لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

  1. بداية الاضمحلال في الدولة العثمانية يتفق المؤرخون على أن عظمة الدولة العثمانية قد انتهت بوفاة السلطان سليمان القانوني عام 974هـ (1566م). لاستلام السلاطين الضعاف زمام أمور الدولة، وذلك حين خلف لولاية عهده ابنه سليم الثاني، يضاف إلى ذلك أن العديد من السلاطين، الذين تولوا الحكم في الدولة في فترة التقهقر تلك، فأصبحت أقوى دولة بيد الحريم أو آغاوات القصر. لما بقيت الدولة إلى العصور التي تليها. وأدت إلى اهتزاز البنية الإدارية، والاجتماعية للدولة العثمانية. فقد عقدت تلك المعاهدة بين كل من الدولة العثمانية، وتنازلت الدولة العثمانية بموجبها عن 000ر356 كم2 من أراضيها لتلك الدول. وقد وصف المؤرخ الفرنسي "فرنارد جرينارد" هذه المعاهدة بقوله: "إن عام 1699م من أهم الأعوام التاريخية، حيث انتقلت الهيمنة الشرقية إلى أوروبا". ثم توالت بعد ذلك الإحن على الدولة، وإن كانت على فترات متباعدة. مثل معاهدة كوجوك قاينارجه، إضافة إلى حرية الملاحة للسفن الروسية في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط، وأن تبنى روسيا كنيسة لها في إستانبول، ويكون لها حق حماية جميع المسيحيين الأرثوذوكس القاطنين في البلاد العثمانية، وأن تدفع الدولة العثمانية خمسة عشر ألف كيس[2] غرامة حربية لروسيا. كانت روسيا قد حفظت لنفسها حق التدخل في شؤون الدولة العثمانية الداخلية. وعلى الرغم من قيام الدولة، بعد ذلك بمحاولات إصلاح، بعدما تأكدت أنها لا تستطيع مواجهة القوات الدولية، التي أجريت في عهد السلطان عبدالحميد الأول. التي كانت تنشب بين فترة وأخرى بين العثمانيين من جهة، وبين روسيا من جهة أخرى، 3. حركات التجديد في الدولة العثمانية أ. إصلاحات ما قبل عصر السلطان محمود الثاني دعت الهزائم المتوالية للدولة العثمانية ببعض السلاطين إلى التفكير في القيام ببعض الإصلاحات، ومحاولة العمل على الحد من ذلك التقهقر. التي جرت في الدولة العثمانية، قبل إصلاحات السلطان محمود الثاني (1808-1839م) الجذرية، إصلاحات السلطان عبدالحميد الأول (1773-1789م)، أجرى السلطان عبدالحميد الأول - الذي يعد أقوى السلاطين العثمانيين في القرن الثامن عشر الميلادي - بعض الإصلاحات. وكان من الطبيعي أن تكون تلك الإصلاحات عسكرية بالدرجة الأولى. وعلى رأسهم البارون دو توت الفرنسي (1730-1793م)، على غرار الدول الغربية، كما أنشأ كلية الهندسة (العسكرية). في الوقت الذي كان فيه السلطان عبدالحميد منشغلاً بالإصلاحات، فقد رفع علي بك الكبير راية العصيان والتمرد في وجه الدولة، وتعرضت الدولة لثورات داخلية أخرى في البلقان، إضافة إلى استيلاء إيران على البصرة عام 1190هـ (1776م)، ووقوف الدول الغربية وروسيا بالمرصاد للدولة العثمانية. فقام ببعض الإصلاحات، واتجه نحو تقليد الدول الأوروبية في صناعة السفن، وكانت تلك الإصلاحات ضرورة للدولة العثمانية، إذ إن الدولة باتت مكتوفة الأيدي إزاء أراضيها، كان يرمي إلى إلغاء الإنكشارية، التي تعد عبئاً ثقيلاً على الدولة. ولذلك فقد طلب من بعض رجال الدولة إعداد لائحة تفصيلية للإصلاحات، وعلى الرغم من عدم المساس بالإنكشارية في بداية الأمر، ثم العمل على إصلاح الجيش الإنكشاري ليتلاءم مع مرور الأيام مع الجيش الجديد، يبدو، أن حركة التجديد، ترجع إلى عهد السلطان محمود الثاني (1808-1839م)، عندما أقدم، وأسس محله النظام الجديد، ولم يستطع إحراز نجاح يذكر، وتأسيس وحدات عسكرية حديثة عرفت ب النظام الجديد، فأعاد السلطان محمود الثاني الكَرّة، بعد أن اتخذ الاحتياطات التدبيرية اللازمة، التي كانت تعد العقل المدبر لتصرفات الإنكشارية. التي أدخلها على الجيش، فشرع في المرحلة الثانية، فأنشأ عام 1251هـ (1835م) وزارة للخارجية، وأدخل أنظمة الجوازات والحجر الصحي، والاجتماعية، التي كانت تحت إشراف المشيخة الإسلامية. كما جرى ذلك في المدارس الابتدائية وهي مدارس الصبيان، الذي عاش بعيداً عنه قروناً عديدة، وذلك تحت ضغوط الهزائم العسكرية التي مني بها الجيش العثماني. وقد ساعد ذلك على ترويج الرأي القائل بأن الدولة إذا ما أخذت بأشكال الحكم الأوروبية، سيتلوه تلقائياً قيام دولة قوية وحديثة. مرّت حركة التنظيمات بمرحلتين، هما: المعروفة بخط شريف كلخانة (مرسوم كلخانة الشريف، عندما أعلن السلطان عبدالمجيد (1255-1277هـ/1839-1861م)، في السادس والعشرين من شعبان عام 1255هـ (4 نوفمبر 1839م) التنظيمات، وعدم التفرقة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، على أساسٍ من مذاهبهم أو انتمائهم القومي، الثانية: حركة الإصلاحات، في الحادي عشر من جمادى الآخرة عام 1272هـ (18 فبراير 1856م). وقد أكد فيها على المبادىء الإصلاحية الواردة في مرسوم كلخانة، القاضي بتأمين رعايا الدولة على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم، وتقرير المساواة في دفع الضرائب، ورفع الجزية عنهم، ومشاركتهم في الجيش والوظائف الحكومية، جاءت هذه المرحلة إثر ما مارسته القوى الخارجية من ضغط على الدولة العثمانية. ولعل ممّا يوضح ذلك ويؤكده اختلاف المرسومين، على الرغم من تشابههما في كثير من النقاط؛ فقد جاء مرسوم عام 1856م، مختلفاً عن مرسوم شريف كلخانة عام 1839م. وكانت صيغته أكثر مواءمة للطابع العصري، فهو لم يستشهد بآية قرآنية، أُلحقت بهذا المرسوم مذكرة تؤكد، بسبب ما تضمنته من تنظيم شؤون البطريركيات والأسقفيات، كما أنها منحت الرعايا من النصارى امتيازات لم يحصل المواطنون في الدولة على مثلها. ولعل من يقرأ المرسوم الخاص بذلك يتوهم أن غير المسلمين، ولا صحة لهذا على الإطلاق. إضافة إلى أن ما سمي المرسوم الإصلاحي (1856م) كان مليئاً بتكرار كلمات كالكنيسة، ولقد وسعت حركة التنظيمات من صلاتها السياسية والثقافية والاجتماعية مع الغرب. وكان أن سارعت الدول الغربية، وتعمل على تحقيق أهدافها. ومن نماذج ذلك المبادرة إلى التوسع في الهيئات الدبلوماسية والقنصليات، إلا خدمة مصالح الدول الأجنبية. وفي الدولة العثمانية بالقانون الأساسي، ما أعلنه السلطان عبدالحميد الثاني (1293-1327هـ/1876-1909م) من الحياة النيابية على الطراز الحديث، وتقييد السلطة المطلقة، ومرت بمرحلتين هما: في الرابع من ربيع الأول عام 1294هـ (19 مارس 1877م). واستمر في أعماله إلى 14 فبراير 1878م، عندما أصدر السلطان عبدالحميد الثاني قراراً بتعطيل المجلس لأجل غير مسمى. إذ إنه وجد أن وضع الدولة العثمانية في مواجهة الأخطار الخارجية والحروب والثورات، وجمع السلطات تحت سلطة واحدة وقوية، والتي يطالب فيها بعض المندوبين عن أقلياتهم باستقلالها عن الدولة، الذي أصدره السلطان عبدالحميد الثاني، في الثاني من جمادى الأولى 1326هـ(24 يوليه 1908م)، بإعادة مجلس المبعوثان، وقد ضم المجلس الجديد 280 نائباً من مختلف الجنسيات وأهل الأديان الأخرى في الدولة العثمانية. تسلم زعماء الاتحاد والترقي زمام الأمور في الدولة العثمانية، تنحي السلطان عبدالحميد عن سدة الحكم، وتعرض البلاد للفوضى، الذي أبصر قادته وأنصاره أن هناك عدداً من التحديات، التي تواجه الشعوب الإسلامية، الذي زحف من أوروبا على الشرق، غير أن دعوته التجديدية لم تكن مجرد تجمع سياسي تحت امرة خليفة ما، ضد مد النفوذ الأجنبي في العالم الإسلامي، كما كان يغلب على أفكار السلطان عبدالحميد الثاني في سياسته للجامعة الإسلامية؛ بل كانت دعوة للرجوع إلى الأصالة بجميع مقتضياتها العصرية. ويشير بعض الباحثين إلى أن "السيد جمال الدين" بدأ الدعوة إلى هذه الفكرة، منذ حجه إلى مكة المكرمة، عام 1273هـ (1857م)، حتى استقر به المقام في باريس، ب. الدعوة إلى الجهاد. د. الوحدة السياسية. التي ترجع إلى السلطان عبدالحميد الثاني، إلا بالرجوع إلى الدين، فعمل على إحياء الجامعة الإسلامية، واسترداد ما كان لها في الماضي من الجلالة والهيبة. وكان من آثار مناداته بهذه الفكرة، من خلال ما لمنصبه من موقع وتأثير لدى المسلمين، أن توجّس الأوروبيون خيفة من ذلك، وأحسوا بخطر الفكرة على ما يخططون له ضد العثمانيين. ومن أجل تحقيق سياسة الجامعة الإسلامية، مستنداً في ذلك على المبادىء الآتية: أ. إن الوازع الديني عند المسلمين هو الأساس في معركتهم ضد الاستعمار الغربي. ب. إن الوحدة الإسلامية هي الطريق الوحيد لمقاومة الغزو الغربي. ج. إدخال إصلاحات إلى الدول الإسلامية في شتى الميادين، وبخاصة الثقافية والسياسية منها. د. توطيد الموقف الداخلي في مواجهة المعارضين لحكمه. العمل على الحد من نفوذ الدول الغربية في مستعمراتها. الذين كانوا يعيشون تحت نير الاستعمار الغربي (مثل المسلمين الهنود) بإستانبول من الناحية المعنوية، أ. الحفاظ على بقاء الدولة العثمانية ودوامها. ب. ضمان الوحدة المعنوية للمسلمين. ج. الحد من المد الصليبي والاستعماري تجاه العالم الإسلامي. وقد اتخذ السلطان عبدالحميد لضمان الوحدة المعنوية للمسلمين وسائل عدة. 1) إنشاء معهد ديني لتخريج الدعاة. 3) إنشاء خط حديد الحجاز. * تنمية الحياة الزراعية على طول خط السير، والاستفادة من الأراضي القاحلة، ونقل المنتجات الزراعية، من مواقع زراعتها، إضافة إلى عدم وقوعها في حرب أو فقدانها لأرض. وبذلك تم له القضاء على جانب كبير من ثوراتها وحركاتها. فعلى الصعيد العربي عين عدداً من مشاهير العرب، ممن كان لهم تأثير على أتباعهم، ونعوم باشا السورى، وأمر بتصنيف الإحصاءات المتعلقة بالبلاد العربية في بداية السالنامة (وهي الكتب السنوية التي كانت تصدر من وزارات الدولة وولاياتها والتي كانت تلخص أهم حوادث الدولة العثمانية)، في عهود أسلافه، أرسل عدداً من الوفود إلى مختلف الشعوب الإسلامية، خارج نطاق الدولة العثمانية، لتقوية أواصر الأخوة الإسلامية، كما أنشأ السلطان، على الصعيد العسكري، وأعدها لصد أي عدوان خارجي على الدولة العثمانية من أي من القوى المعادية. ومن ثم تركت سياسته للجامعة الإسلامية أثراً جيداً في نفوس المسلمين، والشعراء المحافظين، إلاّ أنه استطاع نشر الدعوة إلى الجامعة الإسلامية في أوسع نطاقها، وإحياء الشعور بالوحدة العامة والتضامن لدى جميع الشعوب الإسلامية، الذي تم تنفيذه بأموال المسلمين، خير مثال على نجاح تلك السياسة. 5. الحرب العالمية الأولى وانقراض الدولة العثمانية أمسكت جمعية الاتحاد والترقي بزمام الأمور في الدولة العثمانية، الذي كان يتحاشى الحروب بقدر الإمكان، متأثرة في كل ذلك بالشعارات الغربية، مما أدى بها إلى التشجيع على القومية التركية. فحصل النفور بين الشعوب الإسلامية المنضوية تحت لواء الخلافة الإسلامية وبين برنامج الحكومة، وفي خضم ذلك، عام 1333هـ (1914م)، التي تحالفت فيها الدولة العثمانية مع ألمانيا والنمسا، على أنه لم يكن لديها أي استعداد لخوض غمار الحرب. في السنتين الأوليين من الحرب، غير أن قيام الثورة العربية الكبرى، كان أكبر ضربة وجهت للدولة العثمانية والجامعة الإسلامية بوجه خاص. عام 1338هـ (1918م)، ووقعت عدة معاهدات، استهدفت تقسيم أملاك الدولة العثمانية. مثل معاهدة الآستانة عام 1334هـ (1915م)، ومعاهدة لندن عام 1334هـ(1915م)، ومعاهدة سايكس بيكو عام 1335هـ (1916م)، ثم معاهدة سيفر عام 1339هـ (1920م) التي عقدت في مدينة سيفر الفرنسية، وتخلت الدولة العثمانية بموجبها عما تبقى من أراضيها في تراقيا بما في ذلك مدينة أدرنة، وقلصت تلك المعاهدة سيادة الدولة العثمانية، فقد حُدد عدد الجيش العثماني بخمسين ألف جندي، يخضعون لإشراف الضباط الأجانب، وحُدد سلاح الجيش والأسطول، وأعيدت الامتيازات الأجنبية، كما شُكِّلت لجنة جديدة للبت في الإشراف على الديون العثمانية، وعلى ميزانية الدولة، وعلى الضرائب، والرسوم الجمركية، وغيرها من الأمور المالية. شُكِّلت حكومة في أنقره، كانت منفصلة عن حكومة إستانبول. اعترفت روسيا بموجبه بالميثاق الوطني الذي أعلنته حكومة أنقره. كما عقد مؤتمر في لندن عام 1340هـ (1921م)، وفرنسا عن كيلكيا، ونشب القتال مع اليونانيين، فعينت حكومة أنقرة عبدالمجيد أفندي خليفة في 26 ربيع الأول 1341هـ (16 نوفمبر 1922م)، متجرداً من صفة السلطان. وانتهت حرب الخلاص الوطني، وأُجبر أفراد أسرة آل عثمان على مغادرة تركيا نهائياً. وبذلك انطوت أخر صفحة من صفحات تاريخ الدولة العثمانية، ونشأت على أنقاضها الجمهورية التركية، وأُقيمت مكانها مؤسسات أخرى، مبنية على مبدأ فصل الدين عن الدولة.


النص الأصلي


  1. بداية الاضمحلال في الدولة العثمانية
    يتفق المؤرخون على أن عظمة الدولة العثمانية قد انتهت بوفاة السلطان سليمان القانوني عام 974هـ (1566م). حيث فتح الطريق، من بعده، لاستلام السلاطين الضعاف زمام أمور الدولة، وذلك حين خلف لولاية عهده ابنه سليم الثاني، بدلاً من الأمير مصطفى، المتسم بقوة الشخصية، والتدريب الإداري، والعسكري الفائق. يضاف إلى ذلك أن العديد من السلاطين، الذين تولوا الحكم في الدولة في فترة التقهقر تلك، كانوا في سن الطفولة، فأصبحت أقوى دولة بيد الحريم أو آغاوات القصر. وعجَّل ذلك بالدولة إلى الهاوية. ولولا وجود بعض الصدور العظام الأقوياء، في تلك الفترة، لما بقيت الدولة إلى العصور التي تليها.


وكانت معاهدة كارلوفجا، التي امتدت ستة عشر عاماً، أولى الهزائم العسكرية الكبرى، التي هزت كيان الدولة، وأدت إلى اهتزاز البنية الإدارية، والمالية، والاجتماعية للدولة العثمانية. فقد عقدت تلك المعاهدة بين كل من الدولة العثمانية، والنمسا، وروسيا، والبندقية، وبولونيا، في 24 رجب 1110هـ (26 يناير 1699م)، وتنازلت الدولة العثمانية بموجبها عن 000ر356 كم2 من أراضيها لتلك الدول. وقد وصف المؤرخ الفرنسي "فرنارد جرينارد" هذه المعاهدة بقوله: "إن عام 1699م من أهم الأعوام التاريخية، حيث انتقلت الهيمنة الشرقية إلى أوروبا".


ثم توالت بعد ذلك الإحن على الدولة، وإن كانت على فترات متباعدة. حيث اضطرت للتنازل لأعدائها، بموجب المعاهدات التي أبرمتها معها، مثل معاهدة كوجوك قاينارجه، التي وقعتها الدولة مع روسيا، في 1188هـ (21 يوليه 1774م) ، عن القرم، وبسارابيا، وقوبان، وغيرها من الأراضي، إضافة إلى حرية الملاحة للسفن الروسية في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط، وأن تبنى روسيا كنيسة لها في إستانبول، ويكون لها حق حماية جميع المسيحيين الأرثوذوكس القاطنين في البلاد العثمانية، وأن تدفع الدولة العثمانية خمسة عشر ألف كيس[2] غرامة حربية لروسيا. وكانت تلك أول خطوة لروسيا في إلحاق القرم بأراضيها. كما أنه، من خلال حق حماية الأرثوذوكس، كانت روسيا قد حفظت لنفسها حق التدخل في شؤون الدولة العثمانية الداخلية.


وعلى الرغم من قيام الدولة، بعد ذلك بمحاولات إصلاح، بعدما تأكدت أنها لا تستطيع مواجهة القوات الدولية، إلاّ أن تلك المحاولات كانت محدودة مؤقتة، ولم تستمر طويلاً. وخاصة المحاولات، التي أجريت في عهد السلطان عبدالحميد الأول. ومما لا شك فيه أن الحروب، التي كانت تنشب بين فترة وأخرى بين العثمانيين من جهة، وبين روسيا من جهة أخرى، كانت تعرقل



  1. حركات التجديد في الدولة العثمانية
    أ. إصلاحات ما قبل عصر السلطان محمود الثاني
    دعت الهزائم المتوالية للدولة العثمانية ببعض السلاطين إلى التفكير في القيام ببعض الإصلاحات، ومحاولة العمل على الحد من ذلك التقهقر. ومن أهم الإصلاحات، التي جرت في الدولة العثمانية، قبل إصلاحات السلطان محمود الثاني (1808-1839م) الجذرية، إصلاحات السلطان عبدالحميد الأول (1773-1789م)، والسلطان سليم الثاني (1789-1807م).


أجرى السلطان عبدالحميد الأول - الذي يعد أقوى السلاطين العثمانيين في القرن الثامن عشر الميلادي - بعض الإصلاحات. وكان من الطبيعي أن تكون تلك الإصلاحات عسكرية بالدرجة الأولى. ومن ثم استقدم السلطان بعض الضباط الغربيين ليكونوا مستشارين له في الشؤون العسكرية. وعلى رأسهم البارون دو توت الفرنسي (1730-1793م)، فأنشأ وحدة المدفعية، على غرار الدول الغربية، كما أنشأ كلية الهندسة (العسكرية). ووضع بعض الخطط العسكرية في الدفاعات العثمانية. إضافة إلى مصنع للمدافع في حي خاص (كوي).


في الوقت الذي كان فيه السلطان عبدالحميد منشغلاً بالإصلاحات، والاستفادة من التقنية الغربية، كانت الصراعات الداخلية والأزمات تعرقل مسيرة تلك الإصلاحات؛ فقد رفع علي بك الكبير راية العصيان والتمرد في وجه الدولة، وتعرضت الدولة لثورات داخلية أخرى في البلقان، ومصر، وسوريا، إضافة إلى استيلاء إيران على البصرة عام 1190هـ (1776م)، ووقوف الدول الغربية وروسيا بالمرصاد للدولة العثمانية.


أما السلطان سليم الثالث، فقد حاول الاستفادة من الهدوء النسبي في زمنه، فقام ببعض الإصلاحات، التي تركزت في تنظيم الجيش، والتخلص من الجيش الإنكشاري، الذي أصبح وراء كل فتنة في الدولة. واتجه نحو تقليد الدول الأوروبية في صناعة السفن، والأسلحة، والمدافع.


وكانت تلك الإصلاحات ضرورة للدولة العثمانية، فرضتها عليها ظروف العصر، وليس تقليداً أعمى للغربيين؛ إذ إن الدولة باتت مكتوفة الأيدي إزاء أراضيها، التي تفقدها يوماً بعد يوم. ولهذا فإن النظام الجديد، الذي أعلن عنه السلطان سليم الثالث، كان يرمي إلى إلغاء الإنكشارية، التي تعد عبئاً ثقيلاً على الدولة. ولذلك فقد طلب من بعض رجال الدولة إعداد لائحة تفصيلية للإصلاحات، التي ينبغي القيام بها. وعلى الرغم من عدم المساس بالإنكشارية في بداية الأمر، ومحاولة إنشاء نظام جديد للجيش، يتمشى مع الإنكشارية، ثم العمل على إصلاح الجيش الإنكشاري ليتلاءم مع مرور الأيام مع الجيش الجديد، إلا أنهم ثاروا على السلطان، الذي فقد عرشه ثم حياته بسبب شروعه في تلك الإصلاحات.


ب. إصلاحات السلطان محمود الثاني
يبدو، من خلال استقراء التاريخ العثماني المعاصر، أن حركة التجديد، التي استهدفت الجيش والأنظمة في الدولة العثمانية بشكل منظم وعملي، ترجع إلى عهد السلطان محمود الثاني (1808-1839م)، عندما أقدم، عام 1241هـ (15 يونيه 1826م)، على إلغاء الجيش الإنكشاري، وأسس محله النظام الجديد، وسماه العساكر المحمدية المنصورة. وبدأ اقتباس الأنظمة من العالم الغربي. ذلك أن السلطان سلياً الثالث (1789-1807م) كان قد حاول التخلص من الإنكشارية، بإحلال جيش منظم محلها على غرار الجيوش الأوروبية، إلا أن تلك المحاولة باءت بالفشل وأودت بحياته كما أودت بحياة كافة أنصار الإصلاح، ولم يستطع إحراز نجاح يذكر، بسبب قوة نفوذ الإنكشارية، التي ما لبثت أن فقدت بالتدريج كل ما كان لها من مزايا، وتحولت إلى آلة فاسدة في كيان الدولة. هذا، على أنه تمكّن من الشروع في إصلاح الأسطول العثماني، وتأسيس وحدات عسكرية حديثة عرفت ب النظام الجديد، والبدء بتخريج الضباط من المدارس العسكرية والبحرية، وإرسال بعثات دبلوماسية في عدد من عواصم الدول الغربية. فأعاد السلطان محمود الثاني الكَرّة، بعد أن اتخذ الاحتياطات التدبيرية اللازمة، فقضى على الجيش الإنكشاري تماماً، حتى لا يبقى لهم كيان فيما بعد. وقبض في الوقت نفسه على شيوخ البكتاشية، التي كانت تعد العقل المدبر لتصرفات الإنكشارية.


أدرك محمود الثاني أن الإصلاحات، التي أدخلها على الجيش، لا تكفي للمحافظة على كيان السلطنة، فشرع في المرحلة الثانية، التي استهدفت التنظيم الإداري للدولة. فأنشأ عام 1251هـ (1835م) وزارة للخارجية، وأخرى للداخلية، وشكل مجلساً للأشغال العامة عام 1253هـ (1837م)، وأدخل أنظمة الجوازات والحجر الصحي، وافتتح مدارس ابتدائية ورُشدية في العام التالي. كما أخذ، على عاتقه، الأخذ بفكرة التكامل في جميع الميادين الثقافية، والاجتماعية، والسياسية، وتنظيم مؤسسات إدارية وتعليمية، تسير جنباً إلى جنب مع المؤسسات الدينية والتعليمية، التي كانت تحت إشراف المشيخة الإسلامية. مع التقليل من مكانتها، والعمل على فصل بعض المؤسسات من كيانها. كما جرى ذلك في المدارس الابتدائية وهي مدارس الصبيان، التي كانت تابعة للمشيخة الإسلامية.


ج. التنظيمات العثمانية
يقصد بهذه الحركة تنظيم شؤون الدولة العثمانية على غرار الدول الأوروبية، وتقريب العالم الإسلامي من العالم الغربي، الذي عاش بعيداً عنه قروناً عديدة، وذلك تحت ضغوط الهزائم العسكرية التي مني بها الجيش العثماني. وقد ساعد ذلك على ترويج الرأي القائل بأن الدولة إذا ما أخذت بأشكال الحكم الأوروبية، سيتلوه تلقائياً قيام دولة قوية وحديثة.


مرّت حركة التنظيمات بمرحلتين، هما:


الأولى: التنظيمات العثمانية الخيرية، المعروفة بخط شريف كلخانة (مرسوم كلخانة الشريف، نسبة إلى المحل الذي أعلنت فيه التنظيمات). عندما أعلن السلطان عبدالمجيد (1255-1277هـ/1839-1861م)، في السادس والعشرين من شعبان عام 1255هـ (4 نوفمبر 1839م) التنظيمات، التي تقتضي تغييراً جذرياً في مؤسسات الدولة، وعدم التفرقة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، على أساسٍ من مذاهبهم أو انتمائهم القومي، وحرية ممارسة الشعائر الدينية لكل المذاهب.


الثانية: حركة الإصلاحات، المعروفة بإصلاحات خطي همايوني (مرسوم السلطان الإصلاحي)، التي قام بالإعلان عنها أيضاً السلطان عبدالمجيد، في الحادي عشر من جمادى الآخرة عام 1272هـ (18 فبراير 1856م). وقد أكد فيها على المبادىء الإصلاحية الواردة في مرسوم كلخانة، القاضي بتأمين رعايا الدولة على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم، وتقرير المساواة في دفع الضرائب، وتمثيل الطوائف غير الإسلامية في المجالس المحلية في القرى والأقاليم، ورفع الجزية عنهم، ومشاركة أبنائهم في المدارس الحكومية، بعدما كانت قاصرة على المسلمين، ومشاركتهم في الجيش والوظائف الحكومية، وإنشاء الكنائس الخاصة بهم، والتعهد بالقضاء على المساوىء الإدارية ومحاربة الرشوة وأسباب الفساد الأخرى، وغيرها من المبادىء والقواعد المستمدة من الأنظمة الأوروبية.


جاءت هذه المرحلة إثر ما مارسته القوى الخارجية من ضغط على الدولة العثمانية. ولعل ممّا يوضح ذلك ويؤكده اختلاف المرسومين، كما يدل على ذلك ما تضمنه كل منهما، على الرغم من تشابههما في كثير من النقاط؛ فقد جاء مرسوم عام 1856م، مختلفاً عن مرسوم شريف كلخانة عام 1839م. وكانت صيغته أكثر مواءمة للطابع العصري، وأكثر اقتباساً من الغرب، بصورة لم تُعهد من قبل في الوثائق العثمانية. فهو لم يستشهد بآية قرآنية، أو بقوانين الدولة العثمانية وأمجادها. أُلحقت بهذا المرسوم مذكرة تؤكد، من جديد، عدم تطبيق عقوبة الإعدام على المرتدين.


زادت التنظيمات العثمانية من ترابط الجماعات النصرانية، بسبب ما تضمنته من تنظيم شؤون البطريركيات والأسقفيات، وتكوين المجالس الملية الجسمانية والروحانية. كما أنها منحت الرعايا من النصارى امتيازات لم يحصل المواطنون في الدولة على مثلها. ولعل من يقرأ المرسوم الخاص بذلك يتوهم أن غير المسلمين، من رعايا الدولة، لم يكونوا من قبل آمنين على أرواحهم وأموالهم. ولا صحة لهذا على الإطلاق. إضافة إلى أن ما سمي المرسوم الإصلاحي (1856م) كان مليئاً بتكرار كلمات كالكنيسة، والراهب، والمسيحيين..إلخ.


ولعل الدافع وراء ذلك كان إرضاء قوى الضغط الخارجي. وهل هناك أكثر إرضاءً لها من منح الأقليات غير المسلمة، في الدولة، امتيازات أكثر من المسلمين.؟ ثم إن الإجراءات المتخذة لتطبيق ما أعلنته حركة التنظيمات من أن "المستوى المعيشي سوف يتحسن"، قد خُصصت للمناطق التي يقطنها النصارى، مثل بلغاريا واليونان وأُهملت تماماً في المناطق الكبرى التي يقطنها المسلمون.


ولقد وسعت حركة التنظيمات من صلاتها السياسية والثقافية والاجتماعية مع الغرب. وكان أن سارعت الدول الغربية، بتأثير هذا التوجه الجديد، إلى إقامة مؤسساتها التي ترعى مصالحها، وتعمل على تحقيق أهدافها. ومن نماذج ذلك المبادرة إلى التوسع في الهيئات الدبلوماسية والقنصليات، وفتح كثير من المدارس التنصيرية، وإقامة مراكز ومؤسسات، لا هدف لها، إلا خدمة مصالح الدول الأجنبية.


د. المشروطية
يقصد بحركة المشروطية، التي اصطلح على تسميتها في العالم العربي بحركة الدستور، وفي الدولة العثمانية بالقانون الأساسي، ما أعلنه السلطان عبدالحميد الثاني (1293-1327هـ/1876-1909م) من الحياة النيابية على الطراز الحديث، وتقييد السلطة المطلقة، التي كان يمارسها سلاطين الدولة، ووضع شروط وحدود لا يتجاوزونها. وقد أطلق على تلك الفترة عهد المشروطية. ومرت بمرحلتين هما:


الأولى: وفيها افتتح مجلس المبعوثان، في الرابع من ربيع الأول عام 1294هـ (19 مارس 1877م). وأُجريت انتخابات عامة، اشترك فيها سكان الولايات العثمانية ماعدا مصر، واجتمع مجلس النواب، وكان يسمى بمجلس المبعوثان. واستمر في أعماله إلى 14 فبراير 1878م، عندما أصدر السلطان عبدالحميد الثاني قراراً بتعطيل المجلس لأجل غير مسمى.إذ إنه وجد أن وضع الدولة العثمانية في مواجهة الأخطار الخارجية والحروب والثورات، يتطلب تفرغها لها، وجمع السلطات تحت سلطة واحدة وقوية، تستطيع القيام بأعبائها، بعيدة عن النزاعات التي تجري في المجلس، والتي يطالب فيها بعض المندوبين عن أقلياتهم باستقلالها عن الدولة، وآخرين بإعطاء امتيازات لطوائفهم التي يمثلونها.


الثانية: المرسوم، الذي أصدره السلطان عبدالحميد الثاني، في الثاني من جمادى الأولى 1326هـ(24 يوليه 1908م)، بإعادة مجلس المبعوثان، الذي صدر به القانون الأساسي، عام 1293هـ(1876م)، على أساس دستوري. وذلك تحت ضغط جمعية الاتحاد والترقي، التي كانت تعد العدة للقيام بثورة ضد حكمه. وقد ضم المجلس الجديد 280 نائباً من مختلف الجنسيات وأهل الأديان الأخرى في الدولة العثمانية. وبعد افتتاح المجلس، تسلم زعماء الاتحاد والترقي زمام الأمور في الدولة العثمانية، وتمخض عن الأعمال، التي قامت بها، تنحي السلطان عبدالحميد عن سدة الحكم، وتعرض البلاد للفوضى، سواء في الثقافة والاقتصاد، أو في السياسة والاجتماع.



  1. سياسة الجامعة الإسلامية
    تعرف سياسة الجامعة الإسلامية بأنها: ذلك التيار الفكري والسياسي، الذي أبصر قادته وأنصاره أن هناك عدداً من التحديات، التي تواجه الشعوب الإسلامية، سواء أكانت تلك التحديات آتية من داخل الأوطان الإسلامية، كالتخلف الفكري، والروحي، والانحدار الحضاري، والصراعات الإقليمية والقبلية، أم آتية من الخارج، في شكل المد الاستعماري، الذي زحف من أوروبا على الشرق، وبخاصة في القرن التاسع عشر.


وهذا التعريف ينطبق على ما كان يدعو إليه السيد جمال الدين الأفغاني. غير أن دعوته التجديدية لم تكن مجرد تجمع سياسي تحت امرة خليفة ما، سواء أكان عثمانياً أم عربياً أو أعجمياً، ضد مد النفوذ الأجنبي في العالم الإسلامي، كما كان يغلب على أفكار السلطان عبدالحميد الثاني في سياسته للجامعة الإسلامية؛ بل كانت دعوة للرجوع إلى الأصالة بجميع مقتضياتها العصرية. ويشير بعض الباحثين إلى أن "السيد جمال الدين" بدأ الدعوة إلى هذه الفكرة، منذ حجه إلى مكة المكرمة، عام 1273هـ (1857م)، وأنشأ فيها جمعية "أم القرى"، التي ضمت أعضاء من مختلف الأقطار الإسلامية. واستمر على هذا المنوال، وهو يحث على فكرته، متنقلاً بين الأقطار والعواصم الإسلامية، حتى استقر به المقام في باريس، فأصدر مجلة "العروة الوثقى" في (14 جمادى الأولى 1301هـ –27 ذو الحجة 1301هـ) الموافق (11 مارس 1884-17 أكتوبر 1884م) التي ركزت على :


أ. مقاومة الاستعمار الغربي.


ب. الدعوة إلى الجهاد.


ج. أسباب تخلف المسلمين.


د. الوحدة السياسية.


برزت الدعوة إلى الجامعة الإسلامية، بوصفها فكرة سياسية، في عهد من عهود التاريخ الإسلامي، وكان لها سماتها الدولية وآثارها السياسية الفعالة، التي ترجع إلى السلطان عبدالحميد الثاني، الذي أيقن أن الدولة العثمانية لا يمكن إنقاذها من تسلط الدول الغربية الاستعمارية عليها ومطامعهم فيها، إلا بالرجوع إلى الدين، الذي يأمر بتوحيد المسلمين تحت ظل خليفتهم؛ فعمل على إحياء الجامعة الإسلامية، واسترداد ما كان لها في الماضي من الجلالة والهيبة. وكان من آثار مناداته بهذه الفكرة، من خلال ما لمنصبه من موقع وتأثير لدى المسلمين، أن توجّس الأوروبيون خيفة من ذلك، وأحسوا بخطر الفكرة على ما يخططون له ضد العثمانيين.


ومن أجل تحقيق سياسة الجامعة الإسلامية، اتصل السلطان عبدالحميد بزعماء العالم الإسلامي والجماعات الإسلامية في الداخل والخارج. وحاول إنشاء علاقات متينة معهم، مستنداً في ذلك على المبادىء الآتية:


أ. إن الوازع الديني عند المسلمين هو الأساس في معركتهم ضد الاستعمار الغربي.


ب. إن الوحدة الإسلامية هي الطريق الوحيد لمقاومة الغزو الغربي.


ج. إدخال إصلاحات إلى الدول الإسلامية في شتى الميادين، وبخاصة الثقافية والسياسية منها.


د. توطيد الموقف الداخلي في مواجهة المعارضين لحكمه.


هـ. العمل على الحد من نفوذ الدول الغربية في مستعمراتها.


وقد نجح السلطان في سعيه نحو ربط المسلمين، الذين كانوا يعيشون تحت نير الاستعمار الغربي (مثل المسلمين الهنود) بإستانبول من الناحية المعنوية، بل نجحت سياسته في الوصول إلى البلاد الأفريقية والتوغل فيها، حتى أصبح اسمه يذكر ويدعى له على المنابر في الخطب. وقد ركز جهوده لتحقيق ثلاثة أهداف، هي:


أ. الحفاظ على بقاء الدولة العثمانية ودوامها.


ب. ضمان الوحدة المعنوية للمسلمين.


ج. الحد من المد الصليبي والاستعماري تجاه العالم الإسلامي. وقد اتخذ السلطان عبدالحميد لضمان الوحدة المعنوية للمسلمين وسائل عدة. منها:


(1) إنشاء معهد ديني لتخريج الدعاة.


(2) إنشاء معهد العشائر.


(3) إنشاء خط حديد الحجاز. وذلك بهدف تحقيق الآتي:




  • تسهيل الحج وجعله في متناول الجميع.




  • تقوية الحكم المركزي والقضاء على الثورات وتوطيد الأمن والاستقرار.




  • تنمية الحياة الزراعية على طول خط السير، والاستفادة من الأراضي القاحلة، ونقل المنتجات الزراعية، من مواقع زراعتها، إلى الأطراف البعيدة.




كان من أثر حنكة السلطان السياسة أن كان أحد العوامل، التي ساعدت على بقاء الدولة ثلاثاً وثلاثين سنة محفوظة من السقوط، إضافة إلى عدم وقوعها في حرب أو فقدانها لأرض. ومما فعله السلطان أيضاً، في نطاق هذه السياسة، تودده إلى زعماء الأقليات الدينية والقومية، في محاولة منه للحيلولة دون نمو نزعاتها الانفصالية. وبذلك تم له القضاء على جانب كبير من ثوراتها وحركاتها. فعلى الصعيد العربي عين عدداً من مشاهير العرب، ممن كان لهم تأثير على أتباعهم، أمثال خير الدين التونسي، وعزت باشا العابد، ونعوم باشا السورى، ومحمود شوكت باشا في مختلف الوزارات وإدارات الدولة. كما قرر رفع معاشات موظفي الولايات العربية وبخاصة الحجاز. وأمر بتصنيف الإحصاءات المتعلقة بالبلاد العربية في بداية السالنامة (وهي الكتب السنوية التي كانت تصدر من وزارات الدولة وولاياتها والتي كانت تلخص أهم حوادث الدولة العثمانية)، في الوقت الذي كان يبدأ، في عهود أسلافه، بولاية أدرنة.


وعلى الصعيد الإسلامي الخارجي، أرسل عدداً من الوفود إلى مختلف الشعوب الإسلامية، خارج نطاق الدولة العثمانية، لتقوية أواصر الأخوة الإسلامية، والوقوف ضد مخططات الاستعمار الغربي، وتأكيد الحرص على الولاء للخلافة الإسلامية والارتباط بعاصمتها، وطاعة خليفة المسلمين. وقرب إليه العلماء والمشايخ من مختلف البلاد والجماعات الإسلامية.


كما أنشأ السلطان، على الصعيد العسكري، فيالق عسكرية ضخمة من الشعوب القاطنة تحت لوائها. وأعدها لصد أي عدوان خارجي على الدولة العثمانية من أي من القوى المعادية. ومن ثم تركت سياسته للجامعة الإسلامية أثراً جيداً في نفوس المسلمين، حتى انعكس ذلك على دعوات الزعماء الوطنيين، والشعراء المحافظين، وعلى الأعلام التي ناصرت تلك السياسة في مختلف الأقطار الإسلامية.


وعلى الرغم من توجيه بعض الاتهامات إلى السلطان عبدالحميد الثاني بأنه لم يكن مخلصاً للجامعة الإسلامية، وأنه استغل دعوة جمال الدين الأفغاني لتعزيز مركزه وتأييد سلطانه، إلاّ أنه استطاع نشر الدعوة إلى الجامعة الإسلامية في أوسع نطاقها، وإحياء الشعور بالوحدة العامة والتضامن لدى جميع الشعوب الإسلامية، وكشف ما أظهرته الدول الغربية من عداء للمسلمين بأوضح صورة. ولعل مشروع خط حديد الحجاز، الذي تم تنفيذه بأموال المسلمين، خير مثال على نجاح تلك السياسة.



  1. الحرب العالمية الأولى وانقراض الدولة العثمانية
    أمسكت جمعية الاتحاد والترقي بزمام الأمور في الدولة العثمانية، وأطاحت بحكم السلطان عبدالحميد الثاني، الذي كان يتحاشى الحروب بقدر الإمكان، محاولاً تحويل صراع الدول الغربية وروسيا على الدولة إلى صراع فيما بينها. وكان برنامج الاتحاد والترقي في الحكم يتركز على التغريب، وإحلال المؤسسات الغربية محل المؤسسات الإسلامية في الدولة، والتركيز على تتريك الحكم والنظام، متأثرة في كل ذلك بالشعارات الغربية، مما أدى بها إلى التشجيع على القومية التركية. فحصل النفور بين الشعوب الإسلامية المنضوية تحت لواء الخلافة الإسلامية وبين برنامج الحكومة، ولا سيما بعد نشر الأفكار القومية لدى العرب أيضاً.


وفي خضم ذلك، نشبت الحرب العالمية الأولى، عام 1333هـ (1914م)، التي تحالفت فيها الدولة العثمانية مع ألمانيا والنمسا، ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا. على أنه لم يكن لديها أي استعداد لخوض غمار الحرب. وكان النصر، في السنتين الأوليين من الحرب، من نصيب الدولة العثمانية وحليفاتها، غير أن قيام الثورة العربية الكبرى، بزعامة الشريف حسين عام 1335هـ (1916م)، كان أكبر ضربة وجهت للدولة العثمانية والجامعة الإسلامية بوجه خاص. حيث فقدت الدولة مع نهايات الحرب، عام 1338هـ (1918م)، كل أملاكها في الجزيرة العربية، بل في معظم البلاد العربية. ووقعت عدة معاهدات، استهدفت تقسيم أملاك الدولة العثمانية. مثل معاهدة الآستانة عام 1334هـ (1915م)، ومعاهدة لندن عام 1334هـ(1915م)، ومعاهدة سايكس بيكو عام 1335هـ (1916م)، ومعاهدة سان جان دي مورين عام 1336هـ(1917م)، ثم معاهدة سيفر عام 1339هـ (1920م) التي عقدت في مدينة سيفر الفرنسية، وتخلت الدولة العثمانية بموجبها عما تبقى من أراضيها في تراقيا بما في ذلك مدينة أدرنة، وتخلت عن حقوقها في جزيرتي إمروز وتندوس. وقلصت تلك المعاهدة سيادة الدولة العثمانية، فقد حُدد عدد الجيش العثماني بخمسين ألف جندي، يخضعون لإشراف الضباط الأجانب، وحُدد سلاح الجيش والأسطول، وأعيدت الامتيازات الأجنبية، كما شُكِّلت لجنة جديدة للبت في الإشراف على الديون العثمانية، وعلى ميزانية الدولة، وعلى الضرائب، والرسوم الجمركية، وغيرها من الأمور المالية.


وفي تلك الأثناء، شُكِّلت حكومة في أنقره، بزعامة مصطفى كمال آتاتورك، كانت منفصلة عن حكومة إستانبول. وبدأ النظام الجديد في أنقره، معلناً التمرد على حكومة إستانبول، وجعل من المجلس الوطني الكبير حكومة فعلية، حيث أقر المجلس، عام 1340هـ (1921م)، الدستور الجديد، ورفض كل المعاهدات التي أبرمتها حكومة إستانبول، وفي الوقت نفسه، عقد مصطفى كمال اتفاقاً مع روسيا، اعترفت روسيا بموجبه بالميثاق الوطني الذي أعلنته حكومة أنقره. كما عقد مؤتمر في لندن عام 1340هـ (1921م)، للتخفيف من شروط الصلح، مما أضفى طابعاً شرعياً على حكومة أنقره، في إرجاع القرار الخاص بوضع الأناضول إليها. وقد جرت عدة اتفاقات مع الدول المعنية في الانسحاب من بعض الأراضي التركية، فتنازلت روسيا عن باطوم، وفرنسا عن كيلكيا، وإيطاليا عن أنطاكيا، ونشب القتال مع اليونانيين، وانتصرت القوى الوطنية في معركة سقاريا على اليونانيين عام 1340هـ (1922 م). ورغم أن حكومة إستانبول دعت إلى مؤتمر لوزان إلى جانب حكومة أنقره، إلا أن الأخيرة قامت بإلغاء السلطنة من نظام الدولة العثمانية في 12 صفر 1341هـ (4 نوفمبر 1922م)، حتى لا تلقى القبول لدى المؤتمر، فاستقال الصدر الأعظم توفيق باشا، ولم يعين السلطان محمد السادس غيره مكانه، مما أشار إلى خضوع السلطان لحكومة أنقره. وسافر السلطان إلى بريطانيا لاجئاً، فعينت حكومة أنقرة عبدالمجيد أفندي خليفة في 26 ربيع الأول 1341هـ (16 نوفمبر 1922م)، متجرداً من صفة السلطان. وانتهت حرب الخلاص الوطني، وأُعلنت الجمهورية في 30 ربيع الأول 1341هـ (20 نوفمبر 1922م)، ثم أُلغ يت مؤسسة الخلافة من حياة تركيا في 28 رمضان 1342هـ ( 3 مايو 1924م)، وأُجبر أفراد أسرة آل عثمان على مغادرة تركيا نهائياً.


وبذلك انطوت أخر صفحة من صفحات تاريخ الدولة العثمانية، ونشأت على أنقاضها الجمهورية التركية، التي اتخذت من العلمانية مبدأ لها في الحياة. وأُلغيت المؤسسات الدينية، وأُقيمت مكانها مؤسسات أخرى، مبنية على مبدأ فصل الدين عن الدولة.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

العادة المرتبطة...

العادة المرتبطة بالمستهلك والتكيف الشرطي التقليدي: يعتبر التكييف الشرطي التقليدي من أحد أساليب التع...

LE SYSTÈME D’IN...

LE SYSTÈME D’INFORMATION HOSPITALIÈRE Introduction : L'information est devenue une des ressource...

كان في شي غريب ...

كان في شي غريب في البنات اللي شفتهم. كانت تطل من الشباك وكأن الدنيا براها تحكي لها حكاية ما نعرفها. ...

ا ملع ةفلتخلما...

ا ملع ةفلتخلما ةيسفنلا رهاوظلل يجولويبلاو يجولويسفلا ساسلأا يجولويسفلا سفنلا ملع سردي . "سفنلاب" ى...

اعتمد العباسيون...

اعتمد العباسيون في نظام حكمهم على نفس التنظيمات السابقة في العهد الأموي لكن أعطوا للوزير مكانة ودورا...

**I. نشأة علم ن...

**I. نشأة علم نصوص اللغة:** ظهر علم نصوص اللغة في الستينيات كفرع مستقل من علم اللغة. بينما كانت اللغ...

مقدمة الدراسة :...

مقدمة الدراسة : يشهد العالم اليوم تحولات جذرية في مختلف المجالات نتيجة للتطور المتسارع في تقنيا...

بدأت علاقات ألم...

بدأت علاقات ألمانيا في أفريقيا في الفترة التي أطلق عليها فتره التكالب الاستعماري على أفريقيا والتي أ...

هو الصحابي عمر ...

هو الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه اسلم في السنه السادسه من البعثه وهو اول من جهر بالاسلام وكان ا...

Samuel Johnson'...

Samuel Johnson's "Vanity of human wishes" Is a reference to the Roman Poet Juvenal and especially to...

الحكمة همش العل...

الحكمة همش العلم تماما بما أنه لا طائل منه بالنسبة للمؤمن، أي بما أنه لا يحقق غبطته يقول ما أشقى من ...

الطريق الذي يخت...

الطريق الذي يختاره الباحث في تجميع معلوماته وبياناته العلمية في دراسة موضوع الذي يسلكه في تحليل وتفس...