لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

وكان من الطبيعي أن يترتب على سياسة بريطانيا المتناقضة إزاء الشرق العربي في أثناء الحرب،
أن يغشى المنطقة اضطراب شديد بعد انتهاء الحرب،
إذ أصبح يساور بريطانيا شعور بأنه من الممكن التحلل إلى حد ما من تعهداتها لفرنسا لمصلحة العرب أو بالأحرى لمصلحتها هي،
ويتضح هذا بوضوح في أثناء انعقاد مؤتمر الصلح بباريس في يناير (كانون ثان) سنة ۱۹۱۹ ،
والذي حضره فيصل نيابة عن والده،
في داخلية الشام (دمشق) في ٥ من أكتوبر (تشرين أول) سنة ١٩١٨
وعندما وصل فيصل إلى باريس،
كانت سياسته تقوم على أساس الحصول على تأييد بريطانيا في مقاومة مطالب فرنسا في الشام،
الأمر الذي أثار شكوك فرنسا في أن فيصلاً صار أداة في يد بريطانيا لمقاومة مطالب فرنسا ،
مما أدى إلى تشدد فرنسا في معاملتها الفيصل،
بل وصل الأمر ببريطانيا إلى الإيحاء لفيصل بأنه ما دامت الصهيونية تعارض سيطرة فرنسا على فلسطين،
فإنه من الممكن أن تعاونه الصهيونية في زحزحة فرنسا عن بقية الشام،
واستمرت مناقشة المسألة السورية في مؤتمر الصلح بضعة أشهر ،
واتضح خلالها اشتداد الخلاف بين بريطانيا وفرنسا،
الأمر الذي أدى إلى سخط الرئيس الأمريكي وودرو ولسن صاحب مبدأ حق تقرير المصير-،
وإعلانه أنه يجب ألا يتقرر شيء إلا بموافقة المحكومين،
واقترح تكوين لجنة دولية لكي تذهب إلى الشام وإلى المناطق المجاورة (العراق) إذا لزم الأمر،
للتعرف على رغبات الأهالي وتقديم تقرير إلى مؤتمر الصلح،
وعارضت فرنسا اقتصار بحث اللجنة على الشام دون العراق،
في حين عارضت بريطانيا زيارة اللجنة للعراق،
ولم تلبث أن امتنعت الدولتان ومعهما إيطاليا عن إرسال مندوبيها،
وبذلك اقتصرت اللجنة على المندوبين الأمريكيين،
ومن ثم عرفت باسميهما (لجنة کنج / کرین)/،
واستمرت زيارة اللجنة للشام خلال الفترة من ۱۰ من يونيو (حزيران) إلى ۲۱ من يوليو (تموز) سنة ١٩١٩ .
وكانت مطالب أهل الشام للجنة تتلخص في رفض المادة ٢٢ من ميثاق عصبة الأمم،
والتي كانت تنص على وضع الأقطار التي كانت خاضــعــة للدولة العثمانية تحت الانتداب) ،
ورفض ادعاءات فرنسا في الشام ،
والاعتراض على المعاهدات السرية وتصريح بلفور .
وإذا كان تقرير اللجنة لم يأت على هوى الفرنسيين كما هو متوقع،
فقد ظهر أيضاً خلال زيارة اللجنة للشام ما زاد من حنق فرنسا على بريطانيا ،
وذلك عندما بحثت اللجنة فيمن يتولى الانتداب على الشام،
فاقترحت أن تتولاه الولايات المتحدة،
وأنه إذا كان ثمة ما يحول دون ذلك،
فقد اقترحت اللجنة تولي بريطانيا الانتداب استناداً إلى رغبة السكان،
البلاد تحت إدارتها،
والخبرتها في مثل هذا المجال (۱) .
وعلى الرغم من أنه لم يترتب على زيارة اللجنة وتقريرها أية نتيجة ،
ذلك أنها عندما وصلت عائدة إلى باريس كان الرئيس ولسن قد غادرها إلى وطنه،
ولم يلبث - بسبب موقف مجلس الشيوخ - أن نفض يده من عملية السلام،
ومع ذلك أخذت الصحافة الفرنسية تشن حملة شديدة ضـد بريطانيا،
وتتهمها بتدبير الدعاية المعادية لفرنسا في الشام،
كما أخذ المسؤولون الفرنسيون يوجهون الاتهامات إلى نظرائهم البريطانيين،
وانزعجت الحكومة البريطانية لهذه الحملة الفرنسية ضدها،
مما دفعها إلى اتخاذ قرار في ١٣ من سبتمبر (أيلول) سنة ١٩١٩ كان له أبلغ الأثر في مستقبل الشام،
فقد قررت الحكومة البريطانية سحب قواتها من شمالي الشام (سوريا ولبنان) إلى الجنوب فلسطين والأردن)،
داخلية الشام (شرقي خط دمشق / حمص / حماة/ حلب) إلى الأمير فيصل،
وتسلم حاميات المنطقة غرب الخط إلى القوات الفرنسية،
وهكذا تركت بريطانيا الأمير فيصلاً يواجه فرنسا وحده ،
وأعلنت فرنسا أنه يجب أن تصل وحدها إلى اتفاق مع العرب دون تدخل أية دولة في انتداب الدولة الأخرى،
خلفاً لجورج بيكو (1)
وقد أدى قرار بريطانيا بسحب قواتها من شمالي الشام إلى حالة من الفوران،
وأصبحت كل الجماعات السياسية في الشام تناصب الفرنسيين العداء،
بل تعبر عن عدائها للأوربيين جميعاً بما فيهم البريطانيون،
وبخاصة أن الفرنسيين قد أخذوا يعززون قواتهم بقصد احتلال إقليم البقاع،
ولقد صدق هو جارث عندما قال : «إن الفرنسيين تمسكوا بموقفهم،
أما الأمريكيون الذين أرسلتهم السماء فقد اختفوا،
وأما فيصل فقد كان يحظى بتأييدنا في المناقشات لا في ساعة العمل والجد،
وبعد أن دفعناه إلى مجالس باريس بصفته مندوباً عن أمة حليفة،
أجنبيتين مدة غير محدودة .
وتتابعت الأحداث في الشام إزاء ازدياد حدة التوتر بين الأهلين،
فاجتمع المؤتمر السوري العام،
إعلان استقلال بلاد الشام بحدودها الطبيعية استقلالاً تاماً،
ابن الحسين ملكاً دستورياً عليها ،
ورفض مطالبة الصهيونية بجعل فلسطين وطناً قومياً لليهود،
وانتهاء حكومات الاحتلال العسكري القائمة في شرقي الشام وغربيه وجنوبيه ،
على أن تقوم بدلاً منها حكومة نيابية مسؤولة أمام المؤتمر،
على أن تدار أقاليم الدولة الجديدة على أساس اللامركزية الإدارية ،
وعندما اتفقت كلمة السوريين على ضرورة إعلان استقلال سوريا
رسمياً،
وتولية فيصل ملكاً عليها لمواجهة الدول بالأمر الواقع،
أن يرضي والده وأخاه الأمير عبد الله بإعلان استقلال العراق وتتويج عبد
هيئة على شكل مؤتمر عراقي يجتمع إلى جانب المؤتمر السوري،
استقلال العراق تحت حكم الأمير عبد الله ،
دار نوري السعيد في دمشق وانتخبوا خمسة وعشرين عضواً تكون منهم
المؤتمر العراقي في ٧ من مارس (آذار) سنة ۱۹۲۰ ،
قراراً مماثلاً لقرار المؤتمر السوري معلناً استقلال العراق تحت حكم الأمير عبد
بين القطرين الشقيقين ( سوريا والعراق اتحاد سياسي واقتصادي،
الدعوة إلى الأمير عبد الله للحضور في سوريا على مقربة من حدود
العراقي بأنه لا يستطيع المجيء في ذلك الوقت لأسباب تمنعه من السفر
وشكر للعراقيين إحساساتهم الجميلة» .
وأثار القراران (الخاصان بالشام والعراق الحليفتين الغربيتين اللتين اعتبرتا هذا العمل عصياناً واستباقاً لمقررات مؤتمر الصلح،
وإزاء ما تضمنه القراران من مساس بمخططات بريطانيا إزاء العراق وفلسطين،
تفاهمت الحكومة البريطانية مع الحكومة الفرنسية،
وأرادت الدولتان إفساد هذه القرارات .
وبدون الولايات المتحدة التي قررت الانسحاب من أي دور في تسويات السلام،
اجتمع مجلس الحلفاء الأعلى في سان ريمو بين التاسع عشر والسادس والعشرين من أبريل (نيسان) سنة ١٩٢٠ ،
وفي الخامس والعشرين من الشهر صدر القرار بأن تتولى بريطانيا الانتداب على العراق وجنوبي الشام (فلسطين وشرقي الأردن،
وتتولى فرنسا الانتداب على سوريا ولبنان،
دون أن يؤخذ في الاعتبار ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة ٢٢ من ميثاق عصبة الأمم،
التي تمت الموافقة عليه في الثامن والعشرين من يونيو (حزيران) سنة ۱۹۱۹ ،
والتي نصت على أنه : «الرغبات الأهلين الاعتبار الرئيسي في اختيار الدولة المنتدبة،
وقد اعترف لويد جورج نفسه .
بأن نظام الانتداب كان بديلاً للاستعمار القديم (۱)
وهكذا أصيبت الأماني القومية لعرب المشرق في الصميم على يد (الأصدقاء) بعدما بذل العرب من الجهد في سبيل التحرر من حكم الأتراك ومساعدة الحلفاء على إحراز النصر،
ولذلك قامت المظاهرات وعم الاضطراب في كل أنحاء المدن السورية احتجاجاً على الانتداب الذي يعد تحدياً للقومية السورية،
لمواجهة الموقف مثل قانون الخدمة العسكرية الإجبارية ،
كما أخذ الفدائيون في مهاجمة المراكز الفرنسية في سوريا ولبنان،
بحشد قواتها على الحدود السورية .
وقد استاء الملك حسين والأمير عبد الله من موقف فيصل،
وأوفد الملك حسين الأمير عبد الله إلى القاهرة لمباحثة الجنرال اللنبي في الفترة بين ٢٦ من أبريل (نيسان) و ١١ من مايو (أيار) سنة ۱۹۲۰ ،
وأبلغ عبد الله اللنبي بأن والده يرى أن من حقه هو دون فيصل تمثيل كل الأقطار العربية في مؤتمر الصلح على أن ينوب عنه الأمير عبد الله ،
ورد اللنبي بأن الحكومة البريطانية لا تستطيع أن تعترف بحق الملك حسين في التحدث باسم بلاد كسوريا والعراق،
حيث لم يختره أهلها للتحدث باسمهم،
وأن المسألة برمتها قد انتقلت من يد الحكومة البريطانية إلى المجلس الأعلى للحلفاء .
وقد ترتب على هذه الزيارة أن صار اللنبي يعتقد أنه إذا أسند للأمير عبد الله منصب مهم ،
فإنه سيتبع النصيحة ويكون سهل الانقياد وعلى استعداد للامتثال لسياسة الحكومة البريطانية (1) .
وفي ١٤ من يوليو (تموز) سنة ۱۹۲۰ - العيد القومي لفرنسا - أرسل الجنرال جورو إنذاراً إلى فيصل ،
ورغم معارضة بعض أعضاء الوزارة السورية لقبول الإنذار،
بعث فيصل ببرقية إلى جورو يبلغه بقبول الإنذار والشروع في تنفيذ شروطه،
وتعلل جورو بعدم وصول برقية فيصل في الوقت المحدد،
وتقدمت القوات الفرنسية لتلتقي بقوات فيصل بقيادة يوسف العظمة ،
بهزيمة السوريين واستشهاد يوسف العظمة ودخول الفرنسيين دمشق .
ولم يمض غير قليل حتى راجت أنباء بأن الأمير عبد الله بن الحسين موجود في معان يجمع القبائل حوله للهجوم على الفرنسيين في سوريا،
ووصلت هذه الأنباء إلى سير هربرت صمويل المندوب السامي البريطاني في فلسطين،
فسارع بإبلاغ هذه المعلومات إلى قنصل فرنسا العام في القدس لكي تحتاط الإدارة الفرنسية في سوريا،
كما انتهز وزير الخارجية البريطانية فرصة وجود فيصل في لندن بعد طرده من دمشق،
وأبلغه أن الحكومة البريطانية ستقف في وجه أي عمل معاد للفرنسيين،
عمل تقدم عليه السلطات الحجازية ويضر المصالح الفرنسية في الشام


النص الأصلي

وكان من الطبيعي أن يترتب على سياسة بريطانيا المتناقضة إزاء الشرق العربي في أثناء الحرب، أن يغشى المنطقة اضطراب شديد بعد انتهاء الحرب، إذ أصبح يساور بريطانيا شعور بأنه من الممكن التحلل إلى حد ما من تعهداتها لفرنسا لمصلحة العرب أو بالأحرى لمصلحتها هي، ويتضح هذا بوضوح في أثناء انعقاد مؤتمر الصلح بباريس في يناير (كانون ثان) سنة ۱۹۱۹ ، والذي حضره فيصل نيابة عن والده، بعد أن شكل حكومة عربية
في داخلية الشام (دمشق) في ٥ من أكتوبر (تشرين أول) سنة ١٩١٨


وعندما وصل فيصل إلى باريس، كانت سياسته تقوم على أساس الحصول على تأييد بريطانيا في مقاومة مطالب فرنسا في الشام، الأمر الذي أثار شكوك فرنسا في أن فيصلاً صار أداة في يد بريطانيا لمقاومة مطالب فرنسا ، مما أدى إلى تشدد فرنسا في معاملتها الفيصل، بل وصل الأمر ببريطانيا إلى الإيحاء لفيصل بأنه ما دامت الصهيونية تعارض سيطرة فرنسا على فلسطين، فإنه من الممكن أن تعاونه الصهيونية في زحزحة فرنسا عن بقية الشام، وبطبيعة الحال مقابل تسليم فيصل بأطماع الصهيونية في
فلسطين
واستمرت مناقشة المسألة السورية في مؤتمر الصلح بضعة أشهر ، واتضح خلالها اشتداد الخلاف بين بريطانيا وفرنسا، الأمر الذي أدى إلى سخط الرئيس الأمريكي وودرو ولسن صاحب مبدأ حق تقرير المصير-، وإعلانه أنه يجب ألا يتقرر شيء إلا بموافقة المحكومين، واقترح تكوين لجنة دولية لكي تذهب إلى الشام وإلى المناطق المجاورة (العراق) إذا لزم الأمر، للتعرف على رغبات الأهالي وتقديم تقرير إلى مؤتمر الصلح، وعارضت فرنسا اقتصار بحث اللجنة على الشام دون العراق، في حين عارضت بريطانيا زيارة اللجنة للعراق، ولم تلبث أن امتنعت الدولتان ومعهما إيطاليا عن إرسال مندوبيها، وبذلك اقتصرت اللجنة على المندوبين الأمريكيين، ومن ثم عرفت باسميهما (لجنة کنج / کرین)/، واستمرت زيارة اللجنة للشام خلال الفترة من ۱۰ من يونيو (حزيران) إلى ۲۱ من يوليو (تموز) سنة ١٩١٩ .


وكانت مطالب أهل الشام للجنة تتلخص في رفض المادة ٢٢ من ميثاق عصبة الأمم، والتي كانت تنص على وضع الأقطار التي كانت خاضــعــة للدولة العثمانية تحت الانتداب) ، ورفض ادعاءات فرنسا في الشام ،


والاعتراض على المعاهدات السرية وتصريح بلفور .


وإذا كان تقرير اللجنة لم يأت على هوى الفرنسيين كما هو متوقع، فقد ظهر أيضاً خلال زيارة اللجنة للشام ما زاد من حنق فرنسا على بريطانيا ، وذلك عندما بحثت اللجنة فيمن يتولى الانتداب على الشام، فاقترحت أن تتولاه الولايات المتحدة، وأنه إذا كان ثمة ما يحول دون ذلك، فقد اقترحت اللجنة تولي بريطانيا الانتداب استناداً إلى رغبة السكان، وبخاصة أن معظم


البلاد تحت إدارتها، والخبرتها في مثل هذا المجال (۱) .


وعلى الرغم من أنه لم يترتب على زيارة اللجنة وتقريرها أية نتيجة ، ذلك أنها عندما وصلت عائدة إلى باريس كان الرئيس ولسن قد غادرها إلى وطنه، ولم يلبث - بسبب موقف مجلس الشيوخ - أن نفض يده من عملية السلام، ومع ذلك أخذت الصحافة الفرنسية تشن حملة شديدة ضـد بريطانيا، وتتهمها بتدبير الدعاية المعادية لفرنسا في الشام، كما أخذ المسؤولون الفرنسيون يوجهون الاتهامات إلى نظرائهم البريطانيين، وانزعجت الحكومة البريطانية لهذه الحملة الفرنسية ضدها، مما دفعها إلى اتخاذ قرار في ١٣ من سبتمبر (أيلول) سنة ١٩١٩ كان له أبلغ الأثر في مستقبل الشام، فقد قررت الحكومة البريطانية سحب قواتها من شمالي الشام (سوريا ولبنان) إلى الجنوب فلسطين والأردن)، على أن تسلم


داخلية الشام (شرقي خط دمشق / حمص / حماة/ حلب) إلى الأمير فيصل، وتسلم حاميات المنطقة غرب الخط إلى القوات الفرنسية، وهكذا تركت بريطانيا الأمير فيصلاً يواجه فرنسا وحده ، وأعلنت فرنسا أنه يجب أن تصل وحدها إلى اتفاق مع العرب دون تدخل أية دولة في انتداب الدولة الأخرى، ولم تلبث وزارة الخارجية الفرنسية أن اختارت رجلاً عسكرياً هو الجنرال جورو ليقود القوات الفرنسية ويصبح كبير ممثلي فرنسا في الشرق


خلفاً لجورج بيكو (1)


وقد أدى قرار بريطانيا بسحب قواتها من شمالي الشام إلى حالة من الفوران، وأصبحت كل الجماعات السياسية في الشام تناصب الفرنسيين العداء، بل تعبر عن عدائها للأوربيين جميعاً بما فيهم البريطانيون، وبخاصة أن الفرنسيين قد أخذوا يعززون قواتهم بقصد احتلال إقليم البقاع، ولقد صدق هو جارث عندما قال : «إن الفرنسيين تمسكوا بموقفهم، أما الأمريكيون الذين أرسلتهم السماء فقد اختفوا، وأما فيصل فقد كان يحظى بتأييدنا في المناقشات لا في ساعة العمل والجد، وبعد أن دفعناه إلى مجالس باريس بصفته مندوباً عن أمة حليفة، تركناه يعود إلى بلاده ليخبر أمته أنه باستثناء الحجاز - سيكون استقلالهم في واقع الأمر خضوعاً لدولتين


أجنبيتين مدة غير محدودة .


وتتابعت الأحداث في الشام إزاء ازدياد حدة التوتر بين الأهلين،


فاجتمع المؤتمر السوري العام، وقرر في السابع من مارس (آذار) سنة ١٩٢٠


إعلان استقلال بلاد الشام بحدودها الطبيعية استقلالاً تاماً، والمناداة بفيصل


ابن الحسين ملكاً دستورياً عليها ، ورفض مطالبة الصهيونية بجعل فلسطين وطناً قومياً لليهود، وانتهاء حكومات الاحتلال العسكري القائمة في شرقي الشام وغربيه وجنوبيه ، على أن تقوم بدلاً منها حكومة نيابية مسؤولة أمام المؤتمر، على أن تدار أقاليم الدولة الجديدة على أساس اللامركزية الإدارية ، وعلى أن تراعى أماني اللبنانيين الوطنية في طريقة إدارة لبنان داخل حدوده


المعروفة قبل الحرب، بشرط أن يكون بمعزل عن أي تأثير أجنبي (


.


وعندما اتفقت كلمة السوريين على ضرورة إعلان استقلال سوريا


رسمياً، وتولية فيصل ملكاً عليها لمواجهة الدول بالأمر الواقع، أراد فيصل


أن يرضي والده وأخاه الأمير عبد الله بإعلان استقلال العراق وتتويج عبد


الله ملكاً عليه، وذلك عندما طلب فيصل من العراقيين في سوريا تأليف


هيئة على شكل مؤتمر عراقي يجتمع إلى جانب المؤتمر السوري، ويعلن


استقلال العراق تحت حكم الأمير عبد الله ، فاجتمع العراقيون في سوريا في


دار نوري السعيد في دمشق وانتخبوا خمسة وعشرين عضواً تكون منهم


المؤتمر العراقي في ٧ من مارس (آذار) سنة ۱۹۲۰ ، وأصدر المؤتمر العراقي


قراراً مماثلاً لقرار المؤتمر السوري معلناً استقلال العراق تحت حكم الأمير عبد


الله، ودعا المؤتمر أيضاً إلى إنهاء الاحتلال البريطاني للعراق على أن يكون


بين القطرين الشقيقين ( سوريا والعراق اتحاد سياسي واقتصادي، ووجهت


الدعوة إلى الأمير عبد الله للحضور في سوريا على مقربة من حدود


العراق، ولكن الأمير عبد الله رد على الدعوة التي وجهها إليه المؤتمر


العراقي بأنه لا يستطيع المجيء في ذلك الوقت لأسباب تمنعه من السفر


وشكر للعراقيين إحساساتهم الجميلة» . وأثار القراران (الخاصان بالشام والعراق الحليفتين الغربيتين اللتين اعتبرتا هذا العمل عصياناً واستباقاً لمقررات مؤتمر الصلح، وإزاء ما تضمنه القراران من مساس بمخططات بريطانيا إزاء العراق وفلسطين، تفاهمت الحكومة البريطانية مع الحكومة الفرنسية، وأرادت الدولتان إفساد هذه القرارات . وبدون الولايات المتحدة التي قررت الانسحاب من أي دور في تسويات السلام، اجتمع مجلس الحلفاء الأعلى في سان ريمو بين التاسع عشر والسادس والعشرين من أبريل (نيسان) سنة ١٩٢٠ ، وفي الخامس والعشرين من الشهر صدر القرار بأن تتولى بريطانيا الانتداب على العراق وجنوبي الشام (فلسطين وشرقي الأردن، وتتولى فرنسا الانتداب على سوريا ولبنان، دون أن يؤخذ في الاعتبار ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة ٢٢ من ميثاق عصبة الأمم، التي تمت الموافقة عليه في الثامن والعشرين من يونيو (حزيران) سنة ۱۹۱۹ ، والتي نصت على أنه : «الرغبات الأهلين الاعتبار الرئيسي في اختيار الدولة المنتدبة، وقد اعترف لويد جورج نفسه .


بأن نظام الانتداب كان بديلاً للاستعمار القديم (۱)


وهكذا أصيبت الأماني القومية لعرب المشرق في الصميم على يد (الأصدقاء) بعدما بذل العرب من الجهد في سبيل التحرر من حكم الأتراك ومساعدة الحلفاء على إحراز النصر، ولذلك قامت المظاهرات وعم الاضطراب في كل أنحاء المدن السورية احتجاجاً على الانتداب الذي يعد تحدياً للقومية السورية، وأصدرت الحكومة برئاسة هاشم الأتاسي قرارات


لمواجهة الموقف مثل قانون الخدمة العسكرية الإجبارية ، كما أخذ الفدائيون في مهاجمة المراكز الفرنسية في سوريا ولبنان، فردت الحكومة الفرنسية


بحشد قواتها على الحدود السورية .


وقد استاء الملك حسين والأمير عبد الله من موقف فيصل، وأوفد الملك حسين الأمير عبد الله إلى القاهرة لمباحثة الجنرال اللنبي في الفترة بين ٢٦ من أبريل (نيسان) و ١١ من مايو (أيار) سنة ۱۹۲۰ ، وأبلغ عبد الله اللنبي بأن والده يرى أن من حقه هو دون فيصل تمثيل كل الأقطار العربية في مؤتمر الصلح على أن ينوب عنه الأمير عبد الله ، ورد اللنبي بأن الحكومة البريطانية لا تستطيع أن تعترف بحق الملك حسين في التحدث باسم بلاد كسوريا والعراق، حيث لم يختره أهلها للتحدث باسمهم، وأن المسألة برمتها قد انتقلت من يد الحكومة البريطانية إلى المجلس الأعلى للحلفاء .


وقد ترتب على هذه الزيارة أن صار اللنبي يعتقد أنه إذا أسند للأمير عبد الله منصب مهم ، فإنه سيتبع النصيحة ويكون سهل الانقياد وعلى استعداد للامتثال لسياسة الحكومة البريطانية (1) .


وفي ١٤ من يوليو (تموز) سنة ۱۹۲۰ - العيد القومي لفرنسا - أرسل الجنرال جورو إنذاراً إلى فيصل ، ورغم معارضة بعض أعضاء الوزارة السورية لقبول الإنذار، بعث فيصل ببرقية إلى جورو يبلغه بقبول الإنذار والشروع في تنفيذ شروطه، وتعلل جورو بعدم وصول برقية فيصل في الوقت المحدد، وتقدمت القوات الفرنسية لتلتقي بقوات فيصل بقيادة يوسف العظمة ، ودارت معركة ميسلون في ٢٤ من يوليو (تموز) التي انتهت


بهزيمة السوريين واستشهاد يوسف العظمة ودخول الفرنسيين دمشق . ولم يمض غير قليل حتى راجت أنباء بأن الأمير عبد الله بن الحسين موجود في معان يجمع القبائل حوله للهجوم على الفرنسيين في سوريا، ووصلت هذه الأنباء إلى سير هربرت صمويل المندوب السامي البريطاني في فلسطين، فسارع بإبلاغ هذه المعلومات إلى قنصل فرنسا العام في القدس لكي تحتاط الإدارة الفرنسية في سوريا، كما انتهز وزير الخارجية البريطانية فرصة وجود فيصل في لندن بعد طرده من دمشق، وأبلغه أن الحكومة البريطانية ستقف في وجه أي عمل معاد للفرنسيين، وطلب من ممثلي بريطانيا في جدة والقدس أن يعلنا أن الحكومة البريطانية لن تشجع أي


عمل تقدم عليه السلطات الحجازية ويضر المصالح الفرنسية في الشام


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

ألنصار المذهب ا...

ألنصار المذهب المادي أو الموضوعي، نكون بصدد البدء في تنفيذ الجريمة، بالشروع في ارتكاب الركن المادي ...

تعد اضطرابات ال...

تعد اضطرابات التغذيه خطر كبير من الناحيه الطبية والنفسية وتسبب كثير من حالات انقطاع الطمث عند الرياض...

تعتبر المملكة ا...

تعتبر المملكة العربية السعودية من كبرى الدول المساهمة على مستوى العالم في برامج مكافحة الجوع. حيث تع...

عند تزاحم المرض...

عند تزاحم المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد و قبل البدء بالمفاضلة بينهم في أولوية العلاج يجب الت...

فوق الأصدقاء -...

فوق الأصدقاء - كل هذا خطأك! لن أسامحك أبدًا، أبدًا! صاحت بيس مارفن لابن عمها جورج. كان لدى بيس دمو...

Bareminerals Ge...

Bareminerals Gen Nude Pa lipstick, an indispensable addition to your makeup collection. This lip lac...

اولاً : المغرب ...

اولاً : المغرب المراد بلفظ المغرب هو كل ما يقابل المشرق من بلاد . وقد اختلف. الجغرافيون والمؤرخون ال...

یأتي یوم یستفید...

یأتي یوم یستفید منھا الآخرون إن لم یكن في جیلنا فقد تستفید منھا الأجیال القادمة. التفكیر الناقد و...

Body image appr...

Body image appreciation was high among our sample of females attending gyms in Tulkarm and Jenin. ...

أساسیات التعلم ...

أساسیات التعلم یمتد التعلم على امتداد حیاة الإنسان من المھد إلى اللحد، وھو في كل مرحلة من مراحلھ الن...

إن السيدة (زهرا...

إن السيدة (زهراء حسن عبود) مدرسة اللغة الإنكليزية في ث. الرباب للبنات هي من طلاب الدراسات العليا (ال...

this most impor...

this most important thing to achieve this goal is to manage your time effectvely i have divid my day...