لخّصلي

النزاع القائم بين الدولتي مصر وإثيوبيا يرجع لجذور تاريخية قديمة. فبدأت قصة سد النهضة بين عام 1957م وعام 1964 م. حيث سعى مكتب الأمم المتحدة لإجراء بعض من الاستصلاحات الأرضية والزراعية، وبناءاً على هذا المشروع الأستصلاحي قام بإجراء مسح شامل للنيل الأزرق، لتحديد أنسب المواقع الجغرافية لإقامة السد، وكان ذلك في ظل حكم الإمبراطور هيلا سيلاسي الإيثيوبي، ولكن تعطل المشروع في عام 1947م بسبب الإضطرابات السياسية في إيثيوبيا، ففي هذه الأحداث كانت إثيوبيا دولة ضعيفة الهيكل غير قادرة على التنمية أو التطوير بسبب عدم وجود حاكم وخوضعها لحكم عسكري لمدة طويل، وفي المقابل كانت مصر منتصرة وقوية وهذا ظهر في حرب أكتوبر التي دفعتها لأكتساب قوة غربية ودعم غربي، خاصة بعد معاهدة السلام، وفي المقابل إثيوبيا كانت تحت حكم أشتراكي مدعم من الأتحاد السوفييتي. فمن مظاهر الحرب الباردة التي أقامت هو بناء سد النهضة، مما قد يساهم في التأثير على القوة الهيكلية لمصر ومنع تطورها. ففكرة السد ظلت موجودة في أذهان إثيوبيا ولكن التعدد العرقي واللغوي في دولة إثيوبيا كان يقف اجز للوحدة ودعم كامل للمشروع التنموي، ففكرة السد لم تموت، حيث عقب أنهيار الأتحاد السوفيتي في مطلع التسعينات، حكم ملس زيناوي إثيوبيا (عدو الشيوعية)، فسعى لنقل دولته للغرب وأكتساب القوة الغربية كمصر، ولعب على تنمية الأقتصاد الإثيوبي، فبناءاً عل رؤيتها كان يرى أن المورد المائي وأستغلاله بشكل مناسب يمكنه أنه يساهم بشكل كبير في تنمية إقتصاد الدولة والنهضة به، فكان فرضيته عبارة عن بناء سدود على 12 نهرا مما سيوفر طاقة كهربائية للبلاد والتي يمكن تصديرها وبالتالي تنمية الإقتصاد وتوفير المتطلبات الإنسان من طاقة الكهرباء. فبعد الأنتهاء من تشييد سد تكيز على حوض نهر عطبرة عام 2009م، والذي أدى بتقليل نسب المياه في الأراضي المصرية ولكن بنسب بسيطة وطفيفة مما لم يثر المشاكل والنزاعات بينهما. وبعدها تم التخطيط لبناء سد النهضة بحوالي تكلفة 5 مليارات فكان أعلى سد تكلفة بين السدود التي قاموا بإقامتها. فكانت إثيوبيا تواجه عقبة مالية وهي عدم القدرة على الدعم بأي تمويل مادي من الدول الأخرى نتيجة إلى وثيقة 1929 و 1959م التي أقامتها مصر مع السودان والتي كانت تنص على منع أي تمويل دولي لبناء سدود في نطاق حوض النيل. فقامت إثيوبيا باللجوء إلى حيلة التمويل المحلي لتخطي هذه العقبة الإقتصادية، فكانت إثيبويا تنتظر الوقت المناسب لعمل تلك القفزة، فأثناء أحداث 2011 م بمصر والفراغ السياسي التي كانت تعاني منه مصر أستغلت إثويبا هذا الاضطراب السياسي، فقامت إثيوبيا لتخطي العقبة المالية الضغط على الموارد المحلية للتبرع فمثلاً ضغطت على البنوك للتبرع ب 27% من قوة الإقتراض الإجمالية، وتبرع الموظفين بجزء من مرتباتهم، ودعت المهاجرين الإثيوبيين للتبرع ودعم المشروع، فتم تجميع من هذا التمويل المحلي حوالي 450 مليون دولار بحلول عام 2014م. فتمت الإنشاءات الأولية من السد، ولكن توقف مرة أخرى نتيجة لفقد السيولة والتمويل، فتم التعاقد مع الصين لدعم سد النهض، حيث أن الصين تعتبر من أهم المستثمرين في السدود خاصة في القارة السمراء (إفريقيا). فقامت بدعم إثيوبيا ب 1.2 مليار دولار (ولكن ليس تحت مسمى الإقتراض لكي لا تخالف ميثاق مصر والسودان عام 1929 و 1959م.). مع الأعتماد على بعض الشركات العالمية الأخرى للإيستثمار في هذا المشروع مثل (وي بيلد الإيطالية). وأعلنت الأمم لمتحدة أستعدادها للإستثمار في سد النهضة بمبلغ 5 مليارات دولارات، كما ساهم صندوق النقد الدولي في التمويل لإثيوبيا، فمعظم الدول العربية ساهمت في الإستثمار مع إثيوبيا مثل الإمارات والسعودية والرياض وغيرها. وبناءاً على جميع ما سبق فمصر والخرطوم يسعيان لوضع أتفاق قانوني، ينظم عملية الملئ، وعملية تشغيله، مع مراعاة فترات الجفاف وغيرها.