لخّصلي

وينبغـي أن يالحـظ أن العبـرة فـي وصـف المـادة بأنهـا سـامة أم ال، ليسـت بطبيعـة هـذه المـادة فـي
ذاتهـا بقـدر مـا هـي بالتـأثير الـذي تحدثـه علـى أنسـجة الجسـم فـي الظـروف التـي أعطيـت فيهـا فقـد تكـون
المـادة غيـر سـامة أصـالً ولكـن اسـتعمالها فـي ظـروف معينـة يجعلهـا سـامة، وبـالعكس قـد تكـون المـادة
سامة بطبيعتها ورغم ذلك تفقد صفتها نتيجة لتقديمها للمجني عليه ممزوجة بمادة أخرى تز يـل آثارهـا
الضــارة وفــي هــذه الحالــة ال يتــوافر الظــرف المشــدد فــال يعــد الجــاني شــارعا ي القتــل بالســم وإن جــازت ًفــ
لكـون الوسـيلة
مسـاءلته مـع ذلـك عـن شـر وع فـي قتـل بسـيط أو مـع سـبق اإلصـرار حسـب األحـوال نظـراً
التي استخدمها صالحة أصالً إلحداث الوفاة ولم تؤد إليها بسبب إساءة الجاني استعماله لها.
ومتى كانت المواد المستعملة في القتل من المواد السامة، فال عبرة بعد ذلك بكونها ال تؤدي إلى
الوفاة في الحال أو ال تؤدي إلى ذلك إال إذا أعطيت للمجني عليه بكميات كبيرة.
: فعل االستعمال:
ثالثا - ً
يـراد باسـتعمال السـم كـل فعـل يأتيـه الجـاني مـن شـأنه تمكـين المـادة السـامة مـن أن تنفـذ إلـى
جسم المجني عليه وأن تحدث به أثرها المقصـود، وال عبـرة بالصـورة التـي يتحقـق فيهـا هـذا االسـتعمال،
موضوعات مختارة من القوانين االماراتية
357
فيستوي في نظر القانون أن يضع الجاني السم في طعام المجني عليه، أو أن يعطيـه إياهـا بطريـق الحقـن
أو االستنشاق أو أن يضعه على جرح بجسمه.
ويسـتوي أن يقـوم الجـاني باسـتعمال المـادة السـامة بنفسـه أو يسـتعين بشـخص آخـر فـي القيـام
بــذلك، وعندئــذ إذا كــان هــذا الشــخص يعلــم بحقيقــة المــادة ويســلمها للمجنــي عليــه فإنــه يعتبــر فــاعالً
السـ ـامة فيعتبـ ـر شـ ـريكاً للجريمــة ألنــه هــو الــذي قــام بتنفيـــذها، أمــا مــن أعطــاه المــادة بالمسـ ـاعدة فـ ـي
التسـميم، أمـا إذا كـان الوسـيط غيـر عـالم بحقيقـة هـذه المـادة فإنـه يكـون أداة بشـرية بريئـة فـي يـد الجـاني
الذي يعتبر فاعالً أصليا للجريمة بينما ال يسأل الوسيط النت ً معن
ويا فاء القصد الجنائي لديه. ً
: الشروع في القتل بالسم:
رابعا - ً
تعــد وفــاة المجنــي عليــه النتيجــة اإلجراميــة فــي التســميم شــأنه شــأن ســائر صــور القتــل، فــإذا لــم
تتحقـق النتيجـة اقتصـرت مسـئولية الجـاني علـى الشـروع فـي التسـميم أيـا بلغـه نشـاطه ً كـان المـدى الـذي
اإلجرامي.
لفرصـة تقديمـه، كـل هـذه أعمـال
ومـن المجمـع عليـه أن شـراء السـم أو تجهيـزه أو اختزانـه انتظـاراً
تحضيرية، ويعد الفعل شروعا إذا وضعت المادة السامة في متناول المجني عليه بحيـث أصـبح تعاطيـه ً
له أمرا ء المسـموم أو وضـع قـرب فراشـه كـي يتناولـه ً محتمال،ً كما لو قدم إليه الطعام أو الشـراب أو الـدوا
إذا ما استيقظ ليالً دون أن يتاح له تبين طبيعته.
ويثيـر وضـع السـم فـي طعـام المجنـي عليـه أو شـرابه أو دوائـه قبـل أن يقـدم إليـه خالفـاًفـي الفقـه،
، إذ هــو ال يختلــف كثيــراً عــن تعبئــة ســالح نــاري
والــراجح أن هــذا الفعــل يعــد عمــالًتحضــيريا بالطلقــات ً
استعدادا ً الستخدامه في القتل،
وال شك في صـواب هـذا الـرأي، فنشـاط الجـاني وإن كـان يمثـل خطـرا علـى ً
حياة المجني عليه إال أنه ال ينطوي مع ذلك على ضرر ممكن وشيك الوقوع إذ ليس من شأنه أن يـؤدي
حاالً ومباشرة إلى تنفيذ الجريمة.
:
خامسا الركن المعنوي في القتل بالسم-: ً
التســـميم صـــورة مـــن القتـــل العمـــدي يميزهـــا عـــن صـــورته البســـيطة اقترانهـــا بســـبب التشـــديد،
ومقتضى ذلك أن يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي الـذي يخضـع لكـل مـا يخضـع لـه القصـد فـي
القتـل مـن أحكـام، يضـاف لـه ضـرورة تحقـق علـم الجـاني بالطبيعـة السـامة للمـادة المسـتعملة فـي القتـل،
فـإذا تـوافر لديـه قصـد القتـل وانتفـى لديـه العلـم بالطبيعـة السـامة للمـادة المسـتخدمة فيـه سـئل الجـاني
لـذلك، وقـد يعنـي ذلـك
عن قتل عمد بسيط، أما إذا انتفى قصد القتل فإن جريمة التسميم تنتفي تبعـاً
أن تقتصر المسئولية على جريمة إعطاء المواد الضارة أو على جريمة القتل الخطأ.
1 ـ التمييز بين التسميم وإعطاء المواد الضارة:
يشترك التسميم وإعطاء المواد الضارة في أن كال منهما يباشر تأثيره السيئ عن طريق مـا يحدثـه
من اختالل في السير الطبيعـي لوظـائف الحيـاة وأيضـاًفـي األثـر الناشـئ عـن هـذا االخـتالل والـذي يتخـذ فـي
الحالين صورة الموت أو المساس بسالمة الجسم علـى حسـب األحـوال، غيـر أن للجـوهر السـام مـع ذلـك
ذاتية خاصة تميزه عن المواد الضارة األخرى، فهو يتفاعـل بطبيعتـه كيمائيـاً مـع الخاليـا الحيـة فـي الجسـم
موضوعات مختارة من القوانين االماراتية
358
على وجه يؤدي إلى تدميرها وشلها عن أداء وظائفها، ويعني ذلك أن كل جوهر سام بالضرورة هو جـوهر
.
ضار، ولكن ليس كل جوهر ضار بالضرورة ساماً
وضابط التمييز بين جريمتي التسميم وإعطـاء المـواد الضـارة هـو عناصـر القصـد المتطلـب فـي كـل
منهمـا: فالقصـد فـي التسـميم يتطلـب إرادة إحـداث الوفـاة، ولكنـه يكتفـي فـي جريمـة أعطـاء المـواد الضـارة
بـإرادة اإليـذاء البـدني، فـالتمييز بـين الجـريمتين ال يعتمـد علـى نـوع المـادة المعطـاة للمجنـي عليـه، فمـن
أعطى ضحيته سـما لـه، وإنمـا اصـطحب بنيـة إيذائـه فإنـه ال يسـأل عـن ً دون أن يكـون ذلـك مقترنـاً بنيـة قت
تسميم لتخلف أحد أركانه ، وإنمـا يسـأل عـن جريمـة اعتـداء علـى سـالمة الجسـم اتخـذ سـلوكها اإلجرامـي
صورة إعطاء مواد ضارة، فـإذا مـات المجنـي عليـه عوقـب الجـاني بالعقوبـة المقـررة لالعتـداء المفضـي إلـى
الموت المنصوص عليها في المادة 336 من قانون العقوبات االتحادي.
2 ـ التمييز بين التسميم والقتل الخطأ:
يجب أن يكون التسميم مقترناً بالقصد الجنائي أي بنية إحداث المـوت، فـإذا انعـدمت هـذه النيـة
لم يبق محل لتطبيق المادة ،233 لكن قد يعاقب على الفعل على أنه قتل خطأ إذا وقـع المـوت بسـبب
عدم احتياط الجاني، كما لو أخطأ الصيدلي فـي تجهيـز دواء فوضـع فيـه مـادة سـامة بـدل أخـرى غيـر سـامة،
، كما لو ناولت أم طفلها الصغير جرعة من حا
أي قضاء وقدراً
وقد يكون القتل عرضيا مض الفينيك على ً
أمـر بـه الطبيـب، إنمـا يجـب أن يكـون ذلـك ناشـئا م وإال كانـت ً اعتقـاد أنـه الـدواء الـذي عـن عـدم احتيـاط األ
الحادثة قتالً خطأ.
3 ـ خضوع القصد في التسميم للقواعد العامة:
تطبـق علـى جريمـة القتـل بالسـم القواعـد التـي سـبق بيانهـا عنـد الحـديث عـن القتـل العمـد فيمـا
يتعلــق بالقصــد غيــر المحــدود والخطــأ فــي شــخص وشخصــية المجنــي عليــه فيســأل الجــاني عــن القتــل
بالسم ولو كان قصـده غيـر محـدود أي ولـو لـم يقصـد بـه قتـل شـخص معـين، فمـن يضـع سـماًفـي بئـر أو
نبع يستقى منه عامة الناس يعد قاتالً بالسم إذا ترتب على فعله موت شخص أو أكثر.
وال عبـرة أيضـا بالخطـأ فـي شـخص المجنـي عليـه، فيعـد قـاتالً بالسـم مـن وضـع الطعـام أو الشـراب ً
المسموم تحت تصرف شخص معين فتناوله آخر ومات بسببه، كذلك األمر بالنسبة للخطأ في شخصية
المجني عليه، كما لو وضع الجاني السم في طعام شخص اعتقد خطأ أنه الشخص الذي يريد قتله.
4 ـ التسميم وسبق اإلصرار:
اسـتعمال السـم فـي القتـل ظـرف عينـي يتصـل بوسـيلة تنفيـذ الجريمـة ولـذلك فهـو ينـتج أثـره فـي
تشديد العقاب بالنسـبة لجميـع المسـاهمين فـي القتـل مـن الفـاعلين والشـركاء ولـو كـان بعضـهم ال يعلـم
به، وذلك بخالف سبق اإلصرار فهو بالعكس ظرف شخصي يرجع إلى قصد الجاني ونفسـيته فـال يتـأثر بـه
.
سوى من توافر لديه فاعالً كان أم شريكاً
والغالب أن يكون استعمال السم مصحوبا إلصرار إذ يقتضـي إعـداد السـم وقتـاً يتـاح فيـه ً بسبق ا
للجاني التفكيـر الهـاده، ومـع ذلـك فأنـه يتصـور أن يتـوافر ظـرف اسـتعمال السـم دون أن يكـون مصـحوباً
موضوعات مختارة من القوانين االماراتية
359
باإلصرار السابق كما إذا تشاجر شخصان فثارت ثائرة أحـدهما فـدس لآلخـر سـماً كـان يحملـه مصـادفة أو
كان معداً من قبل