Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (14%)

سوسيولوجيا التربية عند بيير بورديو:
أعمال بيير بورديو التي يتناول فيها سوسيولوجيا التربية، فعلى سبيل المثال استلهمت كتاباتهما من:
لمنهج سوسيولوجي متميز )بالنسبة لدوركايم: "دراسة الوقائع الاجتماعية باعتبارها أشياء "
و"الاجتماعي يفسر بالاجتماعي"(. ألتوسير( في إعادة انتاج علاقات القوة. بالنسبة لحقل سوسيولوجيا التربية الذي يهمنا هنا، بورديو بتعاون مع جون كلود باسرون، اختيار مثل هذه المواضيع للدراسة في سوسيولوجيا بورديو وباسرون ليس صدفة :
توسعا فعليا الا بعد الحرب العالمية الثانية. ومنها تمديد مدة التمدرس الاجباري إلى 16 سنة بدلا من 14 سنة. أزمة كمية تم حلها إلى حد ما بتوظيف متسارع للأساتذة )الذين تغير
وضعهم الاجتماعي بشكل سريع( وأزمة كيفية بالنظر إلى أن جماهير الجامعة الجدد أجبروا هذه الأخيرة
على التساؤل حول ممارساتها البيداغوجية )أو بالأحرى غياب الممارسة البيداغوجية بها(. توظف في فترة السير "العادي" للمؤسسة التعليمية. فمن بين كل المؤسسات الاجتماعية، البيداغوجية الأكثر أهمية في نمط مجتمعنا. حسن أحجيج، نظرية العالم الاجتماعي، ، ينتمي النظام التعليمي إلى العوالم
positions سيرورة نقل وترسيخ المعارف والقيم والمهارات( مماثلة للدور التي تلعبه في توزيع المواقع
وبشكل خاص
ما
مبرزا أن هذا العمل يكشف في الواقع عن بنيات العلاقات )بين المواد، والأكثر من ذلك، بالتفصيل في كتاب "نبالة الدولة"، إلى القضية التي تبعا لها :
نمط اشتغالها ومناهجها ، عندها تساهم بفعالية أكثر في إعادة انتاج الهيمنة والتراتبية الاجتماعية. فموضوع تحليل سوسيولوجيا بوردبو وباسرون هو هذا بالضبط: عملية اخفاء و حجب علاقات القوة
لا تقوم المدرسة بضمان المساواة في الحظوظ، حسن أحجيج، نظرية العالم الاجتماعي، حسن أحجيج، نظرية العالم الاجتماعي، Tel :+212-666589824
من
إلى
فإن المقصود بها هو أن الفعل البيداغوجي يقدم
بمعنى أنها
والتي هي في نفس الوقت
شروط اللازمة لتحقيق وظيفتها الخارجية المتمثلة في إعادة انتاج الثقافة الشرعية وفي اعادة انتاج
علاقات القوة وشرعنتها 13
فالتراتبية الاجتماعية التي يمكن أن تبدو غير عادلة بشكل صارخ في الواقع أو بالأحرى غير شرعية
بقدر
انها أحد العوامل الأكثر فعالية للمحافظة الاجتماعية ، فكما قال بورديو " ينبغي تأبين أسطورة "المدرسة المحررة
يثقل
بصرامة غير متكافئة على أفراد مختلف الطبقات الاجتماعية: فحظ ابن إطار عال للولوج إلى الجامعة
l'Ecole Centrale و% 47 المدرسة المركزية l'Ecole Normale Supérieure العليا
تبعا للأسر
مسؤول عن تفاوتات الأطفال أمام التجربة المدرسية
أمام دخل
نسبة الأطفال النجباء تتغير بطريقة ملموسة تبعا لما إذا كان الأب لا شهادة له أو إذا كان
Tel :+212-666589824
تتيح الكشف عن
الأبحاث حول الطلبة في كليات الآداب تميل إلى ابراز أن حجم الرأسمال الثقافي الذي هو أكثر مردودية
هي موزعة بشكل
متفاوت بين الطلبة المنحدرين من مختلف الطبقات الاجتماعية. النجاح في الدراسات الادبية مرتبط }أيضا{ بشكل وثيق جدا بالقدرة على توظيف اللغة المدرسية التي
يشكلان معايير حكم المدرسين على أداء المتعلمين. سواء تعلق الامر
سوى النوايا والإرادة الثقافية
مضنيا ومكلفا جدا 16
الذي شكل موضوع
فإن المؤسسة المدرسية التي تلعب دورا محددا في إعادة إنتاج توزيع الرأسمال الثقافي، فرانسوا ديبي ناقدا لبيير بورديو:
مصاغة بشكل صوري ودقيق. بل
فنظرية بورديو تفسر هذه الظاهرة بما أنه كل الأطفال
تشمل في نفس الوقت الظواهر الاحصائية والتفاعلات المدرسية وتتيح فهم العديد من
اعتبرا في كتابهما "إعادة الانتاج" أن نظريتهما العامة حول العنف الرمزي لا تنطبق على حقل التربية
لأنه
واسعة ومنسجمة مثلها. فكل
بدأ الباحثون في حقل سوسيولوجيا التربية يضعون مسافة مع عن هذه
وبيير بورديو
com
لكن ينبغي ملاحظة أن كل هذه الأعمال السوسيولوجية الجديدة لا تشكل نظرية بديلة لنظرية بيير بورديو
وما حدث هو فقط نوع من "الالتفاف"
تجعل بالمقابل من مبدعها الذات الوحيدة التي تملك الحقيقة
وإلى لا معنى.


Original text

سوسيولوجيا التربية عند بيير بورديو:
أعمال بيير بورديو التي يتناول فيها سوسيولوجيا التربية، هي على الخصوص ثلاثيته المشكلة من ،
.)1989( 1970 ( و"نبالة الدولة" 3 ( 1964 (، و"إعادة الإنتاج" 2 ( "الورثة" 1
تقيم أعمال بورديو باسرون صلات عديدة مع الأعمال الكبرى لدوركايم وفيبر، وماركس، ليس بهدف
التوفيق بينها، وإنما بغاية استخلاص اهم مكتسباتها 4. فعلى سبيل المثال استلهمت كتاباتهما من:
التقليد الدوركايمي القطيعة مع الحس المشترك، المواجهة بين النظرية والبحث الميداني، تأكيد 
لمنهج سوسيولوجي متميز )بالنسبة لدوركايم: "دراسة الوقائع الاجتماعية باعتبارها أشياء "
و"الاجتماعي يفسر بالاجتماعي"(.
ومن التقليد الفيبري: استلهمت أهمية الواقعة العقلية، والاعتراف بأهمية المنهج العلمي) التفسير 
والفهم( باعتباره بحثا عن الحقيقة انطلاقا من علاقة مع القيم الذاتية)علاقة العالم(، وإجرائية
النموذج المثالي بوصفه أداة استكشافية، وأيضا التساؤل حول طرق الشرعنة.
ومن التقليد الماركسي، اخذت أهمية المحددات الاقتصادية، وخاصة أهمية التحديد" النهائي" 
بواسطة الاقتصاد، الفكرة التي أستعيدت من طرف لويس ألتوسير، بكيفية تراعي "استقلالية
نسبية" للبنية الفوقية مقارنة مع البنية التحتية، كما أدركت أهمية "وضعية" الطبقة في مجال
المواقع الاجتماعية، و اعترفت بالدور المهم للمدرسة)باعتبارها جهازا ايديولوجيا للدولة بلغة
ألتوسير( في إعادة انتاج علاقات القوة...
بالنسبة لحقل سوسيولوجيا التربية الذي يهمنا هنا، يشكل كتابي "الورثة" و"إعادة الانتاج"، اللذين كتبهما
بورديو بتعاون مع جون كلود باسرون، محور اهتمامنا. فهما يستندان إلى أبحاث ميدانية أنجزت ما بين
سنتي 1962 و 1963 وبدأ نشر نتائجها منذ 1964 . وإضافة إلى ذلك ، فهذين الكتابين، كما غالبية
الأبحاث المنجزة من طرف بورديو وباسرون في سوسيولوجيا التربية، تنصب ليس على المدرسة،
الابتدائية والثانوية، وإنما على الدراسات العليا وبشكل خاص التعليم الجامعي.
1 Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron, Les héritiers : les étudiants et la culture, Paris, Éd Minuit, 1964.
2 Pierre Bourdieu et jean –Claude Passeron, la reproduction , éléments pour une théorie du système
d’enseignement, éd de Minuit, 1970
3 Pierre Bourdieu , La Noblesse d'État. Grandes écoles et esprit de corps, éd Minuit, 1989.
4 Anne Van Haecht « L'école à l épreuve de la sociologie » éd de Boeck, 3e édition,2006.
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
اختيار مثل هذه المواضيع للدراسة في سوسيولوجيا بورديو وباسرون ليس صدفة :
فسنوات الستينيات هي مطبوعة بأزمة غير مسبوقة في الجامعة الفرنسية التي عرفت تدفقا لجماهير
الطلاب ، المنحدرين في جانب كبير منهم من الطبقات الاجتماعية التي كانت مقصية لزمن طويل من
التعليم لعالي.
فكما أشار إلى ذلك ريمون بودون:
"لم تعرف )الاحصائيات المتعلقة بالتعليم(، توسعا فعليا الا بعد الحرب العالمية الثانية. في نفس الفترة بدأ
علماء الاجتماع، الاهتمام بالظواهر التعليمية/المدرسية انطلاقا وخصوصا انطلاقا من سنوات الستينيات
.... من القرن العشرين، عندما بدأت تأثيرات ما يسمى بالانفجار المدرسي/التعليمي، تثير الانتباه" 5
وقد ساهمت ثلاث سيرورات في هذا التغير :
أولا العامل الديموغرافي، حيث شهدت فرنسا، مثل باقي دول أوربا الغربية، ارتفاعا في معدل الولادات
بعد الحرب العالمية الثانية، سمح ببلوغ عدد متزايد من الأطفال الى الثانوي ثم الجامعي في الستينيات،
فكان على المؤسسات التعليمية مواجهة هذا التدفق الديموغرافي المفاجئ
ثانيا، اتخاذ حكومة دوغول مجموعة من الاصلاحات المؤسساتية بهدف انتاج نخبة علمية وتقنية لمواجهة
المشاكل المتمخضة عن الحرب، ومنها تمديد مدة التمدرس الاجباري إلى 16 سنة بدلا من 14 سنة.
ثالثا تحول التعليم الى أداة للارتقاء الاجتماعي خاصة بالنسبة للطبقة المتوسطة، بعدما كانت المدرسة،
إلى حدود الحرب العالمية الثانية، نخبوية و لا تسمح بالارتقاء الاجتماعي سوى لفئة قليلة جدا من
.. المتمدرسين 6
إننا نعاين هنا إذن أزمة مزدوجة، أزمة كمية تم حلها إلى حد ما بتوظيف متسارع للأساتذة )الذين تغير
وضعهم الاجتماعي بشكل سريع( وأزمة كيفية بالنظر إلى أن جماهير الجامعة الجدد أجبروا هذه الأخيرة
على التساؤل حول ممارساتها البيداغوجية )أو بالأحرى غياب الممارسة البيداغوجية بها(.
بالنسبة لعالمي الاجتماع }بورديو وباسرون{، فترة الازمة التي يمر منها موضوع
دراستهما)المدرسة/الجامعة{، هي وضعية شبه تجريبية تمنحهما إمكانية الكشف عن الآليات الخفية، التي
توظف في فترة السير "العادي" للمؤسسة التعليمية.
فمن بين كل المؤسسات الاجتماعية، المؤسسة التعليمية هي دون شك من بين المؤسسات التي تنتج أكبر
قدر من الإخفاء أو الحجب حول نمط سيرها الفعلي وتحجب بشكل فعال وظيفتها الاجتماعية.
فقد سبق لبورديو أن أبرز في كتابه "الحس العملي" بأن "النظام التعليمي هو أحد اشكال السلطة
البيداغوجية الأكثر أهمية في نمط مجتمعنا. كما أبرز أنه بخلاف العوالم الاجتماعية التي تنسج فيها
5 Rymond Boudon, L’inégalité des chances, La mobilité sociale dans les sociétés industrielles, éd Armand Colin,
1979.
6 . حسن أحجيج، نظرية العالم الاجتماعي، قواعد الممارسة السوسيولوجية عند بيير بورديو، منشورات مؤمنون بلا حدود، 2018
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
علاقات الهيمنة وتفك في خضم التفاعلات الشخصية )مثل الأسرة..(، ينتمي النظام التعليمي إلى العوالم
الاجتماعية التي تتميز فيها علاقات الهيمنة بالغموض والالتباس بفعل تأثير آليات الاخفاء والحجب
..." الموضوعية والمؤسساتية. والنظام التعليمي هنا يشبه السوق ، والجهاز القضائي... 7
وتجدر الاشارة إلى أن أهمية الإخفاء أو الحجب في الممارسة التربوية المؤسسة التعليمية)أي في
positions سيرورة نقل وترسيخ المعارف والقيم والمهارات( مماثلة للدور التي تلعبه في توزيع المواقع
في المجال الاجتماعي وفي نقل هذه المواقع بين الأجيال.
ومن ثمة فالأزمة التي عاشتها الجامعة في سنوات الستينيات حطمت مؤقتا الحلقة السحرية او العلاقة
التي يقيمها المجتمع مع المدرسة، متيحة الفرصة لبحث سوسيولوجي معمق لهذه enchantée السحرية
المؤسسة الاستراتيجية في المجتمع الحديث...
هذه الأبحاث التي أنجزها بورديو وباسرون، لا تعبر فقط عن الوضعية التاريخية الخاصة التي شهدتها
الجامعة الفرنسية في هذه الفترة. فصحيح أن المؤسسة المدرسية عرفت تطورا كبيرا منذ هذه الفترة،
سواء من وجهة نظر بنياتها أو مضمون التدريس، خصوصا وأن السوسيولوجيا النقدية، وبشكل خاص
أعمال المنشورة من طرف بورديو وباسرون، لعبت دورا لا يستعان به في الاحتجاج الطلابي لسنة
1968 8 . وصحيح ان عددا من الملاحظات المكتوبة في هذه الفترة تبدو اليوم ليست ذات موضوع، ما
دام التعليم في الثانوي كما في السلك الأول الجامعي، تغير ومستمر في التغير.
إلا أن ذلك لا يفسر في نظر بيير بورديو النزوع إلى اضفاء النسبية التاريخية على أعماله حول التربية،
مبرزا أن هذا العمل يكشف في الواقع عن بنيات العلاقات )بين المواد، وبين المدارس وبين الطبقات،
الخ( التي لم يتغير شكلها رغم التحولات التي عرفها التعليم العالي منذ ثلاثين سنة.
ويبرز مثلا أن "دمقرطة التعليم" التي يُحتفى بها بانتظام منذ ثلاثين سنة ليست سوى دمقرطة خادعة:
فجماهيرية التعليم الجامعي والشهادات التي يسلمها، تفضي آليا إلى الحط من قيمتها، تبعا لعملية التضخم
المعروفة . l'inflation
والأكثر من ذلك، أن منطق التمييز الذي يبني في التعليم بنيات تفاضلية تمييزية للطبقات الاجتماعي، ما
يزال حاضرا دائما في صلب النظام التعليمي. الحجة الأكثر وضوحا هي حالة المدارس الكبرى، المحللة
بالتفصيل في كتاب "نبالة الدولة"، والتي ما تزال إلى اليوم تقوم على الاستقطاب الاجتماعي المحدود
جدا، كما كانت منذ عقود، هذا على الرغم من الجماهيرية الجزئية للنظام الجامعي.
الأطروحات المقدمة من طرف بورديو وباسرون، طبعت في جانب منها، الاصلاحات البيداغوجية منذ
ثلاثين سنة.
7 Anne Van Haecht « L'école à l épreuve de la sociologie » éd de Boeck, 3e édition,2006.
8 ريمون أرون يذكر بمرارة في "مذكراته" أن الطلبة في سنة 19868 "وظفوا وتعسفوا على الأفكار المنشورة في كتاب "الورثة". أنظر:
R. Aron, Mémoires, Julliard, Paris, 1989.
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
فهذه الأطروحات التي تتوفر على مرتكزات فعلية بين مهنيي التربية، انتشرت وراجت بشكل
واسع...وتم تحريفها في الكثير من الأحيان. إذ غالبا ما تختزل في فكرة "التعليم الطبقي" أو "المدرسة
البورجوازية"، حيث شاعت فكرة أن المدرسة عند بورديو هي مجرد أداة في يد البورجوازية بغاية
الحفاظ على امتيازاتها.
السياسية وذات المنحى vulgate " فتحليلات عالمي الاجتماع لا تختزل طبعا في هذه "الكليشيهات
النضالي . إنها تستند، على العكس، إلى القضية التي تبعا لها :
أن المؤسسة التعليمية لا تضطلع أبدا بوظيفتها في إعادة الانتاج الاجتماعي إلا عندما تثبت على مستوى
نمط اشتغالها ومناهجها ، استقلالها تجاه تراتبيات الجسم الاجتماعي.
وبتعبير آخر، فإنه عندما تبدو أكثر استقلالية تجاه قيم المجتمع الشامل، وتؤكد استقلالية قيمها ومبادئها
الخاصة في الترتيب والتقويم، عندها تساهم بفعالية أكثر في إعادة انتاج الهيمنة والتراتبية الاجتماعية.
فموضوع تحليل سوسيولوجيا بوردبو وباسرون هو هذا بالضبط: عملية اخفاء و حجب علاقات القوة
المؤسسة للتراتبيات الاجتماعية، التي تمارسها المؤسسة التعليمية، من أجل خدمة هدف إعادة انتاج
الهيمنة والتراتبية الاجتماعية بفعالية أكبر.
وجاء كتاب "إعادة الانتاج" ليعمق هذه الاطروحة بصورة اكثر نظرية ومفاهيمية. ويمكن تلخيص
الاطروحة التي دافع عنها الباحثان كما يلي:
لا تقوم المدرسة بضمان المساواة في الحظوظ، بل تعمل بالأحرى على إعادة إنتاج التفاوتات
الاجتماعية، وتضفي المشروعية على هذه التفاوتات بواسطة خطاب يقوم على إيديولوجيا الاستحقاق
وتكافؤ الفرص. هكذا تحول المدرسة استعدادات ثقافية موروثة عن الأسرة إلى تفاوتات اجتماعية،
... وتجعل هذه الأخيرة مقبولة من طرف الجميع من خلال تأسيسها على الاستحقاق الشخصي للأفراد 9
ولتحقيق هذا الهدف العلمي، وظف المؤلفات "نظرية العنف الرمزي" التي قاما بعرضها بشكل منهجي
ونسقي لأول مرة في كتابهما )إعادة الانتاج(، وبالضبط في جزئه الأول الذي يحمل عنوان )أسس نظرية
العنف الرمزي(. حيث خصصا الجزء الثاني من الكتاب، لتطبيق "نظرية العنف الرمزي" على النظام
. التعليمي الفرنسي انطلاقا من بحوث ميدانية 10
يلخص بورديو وباسرون ، ولو بطريقة جد نظرية صلب كلامهم في القضية الأولى من "إعادة الانتاج"،
كما يلي:
9 . حسن أحجيج، نظرية العالم الاجتماعي، قواعد الممارسة السوسيولوجية عند بيير بورديو، منشورات مؤمنون بلا حدود، 2018
10 . حسن أحجيج، نظرية العالم الاجتماعي، قواعد الممارسة السوسيولوجية عند بيير بورديو، منشورات مؤمنون بلا حدود، 2018
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
"إن كل قدرة على العنف الرمزي، أي كل قدرة تتمكن من فرض دلالات باعتبارها دلالات شرعية، من
خلال إخفاء علاقات القوة المؤسسة لها ، تضيف قوتها الخاصة، أي قوتها الرمزية الخالصة، إلى
. علاقات القوة تلك" 11
« tout pouvoir qui parvient à imposer des significations et à les imposer comme
légitimes en dissimulant les rapports de force qui sont au fondement de sa
force, ajoute sa force propre, (proprement symbolique),a ces rapports de
force ».
يقصد المؤلفان بسلطة العنف الرمزي العملية التربوية التي يطلقان عليها عبارة "الفعل
."action pédagogique البيداغوجي
ويعني بورديو بالدلالات هنا مجموع المعارف العلمية والفنية والأدبية واللغوية والثقافية التي ينقلها الفعل
البيداغوجي )الذي يمارسه المدرس( إلى المتلقين )التلاميذ(، وهي دلالات مشروعة، نظرا لأنها تحظى
بقبول طوعي من طرف هؤلاء المتلقين، الذين يعدونها الثقافة التي يجب عليهم اكتسابها لتحقيق النجاح
المدرسي.
أما العبارة التي تتضمن فكرة إخفاء علاقات القوة، فإن المقصود بها هو أن الفعل البيداغوجي يقدم
علاقات القوة القائمة على التفاوت الاجتماعي بين الطبقات على أنها علاقة معنى، أي على أنها تفاوتات
ين التلاميذ من حيث معارفهم ومؤهلاتهم الثقافية...
إن الدعامة الأساسية لممارسة العنف الرمزي هو "الفعل البيداغوجي الذي يقدمه بورديو كفعل "رمزي"،
لأنه يتم دوما في إطار علاقة تواصل، ويحمل مجموعة من الدلالات....وبما أنه يمارس في علاقة
تواصل، فإنه يقدم نفسه على أنه من الناحية "النظرية" فعل غير عنيف.
فكيف يكون "الفعل البيداغوجي" فعلا عنيفا؟ يجيب بورديو-باسرون بالقضية التالية: بأن "كل فعل
، arbitraire culturel بيداغوجي يمثل موضوعيا عنفا رمزيا بما هو فرض لاعتباط أو تعسف ثقافي
من قبل سلطة اعتباطية أو تعسفية " .
"Toute action pédagogique est objectivement une violence symbolique en tant
qu'imposition, par un pouvoir arbitraire, d'un arbitraire culture "
مزدوج، أولا، لأنه "arbitraire culturel يتحدث بورديو-باسرون عن "اعتباط أو تعسف ثقافي
يفرض مكونات الثقافة المهيمنة) كاللغة العالمة المقبولة في المدرسة، والأسلوب المطلوب، والأفكار
والممارسات الثقافية الملائمة( على أنها الثقافة المشروعة، وثانيا، لأنه يفرض ثقافة اعتباطية، بمعنى أنها
لا تقوم على أي مبدأ متعال يجعل منها الثقافة الأفضل.
11 Pierre Bourdieu et jean –Claude Passeron, la reproduction , éléments pour une théorie du système
d’enseignement, éd de Minuit, 1970
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
ففي نظرهما، المدرسة منذ الحضانة الى الجامعة، هي البوثقة حيث يتم تحويل الرأسمال الاجتماعي الى
رأسمال ثقافي ممأسس، والتي تتيح للوراثة الاجتماعية أن تتجسد بشكل شرعي. فالمدرسة " تتمكن
بأن مصيرهم المدرسي والاجتماعي يعود لانعدام أو نقص déshérités بسهولة من اقناع المحرومين
مواهبهم أو كفاءاتهم، أكثر منه إلى نقص في مجال الثقافة، فالحرمان المطلق يستبعد الوعي
... بالحرمان." 12
وبناء على ما سبق، يبدو الفعل البيداغوجي كأداة لإنتاج وإعادة انتاج، بواسطة الوسائل الخاصة التي في
حوزتها، الشروط الضرورية لممارسة وظيفتها الداخلية) للغرس/الترسيخ ، والتي هي في نفس الوقت
شروط اللازمة لتحقيق وظيفتها الخارجية المتمثلة في إعادة انتاج الثقافة الشرعية وفي اعادة انتاج
. علاقات القوة وشرعنتها 13
فالتراتبية الاجتماعية التي يمكن أن تبدو غير عادلة بشكل صارخ في الواقع أو بالأحرى غير شرعية
لأنها نتيجة لعلاقة القوة وللنقل الأسري ، هي مشرعنة بواسطة المؤسسة المدرسية التي تسندها بتراتبية
مدرسية. و بقدر ما تثبت ذاتها معايير الترتيب المدرسي بوصفها مستقلة عن التراتبية الاجتماعية، بقدر
ما يمكن لعملية شرعنة التراتبية الاجتماعية ان تكون فعالة.
تراتبية اجتماعية alchimique وهكذا ، تبدو المدرسة مثل "علبة سوداء" تحول بواسطة عملية كيميائية
لأنها تستند إلى القوة والإرث، إلى تراتبية اجتماعية مماثلة إلى حد ما، non légitimée غير مشرعنة
لكن مشرعنة بواسطة جزاء الشهادات المدرسية، التي يفترض أن مبدأ منحها مستقل عن كل اعتبار
اجتماعي. فهنا يكمن الأساس النهائي لإعادة انتاج الهيمنة.
حسب ،mobilité sociale ومع ذلك نستمر في اعتبار النظام التعليمي كعامل حراك اجتماعي
هذا في حين أن كل شيء ينزع إلى إبراز، على العكس، ،" libératrice إيديولوجيا "المدرسة المحررة
انها أحد العوامل الأكثر فعالية للمحافظة الاجتماعية ، بالنظر إلى أنها تمنح شرعنة للتفاوتات الاجتماعية
14 من أجل إدراك ..."Ecole libératrice . فكما قال بورديو " ينبغي تأبين أسطورة "المدرسة المحررة
المؤسسة المدرسية في حقيقة توظيفاتها الاجتماعية، أي باعتبارها من أسس الهيمنة وشرعنة
... الهيمنة" 15
وتؤثر آليات الاقصاء طوال المسار الدراسي، وبشكل أكبر في المستويات الأعلى من المسار الدراسي.
فحظوظ الولوج إلى التعليم العالي، هي نتيجة انتقاء مباشر أو غير مباشر، والذي طوال التمدرس، يثقل
بصرامة غير متكافئة على أفراد مختلف الطبقات الاجتماعية: فحظ ابن إطار عال للولوج إلى الجامعة
يفوق بثمانين مرة حظ ابن أجير فلاحي وبأربعين مرة حظ ابن إطار متوسط. والملاحظ أن مؤسسات
12 Anne Van Haecht « L'école à l épreuve de la sociologie » éd de Boeck, 3e édition,2006,
13 Anne Van Haecht « L'école à l épreuve de la sociologie » éd de Boeck, 3e édition,2006,
14 Bourdieu Pierre. L'école conservatrice. Les inégalités devant l'école et devant la culture. In: Revue française
de sociologie.1966, 7-3. Les changements en France..
15 Pierre Bourdieu , La Noblesse d'État Grandes écoles et esprit de corps, éd Minuit, 1989.
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
التعليم العالي الأعلى مستوى لها أيضا الاستقطاب الأكثر ارستقراطية: فحصة أبناء الأطر العليا و
تبلغ % 57 و% 54 إلى المدرسة Polytechnique أصحاب المهن الليبرالية للوصول إلى البوليتكنيك
... l'Ecole Centrale و% 47 المدرسة المركزية l'Ecole Normale Supérieure العليا
لكن لا يكفي الاعلان عن التفاوت أمام المدرسة، ينبغي وصف الآليات الموضوعية التي تحدد الاقصاء
المستمر لأطفال الطبقات الدنيا. ولعل أهمية التحليل السوسيولوجي أنه يسعى إلى تفسير التفاوتات في
النجاح التي تعزى في أغلب الأحيان إلى المواهب غير المتكافئة.
ان فعل الامتياز الثقافي لا ينحصر، لا ينحصر في نظر بوديو فقط في انواعه الأكثر ابتذالا، توصيات أو
علاقات، مساعدة في الواجب المدرسي أو دروس دعم إضافية...الخ. في الواقع، الاسرة تنقل الى
ethos اطفالها، بطرق غير مباشرة أكثر منها مباشرة، نوعا من الرأسمال الثقافي ونوعا من الايتوس
)نسقا من القيم الضمنية والمستدمجة بشكل عميق(، واللذين يساهمان في تحديد أشياء عديدة منها
المواقف تجاه المؤسسة المدرسية و تجاه الرأسمال الثقافي . فالإرث الثقافي الذي يختلف، تبعا للأسر
ومن l'épreuve scolaire وللطبقات الاجتماعية، مسؤول عن تفاوتات الأطفال أمام التجربة المدرسية
هنا نسب النجاح المتفاوتة.
نقل الرأسمال الثقافي وتأثيره في النجاح المدرسي حسب بورديو:
إن تأثير الرأسمال الثقافي يظهر على مستوى العلاقة، الملاحظة في مناسبات عدة، بين المستوى الثقافي
الشامل للأسرة والنجاح المدرسي للأطفال.
في عينة من تلاميذ السادس تزداد تبعا لدخل أسرهم. فأمام " bons élèves فحجم "الأطفال النجباء
شهادة متساوية، لا يمارس الدخل أي تأثير خاص على النجاح المدرسي، وأنه على العكس، أمام دخل
متكافئ ، نسبة الأطفال النجباء تتغير بطريقة ملموسة تبعا لما إذا كان الأب لا شهادة له أو إذا كان
حاصلا على الباكالوريا، وهو ما يسمح باستنتاج أن تأثير الوسط الأسري على النجاح المدرسي هو
ثقافي.
وأكثر من الشاهدات المحصل عليها من طرف الأب، وأكثر حتى من نمط التمدرس الذي أمكنه اكتسابه،
إنه المستوى الثقافي الشامل للجماعة الأسرية)الأب الأم( الذي يؤثر بشكل وثيقة في النجاح المدرسي
للطفل.
تقييم دقيق للفوائد المنقولة من طرف الوسط الأسري ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار ليس فقط المستوى
الثقافي للأب والأم، وإنما أيضا ذلك الذي لأصول كل واحد منهما )وأيضا، دون شك، المستوى الثقافي
لمجموع أعضاء الأسرة الممتدة(.
وإذا علمنا إضافة إلى ذلك أن الاقامة في المدن الكبرى أو في مدن صغيرة أو في قرى )التي هي نفسها
مرتبطة بقوة بالفئة السوسيو-مهنية للأب( مقترنة أيضا بالفوائد الثقافية ، ندرك تأثيرها في كل المجالات،
سواء تعلق الأمر بالنتائج المدرسية السابقة ، والممارسات والمعارف الثقافية) في مجال المسرح،
والموسيقى، والجاز أو السينما( أو أيضا الطلاقة اللغوية، نلاحظ أن الأخذ بعين الاعتبار مجموعة
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
محدودة نسبيا من المتغيرات، مثل المستوى الثقافي للأب والأم و مكان الإقامة، تتيح الكشف عن
المتغيرات الأكثر أهمية المتحكمة في النجاح المدرسي ، حتى وإن كان الأمر يتعلق مستوى متقدم من
المسار الدراسي...
لكن مستوى تعليم أعضاء الاسرة المحدودة أو الممتدة أو أيضا الإقامة ليست سوى مؤشرات تتيح تحديد
موقع المستوى الثقافي لكل أسرة، دون الإخبار عن بأي شيء حول مضمون الارث الذي تنقله الاسر
الأكثر ثقافة إلى أبنائها ولا حول طرق النقل.
الأبحاث حول الطلبة في كليات الآداب تميل إلى ابراز أن حجم الرأسمال الثقافي الذي هو أكثر مردودية
مباشرة في الحياة المدرسية ، مشكل من المعلومات حول العالم الجامعي وحول المسار الدراسي
)الاختيارات والمسالك والتوجيه...(، والطلاقة اللغوية والثقافة الحرة المكتسبة في تجارب خارج-
مدرسية.
إن الاطفال المنحدرين من الأوساط الأكثر حظا، لا يدينون فقط لوسطهم بعادات وتجارب مباشرة قابلة
للتوظيف في مهام مدرسية والامتياز الاهم ليس ذلك الذي يحصلون عليه من المساعدة المباشرة التي
يمكن لإبائهم أن يمنحونها لهم. انهم يرثون أيضا معارف ومهارات وأذواق و خاصة "ذوق رفيع" ،
تكون مردوديته المدرسية كبيرة....
ان الثقافة "الحرة" التي تعتبر شرطا ضمنيا للنجاح في بعض المسارات الدراسية، هي موزعة بشكل
متفاوت بين الطلبة المنحدرين من مختلف الطبقات الاجتماعية....الأفضلية الثقافية جلية عندما يتعلق
الامر بالألفة مع الأعمال الفنية، التي تكتسب بالزيارة المنتظمة للمسرح، وللمتحف أو للعروض
الموسيقية)وليس بالزيارة غير منظمة من طرف المدرسة أو فقط بكيفية موسمية(. ففي كل مجالات
الثقافة، مسرح، موسيقى، فن تشكيلي، جاز، سينما، يكون للطلبة معارف غنية وواسعة بقدر ما يكون
أصلهم الاجتماعي عال.
لكن من الملاحظ ان الاختلافات بين الطلبة المنحدرين من أوساط مختلفة، تكون بارزة كلما ابتعدنا عن
المجالات المدرسة والمراقبة مباشرة في المدرسة، أي مثلا عندما ينتقل المرء من المسرح الكلاسيكي
إلى المسرح الطليعي أو إلى مسرح الشارع أو أيضا إلى الفن التشكيلي الذي ما يزال لم يصر مباشرة
موضوع تعليم أو إلى الموسيقى الكلاسيكية أو الجاز أو السينما.
النجاح في الدراسات الادبية مرتبط }أيضا{ بشكل وثيق جدا بالقدرة على توظيف اللغة المدرسية التي
ليست لغتهم الأم سوى بالنسبة للأطفال المنحدرين من الطبقة المثقفة.
ومن بين كل العوائق الثقافية، تلك التي ترتبط باللغة المتحدث بها في الوسط الأسري، هي دون شك
الأكثر خطورة وتأثيرا، خصوصا في السنوات الأولى من التمدرس، حيث الفهم والتمكن من اللغة
يشكلان معايير حكم المدرسين على أداء المتعلمين.
لكن تأثير الوسط اللغوي الأصلي لا يتوقف أبدا عن ممارسة تأثيره، من جهة لأن غنى ودقة وأسلوب
التعبير تظل دائما مأخوذة بعين الاعتبار، بشكل ضمني أو صريح، واع أو غير واع، في كل مستويات
المسار الدراسي، وفي كل المسالك الجامعية...
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
وتجدر الإشارة إلى أن الحجم المهم من الإرث الثقافي، والاكثر تأثيرا في المدرسة، سواء تعلق الامر
بالثقافة الحرة او اللغة، ينقل بطريقة شبه آلية حتى في غياب أي مجهود منهجي أو فعل قصدي من
طرف الأفراد في البيئات الأسرية الأكثر "ثقافة"، وهو ما يساهم في تعزيز القناعة التي لدى أبناء الطبقة
المثقفة، بأنهم لا يدينون في نتائجهم ومعارفهم سوى لمواهبهم ، فلا تبدو لهم القدرات والمواقف نتيجة
لإرث ثقافي مصدره الأسرة، ويجد ما يعززه في سيرورة التعلم بالمدرسة...بالمقابل في البيئات الأسرية
الأدنى "ثقافة"، حيث لا يمكن للآباء نقل أي شيء، في غالب الأوقات، سوى النوايا والإرادة الثقافية
يتطلب مجهودا conquête الطيبة، فإن تعلم ثقافة النخبة)اللغة والأسلوب والذوق ..( هو بمثابة غزو
. مضنيا ومكلفا جدا 16
وإذا كان مجمل الملاحظات السابقة، تنطبق بشكل أساسي على المجتمع الفرنسي، الذي شكل موضوع
أبحاث بورديو وباسرون، فإن هذا لا يمنع من القول مع بورديو : "إن بنية المجال الاجتماعي كما تتم
ملاحظتها في المجتمعات المختلفة، هي نتاج لمبدأي تمايز أساسيين هما: الرأسمال الاقتصادي والرأسمال
لثقافي. ولهذا، فإن المؤسسة المدرسية التي تلعب دورا محددا في إعادة إنتاج توزيع الرأسمال الثقافي،
ومن ثمة، في إعادة إنتاج بنية المجال الاجتماعي ، صارت رهانا مركزيا في الصراعات من أجل
. احتكار المواقع المهيمنة" 17
فرانسوا ديبي ناقدا لبيير بورديو:
الجانب الذي عرف صدى كبيرا، من بين كل أعمال بورديو، هو سوسيولوجيا التربية .
فرضت نفسها سوسيولوجيا المدرسة المقترحة من طرف بورديو كنظرية كبرى او براديغم منذ كتاب
"الورثة"، مرورا بكتاب "إعادة الانتاج" وانتهاء بكتاب "نبالة الدولة". إنها نظرية "كلية" يتموقع إزاءها
كل باحث في السوسيولوجيا، سواء كان مناصرا لها أم مناهضا لها. و غالبية علماء الاجتماع كانوا لزمن
طويل مؤيدين لها، ويتصورون أعمالهم كامتداد أو كتجسيد عملي لهذه النظرية. فالأمر يتعلق بنظرية
"كلية" حول "إعادة الانتاج" ، مصاغة بشكل صوري ودقيق. نظرية تمثل مراجعة نقدية جذرية
للتصورات السوسيولوجية الكلاسيكية حول المدرسة والتربية. تلك التصورات التي كانت تعتبر لزمن
تتيح للأطفال الولوج إلى ثقافة كونية وبناء شخصية paideia طويل، التربية المدرسية، بمثابة تربية
مستقلة ، والتي كانت تفترض أيضا بأن التعلم يتم داخل مؤسسة "محايدة" محكومة بقوانين خاصة،
. مستقلة عن أشكال الهيمنة والثقافة الاجتماعية 18
في الواقع ، ينبغي التساؤل حول سر أو أسرار النجاح المبهر لهذه النظرية، التي فرضت نفسها بسرعة
في حقل سوسيولوجيا التربية.
16 Pierre Bourdieu et jean –claude passeron , Les héritiers : les étudiants et la culture , éd Minuit, 1964.
17 Pierre Bourdieu , La Noblesse d'État Grandes écoles et esprit de corps, éd Minuit, 1989.
18 François Dubet, Pierre Bourdieu Le sociologue de l’éducation.in Magazine littéraire n°369, octobre 1998,
p.45-47.
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
يرى فرانسوا ديبي أن نجاح هذه النظرية غير مفصول عن طابعها النقدي الذي يستبق و يتنبأ، بل
ويواكب خيبات الأمل الناجمة عن جماهيرية التعليم. ذلك أن الإرساء التدريجي لمدرسة جماهيرية
مفتوحة أمام الجميع، لم يعزز بتاتا المساواة في الحظوظ المدرسية. فالمدرسة، التي يعتقد أنها مفتوحة في
وجه الجميع، ما تزال غير عادلة وتنتج التفاوتات. فنظرية بورديو تفسر هذه الظاهرة بما أنه كل الأطفال
الآن يذهبون إلى المدرسة و ينجحون فيها بكيفية متفاوتة جدا.
لكن نجاح هذه النظرية يعزى أيضا لمميزاتها الابستيمولوجية. إنها نظرية "شمولية" متجانسة ومبنية
بشكل دقيق للغاية، تشمل في نفس الوقت الظواهر الاحصائية والتفاعلات المدرسية وتتيح فهم العديد من
التطورات ولها العديد من الامتدادات، ويمكنها أن تنقل إلى ما وراء العالم المدرسي. فبورديو وباسرون
اعتبرا في كتابهما "إعادة الانتاج" أن نظريتهما العامة حول العنف الرمزي لا تنطبق على حقل التربية
فقط، فهي تنصب على كل ممارسة شبيهة بها، سواء كانت ممارسة من طرف المعالج، أو رجل الدين
.. أو الساحر...الخ 19
ويعتقد ديبي مع ذلك أنه يوجد سبب أكثر دقة لهذا النجاح. فنظرية إعادة الانتاج هي جد "قوية" إذ تفسر
الوقائع، لدرجة أن الاستثناءات الاحصائية، التي تبطل النظرية، تؤكدها في الواقع لأن الاستثناء يؤكد
القاعدة ، مثلما يحافظ على الأوهام الضرورية لسير النظام التعليمي. و من يعتمد هذه النظرية يضع نفسه
في وضعية قوة فكرية وذاتية. كما أن الاعتراضات الموجهة للنظرية متوقعة من طرفها وتؤكدها.
وبشكل مفارق، نجد أن ما تتضمنه النظرية من نقد موجه للسلطة البيداغوجية يعزز السلطة البيداغوجية
لأولئك الذين يعلنون عنها، والذين ينتقدون سلطتهم. هذا الموقف يفسر دون شك نجاح هذه النظرية لدى
الأساتذة الذين ينزعون قناع سلطتهم و يضفون عليها شرعية مع منحها شكلا أنيقا، بل بطوليا، لأنه
نقدي.
يبقى أن هذه النظرية هي قوية تماما وانها لم تعوض بأي نظرية أخرى، واسعة ومنسجمة مثلها. فكل
سوسيولوجيا للتربية تمر عبر نظرية إعادة الانتاج وتواجهها، بما أنه لا توجد فعليا نظرية أخرى تكون
في الوقت نفسه نظرية حول المدرسة وحول الحراك الاجتماعي، ونظرية حول المجتمع...
إلا أنه منذ بدايات الثمانينيات ، بدأ الباحثون في حقل سوسيولوجيا التربية يضعون مسافة مع عن هذه
النظرية تدريجيا. فقد تبين بأن المدرسة بعيدة عن أن تكون متجانسة، على الرغم من ان النظام التعليمي
يبدو محكوما بقوانين عامة. كما أنه ليس كل الأساتذة وكل المؤسسات يتميزون بنفس القدر من الفعالية.
والتلاميذ هم أيضا ذوات تتحكم في تمدرسها ولا يمكن اعتبارهم كمجرد متلقين سلبيين للتنشئة
الاجتماعية. ف"قوانين" إعادة الانتاج، العمياء والخفية، يتم حجبها أكثر فأكثر بقوانين "السوق
المدرسية" التي يتصرف وفقها الافراد بشكل عقلاني.
فليس بديهيا أن تكون الثقافة المدرسية مجرد تنويعات أو اشتقاقات من الثقافة البورجوازية. وبيير بورديو
نفسه يقر بذلك، عندما دافع قبيل وفاته عن قيم المدرسة الجمهورية وعن الطبقات المتوسطة....
19 Pierre Bourdieu et jean –Claude Passeron, la reproduction , éléments pour une théorie du système
d’enseignement, éd de Minuit, 1970
د.فوزي بوخريص
[email protected]
Tel :+212-666589824
وباختصار فغالبية علماء اجتماع التربية ابتعدوا عن نموذج اعادة الانتاج، خصوصا مع تغيرات المناخ
السياسي، وابتعاد أفق الثورة و بدء التساؤل بشكل واقعي حول كيف يمكن تحسين النظام التعليمي
وإصلاحه.
لكن ينبغي ملاحظة أن كل هذه الأعمال السوسيولوجية الجديدة لا تشكل نظرية بديلة لنظرية بيير بورديو
وان من وجهة النظر هذه، نظرية إعادة الانتاج غير "متجاوزة". وما حدث هو فقط نوع من "الالتفاف"
عليها. إنها أكبر نظرية نقدية لنموذج المدرسة. إذ هناك علاقة بين هذه النظرية و الالتزام الفكري
لصاحبها.
لكن هذه النظرية التي تفترض جهل الفاعلين، تجعل بالمقابل من مبدعها الذات الوحيدة التي تملك الحقيقة
فعلا.. وفي نفس الوقت، هذه النظرية نقدية وتتحدث باسم هيمنة ما وباسم شعب ما، يخ تزل إلى صمت
وإلى لا معنى. وحده العا ل مُ الملتزم و المتماهي مع الحقيقة مسموح له بالحديث بدلا منه. الحديث في نفس
الوقت باسم العلم وباسم الشعب.
يعترف فرانسو ديبي بأنه لا يتبنى الاختيارات النظرية لبيير بورديو. فهو كما يوضح قائلا:
"لا أريد أن ينسيني بيير بورديو اليوم هويتي كعالم الاجتماع أو أن يفرض علي صنما له غير قابل
للمس، بحيث لا يظل أمامي للاختيار سوى بين الجهل أو عبادة الصنم. سيكون أكبر ظلم يلحق ع ل مه و
أكثر طريق آمن نحو النسيان."


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

ر عدث بعد نهاية...

ر عدث بعد نهاية الدوام من الشركة إلى البيت، وأثناء عودتي لم ينارق ذهني الذي حدث هذا اليرم من التعرف ...

[continues]: ه...

[continues]: ها قد علمت فالزم فقد احسن من انتهى الى ما سمع وخذ العبرة من قصة الرجل الذي قال لعبدالل...

كيف اعرف انه يح...

كيف اعرف انه يحبني ويتجاهل عدم حديثي معي؟ مع تقدم علم النفس ومعرفة رموز ودلالات لغة الجسد أصبح ذلك م...

ولكي يكون عمل ا...

ولكي يكون عمل المربية التربوي أكثر نجاحاً مع الأطفال الذين تظهر لديهم مؤشرات التفوق العقلي، نسوق الم...

Aliyah Boston R...

Aliyah Boston Reveals Truth About 'Added Pressure' From Caitlin Clark.Headlined by Indiana Fever sta...

هذه المرحلة يتع...

هذه المرحلة يتعامل الطفل مع البيئة بحواسه وحركاته وتكون افعاله غير منتظمة في البداية، ولكن حينما يكو...

بلغت التجارة ال...

بلغت التجارة السلعية الإجمالية العربية خلال عام 2022 ما قيمته 2346.3 مليار دولار أمريكي مقارنة بقيمة...

وصف دبلوماسي بر...

وصف دبلوماسي بريطاني سابق جماعة الحوثي بأنها "مجموعة خبيثة وشوفينية وعنيفة ، تتألّف من الطغاة واللصو...

مرسوم ميالنو: ي...

مرسوم ميالنو: يعد من أبرز نماذج التسامح والتعايش، وساهم فيه كل من قسطنطين العظيم وليسينيوس حيث كانت ...

Have you ever w...

Have you ever wondered why some people seem to excel incredibly in their lives, while others struggl...

1939 schlossen ...

1939 schlossen Deutschland und die Sowjetunion einen Nichtangriffspakt. Darin gab es eine geheime Ab...

The effect of n...

The effect of nanomaterials on the creep stiffness does not reveal any significant outcome as the cr...