لخّصلي

جــرت أطروحــة الإمرياليــة الثقافيــة إلى حــد كبــير حــال المضــي قدمــاً علــى الســبيل الأكثــر
حداثــة لتأطــير العديــد مــن القضــايا نفســها فيمــا يخــص «العولمــة» (-Sreberny Mohammadi، 1٩٩٦؛ Golding وHarris، 1٩٩٨). فكمــا رأينــا، كان
382
هنــاك تفنيــد قــوي للدراســة النقديــة لوســائل الإعــلام الجماهيريــة الشــعبية ولمــا بهــا مــن نزعــة تشــاؤم ثقــافي عام. وقــد أثــر هــذا أيضــاً في الفكــر المتعلــق بتأثــيرات التبــادل الثقــافي العالمــي، وإن لم يكـن في الفكـر المتعلـق بالتدفـق العالمـي للأخبـار. فمـن المؤكـد أننـا نواجـه فيكثـير مـن الأحيــان رؤى إيجابيــة، بــل واحتفائيــة، حــول الشــمولية العالميــة الناتجــة عــن وســائل الإعــلام الجماهيريــة. ومــن الممكــن تمدید الفضاء الرمزي المتشــارك، ویمکن التملــص مــن القیود المفروضةعلیالمکانوالزمــانوالمرتبطةبالمنظومــاتالإعلاميــةالمقّســمةعلیالمستوى الوطـي.كذلـك، مـن الممكـن أن تبـدو عولمـة الثقافـة جيـدة مقارنـةً بالمركزيـة الإثنيـة، والقوميـة، ورهـاب الأجانـب، الـتي تميـز بعـض المنظومـات الإعلاميـة الوطنيـة. والحقبـة الجديـدة للسـلام الــدولي («النظــام العالمــي الجديــد»)، الــتي كان مــن المفــترض أنهــا قــد أبصــرت النــور مــع نهايــة الحــرب البــاردة، كان مــن المعتقــد أنهــا تتطلــب حضــوراًكبــيراً لوســائل الإعــلام الدوليــة (Ferguson، 1٩٩2). ولا تــزال عواقــب «الحــرب علــى الإرهــاب» لم يُكشــف عنهــا بعـد لكـن المؤشـرات الأوليـة المتأتيـة مـن الترفيـه العالمـي والأخبـار تجعـل مـن المحتمـل أن يكـون لهـا تأثـير اسـتقطابي، ويمثـل ذلـك عـودة إلى الانقسـامات العالميـة المشـابهة لتلـك الانقسـامات
إبان الحــرب البــاردة. في السـياق نفسـه، تميل معظم الاقتراحات الناشـئة عن أطروحة إمريالية وسـائل الإعلام
إلى تأطـير الاتصـال الجماهـيري العالمـي بوصفـه عمليـة للسـبب والتأثـير،كمـا لـو أن وسـائل الإعــلام «ترســل» الأفــكار والمعــى والأشــكال الثقافيــة مــن مــكان إلى مــكان، ومــن مرســل إلى متلـٍق. وإلى هـذا الحـد، يسـتخدم النقـاد اللغـة نفسـها بدرجـةكبـيرةكمـا يفعـل «منظـرو التطويــر» الأصيلــين. وهنــاك إجمــاع عــام علــى أن نمــوذج «النقــل» هــذا الــذي يخــصكيفيــة عمـل وسـائل الإعـلام لا يكـون شـديد الملاءمـة خـارج حـالات معينـة مـن الاتصـال المخطـط لــه. ولــو كان بنــا حاجــة إلى فعــل شــيء مــا، فإننــا بحاجــة إلى أن نضــع في اعتبــارنا بقــوة المشـاركة النشـطة للجمهـور في تشـكيل أي «معـى» مسـتقى مـن وسـائل الإعـلام الجماهيريـة
.)1٩٩٠ ،Katzو Liebes( ومـن الممكـن القـول إن وسـائل الإعـلام قـد تسـاعد في عمليـة النمـو الثقـافي، والانتشـار،
والابتــكار، والإبــداع، وإنهــا لا تكتفــي بتقويــض بنيــان الثقافــة القائمــة. فهنــاك كثــير مــن النظــريات والأدلــة الحديثــة الــتي تدعــم وجهــة النظــر القائلــة إنــه يمكــن في بعــض الأحيــان مقاومــة «الغــزو» الثقــافي الإعلامــي أو إعــادة تعريفــه وفقــاً للثقافــة والتجربــة المحليتــين. وفي الغالـب يكـون «التدويـل» المتضمـن في ذلـك مختـار ذاتيّـاً وليـس نتيجـةً للإمرياليـة. ويسـتخدم