لخّصلي

إذا كان الفينيقيون بما صنعوا من مراكب وسفن هم رواد الإبحار في أعالي البحار فإن قوة التوسع الهليني ربما كانت أكثر بأسا وإشعاعا في البلاد التي تمركز فيها الإغريق، فقد كانت المدن الإغريقية الكبرى في صقلية وجنوبي إيطاليا وقورينائية . اغتنت من تجارة حرة ومن استغلال ما حولها من أراض واسعة وأصبحت على الخصوص مراكز للفن والفكر ومختلف العلوم، فنشرت من حولها الحضارة الهلينية وساهمت في إنمائها وفي هذا السياق نتساءل من الذي كان سباقا إلى إنشاء مراكز تجارية على امتداد الساحل الأفريقي، وهل كان هناك وجود إغريقي سابق للوجود الفينيقي في أفريقيا القديمة، ومع أن الفكرة السائدة هي أن الإغريق سبقوا الفينيقيين في هذا المضمار إلا أن الغالب هو أن التمركز الفينيقي في السواحل الأفريقية. كان مواكبا للتمركز الإغريقي أو كان متقاربا معه، ولعل الفينيقيين استولوا على بعض المناطق التي كانت تحت السيطرة الإغريقية، لأن بعض الشواهد التاريخية تؤيد فكرة وجود إغريقي سابق للوجود الفينيقي في الشمال الأفريقي القديم. توجد في كتابات الإغريق إشارات إلى هجرات قادمة من المدن الإغريقية (مدن الجزر الإيجية نحو بلاد البربر، فقد ذكر هيرودوت أنّ الماكسي (Maxyes) يعتقدون أنهم ينحدرون من الطرواديين، أما ديودور الصقلي فيشير إلى مدينة كبيرة تسمى مسكالا أو مسخالا (Meschala) شيدها الإغريق بعد عودتهم من حرب طروادة، ومن المحتمل أنها تقع في بلاد البربر. أشار المؤرخ هيكاتوس (Hecatus) إلى وجود مدينة إيونية في ليبيا تسمى سيبوس ‏(Seybous) بالقرب من مدينتي هيبو ريجيوس (Hippo regius) وهيبو دياريتوس ‏(Hippo diarrytus) وفي النصوص التي نقلت عن الملك النوميدي يوبا الثاني إشارة إلى وجود إغريق ضمن الجيش الذي تركه هرقل في ناحية طنجة، وتريد هذه الرواية التي يبدو أنها ذات منشأ إغريقي أن تجعل بعض الإغريق أجدادا لبعض الأفريقيين الليبيون أو البربر خاصة أولئك الذين يشتركون معهم في الألقاب. لقد تساءل الكثير من المؤرخين حول مدى صحة هذه الروايات الواردة في النصوص القديمة خاصة الإغريقية منها، لأن المعروف عن الإغريق أنهم كثيرا ما يقحمون الأسطورة في التاريخ، وكثيرا ما يعتمدون على الروايات الشفوية في النصوص التاريخية، ولذلك يتساءل اسطيفان اقزال عن جدوى إدراج أبطال أسطوريين من الأرغونوط (Argonautes) وحتى من الفرس في مسألة أصول الشعوب التي عمرت الشمال الأفريقي القديم، ولعلها من الأفكار التي كان الإغريق يوظفونها لاستمالة الأفريقيين. قام البعض بمقاربة لغوية لألقاب أفريقية، فلاحظ أنها - احتمالا - ذات أصل إغريقي، ليقيم الدليل على وجود هجرات إغريقية من الجزر الإيجية نحو بلاد البربر خلال الألف الثانية ق. م.، ومع أن هذه المقاربة اللغوية لم تجد صدى لدى علماء اللغات القديمة، إلا أن هذا لا يعني نفي احتمال وجود بعض العلاقات بين سكان سواحل بلاد البربر وشعوب المدن والجزر الإيجية خلال عصر البرونز فيما بين الألف الثالثة والألف الثانية قبل الميلاد، وما يمكن استنتاجه هو أنه وجدت علاقة متينة بين جزيرة كريت وساحل قورينائية في وقت مبكر نظرا لقربها منها، ومن هناك تسربت الهجرات الإغريقية نحو الشمال الأفريقي القديم،

إذا كان الفينيقيون بما صنعوا من مراكب وسفن هم رواد الإبحار في أعالي البحار فإن قوة التوسع الهليني ربما كانت أكثر بأسا وإشعاعا في البلاد التي تمركز فيها الإغريق، فقد كانت المدن الإغريقية الكبرى في صقلية وجنوبي إيطاليا وقورينائية ..... عظيمة التطور، اغتنت من تجارة حرة ومن استغلال ما حولها من أراض واسعة وأصبحت على الخصوص مراكز للفن والفكر ومختلف العلوم، فنشرت من حولها الحضارة الهلينية وساهمت في إنمائها وفي هذا السياق نتساءل من الذي كان سباقا إلى إنشاء مراكز تجارية على امتداد الساحل الأفريقي، وهل كان هناك وجود إغريقي سابق للوجود الفينيقي في أفريقيا القديمة، ومع أن الفكرة السائدة هي أن الإغريق سبقوا الفينيقيين في هذا المضمار إلا أن الغالب هو أن التمركز الفينيقي في السواحل الأفريقية. كان مواكبا للتمركز الإغريقي أو كان متقاربا معه، ولعل الفينيقيين استولوا على بعض المناطق التي كانت تحت السيطرة الإغريقية، لأن بعض الشواهد التاريخية تؤيد فكرة وجود إغريقي سابق للوجود الفينيقي في الشمال الأفريقي القديم.
توجد في كتابات الإغريق إشارات إلى هجرات قادمة من المدن الإغريقية (مدن الجزر الإيجية نحو بلاد البربر، فقد ذكر هيرودوت أنّ الماكسي (Maxyes) يعتقدون أنهم ينحدرون من الطرواديين، أما ديودور الصقلي فيشير إلى مدينة كبيرة تسمى مسكالا أو مسخالا (Meschala) شيدها الإغريق بعد عودتهم من حرب طروادة، ومن المحتمل أنها تقع في بلاد البربر.
أشار المؤرخ هيكاتوس (Hecatus) إلى وجود مدينة إيونية في ليبيا تسمى سيبوس ‏(Seybous) بالقرب من مدينتي هيبو ريجيوس (Hippo regius) وهيبو دياريتوس ‏(Hippo diarrytus) وفي النصوص التي نقلت عن الملك النوميدي يوبا الثاني إشارة إلى وجود إغريق ضمن الجيش الذي تركه هرقل في ناحية طنجة، وتريد هذه الرواية التي يبدو أنها ذات منشأ إغريقي أن تجعل بعض الإغريق أجدادا لبعض الأفريقيين الليبيون
أو البربر خاصة أولئك الذين يشتركون معهم في الألقاب.
لقد تساءل الكثير من المؤرخين حول مدى صحة هذه الروايات الواردة في النصوص القديمة خاصة الإغريقية منها، لأن المعروف عن الإغريق أنهم كثيرا ما يقحمون الأسطورة في التاريخ، وكثيرا ما يعتمدون على الروايات الشفوية في النصوص التاريخية، ولذلك يتساءل اسطيفان اقزال عن جدوى إدراج أبطال أسطوريين من الأرغونوط (Argonautes) وحتى من الفرس في مسألة أصول الشعوب التي عمرت الشمال الأفريقي القديم، ولعلها من الأفكار التي كان الإغريق يوظفونها لاستمالة الأفريقيين.
قام البعض بمقاربة لغوية لألقاب أفريقية، فلاحظ أنها - احتمالا - ذات أصل إغريقي، ليقيم الدليل على وجود هجرات إغريقية من الجزر الإيجية نحو بلاد البربر خلال الألف الثانية ق.م.، ومع أن هذه المقاربة اللغوية لم تجد صدى لدى علماء اللغات القديمة، إلا أن هذا لا يعني نفي احتمال وجود بعض العلاقات بين سكان سواحل بلاد البربر وشعوب المدن والجزر الإيجية خلال عصر البرونز فيما بين الألف الثالثة والألف الثانية قبل الميلاد، وما يمكن استنتاجه هو أنه وجدت علاقة متينة بين جزيرة كريت وساحل قورينائية في وقت مبكر نظرا لقربها منها، ومن هناك تسربت الهجرات الإغريقية نحو الشمال الأفريقي القديم، خاصة نحو ساحله الشرقي (برقة الحالية).