لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (49%)

وكانت قد تبقت ثلاثة أيام فقط على سفري الموعود إلى منطقة طوكر، لزميل آخر سلّمته العيادة أيضًا بكل ما فيها وليس فيها، ووعد بردها إلي بعد أن أعود من شدتي، وظللت متبطلا أجلس ساعات في استراحة الأطباء الكبيرة وسط المستشفى بلا عمل، وسط عشرات بل مئات من المتسولين الغريبي الأطوار الذين يترددون على مكتبه أو مكاتب غيره يوميًا بلا انقطاع ، يدعون أنها تخصهم أو تخص أقاربهم، بعضهم يحمل مرض الجذام جليًا في وجهه وجسده، وبعضهم بلا أيد أو أرجل وأستغرب كيف تسلقوا ذلك السلم الحلزوني للعمارة، والذي تعجز حتى الأقدام الصحيحة عن تسلقه. طلبت إليّ زميلة حديثة التخرج، عملت ثلاثة أشهر في قسم التوليد، وانتقلت إلى قسم آخر، أن أساعدها في مناوبتها المسائية في العيادة الخارجية، وكنتُ أعرف حجم تلك المناوبات، وباحثين عن فرص لإزعاج النسوة المريضات حقيقة ، واللائي يصادف وجودهن في العيادة الخارجية. إنه الطابور الطويل بلا نهاية، الذي اصطاد منه إدريس علي ذات يوم مريضة قلقة اسمها هويدا، وزودني بحسرات كبيرة على مصيرها، لم أكن لأتزود بها لولاه الطابور الذي لا ينظمه أحد، ولا يعبأ بانسيابه أو عدم انسيابه أحد، والطابور الذي قد يموت فيه مريض حقيقي لأن مئات من الأصحاء يقفون فيه، يصنعون ستارا ثقيلا بينه وبين الطبيب الذي ربما ينقذ حياته. استجبت للزميلة بلا تردد. جلسنا على مقعدين متجاورين على الطاولة القديمة ذات الطلاء الأبيض المقشر، الذي لم يجدد منذ أن صُنعت أمامنا أوراق صغيرة، وفي مواجهتنا طاولة الفحص التي نرقد عليها المريض، وشبيهة بتلك التي رجها إدريس في عيادتي، وسيكلف شقيًا اسمه هارون باستبدالها، وما ظهر إدريس بشخصه، ولا هارون الذي فكرت أكثر من مرة أن أبحث عنه في ورش النجارة المحدودة في حي النور الشعبي. كنتُ أفحص الرجال الأصحاء بغضب، فجأة دخل إلى الغرفة رجلا شرطة بزيهما الرسمي، ويرافقان ثلاثة مرضى قدما بهم من سجن مدينة سواكن الأثرية، حيث يقضون عقوبتهم، - وأين السجناء الثلاثة؟ أسألهما وأتلفت، ولا أرى أحدًا بصحبتهما. - في الخارج تحت حراسة زميلين من عساكر السجون. يقول أحد الشرطيين، ويرفع صوته مناديًا: - أحضر السجناء يا دنقا. دخل عسكريا السجون بزي آخر لا يشبه زي الشرطة العادي، ويبدو من قماش أقل شأنا وتكلفة، وكانا يجران ثلاثة سجناء مربوطين إلى بعضهم بسلسلة واحدة من حديد، وبدأوا يتأملونهم كما يتأملون لوحات فنية في معرض. لا بد أنني ارتبكت أو جننت في تلك اللحظة؛ وأسرعت إلى أحد السجناء، بذل عساكر الشرطة والسجون معًا جهدا مضاعفا حتى أمسكوا بي، وأعادوني إلى مقعدي، وسحب المرضى المتجمهرون عيونهم من السجناء، وأسمع بعضهم يردد: لا حول ولا قوة إلا بالله. ماذا حدث ؟ يسألني أحد العسكريين، ويخرج من جيبه منديلا أبيض متسخا، يمسح به العرق عن وجهه. هذا الرجل هو المحتال (إدريس علي) الذي يبحثون عنه منذ زمن طويل، بعد أن احتال عليّ وعلى غيري من الناس، متى قبض عليه؟ ولماذا لم يخبرني أحد؟ كان المحتال في تلك اللحظة يقف جامدا وسط زملائه، شعره المنكوش تبعثر قليلًا بفعل إمسا اكي به وشده، يرتدي زي ا المساجين المكون من قميص أزرق وسروال قصير أزرق أيضًا، وذلك الحذاء من ماركة (باتا)، والمتناسل الخيوط الذي رأيته على قدميه من قبل، ومن جيب صغير أعلى قميصه، كان يطل قلم زينب واضحًا. ما اسمه يادنقا ؟ ينبري عسكري السجون الذي اسمه دنقا، بالرد موضحا: اسمه محمود حامد ومدان بجريمة الاحتيال على عدد من تجار الماشية حين باعهم أراضي وهمية في حي مايو الشعبي مقابل ماشيتهم، لا بد أنك شبهته على شخص آخر جنابك. إنه إدريس علي) نفسه الذي احتال علي وتتابع احتياله على معارفي وأقاربي منذ حوالي عام. منذ متى أدين وسجن ؟ منذ خمس سنوات جنابك. يضربه على خده بعنف، كان الذي يقف أمامي هو إدريس علي بلا أدنى شك، سيتعرفه عز الدين، وسيأتي الخفيف التائب ليدلي بشهادته، ويمكن أن أجرّ الهندي برد شاندرا) إلى القضية أيضًا غير عابئ بمشاكله مع الشرطة. كان عمل العيادة قد توقف تماما، الطبيبة فرت من الموقف وأنا ما أزال أبحلق في المحتال، كنت طالبا جامعياً بلا شك، لكن هل يكون ثمة تطابق لهذه الدرجة؟ عادت الزميلة، برفقة طبيب آخر يحل مكاني، وخرجت إلى حوش المستشفى أتنشق الهواء، وأراقب بوابة العيادة، بعد أن فحصوا ووصف لهم الدواء، ويمضون بهم إلى عربة حكومية كانت تقف دائرة المحرك أمام الباب. بعد أن جلست أمامه ألهث انفعالا، والتي عثر على بعض أجزائها مدون في عدد من المحاضر السابقة، وهو يتأملني: لا فائدة ترجى يا دكتور. ما دام الرجل في السجن منذ خمس سنوات، فهو في السجن منذ خمس سنوات. ولا أي شيء يثبت أنه (إدريس علي). هذا الرجل بالذات حوكم، ولا يخضع لأي قانون من قوانين الكفالة أو الإفراج التي تمنح للسجناء الموقوفين مؤقتًا على ذمة قضايا. سندبر لك طوابير أخرى من المشتبهين، لعلك تتعرف إدريسك هذا.


النص الأصلي

في أحد الأماسي، وكانت قد تبقت ثلاثة أيام فقط على سفري الموعود إلى منطقة طوكر، وكنتُ قد سلمت عملي في القسم، لزميل آخر سلّمته العيادة أيضًا بكل ما فيها وليس فيها، ووعد بردها إلي بعد أن أعود من شدتي، وظللت متبطلا أجلس ساعات في استراحة الأطباء الكبيرة وسط المستشفى بلا عمل، أو أزور والدي في السوق، أشاهده يمارس نشاطه التجاري، وسط عشرات بل مئات من المتسولين الغريبي الأطوار الذين يترددون على مكتبه أو مكاتب غيره يوميًا بلا انقطاع ، يحملون وصفات للدواء، يدعون أنها تخصهم أو تخص أقاربهم، وعجزوا عن تسديد ثمنها، بعضهم يحمل مرض الجذام جليًا في وجهه وجسده، وبعضهم بلا أيد أو أرجل وأستغرب كيف تسلقوا ذلك السلم الحلزوني للعمارة، والذي تعجز حتى الأقدام الصحيحة عن تسلقه. معي في ذلك المساء، طلبت إليّ زميلة حديثة التخرج، عملت ثلاثة أشهر في قسم التوليد، وانتقلت إلى قسم آخر، أن أساعدها في مناوبتها المسائية في العيادة الخارجية، وكنتُ أعرف حجم تلك المناوبات، وما تجره من صعاليك، ومتبطلين، وباحثين عن فرص لإزعاج النسوة المريضات حقيقة ، واللائي يصادف وجودهن في العيادة الخارجية. إنه الطابور الطويل بلا نهاية، الذي اصطاد منه إدريس علي ذات يوم مريضة قلقة اسمها هويدا، وأسميتها هويدا الشاطئ، ألقى بها في طريقي، وزودني بحسرات كبيرة على مصيرها، لم أكن لأتزود بها لولاه الطابور الذي لا ينظمه أحد، ولا يعبأ بانسيابه أو عدم انسيابه أحد، والطابور الذي قد يموت فيه مريض حقيقي لأن مئات من الأصحاء يقفون فيه، يصنعون ستارا ثقيلا بينه وبين الطبيب الذي ربما ينقذ حياته. استجبت للزميلة بلا تردد.. جلسنا على مقعدين متجاورين على الطاولة القديمة ذات الطلاء الأبيض المقشر، الذي لم يجدد منذ أن صُنعت أمامنا أوراق صغيرة، نكتب عليها الدواء، وفي مواجهتنا طاولة الفحص التي نرقد عليها المريض، وكانت قديمة أيضًا، وشبيهة بتلك التي رجها إدريس في عيادتي، وقال إنها بلا حيل، وسيكلف شقيًا اسمه هارون باستبدالها، وما ظهر إدريس بشخصه، ولا هارون الذي فكرت أكثر من مرة أن أبحث عنه في ورش النجارة المحدودة في حي النور الشعبي. كنتُ أفحص الرجال الأصحاء بغضب، والمرضى برقة، وأترك للزميلة مهمة فحص النساء. فجأة دخل إلى الغرفة رجلا شرطة بزيهما الرسمي، كانا شابين يشبهان المساعد تولاب، ويرافقان ثلاثة مرضى قدما بهم من سجن مدينة سواكن الأثرية، المجاورة لمدينة بورتسودان. حيث يقضون عقوبتهم، ومرضوا فجأة اليوم، ولا توجد طوارئ في سواكن. - وأين السجناء الثلاثة؟ أسألهما وأتلفت، ولا أرى أحدًا بصحبتهما. - في الخارج تحت حراسة زميلين من عساكر السجون. يقول أحد الشرطيين، ويرفع صوته مناديًا: - أحضر السجناء يا دنقا... يا متعال.. احضر السجناء. دخل عسكريا السجون بزي آخر لا يشبه زي الشرطة العادي، كاكي وداكن، ويبدو من قماش أقل شأنا وتكلفة، وكانا يجران ثلاثة سجناء مربوطين إلى بعضهم بسلسلة واحدة من حديد، أفسح لهم المتزاحمون مكانا أمامي، وتوقف المرضى عن الصراخ، أو الأنين، وبدأوا يتأملونهم كما يتأملون لوحات فنية في معرض. لا بد أنني ارتبكت أو جننت في تلك اللحظة؛ لأنني نهضت من مقعدي، وأسرعت إلى أحد السجناء، أمسك برقبته وأصيح.. إنه هو .. (إدريس علي).. إنه هو. بذل عساكر الشرطة والسجون معًا جهدا مضاعفا حتى أمسكوا بي، وأعادوني إلى مقعدي، نهضت الزميلة مندهشة، وغادرت العيادة وهي تهرول، وسحب المرضى المتجمهرون عيونهم من السجناء، سمَّروها عليّ. وأسمع بعضهم يردد: لا حول ولا قوة إلا بالله. خیر جنابك.. ماذا حدث ؟ يسألني أحد العسكريين، ويخرج من جيبه منديلا أبيض متسخا، يمسح به العرق عن وجهه. هذا الرجل هو المحتال (إدريس علي) الذي يبحثون عنه منذ زمن طويل، بعد أن احتال عليّ وعلى غيري من الناس، متى قبض عليه؟ ولماذا لم يخبرني أحد؟ كان المحتال في تلك اللحظة يقف جامدا وسط زملائه، شعره المنكوش تبعثر قليلًا بفعل إمسا اكي به وشده، يرتدي زي ا المساجين المكون من قميص أزرق وسروال قصير أزرق أيضًا، وذلك الحذاء من ماركة (باتا)، والمتناسل الخيوط الذي رأيته على قدميه من قبل، وخلته يبتسم للحظة؛ لأن شفتيه انفرجتا، ومن جيب صغير أعلى قميصه، كان يطل قلم زينب واضحًا. نعم إنه محتال جنابك، ولكن اسمه ليس (إدريس علي)، كما أذكر .. ما اسمه يادنقا ؟ ينبري عسكري السجون الذي اسمه دنقا، بالرد موضحا: اسمه محمود حامد ومدان بجريمة الاحتيال على عدد من تجار الماشية حين باعهم أراضي وهمية في حي مايو الشعبي مقابل ماشيتهم، لا بد أنك شبهته على شخص آخر جنابك. - لا .. لم أشبهه على أحد، إنه إدريس علي) نفسه الذي احتال علي وتتابع احتياله على معارفي وأقاربي منذ حوالي عام... لا يمكن أن أخطئه.. لا يمكن.. منذ متى أدين وسجن ؟ منذ خمس سنوات جنابك.. أكيد ليس هو . يوضح دنقا، ويتقدم من المحتال، يضربه على خده بعنف، والمحتال لا يتحدث، لا يقول شيئًا، فأصاب بدهشة حقيقية. كان الذي يقف أمامي هو إدريس علي بلا أدنى شك، سيتعرفه عز الدين، والعجوز حامد رطل، والمحامي، وفضل الله لو كان حيا، سيتعرفه سكان حي النور كلهم، وسيأتي الخفيف التائب ليدلي بشهادته، ويمكن أن أجرّ الهندي برد شاندرا) إلى القضية أيضًا غير عابئ بمشاكله مع الشرطة. كان عمل العيادة قد توقف تماما، الطبيبة فرت من الموقف وأنا ما أزال أبحلق في المحتال، ولا أصدق، خمس سنوات في ضيافة السجن، أين كنت منذ خمس سنوات ؟.. كنت طالبا جامعياً بلا شك، لم أتخرج بعد، لكن هل يكون ثمة تطابق لهذه الدرجة؟ عادت الزميلة، برفقة طبيب آخر يحل مكاني، من دون أن تسأل عن سبب تصرفي الغريب، وخرجت إلى حوش المستشفى أتنشق الهواء، وأفكر بلا انقطاع، وأراقب بوابة العيادة، وقد خرج العسكريون، يجرون السجناء المسلسلين، بعد أن فحصوا ووصف لهم الدواء، ويمضون بهم إلى عربة حكومية كانت تقف دائرة المحرك أمام الباب. قال لي الضابط المناوب، بعد أن جلست أمامه ألهث انفعالا، وأخبرته بالقصة كاملة، والتي عثر على بعض أجزائها مدون في عدد من المحاضر السابقة، وهو يتأملني: لا فائدة ترجى يا دكتور... ما دام الرجل في السجن منذ خمس سنوات، فهو في السجن منذ خمس سنوات.. ليس لدينا تكنولوجيا، ولا أي شيء يثبت أنه (إدريس علي).. هذا الرجل بالذات حوكم، وسجن، ولا يخضع لأي قانون من قوانين الكفالة أو الإفراج التي تمنح للسجناء الموقوفين مؤقتًا على ذمة قضايا.. سندبر لك طوابير أخرى من المشتبهين، دقق فيها أكثر، لعلك تتعرف إدريسك هذا. ثم أضاف بعد وقفة: - إن كان يوجد محتال حقيقي اسمه إدريس!


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

إحدى مفاتيح الت...

إحدى مفاتيح التنمية الحقيقية هو التعليم الحديث المتطور باستمرار، ولا سيما التعليم الأساسي. وللأسف إن...

إنضمت دولة فلسط...

إنضمت دولة فلسطين الى إتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري "سيداو" في الأول من نيسان من الع...

وإذ لم ترتض امل...

وإذ لم ترتض املحكوم عليها ذلك القضاء فطعنت عليه باالستئناف الراهن بالئحة مستوفاة قيدت بتاريخ ،9/4/20...

يمكن احتساب الد...

يمكن احتساب الدخل القومي أو الناتج القومي الجمالي ثلاثة طرق هي ما يلي : الطريقة الولى : طريقة الدخل ...

In order for us...

In order for us to achieve our project goals, we had to divide the task of developing the System int...

5. تعريف ما بعد...

5. تعريف ما بعد البنيوية إن ما بعد البنيوية ليست نظرية متماسكة بقدر ما هي مجموعة من المواضيع المتقار...

فالتنويع الاقتص...

فالتنويع الاقتصادي يُعد أساسيًا لتحقيق اقتصاد مستدام، وذلك بالنظر إلى الاقتصاديات التي تعتمد تصدير س...

استخدمت هذا الع...

استخدمت هذا العنوان مرتين من قبل، وهذه المرة الثالثة، وأحد الأسباب هو التوسع في قطاع الغاز السعودي ا...

Angel Reese con...

Angel Reese continues to battle fierce criticism despite historic double-double streak.Reese has bro...

1. صف الفعالية ...

1. صف الفعالية بالتفصيل مع مراعاة وضوح الكتابة وحسن الصياغة 2. استخدم الصور كلما أمكن، لأنها تصنع ن...

مقدمة: تمثل اضط...

مقدمة: تمثل اضطرابات الأكل Eating disorders العلاقة بين الحالة النفسية للفرد وبين الرغبة الملحة لتنا...

هلا بنت مزيد بن...

هلا بنت مزيد بن محمد التويجري، (1977 -) رئيس هيئة حقوق الإنسان في السعودية منذ 22 سبتمبر 2022، وهي أ...