لخّصلي

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له،
ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
إن حاجة الأمة إلى معرفة تفسير كلام ربها أشد من حاجتها إلى الطعام والشراب؛ لأن بالتفسير يعقل كلام الله، سواء
تعلق الأمر بالعقيدة أو الأحكام أو غيرها من موضوعات القرآن، فينتج عن ذلك معرفة المسلم ربه ودينه فيعبد الله على
بصيرة.
وليس من المعقول أن يقرأ المسلم القرآن ولا يفهم معناه وقد أنزله الله عز وجل ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور،
وأمر الله عز وجل بتدبره والعمل به.
قال ابن تيمية: "ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك، وأيضا فالعادة
تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه، فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم
) وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم؟") 1
وبعد هذه المقدمة الوجيزة التي تبين وجه الحاجة إلى التفسير أضع بين يدي طلبة السنة الثانية تخصص أصول الدين مذكرة
في التفسير التحليلي، تتضمن البرنامج المقرر من الجهات الوصية والذي يحمل العناوين الآتية:

• مقدمة، فيها وجه الحاجة إلى تفسير القرآن.


• تفسير سورة النبأ تفسيرا تحليليا.


• تفسير سورة عبس تفسيرا تحليليا.


• تفسير آيات متعلقة بالدعوة إلى الله " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ..." " ولتكن منكم
  أمة يدعون إلى الخير...."
  وهذا البرنامج قسمته على المحاضرات الآتية:
  المحاضرة الأولى: مفهوم التفسير التحليلي وخطواته وأهميته ومصادره.
  قبل الخوض في دروس التفسير التحليلي المقررة وجب أن نعرف معنى التفسير التحليلي، والخطوات التي يسير عليها،
  وأهم مصادره، حتى يسهل على الطالب استيعاب المحاضرات وفهمها.
  أولا: مفهوم التفسير التحليلي:
  التفسير التحليلي مركب وصفي يحتاج قبل تعريفه إلى بيان جزأيه.
  -1 مفهوم التفسير:
  أ- لغة:
  تفسير على وزن )تفعيل( من الفسر، ويد ور معناه بين البيان والكشف والإيضاح.
  ) قال ابن فارس: "الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدل على بيان شيء وإيضاحه. ") 2
  )113/ 1( مجموع الفتاوى لابن تيمية: ) 31 (
  .)404/ 2( معجم مقاييس اللغة لابن فارس:) 4 (
  مقدمة ويليها مفهوم التفسير التحليلي وخطواته وأهميته وأهم مصادره.
  2
  قال ابن منظور: "الفسر: البيان. فسر الشيء يفسِره بالكسر، ويفسُره بالضم، فسرا، وفسره: أبانه، والتفسير مثله...
  ( الفسر: كشف المغطى، والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل. "( 1
  يقال: وقد فَسَرْتُ الشئ أفسره بالكسر فسرا. والتفسير مثله) 2(. ومنه التفسرة، وهي اسم للبول الذي ينظر فيه الأطباء
  .) يستدلون بلونه على علة العليل. وكل شيء يعرف به تفسير الشيء ومعناه فهو تَفسرَته) 3
  وقال آخرون: هو مقلوب من سفر، ومعناه أيضا الكشف، يقال: سفرت المرأة سفورا إذا ألقت خمارها عن وجهها، وهي
  سافرة، وأسفر الصبح: أضاء، وسافر فلان وإنما بنوه على التفعيل لأنه للتكثير... فكأنه يتبع سورة بعد سورة وآية بعد
  .) أخرى) 4
  وقال الراغب: الفسر والسفر يتقارب معناهما كتقارب لفظيهما، لكن جعل الفسر لإظهار المعنى المعقول ومنه قيل لما ينبئ
  عنه البول تفسيره، وتسمى بها قارورة الماء. وجُعل السفر لإبراز الأعيان للأبصار، فيقل: سفرت المرأة عن وجهها، وأسفر
  .) الصبح، وسفرت البيت إذا كنسته) 5
  ب- اصطلاحا: تنوعت عبارات العلماء واختلفت في تعريف مصطلحِ التفسيرِ، منهم من توسع ومنهم من اختصر،
  وممن عرَّفه:


• ابن جُزَي، قال –رحمه الله-: "معنى التَّفسير: شرح القرآن وبيان معناه، والإفصاح بما يقتضيه بنصِّه أو إشارته
  ) أوفحواه.") 6


• أبو حيان، قال: "التفسير: علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية،
  ومعانيها التي تحمل عليها حال التركيب، وتتمات ذلك.
  هذا علم القراءات. :» يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن « : هو جنس يشمل سائر العلوم. وقولنا :» علم « : فقولنا
  وأحكامها « : أي: مدلولات تلك الألفاظ، وهذا علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم. وقولنا ،» ومدلولاتها « : وقولنا
  ومعانيها التي تحمل عليها « . هذا يشمل علم التصريف، وعلم الإعراب، وعلم البيان، وعلم البديع :» الإفرادية والتركيبية
  ما لا دلالة عليه بالحقيقة، وما دلالته عليه بالمجاز، فإن التركيب قد :» التي تحمل عليها « : شمل بقوله :» حال التركيب
  يقتضي بظاهره شيئا، ويصد عن الحمل على الظاهر صاد، فيحتاج لأجل ذلك أن يحمل على غير الظاهر، وهو المجاز.
  ) هو معرفة النسخ، وسبب النزول، وقصة توضح ما انبهم في القرآن، ونحو ذلك.") 7 :» وتتمات ذلك « : وقولنا
  بدر الدين الزركشي: عرفه في موضعين من كتابه البرهان في علوم القرآن، فقال في الموضع الأول: "علم يعرف به فهم
  ) كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه.") 8
  .)44/ 1( لسان العرب لابن منظور:مادة )فسر(:) 4 (
  .)183/ 2( الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري: ) 3 (
  .)381/ 3( تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري: ) 33 (
  .)341/ 4( البرهان في علوم القرآن للزركشي: ) 3 (
  .)30/ 5( تفسير الراغب الأصفهاني: ) 3 (
  .)34/ 6( التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي: ) 3 (
  .)32/ 7( البحر المحيط لأبي حيان: ) 3 (
  .)31/ 8( البرهان في علوم القرآن للزركشي: ) 3 (
  مقدمة ويليها مفهوم التفسير التحليلي وخطواته وأهميته وأهم مصادره.
  3
  وقال في الموضع الثاني، فقال: " هو علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها والإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها ومدنيها،
  ومحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها، ومجملها ومفسرها. وزاد فيه قوم، فقالوا:
  ) علم حلالها وحرامها، ووعدها ووعيدها، وأمرها ونهيها، وعبرها وأمثالها. ") 1


• ابنُ عَرَفَةَ المالكي: "... هو العلم بمدلول القرآن وخاصية كيفية دلالته، وأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ.
  فقولنا: خاصية كيفية دلالته: هي إعجازه، ومعانيه البيانية، وما فيه من علم البديع الذي يذكره الزمخشري، ومن نحا
  ) نحوه.") 2


• محمد الطاهر بن عاش ور، قال: "التفسير ... : اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن، وما يستفاد منها،
  ) باختصار أو توسع.") 3


• محمد عبد العظيم الزُّرقاني، قال: "علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة
  ) البشرية. ") 4


• مناع القطان، قال: "بيان كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم."
  فبيان كلام الله هذا المركب الإضافي: يخرج بيان كلام غير الله من الإنس والجن والملائكة.
  والمنزل: يخرج كلام الله الذي استأثر به سبحانه.
  ) يخرج به ما أنزل على الأنبياء قبله؛ كالتوراة والإنجيل.") 5 :» على محمد صلى الله عليه وسلم « تقييد المنزل بكونه
  ) - محمد بن صالح بن عثيمين: "بيان معاني القرآن الكريم") 6
  ساق كل هذه التعريفات الدكتور مساعد الطيار وقام بتحليلها مخرجا ما كان فيه مما لا يدخل في التفسير، ثم قال: "وبعد
  هذا التفصيل يمكن القول بأن التفسير: "بيان القرآن الكريم."
  فخرج بالبيان: ما كان خارجا عن حد البيان؛ ككثير من المسائل الفقهية، والمسائل النحوية، ومبهمات القرآن، وغيرها مما
  يذكر في كتب التفسير، مما لا أثر له في التفسير.
  ويخرج بالقرآن: غير كلام الله سبحانه، وكلامه لملائكته، وكلامه لرسله السابقين محمدا صلى الله عليه وسلم، والحديث
  ) القدسي، والله أعلم. ") 7
  -2 مفهوم التحليل:
  أ- لغة: قال ابن فارس: ")حل( الحاء واللام له فروع كثيرة ومسائل، وأصلها كلها عندي فتح الشيء، لا يشذ عنه شيء.
  يقال حللت العقدة أحلها حلا. ويقول العرب: " يا عاقد اذكر حلا ". والحلال: ضد الحرام، وهو من الأصل الذي
  .)348/ 1( المصدر السابق: ) 3 (
  .)45/ 2( تفسير ابن عرفة: ) 3 (
  .)33/ 3( تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور: ) 3 (
  .)311/ 4( مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني: ) 3 (
  .)34- 5( التفسير اللغوي للقرآن الكريم لمساعد الطيار: )ص: 34 (
  .) 6( أصول في التفسير لابن عثيمين: )ص: 31 (
  .) 7( التفسير اللغوي للقرآن الكريم لمساعد الطيار: )ص: 13 (
  مقدمة ويليها مفهوم التفسير التحليلي وخطواته وأهميته وأهم مصادره.
  4
  ذكرناه، كأنه من حللت الشيء، إذا أبحته وأوسعته لأمر فيه. وحل: نزل. وهو من هذا الباب لأن المسافر يشد ويعقد،
  فإذا نزل حل؛ يقال حللت بالقوم. وحليل المرأة: بعلها؛ وحليلة المرء: زوجه. وسميا بذلك لأن كل واحد منهما يحل عند
  .) صاحبه.") 1(. والتحليل يطلق على رد الشيء إلى عناصره) 2
  ب- اصطلاحا:
  .) التحليل رد الشيء إلى عناصره الأساسية )الأولية(؛ أي رده إلى أصله، فهو تحليل للقضايا إلى عناصرها المكونة ) 3
  -3 مفهوم التفسير التحليلي:
  يراد بالتفسير التحليلي: بيان الآيات القرآنية بيانا مستفيضا من جميع نواحيها، بحيث يسير المفسر فى هذا البيان مع
  آيات السورة آية آية، شارحا مفرداتها، وموجها إعرابها، وموضحا معانى جملها، وما تهدف إليه تراكيبها من أسرار
  وأحكام، ومبينا أوجه المناسبات بين الآيات والسور، مستعينا فى ذلك بالآيات القرآنية الأخرى ذات الصلة، وبأسباب
  النزول، وبالأحاديث النبوية، وبما صح عن الصحابة والتابعين، وبغير ذلك من العلوم التى تعينه على فهم النص القرآنى
  ) وتوضيحه للقراء، مازجا ذلك بما يستنبطه عقله، وتمليه عليه نزعته.") 4
  ويمكن القول: التفسير التحليلي هو أن يخطو المفسر خطوات معينة فيتتبع الآيات حسب ترتيب المصحف؛ فيأخذ جملة
  من الآيات متتابعة، أو سورة كاملة، أو القرآن الكريم كله ويبين ما يتعلق بكل آية من إيراد لسبب نزولها، وتحليل ألفاظها
  الغريبة، وإعراب ما يؤثر في المعنى فيظهره ويرسخه، ووجوه البلاغة فيها لبيان إعجازه، ومعناها الإجمالي، وما يستفاد منها
  من أحكام وحكم.
  ثانيا: الخطوات المنهجية في التفسير التحليلي:
  من خلال النظر في كتب التفسير يمكن استنتاج الخطوات التي يسير عليها المفسرون في تفسير القرآن الكريم، وهي كما
  يلي:
  الخطوة الأولى: بين يدي السورة: وتتضمن البحث في:
  فاتحة السّورة المدروسة وتسميتها وعدد آيها، وفضلها –إن وجد- كوونها مكية أم مدنية، وسبب نزولها وزمن نزولها–إن
  وجد-. ومناسبتها لما قبلها وما بعدها، وبيان ما اشتملت عليه السورة.
  وتهدف هذه الخطوة إلى إعطاء تصور عام عن السورة.
  الخطوة الثانية: التفسير التحليلي للسورة. وتتضمن البحث في:


• تحديد مجموعة من الآيات: وتكون ذات فكرة واحدة، ويستحسن أن يختار لها عنوان.


• سبب النزول: ويبحث عنه من كتب السنة ويكون ثابتا صحيحا لأنه يؤثر في التفسير.
  .)30/ 1( معجم مقاييس اللغة لابن فارس:) 3 (
  .)445/ 2( معجم اللغة العربية المعاصرة لأحمد مختار عبد الحميد عمر: ) 3 (
  3( موقع كلية الآداب في العراق على الرابط: (
  http://www.uobabylon.edu.iq/uobColeges/lecture.aspx?fid=8&lcid=24401
  .) 4( الموسوعة القرآنية المتخصصة لمجموعة من الأساتذة والعلماء المتخصصين: )ص 318 (
  مقدمة ويليها مفهوم التفسير التحليلي وخطواته وأهميته وأهم مصادره.
  5


• تحليل الكلمات: ويختص البحث بالكلمات الغريبة، فيبين معناها واشتقاقها اللغوي وتدعم بالشواهد إن وجد،
  ويعتمد في معناها المراد على السياق والأدلة.
  الإعراب: إعراب المواضع التي تثري المعنى وتزيل الإشكال.
  القضايا البلاغية: والتي يظهر من خلالها الإعجاز البياني في الآيات المدروسة.
  المعنى الإجمالي للآيات: ويستخلص من كتب التفسير، ويعتمد فيه القول الراجح إن كان هناك اختلاف بين المفسرين
  في تفسير الآيات المدروسة.
  ما يستفاد من الآيات: ويتضمن الفوائد والأحكام المستنتجة من الآيات.
  ثالثا: أهمية التفسير التحليلي والحاجة إليه:
  من خلال تعريف التفسير التحليلي والخطوات التي يسير عليها مفسر الآيات تحليليا تظهر جليا أهمية هذا النوع من
  التفسير والحاجة إليه، فمن خلاله يجلو الغموض عن غريب كتاب الله، وتظهر قوة تراكيب القرآن وبلاغته وإعجازه،
  ويتوصل إلى فهم مراد الله تعالى من كلامه، واستنباط الحكم والفوائد والأحكام، ومن ثم يسهل حفظه ويحصَّل علمه
  ويعمل بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه.


• من أهم مصادر التفسير التحليلي:


• جامع البيان في تأويل القرآن لابن جرير الطبري (ت 310 ه)


• معالم التنزيل للبغوي ( ت 516 ه)


• المحرر الوجيز لابن عطية (ت 542 ه)


• البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي ) 144 ه(.


• الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ( ت 671 ه)


• تفسير القرآن العظيم لابن كثير (ت 774 ه)


• فتح القدير للشوكاني (ت 1250 ه)


• روح المعاني للآلوسي ( ت 1270 ه)


• مجالس التذكير لعبد الحميد ابن باديس الجزائري ( ت 3120 ه- 3540 م )


• تفسير التحرير و التنوير لابن عاشور (ت 3151 ه- 3511 م)


• التفسير المنير لوهبة الزحيلي )ت 3411 ه- 3034 م(.
  التفسير التحليلي لسورة النبأ
  6
  المحاضرة الثانية:
  التفسير التحليلي لسورة النبأ
  أولا: بين يدي السورة.
  -1 فاتحة السورة:
  افتتحت سورة النبأ بالاستفهام, وهو أحد الأنواع العشرة التي تفتتح بها سور القرآن الكريم. وهي:
  الثناء: في ثلاث عشرة سورة، والثناء قسمان: إثبات لصفات المدح, ونفي وتنزيه من صفات النقص؛ فسور الفاتحة
  والأنعام والكهف وسبأ وفاطر افتتحت ب )الحمد لله(, وسورة الإسراء ب )سبحان الذي أسرى بعبده ليلا(, وسورتا الفرقان
  والملك ب )تبارك الذي نزل الفرقان( و)تبارك الذي بيده الملك(, وسور الحديد والحشر والصف ب )سبح لله(, وسورتا
  الجمعة والتغابن ب )يسبح لله(.
  حروف الهجاء: في تسع وعشرين سورة؛ فسور البقرة وآل عمران والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة افتتحت ب )ال م (,
  وسورة الأعراف ب )ال مص(, وسور يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر ب )الر(, وسورة الرعد ب )ال مر( وسورة مريم ب
  )كهيعص(, وسورتا الشعراء والقصص ب )طس م (, وسورة النمل ب )طس(, وسور غافر وفصلت والزخرف والدخان
  والجاثية والأحقاف ب )حم(, وسورة الشورى ب )حم عسق(, وسور )طه( و)يس( و)ص( و)ق( و)ن( افتتحت بما
  سميت به.
  النداء: في عشر سور؛ فسورتا النساء والحج افتتحت ب )يَا أَيهَُّا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ (, وسور المائدة والممتحنة والحجرات ب
  )يا أيها الذين آمنوا(, وسور الأحزاب والطلاق والتحريم ب )يا أيها النبي(, وسورة المزمل ب )يا أيها المزمل(, وسورة المدثر ب
  )يا أيها المدثر(.
  الشرط: في سبع سور؛ فسورة الواقعة افتتحت ب )إذا وقعت الواقعة(, وسورة المنافقون ب )إذا جاءك المنافقون(, وسورة
  التكوير ب )إذا الشمس كورت(, وسورة الانفطار ب )إذا السماء انفطرت(, وسورة الانشقاق ب )إذا السماء انشقت(,
  وسورة الزلزلة ب )إذا زلزلت الأرض زلزالها(, وسورة النصر ب )إذا جاء نصر الله(.
  الجمل الخبرية: في إحدى وعشرين سورة؛ فسورة الأنفال افتتحت ب )يسألونك عن الأنفال(, وسورة التوبة ب )براءة من
  الله ورسوله(, وسورة النحل ب )أتى أمر الله(, وسورة الأنبياء ب )اقترب للناس حسابهم(, وسورة المؤمنون ب )قد أفلح
  المؤمنون(, وسورة النور ب )سورة أنزلناها وفرضناها( وسورة الزمر ب )تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم(, وسورة محمد ب
  )الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ...(, وسورة الفتح ب )إنا فتحنا لك فتحت مبينا(, وسورة القمر ب )اقتربت
  الساعة...(, وسورة الرحمن ب )الرحمن علم القرآن(, وسورة المجادلة ب )قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها(, وسورة
  الحاقة ب )الحاقة ما الحاقة(وسورة المعارج ب )سأل سائل(وسورة نوح ب )إنا أرسلنا نوحا(, وسورة عبس ب )عبس وتولى(,
  وسورة القدر ب )إنا أنزلناه في ليلة القدر(, وسورة البينة ب )لم يكن الذين كفروا...(, وسورة القارعة ب )القارعة ما القارعة(,
  وسورة التكاثر ب )ألهاكم التكاثر(, وسورة الكوثر ب )إنا أعطيناك الكوثر(.
  القسم: في سبع عشرة سورة؛ فسورة الصافات ب )والصافات صفا(, وسورة الذاريات ب )والذاريات ذروا(, وسورة الطور ب
  )والطور وكتاب مسط ور(,وسورة النجم ب )والنجم إذا هوى(, وسورتا القيامة والبلد ب )لا أقسم(, وسورة المرسلات ب
  )والمرسلات عرفا(,وسورة النازعات ب )والنازعات غرقا(,وسورة البروج ب )والسماء ذات البروج(,وسورة الطارق ب )والسماء
  التفسير التحليلي لسورة النبأ
  7
  والطارق(,وسورة الفجر ب )والفجر وليال عشر(,وسورة الشمس ب )والشمس وضحاها(,وسورة الليل ب )واليل إذا يغشى(,
  وسورة الضحى ب )والضحى واليل إذا سجى(,وسورة التين ب )والتين والزيتون(, وسورة العاديات ب )والعاديات
  ضبحا(,وسورة العصر ب )والعصر إن الإنسان لفي خسر(.
  الأمر: في سبع سور؛ فسورة الجن ب )قل أوحي إلي...(, وسورة الأعلى ب )سبح اسم ربك الأعلى(, وسورة العلق ب )إقرأ
  بسم ربك(, وسورة الكافرون ب )قل يا أيها الكافرون(, وسورة الإخلاص ب )قل هو الله أحد(, وسورة الفلق والناس ب )قل
  أعوذ(.
  التعليل: في سورة قريش وهو )لإيلاف قريش(.
  الدعاء: في ثلاث سور؛ فسورة المطففين افتتحت ب )ويل للمطففين(, وسورة الهمزة ب )ويل لكل همزة لمزة(, وسورة المسد
  ب )تبت يدا أبي لهب(.
  الاستفهام: في ست سور؛ فسورة الإنسان افتتحت ب )هل أتى على الإنسان(, وسورة النبأ ب )عم يتساءلون(, وسورة
  الغاشية ب )هل أتاك حديث الغاشية(, وسورة الشرح ب )ألم نشرح لك صدرك(, وسورة الفيل ب )ألم تر كيف فعل ربك
  .) ...(, وسورة الماعون ب )أرأيت الذي يكذب بالدين() 1
  جمعتُ ذلك في بيتين فقلت:
  عشْرة أنواع فواتح السورْ شرط وتعليل وجملة الخبرْ
  أمر وقسم ثناء ونداءْ ثم استفهام وهجاء ودعاءْ
  -2 أسماء السورة:
  للسورة عدة اسماء هي:
  .) سورة ع م : كما جاء في افتتاحيتها: ﴿عمَّ يتساءلون﴾) 2
  .) سورة "عم يتساءلون" كما جاء في افتتاحها) 3
  .) سورة التساؤل: من قوله تعالى: ﴿يتساءلون﴾في أولها) 4(, وكذلك سماها أب عمرو الداني) 5
  .) سورة النبأ: لقوله تعالى: ﴿عن النبأ العظيم﴾) 6
  .) سورة المعصرات: لقوله سبحانه: ﴿ وأنزلنا من المعصرات﴾ ) 7
  -3 عدد آيات السورة وكلماتها وحروفها:
  عدد آيات السورة أربعون آية, وقيل إحدى وأربعون آية) 8(, والاختلاف في "﴿عذابا قريبا﴾ عدهَا الْبَصْرِ ي وَلم يعدها
  .)444/ 1( ينظر: الإتقان في علوم القرآن, للسيوطي: ) 2 (
  .)199/ 961 (, تفسير ابن كثير: ) 4 / 2( تفسير القرطبي:) 91 (
  .)143/ 641 (, زاد المسير لابن الجوزي:) 4 / 949 (, الكشاف للزمخشري: ) 4 / 3( تفسير الطبري: ) 24 (
  .)5/ 4( تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور: ) 13 (
  .) 5( البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني: )ص: 262 (
  .)961/ 641 (, تفسير القرطبي:) 91 / 6( الكشاف للزمخشري: ) 4 (
  .)5/ 7( تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور: ) 13 (
  .)961/ 641 (, تفسير القرطبي:) 91 / 8( الكشاف للزمخشري: ) 4 (
  التفسير التحليلي لسورة النبأ
  8
  .) الْبَاقُونَ وَلَيْسَ فِيهَا مَِِّا يشبه الفواصل شَيْء) 1(، وهي مائة وثلاث وسبعون كلمة وسبع مائة وسبعون حرفا ) 2
  -4 زمان نزولها:
  سورة النبأ مكية إجماعا) 3(, وعدت السورة الثمانين في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد, نزلت بعد سورة المعارج
  .) وقبل سورة النازعات) 4
  -5 المناسبات:
  أ- مناسبة السورة لما قبلها:
  تظهر مناسبة هذه السورة لما قبلها وهي المرسلات من وجوه ثلاثة:


• تشابه السورتين في الكلام عن البعث وإثباته بالدليل, وبيان قدرة الل ه عليه, وتوبيخ الكفار المكذبين به, ففي
  المرسلات: ﴿أَلمَْ نهُْلِكِ الْأَوَّلِينَ أَلمَْ نََْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ أَلمَْ نََْعَلِ الْأَرْضَ كِفات ا ﴾ وفي هذه قال: ﴿أَلمَْ نََْعَلِ الْأَرْضَ
  .]96 - مِهادا .. ﴾الآيات ] 6


• اشتراك السورتين في وصف الجنة والنار, ونعيم المتقين وعذاب الكافرين, ووصف يوم القيامة وأهواله.


• ف صلت هذه السورة ما أجمل في السورة المتقدمة, فقال تعالى في المرسلات: لِأَيِّ يوَْمٍ أُجِّلَتْ, لِيَوْمِ الْفَصْلِ, وَما أَدْراكَ ما
  .) 94 [ وقال سبحانه في هذه السورة: ﴿إِنَّ يوَْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتا ﴾ ] 93 [ إلى آخر السورة) 5 - يوَْمُ الْفَصْلِ ] 92
  ب- مناسبة السورة لما بعدها:
  تتعلق السورة بما بعدها من وجهين:


• تشابه الموضوع: فكلتا السورتين تتحدثان عن القيامة وأحوالها, وعن مآل المتقين, ومرجع المجرمين.


• تشابه المطلع والخاتمة: فإن مطلع السورتين في الحديث عن البعث والقيامة, الأولى تؤكد وجود البعث وما فيه من أهوال
  وحساب وجزاء, والثانية افتتحت بالقسم على وقوع القيامة لتحقيق ما في آخر عم. والأولى اختتمت بالإنذار بالعذاب
  القريب يوم القيامة, والثانية ختمت بالكلام عما في أولها من إثبات الحشر والبعث, وتأكد حدوث القيامة, فكان ذلك
  .) كالدليل والبرهان على مجيء القيامة وأهوالها) 6
  ج- المناسبة بين افتتاحية السّورة وخاتمتها:
  لما كان افتتاح السورة بالاستفهام الإنكاري على إنكارهم واستبعادهم لهذا اليوم العظيم الذي هو يوم
  الفصل ويوم يقوم الناس لرب العالمين, كان خاتمة السورة بقوله تعالى: چ ڎ ڈ ڈژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک
  ) گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ چ) 7
  .) 1( البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني: )ص: 262 (
  .) 2( المصدر نفسه: )ص: 262 (
  .)143/ 3( زاد المسير لابن الجوزي:) 4 (
  .)5/ 4( تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور: ) 13 (
  )5/ 5( التفسير المنير لوهبة الزحيلي: ) 13 (
  .)13/ 6( الم رجع نفسه: ) 13 (
  .)2/ 7( التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم لنخبة من علماء التفسير وعلوم القرآن : ) 1 (
  التفسير التحليلي لسورة النبأ
  9
  -6 ما اشتملت عليه السورة:
  اشتملت هذه السورة على وصف خوض المشركين في شأن القرآن وما جاء به مِا يخالف معتقداتهم, ومن ذلك إثبات
  البعث, وسؤال بعضهم بعضا عن الرأي في وقوعه مستهزئين بالإخبار عن وقوعه.
  وتهديدهم على استهزائهم.
  وفيها إقامة الحجة على إمكان البعث بخلق المخلوقات التي هي أعظم من خلق الإنسان بعد موته وبالخلق الأول للإنسان
  وأحواله.
  ووصف الأهوال الحاصلة عند البعث من عذاب الطاغين مع مقابلة ذلك بوصف نعيم المؤمنين.
  وختمت السورة بالإخبار بأن هذا اليوم حق لا ريب فيه, وبإنذار الكفار بالعذاب الأليم القريب الذي يتمنون من شدته
  .) أن يعودوا ترابا) 1
  والسورة كلها يشيع فيها جو التهويل والتخويف والتهديد والإنذار, حتى لكأن التالي لها يكاد يلمس الصور الرهيبة
  .) لأحداث القيامة, ويتملكه الذعر والخوف من شدائدها وأحوالها) 2
  المحاضرة الثالثة:
  ثانيا: التفسير التحليلي للسورة:
  المقطع الأول: الإخبار عن البعث وأدلة إثباته:
  ٹ ٹ چ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ
  ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ
  چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک چ
  -1 سبب النزول:
  روى ابن جرير الطبري عن الحسن قال: لما بُعِث الن بي صلى الله عليه وسلم جعلوا يتساءلون بينهم, فأنزل الله: چ ٱ
  ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ چ يعني: الخبر العظيم.
  قال أبو جعفر: ثم أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن الذي يتساءلونه, فقال: يتساءلون عن النبأ العظيم: يعني: عن
  .) الخبر العظيم) 3
  -2 مناسبة المقطع لما قبله:
  لما ختم تعالى سورة المرسلات بقوله: چ تخ تم تى تيچ وكان المراد بالحديث فيه القرآن الكريم افتتح
  سورة النبأ بتهويل التساؤل عنه والاستهزاء به, وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة: إن المراد بالنبأ العظيم القرآن,
  .) وجمهور العلماء على أن المراد به البعث, وهو الأنسب بالآيات) 4
  .)6/ 1( تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور: ) 13 (
  )6/ 2( التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج لوهبة الزحيلي: ) 13 (
  .)941/ 3( تفسير الطبري: ) 24 (
  )1/ 4( التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم لمجموعة من العلماء: ) 1 (
  التفسير التحليلي لسورة النبأ
  01
  -3 تحليل الكلمات:
  ع م : عَمَّ أصله: عن ما, إلا أنه لما دخلت )عن( على )ما( الاستفهامية حذفت ألفها) 1( ليتميز الخبر عن
  . ) الاستفهام) 2(. ومعنى )عم(: عن أ ي شيء؟) 3
  قلت فيه نظما وهو:
  و)ع م ( لفظ قد أتانا مدغما فهو إذ ا مركب من عن و ما
  عن أي شيء قيل في معناها والألف احذفنَّ لا تنساها
  وعن سبب وصل الميم ب )عن( وإدغام النون في الميم قال ابن عاشور: "ولما بقيت كلمة )ما( بعد حذف ألفها على حرف
  واحد جروا في رسم المصحف على أن ميمها الباقية تكتب متصلة بحرف )عن(؛ لأن )ما( لما حذف ألفها بقيت على
  حرف واحد فأشبه حروف التهجي, فلما كان حرف الجر الذي قبل )ما( مختوما بنون والتقت النون مع ميم )ما(, والعرب
  ينطقون بالنون الساكنة التي بعدها ميم ميما ويدغمونها فيها, فلما حذفت النون في النطق جرى رسمهم على كتابة الكلمة
  ) محذوفة النون تبعا للنطق, ونظيره ق وله تعالى: ﴿مم خلق﴾ وهو اصطلاح حسن. ") 4
  وقد يفصل حرف الجر عن ما ضرورة أو في قليل من الكلام فلا تحذف الألف) 5(, كقول حسان:
  .) على ما قامَ يَشْتِمُني لَئيمٌ ... كخِنْزيرٍ تَمَرَّغَ في دَ مَ انِ ) 6
  يتساءلون: أي يسأل بعض قريش بعضا. ومعنى الاستفهام: تعظيم شأن ما يتساءلون عنه.
  النبأ : قال الراغب: "النبأ خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن, ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن
  هذه الأشياء الثلاثة, وحق الخبر الذي يقال فيه نبأ أن يتعرى عن الكذب