لخّصلي

تدل كلمة الإسلام باشتقاقها اللغوي على معنى الخضوع و الانقياد، و قد ترددت في القرآن الكريم بهذا المعنى في مثل : ( و أمرت أن أسلم لرب العالمين ). ومن ثم أطلقت علما على ديننا الحنيف ، وهو دين لسعادة الناس كافة ، دین يكمل الديانات السماوية السابقة والإسلام يقوم على ركنين أساسيين هما : العقيدة و العمل ، و أهم أصل في العقيدة الإسلامية الإيمان بوحدانية الله و تفرده في التدبير و التسيير، و تنبثق عن هذا الأصل أصول أخرى هي أصول العقيدة الإسلامية ، و بجانبها أعمال من العبادات يجب على المسلم أداؤها و هي ترجع إلى أربعة أصول : الصلاة و الصوم ، الحج و الزكاة.

و لم يرسم القرآن الكريم للمسلمين معالم عقيدتهم و فروضها العملية فحسب، بل رسم لهم طريق الفضيلة وما ينبغي أن يتحلوا به في سلوكهم و أخلاقهم حتى ينالوا رضا ربهم و محبتهم يقول تبارك و تعالى : " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما "، " و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا كان بين ذلك قواما" ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا ... و الذين لا يشهدون الزور و إذا مروا باللغو مروا کراما "" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن ...

و أمر بالمعروف و انه عن المنکر و اصبر على ما أصابك إن أنكر إن ذلك من عزم الأمور ولا تصغر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك و اغضض من صوتك إن أنکر الأصوات لصوت الحمير". وقد حرم الإسلام جملة من الفواحش ما كبر منها و ما صغر ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر و ما بطن و مما حرمه تحریما باتا آفة الخمر و آفة القمار ( إنما الخمر والميسر ... رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (و دائما تلقانا في الذكر الحكيم دعوة المسلمين إلى الخير و الارتفاع عن الدنايا و النقائض.

و بهذه القيم الروحية جميعا يقوم الإسلام، فهو ليس عقيدة سماوية و فروضا دينية فحسب، بل هو أيضا سلوك خلقي قويم، إذا يدعو إلى طهارة النفس ونبذ الفواحش والرذائل و مراقبة الإنسان لربه في كل ما يأتي من قول أو فعل و إلى جانب هذه القيم الروحية أرسى الإسلام القواعد الاجتماعية لهذه الأمة ، بحيث تكون أمة مثالية يتعاون أفرادها على الخير آمرين بالمعروف ناهين عن المنکر، يسودهم البر و التعاطف حتى لكأنهم أسرة واحدة، محيت بين أفرادها كل الفوارق القبلية و الجنسية يشعر كل واحد منهم بمشاعر أخيه، بإذلاله و لمصلحة هذه الأمة كل ما يستطيع .

وحاول القرآن أن يقيم ضربا من العدالة الاجتماعية في محيط هذه الأمة إذا جعل رد الغني بعض ماله على الفقير و على الصالح العام للأمة حقا دينيا . إنه لا يعيش لنفسه وحدها بل يعيش أيضا الأمته ويترابط معها ترابطا اقتصاديا كما يترابط في وجدانه و إيمانه. و قد اندفع كثير من الصحابة ينفقون أموالهم جميعا في سبيل الله. وقد نظم حقوق المرأة و رعاها خير رعاية ، فجعلها كفؤا للرجل ، لها ما له من الحقوق يقول تبارك و تعالى : (( ولهن مثل الذي يمثل عليهن بالمعروف )) و أيضا لهن مثل ما للرجال من السعي في الأرض و العمل و التجارة ، يول عز شأنه : (( للرجال نصيب مما اكتبوا و للنساء نصيب مما اتبن )) و من غير شك ليست هناك علاقة بين

الإسلام و نظام الحريم الذي شاع في العصر العباسي ، فإن الإسلام يجل المراة و يرفع قدرها حتی لنراها في صدر الإسلام تشارك في الأحداث السياسية على نحو ما هو معروف عن موقف السيدة عائشة أم المؤمنين في حروب علي وطلحة و الزبير ، و لا شك في أن النساء يقدرن دور الإسلام في إنصافهن