لخّصلي

عبر مسيرة متواصلة وطموحة للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في إنجاز المؤشرات العامة للحسابات القومية، قام الجهاز بنشر تلك المؤشرات سنويا منذ عام 1994 حتى الآن. وقد رافق نشر هذه المؤشرات تطور مستمر في المنهجية المتبعة. حيث قامت دائرة الحسابات القومية منذ عام 1997 باعتماد آلية جداول العرض والاستخدام التي تتيح المجال لتحقيق الاتساق الداخلي للبيانات على اعتبار أن ما هو معروض مساوٍ لما هو مستخدم في الاقتصاد الكلي.

2.3 الناتج المحلي والدخل القومي المتاح الإجمالي

شهد الاقتصاد الكلي الفلسطيني خلال الفترة 1994-2005، اضطراباً حاد في أدائه العام معبراً عن ضعفه وهشاشته وتأثره الشديد بمدى الاضطرابات السياسية وحالة عدم الاستقرار السياسي التي تلعب دوراً في إيجاد حالة من عدم التيقن والاستقرار الاقتصادي، وبالتالي تحد من توفير بيئة استثمارية لازمة لدفع عجلة الاقتصاد الكلي. وبالنظر إلى البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بصورة كبيرة خلال الفترة 1999-1994 ، على الرغم من المشاكل والتطورات السياسية التي شهدها الاقتصاد الكلي الفلسطيني، والمتمثلة أساساً بإجراءات وسياسات الحصار والإغلاق الإسرائيلي

تجاه الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي عطل اقتصادها وأثر سلباً على أدائه.

إلا أنه وعلى الرغم من تلك الإجراءات ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في الضفة الغربية وقطاع غزه بحوالي 49.8% بالأسعار الثابتة خلال الفترة الممتدة من 1999-1994، في حين تراجع قليلاً عام 2000 بسبب الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى وقف الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت في الربع الرابع من العام 2000، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.5% عام 2000 مقارنة مع

العام 1999.

ويستشف من البيانات التى أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن الناتج الإجمالي المحلي قد نما بصورة مطردة خلال الفترة 1994-2000 والذي يمكن أن نعزوه إلى عدد من القضايا والأسباب والتي من أهمها المساعدات والقروض والمنح المالية وروح التفاؤل التي سادت المنطقة مع بداية عملية السلام والتسوية، وما رافقها من حركة نشطة من مؤسسات الإقراض الدولية والأجنبية الفلسطيني، الحسابات القومية، إعداد مختلفة). لمشاريع وبرامج تنموية (ماس، المراقب الاقتصادي، والجهاز المركزي للإحصاء

وقد اشتدت حدة الإجراءات الإسرائيلية صرامة تجاه الشعب الفلسطيني واقتصاده مع نهاية العام 2000 وحتى الوقت الحالي، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتدمير كامل البنية التحتية في الأراضي الفلسطينية، كما دمرت مئات الورش الصناعية، وأعادت احتلال كامل المناطق الفلسطينية التي كانت مصنفة (A) والخاضعة بالكامل للسيطرة الأمنية والإدارية المطلقة للسلطة الفلسطينية، وكل ذلك أدى إلى تراجع النشاط الاقتصادي وتوقف عجلة الإنتاج والتنمية الاقتصادية

والاجتماعية، وتراجع حاد في الناتج المحلي الإجمالي.

وكما يتضح من الجدول رقم (1) في الملاحق بنهاية الوحدة فقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الفترة 2001-2005 بنسب متفاوتة، إلا أن عام 2002 كان الأشد والأكثر خسارة في الناتج المحلي، حيث تراجع بنسبة 21.2% مقارنة مع عام 1999 ، وذلك بسبب ارتفاع حدة الإجراءات والسياسات الإسرائيلية تجاه الاقتصاد الفلسطيني، وارتفع قليلاً في الأعوام 2003، 2004، و 2005 إلا انه بقي دون معدله في عام 1999 (الجهاز المركزي للإحصاء

الفلسطيني، الحسابات القومية، إعداد مختلفة).

إن حالات التذبذب التي مر ولا زال يمر بها الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بين الارتفاع والانخفاض، تثبت حقيقة ارتباط وتبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي، وارتهائه للحالة الأمنية والسياسية التي تسود الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، خاصة في ظل عدم السيطرة الفلسطينية على الحدود

والمعابر، وإخضاع ذلك للقرارات الإسرائيلية.

3.3 القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد الفلسطيني

تشير البيانات المتوفرة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن الاقتصاد الفلسطيني هو اقتصاد خدماتي بالدرجة الأولى، ويبدو ذلك من خلال حجم مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي، حيث لا زال هذا القطاع يحتل المرتبة الأولى في المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغت مساهمته في العام 1996 حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، يليه القطاع الصناعي 16.8%، والزراعة 14.6% ، والإنشاءات .8% وفي عام 1999 لوحظ أن مساهمة قطاع الإنشاءات في الناتج المحلي الإجمالي فاقت بصورة ملحوظة مساهمة القطاع الزراعي، وذلك بسبب زيادة الاهتمام بقطاع الإنشاءات على حساب القطاع الزراعي، لتلبية الطلب المتزايد على الإسكان والمباني وخدمات البنية التحتية (ماس، المراقب الاقتصادي، والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الحسابات القومية،

إعداد مختلفة).

ومع نهاية عام 2000 حيث اندلعت الانتفاضة الثانية، واتخذت الحكومة الإسرائيلية سلسلة من الإجراءات والسياسات القمعية ضد الشعب الفلسطيني واقتصاده تراجع الأداء الاقتصادي للقطاعات الإنتاجية المولدة للدخل في الاقتصاد

وبعد العام 2000، تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بشكل واضح، وذلك بسبب حالة الركود الاقتصادي التي سادت الأراضي الفلسطينية، حيث بلغ عام 2002 حوالي 1203 دولارات بنسبة تراجع مقدارها 28.5% مقارنة مع

تشير البيانات الصادرة والمتوفرة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الأراضي الفلسطينية قد ارتفع خلال الفترة 1994-1999 بنسبة 27.3%، وبمعدل سنوي بلغ %49، وهذا الارتفاع انطبق أيضا على كل من الضفة الغربية وقطاع غزة على حدة، حيث ارتفع في كل منهما على التوالي بنسبة %33% و 22.7% (الأونكتاد،
لقد أرسلت
6.3 نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح

بداية لا بد من التأكيد على أن الدخل الفلسطيني يعتمد بالدرجة الأولى على حجم الإنتاج في السوق الفلسطيني، والذي تتحكم فيه بالدرجة الأولى سلطات الاحتلال الإسرائيلي. فالعمالة في إسرائيل والتجارة عبرها تشكل أهم مقومات نصيب الفرد من الناتجين المحلي والقومي الإجماليين، الأمر الذي ينجم عنه زيادة الإنتاجية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتالي الارتفاع في حجم المدخرات والاستثمارات الخاصة.

وإذا ما حدث عكس ذلك، فسينجم عنه آثاراً سلبية تؤدي في النهاية إلى حدوث حالة من الكساد والركود الاقتصادي.