Online English Summarizer tool, free and accurate!
المحاضرة الأولى: مدخل إلى دراسة الشعر المغاربي
إن المتتبع للتجربة الشعرية المغاربية المعاصرة في الثمانينيات يلحظ ذلك التطور الفني
ال كبير الذي بلغه المتن الشعري المغاربي في هذه الفترة، وقد بدأت هذه التجربة تخطو خطواتها
ثم أخذت في التبلور في السبعينيات لتشهد مرحلة التطور
وهذه الدراسة تحاول الإنصات للشعر المغاربي المعاصر في صلته
بالتجربة الصوفية وهي بذلك تقف بين نصين؛ والنص الشعري المغاربي
وتحاول الإجابة عن الأسئلة التي تمخضت عن هذا اللقاء،لرحلة وسمت الشعر المغاربي بسمات جديدة مغايرة لما كان سائدا ومألوفا.وبذلك لم يكن الشعر المغاربي الحديث استثناء. فلقد بدأ متأثرا بالشعر العربي في المشرق. منتهجا طرائق إيجابياته وسلبياته. فالكل انس َّ ل من عباءة السياب والبياتي ونازك
وعبد الصبور وحجازي وأدونيس . فأصبح نتاج هؤلاء الرواد هو المقياس والنموذج
لكل كتابة شعرية خلال عقدي الستينات والسبعينيات، وقد يكون هذا أمرا بديهيا طبيعيا .أنه في غياب النقد،وبيان النوايا، اللهم عبارة
: )ديوان شعر( على الغلاف!! وتسلق منبر الإلقاء )شعراء( وما هم بالشعراء! لا يمل كون إلا
نبرة الإلقاء تقليدا لدرويش أوأدونيس أو نزار1 .متعة التقليد ولذة الاجترار. فلم يتميز من ذلك إلا طائفة قليلة،واحتراس ونبوغ . ول كن لا
عقد
َّ
لأن الرواد الذين تميزوا بعطائهم يعدون على رؤوس الأصابع فلقد مر
شعر السبعينيات فإننا نرفعه إلى مستوى الشعر بصفة عامة بينما هو ما يزال محط نقاش لأنه لم يتبلور بعد سواء من الناحية
مارس،1981 ص . ومحمد خمار ثم محمد السرغيني وعبد ال كريم
الطبال.شاعر من هؤلاء بحسب قدرته وكفاءته وموهبته الخاصة أن يبلور هذه التحولات ويعكسها في
في المغرب بحساسية مفرطة، وبرهافة كبيرة، وبطبيعة الحال من موقع سياسي وفكري محدود،وكذلك فعل الخمار والسرغيني إلى حد ما،وإن كان السرغيني يسبح في صوفية وفي تجريد
مغرق على عكس شعراء السبعينيات الذين لم يستطيعوا أن يتعَّم قوا التجارب الاجتماعية بل إن
والفرق كبير بين الشعر والتغني
لقد
الشعراء، فما كان
لا يخرج عن إطار النقد الإيديولوجي أو الإخواني التعاطفي. وإن كان في
ويستشهد بأقوال رواد في مجالاتهم العلمية
والفكرية. ول كن هذا لا يغني عن الحق شيئا، ولا الأقوال تنطبق على
المحكي، وهي تختلف عن الكتابة المشرقية، " فالمغاربيون،من التقليد والقليل من الإبداع وكان الصاحب بن عباد صادقا عندما قال: "بضاعتنا ردت
إلينا"، وهو الوصف الجامع المانع في التجارب المغاربية القديمة. ولم يتخلص المغاربيون من عقدة
د. محمد بنعمارة. ود. محمد علي الرباوي الذين نهجوا نهجا إسلاميا في الشعر.-3 المراد بذلك : د.محمد بنيس ومن كانوا يكاتبون مجلته )الثقافة الجديدة(
باستعارة اللسان الأجنبي، وإدريس الشرايبي في المغرب
ومولود فرعون ثم محمد ديب في الجزائر. وبينما كانت مشكلة هو ية هذا الأدب مطروحة،فرنسي بوجدان عربي أم عربي اضطر لاستعارة اللسان العربي؟، جاءت تجربة محمود المسعدي
التي
ومع تلاحق تجارب الكتابة باللغتين بدأ يتشكل اتجاه الكتابة المغاربية الذي يشتغل على الفكر
والتراث المحكي، ل كن هذا التقسيم المغاربي- المشرقي بدأ يزول شيئا فشيئا مع تلاحق التجارب
المغاربية والتجارب المشرقية وظهور ال كثير من التجارب الجميلة في الاتجاهين. وبخصوص تجربتي
الخاصة في الكتابة، فقد كنت قارئا سلبيا مدة طويلة )أقرأ ولا أفكر في الكتابة( عندما كنت
ل كني شعرت بالكتابة وقول ذاتي كما هي عندما اطلعت
كانت منصفة أو "ضيقة"، فعلى الكاتب أن يكون ذاته،شيء، ولا أرى في النهاية داع لهذه الازدواجية مشرق- مغرب فالمشرق أصبح مشارقا والمغرب
ه كنون:".الأدباء في المغرب على إخوانهم في المشرق لتجاهلهم إياهم،مزاياهم، ول كن أعظم اللوم في هذا مردود على أولئك الذين ضيعوا أنفسهم، وأهملوا ماضيهم
وحاضرهم، حتى أوقعوا الغير في الجهل بهم والتقول عليهم.ه كنون، إذ
خلا زهر الآداب من أدب أهل المغرب،يرون المثل الأعلى عند أهل المشرق، فكانوا يجدون في نقل ما أثر عن أهل المشرق من القصائد، حركة الشعر المغربي المعاصر، ،2010-03-17 ت أ: ،se/article.asp?id=71911
الجزء الأول، مكتبة المدرسة ودار ال كتب اللبناني للطباعة والنشر،لبنان، الصفحة: .أكثر الشواهد المشرقية، مع أنه لرجل تونسي من أهل القيروان"1 ، ل كن قد سجلت القصيدة
التحولات الجديدة والطارئة التي تمس في العمق حركية الوجود الإنساني وتؤثر فيه بشكل من
الأشكال.يعتبر هذا التطور الفني امتدادا طبيعيا وجدليا مع الأشكال السابقة وتعايشا معها، فهو لم
كما أن
الشكل الفني القديم بدوره آمن بالاختلاف وسار مع الجديد مسالما مما فسح المجال أمام حرية
وعليه فأن تنوع المرجعية التي ينطلق منها الشعر العربي المغاربي عموما هي المرجعية الشعرية
العربية وكذا العالمية؛كبير من مبدعيه بالبنية القديمة للقصيدة الكلاسيكية العربية وتلقيحها بنفس جديد دلاليا فقط
ثابت ومحمد الحلوي.التجديد التي حمل لواءها كل من أحمد باكثير ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب بالمشرق، وقد
تميز في هذا الصدد شعراء )كانوا بمثابة صدى لهذه الأصوات المجددة بالشرق ( أمثال مصطفى
المعداوي الذي يعتبر رائد الشعر المغربي الحديث لما امتاز به من وعي سياسي وثقافي جعله يساهم
محمد
ه راجع و
خير الدين؛ هؤلاء الذين تبنوا الدعوة إلى الالتزام والثقافة الهادفة والمقاومة لكل أنواع الزيف
وقد ساهم هذا التفاعل في تسجيل طفرة نوعية في تطور القصيدة إذ أنه في ظل
هذا التراكم الهائل في الخريطة الشعرية برزت القيمة الأدبية والفنية للقصيدة مما ميزها على
مستوى ال كيف والرؤية الواضحة وتنوع المشهد الشعري المغربي إذ أصبح هناك من يهتم بالغاية
من اللفظة وتشكلها داخل النص باعتبارها وسيلة فقط بعدما كانت هي الغاية في حد ذاتها، كما
برز من زاوج بين العمودي وشعر التفعيلة وكذا من اهتم باللغة الشعرية بغض النظر عن الأوزان
الجزء الأول، المكتبة التجارية، الطبعة الثانية،والبيانية من تفاوت وتحايل على المعاني، وقد ارتبط الشعر المغربي عموما بقضايا الإنسان
وخصوصا الشعر الإسلامي والصوفي اللذين يهتمان بقضايا الأمة في ارتباطها بمصير الإنسان كما
يبدو جليا في شعر حسن الأمراني ومحمد بنعمارة وغيرهما.وقد تبلور عن هذا التنوع والتكثيف اهتمام خاص بمصير الشعر المعاصر بالمغرب مما ساهم في
المحاضرة الأولى: مدخل إلى دراسة الشعر المغاربي
إن المتتبع للتجربة الشعرية المغاربية المعاصرة في الثمانينيات يلحظ ذلك التطور الفني
ال كبير الذي بلغه المتن الشعري المغاربي في هذه الفترة، وقد بدأت هذه التجربة تخطو خطواتها
الأولى التي كانت مترددة و محتشمة، ثم أخذت في التبلور في السبعينيات لتشهد مرحلة التطور
المبهر مع مطلع الثمانينيات. وهذه الدراسة تحاول الإنصات للشعر المغاربي المعاصر في صلته
بالتجربة الصوفية وهي بذلك تقف بين نصين؛ النص الصوفي القديم، والنص الشعري المغاربي
المعاصر، وتحاول الإجابة عن الأسئلة التي تمخضت عن هذا اللقاء، وأسست منذ الثمانينيات
لرحلة وسمت الشعر المغاربي بسمات جديدة مغايرة لما كان سائدا ومألوفا.
وبذلك لم يكن الشعر المغاربي الحديث استثناء. فلقد بدأ متأثرا بالشعر العربي في المشرق.
فنهل منه إلى حد الثمالة، فاقتفى خطاه، منتهجا طرائق إيجابياته وسلبياته. فلم يظهر في سلم الإبداع
إلا من أحسن التقليد، وأجاد التكرار والترديد، فالكل انس َّ ل من عباءة السياب والبياتي ونازك
الملائكة، وعبد الصبور وحجازي وأدونيس ... فأصبح نتاج هؤلاء الرواد هو المقياس والنموذج
لكل كتابة شعرية خلال عقدي الستينات والسبعينيات، وقد يكون هذا أمرا بديهيا طبيعيا ...غير
أنه في غياب النقد، الذي ظل –ولوقت طويل- ينتظر-بتقاعس- تراكم الإنتاج، ووضوح الرؤية،
وبيان النوايا، ظهرت أعمال )شعرية ( متهافتة منزعجة ومزعجة، لا تمت للشعر بصلة، اللهم عبارة
: )ديوان شعر( على الغلاف!! وتسلق منبر الإلقاء )شعراء( وما هم بالشعراء! لا يمل كون إلا
نبرة الإلقاء تقليدا لدرويش أوأدونيس أو نزار1 ...فغرق الشعر والشاعر في المغرب العربي في
متعة التقليد ولذة الاجترار. فلم يتميز من ذلك إلا طائفة قليلة، استطاعت أن تقلد ول كن بذكاء
واحتراس ونبوغ ...لأنها عَّم قت دراستها في مجال الشعر والإبداع والنقد والتحليل. ول كن لا
يمكن أبدا أن نجعل من هذا الاستثناء وسيلة تشفع للشعر المغاربي رتابة مساره، وفتور عطائه،
وانكفائه ونمطيته ... عقد
َّ
لأن الرواد الذين تميزوا بعطائهم يعدون على رؤوس الأصابع فلقد مر
-1 سئل الناقد إدريس الناقوري في بداية الثمانينيات عن الشعر المغربي في السبعينيات فقال:" أرى أننا حينما نتحدث عن
شعر السبعينيات فإننا نرفعه إلى مستوى الشعر بصفة عامة بينما هو ما يزال محط نقاش لأنه لم يتبلور بعد سواء من الناحية
الفنية أو الفكرية." أنظر مجلة آفاق العدد السابع، مارس،1981 ص .5
3
الستينيات ولم يخلف لنا من الأسماء إلا أحمد المجاطي، ومحمد خمار ثم محمد السرغيني وعبد ال كريم
الطبال. "أن جيل الرواد في المغرب واكب تحولات سياسية واجتماعية خطيرة واستطاع كل
شاعر من هؤلاء بحسب قدرته وكفاءته وموهبته الخاصة أن يبلور هذه التحولات ويعكسها في
شعره، لقد استطاع المجاطي إلى حد ما أن يعكس تجربة التطور التاريخي والاجتماعي والسياسي
في المغرب بحساسية مفرطة، وبرهافة كبيرة، وبطبيعة الحال من موقع سياسي وفكري محدود،
وكذلك فعل الخمار والسرغيني إلى حد ما،وإن كان السرغيني يسبح في صوفية وفي تجريد
مغرق على عكس شعراء السبعينيات الذين لم يستطيعوا أن يتعَّم قوا التجارب الاجتماعية بل إن
محاولة رصدهم لهذه التجارب بقيت في مستوى الشعارات، والفرق كبير بين الشعر والتغني
بالشعارات"1 . إنصافا للواقع الأدبي أقول : لم يكن كل شعراء السبعينيات شعراء شعارات، لقد
حاول بعضهم التميز بشعره، بل منهم من انفرد باتجاه خاص )كجماعة وجدة(2 أو) أصحاب
الثقافة الجديدة(3 ، ول كن هذا –أيضا- لا يعني أنْ ليس هناك، أنصاف
الشعراء، والمتشاعرين وأتباع هؤلاء وأولئك، وذلك مرده لغياب النقد الموضوعي الفني، فما كان
في فترة السبعينيات، لا يخرج عن إطار النقد الإيديولوجي أو الإخواني التعاطفي. وإن كان في
جميع الأحوال يتمظهر بمصطلحات لمناهج علمية، ويستشهد بأقوال رواد في مجالاتهم العلمية
والفكرية. ول كن هذا لا يغني عن الحق شيئا، إذ سرعان ما ينكشف النص النقدي عن فراغه
المهول : فلا المصطلحات وظفت توظيفا علميا كما أريد لها أول مرة، ولا الأقوال تنطبق على
النص الإبداعي.
يقر الروائي الجزائري الخير شوار بأن الكتابة المغاربية تشتغل على الفكر والتراث
المحكي، وهي تختلف عن الكتابة المشرقية، " فالمغاربيون، كانوا يكتبون "أدبا مشرقيا" فيه ال كثير
من التقليد والقليل من الإبداع وكان الصاحب بن عباد صادقا عندما قال: "بضاعتنا ردت
إلينا"، وهو الوصف الجامع المانع في التجارب المغاربية القديمة. ولم يتخلص المغاربيون من عقدة
"التمشرق" إلا عندما كتبوا "الأدب المغاربي"، ومن سخرية الأقدار أنهم فعلوا ذلك في بداية الأمر
-1 ينظر: إدريس الناقوري: مجلة آفاق، العدد السابع، مارس ،1981، ص 17
-2 ويراد بها د.حسن الأمراني. د. محمد بنعمارة. ود. محمد علي الرباوي الذين نهجوا نهجا إسلاميا في الشعر.
-3 المراد بذلك : د.محمد بنيس ومن كانوا يكاتبون مجلته )الثقافة الجديدة(
4
باستعارة اللسان الأجنبي، فكانت تجربة محمد عزيزة في تونس، وإدريس الشرايبي في المغرب
ومولود فرعون ثم محمد ديب في الجزائر. وبينما كانت مشكلة هو ية هذا الأدب مطروحة، هل هو
فرنسي بوجدان عربي أم عربي اضطر لاستعارة اللسان العربي؟، جاءت تجربة محمود المسعدي
بلغة عربية أقرب إلى لغة امرئ القيس وبفكر من أحدث الصيحات الفلسفية العالمية حينها، التي
جاءت قبل كاتب ياسين ومالك حداد وغيرهم الذين حققوا فتوحات مهمة باللسان الفرنسي،
ومع تلاحق تجارب الكتابة باللغتين بدأ يتشكل اتجاه الكتابة المغاربية الذي يشتغل على الفكر
والتراث المحكي، مختلفا عن المدرسة المشرقية القديمة التي برعت في الاشتغال على اللغة العربية
الكلاسيكية. ل كن هذا التقسيم المغاربي- المشرقي بدأ يزول شيئا فشيئا مع تلاحق التجارب
المغاربية والتجارب المشرقية وظهور ال كثير من التجارب الجميلة في الاتجاهين. وبخصوص تجربتي
الخاصة في الكتابة، فقد كنت قارئا سلبيا مدة طويلة )أقرأ ولا أفكر في الكتابة( عندما كنت
مستهلكا للأدب المشرقي الحديث نسبيا، ل كني شعرت بالكتابة وقول ذاتي كما هي عندما اطلعت
على النصوص المؤسسة للأدب المغاربي الحديث، ولا تهمني نظرة المشارقة للأدب المغاربي إن
كانت منصفة أو "ضيقة"، فعلى الكاتب أن يكون ذاته، لا غيره وأن ينال احترام نفسه قبل أي
شيء، ولا أرى في النهاية داع لهذه الازدواجية مشرق- مغرب فالمشرق أصبح مشارقا والمغرب
أصبح مغاربيا" 1 ، ه كنون:"...وقد كثر عتب
وفي هذا السياق يقول الأديب المغربي عبد الل
الأدباء في المغرب على إخوانهم في المشرق لتجاهلهم إياهم، وإنكار كثير منهم ل كثير من
مزاياهم، ول كن أعظم اللوم في هذا مردود على أولئك الذين ضيعوا أنفسهم، وأهملوا ماضيهم
وحاضرهم، حتى أوقعوا الغير في الجهل بهم والتقول عليهم.."2
ه كنون، إذ
في حين يرى زكي مبارك أمرا آخر، وينفي عن الأدباء المغاربة ما لامهم عليه عبد الل
يقول:" وكما خلا العقد الفريد من أدب الأندلس، خلا زهر الآداب من أدب أهل المغرب،
أيكون معنى هذا أن الأندلسيين والمغاربة يستخفون بآثارهم الأدبية؟.. ول كن معناه أنهم كانوا
يرون المثل الأعلى عند أهل المشرق، فكانوا يجدون في نقل ما أثر عن أهل المشرق من القصائد،
والرسائل، والحكم، والأمثال، وكذلك كان زهر الآداب المرجع الأول، الذي اعتمدت عليه في
-1 كريمة سعيد، حركة الشعر المغربي المعاصر، مؤسسة النور للثقافة والابداع، ،2010-03-17 ت أ: ،2020/05/02
http://www.alnoor.se/article.asp?id=71911
-2 كتاب النبوغ المغربي في الأدب العربي، الجزء الأول، مكتبة المدرسة ودار ال كتب اللبناني للطباعة والنشر، بيروت -
لبنان، الطبعة الثانية، الصفحة: .31
5
أكثر الشواهد المشرقية، مع أنه لرجل تونسي من أهل القيروان"1 ، ل كن قد سجلت القصيدة
المغربية قفزة نوعية من حيث تشكيلها ورؤيتها عبر اختيار أشكال تعبيرية تراعي
التحولات الجديدة والطارئة التي تمس في العمق حركية الوجود الإنساني وتؤثر فيه بشكل من
الأشكال.
يعتبر هذا التطور الفني امتدادا طبيعيا وجدليا مع الأشكال السابقة وتعايشا معها، فهو لم
يلغها أو يستثنها وإنما أضاف إليها قيما فنية وتعبيرية جديدة وتتوازى معها بأسلوب مغاير. كما أن
الشكل الفني القديم بدوره آمن بالاختلاف وسار مع الجديد مسالما مما فسح المجال أمام حرية
التنقل بين هذه الأشكال واختيار الأنسب للحظات المخاض الشعري.
وعليه فأن تنوع المرجعية التي ينطلق منها الشعر العربي المغاربي عموما هي المرجعية الشعرية
العربية وكذا العالمية؛ لأن الانفتاح على الأدب الغربي عموما والفرنسي على وجه الخصوص قد
مكن هذا الشعر من التجديد على مستوى المضامين والأشكال الفنية بالرغم من احتفاظ فريق
كبير من مبدعيه بالبنية القديمة للقصيدة الكلاسيكية العربية وتلقيحها بنفس جديد دلاليا فقط
ومن هؤلاء عبد الملك البلغيتي ومحمد بن ابراهيم ) شاعر الحمراء( وأبو بكر اللمتوني وعبد ال كريم بن
ثابت ومحمد الحلوي...
ولا بد من الإشارة إلى أن الشعر المغاربي لم يكتف بالتأثر بالشعر الغربي بل واكب حركة
التجديد التي حمل لواءها كل من أحمد باكثير ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب بالمشرق، وقد
تميز في هذا الصدد شعراء )كانوا بمثابة صدى لهذه الأصوات المجددة بالشرق ( أمثال مصطفى
المعداوي الذي يعتبر رائد الشعر المغربي الحديث لما امتاز به من وعي سياسي وثقافي جعله يساهم
محمد
ه راجع و
في إرساء المشروع الشعري الحديث بالمغرب مع أحمد المجاطي المعداوي وعبد الل
خير الدين؛ هؤلاء الذين تبنوا الدعوة إلى الالتزام والثقافة الهادفة والمقاومة لكل أنواع الزيف
والميوعة، وذلك بهدف تحقيق كيان شعري مستقل يحمل قيما إنسانية وجمالية دون أن ينفصل
عن واقعه ومحيطه الاجتماعي والجغرافي.
وقد ساهم هذا التفاعل في تسجيل طفرة نوعية في تطور القصيدة إذ أنه في ظل
هذا التراكم الهائل في الخريطة الشعرية برزت القيمة الأدبية والفنية للقصيدة مما ميزها على
مستوى ال كيف والرؤية الواضحة وتنوع المشهد الشعري المغربي إذ أصبح هناك من يهتم بالغاية
من اللفظة وتشكلها داخل النص باعتبارها وسيلة فقط بعدما كانت هي الغاية في حد ذاتها، كما
برز من زاوج بين العمودي وشعر التفعيلة وكذا من اهتم باللغة الشعرية بغض النظر عن الأوزان
-1 ينظر : الفني في القرن الرابع الهجري، الجزء الأول، المكتبة التجارية، الطبعة الثانية، الصفحة 11
6
فظهرت قصائد تتميز بالكثافة الشعرية مستفيدة من التراث القديم وما تتيحه التعابير النحوية
والبيانية من تفاوت وتحايل على المعاني، وقد ارتبط الشعر المغربي عموما بقضايا الإنسان
وخصوصا الشعر الإسلامي والصوفي اللذين يهتمان بقضايا الأمة في ارتباطها بمصير الإنسان كما
يبدو جليا في شعر حسن الأمراني ومحمد بنعمارة وغيرهما.
وقد تبلور عن هذا التنوع والتكثيف اهتمام خاص بمصير الشعر المعاصر بالمغرب مما ساهم في
خلق مؤسسة. بيت الشعر المغربي كحدث طبيعي بعد نهضة ثقافية ترجمتها مجلات وجرائد مختصة،
واكبت ظهور حركة شعرية شابة سعت لتثبيت أقدامها على الساحة الشعرية.
وتجدر الإشارة إلى أن الإعلام بدوره قد واكب هذه الحركة على المستويين المرئي )بشكل
محدود( والسمعي )برامج ناجحة جدا(. هذا، وقد ساهم التطور التكنولوجي والتقنيات الحديثة في
إعادة الاعتبار للشعر المغربي حيث أن الساحة الشعرية عرفت تعدد الأصوات الرائدة وكذا
الواعدة في هذا المجال إذ تضاعف الإنتاج الشعري وتطعمت الساحة بشعراء شباب بعد
الثمانينيات فظهر سعد سرحان وأحمد بركات وعبد العزيز أزغاي ووداد بنموسى وزهرة المنصوري
وثريا ماجدولين ووفاء العمراني وأمينة المريني وصلاح الوديع وعائشة بصري ومحمد الطوبي ومحمد
ه زر يقة....
بنطلحة وعبد الل وغيرهم كثير ممن أغنى الفضاء الشعري المغربي براقي الأشعار
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
نظام ساسي شمولي يعتمد على حكم الفرد في غياب اي تمثيل نيابي وتحصر كل السلطات والصلاحيات في يد رجل واح...
النّص : «لا شيء يضيّع ملكات الشّخصِ ومزاياهُ كتشاؤُمِه في الحياةِ، ولا شيءَ يبعثُ الأملَ، ويقرِّب من...
تعريف الادارة المالية تعددت مفاھيم الادارة المالية واختلفت حسب نظرة كل باحث إلى وظيفة الادارة المالي...
فاستدل في هذه المسألة بمجموعة من الباحثين اللغويين العرب الذين خاضها تجربة المصطلح اللساني من اللسان...
نقطه تحول مفاجئة في العلاقات بين الدول تتضمن تهديدا مباشرا للقيم و المصالح العليا لمختلف الفواعل ، م...
منهجية البحث في علم الاجتماع إعداد الأستاذة وحدي 1 ثانيا/ أدوات جمع البيانات تتعدد الخطوات التي يجب ...
تسعى مختلف الدول الى تحقيق درجات الكفاءة الاقتصادية لتحقيق مستويات عالية من التشغيل في ظل سياسة اقتص...
Ensemble de processus de transformation des aliments dans l’organisme lui permettant de se mainten...
مقدمة بات الإعلام في العصر الراهن من أكثر الأجهزة المستعملة لصناعة الرأي العام، وتوجيهه وفق ما يخدم ...
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن تاريخ المشاريع هو: ما هو أول وأقدم مشروع أُنشئ على وجه ال...
رفع ملوحة التربة لدرجة يصعب على العديد من الأصناف النباتية تحملها، حيث يؤدي رفع التركيز الكلي للأملا...
الدراسة هذي بينت بلي خدمة المرأة تقدر تعاون في التوافق داخل الدار، خاصة كي تكون سبب في زيادة المداخي...