لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

وقد لاحظ في أثناء عمله أن الحرائق تشتعل حين يفقد الناس حذرهم ويقرؤون كلمة (فارغ) مكتوبة على صهاريج البترول فيلقون بأعقاب السجائر حولهم ناسين أن كلمة (فارغ) لا تعني أن الأبخرة الباقية في الصهاريج لم تعد قابلة للاشتعال ، وله إلمام كبير بلغات الهنود في أمريكا ، وكان من ألمع تلاميذ (سابير) وقد عمق فكرته السابقة عن علاقة اللغة بالثقافة ، وتمخضت دراساته عن فرض ينسب إليه في جميع أنحاء العالم. وهذه الفرضية - كما يقول (هدسن) - مزيج من النسبية المتطرفة والحتمية المتطرفة. وليس ثمة فكر دون لغة . وإذا ما جمعنا بين هذين الرأيين فسوف نكتشف أنه لا توجد قيود على التباين القائم بين الناس في أسلوب تفكيرهم وبخاصة في المفاهيم التي يكونونها ، كما أنه كان يغير نظرته تغييرا جذريا في القضايا المرتبطة بها من وقت لآخر
وهذه بعض الملاحظات التي توضح هذه الفرضية :
إذا سألك سائل ما عدد الوان قوس قزح ، ولكنها ليست كذلك عند من يتكلم اللغة الروسية حيث ينقسم اللون الأزرق إلى لونين ، لكل اسم خاص ، يقارب قولنا : أزرق فاتح وأزرق غامق ، والأخرى تشير إلى ما يسمي بالألوان الباردة (الأزرق والبنفسجي والأخضر). ١٥
ومن ثم تختلف العلامات المميزة؛ فإن عيني أي إنسان في هذا العالم تبصر نفس الألوان ، أي تؤكد علي أقسام متميزة . *وإذا سألك سائل ما الكلمة التي تعبر عن الثلج الذي يسقط في الصباح فقد تقول : (ثلج) ، ولكنها تعني أن اللغة العربية لا تتضمن كلمة واحدة للإشارة إلى هذا المعنى. ولكن إذا سألت رجلا من الإسكيمو فسوف يذكر لك عشرات من الكلمات المفردة تدل على الثلج في كل حالة من حالاته التي يمكن أن يتخيلها الفرد : الثلج على الأرض ، الثلج في الهواء تذروه الرياح . الخ . والفعل يدل على حدث يقع في زمن. وهذا صحيح عند من يتكلم العربية ، وليس العالم المحيط بنا ، ولكن لماذا نقول إن الكلمة (هجوم) اسم وليست فعلا ، ولماذا نعد الكلمات (برق) و (موجة) و (نبض) أسماء تدل على أشياء ولا نعدها أفعالا تدل على أحداث ؟
أن الكلمات السابقة أفعال لا أسماء ، وفي هذه اللغة التي تبدو لنا غريبة يعبر مثلا عن كلمة (النار) بكلمة تعني ما تعنيه حين نقول تشتعل النار . واللغات المختلفة قد تتضمن مفاهيم زمانية ومكانية غير متماثلة فقد يبدو لنا مثلا أن مفهوم الفعل الماضي والمضارع والمستقبل هي المفاهيم الوحيدة الممكنة ، بيد أن هنود (الهوبي) لا يعرفون الأزمنة ، فلديهم ما يمكن أن يطلق عليه : المزاج التوكيدي مثل عبارة (أؤكد وصوله) ، وهي تشير إلى كل الأحداث التي تعبير عنها بالماضي أو الحاضر بمعنى : وصل أو يصل ، 16
بل إن المفاهيم العامة مثل الزمان والمكان اتخذت أسماء مختلفة
والبحوث الحديثة في الاكتساب اللغوي تؤكد أن الطفل لا يولد مزودا بلغة معينة بل يخرج إلى الوجود في مجتمع يستخدم لغة خاصة عليه أن يكتسبها وينميها في البيت وفي المدرسة أو في غير ذلك من المؤسسات الاجتماعية ، ومهما كان العالم الذي حوله غنيا ومتنوعا فإنه لن يرى ويدرك إلا تلك الظواهر التي لها أسماء في اللغة ، إن لغة الأم تحلل لنا العالم وفق طريقتها الخاصة وتفرض علينا جميعا هذا الطراز من التحليل وإدراك العالم أي تفصيله وتصنيفه إذا شئت) . إنه هو نفسه الذي يشكل الأفكار. إن صياغة الأفكار ليست عملية مستقلة عقلانية في الوعي الماضي ، بل هي على العكس من ذلك. إننا نستقبل العالم في صورة دفقات من انطباعات مشوشة ينظمها - إلى حد كبير - النظام اللغوي القائم في عقولنا . وهذا الاتفاق ينعقد من خلال الجماعة اللغوية ، لأننا لا نستطيع الكلام البتة دون أن نكون مشاركين في تنظيم وتصنيف الظواهر وفقا له . أو يمكن تحديدها وتقييمها بطريقة أو بأخرى . وفي التعليق على هذا النص يؤكد ( هدسن) ما سبق أن أعلنه في بداية الحديث عن فرضية (ورف) أنه صورة ممثلة للنسبية المتطرفة والحتمية المتطرفة ، ثم يعود إلى نفس الفكرة ويضيف إليها قوله - إلى حد كبير – وذلك من شأنه أن يترك لنا فرصة باحتمال وجود فكر دون لغة . ١٧
هذا وقد انتقد كثير من الباحثين فرضية (ورف) ونوجز هنا أهم اعتراضاتهم. تؤكد بعض الدراسات التجريبية وجود مرحلة من حياة الطفل يتحقق فيها التفكير دون كلام . وفي حوالي السنتين من عمره يأخذ منحنيا التفكير والكلام في الاتصال لكي يحققـا شكلا جديدا من السلوك ، في هذه الحقبة يكتشف الطفل أن لكل شيء اسما ، ومن ثم يصير التفكير كلاميا والكلام عقلانيا). وقد استنتج بعض علماء النفس من ذلك أن إدراك الطفل للعالم المحيط به سابق للكلام ، وصياغة الأفكار عملية مستقلة عن اللغة - بعامة – نحن نصنف العالم وفقــا المعايير نضعها الطبيعة وتحددها اتجاهاتنا المعرفية والاتصالية لا حسب لغتنا ، ويمكن للفرد أن بغير من معاني الوحدات اللغوية حسب حاجته بالتوسع المجازي. لديها أنظمة دلالية خاصة (أي لديها جهاز مصطلحي ذو مفاهيم علمية مميزة). إنهما سيكونان في بيئة جديدة تماما ، ذلك لأن القمر يختلف عن الأرض ، سيعود رجلا الفضاء ثانية إلى الأرض ويقصان انطباعاتهما عن القمر. لنا أن نتوقع حسب نظرة (ورف) أن نسمع وصفين متباينين تمام التباين ، لأن كلا منهما يتكلم لغة تختلف عن لغة الآخر . ويؤيد (كندر اتوف) هذا الاعتراض بقوله إن الرحالة العرب اعتادوا منذ ألف عام خلت أن يزوروا أراضي الشمال ، وكانت عادات وتقاليد وطبيعة أهل الشمال غريبة في نظر الرحالة العرب تماما ، واللغة العربية تختلف اختلافا كاملا وبينا عن لغات أهل الشمال ، ولكننا في حياتنا العادية نكتفي ببضع صفات قليلة لوصف احتياجاتنا اليومية. وفي العربية الفاظ كثيرة عن الإبل تتصل بكل أحوالها ، وابن لبون ، والحق ، والثني ، والسديس والبازع ، والمخلف. إن وجود هذه الكلمات كلها في اللغة العربية يدل على اهتمام العربي بهذا المجال وعنايته بكل التفصيلات التي تتصل به. وقد ذكرنا من قبل أن لغة الأسكيمو تفيض بعشرات من الألفاظ تشير إلى الثلج في أحواله المختلفة ، فمفردات اللغة إنما تعكس الحاجات المختلفة والاهتمامات الخاصة بالشعب الذي يستخدمها. لقد كان (ورف) على حق حين قال إن اللغة تؤثر على تفكيرنا ومن ثم تؤثر في سلوكنا ونذكر هنا بالحرائق التي تتسبب عن كتابة كلمة فارغ على صهاريج البترول) ولكن (ورف) نسي حقيقة أكثر أهمية ، بالحياة إن الواقع الموضوعي والحياة هما في نهاية الأمر اللذان يلعبان دورا أساسيا وليست اللغة . إن الشيء الهام ليس هو التباين بين اللغات المختلفة ، وإنما هو التباين بين لغة قوم على علم ودراية بمجال معين وبين لغة قوم يجهلون حقائق الأمور. إن اللغة - حقا - تؤثر في التفكير والسلوك ، ولكنها - كما يقول كندراتوف – تؤثر على تكنيك (أو أسلوب ) التفكير دون جوهره ،


النص الأصلي

فرضية ورف :


كان (ورف) ۱۸۹۷ - ١٩٤١ يعمل في بداية حياته في شركة تأمين ضد الحريق ، وقد لاحظ في أثناء عمله أن الحرائق تشتعل حين يفقد الناس حذرهم ويقرؤون كلمة (فارغ) مكتوبة على صهاريج البترول فيلقون بأعقاب السجائر حولهم ناسين أن كلمة (فارغ) لا تعني أن الأبخرة الباقية في الصهاريج لم تعد قابلة للاشتعال ، وخرج من هذه الملاحظة بأن الكلمات هي العلة في اشتعال الحرائق. وكان (ورف) من المشتغلين بالفكر والثقافة ، وله إلمام كبير بلغات الهنود في أمريكا ، وكان من ألمع تلاميذ (سابير) وقد عمق فكرته السابقة عن علاقة اللغة بالثقافة ، وتمخضت دراساته عن فرض ينسب إليه في جميع أنحاء العالم.


وهذه الفرضية - كما يقول (هدسن) - مزيج من النسبية المتطرفة والحتمية المتطرفة. وجوهرها أنه ليس ثمة قيود على كم ونوع التباين القائم بين اللغات المختلفة ، وليس ثمة فكر دون لغة .


وإذا ما جمعنا بين هذين الرأيين فسوف نكتشف أنه لا توجد قيود على التباين القائم بين الناس في أسلوب تفكيرهم وبخاصة في المفاهيم التي يكونونها ، وينتج عن ذلك أننا إذا ما وجدنا وسيلة للتحكم في اللغة التي يكتسبها الناس فسوف نستطيع - من ثم - التحكم في أسلوبهم في التفكير .


ويلاحظ (هدسن) أن الباحثين يختلفون في فهم هذه الفرضية؛ لأن صاحبها لم يحاول تحديدها بدقة ، كما أنه كان يغير نظرته تغييرا جذريا في القضايا المرتبطة بها من وقت لآخر


وهذه بعض الملاحظات التي توضح هذه الفرضية :


إذا سألك سائل ما عدد الوان قوس قزح ، فقد تجيب قائلا ستة هي : الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي .
والإجابة صحيحة عند من يتكلم العربية ، ولكنها ليست كذلك عند من يتكلم اللغة الروسية حيث ينقسم اللون الأزرق إلى لونين ، لكل اسم خاص ، يقارب قولنا : أزرق فاتح وأزرق غامق ، أما من يتكلم لغة (الباسا) من سكان (ليبريا) فعنده كلمتان فحسب أولهما تشير إلى ما يسمي عند الرسامين بالألوان الدافئة : الأحمر والبرتقالي والأصفر ، والأخرى تشير إلى ما يسمي بالألوان الباردة (الأزرق والبنفسجي والأخضر).


١٥


وهكذا نجد أن ظاهرة بعينها من ظواهر العالم تتخذ لها اللغات أسماء مختلفة ، ومن ثم تختلف العلامات المميزة؛ فإن عيني أي إنسان في هذا العالم تبصر نفس الألوان ، بيد أن اللغات المختلفة تبرز درجات من الألوان ، أي تؤكد علي أقسام متميزة .


*وإذا سألك سائل ما الكلمة التي تعبر عن الثلج الذي يسقط في الصباح فقد تقول : (ثلج) ، وهي كلمة لا تعبر عن المقصود تماما ، قد تقول : ثلج الصباح وهي عبارة قد تفي بالمقصود ، ولكنها تعني أن اللغة العربية لا تتضمن كلمة واحدة للإشارة إلى هذا المعنى. ولكن إذا سألت رجلا من الإسكيمو فسوف يذكر لك عشرات من الكلمات المفردة تدل على الثلج في كل حالة من حالاته التي يمكن أن يتخيلها الفرد : الثلج على الأرض ، الثلج في الهواء تذروه الرياح .. الخ .


*وإذا ما نظرنا إلى مدلول المفردات في العالم الخارجي وجدنا بعض اللغات تقسمها قسمين رئيسين : الأسماء والأفعال ، وقد يقال إن الاسم عادة يدل على شيء ، والفعل يدل على حدث يقع في زمن. وهذا صحيح عند من يتكلم العربية ، وصحيح أيضا عند من يتكلم الإنجليزية والألمانية والفرنسية والروسية .. ولغات أخرى كثيرة .


بيد أن تقسيم العالم إلى مجالين فحسب أشياء وأفعال قد يكون خاصة تتميز بها لغتنا ، وليس العالم المحيط بنا ، فالكلمة (يهجم) تعبر عن حدث يقع في زمن ، ولكن لماذا نقول إن الكلمة (هجوم) اسم وليست فعلا ، مع أن الظاهرة في الواقع واحدة : حدث يقع في زمن ؟
ولماذا نعد الكلمات (برق) و (موجة) و (نبض) أسماء تدل على أشياء ولا نعدها أفعالا تدل على أحداث ؟


السبب في هذا كله هو الطريقة التي تُصنف بها لغتنا العالم ، ومع ذلك فثمة طريقة أخرى للتصنيف ، ففي لغة هنود (الهوبي) في الولايات المتحدة نجا، أن الكلمات السابقة أفعال لا أسماء ، والكلمات التي يستخدمها سكان جزيرة (فانكوفر) بكندا من صنف واحد هو الأفعال من وجهة نظر لغتنا نحن - وهم لا يقسمون العالم إلى أشياء وأفعال كما نفعل ، بل إنهم ينظرون إليه نظرة واحدية ، ومن ثم تولدت عنها فئة واحدة من الكلمات ، وفي هذه اللغة التي تبدو لنا غريبة يعبر مثلا عن كلمة (النار) بكلمة تعني ما تعنيه حين نقول تشتعل النار .


واللغات المختلفة قد تتضمن مفاهيم زمانية ومكانية غير متماثلة فقد يبدو لنا مثلا أن مفهوم الفعل الماضي والمضارع والمستقبل هي المفاهيم الوحيدة الممكنة ، بيد أن هنود (الهوبي) لا يعرفون الأزمنة ، وإنما يعبرون بصورة مباشرة عن الحالات المزاجية فقط ، فلديهم ما يمكن أن يطلق عليه : المزاج التوكيدي مثل عبارة (أؤكد وصوله) ، وهي تشير إلى كل الأحداث التي تعبير عنها بالماضي أو الحاضر بمعنى : وصل أو يصل ، وهناك المزاج الافتراضي أو الظني مثل (أظن) أنه قادم وهذه تماثل قولنا : سوف يحضر أو ربما يحضر


16


وهكذا يبدو لنا أن اللغات المختلفة تقيس العالم المحيط بنا بطرق مختلفة ، بل إن المفاهيم العامة مثل الزمان والمكان اتخذت أسماء مختلفة


والبحوث الحديثة في الاكتساب اللغوي تؤكد أن الطفل لا يولد مزودا بلغة معينة بل يخرج إلى الوجود في مجتمع يستخدم لغة خاصة عليه أن يكتسبها وينميها في البيت وفي المدرسة أو في غير ذلك من المؤسسات الاجتماعية ، ويقرر بعض الباحثين من أنصار فرضية (ورف) أن الطفل يدرك العالم من خلال هذه اللغة لغة الأم. ومهما كان العالم الذي حوله غنيا ومتنوعا فإنه لن يرى ويدرك إلا تلك الظواهر التي لها أسماء في اللغة ، إن لغة الأم تحلل لنا العالم وفق طريقتها الخاصة وتفرض علينا جميعا هذا الطراز من التحليل وإدراك العالم أي تفصيله وتصنيفه إذا شئت) .


وهذا نص كامل لفرضية (ورف) في صورة من صورها المتطرفة ، يقول : إن النظام اللغوي - أو بعبارة أخرى النحو بالمعنى الواسع - ليس مجرد وسيلة للتعبير عن الأفكار ، إنه هو نفسه الذي يشكل الأفكار. إنه البرنامج الموجه لنشاط الفرد الذهني وتحليل انطباعاته وتأليفه للأفكار التي يستخدمها في حياته. إن صياغة الأفكار ليست عملية مستقلة عقلانية في الوعي الماضي ، بل هي جزء من نظام لغوي خاص ، وهي تختلف - على درجات متفاوتة - من نظام لغوي إلى آخر. نحن نحلل العالم من خلال جمل حددتها قبلا لغاتنا القومية والأصناف والأنماط التي نستخرجها من عالم الظواهر ليست قائمة أمامنا بالفعل ، بل هي على العكس من ذلك. إننا نستقبل العالم في صورة دفقات من انطباعات مشوشة ينظمها - إلى حد كبير - النظام اللغوي القائم في عقولنا .


نحن نحلل العالم ونصنفه في أفكار ونعطي لذلك أسماء ، نفعل هذا – إلى حد كبير – لأننا أفراد متفقون على أن ننظمه بهذه الطريقة ، وهذا الاتفاق ينعقد من خلال الجماعة اللغوية ، ويقعد له في أنماط لغتنا. وهذا الاتفاق - في طبيعته - ضمني وغير معلن ، ولكن شروطه ملزمة بصورة مطلقة ، لأننا لا نستطيع الكلام البتة دون أن نكون مشاركين في تنظيم وتصنيف الظواهر وفقا له .. وبذلك نكون قد قدمنا عرضا جديدا للنسبية ينص على أن كل من يعيشون في العالم لا يصلون إلى نفس الصورة للعالم من خلال الظواهر قيد التصور إلا إذا كان خلفياتهم اللغوية واحدة ، أو يمكن تحديدها وتقييمها بطريقة أو بأخرى .


وفي التعليق على هذا النص يؤكد ( هدسن) ما سبق أن أعلنه في بداية الحديث عن فرضية (ورف) أنه صورة ممثلة للنسبية المتطرفة والحتمية المتطرفة ، ويستشهد على ذلك بأنه بداه بقوله :ونحن نحلل العالم من خلال جمل حددتها قبلا الغالتنا القومية ، ثم يعود إلى نفس الفكرة ويضيف إليها قوله - إلى حد كبير – وذلك من شأنه أن يترك لنا فرصة باحتمال وجود فكر دون لغة .


١٧


هذا وقد انتقد كثير من الباحثين فرضية (ورف) ونوجز هنا أهم اعتراضاتهم.
تؤكد بعض الدراسات التجريبية وجود مرحلة من حياة الطفل يتحقق فيها التفكير دون كلام .. وفي حوالي السنتين من عمره يأخذ منحنيا التفكير والكلام في الاتصال لكي يحققـا شكلا جديدا من السلوك ، في هذه الحقبة يكتشف الطفل أن لكل شيء اسما ، ومن ثم يصير التفكير كلاميا والكلام عقلانيا).


وقد استنتج بعض علماء النفس من ذلك أن إدراك الطفل للعالم المحيط به سابق للكلام ، ومن ثم فالأشياء تسبق الكلمات .


يرى (هدسن) أن الأفكار هي التي تشكل وتحدد اللغة لا العكس وذلك باستثناء المسائل المجردة من الفكر. وصياغة الأفكار عملية مستقلة عن اللغة - بعامة – نحن نصنف العالم وفقــا المعايير نضعها الطبيعة وتحددها اتجاهاتنا المعرفية والاتصالية لا حسب لغتنا ، ويمكن للفرد أن بغير من معاني الوحدات اللغوية حسب حاجته بالتوسع المجازي. وبما أننا نتعلم المعاني من الآخرين فلا حاجة بنا لاتفاق الجماعة الكلامية بأسرها على المعاني ، لأن هناك جماعات كلامية خاصة ، لديها أنظمة دلالية خاصة (أي لديها جهاز مصطلحي ذو مفاهيم علمية مميزة).
ويقدم اللغوي (جرينبرج) اعتراضا طريفا يقول : لنفرض أن اثنين من البشر يتحدثان لغتين مختلفتين هبطا على سطح القمر ، إنهما سيكونان في بيئة جديدة تماما ، ذلك لأن القمر يختلف عن الأرض ، سيعود رجلا الفضاء ثانية إلى الأرض ويقصان انطباعاتهما عن القمر. لنا أن نتوقع حسب نظرة (ورف) أن نسمع وصفين متباينين تمام التباين ، لأن كلا منهما يتكلم لغة تختلف عن لغة الآخر .
ويؤيد (كندر اتوف) هذا الاعتراض بقوله إن الرحالة العرب اعتادوا منذ ألف عام خلت أن يزوروا أراضي الشمال ، وكانت عادات وتقاليد وطبيعة أهل الشمال غريبة في نظر الرحالة العرب تماما ، واللغة العربية تختلف اختلافا كاملا وبينا عن لغات أهل الشمال ، ومع ذلك فما تزال الأوصاف التي قدمها الرحالة العرب تطابق تلك الأوصاف التي كانت تُروى بلغة أهل الشمال القديمة .


إن كل لغة تصبغ العالم بطريقتها الخاصة بيد أن فحوى رسالتها عن الواقع يظل بشكل كامل ومطلق انعكاسا صحيحا وصادقا .


إن العالم متنوع تنوعا لا نهائيا. أما كلمات اللغة فعددها محدود ، وما نفعله هو أننا نعبر عن هذا التنوع اللانهائي بعدد محدود من الكلمات ، ومادام الأمر كذلك فسوف نعطي اهتماما أكبر المجال محدد ونغفل عن مجال آخر. إن الرسام يجد لزاما عليه أن يمايز بين الظلال الدقيقة


18


للغاية (فاللون الأحمر مثلا ليس لونا واحدا بل إنه عدة ألوان ومن ثم نجده يعطيها أسماء خاصة بها ، ولكننا في حياتنا العادية نكتفي ببضع صفات قليلة لوصف احتياجاتنا اليومية.
وفي العربية الفاظ كثيرة عن الإبل تتصل بكل أحوالها ، ومنها على سبيل المثال الألفاظ الآتية : الفصيل ، ابن مخاض ، وابن لبون ، والحق ، والثني ، والرباع ، والسديس والبازع ،والمخلف. وهي بترتيبها السابق تعكس تدرج أعمارها منذ فطامها إلى أن تبلغ العاشرة .
إن وجود هذه الكلمات كلها في اللغة العربية يدل على اهتمام العربي بهذا المجال وعنايته بكل التفصيلات التي تتصل به. وقد ذكرنا من قبل أن لغة الأسكيمو تفيض بعشرات من الألفاظ تشير إلى الثلج في أحواله المختلفة ، وليس هذا غريبا ، فمفردات اللغة إنما تعكس الحاجات المختلفة والاهتمامات الخاصة بالشعب الذي يستخدمها.


لقد كان (ورف) على حق حين قال إن اللغة تؤثر على تفكيرنا ومن ثم تؤثر في سلوكنا ونذكر هنا بالحرائق التي تتسبب عن كتابة كلمة فارغ على صهاريج البترول) ولكن (ورف) نسي حقيقة أكثر أهمية ، وهي أن الفكر يتأثر بالواقع أي يتأثر بالخبرة العملية للبشر ، بالحياة إن الواقع الموضوعي والحياة هما في نهاية الأمر اللذان يلعبان دورا أساسيا وليست اللغة .


إن ما حدث لصهاريج البترول يمكن أن يحدث في أي بلد يستخدم لفظا مماثلا للكلمة (فارغ) بيد أن هذا لن يحدث تقريبا في بلد منتجة للبترول حيث يدرك سكانها طبيعة الأخطار الناجمة عنه ، إن الشيء الهام ليس هو التباين بين اللغات المختلفة ، وإنما هو التباين بين لغة قوم على علم ودراية بمجال معين وبين لغة قوم يجهلون حقائق الأمور. والخبرات الجديدة من شأنها أن توسع نطاق معرفتنا بالعالم وتثري الفكر وتتولد عنها مفاهيم جديدة ومفردات تعبر عنها وتطابقها .


إن اللغة - حقا - تؤثر في التفكير والسلوك ، ولكنها - كما يقول كندراتوف – تؤثر على تكنيك (أو أسلوب ) التفكير دون جوهره ، فجوهر الفكر أنه انعكاس للواقع الموضوعي ، وهدف اللغة هو التواصل أي نقل المعلومات عن الواقع أي نقل الرسائل).


قد يقول المصري إن المسافة بين القاهرة والإسكندرية ٢٢٠ كيلو مترا تقريبا ، وقد يقول الإنجليزي إنها ١٣٦ ميلا تقريبا ، إن أسلوب التعبير مختلف ، والمفاهيم كذلك مختلفة (فالمبل يختلف عن الكيلو ميتر) بيد أن حقيقة الانعكاس واحدة ، كما أن الانعكاس صحيح في الحالتين كلتيهما. ورغم اختلاف الوسائل التكنيكية للغة ومن ثم تباين طرق التفكير إلا أن كل لغة قادرة على تصوير العالم المحيط بنا تصويرا صادقا .
إن اللغة - في الحقيقةتعكس ثقافة المجتمع الذي يستخدمها وتعبر عن حاجاته ولهذا - السبب ، تعدها أداة ذات تأثير في سلوك الفرد ونظرته إلى الحياة ، ولكنها مع ذلك أداة على السنة الأفراد وعلى أقلامهم قد فرضها المجتمع المعين عليهم ، ولكنهم مع ذلك يطوعونهاه بحسب حاجاتهم ، لنقل بوضوح ، إن اللغة تؤثر في ثقافة المجتمع وثقافة المجتمع تؤثر في ل


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

عند تزاحم المرض...

عند تزاحم المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد و قبل البدء بالمفاضلة بينهم في أولوية العلاج يجب الت...

فوق الأصدقاء -...

فوق الأصدقاء - كل هذا خطأك! لن أسامحك أبدًا، أبدًا! صاحت بيس مارفن لابن عمها جورج. كان لدى بيس دمو...

Bareminerals Ge...

Bareminerals Gen Nude Pa lipstick, an indispensable addition to your makeup collection. This lip lac...

اولاً : المغرب ...

اولاً : المغرب المراد بلفظ المغرب هو كل ما يقابل المشرق من بلاد . وقد اختلف. الجغرافيون والمؤرخون ال...

یأتي یوم یستفید...

یأتي یوم یستفید منھا الآخرون إن لم یكن في جیلنا فقد تستفید منھا الأجیال القادمة. التفكیر الناقد و...

Body image appr...

Body image appreciation was high among our sample of females attending gyms in Tulkarm and Jenin. ...

أساسیات التعلم ...

أساسیات التعلم یمتد التعلم على امتداد حیاة الإنسان من المھد إلى اللحد، وھو في كل مرحلة من مراحلھ الن...

إن السيدة (زهرا...

إن السيدة (زهراء حسن عبود) مدرسة اللغة الإنكليزية في ث. الرباب للبنات هي من طلاب الدراسات العليا (ال...

this most impor...

this most important thing to achieve this goal is to manage your time effectvely i have divid my day...

لقد تزايد الاهت...

لقد تزايد الاهتمام بالرعاية في نهاية الحياة في السنوات الأخيرة. • عندما يتم تجنب أو تأخير اتخاذ قرا...

بالتزامن مع انط...

بالتزامن مع انطلاق المشاورات في العاصمة العمانية مسقط، برعاية الأمم المتحدة، فجرت مليشيا الحوثي الإر...

الفقرة 1: تشكل ...

الفقرة 1: تشكل إعصار كاترينا بالقرب من جزر البهاما وسرعان ما اشتد ليصبح واحدًا من أكثر العواصف تدمير...