لخّصلي

الحملات البرتغالية ضد البحرين
بسط البرتغاليون نفوذهم على هرمز سنة 1507 وشرعوا بالتخطيط لاحتلال البحرين التي كانت لها أهمية كبيرة عندهم، ولأجل ذلك شنوا أربع حملات:
1ـ حملة سنة 1514
بعد وفاة ملك هرمز سنة 1513 امتنع الجبور حكام البحرين عن دفع الأتاوة إلى هرمز، فأرسل نائب الملك البرتغالي رسالة إلى الملك، يطلب فيها الإذن بغزو البحرين وانتزاع اسم محمد منها وتخريب أماكن المسلمين المقدسة التي لا تبعد عن البحرين سوى 16 مرحلة بالجمال وهذه مسافة قريبة جدا، وذكر له أن البحرين غنية جدا باللؤلؤ، والسيطرة عليها تسهل مهمة القضاء على الإسلام.
تحركت الحملة باتجاه البحرين لكن الرياح العاتية وضحالة المياه أجبرتهم على العودة إلى هرمز.

2ـ حملة سنة 1520
لهذه الحملة أسباب مهمة وهي كما يأتي:
أ ـ عين ملك البرتغال نائبا جديدا له في هرمز وفي سنة 1520 طلب النائب من ملك هرمز تبرير أسباب تأخره في دفع الأتاوات فذكر له أن السبب يعود إلى رفض حاكم الإحساء والبحرين الأمير مقرن دفع ما عليه من أتاوات.
ب ـ بدأ الأمير مقرن حاكم البحرين بتوسيع نفوذه في منطقة الخليج العربي والتعرض للسفن التجارية بين البصرة وهرمز.
ج ـ طور سفنا حربية بمساعدة حرفيين عثمانيين هذه السفن تتميز بكونها سريعة وصغيرة ولا تعتمد على الأشرعة في الإبحار وإنما على التجذيف.
د ـ نجح الأمير مقرن بالتعاون مع الخبراء العثمانيين على تدريب رجاله على استخدام تقنية البارود ودعم اسطوله البحري بالأسلحة النارية في وقت كان البرتغاليون يجردون مناطق الخليج العربي من الأسلحة.
بناء على كل هذه المعطيات جهز البرتغاليون والهرمزيون حملة كبيرة لغزو البحرين تتألف من اسطول كبير يحمل 1200 جندي مع بعض الخيول.
تشتت الأسطول بفعل الرياح العاتية وعاد إلى هرمز ولم تتمكن من الوصول إلا سفينة واحدة تحمل القائد البرتغالي مع حصانين وعدد من الجنود فبقت راسية 13 يوما في البحر على أمل وصول باقي قطع الأسطول.
عندما لم تصل باقي قطع الأسطول قرر النزول واستكشاف الجزيرة، فنزل بنفسه مع 60 جنديا وستة جنود مدفعية وحصان واحد.
فوجئ القائد لدى نزوله الجزيرة بعدم وجود أي مقاومة فتوغل حتى وصل إلى مسجد الخميس وعاد بعدها.
لم تكن هناك مقاومة لأن حاكم البحرين الأمير مقرن وباقي وجهاء البحرين كانوا يؤدون مناسك الحج في مكة ولم يكونوا في البحرين.

3ـ حملة سنة 1521
احتاج البرتغاليون والهرمزيون تسعة أشهر ليعدوا حملة جديدة على البحرين بعد فشل حملة 1520، فانطلقت الحملة بـ 3400 مقاتل.
في الجانب البحريني عزز الأمير مقرن دفاعات المنامة فبنى جدارا عازلا بين الساحل والمدينة خزن فيه الأطعمة والمدفعية والذخيرة.
كانت قوة الجبور المدافعة عن المدينة تبلغ 12 ألف مقاتل بينهم 300 فارس و 400 رامي و 20 عثمانيا من المدفعيين، بالإضافة إلى افراد الشعب البحريني الذي هب للدفاع عن البحرين.
بدأ الهجوم في شهر يونيو ونجح البرتغاليون في تسلق السور، ولم يدرك البرتغاليون أنهم وقعوا في كمين إلا بعد أن أصبحوا خلف السور ليجدوا أنفسهم محاصرين بين المدينة والسور فدار قتال عنيف بين الطرفين، حتى أجبر الحر الشديد الطرفان على وقف القتال.
انتهز الطرفان الفرصة لإعادة التنظيم فرتب جنود هرمز 200 قناص من رماة السهام مهمتهم قتل القادة العرب فقط، وفعلوا نجحوا في قتل عدد منهم.
شن العرب بقيادة الأمير مقرن هجوما مضادا وقتل خلال الهجوم حصانين امتطاهما الأمير حتى جرح في رجله واختفى لتشيع حالة الارتباك والفوضى بسبب غيابه وضعفت معنويات الجيش.
أما الأمير مقرن فقد أخفاه جنوده في أحد المساجد لكنه توفي بعد ثلاثة أيام متأثرا بجراحه.
نجحت المدفعية البرتغالية في حسم المعركة بعدما ركزت قصفها على أسوار المدينة وبدأت قوات الجبور بالانسحاب باتجاه القطيف.
عثر البرتغاليون على جثة الأمير مقرن ففصلوا رأسه عن جسده وأخذوه إلى الساحة الرئيسية في هرمز وعرضوه هناك على الناس.
بعد نهاية الحرب سلم القائد البرتغالي قلعة البحرين إلى الوزير الهرمزي باعتباره المسؤول عن جمع الأتاوات.
وافق نائب الملك البرتغالي على الإجراءات التي اتخذها القائد البرتغالي في حملته على البحرين باستثناء الإجراء المتعلق بتوكيل الهرمزيين أمر جمع الضرائب من البحرين، فأسس مركزا تجاريا في البحرين وعين موظفا برتغاليا يتولى جمع الأتاوات بنفسه.
ـ غضب ملك هرمز من هذا الإجراء الذي حرم مملكته من الانتفاع من خيرات البحرين، فتطورت الأحداث بينه وبين البرتغاليين حتى انتهت إلى إعلان العصيان ضدهم وهاجموا قلعة البرتغاليين في هرمز وهاجموا المركز التجاري في البحرين وضربوا موظفه البرتغالي ثم أعدموه وعلقوه على نخلة.
عندما وصلت الأخبار إلى ملك البرتغال عزل نائبه فورا وعين آخر ليجهز حملة عسكرية لتأديب هرمز.

4ـ حملة 1529
سنة 1529 قرر ملك البرتغال عزل نائبه في منطقة المحيط الهندي بسبب تهم الفساد التي طالته، فأرسل من اعتقله واعتقل معه وزير هرمز وأرسلهما مخفورين إلى لشبونة.
في ذلك الوقت كان بدر الدين ابن أخ وزير هرمز يدير شؤون البحرين، فأعلن العصيان وتحصن في قلعة البحرين.
فأرسلت البرتغال حملة عسكرية قصفت قلعة البحرين بالمدافع وبعد ثلاثة أيام من القصف المستمر أصيب أحد جدران القلعة إصابة مدمرة.
لكن البرتغاليين أدركوا حاجتهم الإضافية للبارود ليغطي اقتحامهم للقلعة فأرسلوا السفن لتحضر البارود.
بعد أسبوعين من الانتظار تفشت الحمى في الجنود البرتغاليين وفي غضون ثلاثة أيام توفي منهم 200 مقاتل، وعندما وصل البارود لم تكن له أي قيمة فلم يكن عدد الرجال كاف لاستخدامه فانسحبوا وفي الطريق قضى المرض على أكثرهم.