام وفهم اللغة الشفوية في غياب أي اضطرابات عصبية نمائية أخرى أو فقدان سمعي كبير (Bishop et al., 2016). على الرغم من أن اضطراب DLD يُعرف بالصعوبات المستمرة في اللغة الشفوية مقارنة بالأطفال الآخرين في نفس العمر، فإن الأطفال المصابين بـ DLD غالبًا ما يواجهون صعوبات في مجالات أخرى من الأداء الوظيفي، مثل المشاكل الاجتماعية والعاطفية (St Clair et al., 2011)، مستويات عالية من السلوك التحدي (Yew & O'Kearney, 2013) ، الانسحاب الاجتماعي (Hart et al., 2004) ، والخوف الشديد من المشاركة في المواقف الاجتماعية (Fujiki et al., 2004). تُعد اللغة من أهم الظواهر الاجتماعية، ولا يوجد مجتمع دون لغة، حيث يتم من خلالها التواصل والتفاهم بين أفراد المجتمع والمشاركة الفعالة في الحياة. تتكون اللغة من أربعة مظاهر رئيسية: القراءة، الكتابة، التحدث، والاستماع. الطفل المضطرب لغويًا يحتاج إلى استخدام هذه المهارات الأربعة في المواقف التعليمية والاجتماعية. إذا كان مرسلاً للغة، يستخدم التحدث أو الكتابة، وإذا كان مستقبلاً للغة، يستخدم الاستماع أو القراءة (بيومي et al., 2022). هذه الصعوبات المرتبطة بالأطفال المصابين بـ DLD ليست حتمية، حيث يوجد تباين كبير في أنماط هذه الصعوبات مع تأثر بعض الأطفال أكثر من غيرهم (Conti-Ramsden et al., 2019; Pickles et al., 2016). تشير بعض الأدلة الحديثة إلى أن هذه الفروقات الفردية قد تكون ناتجة جزئيًا عن تأثيرات جينية .(Newbury et al., 2019)
يتطور كلام الطفل المصاب بضعف لغوي مع تقدمه في العمر، حيث يصعب عليه نطق جميع الأصوات بشكل صحيح قبل عمر الخامس. اضطرابات النطق تنتشر في السنوات الأولى وتتلاشى مع نضوج الأجهزة النطقية، لكن إهمالها في هذه المرحلة يمكن أن يؤدي إلى استمرارها بالتقدم في العمر.(عبدالعزيز الشخصي ).
تؤثر العديد من العوامل على نجاح أو فشل التقدم الاجتماعي التنموي. الاختلافات الفردية بين الأطفال، مثل القدرة اللغوية، من المحتمل أن تؤثر على علاقاتهم مع الآخرين. قد تتأثر القدرة اللغوية نفسها بمتغيرات هيكلية، مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر (Arriaga et al. 2008)، وبميزات بيئية صغيرة، مثل غنى التفاعلات بين الوالدين والطفل Schwab and Lew-Williams 2016)) .مع نمو الأطفال وتوسيع علاقاتهم الاجتماعية خارج المنزل، قد تعكس كفاءتهم في اللعب الاجتماعي وعلاقات الأقران وتعزز الخصائص الناشئة من البيئة المنزلية المبكرة. إلى أي مدى تؤثر البيئة المنزلية المبكرة وتعزز العلاقات الاجتماعية في الطفولة وتأثيرها على العمليات التنموية اللاحقة غير واضح. في الدراسة الحالية نحقق في تداخل هذه العوامل في تفسير الفروق الفردية في مشاكل الأطفال الداخلية والخارجية مع وبدون اضطراب اللغة النمائي (DLD).
يؤثر اضطراب اللغة النمائي (DLD) بين 5% و7% من الأطفال (Norbury et al. 2016, Tomblin et al. 1997). يتميز بمشاكل في استخدام وفهم اللغة المنطوقة في غياب الأسباب الطبية الحيوية مثل الصمم أو اضطرابات طيف التوحد (Bishop et al. 2017). الأطفال المصابون بـ DLD يكونون في خطر متزايد لمشاكل الصحة العقلية مقارنة بأقرانهم بدون (Botting et al. 2016a, DLD .(2016b, .(Snowling et al. 2006, van Daal et al. 2007, Yew and O'Kearney 2013)
أهمية اكتساب اللغة لأطفال الروضة تكمن في دورها الحيوي في التواصل والتفاعل الاجتماعي، حيث تعد اللغة وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر والهوية الشخصية للطفل. تطور اللغة للطفل يعتبر أمرًا بالغ الأهمية لجميع المتعاملين معه، من الوالدين إلى المربين والمعلمين، حيث تساعد المعرفة بالمراحل الطبيعية لتطور اللغة في توجيه وتصميم برامج العلاج الخاصة بمشاكل الكلام واللغة. (معمر الهوارنة، 2012)
يمكن أن تأخذ مشاكل الصحة العقلية في الطفولة أشكالاً عديدة وتكون تواجد أنواع مختلفة من الصعوبات أمرًا شائعًا. تعكس مشاكل الداخل (مثل الاكتئاب، القلق، الانسحاب الاجتماعي، إلخ) ومشاكل الخارج (مثل التنمر، العنف، كسر القواعد، إلخ) هذا العامل العام من علم النفس المرضي في منتصف الطفولة (Patalay et al. 2018) وبالتالي إلى حد ما يمكن اعتبارها مظاهر مختلفة لصعوبات أساسية (Sallis et al. 2019). ومع ذلك، فإن تصنيف الصحة العقلية للطفولة إلى مشاكل داخلية وخارجية يظل شائعًا في الممارسة السريرية، وقد أظهرت أنها تتبع أنماط تنموية مختلفة بين مجموعات الأطفال المصابين بـ DLD (St Clair et al. 2011). تتواجد أنواع مختلفة من المشاكل الداخلية والخارجية معًا. على سبيل المثال، تميل المشاكل العاطفية ومشاكل الأقران إلى التطور بشكل متزامن عند الأطفال المصابين بـ DLD (Conti-Ramsden et al. 2019)، وكذلك مشاكل السلوك وفرط النشاط (Pickles et al. 2016). ومع ذلك، هناك تباين كبير في أنماط المشاكل الداخلية والخارجية، بحيث أن النتائج السلبية ليست حتمية (Conti-Ramsden et al. 2019, Pickles et al. 2016). قد يعكس هذا DLD كطيف حيث ترتبط اضطرابات بعض جوانب اللغة، وليس كلها، بمشاكل الصحة العقلية (Toppelberg and Shapiro 2000). في الواقع، قد تكون القدرة اللغوية ومشاكل الصحة العقلية مرتبطة أيضًا من خلال عوامل وراثية مشتركة (Newbury et al. 2019) وعوامل عائلية (Helland et al. 2020).
من المرجح أن تتفاعل الطبيعة والتنشئة في تطوير DLD. هناك أدلة قوية على الأساس الوراثي لـ DLD. تتراوح تقديرات الوراثة ولكنها عادة ما تكون حوالي 50% أو أكثر (Bishop and Hayiou-Thomas 2008, Bishop et al. 1995, DeThorne et al. 2006, Lewis and Thompson 1992, Tomblin and Buckwalter 1998)، مما يعني أن الفروقات الوراثية الموروثة تفسر على الأقل نصف الاختلاف في DLD في السكان. على الرغم من ذلك، هناك تركيزات أعلى من الأطفال المصابين بـ DLD في الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض (Tomblin et al. 1997). تعاني الأسر المحرومة اقتصاديًا من مستويات توتر أعلى، وصراع أسري أعلى وتميل إلى وجود موارد أقل (مثل الوقت، والترفيه، والمالية) لتكريسها لأنشطة تربية الأطفال (Conger et al. 1994, Heberle and Carter 2015). هذا يضع قيودًا على كمية ونوعية البيئة اللغوية والتواصلية المبكرة (ELCE) المتاحة للطفل، والتي تُعرف بشكل عام بما يفعله الآباء لتعزيز مهارات اللغة والتواصل وما لديهم من موارد لتسهيل لغة وتواصل الطفل (Roulstone et al. 2011). على سبيل المثال، مقارنة بالأطفال من الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية العالية، يتعرض الأطفال من الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة لكلمات أقل وخطاب موجه للأطفال أقل (Romeo et al. 2018, Schwab and Lew-Williams 2016)، مما يوفر بيئة أقل جودة لتطوير المهارات اللغوية (Fernald et al. 2013). الأطفال الذين يختبرون بيئة لغوية وتواصلية إيجابية يميلون إلى تطوير أفضل للغة والقراءة مقارنة بمن لا يختبرونها (Frijters et al. 2000, Levy et al. 2006, Roulstone et al. 2011). قد يؤدي ميل وراثي عالٍ لـ DLD إلى انتشار أعلى للاضطراب في البيئات الاقتصادية أو الاجتماعية الفقيرة بينما، قد يؤدي نفس الميل الوراثي مع البيئات الاقتصادية أو الاجتماعية الغنية إلى انتشار أقل لـ DLD (Belsky 1997).
قد يكون للأطفال المصابين بـ DLD تفاعلات اجتماعية مبكرة أقل أهمية وبالتالي بيئة لغوية وتواصلية مبكرة أفقر. تدعم الأبحاث الحديثة هذا الادعاء. الأطفال المعرضون لخطر DLD لديهم علاقة أفقر مع مقدمي الرعاية الأساسيين مقارنة بالأطفال غير المصابين بـ DLD، وهو ما قد يشير إلى فرص أقل للتعلم من التبادلات الاجتماعية الأبوية (St Clair et al. 2019). بالإشارة إلى الجوانب المحددة للبيئة اللغوية والتواصلية المبكرة، يستفيد الأطفال الذين يعانون من صعوبات لغوية أقل من القراءة المشتركة لأنهم يطرحون أسئلة أقل (Sulzby and Kaderavek 1996) لكنهم يشاركون أكثر في القراءة المشتركة عندما يقدم مقدم الرعاية الدعم العاطفي والعملي كشكل من أشكال التشجيع (Skibbe et al. 2008). قد تنشأ تحديات إضافية لبعض الأطفال المصابين بـ DLD في الأسر حيث يعاني الآباء و/أو الأشقاء أيضًا من DLD (Tomblin 1989)، مما قد يحد بشكل أكبر من التفاعلات الاجتماعية الهامة، وبالتالي يساهم في بيئة لغوية وتواصلية مبكرة أفقر مقارنة بالأطفال غير المصابين بـ DLD.
لا تكون البيئة اللغوية والتواصلية المبكرة الفقيرة مستقلة عن كيفية تفاعل الأطفال مع العالم الاجتماعي وقد تعرض الأطفال المصابين بـ DLD لخطر الصعوبات الاجتماعية المستقبلية. تعتبر التفاعلات المبكرة مع مقدمي الرعاية الأساسيين حيوية في التنشئة الاجتماعية للسلوكيات المناسبة (Bronfenbrenner 1979). على وجه التحديد، يُعتبر تطوير ارتباط آمن مع مقدم الرعاية الأساسي حيويًا لتطوير التعاطف المعرفي (Bowlby 1969)، والذي يساهم في تطوير الصداقات (van den Bedem et al. 2019) ويعمل كعازل ضد المشاكل الداخلية والخارجية عند الأطفال المصابين بـ DLD (Bakopoulou and Dockrell 2016). وبالتالي، ستشمل البيئة اللغوية والتواصلية المبكرة عالية الجودة عدة عوامل: فرص للعب والتفاعل، والتحفيز من خلال الألعاب والموارد الأخرى، واتباع قيادة الطفل واهتماماته (Tomasello 2009).
مع نمو الأطفال، يتم تعزيز التفاعلات الاجتماعية التي كانت تهيمن عليها الآباء بشكل تدريجي مع الحضور المتزايد وتأثير الأقران. على النقيض من علاقات الوالدين-الطفل، التي تهيمن عليها السلطة والassertation، تكون علاقات الأقران محايدة نسبيًا من حيث القوة (Piaget 1932). يوفر الأقران فرصًا لتوسيع المهارات وتطوير الخصائص التي تدعم التطور اللاحق. هنا، نعتبر ثلاثة أبعاد مهمة لعلاقات الأقران، وهي جودة الصداقة، وكفاءة اللعب الاجتماعي والسلوك الاجتماعي الإيجابي.
هناك أدلة واسعة على أن العلاقات الإيجابية مع الأقران وجودة الصداقة العالية مرتبطة بالرفاهية والتكيف الاجتماعي الناجح خلال الطفولة والمراهقة (McDonald et al. 2010, Peters et al. 2011, van Harmelen et al. 2016). توفر الصداقات بيئات مناسبة للتطور لممارسة المهارات والتعلم، وكذلك قواعد للاستكشاف وعوامل وقائية ضد الشدائد. يميل الأطفال المصابون بـ DLD إلى أن يكون لديهم صداقات أقل و/أو جودة أقل في الصداقات (Andres-Roqueta et al. 2016, Gertner et al. 1994)، لكن بعض الأفراد يكونون أكثر
حظًا. على سبيل المثال، وجد Durkin وConti-Ramsden (2007) أن حوالي 60% من المراهقين المصابين بـ DLD أفادوا بأن لديهم صداقات ذات جودة جيدة. علاوة على ذلك، ترتبط ميزات الصداقة الإيجابية بنتائج اجتماعية مواتية للأطفال المصابين بـ DLD (van den Bedem et al. 2019). لذلك، نعتقد أن الأطفال المصابين بـ DLD الذين لديهم صداقات ذات جودة أفضل سيكونون أقل عرضة للمشاكل الداخلية والخارجية.
وبالمثل، من المعروف أن الانخراط في اللعب مع الأقران مهم لتطوير وممارسة المهارات الاجتماعية والتواصلية (Howes et al. 1994, Pellis and Pellis 2007). يعتبر اللعب الاجتماعي مع الأقران سياقًا رئيسيًا يتم فيه استخدام وممارسة وتعلم المهارات الرئيسية للعلاقات، مثل تبادل الأدوار، والتفاوض، ومهارات التنظيم السلوكي والعاطفي (Baines and Blatchford 2010). بشكل عام، يواجه الأطفال المصابون بالاضطرابات التنموية، مثل DLD، صعوبات في الاندماج في اللعب الاجتماعي مع الأقران (Gibson et al. 2011, 2013). علاوة على ذلك، تكون سلوكيات اللعب الاجتماعي للأطفال المصابين بـ DLD أقل تطورًا وأعلى في مستويات غير النمطية مقارنة بالأقران النمطيين (DeKroon et al. 2002, Gibson et al. 2011). ومع ذلك، هناك اختلافات فردية في هذا الصدد وبعض الأطفال المصابين بـ DLD يطورون مهارات اللعب بشكل كافٍ. لذلك، توقعنا أن الأطفال الذين يتم تقييم لعبهم الاجتماعي بشكل أكثر إيجابية سيكون لديهم مشاكل أقل داخلية وخارجية.

أخيرًا، تكون السلوكيات الاجتماعية الإيجابية مؤاتية للعلاقات الاجتماعية الإيجابية. الأطفال الاجتماعيون الإيجابيون يكونون أكثر قبولًا وشعبية بين أقرانهم (Asher and Coie 1990, Zimmer-Gembeck et al. 2005). بدورها، ترتبط الاجتماعية الإيجابية بعدد أقل من المشاكل الداخلية والخارجية (Coulombe and Yates 2018, Griese and Buhs 2014, Troop-Gordon and Unhjem 2018). بالنسبة للأطفال والمراهقين المصابين بـ DLD، يرتبط مرة أخرى السلوك الاجتماعي الإيجابي بعدد أقل من المشاكل الداخلية والخارجية (Toseeb and St Clair 2020, Toseeb et al. 2017). انسجامًا مع الأعمال السابقة، توقعنا أن الأطفال الأكثر اجتماعية إيجابية سيعانون من مشاكل داخلية وخارجية أقل.